القضاء يأمر بنقل تلميذ من الخاص إلى العمومي دون “شهادة مغادرة”
في وقت رفضت عدد من المؤسسات التعليمية الخصوصية تسليم شهادة المغادرة للتلاميذ الذين يرغب أولياؤهم في تسجيلهم في مدارس التعليم العمومي، مشترطة ضرورة أداء واجبات الشهور التي توقفت فيها الدراسة خلال فترة الحجر الصحي، أمرت محكمة مغربية بتسجيل تلميذ في مدرسة أخرى رغم عدم حصوله على شهادة المغادرة من المدرسة الخاصة التي كان يدرس بها.
رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش، بصفته قاضيا للأمور المستعجلة، أصدر أمرا هو الأول من نوعه، يلزم مديرة مؤسسة تعليمية خصوصية بتسليم تلميذ يدرس في التعليم الابتدائي شهادة المغادرة، وفي حال امتناعها فإن الأمر الذي أصدره يُصبح بمثابة إذن لوالد التلميذ بتسجيله في مدرسة أخرى.
وصدرت عشرات الأحكام القضائية التي حكمت لصالح أولياء تلاميذ يدرس أبناؤهم في مدارس القطاع الخاص بالحصول على شهادات المغادرة، لكنّ المدارس المحكوم ضدّها ترفض تنفيذ هذه الأحكام، ما جعل أولياء التلاميذ يرضخون لمطلبها بأداء واجبات التمدرس الخاصة بفترة الحجر الصحي التي توقفت فيها الدراسة الحضورية.
ويأتي الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش ليعلي حق الأطفال في متابعة دراستهم على أي اعتبارات أخرى، إذ فسح الطريق أمام التلميذ الذي رفع والده دعوى ضد إدارة المدرسة التي كان يدرس فيها لكي يسجل في مدرسة أخرى، حتى في حال امتناع مدرسته السابقة عن تمكينه من شهادة المغادرة، أو تعذّر عليه الحصول عليها.
وكان والد التلميذ المعني، الذي يتابع دراسته في المستوى الابتدائي، تقدم بمقال افتتاحي إلى المحكمة الابتدائية بمراكش، يوم 27 يوليوز الماضي، جاء فيه أن ابنه يدرس في مدرسة خاصة، وأنه طلب من إدارتها أن تمكنه من شهادة المغادرة وبيانات النقط والشهادة المدرسية الخاصة بابنه وكتبه ولوازمه المدرسية، إلا أنها امتنعت عن تسليمها إليه.
وعلل الأب رغبته في نقل ابنه إلى مؤسسة تعليمية أخرى بكونه يريده أن يتابع دراسته بما يتوافق والمستوى التعليمي والتربوي الذي يطمح إليه، ويتوافق مع إمكانياته المادية في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد، وما خلفه من آثار سلبية على الحياة المادية والمعيشية للأسر.
وطالب المدّعي الحكم على المدّعى عليها بتسليمه شهادة المغادرة التي تخص ابنه وكذا شواهده المدرسية وبيانات النقط برسم الموسم الدراسي المنقضي؛ فيما قالت المدّعى عليها إنها لم تمانع في تسليم المدّعي الوثائق المتعلقة بابنه، وإنه لم يُدل بما يفيد رفضها تمكينه من الوثائق المطلوبة.
وتضيف المدّعى عليها أن والد التلميذ سلَك طريق رفع دعوى قضائية ضدها من أجل تفادي أداء ما بذمته من واجبات تمدرس ابنه عن فترة محددة، وأن تسلُّم الوثائق التي يطلبها يقتضي حضوره لدى إدارة المدرسة قصد التوقيع في السجلّات الخاصة بتسلم الوثائق، مطالبة المحكمة برفض طلب المدّعي، والإشهاد عليها باستعدادها لتسليم الوثائق المطلوبة إليه.
وبعد التداول في القضية، اعتبر رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش، أن ما تمسّكت به المدّعى عليها من عدم أداء المدّعي واجبات تمدرس ابنه “في غير محلّه، خاصة أن المشرّع أوجد مساطر قانونية وقضائية يتعيّن على المدعى عليها اتباعها لاقتضاء حقها من المدّعي، دون حرمان الابن من أهم حقوقه الدستورية، ألا وهو حق التمدرس”.
وغلّبت المحكمة المصلحة الفضلى للطفل ابن المدّعي، مستندة إلى الفصل الثاني والثلاثين من الدستور، الذي نص على أن التعليم الأساسي للطفل واجب على الأسرة والدولة، والقانون المتعلق بإلزامية التعليم الأساسي، الذي ينص على أن التعليم الأساسي حق وواجب لجميع الأطفال المغاربة ذكورا وإناثا البالغين 6 سنوات.
واستندت المحكمة كذلك إلى مبادئ الطفل التي ضمنتها له جميع المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، “والتي لا يمكن أن تُنتهك من أي طرف كان”، لتصدر أمرا مشمولا بالتنفيذ المعجل بقوة القانون، يُلزم المدّعى عليها بتمكين المدعي من سحب شهادة المغادرة والملف المدرسي بجميع مرفقاته الخاصة بابنه، “من أجل تسجيله في مؤسسة تعليمية أخرى؛ وفي حال امتناعها أو تعذّر ذلك، اعتبارُ هذا الأمر بمثابة إذن للمدعي بتسجيل ابنه في مؤسسة تعليمية أخرى”.
هسبريس
للتحميل المرجوا الضغط على الرابط أسفله: