النقيب عبد الله درميش يحاضر بالرباط حول إنسانية مهنة المحاماة وقوامها وثوابتها
عبد الله ايت وكريم باحث بسلك الدكتوراه
جامعة محمد الخامس الرباط
بمناسبة الذكرى 25 لكلية الحقوق السويسي بالرباط نظم ماستر القانون المدني الاقتصادي في اطار برنامجه المتواصل “اللقاءات التاطيرية الشهرية” يوم امس الخميس 19 دجنبر 2019 محاضرة في موضوع “المحاماة- مهنة انسانية مثالية قوامها وثوابتها في اعرافها وتقاليدها وجماليتها في ادبياتها واخلاقياتها-” القاها نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء سابقا السيد عبد الله درميش، حضرها اساتذة جامعيين وقضاة ومحاميين الى جانب مهتمين من باقي الوظائف فضلا عن طلبة كليات الحقوق وذلك لما يحمله عنوان المحاضرة من ثقل خصوصا اذا علمنا ان ملقيها له من المناقب الشيء الكثير ومتمرس لازيد من50 سنة راكم خلالها تجربة متميزة تجعل من محاضرته عصارة للنصائح والتوجيهات والتوضيحات التي كلفته وقتا طويلا لتجميعها.
وقد افتتحت المحاضرة بتلاوة ايات بينات من الذكر الحكيم على لسان الدكتور عبدالرزاق الصبيحي، تلتها كلمة ترحيبية من المنسق البيداغوجي لماستر القانون المدني الاقتصادي الدكتور “عبد الرحمان الشرقاوي” بالحضور الكريم، وأشار باقتضاب قبل اعطاء الكلمة للمحاضر الى ورقة تعريفية عنه وعن مسيرته العملية والعلمية حيث التحق بمهنة المحاماة منذ 1968 الى اليوم استطاع خلالها الفوز بمقعد النقيب لثلاث مرات، عضو الهيئة منذ 1982…
مباشرة بعد ذلك اعطيت الكلمة للمحاضر استهلها بخواطر حول مهنة المحاماة، وبالرسالة الملكية لاتحاد المحامين العرب التي اعتبر فيها الملك المحاماة مهنة كريمة وانسانية،فالمحاماة مهنة ليست كباقي المهن فهي رسالة قبل ان تكون مهنة وصنعة وفن. وبذلك يكون المحامي الركيزة الاساسية في الدفاع عن كرامة الانسان التي تعتبر اولى الحقوق المعترف بها للانسان كما ان التشكيلة القضائية لا تكتمل في بعض القضايا الا بحضور المحامي.
وقد استدل في معرض حديثه عن مكانة المحاماة في الرد الذي تلقته جريدة “لو موند” الفرنسية من المرحوم الحسن الثاني عن سؤال المهنة التي كان سيختار لو لم يكن ملكا؟ فاجاب انه لو لم يكن ملكا لاختار ان يكون محاميا.
وفي ذلك دلالة كبيرة على شرف المهنة ونبلها، كما ان الملك محمد السادس من ضمن رؤساء الدول القلائل الذين قاموا بارتداء بدلة المحاماة، واخيرا فتكوين المحامي وانشغاله المتواصل في البحث عن حلول لمشاكل المجمتع جعلته يتقلد ارقى المناصب.
أما عن التنظيم القانوني للمهنة فقد أوضح النقيب عبد الله درميش ان القانون 28.08 و29.08 والقوانين الداخلية للهيئات ليست هي المحدد الاساسي لقواعد ممارسة مهنة المحاماة بل هي بمثابة الحد الادنى لكون المهنة مهنة اعراف وتقاليد بامتياز، وهذه الاخيرة لا تدرس ولا توجد بالمراجع المكتوبة بل هي نتيجة ممارسة فعلية لمهام المحاماة والتزام بما تعارف عليه المحامين واصبح ملزما لهم دون اجبار ولا تنصيص ويتلقاها الخلف من السلف ، وهي المناسبة التي استغلها المحاضر للتذكير بضرورة التشبث بهذه الاعراف والتقاليد والسعي بها للارتقاء ومحاولة تجنب اندثارها، كما اشار المحاضر الى وجود ادبيات واخلاقيات لمهنة المحاماة الا انها لا ترتقي الى مكانة الاعراف والتقاليد التي يعتبر الاخلال بها بمثابة الضوء الاخضر لانطلاق المسطرة التاديبية في حق المحامي المخالف.
كما عرج السيد النقيب للقسم المهني الوارد بالمادة 12 من القانون المنظم للمهنة رقم 28.08 جاعلا اياه بمثابة عقد ازدياد للمحامي المتمرن وان كل المتابعات التاديبية يكون سندها مخالفة القسم المهني الذي يأتي على صيغة:” أقسم بالله العظيم أن امارس مهام الدفاع والاستشارة بشرف وكرامة وضمير ونزاهة واستقلالية وانسانية، وأن لا احيد عن الاحترام الواجب للمؤسسات القضائية وقواعد المهنة التي انتمي اليها وأن احافظ على السر المهني وأن لا ابوح أو انشر ما يخالف القوانين والانظمة والاخلاق العامة، وأمن الدولة والسلم العمومي”.
أما عن البذلة فقد اعطي المحاضر لمحة تاريخية عنها وعن تاريخها ودلالة الوانها، فهي ذلك الزي الذي يوحد بين المحاميين دون تمييز بين المحامي المتمرن والمحامي الممارس والمحامي النقيب، في ابهى تنزيل لمبدأ المساواة. وهي من جهة عبارة عن سواد قاتم يعبر عن الاحزان والمشاهد المأساوية للشخص المنوب عنه، أما الجزء الابيض فهو دلالة على وجود الامل دائما، ومن جهة اخرى فبذلة المحامي فضفاضة دلالة على صبر وسعة صدر المحامي في الانصات لمشاكل المجتمع والبحث عن سبل لحلها او على الاقل التخفيف من حدتها.
كما توقف المحاضر عند السر المهني الذي اعتبره اهم شيء في المحاماة لذلك يطلق عليها مهنة السر المهني بامتياز، أما المحور الاخير فقد اشار فيه السيد النقيب لعلاقة المحامي وباقي المؤسسات كالقضاء والنقيب، فالقضاء والمحاماة جناحين لطير واحد وليست علاقة متشنجة كما يرى البعض من جانب، ومن جانب اخر فيعتبر النقيب اب المحامين يتم الرجوع اليه عند وجود اي صعوبة، كما احال المحاضر قبل ختم كلامه الى منشور 1979 الذي يعتبر اداة عمل يجب الاسترشاد بها في هذا الصدد لكل محام.
وقد تناول المنسق البيداغوجي للماستر الكلمة الاخيرة مقدما شكره على قبول المحاضر للدعوة، مع تقديم بعض الهدايا الرمزية له قبل ان يتم التقاط صورة جماعية رفقة السيد النقيب عبد الله درميش وبقية الحضور.