العلمي الحراق: إشكالات توثيقية يجب حسمها في التعديل المرتقب لمدونة الأسرة
د. العلمي الحراق عدل بدائرة محكمة الاستئناف بالرباط .
إشكالات توثيقية يجب حسمها في التعديل المرتقب لمدونة الأسرة[1]
ما من شك في أن تطبيق مدونة الأسرة وتنزيلها على أرض الواقع قد أفرز إشكالات نظرية وعملية على كل الأصعدة والمستويات؛ بسبب عدم دقة بعض المقتضيات وعمومها، وبسبب سوء فهم بعضها وتطبيقها، وظاهر من عنوان المقال أنني سوف لا أتطرق فيه إلى الإشكالات المتعلقة بزواج القاصرات وزواج التعدد والحضانة على الأولاد وغيرها مما تكفل بالبحث فيها باحثون آخرون، ولكني سأركز فقط على الإشكالات المتعلقة بالإشهاد والتوثيق أو المرتبطة بهما.
ومعلوم أن لقواعد التوثيق والإثبات أهميتها الخاصة في المعاملات العقارية والأسرية وغيرها، إذ الحق يبقى بدون قيمة إذا لم يكن موثقا بإحكام وإتقان، ويظل بدون جدوى إذا لم يكن له ما يثبته كما يجب، فتوثيق الحق وإقامة الحجة عليه وفق الطريقة المثلى هو صلب وجوده وحقيقة وقوعه، والحق بدون توثيق وإثبات كما يتعين يصبح عند الخصام والنزاع كأنه غير موجود، وبالتالي فإن لهذه الإشكالات انعكاسات سلبية وآثار نفسية ومادية على حقوق جميع المغاربة داخل أرض الوطن وخارجه، والاهتمام بها والتفكير فيها، هو اهتمام بحقوق أفراد الأسرة والمجتمع ككل، وحسمها وإيجاد حلول لها في التعديل المرتقب لمدونة الأسرة؛ هو ترسيخ للأمن التعاقدي؛ واستتباب للأمن النفسي والاطمئنان الروحي داخل الأسرة، وفي نفس الوقت هو تحقيق للأمن التوثيقي تجاه ممارسي المهام التوثيقية.
من هاهنا تأتي أهمية هذا المقال الذي أريد أن أسهم به في النقاش الدائر حول التعديلات المرتقبة بشأن مدونة الأسرة، بعد الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش الماضي؛ ويروم المقال معالجة مجموعة من الإشكالات التوثيقية بهدف تجاوزها وإيجاد حلول مناسبة لها مستقاة من الواقع العملي ويقترح تصويبات وإضافة فقرات ومقتضيات جديدة في مواد المدونة يراها كفيلة بحسم مجموعة من الاختلافات العملية لدى الممارسين على اختلاف أنواعهم وفئاتهم؛ والتي يترتب عنها حدوث مشاكل لأفراد الأسرة؛ والزيادة في حقوقهم الإرثية أو النقص منها.
وهذه الإشكالات متنوعة ومختلفة منها ما يتعلق بالزواج والطلاق؛ ومنها ما يتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية، ومنها ما يتعلق بالوصايا والميراث.
أولا – إشكالات في كتابي الزواج والطلاق:
1- حذف اللبس من الفقرة الثانية من المادة 10 والمادة 14 من المدونة، بحيث يجب النص صراحة على العدلين بدل الشاهدين، لأن الشاهدين لفظ عام يشمل الشاهدين من عامة المسلمين كما أنه قد يشمل العدلين، والمدونة نفسها عبرت في المادة 14 ب “شاهدين مسلمين” والمقصود بهما شاهدان من عموم المسلمين، بينما المقصود ب”الشاهدين” في المادة 10 العدلين الموثقين لعقد الزواج، ورفعا لهذا الخلط يجب التعبير ب”العدلين” بدل الشاهدين .
