الهام لحجامي: الضمانات القانونية لحماية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز على شرط التحكيم- دراسة تحليلية نقدية –

الهام لحجامي باحثة في الشؤون القانونية، خريجة ماستر القانون العقاري والتوثيق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية  جامعة القاضي عياض بمراكش

يعتبر المشتري الحلقة الأضعف في عقود البيع المنصبة على العقارات في طور الإنجاز، بالمقارنة مع خبرة البائع ودرايته الواسعة بتقنيات إبرام هذا النوع من البيوع العقارية. بحيث قد يتعسف البائع في استغلال هذه الخبرة لصالحه ويقوم إما بإدراج شروط تعسفية مضرة بمصلحة مشتري العقار في طور الإنجاز، أو أن يرفض إتمام البيع، مما يترتب عنه عدم انتقال العقار المبيع إلى المشتري.

ولوقاية المشتري من هذه المخاطر نص المشرع المغربي في الفصل 19-618 من القانون رقم[1]107.12 المعدل والمتمم للقانون رقم 44.00 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز[2] والمحلق بقانون الالتزامات والعقود المغربي[3]، على مجموعة من الضمانات القانونية، والتي تهدف بالأساس إلى حماية المشتري من الآثار المترتبة عن امتناع البائع عن إتمام البيع.

بحيث تتنوع هذه الضمانات، بين ضمانات قانونية تمنح للمشتري مكنة اللجوء إلى التحكيم[4] كوسيلة بديلة لتسوية النزاعات الناشئة بين أطراف العقد بعيدا عن أروقة المحاكم، وضمانات قضائية تخول له  إمكانية اللجوء إلى المحكمة أو إلى تقنية الفسخ.

وبالرغم من أهمية وفعالية الضمانات المومأ إليها أعلاه، إلا أن الدراسة قيد البحث ستقتصر على بيان أهمية ومزايا اللجوء إلى التحكيم كضمانة لحل النزاع المترتب عن رفض إتمام بيع العقار في طور الإنجاز.

وتجدر الإشارة، إلى أن التحكيم كآلية لتسوية المنازعات بين الأطراف المتعاقدة، من المستجدات التي جاء بها القانون رقم 107.12 المعدل والمتمم للقانون رقم 44.00 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز، بحيث كان ينص هذا الأخير قبل التعديل على إمكانية لجوء الطرف المتضرر من عدم إتمام البيع إما إلى المحكمة لطلب إتمام البيع أو فسخ العقد البيع الابتدائي.

وبغية إحاطة مشتري العقار في طور الإنجاز بضمانات إضافية نص المشرع المغربي في الفصل 19- 618 من قانون الالتزامات والعقود على أنه:” إذا رفض أحد الطرفين إتمام البيع داخل أجل ستين (60) يوما من تاريخ توصله بالإشعار، يحق للطرف المتضرر إما:

  • فسخ العقد بقوة القانون، تطبيقا لأحكام الفصل 260 من قانون الالتزامات  والعقود مع حقه في التعويض المنصوص عليه في الفصل 14-618؛
  • اللجوء إلى التحكيم أو إلى المحكمة من أجل إتمام البيع مع حقه في التعويض المنصوص عليه في الفصل 12-618.

يقوم الحكم النهائي الصادر بإتمام البيع مقام عقد البيع النهائي قابل للتقييد في السجل العقاري إذا كان العقار محفظا، أو إيداعه بمطلب التحفيظ إذا كان العقار في طور التحفيظ”.

وبقراءة فاحصة لمقتضيات الفصل 19- 618 المومأ إليه أعلاه، يتضح لنا بكل جلاء ووضوح أن صياغته القانونية جاءت عامة، بحيث خولت للطرف المتضرر سواء أكان البائع أو المشتري من رفض الطرف الأخر إتمام البيع إمكانية اللجوء إلى التحكيم، وذلك إما عن طريق إبرام عقد التحكيم أو إدراج شرط التحكيم في عقد البيع الابتدائي أو في وثيقة مستقلة تحيل إليه[5].

وأشير في هذا المقام، إلى أنه ارتئيت أن أسلط الضوء في هذا البحث على أهمية وجود اتفاق مسبق بين البائع ومشتري العقار في طور الإنجاز على إدراج شرط التحكيم في عقد البيع الابتدائي، قبل نشوء أي نزاع بينهما كضمانة يستعين بها المشتري في حالة امتناع البائع على إتمام البيع.

غير أن إدراج شرط التحكيم في عقد البيع الابتدائي مقيد بمجموعة من الشروط المنصوص عليها في الفصل 19-618، والمتمثلة أولا:  في رفض أحد الطرفين إتمام البيع، ومعه نستنتج أن المشرع حدد نطاق تطبيق شرط التحكيم في عقد بيع العقار في طور الإنجاز وجعله ينحصر في النزاع القائم بين البائع والمشتري والمتمثل في رفض أحدهما إتمام البيع، وثانيا: انصرام أجل ستين(60) يوما من تاريخ التوصل بالإشعار.

كما أشير أيضا، إلى أن الدراسة قيد البحث ستقتصر على بيان أهمية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز على شرط التحكيم، كضمانة يستعين بها لإجبار البائع على إتمام البيع، لافتراض أنه الطرف الممتنع عن رفض إتمام البيع، وذلك راجع لمجموعة من الاعتبارات، أولهما:  يترتب عن رفض مشتري العقار في طور الإنجاز إتمام البيع دون أي سبب قانوني مجموعة من الآثار القانونية من بينها أداء تعويض مهم لفائدة البائع، لأنه يعتبر في هذه الحالة متعسفا في استعماله لحقه، سيما إذا تم بناء العقار وفق المواصفات المتفق عليها، وثانيهما: يعد عدم تراجع مشتري العقار في طور الإنجاز عن عقد التخصيص داخل الأجل المحددة له، دليل على رغبته وجديته في اقتناء العقار في طور الإنجاز، خاصة أن المشرع لم يلزم المشتري بأداء أي تعويض للبائع في حالة ممارسته لحقه في التراجع عن عقد التخصيص. كما أن لجوء المشتري لاقتناء العقار في طور الإنجاز يكون بناء على دوافع وأسباب وجيهة، من بينها أن الطريقة التي يتم بها أداء ثمن العقار المبيع والتي تكون عن طريق أقساط، تراعي وضعيته الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي، يكون وضعه الاقتصادي والاجتماعي هو الذي يحتم عليه اللجوء إلى هذا النوع من البيوع العقارية، الشيء الذي، يمنعه من العدول عن إتمام البيع، لأنه في حاجة ماسة لانتقال العقار المبيع إليه. وبناء على ما سبق، يمكننا طرح إشكال مفاده ماهي أهم الضمانات القانونية لحماية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز على شرط التحكيم؟

ويتفرع عن هذا الإشكال الجوهري ثلة من الأسئلة نذكر منها ما يلي:

  • ماهي الحالات التي يسوغ فيها الاتفاق على شرط التحكيم؟
  • ماهي الحالات التي يسوغ فيها للقضاء التدخل لحماية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز على شرط التحكيم؟
  • ما مدى تأثير بطلان شرط التحكيم على عقد البيع الابتدائي ؟
  • ماهي أهم الآثار المترتبة عن صدور الحكم التحكيمي؟

وللإجابة عن هذا الإشكال والأسئلة المتفرعة عنه سأعتمد على تقسيم ثنائي كلاسيكي من مطلبين، بحيث سأخصص الأول للحديث عن حالات الاتفاق على شرط التحكيم من عدمه (المطلب الأول)، على أن أخصص الثاني للحديث عن موجبات بطلان شرط التحكيم المفروض على المشتري والآثار المترتبة عنه (المطلب الثاني).       

المطلب الأول: حالات الاتفاق على شرط التحكيم من عدمه   

بالرغم من أن المشرع المغربي لم يلزم البائع والمشتري بتضمين عقد البيع الابتدائي شرط التحكيم، فلا يخلو الأمر من فرضيتين، إما أن تتجه إرادة الأطراف المتعاقدة إلى إدراج شرط التحكيم في عقد البيع الابتدائي قبل نشوء نزاع بينهما (الفقرة الأولى)، أو أن يتم الاتفاق على إبرام عقد التحكيم بعد نشوء النزاع. إلا أن تضمين عقد البيع الابتدائي شرط التحكيم، لا يعني أن المشتري موافق عليه، بل قد يفرض عليه من طرف البائع (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الرضا الحر على شرط التحكيم

إن إدراج شرط التحكيم في عقد البيع الابتدائي رهين بموافقة المشتري عليه (أولا)، وإلا أعتبر شرطا تعسفيا يسمح للقضاء بالتدخل وبسط رقابته من أجل حماية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز (ثانيا).

أولا: أهمية رضا المشتري على شرط التحكيم   

بالرغم من أن المشرع المغربي لم يلزم طرفي العلاقة العقدية بضرورة تضمين عقد البيع الابتدائي شرط التحكيم، إلا أنه كان واضحا بخصوص أهمية رضا المشتري عليه، وعلى نطاق تطبيقه، بحيث  منح الفصل 19-618 للمشتري حرية الإختيار بين اللجوء إلى التحكيم “سواء من خلال إدراج شرط التحكيم في عقد البيع قبل نشوء النزاع بينهما أو إبرام عقد التحكيم بعد نشوء هذا النزاع”،  أو إلى المحكمة من أجل إتمام البيع.