وبالتالي فإن المادة 10 ينبغي أن تعدل فتصبح على الصيغة التالية: ” ينعقد الزواج بإيجاب …
يصح الإيجاب والقبول من العاجز عن النطق بالكتابة إن كان يكتب، وإلا فبإشارته المفهومة من الطرف الآخر ومن العدلين.”
2- نصت المادة 13 من المدونة على شروط عقد الزواج وجعلت منها في الفقرة 4 سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه، ولم تنص فيها على أن هذا السماع يجب أن يكون في مجلس واحد كما كان سابقا، مما سبب اختلافا في العمل والتطبيق، فالبعض يرى –وأنا منهم- أنه ما دام أن المدونة أسقطت فقرة ” حضور شاهدين عدلين سامعين في مجلس واحد الإيجاب والقبول …” التي كانت موجودة في الفصل 5 من مدونة الأحوال الشخصية السابقة، فمعناه أنه يمكن للعدلين سماع الإيجاب والقبول من الزوجين في مجلسين متفرقين، بمعنى إمكانية تطبيق التلقي الفردي في الزواج طبقا لمقتضيات المادة 27 من القانون رقم 16.03 المتعلق بالتوثيق العدلي[2]، يتأكد هذا الفهم بما نصت عليه المادة 11 من المدونة في الفقرة 2 من أن الإيجاب والقبول يجب أن يكونا متطابقين وفي مجلس واحد ولم تنص على حضور العدلين في هذا المجلس.
وقد يقول قائل بأن الفقرة 2 المذكورة ” متطابقين وفي مجلس واحد” كافية في التدليل على أن تلقي العدلين لعقد الزواج وتوثيقه بجب أن يكون في مجلس واحد، على اعتبار أنهما من يشهد بهذا التطابق وأنهما إذا لم يكونا حاضرين سامعين وفي مجلس واحد، فلا إيجاب ولا قبول ولا تطابق، أقول بأن هذه العبارة غير كافية في التدليل على ذلك، لأن المقتضى القانوني بهذه الحمولة الشرعية والفقهية والتاريخية يحتاج إلى نص صريح وواضح وقوي بشكل لا يدع مجالا للشك.
والتطابق قد يتحقق بفهم القابل للإيجاب الموجه إليه وإعلان قبوله كما هو ولو بدون حضور العدلين، مع العلم أن المجلس الواحد لعقد الزواج حسب الصيغة القديمة غالبا ما كان لا يتحقق لأن العدلين كانا وما زالا ينتقلان إلى مكان آخر غير مكان مجلس العقد لسماع الإيجاب أو القبول من الزوجة، وقد يكون المشرع أراد تغيير هذه الصيغة القديمة بصيغة أخرى لتتوافق وتواكب المستجدات، كما يتعزز الفهم المذكور أيضا بكون المدونة لم تنص أصلا على جعل الزواج – الذي يتم بدون إشهاد وتوثيق العدلين للعقد – فاسدا لعقده كما فعلت في الحالات الأخرى المنصوص عليها في المادة 60 من المدونة.
بينما البعض الآخر يرى أن حضور العدلين وسماعهما الإيجاب والقبول في مجلس واحد من شروط الزواج تمسكا بظاهر المادة 13 على علتها والمادة 11، وكما هو مقرر في المذهب المالكي.
وحسما لهذا الاختلاف في الفهم فإنه يجب على المشرع التدخل بنص صريح لحسم هذا الإشكال. ومعلوم أنه عند إثارة النزاع في الموضوع أمام القضاء فإن كل الأطراف ستتضرر بمن فيهم الزوج والزوجة والأسرة بصفة عامة.
لذلك ومن أجله فإن الفقرة 4 من المادة 13 ينبغي أن تغير وتصبح على نحو من الصيغة التالية: ” …
– سماع العدلين وفي مجلس واحد التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه …”.