علاوة على ذلك، ينص المشرع المغربي عند تعريفه لشرط التحكيم في المادة 6 من القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية[6]، على أنه اتفاق يلتزم فيه الطرفان بأن يعرضوا على التحكيم كل أو بعض النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور والمرتبطة به، وبالتالي فإن إدراجه في عقد بيع العقار في طور الإنجاز يكون بناء على اتفاق بين إرادتين.

يعد رضا المشتري على شرط التحكيم الأكثر وفاء لمبدأ سلطان الإرادة[7]، وذلك من خلال، اتفاقه مع البائع  على تضمين عقد بيع العقار في طور الإنجاز هذا الشرط، وموافقته عليه دون أي إكراه أو إجبار، مرورا بإختيار المسطرة المناسبة ثم تنفيذ الحكم التحكيمي،  بحيث جاء في أحد القرارات الصادرة عن قضاء النقض ما يلي:

»عدم اتفاق الأطراف على مسطرة التحكيم المنصوص عليها في العقد لحل النزاع والامتناع عن التوقيع على وثيقة التحكيم مع إخطار المحكمين بلجوء الطرفين لرفع دعوى به أمام القضاء الرسمي يجعل شرط التحكيم لاغيا، وإصدار المحكمين لمقرر تحكيمي خارجا عن نطاق اختصاصهم»[8].

ولحماية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز من أن ينصب شرط التحكيم على منازعات أخرى قد تنشأ بينه وبين البائع، والتي من الممكن أن يؤدي عرض النزاع على التحكيم ضررا بمصالح مشتري العقار في طور الإنجاز، حدد المشرع المغربي نطاق تطبيق هذا الأخير، وجعله ينحصر في النزاع القائم بين البائع والمشتري والمترتب عن رفض البائع إتمام البيع.

وعلى سبيل المثال، لا يسوغ اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع المترتب عن مطالبة المشتري بالتعويض الناتج عن تأخر البائع عن إنجاز العقار، لأن المشرع المغربي حدد نسبة التعويضات المستحقة في  الفصل 12- 618 [9] من قانون الالتزامات والعقود.

إن عدم موافقة مشتري العقار في طور الإنجاز على شرط الحكيم يجعل هذا الأخير، يتجرد من طابعه الحمائي  ليصبح شرطا تعسفيا مضمنا في عقد البيع الابتدائي، الشيء الذي،  يخول للمشتري مكنة المطالبة ببطلانه.

ولحماية مشتري العقار في طور الإنجاز من الآثار المترتبة عن بطلان شرط التحكيم باعتباره شرطا تعسفيا، جعل المشرع المغربي البطلان يقتصر فقط على شرط التحكيم الوارد في عقد البيع الابتدائي دون أن يتم بطلان هذا الأخير. ولنا تفصيل في ذلك، نأجله إلى غاية المحور الثاني من هذا البحث .

ثانيا: دور القضاء في حماية رضا المشتري على شرط التحكيم

تتنوع الحالات التي يسوغ فيها للسلطة القضائية التدخل وبسط رقابتها لحماية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز على شرط التحكيم، وتدخل القضاء يكون إما قبل صدور الحكم التحكيمي(1)، أو بعد صدور هذا الحكم (2).

1-الحماية القبلية

لا يكون شرط التحكيم نافذا من الناحية القانونية إلا وتم توظيفه فيما خصص له، وانصب على جوهر النزاع، والمتعلق برفض البائع إتمام بيع العقار في طور الإنجاز داخل أجل ستين يوما من تاريخ توصله بالإشعار.

وعليه، لا يسوغ للهيئة التحكيمية البت في نزاعات أخرى قد تنشأ بين البائع والمشتري، وعلى سبيل المثال، لا يجوز لها “الهيئة التحكيمية” تحديد قيمة التعويضات التي يلزم البائع بدفعها لمشتري العقار في طور الإنجاز في حالة فسخ عقد البيع الابتدائي، وذلك لأن المشرع المغربي حدد بموجب الفصل 14- 618 من قانون الالتزامات والعقود، قيمة التعويضات التي يتعين الحكم بها في حالة فسخ عقد البيع[10]، وإلا أصبح الحكم التحكيمي  في هذه الحالة  يتعارض مع النظام العام.

وبالتالي، يسوغ للسلطة القضائية بسط رقابتها في حالة سريان شرط التحكيم على منازعات أخرى، بحيث قد يصبح هذا شرط يشكل خطرا واضحا على حقوق مشتري العقار في طور الإنجاز.

وتدخل القضاء في هذه الحالة يكون إما من أجل تعديل نطاق تطبيق شرط التحكيم، وجعله مقتصرا فقط في الحالة التي يمتنع فيها البائع عن إتمام البيع، وبالتالي ضمان استمرارية استفادة المشتري من مزايا التحكيم، أو الحكم ببطلان هذا الشرط.

بحيث نقرأ في حيثيات أحد القرارات الصادرة عن قضاء النقض ما يلي:

» لئن كانت  سلطة المحكمة فيما يتعلق بمنح الصيغة التنفيذية تتمحور حول التأكد من كون المقرر التحكيمي غير مشوب بالبطلان وغير مخالف للنظام العام دون أن تتجاوز ذلك إلى النظر في الموضوع الذي فصل فيه المحكمون، فإن التحقق من عدم مخالفة المحكمين لمقتضيات الشرط التحكيمي بتجاوزهم حدوده إلى مجال غير متفق عليه من طرف المتعاقدين هو من صميم سلطة المحكمة، لأن هذه الحالة تندرج ضمن أسباب بطلان المقرر التحكيمي»[11].

2– الحماية البعدية

تتعدد وتتنوع الحالات التي يسوغ فيها للسلطة القضائية التدخل وبسط رقابتها من أجل إبطال كل شرط تحكيمي مدرج في عقد البيع لم يوافق عليه مشتري العقار في طور الإنجاز.

فمن بين مظاهر تدخل السلطة القضائية لحماية مشتري العقار في طور الإنجاز من شرط التحكيم المفروض عليه، حالة إدراج شرط التحكيم في وثيقة مستقلة عن عقد البيع، دون علم المشتري بهذا الشرط، بحيث ينحصر دورها في هذه الحالة في الحكم ببطلان هذا الشرط.

غير أن تدخل السلطة القضائية من أجل الحكم ببطلان شرط التحكيم يكون بعد إثارة الدفع ببطلان هذا شرط لأول مرة أمام الهيئة التحكيمية، تماشيا مع ما نص عليه المشرع المغربي في الفقرة الأخيرة من الفصل 18 من القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية والتي تنص على أنه: “يمنع التمسك بالأسباب الموجبة لرفض إعطاء الصيغة التنفيذية أو الطعن بالبطلان أو إعادة النظر لأول مرة أمام المحكمة، إذا كان بإمكان أحد الأطراف إثارتها أمام الهيئة التحكيمية قبل صدور الحكم التحكيمي”.

وتماشيا مع ما سبق، يتعين على المشتري الدفع ببطلان شرط التحكيم لأول مرة أمام الهيئة التحكيمية، وإلا كان مآل طلبه عدم القبول، بحيث نص المشرع المغربي في الفقرة الأولى من الفصل 18 المومأ إليه أعلاه على أنه: “عندما يعرض نزاع مطروح أمام هيئة تحكيمية استنادا إلى اتفاق التحكيم، على نظر إحدى المحاكم، وجب على هذه الأخيرة أن تصرح بعدم القبول إلى حين استنفاذ مسطرة التحكيم أو إبطال اتفاق التحكيم”.

ومع ذلك، توجد ملاحظة تسترعي الإنتباه، والمتمثلة في أن مجرد طلب مشتري العقار في طور الإنجاز بطلان شرط التحكيم لعدم موافقته عليه، وقبل قيام نزاع بين طرفي العلاقة العقدية، أو قبل تشكيل الهيئة التحكيمية، يجعل المحكمة صاحبة الاختصاص. لذلك يجب التمييز بين حالتين أساسيتين، أولهما: إذا تحقق النزاع وتم تشكيل الهيئة التحكيمية فيؤول الاختصاص من أجل بطلان شرط التحكيم إلى الهيئة التحكيمية، وثانيهما: إذا لم يتحقق النزاع، أو لم يتم تشكيل الهيئة التحكيمية فينعقد الاختصاص إلى المحكمة.

كما أن الحكم التحكيمي القاضي بإتمام بيع العقار في طور الإنجاز، لا يكون منشأ  لآثاره القانونية إلا وتم تذييله بالصيغة التنفيذية، مما يعطي للقضاء فرصة للتأكد مرة أخرى من رضا المشتري على هذا الشرط، ومن أن البيانات المدرجة بشرط التحكيم لا تتضمن شروط مضرة بمصلحة المشتري أو مخالفة للنظام العام.

وهكذا، فالقاضي يتحقق مثلا، من أن حكم التحكيم قد صدر بين طرفي طالب الأمر بالتذييل بالصيغة التنفيذية، ومن أنه يشتمل على البيانات اللازمة والمحددة قانونا من قبيل توقيع المحكم أو المحكمين، وتاريخ صدور الحكم وما إذ كان معللا أو غير معلل، ويتحقق مما إذا كان الحكم يتضمن في ظاهره قضاء يخالف النظام العام، كما يتأكد القاضي من عدم وجود سبب ظاهر لبطلان الاتفاق على التحكيم أو لبطلان الحكم التحكيمي[12].

الفقرة الثانية: إجبار المشتري بشرط التحكيم 

لا يجوز للبائع إجبار مشتري العقار في طور الإنجاز على تضمين عقد البيع الابتدائي شرط التحكيم، وإلا ترتب عن ذلك، بطلان هذا شرط (أولا)، كجزاء عن انعدام رضا المشتري عليه،  كما يترتب عن صدور الحكم النهائي القاضي بإتمام البيع مجموعة من الآثار القانونية (ثانيا).

أولا: موجبات بطلان شرط التحكيم المفروض على المشتري 

تتعدد الحالات التي قد يلتجأ فيها البائع إلى الضغط على المشتري وإجباره بتضمين عقد البيع الابتدائي شرط التحكيم، كتقيده لحق انتقال ملكية العقار المبيع إلى المشتري بضرورة موافقته على هذا شرط.

بحيث ينص المشرع المغربي في الفصل 14 من القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية على أنه: يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة، سواء كانوا ذاتيين أو اعتباريين، أن يبرموا اتفاف تحكيم لتسوية النزاعات الناشئة عن الحقوق التي يملكون حق التصرف فيها، ضمن الحدود ووفق الإجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا القانون، مع التقيد بمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331  (12أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، كما تم تغييره وتتميمه، ولاسيما الفصل 62 منه”.

مقال قد يهمك :   اعمارة : وزارة التجهيز منكبّة على إعداد مشروع قانون لتنظيم الوعاء العقاري العمومي

وكما هو معلوم، أن المشتري العقار في طور الإنجاز ليس له الحق في التصرف في العقار المبيع مادام أن ملكيته لم تنتقل إليه بعد[13]، وبموجب ذلك، قد يضغط البائع على المشتري باللجوء إلى شرط التحكيم، مادام أنه من يملك الحق في التصرف في العقار المبيع.

إلا أن المشرع عندما نص على إمكانية تحريك إجراءات التحكيم كآلية لإتمام بيع العقار في طور الإنجاز، لم يقيده بضرورة أن يكون المشتري مالكا للعقار المبيع أو له الحق في التصرف فيه. ويكون بذلك، قد منع البائع من إدراج أي شرط يلزم المشتري بالتحكيم، مالم تتجه إرادته إلى تضمين عقد البيع الابتدائي هذا شرط ووافق عليه، وإلا ترتب عن ذلك، بطلان هذا الشرط.

وهذا لا ينبغي أن يأخذ إجبار مشتري العقار في طور الإنجاز بشرط التحكيم صورة الضغط، فالبائع قد يلتجأ إلى وسائل أخرى لإجبار المشتري بالموافقة على هذا الشرط، كاستعماله لوسائل احتيالية تدفع المشتري إلى الموافقة عليه، فيظهر على أن إرادته تتجه فعلا  إلى تحريك الإجراءات القانونية المنظمة للتحكيم بيد أن البائع من دفعه إلى ذلك بطريقة غير مباشرة، أو يقوم بتضمين عقد البيع بعض العبارات الغامضة، التي تحمل أكثر من معنى أو أكثر من دلالة، ويقوم بتكيفها بشكل يخدم مصالحه على حساب المشتري.

قد يبدو أن استعمال البائع لعبارات تحمل أكثر من معنى أمر مستبعد من الناحية القانونية، مادام عقد بيع العقار في طور الإنجاز يحرر من لدن جهات متخصصة في تحرير العقود كالموثق أو العدل، اللذان يتأكدان من صحة ما تم إدراجه في عقد البيع، سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون، وذلك تحت طائلة قيام مسؤوليتهم[14]، غير أننا نشير إلى أنه من الناحية العملية  قلما يتم إحترام الشكلية والإجراءات الخاصة بإبرام عقود بيع العقارات في طور الإنجاز، بحيث يلتجأ الكثير من المنعشين العقاريين إلى تحرير نماذج لبيع  العقار في طور الإنجاز تتضمن مجموعة من البيانات، ويقوم المشتري بملئها والتوقيع عليها، وأداء قسط من الثمن مقابل وصل.

بل الأكثر من ذلك، أغلب المنعشين العقاريين لايتوفرون على مقر عمل ثابت، يسوغ للمشترين اللجوء إليه، سواء من أجل معرفة تقدم الأشغال أو في حالة وجود نزع، بل يتم بناء مكاتب متنقلة، غالبا ما تكون في المكان الذي تتم فيه أشغال إنجاز العقارات في طور الإنجاز، الشيء الذي يؤدي إلى ضياع حقوق العديد من المشترين على إثر تعاقدهم مع شركات وهمية.

ثانيا: آثار صدور الحكم التحكيمي

يترتب عن صدور الحكم النهائي القاضي بإتمام البيع مجموعة من الآثار القانونية،  تتمثل في تقييد الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع في الرسم العقاري (1)، ثم انتقال ملكية العقار المبيع إلى المشتري (2).

1- الأثر المنشئ للتقييد في الرسم العقاري

ينص المشرع المغربي في الفقرة الأخيرة من الفصل 19-618 على أنه:يقوم الحكم النهائي الصادر بإتمام البيع مقام عقد البيع النهائي قابل للتقييد في السجل العقاري إذا كان العقار محفظا، أو إيداعه بمطلب التحفيظ إذا كان العقار في طور التحفيظ”.

من المعلوم أن الحكم النهائي الصادر بإتمام بيع العقار في طور الإنجاز لا يرتب آثاره القانونية، سواء بين أطراف العلاقة العقدية أو في مواجهة الغير، إلا من تاريخ تقييده في الرسم العقاري[15]، إذا كان العقار في طور الإنجاز محفظا، وهو ما يصطلح عليه في أدبيات القانون العقاري بالأثر المنشئ للتقييد في الرسم العقاري، أو إيداعه بمطلب التحفيظ إذا كان العقار في طور التحفيظ .

بحيث يعد تقييد الحكم النهائي الصادر بإتمام بيع العقار في طور الإنجاز في الرسم العقاري، وسيلة لإشهار إتمام البيع سواء بالنسبة لأطراف العلاقة العقدية أو في مواجهة الغير.

كما يعتبر تقييد الحكم النهائي الصادر بإتمام بيع العقار في طور الإنجاز في الرسم العقاري، بمثابة سند يحتج به المشتري في مواجهة الغير[16]، لأن التقييد في الرسم العقاري يضمن له الثبات والاستقرار[17].

وبالإضافة إلى ذلك، يعد هذا التقييد بمثابة حجة يسوغ للمشتري الإستعانة بها أمام القضاء في حالة إذا رفض البائع إتمام البيع بالرغم من صدور الحكم التحكيمي، لأنه لا يوجد ما يمنع المشتري من اللجوء إلى القضاء والمطالبة بإتمام البيع إذا اتضح له عدم فعالية الحكم التحكيمي.

إن تماطل مشتري العقار في طور الإنجاز عن تقييد الحكم النهائي في الرسم العقاري، يسمح للبائع بتفويت العقار المبيع إلى مشتري آخر، مادام أن الرسم العقاري للعقار موضوع التفويت لم يتضمن أي إشارة إلى الحكم النهائي، وبالتالي تظهر وضعيته من الناحية القانونية على أنها سليمة لا تسمح للمشتري الجديد معرفة وجود هذا الحكم، الشيء الذي، يلزم على المشتري القيام بهذا التقييد فور صدور الحكم النهائي حفاظا على حقوقه.

2- نقل ملكية العقار المبيع

ينص المشرع المغربي في الفصل 20- 618 من قانون الالتزامات والعقود على أنه: “تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى إذا كان العقار غير محفظ أو في طور التحفيظ إما إذا كان العقار محفظ  فتنتقل من تاريخ تقييد العقد أو الحكم المذكورين في الرسم العقاري”.

في إطار الحديث عن آثار  انتقال ملكية العقار المبيع إلى المشتري وجب التمييز إذا ما كان العقار في طور الإنجاز غير محفظ أو في طور التحفيظ، فتنتقل ملكية المبيع إلى المشتري من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي، أما إذا كان العقار المبيع محفظ فتنتقل من تاريخ تقييد العقد أو الحكم المذكورين في الرسم العقاري[18]،

ومن بين فوائد انتقال ملكية العقار المبيع إلى المشتري استفادة هذا الأخير من التجهيزات التي يتوفر عليها العقار المبيع والمرافق التابعة له، كما يسوغ له التصرف في ملكية  العقار  سواء بعوض أو بدون عوض.

وتأسيسا على ذلك، يسوغ لمشتري العقار في طور الإنجاز بعد انتقال ملكية العقار إليه، التصرف فيه بجميع أنواع التصرف كإعادة بيعه للعقار أو كرائه والاستفادة من الوجيبة الكرائية.

كما تجدر الإشارة، إلى أن حماية مشتري العقار في طور الإنجاز، تقتضي أن تنتقل ملكية هذا العقار إليه بأثر رجعي، وليس بأثر فوري، أي من تاريخ إبرام عقد البيع الابتدائي، وليس من تاريخ الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع، تفاديا لكل التصرفات الضارة التي قد تصدر من البائع خلال مدة الإنجاز كأن أن يقوم برهن المبيع أو بيعه إلى مشتري جديد[19].

وختاما لما سبق، أشير إلى أن لجوء المشتري العقار في طور الإنجاز سواء إلى التحكيم أو إلى المحكمة من أجل إتمام البيع، لا يمنعه من الاستفادة من التعويض المكفول له بموجب الفصل 12- 618 من قانون الالتزامات والعقود.