3- نصت المادة 14 من المدونة على شرط حضور شاهدين مسلمين لزواج المغاربة المقيمين بالخارج المبرم وفقا للإجراءات الإدارية المحلية لبلد إقامتهم، وهذا الشرط يطرح عدة إشكالات توثيقية عملية يعاني منها مغاربة العالم، كما يعاني منها الموظفون المكلفون بمهام العدول بالسفارات والقنصليات المغربية بالخارج، فهل المقصود بالشاهدين الرجلين فقط؛ أو يمكن أن يكونا امرأتين أو رجل وامرأة؟ وهل حضور الشاهدين للزواج أمام جهة التوثيق الأجنبية أو حضور حفل الزواج؟ أو المقصود بالحضور حصول العلم للشاهدين بكون الزوجين متزوجان بالخارج؟، وهل يمكن لعدلي السفارة أو القنصلية؛ أو لعدلين بإحدى المحاكم المغربية توثيق ملحق لعقد الزواج بالشاهدين المذكورين؟.
وإذا كانت بعض المناشير والدوريات قد أوجدت حلولا لبعض هذه الأسئلة على كل حال؛ فإن إشكال قبول شهادة المرأة وإمكانية تلقي وتحرير الملحق المذكور من طرف العدول العاملين داخل أرض الوطن ما زالا مطروحين لحد الآن؛ وأن مغاربة العالم حينما يدخلون أرض الوطن ويريدون توثيق الملحق بشاهدين مسلمين على زواجهم المبرم بالخارج وفقا لبلد إقامتهم؛ أمام السادة العدول؛ فإنه لا يستجاب لطلبهم، بحجة أن المدونة لم تنص على تخويل حق توثيق هذا الملحق للعدول داخل أرض الوطن، وعلى مغاربة الخارج أن يعودوا إلى الخارج من أجل إنجاز هذا الملحق أمام المكلفين بمهام العدول بالخارج؛ مع أن هؤلاء المكلفين إنما يقومون مقام العدول المزاولين داخل أرض الوطن.
ولحل هذه الإشكالات يجب النص صراحة في المادة 14 على حسم ذلك كله، ومن أجله فإنه يمكن إضافة فقرة في هذه المادة مفادها أو صيغتها على نحو من الآتي: ” إذا لم يحضر الشاهدان المسلمان أو الشاهدتان المسلمتان زواج بلد الإقامة أثناء تحريره، يمكن لعدلي السفارة أو القنصلية أو لعدلين منتصبين بدائرة إحدى المحاكم المغربية توثيق ملحق لعقد الزواج بالشاهدين المسلمين الحاضرين حين تحريره أو العالمين بوقوعه “.
4- وعلاقة بالمادة 14 أعلاه؛ فإن بعض الدول الأجنبية –كألمانيا- لا تعترف أصلا بعقود الزواج المبرمة بمصالح التوثيق بالسفارات والقنصليات المغربية بالخارج، وتحتج على جاليتنا بكون مدونة الأسرة المغربية لا تنص على أنه يمكن للمغاربة المقيمين بالخارج إبرام عقود زواجهم أمام هذه المصالح، وأنه لكي تقبل هذه العقود يجب عليهم إما إبرامها على يد العدول داخل أرض الوطن طبقا لأحكام ومقتضيات المدونة، أو إبرامها وفقا لإجراءات المحلية لبلد إقامتهم بالخارج طبقا للمادة 14 المذكورة.
ولحل هذا الإشكال أيضا يجب النص صراحة على ذلك في المادة 16 من المدونة؛ كأن تصبح صياغتها على النحو التالي: ” تعتبر وثيقة عقد الزواج المبرمة لدى العدلين داخل أرض الوطن أو لدى مصالح التوثيق بسفارات وقنصليات المملكة بالخارج، الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج”.