المطلب الثاني: موجبات بطلان شرط التحكيم المفروض على المشتري والآثار  المترتبة عنه    

تتنوع الحالات التي يسوغ فيها التصريح ببطلان شرط التحكيم المضمن في عقد البيع الابتدائي، كأن يفرض البائع شرط التحكيم على المشتري فيأخد في هذه الحالة صفة الشرط التعسفي (الفقرة الأولى)، أو أن يتعارض الحكم التحكيمي النهائي الصادر بإتمام البيع مع النظام العام (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: جزاء البطلان كضمانة لحماية رضا المشتري على شرط التحكيم  

إن قلة خبرة المشتري بتقنيات إبرام عقد بيع العقار في طور الإنجاز وعدم درايته بالمخاطر التي ينطوي عليها هذا النوع من البيوع العقارية، يسمح لبعض البائعين بإدراج مجموعة من الشروط التعسفية (أولا)، بغية تقوية مركزهم الاقتصادي على حساب المشتري، مما يحتم على القاضي بسط رقابته وإلغاء كل شرط تحكيمي يتضمن بنود مضرة بمصلحة مشتري العقار في طور الإنجاز (ثانيا).

أولا: مظاهر بطلان شرط التحكيم كشرط تعسفي  

في غالب الأحيان يسعى أحد المتعاقدين إلى تضمين العقد ما يخول له سلطة واسعة إما في فسخ العقد، أو تضمينه لشروط بإرادته المنفردة، وبالمقابل يقلص من سلطات المتعاقد الأخر الأقل منه كفاءة وخبرة في العقد، بحيث يبقى هذا الأخير ملزما بما ضمن في عقد البيع[20].

وتأسيسا على ذلك، يعد شرط التحكيم شرطا تعسفيا في حالة عدم إعلام مشتري العقار في طور الإنجاز بوجود هذا الشرط بخلاف ما ينص عليه المشرع المغربي، بحيث اعتبر أن اللجوء إلى التحكيم يستدعي ضرورة اتجاه إرادة المشتري إليه، وإعلام به، وموافقته على جميع البنود المضمنة به وعلى تشكيل الهيئة التحكيمية[21]، والمسطرة المتبعة، إلى أن يتم صدور الحكم التحكيمي.

كما يعتبر شرط التحكيم شرطا تعسفيا في حالة عدم كتابة هذا الشرط ضمن بنود عقد البيع الابتدائي، أو في حالة عدم الإشارة إليه في وثيقة مستقلة عن عقد البيع، وذلك إنسجاما مع مقتضيات الفصل7 من القانون رقم 95.17  المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، والذي ينص على أنه: “يجب، تحت طائلة البطلان، أن يضمن شرط التحكيم كتابة في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه بشكل لا لبس فيه”. الشيء الذي يسمح للبائع باستخدام هذا الشرط بشكل يخدم مصلحته.

وكما سبقت الإشارة، إلى أن الغاية من تضمين عقد البيع الابتدائي شرط التحكيم هي إجبار البائع على إتمام البيع، بعيدا عن تدخل السلطة القضائية ودون تحمل المشتري مصاريف باهظة تؤثر على وضعه المادي، وبالتالي، يعد كل حكم تحكيمي يمنح  للبائع إمكانية تغيير في مواصفات العقار المبيع دون الحصول على موافقة قبلية من المشتري، أو أن يعدل في  التاريخ المتفق عليه لإنجاز العقار المبيع وتسليمه إلى المشتري،  أو يغل يد المشتري من الاستفادة من الحقوق المكفولة له بموجب القانون رقم 107.12 شرطا تعسفيا يلزم الحكم ببطلانه.

ثانيا: سلطة القاضي في إلغاء شرط التحكيم كشرط تعسفي

منح المشرع المغربي للقضاء إمكانية التدخل في بعض الحالات من أجل إلغاء شرط التحكيم المضمن في عقد البيع الابتدائي باعتباره شرطا تعسفيا، ويتم هذا التدخل من خلال جزاء البطلان.

ونشير في هذا المقام  إلى أن  تدخل السلطة القضائية لا ينحصر فقط في الحالات التي يتخذ فيها شرط التحكيم الصفة التعسفية، بل إن مجرد عدم رضا مشتري العقار في طور لإنجاز  على هذا الشرط يخول للسلطة القضائية التدخل والحكم ببطلانه.

وتأسيسا على ذلك، يسوغ للقاضي التدخل وبسط رقابته بمناسبة تذييل الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بالصيغة التنفيذية في الحالات المنصوص عليها قانونا، إذا تبين له أن شرط التحكيم  المضمن بعقد البيع الابتدائي لم يشر إلى نوع النزاع الذي بتت فيه الهيئة التحكمية، فيقرر بطلان هذا الشرط باعتباره شرطا تعسفيا، وذلك لأن المشرع حدد مجال تطبيق شرط التحكيم وحصره في النزاع المترتب عن رفض إتمام بيع العقار في طور الإنجاز.

كما يسمح تضمين شرط التحكيم بعض البنود الغامضة بتدخل القاضي وبسط رقابته، وذلك من خلال إلغاء هذه البنود إذا تبين له أنها مضرة بمصالح المشتري، أو أن يقوم بتعديلها بشكل يسمح لمشتري العقار في طور الإنجاز من الاستفادة من المناقب المتعددة التي يوفرها هذا الشرط[22].

والحديث عن سلطة القاضي في إبطال شرط التحكيم كشرط تعسفي لا يتم بمعزل عن بيان الآثار المترتبة على ذلك، حيث أن الحكم ببطلان شرط التحكيم كشرط تعسفي لا يؤدي إلى بطلان عقد البيع برمته، مما يترتب عنه عدم ضياع المشتري في الحقوق التي اكتسبها من خلال إبرام عقد بيع العقار في طور الإنجاز.

الفقرة الثانية: بطلان شرط التحكيم لمخالفته للنظام العام  

يؤدي تعارض شرط التحكيم المضمن في عقد البيع الابتدائي مع النصوص القانونية المنظمة لعقد بيع العقار في طور الإنجاز والتي تعد جلها من النظام العام إلى التصريح ببطلان هذا الشرط (أولا)،  وبطلان هذا الشرط يترتب عنه ثلة من الآثار القانونية (ثانيا)

 أولا: البطلان الواضح لشرط التحكيم

يعد تعارض شرط التحكيم مع النظام العام سببا واضحا لبطلان هذا الشرط، بحيث يرجع السبب في تحريك قواعد النظام العام[23]، إما لعيب شكلي في شرط التحكيم المضمن في عقد البيع الابتدائي كالاتفاق على عدم كتابة هذا الشرط أو عدم الإشارة إليه في وثيقة مستقلة عن العقد(1)، أو لتعارضه مع المقتضيات القانونية المؤطرة لبيع العقار في طور الإنجاز (2).

1-بطلان شرط التحكيم لعيب شكلي

يؤدي عدم كتابة شرط التحكيم في عقد بيع العقار في طور الإنجاز إلى بطلان هذا الشرط، استنادا لمقتضيات الفصل 7 من القانون رقم95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، كونه يتعارض مع قاعدة آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، والتي ألزمت أن يضمن شرط التحكيم في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه بشكل لا لبس فيه.

كما يمكن الدفع بالنظام العام لوجود عيب شكلي في اتفاق التحكيم  في حالة عدم تضمين اتفاق التحكيم البيانات الخاصة بأسماء المحكمين والتي تسمح  للمشتري مكنة التعرف على هوية المحكمين والتيقن من أهليتهم.

2-بطلان شرط التحكيم لتعارضه مع مقتضيات بيع العقار في طور الإنجاز

إذا كان المشرع المغربي قد سمح لأطراف العلاقة العقدية بإمكانية اللجوء إلى التحكيم كوسيلة بديلة لحل النزاعات المترتبة عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز، فقد قيد هذا الحق بثلة من الشروط أهمها عدم تعارضه مع المقتضيات القانونية لبيع العقار في طور الإنجاز.

وعليه، يعد كل حكم تحكيمي يجبر المشتري بأداء ثمن العقار المبيع دفعة واحدة دون اللجوء إلى تقنية الدفع عبر أقساط المنصوص عليها في الفصل 6 – 618 من قانون الالتزامات والعقود[24]، موجبا من موجبات الدفع بالنظام العام، وذلك لأنه تعارض مع قاعدة آمرة لا يسوغ الاتفاق على مخالفتها، والتي نص المشرع المغربي من خلالها على أن أداء الثمن المبيع يجب أن يكون عبر أقساط.

كما يعتبر كل حكم تحكيمي يمنع مشتري العقار في طور الإنجاز من ممارسة لحقه في فسخ عقد البيع أو الاستفادة من التعويض الناجم عن هذا الفسخ أو في التخلي[25] عن حقوق لفائدة الغير باطلا بطلان مطلقا، لتعارض مع القواعد القانونية المنظمة لعقد بيع العقار في طور الإنجاز.

ثانيا: الآثار المترتبة عن التصريح ببطلان شرط التحكيم

إن الحديث عن الآثار المترتبة عن التصريح ببطلان شرط التحكيم، لا يتم بمعزل عن التمييز بين بطلان عقد البيع الابتدائي الذي تم إبرامه دون التقيد بالشروط التي أوجبها المشرع لإبرام هذا العقد والتي تعد من النظام العام، ومدى تأثير بطلان هذا العقد على شرط التحكيم(1)، وبين أهمية إستقلالية شرط التحكيم الوارد في هذا العقد(2).

1-البطلان كجزاء عن عدم توفر الشروط اللازمة لإبرام عقد البيع الابتدائي

من بين مظاهر الدفع بالنظام العام في عقد بيع العقار في طور الإنجاز نجد عدم احترام طرفي العلاقة العقدية الشكلية المفروضة لإبرام هذا العقد، مما يترتب عنه التصريح ببطلانه، لمخالفته لقاعدة آمرة والتي نصت على أن يتم تحرير عقد البيع  إما  في محرر رسمي أو ثابت التاريخ.

بحيث نقرأ في حيثيات أحد الأحكام غير المنشورة الصادرة عن المحكمة الابتدائية بمراكش ما يلي:

» وحيث أنه طبقا لمقتضيات الفصل3-618 فإنه يجب أن يرد عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم توثيقه من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية يخول لها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان، وحيث أنه بذلك يكون الوعد بالبيع الرابط بين الطرفين المتعلق ببيع الفيلا شبه جاهزة، دون التقييد بالمقتضيات القانونية المنصوص عليها في الفصل أعلاه هو عقد باطل«[26].

كما جاء في حيثيات أحد القرارات الصادرة عن محكمة النقض عدد 34/1 الصادرة بتاريخ 17/01/2019، في ملف تجاري عدد 2288/3/1/2017 غير منشور ما يلي:

مقال قد يهمك :   مصادقة مجلس النواب في القراءة الثانية على مشروع القانون التنظيمي بالدفع بعدم دستورية القوانين

» وتأسيسا على  ذلك وما دام أن عقد الوعد بالبيع لم يحرر من لدن الجهة المخول لها قانونا القيام بذلك، فإنه يتعين التصريح ببطلانه، متقيدة في ذلك بأحكام الفصل1- 618 المحدد لمفهوم بيع العقار في طور الإنجاز، ولمقتضيات الفصل 3- 618 المحدد لشكلية انعقاده، والناص على الأثر القانوني المترتب عن عدم احترامها، وفي موقف المحكمة المنوه عنه رد ضمني لكل الدفوع الطالبة المرتكزة على عدم إشارة العقد للرسم العقاري للشقة، وعدم تسجيله والمصادقة على توقيعاته، وعلى تخلف دفتر التحملات، واتفاق الطرفين  على كل بنود العقد، مادام كل ما ذكر لم يكن من شأن  قيامه تغيير التكييف القانوني السليم الذي أصبغته المحكمة على العقد موضوع الدعوى، أو الحؤول دون ترتيبها للأثار القانونية الناتجة عن عدم توفر شكلية إبرامه، وعن التصريح ببطلانه، وبذلك تكون المحكمة قد أجابت على كل الدفوع«.

بالإضافة إلى ذلك، يترتب عن عدم تضمين عقد البيع الابتدائي البيانات الإلزامية سواء الخاصة بهوية الأطراف المتعاقدة أو البيانات المتعلقة بتحديد أوصاف العقار المبيع،  بطلان عقد بيع العقار في طور الإنجاز.

وبالرغم من أن المشرع كان واضحا وقرر بطلان عقد البيع الابتدائي الذي لم يتضمن أحد الشروط المفروضة لإبرامه أو لم يتم وفقا للشكلية المنصوص عليها في الفصل  3- 618 من قانون الالتزامات والعقود، إلا أنه لم يشر إلى مآل شرط التحكيم المضمن بعقد البيع الابتدائي في حالة التصريح ببطلان هذا الأخير.

في حين نجده ينص في الفصل 8 من القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية على أنه:يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى، ولا يترتب عن بطلان العقد أو إبطاله أو فسخه أو إنهائه أو إلغائه أو انتهاء آثاره لأي سبب كان، أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه، إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته”.

إن  المنطق يفرض عدم تطبيق مقتضيات الفصل المومأ إليه أعلاه،  لانعدام الغاية من إجبار البائع على إتمام البيع في ظل التصريح ببطلان عقد بيع العقار في طور الإنجاز، وذلك لأن، التصريح ببطلان العقد يجعل هذا الأخير لا وجود له من الناحية القانونية، وبالتالي، يتم ايقاف جميع الآثار المترتبة عنه، ولا يتسنى للمشتري في هذه الحالة سوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب بطلان عقد البيع  سيما في حالة اكتمال البناء.

ولحماية المشتري من آثار بطلان عقد بيع العقار في طور الإنجاز ميز الأستاذ بوعبيد عباسي في دعوى البطلان بين حالتين أساسيتين: أولهما عدم احترام طرفي العقد الشكلية القانونية لإبرام العقد مع اكتمال البناء،  بحيث يترتب عنها عدم بطلان عقد بيع العقار في طور الإنجاز حماية لحقوق المشتري، وثانيهما عدم احترام طرفي العقد الشكلية القانونية لإبرام العقد مع عدم اكتمال البناء فينتج عنه بطلان العقد[27].

غير أن المشرع المغربي عندما قرر البطلان كضمانة لفائدة مشتري العقار في طور الإنجاز، لم ينظر بصفة شمولية، وأغفل العديد من الضمانات الأخرى التي يمكن أن يستفيد منها المشتري، بحيث أن تدارك طرفي العلاقة العقدية العيوب التي اعترت عقد البيع، سواء من حيث الشكلية اللازمة لإبرام العقد أو البيانات المفروض تضمينها فيها، يمنح للمشتري ضمانة إضافية لإتمام البيع، لذلك كان من الأفضل  أن ينص  المشرع المغربي في الفصل 3- 618 من قانون الالتزامات والعقود على أنه يترتب عن عدم احترام طرفي العلاقة العقدية الشكلية اللازمة لإبرام العقد بطلان هذا الأخير ما لم يتم تصحيحه، حتى يوسع من الضمانات التي من شأنها أن تساهم في انتقال العقار المبيع إلى المشتري.

وتأسيسا على ما سبق، يترتب عن ضمان استمرارية عقد بيع العقار في طور الإنجاز، استفادة المشتري من المزايا التي يوفرها شرط التحكيم كآلية لإجبار البائع على إتمام البيع،  الشيء الذي، يدفعنا لبيان أهمية استقلال شرط التحكيم بنوع من التفصيل في الفقرة الموالية.

2-أهمية استقلال شرط التحكيم

يتميز شرط التحكيم بخاصيتين أساسيتين: أولهما استقلال هذا شرط، بحيث ميز المشرع المغربي بين شرط التحكيم وجعله مستقلا عن الشروط الواجب توفرها لإبرام عقد بيع العقار في طور الإنجاز، وثانيهما: يعد شرط التحكيم ذو طبيعة خاصة حيث أن بطلان العقد أو إنهائه وفقا للقواعد العامة يلزم بإرجاع طرفي العلاقة العقدية إلى الحالة التي كانوا عليها قبل إبرام عقد بيع العقار في طور الإنجاز، فتصبح جميع الشروط والبنود المضمنة بالعقد لاغية، إلا أن ما يميز شرط التحكيم أن بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه لا يؤثر عليه مادام هذا الأخير صحيحا .

ومن هذا المنطلق، وبصيغة المخالفة لا يؤدي بطلان شرط التحكيم الذي تعارض مع النظام العام إلى  بطلان عقد البيع الابتدائي، بل تقتصر آثار البطلان على شرط التحكيم المضمن بالعقد فقط.

والمشرع  المغربي كان حكيما، عندما ميز بين الشروط اللازمة لإبرام عقد البيع الابتدائي، و بين شرط التحكيم المضمن في هذا العقد، واعتبر أن البطلان كجزاء عن مخالفة شرط التحكيم للنظام العام، يقتصر فقط على هذا الشرط دون أن يشمل عقد البيع الابتدائي، حفاظا على حقوق المشتري.

خاتمة:

حاولت من خلال هذا البحث بيان أهمية وفوائد اللجوء إلى الوسائل البديلة لتسوية النزع القائم بين البائع ومشتري العقار في طور الإنجاز والناجم عن رفض البائع إتمام البيع، وذلك لما تمتاز به من الفعالية والسرعة اللازمة لضمان انتقال العقار المبيع إلى المشتري، بعيدا عن تدخل السلطة القضائية.

وجدير بالذكر، أن المشرع المغربي عندما أتاح مكنة اللجوء إلى التحكيم كآلية لإجبار الطرف الممتنع عن إتمام البيع ” سواء البائع أو المشتري”، منح لطرفي العلاقة العقدية حرية الإختيار بين إبرام عقد التحكيم أو تضمين عقد البيع الابتدائي شرط التحكيم قبل قيام أي نزاع بينهما كضمانة إضافية لفائدة المشتري.

ونظرا لاعتبار المشتري الحقلة الأضعف في عقود البيع المنصبة على العقارات في طور، بالمقارنة مع البائع، والذي غالبا ما يكون معتاد على إبرام مثل هذه العقود، فقد أبرزت  أهمية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز على هذا الشرط كضمانة إضافية يستعين بها لإجبار البائع على إتمام البيع قبل قيام أي نزاع بينهما.

بحيث حرصت في هذا البحث على بيان الحالات التي يسوغ فيها الاتفاق على إدراج شرط التحكيم في عقد البيع الابتدائي، ونطاق تطبيق هذا الأخير، والذي جعله المشرع المغربي مقتصرا على النزاع القائم بين البائع والمشتري والمترتب عن امتناع البائع عن إتمام البيع.

والحديث عن أهمية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز على شرط التحكيم،  لا يتم بمعزل عن بيان بعض الضمانات القانونية التي خولها المشرع المغربي لحماية هذه الرضا، بحيث نص على بطلان كل شرط تحكيمي لم يوافق عليه المشتري، وبالتالي يمكن اعتبار أن جزاء البطلان من أهم الضمانات لحماية رضا المشتري على هذا الشرط.