5- وأخذا بمبدأ رسمية العقود المنصوص عليه في المادة 4 من مدونة الحقوق العينية، والعمل على انسجام النصوص القانونية بعضها مع بعض، فإنه يجب:
– النص في المادة 17 من المدونة المتعلق بالوكالة على الزواج على وجوب تحريرها في وثيقة رسمية، أو في محرر ثابت التاريخ، لأن الوكالة العرفية التي تحرر كيفما اتفق غالبا ما تتعرض لعدم القبول لكونها تكون لا تتوفر على الشروط المنصوص عليها في المادة 17، ولا سيما بالنسبة لأفراد الجالية بالخارج حيث إنهم من أجل تحريرها والمصادقة عليها بالقنصليات يقطعون مسافات طويلة، ثم بعد المصادقة يرسلونها إلى داخل أرض الوطن في مدة زمنية معتبرة، وفي الأخير يتم رفضها بسبب افتقادها للشروط المتطلبة قانونا؛ وفي ذلك من الضرر عليهم ما لا يخفى.
– النص في المادة 23 على “وثيقة رسمية” بدل “تعهد رسمي”، لأن كلمة تعهد هذه كلمة غير توثيقية.
– النص في المادة 49 المتعلقة بتدبير الأموال المكتسبة خلال الحياة الزوجية، على وجوب تحريرها في وثيقة رسمية مستقلة أو في محرر ثابت التاريخ، لأنها في الغالب ستتعلق بالعقار وما يرتبط به.
6- انسجاما مع أحكام ومقتضيات المادتين 13 و16 المشار إليهما أعلاه، فإنه يتعين النص في المادة 61 من المدونة على أن الزواج يكون فاسدا لعقده إذا تم دون حضور العدلين وتوثيقهما له طبقا لأحكام ومقتضيات هذه المدونة، لأنه لا يعقل وليس من المنطق في شيء أن ينص القانون على أن توثيق الزواج شرط في عقده؛ وأنه الوسيلة المقبولة لإثباته، ثم إذا تخلف هذا الشرط يعتبر العقد صحيحا وكأنه لم تقع أي مخالفة شرعية أو قانونية.
7- تدقيق صياغة المادة 65 من المدونة فيما يخص إسناد الاختصاص في تلقي عقد الزواج وتوثيقه للعدلين المنتصبين للإشهاد بدائرة المحكمة الابتدائية التي أصدرت الإذن بتوثيق الزواج، لأن صياغة المادة الحالية تعطي الإمكانية لتوثيق عقد الزواج ولو كان العدلان منتصبين بدائرة محكمة ابتدائية أخرى، وتتعزز هذه الإمكانية بما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 67، من حيث إنها أوجبت الإشارة في وثيقة الزواج إلى رقم ملف مستندات الزواج والمحكمة المودع بها، أي أنه يمكن أن يصدر إذن بتوثيق عقد الزواج بمحكمة، وتوثيقه يكون بمحكمة أخرى، فقط يجب الإشارة إلى رقم ملف مستنداته والمحكمة المودع بها.
مع أنه لا معنى لحصر الاختصاص المكاني في الزواج والطلاق لعدول دائرة المحكمة الابتدائية؛ والحال أن العدول أصبحوا يعينون منذ سنة 2006 على صعيد دوائر محاكم الاستئناف، كما أن المشروع الحالي لقانون التوثيق العدلي – وحسب النسخة المتداولة بين السادة العدول- ينص على توسيع دائرة اختصاص العدول وجعلها على صعيد دائرة محكمة الاستئناف؛ بل وفي بعض عقود العقار على صعيد الوطن كله، ولذلك فإنه لا معنى لأن يبقى الاختصاص في الزواج والطلاق على صعيد دوائر المحاكم الابتدائية، لا سيما وأن العديد من المدن المغربية أصبحت مندمجة ترابيا مع بعضها البعض، ويصعب التفريق بين تراب هذه وتلك؛ كمدينة الرباط مع مدينة تمارة، والدار البيضاء مع المحمدية.