كما أشرت إلى أهمية تدخل السلطة القضائية لحماية رضا مشتري العقار في طور الإنجاز، على شرط التحكيم سواء قبل صدور الحكم التحكيمي أو بعد صدوره، وذلك من خلال إما تعديل بنود هذا الشرط لجعله يوفر الحماية المتوخاة منه، وإستفادة المشتري من فوائده، أو الحكم ببطلان الشرط في حالة ما  إذا كان مضرا بالمشتري.

ونشير في هذا المقام، إلى أن الحديث عن جزاء البطلان لا يتم بمعزل عن التمييز بين الحالات التي يسوغ فيها الحكم ببطلان عقد بيع العقار في طور الإنجاز لمخالفته للنصوص القانونية المؤطرة له، وبين الحالات التي يسوغ فيها الحكم ببطلان شرط التحكيم المضمن في هذا العقد، مع بيان الآثار المترتبة عنهما. بحيث أن بطلان شرط التحكيم لا يؤثر على عقد البيع الابتدائي، الشيء الذي، من شأنه أن يحافظ على الحقوق والضمانات الممنوحة لمشتري العقار في طور الإنجاز، والتي أشرنا إليها بشكل مفصل  ضمن صفحات هذا البحث أملا منا أن ينال استحسان القارئ الكريم.


لائحة المراجع:

أولا: باللغة العربية  

1- المؤلفات العامة

إدريس الفاخوري:

  • الوسيط في نظام الملكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والتشريعات العقارية الخاصة، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، الطبعة الثالثة 2019.
  • الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة النجاح – الدار البيضاء، الطبعة الثالثة 2018.
  • عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، دار إحياء التراث العربي بيروت – لبنان، بدون ذكر الطبعة.
  • محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة- الرباط، الطبعة 2018.

2- المؤلفات المتخصصة:

  • إلياس العابوسي، الحماية القانونية لمشتري العقار في طور الإنجاز، المطبعة الوطنية، الرباط، الطبعة الأولى2022.
  • عبد الحفيظ مشماشي، بيع العقار في طور الإنجاز دراسة على ضوء القانون المغربي والمقارن، مطبعة الرشاد سطات، الطبعة الأولى 2012.

3  الأطاريح والرسائل الجامعية:

  •  ابراهيم العسري، ضمانات التحكيم التجاري – دراسة مقارنة-، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، مركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير مختبر القضاء والتحكيم الوطني والدولي، جامعة محمد الأول، السنة الجامعية 2015/2016.
  • محمد بحماني، حماية المتعاقد من الشروط التعسفية – دراسة مقارنة -، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، السنة الجامعية 2005/2006.
  • نزهة الخلدي، الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية – عقد البيع نموذجا -، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، تخصص القانون المدني، جامعة محمد الخامس – أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال – الرباط، السنة الجامعية 2004- 2005.
  • عبد الله حفناوي، حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقد بيع العقار على التصميم، مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون الأعمال، جامعة آكلي محند أولحاج –البويرة-، كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم القانون الخاص، السنة الجامعية 2019/2020.

4  المقالات القانونية:   

  • بوعبيد عباسي، مظاهر دعم القضاء للتحكيم التجاري الداخلي في القانون المغربي، مجلة محاكمة عدد 13 ماي/ شتنبر 201
  • خالد أحمد عبد الحميد، دور القضاء في الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم، دفاتر المجلس الأعلى، العمل القضائي والتحكيم التجاري، العدد 7، 2005.
  • محمد الشافعي، التحكيم التجاري كوسيلة بديلة لحل النزاعات المترتبة عن بيع العقار في طور الإنجاز، – دراسة في ضوء القانون رقم 12/107 المغير والمتمم للقانون رقم 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز-، مجلة المهن القانونية، عدد مزدوج 5/6 شتنبر 2020.
  • 5 الندوات:
  • بوعبيد عباسي، تأملات حول حماية مشتري العقار في طور الإنجاز في ضوء التشريع والقضاء، أشغال الندوة العلمية الوطنية المنظمة عن بعد عبر الصفحة الرسمية لماستر القانون العقاري والتوثيق، بتاريخ 15 يوليوز 2020، تحت عنوان المستجدات التشريعية في المادة العقارية بالمغرب.

ثانيا: باللغة الفرنسية

  • AMACHOU AARAB, La vente d’immeuble en l’état futur d’achèvement Analyse Théorique et critique, Mémoire Présenté pour l’obtention du diplôme de Master Droit et Immobilier et  Notarial, Université Cadi Ayyad, Faculté des Sciences Juridiques Economiques et Sociales Marrakech, Année Universitaire 2013/2014.
  • Abdelkébir Zeroual, La loi N°44.00 Relative A la Vente D’achèvement (VEFA) Et Le Droit Commun Des Obligation Et Contrats, Publication du Centre Marocain des Etudes Juridiques, 2003.
  • PAUL-YVAN MARQUIS, La responsabilité civile du notaire, Cowansville, Éditions Yvon Blais, 1999, voire sur le site web: www.erudit.org/fr/revues , la date d’entre 5 fièvres 2022, à l’heure 22:16.
  • François Frenette, La Responsabilité Du Notaire Et Le Défaut De Contenance, Frenette, F. (1999). LA Responsabilité Du Notaire Et Le Défaut De Contenance. Revue du notariat, 101(2), 229–237.
  • Jérôme DORY, La responsabilité civile du notaire, Mémoire Présenté pour l’obtention  du diplôme de Master en notariat, université catholique de Louvain, Faculté de droit et criminologie, Année Universitaire 2014/2015.

الهوامش:

[1]  صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.05 الصادر في 23 من ربيع الآخر 1437 (3 فبراير 2016)، بتغيير وتتميم القانون رقم 44.00 المتمم بموجب الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود؛ الجريدة الرسمية عدد 6440 بتاريخ 9 جمادى الأولى 1437 (18 فبراير 2016) ص 932.

[2] بالرغم من أن المشرع المغربي قد بين الأحكام القانونية لإبرام عقود بيع العقارات في طور الإنجاز  بموجب القانون رقم 44.00، إلا أن الممارسة العملية أبانت عن عجزه عن الإحاطة بكافة الجوانب المتعلقة بهذا البيع، مما ترتب عنه كثرة المنازعات الملقاة على القضاء المغربي، نتيجة ضياع حقوق العديد من المشترين، الشي الذي، دفعه إلى إعادة صياغة نصوصه القانونية بشكل يراعي حقوق المشترين ويوفر لهم ضمانات إضافية، فصدر القانون رقم 107.12، والذي جاء معدلا ومتمما للقانون رقم 44.00 والمحلق بقانون الالتزامات والعقود .  بحيث تطرق المشرع المغربي لأحكام بيع العقار في طور الإنجاز، في الفرع الرابع من قانون الالتزامات والعقود،  من الفصل 1-618 إلى الفصل 20- 618 منه. حيث بين من خلال هذه الفصول الضوابط القانونية المؤطرة لإبرام عقود بيع العقارات في طور الإنجاز، وجزاء الإخلال بها. واستنادا لمقتضيات الفصل1- 618 من ق.ل.ع، يعتبر بيعا لعقار في طور الإنجاز كل اتفاق يلتزم بمقتضاه البائع بإنجاز عقار داخل أجل محدد ونقل ملكيته إلى المشتري مقابل ثمن يؤديه هذا الأخير تبعا لتقدم الأشغال.

[3]  يعتبر قانون الالتزامات والعقود العمود الفقري لكافة القوانين المغربية، فبالرغم من التحولات التي عرفتها المنظومة التشريعية المغربية لازال صامدا أمام هذه التحولات والتطورات التشريعية، بحيث ترجع أصوله التاريخية إلى الحماية الفرنسية، والتي اعتمدت على تجربتها من خلال مجلة الالتزامات والعقود التونسية في وضع ق.ل.ع المغربي.  و بتاريخ 12 غشت 1913 صدر ق.ل.ع كشريعة عامة لجميع القوانين المغربية،  حيث نشرت وزارة العدل سنة 1965 النص الكامل المعرب لقانون الالتزامات والعقود، وفي يناير 2009 تم نشر صيغة محينة منه،  وذلك بفضل تظافر جهود العديد من الكفاءات القضائية والإدارية وبمبادرة من جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، تحت عدد 14 من منشورات هذه الأخيرة.

ومن  التعديلات التي لحقت هذا القانون نذكر:

  الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.93.345  بتاريخ 22 ربيع الأول 1414 (10 شتنبر 1993)، المتعلق بتتميم الفصل 1248 من  ق.ل.ع، الجريدة الرسمية عدد 4222، ص 1832.

  • القانون رقم 44.00 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.02.309، بتاريخ 25 من رجب 1423 (3أكتوبر 2002)، الجريدة الرسمية 5054، ص 3183، كما عدل وتمم بالقانون رقم 107.12 (18 فبراير 2016) الجريدة الرسمية عدد 6440 ص 932.

[4]  نظرا للتطورات التشريعية التي عرفها المغرب، عمد المشرع المغربي على تغيير النصوص القانونية المنظمة للتحكيم بموجب القانون رقم 08.05، وهو قانون صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.169، بتاريخ 19 من ذي الحجة 1428 ( 30 نوفمبر 2007)، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 ذو القعدة 1428 ( 6 دجنبر 2007)، ص 3894.  حيث حلت أحكام الفصول من 306 إلى  70 – 327 محل أحكام الباب الثامن بالقسم الخامس ( الفصول من 306 إلى 327) من قانون المسطرة المدنية.  غير أن هذا القانون أبان عن مجموعة من الثغرات التشريعية واعترته العديد من العيوب،  الشيء الذي، دفع المشرع المغربي إلى صدار القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، وهو قانون صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.22.34 صادر في 23 من شوال 1443 (24 ماي 2022 بتنفيذ القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، الجريدة الرسمية عدد 7099 – 13ذو العقدة  (13 يونيو 2022).

  • ولنا تفصيل في ذلك:

الملاحظ من خلال ما سبق، أن المشرع المغربي قد استقل بالتحكيم من خلال قانون الخاص به وفصله عن قانون المسطرة المدنية، وهو نقطة تحسب لصالح المشرع المغربي.

رغبة من المشرع المغربي في تجاوز العيوب الشكلية والثغرات التي اعترت القانون رقم 05.08 نص على أن القانون رقم95.17 يدخل حيز التنفيذ في اليوم الموالي لنشره في الجريدة الرسمية للمملكة المغربية. بحيث تنص المادة 105 من القانون المومأ إليه أعلاه على أنه: ” مع مراعاة  مقتضيات المادة 103 أعلاه ، يدخل هذا القانون حيز التنفيذ في اليوم الموالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

مقال قد يهمك :   خالد لعوان : التوجهات الكبرى للقانون رقم 49.16 المتعلق بالكراء التجاري أو الصناعي أو الحرفي

تنسخ ابتداء من التاريخ المذكور جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون، ولاسيما أحكام الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 من رمضان 1394 (28 سبتمبر 1974).

وبالرجوع إلى المادة 103 منه نجدها تنص على أنه : “تظل مطبقة بصورة انتقالية مقتضيات الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 من رمضان 1394 (28 سبتمبر 1974)، كما تم تغييره وتتميمه على:

  • اتفاقات التحكيم أو الوساطة المبرمة قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ؛
  • الدعاوى التحكيمية الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو النزاعات المعروضة على الوساطة، أو الدعاوى المتعلقة بهما، المعروضة أمام المحاكم في التاريخ المذكور في البند الأول أعلاه إلى حين تسويتها النهائية واستنفاذ جميع طرق الطعن.

[5]  تنص المادة 2 من القانون رقم 95.17  المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية على أنه :” اتفاق التحكيم هو التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقة قانونية، تعاقدية أو غير تعاقدية.

يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد التحكيم أو شرط التحكيم”.

[6]  عرف المشرع المغربي شرط التحكيم في المادة 6 من القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية بأنه:  ” شرط التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم كل أو بعض النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور، والمرتبطة به”.

[7]  ابراهيم العسري، ضمانات التحكيم التجاري – دراسة مقارنة-، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، مركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير مختبر القضاء والتحكيم الوطني والدولي، جامعة محمد الأول، السنة الجامعية 2015/2016، ص 13.

[8]  قرار عدد 482/1 الصادر بتاريخ 17/12/2015، في ملف تجاري عدد 1106/3/1/2012 منشور في الموقع الرسمي لمحكمة النقض www.juris.courdecassation.ma، تاريخ الإطلاع 10 فبراير على الساعة 12:09.

[9]  تنص الفقرة الثانية من الفصل 12-618 من ق.ل.ع على أنه: ” في حالة تأخر البائع عن إنجاز العقار في الأجل المحدد فإنه يتحمل تعويضا بنسبة 1% عن كل شهر من المبلغ المؤدى على أن لا يتجاوز هذا التعويض 10% في السنة. غير أن هذا التعويض عن التأخير لا يطبق إلا بعد مرور شهر من تاريخ توصل الطرف المخل بالتزاماته بإشعار يوجهه إليه الطرف الآخر بإحدى الطرق المنصوص عليها في الفصل 37 وما يليه من الظهير الشريف رقم 744-74-1 الصادر بتاريخ 11 من رمضان 1394 (28 سبتمبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية “.

[10] ينص الفصل 14-618 من ق.ل.ع على أنه: ” في حالة فسخ عقد التخصيص أو العقد الابتدائي من لدن أحد الطرفين، يستحق المتضرر من الفسخ، مع مراعاة مقتضيات الفصل 19-618 أدناه، تعويضا محددا في:

  • 15% من المبالغ المؤداة إلى حين الانتهاء من الأشغال الكبرى لمجموع العقار؛
  • 20% من المبالغ المؤداة إلى حين الانتهاء من الأشغال النهائية والحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة.

غير أنه يحق للمشتري فسخ العقد دون تحمل أي تعويض إذا تجاوز البائع الأجل المتفق عليه لتسليم العقار مع مراعاة مقتضيات الفصل 7-618 أعلاه. وفي هذه الحالة، يستحق المشتري تعويضا محددا في 20% من المبالغ المؤداة.

يعفى المشتري من أداء التعويض إذا تم الفسخ قبل انتهاء أجل الثلاثين يوما من تاريخ إبرام عقد التخصيص.

[11]  القرار عدد 129 الصادر بتاريخ 28 يناير 2010، في الملف عدد 896/3.3/2009 منشور في الموقع الرسمي لمحكمة النقض www.juris.courdecassation.ma، تاريخ الولوج 12 فبراير على الساعة 16:42.

 [12]  للتوسع أكثر انظر(ي):  بوعبيد عباسي، مظاهر دعم القضاء للتحكيم التجاري الداخلي في القانون المغربي، مجلة محاكمة عدد 13 ماي/ شتنبر 2017. ص72/73.

  • للتوسع أكثر في موضوع الرقابة القضائية على الحكم التحكيمي في بعض التشريعات المقارنة ” التشريع المصري أنموذجا “، أنظر(ي):

خالد أحمد عبد الحميد، دور القضاء في الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم، دفاتر المجلس الأعلى، العمل القضائي والتحكيم التجاري، العدد 7، 2005، ص29.

[13] ينص الفصل 20- 618 من ق.ل.ع على ما يلي: ” تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى إذا كان العقار غير محفظ أو في طور التحفيظ أما إذا كان العقار محفظا، فإن الملكية تنتقل من تاريخ تقييد العقد أو الحكم المذكورين في الرسم العقاري.

[14]  للمزيد من التوضيح بخصوص مسؤولية الموثق راجع (ي):

  • نسيم بلحو، المسؤولية القانونية للموثق، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، تخصص القانون الجنائي، جامعة محمد خيضر بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية 2014/2015، ص 117/116 وما يليها.
  • Jérôme DORY, La responsabilité civile du notaire, Mémoire Présenté pour l’obtention  du diplôme de Master en notariat, université catholique de Louvain, Faculté de droit et criminologie, Année Universitaire 2014/2015, P 25/ 26.
  • PAUL-YVAN MARQUIS, La responsabilité civile du notaire, Cowansville, Éditions Yvon Blais, 1999, voire sur le site web: erudit.org/fr/revues , la date d’entre 5 fièvres 2023, à l’heure 22:16, P 224.
  • François Frenette, La Responsabilité Du Notaire Et Le Défaut De Contenance, Frenette, F. (1999). LA Responsabilité Du Notaire Et Le Défaut De Contenance. Revue du notariat, 101(2), 229–237, P233.

[15]  يكتسي التقييد في الرسم العقاري أهمية بالغة، لكون أن  الحقوق العينية العقارية الواقعة على عقار محفظ لا تعتبر موجودة إلا إذا قيدت في الرسم العقاري، كما يساهم التقييد في الرسم العقاري في تحقيق الإستقرار للملكية العقارية وتسهيل تداولها وتشجيع الاستثمار العقاري، من خلال إعلام الأغيار بكل ما يرد على العقار من حقوق، وما يؤدي إلى تحقيق الثقة في المعاملات العقارية.

  • Ø للتوسع أكثر أنظر(ي): إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة النجاح – الدار البيضاء، الطبعة الثالثة 2018ص 236/237.

[16] وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يبين المقصود بمفهوم الغير في مجال الحقوق الخاضعة للتقييد، ومن تم فالمقصود بالغير جميع الأشخاص الذين لم يكونوا أطرافا في العقد أو التصرف غير المقيد ولكن تكون لهم مصلحة تتأثر بهذا التقييد فيعتبر بالتالي من الغير كل من لا تسري عليهم الحقوق غير المقيدة.

  • انظر(ي): محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة- الرباط، الطبعة 2018، ص 613.

وفي إطار الحديث عن مفهوم الغير في مجال الحقوق الخاضعة للتقييد، وجب التمييز بين حجية التقييدات في مواجهة الغير حسن النية، وبين حجية التقييدات بالنسبة للغير سيء النية.

  • الغير حسن النية: ويقصد به الشخص الذي يجهل العيوب التي تشوب السند أو الرسم الذي بموجبه انتقل الحق إليه.
  • الغير سيء النية: ويقصد به الشخص الذي يعلم عند تقييده الحق العيني على اسمه في الرسم العقاري العيوب والشوائب التي تشوب الرسم ومن تلقى الحق عنه.
  • أنظر(ي): محمد فوندو، حجية التقييدات في مواجهة الغير، مجلة الوقائع القانونية، العدد 10، مارس/ أبريل 2021، ص 105/106 وما يليها.