غير أنه يجب النص في هذه الحالة على وجوب أن يشعر الطرف الذي أوقع الطلاق الطرف الآخر بكونه أوقع الطلاق وأن وثيقته رهن إشارته لدى مكتب العدلين الموثقين له، وذلك فيما إذا كان الطلاق رجعيا أو مملكا.
8- ينبغي تعديل المادة 69 من المدونة وحصر حق تسليم عقود الزواج للعدلين الموثقين لها دون غيرهم، ويمكن إعادة صياغة المادة لتصبح على النحو التالي: ” يسلم أصل وثيقة عقد الزواج للزوجة من طرف أحد العدلين الموثقين له، ونظير منها للزوج فور الخطاب عليه”، لأن صيغة المادة الحالية تعطي الحق لغير العدلين في تسليم عقود الزواج للأزواج، وهذا لا يجوز عقلا ومنطقا وعرفا، مع تغيير عبارة رسم عقد الزواج بوثيقة عقد الزواج لقوتها في التعبير عن المقصود؛ ولأن لفظة رسم مشتركة، فقد تطلق على الرسم القضائي والرسم الجبائي، وقد تطلق على الشكل والخط.
9- إذا تعلق الأمر بالطلاق الرجعي سواء كان قبل البناء أو بعده؛ فيجب النص في المادة 87 على أن الزوجة إذا حضرت مجلس الإشهاد بالطلاق لدى عدلين أشير في وثيقة الطلاق إلى حضورها وتسجيل تصريحاتها؛ وأنه إذا لم تحضر استغني عن حضورها، ويكتفى بحضور الزوج، لأننا أمام طلاق بزعم الزوج وقد أدى ما أمرت به المحكمة داخل الأجل المحدد له، والحق أن العبرة هنا بحضور الزوج وهو الذي يتصور منه الرجوع عن طلاقه بعد إذن المحكمة بتوثيق طلاقه، لكن الزوجة في بعض الحالات قد تتراجع عن تصريحاتها السابقة وتدعي عكسها في شكايتها، وذلك كما إذا طلقها الزوج بعد البناء بها، لكنها تدعي أنه لم يدخل بها قط، والواقع العملي لدى أقسام قضاء الأسرة، يسجل اختلافا في التعاطي مع هذا النوع من الطلاق، ولا سيما في حالة الطلاق قبل الدخول.
حيث إن بعض السادة العدول يفضلون الابتعاد عن توثيق هذا الطلاق خوفا من المتابعة والتشكي من طرف الزوجة التي قد تدعي عكس ما في الوثيقة، والشكايات المثارة في هذا الصدد شاهدة على ذلك، وبعضهم الآخر يغامر ويوثقه مع ما في الأمر من احتمال مؤاخذتهما والتشكي بهما، وحجتهم في ذلك أنهم يتمسكون بمنطوق الإذن القضائي بالتوثيق.
وتوحيدا للعمل التوثيقي ورفعا لهذا الاختلاف ينبغي النص صراحة في المادة 87 المذكورة على أن حضور الزوجة أمام الهيئة القضائية يغني عن حضورها لدى العدلين، وأن الطلاق يقع صحيحا ولو لم تحضر لدى العدلين الموثقين للطلاق.
ويجري العمل على أن بعض المطلقين لا يشعرون المطلقة الغائبة عن مجلس الإشهاد بالطلاق، بكونه أوقع الطلاق بالفعل، كما أنه لا يشعرها بعنوان مكتب العدلين الموثقين من أجل أن تحوز أصل وثيقته؛ فتبقى تبحث بين مكاتب العدول عن طلاقها هل وقع أم لم يقع؟ ومن أين ستتسلم وثيقته؟؛ وفي ذلك من الضرر على المرأة ما لا يخفى.