[17] محمد الشافعي، التحكيم التجاري كوسيلة بديلة لحل النزاعات المترتبة عن بيع العقار في طور الإنجاز، – دراسة في ضوء القانون رقم 12/107 المغير والمتمم للقانون رقم 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز-، مجلة المهن القانونية، عدد مزدوج 5/6 شتنبر 2020، ص 35.

[18]  جاء في حيثيات أحد القرارات الصادرة عن محكمة النقض ما يلي: حيث تبين صحة ما عاب به الطاعن القرار المطعون فيه، ذلك أن طلب إتمام إجراءات البيع بتحرير عقد ملحق لعقد البيع يتضمن رقم الرسم العقاري للعقار المبيع واستخراج رسم عقاري خاص بالقطعة المبيعة هي مطالبة بنقل ملكية المبيع إلى المشتري، وبالتالي فهي وإن كانت في مبدئها دعوى شخصية فإنها تؤول إلى دعوى عقارية تستهدف ضمان نقل الملكية إلى المشتري والتي لا تتحقق إلا بالتسجيل في الرسم العقاري، وبالتالي فهي دعوى غير خاضعة للتقادم، وأن المحكمة لما صنفت دعوى الطاعن ضمن الدعوى الناشئة عن الالتزام وأخضعتها للفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود، والحال أنها دعوى عقارية مآلا، مناطها نقل الملكية بالتسجيل بالصك العقاري لا يطالها التقادم، فإنها تكون قد أساءت تطبيق مقتضيات الفصل المذكور وعرضت قرارها للنقض« .

  • القرار عدد 3531 الصادر بتاريخ 23 غشت 2011، في الملف المدني عدد 1098/1/7/2010 ، منشور في الموقع الرسمي لمحكمة النقض juris.courdecassation.ma، تاريخ الولوج 16 فبراير على الساعة00:00 .

[19]  محمد الشافعي، م، س، ص 36.

[20] محمد بحماني، حماية المتعاقد من الشروط التعسفية  – دراسة مقارنة -، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، السنة الجامعية 2005/2006، ص 33.

[21]  وتماشيا مع ما تم ذكره، يعتبر شرط التحكيم شرطا تعسفيا في حالة عدم رضا المشتري العقار في طور الإنجاز، على تشكيل الهيئة التحكيمية، أو لم يوافق على طريقة تعينها، أو أن تشكيل هذه الهيئة كان حكرا على البائع دون تدخل المشتري. بحيث يترتب على ذلك، مجموعة الآثار تتمثل في عدم انتباه مشتري العقار في طور الإنجاز، إلى وجود صلة قرابة بين البائع وأحد المحكمين، وبالتالي غياب الحياد في تشكيل الهيئة التحكيمية، مما قد يترتب عنه صدور أحكام تخدم مصالح البائع وتقوي مركزه الاقتصادي.

[22] للمزيد من التوضيح بخصوص سلطة القاضي في تفسير الشرط التعسفي وفقا للقواعد العامة، أنظر(ي): نزهة الخلدي، الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية – عقد البيع نموذجا -، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، تخصص القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، جامعة محمد الخامس – أكدال الرباط، السنة الجامعية 2004- 2005، ص 114/ 115 وما يليها.

كما يعتبر تعسفيا ذلك الشرط الذي يترتب عليه الإضرار بالمستهلك بسبب عدم التوازن الواضح بين حقوق والتزامات كل من المهني والمستهلك.

  • أنظر(ي): عبد الله حفناوي، حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقد بيع العقار على التصميم، مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون الأعمال، كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم القانون الخاص، جامعة آكلي محند أولحاج –البويرة-، السنة الجامعية 2019/2020، ص 28.
  • كما عرفت المادة 15 من القانون 31.08 بشأن حماية المستهلك الشرط التعسفي، هو كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك.

[23]  يعتبر النظام العام من المفاهيم المرنة التي يصعب تعريفها، لأنه مفهوم نسبي ومتغير، وعلى الرغم من ذلك،  فقد حاول الفقه إعطاء تعريف نسبي للنظام العام بأنه: إن القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام هي قواعد يقصد بها إلى تحقيق مصلحة عامة، سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد، فيجب على جميع الأفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها، ولا يجوز للأفراد أن يناهضوا باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت هذه الاتفاقات لهم مصالح فردية، فإن المصالح الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة.

واستنادا على ما سبق لا يمكن أن نحصر النظام العام في دائرة دون أخرى، فهو شيء متغير، يضيق ويتسع حسب ما يعده الناس في حضارة معينة مصلحة عامة، ولا توجد قاعدة ثابتة تحدد النظام العام تحديدا مطلقا يتمشى على كل زمان ومكان، لأن النظام العام شيء نسبي.

  • للمزيد من التوضيح انظر): العلامة عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، دار إحياء التراث العربي بيروت – لبنان، بدون ذكر الطبعة، ص 399.

وتتعدد الأسباب التي تمنع من وجود تعريف موحد للنظام العام، والتي ترجع إلى اختلاف الضوابط والمعايير التي على أساسها توضع القوانين، فالمشرع وهو بصدد صياغة القوانين يأخذ بعين الاعتبار قيم دولته، الأخلاق، الديانة، الأعراف، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتي تختلف من تشريع لأخر. وتجدر الإشارة إلى أن النظام العام، يكون إما داخلي، أو دولي.

  • النظام العام الداخلي: والذي يكون مرتبط بالقواعد القانونية المحلية أو الوطنية التي لا يجوز مخالفتها.
  • النظام العام الدولي : عندما تتعارض قواعد النظام العام مع علاقة تعاقدية تتضمن عنصرا أجنبي، حيث أن أغلب الأحكام الصادرة عن القضاء المغربي، لا تذييل بالصيغة التنفيذية في بعض الدول الأوروبية، لأنها تتعارض مع النظام العام.

[24]  ينص الفصل6-618 من ق.ل.ع على ما يلي: يؤدي المشتري، كحد أقصى، قسطا من الثمن الإجمالي تبعا لتقدم الأشغال حسب المراحل التالية:

5 %عند إبرام عقد التخصيص؛

5 %عند إبرام العقد الابتدائي أو%10 عن عدم وجود عقد التخصيص؛

10%عند بداية الأشغال؛

60% مقسمة على ثلاث مراحل وتؤدى حسب اتفاق الأطراف عند الانتهاء من أشغال إنجاز كل مرحلة:

  • مرحلة الأشغال المتعلقة بالأساسات على مستوى الطابق الأرضي؛
  • مرحلة الأشغال الكبرى لمجموع العقار؛
  • مرحلة الأشغال النهائية والحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة؛

20% عند إبرام عقد البيع النهائي وتسلم المفاتيح.

تعفى الإبراءات المؤداة عند عقد التخصيص وعقد البيع الابتدائي من رسوم التسجيل.

  • Ø وتفاديا للتضارب الذي كان يعرفه القانون رقم 44.00، بشأن أساليب الدفع تدخل المشرع بموجب القانون رقم 107.12، وحدد نسب الأقساط التي يتوجب على المشتري دفعها، والتي تكون تبعا لتقدم الأشغال المنجزة من لدن البائع.انظر(ي):
  • AMACHOU AARAB, La vente d’immeuble en l’état futur d’achèvement Analyse Théorique et critique, Mémoire Présenté pour l’obtention du diplôme de Master Droit et Immobilier et  Notarial, Université Cadi Ayyad, Faculté des Sciences Juridiques Economiques et Sociales Marrakech, Année Universitaire 2013/2014, P 67.
  • Abdelkébir Zeroual, La loi N°44.00 Relative A la Vente D’achèvement (VEFA) Et Le Droit Commun Des Obligation Et Contrats,  Publication du Centre Marocain des Etudes Juridiques, 2003, P 20/

[25]  أجاز المشرع في الفصل13- 618 من ق.ل.ع،  إمكانية تخلي المشتري عن حقوقه المترتبة عن بيع العقار في طور الإنجاز لشخص آخر، إلا أنه قيد هذا الحق بضرورة توفر بعض الشروط الإلزامية، تتمثل في ما يلي:

  • 1 يجب أن يتم هذا التخلي وفق الشكل والكيفية المقررين لعقد التخصيص أو لعقد البيع الابتدائي والمنصوص عليهما في الفصول3- 618 و3- 618 مكرر، و3 – 618 مكرر مرتين من ق.ل.ع.
  • 2 لا يسري هذا التخلي في مواجهة البائع إلا إذا بلغ به بإحدى الطرق المعتمدة قانونا.

للتوسع أكثر انظر(ي): إلياس العابوسي، الحماية القانونية لمشتري العقار في طور الإنجاز، المطبعة الوطنية الرباط، الطبعة الأولى2022.ص 65/66 وما يليها.

  • عبد الحفيظ مشماشي، بيع العقار في طور الإنجاز دراسة على ضوء القانون المغربي والمقارن، مطبعة الرشاد، سطات، الطبعة الأولى 2012، 214/215 وما يليها.

[26]  حكم عدد 1323 بتاريخ 23/07/2019، في ملف تجاري عدد 458/1201/2019 ، غير منشور.

[27] بوعبيد عباسي، تأملات حول حماية مشتري العقار في طور الإنجاز في ضوء التشريع والقضاء، أشغال الندوة العلمية الوطنية المنظمة عن بعد عبر الصفحة الرسمية لماستر القانون العقاري والتوثيق، بتاريخ 15 يوليوز 2020، تحت عنوان المستجدات التشريعية في المادة العقارية بالمغرب.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)