لذلك ومن أجله؛ فإنه يمكن أن نقترح صياغة للمادة 87 على النحو التالي: “بمجرد إيداع الزوج المبلغ المطلوب منه، تأذن له المحكمة بتوثيق الطلاق لدى عدلين داخل نفوذ محكمة الاستئناف المعينين بدائرتها.
إذا حضرت الزوجة مجلس الإشهاد بالطلاق لدى العدلين أشير في وثيقة الطلاق إلى حضورها وتصريحاتها؛ وإذا لم تحضر استغني عن ذلك.
يتعين على المطلق إشعار المطلقة بكونه أوقع الطلاق وأن أصل وثيقته رهن إشارتها بمكتب العدلين الموثقين له.
يقوم القاضي …”
10- أيضا لم تنص المادة 89 من المدونة صراحة على الاستغناء عن حضور الزوج في مجلس الإشهاد على الطلاق المملك؛ واكتفت في ذلك بالنص على أن المحكمة تأذن للزوجة بالإشهاد على الطلاق، مما ترتب عن ذلك ارتباك في التطبيق العملي لدى أقسام قضاء الأسرة بين السادة العدول، فمنهم من يشترط حضور الزوج في مجلس الإشهاد بالطلاق وموافقته وتوقيعه على الطلاق، وذلك خوفا من الوقوع تحت طائلة أي متابعة أو الخضوع ضحية شكاية من طرفه، ومنهم من يتجرأ ولا يشترط حضوره، وحجتهم أيضا الإذن القضائي بالتوثيق، ولأن العبرة هنا بحضور الزوجة وهي التي يتصور منها الرجوع عن تنفيذ طلاقها بعد إذن المحكمة بتوثيقه.
وأحيانا تصبح المطلقة التي مارست حقها في الطلاق المملك متهمة بجناية المشاركة في تزوير محرر رسمي؛ كما أن العدلين اللذين وثقا لها هذا الطلاق يتهمان بجناية تزوير محرر رسمي؛ بسبب شكاية الزوج الذي يعتقد بأن حضوره لدى العدلين ضروري ومؤكد، وإلى أن تبت الجهات القضائية في هذه الشكاية تبقى المطلقة والعدلان في حالة نفسية سيئة، كانوا في غنى عنها لو كان النص القانوني صريحا وواضحا.
وتحقيقا للأمن التعاقدي والتوثيقي؛ وحماية لكل الأطراف من كل تهمة أو متابعة، يجب النص في المادة المذكورة على أن الزوج إذا لم يحضر في مجلس الإشهاد بالطلاق المملك استغني عن حضوره.
ويمكن إضافة فقرتين أخيرتين بالمادة 89 تكون صيغتها على النحو التالي: “إذا حضر الزوج مجلس الإشهاد بالطلاق لدى العدلين أشير في وثيقة الطلاق إلى حضوره وتصريحاته؛ وإذا لم يحضر استغني عن ذلك.
يتعين على المطلقة إشعار المطلق بكونها أوقعت طلاقها المملك وأن نظير وثيقته رهن إشارته بمكتب العدلين الموثقين له”.
11- بخلاف ما ذكر أعلاه في المادة 87 و89 فإنه يجب النص صراحة في المادة 114 و 115 من المدونة على وجوب حضور الزوجين لدى العدلين في مجلس الإشهاد بالطلاق الخلعي والاتفاقي، لأن المحكمة إنما تأذن للزوجين بتوثيق طلاقهما الخلعي أو الاتفاقي ولا تعفي أحدهما من الحضور لدى العدلين للتوقيع على الطلاق، ولأن العبرة في هذين النوعين من الطلاق حضور الزوجين معا لدى العدلين والإشهاد عليهما وتوثيق التزام كل طرف في مقابل التزام الطرف الآخر، وكل منهما يتصور فيه الرجوع عما صرح به لدى المحكمة، ولأنه بإمكان الزوجة التي لم تحضر أثناء توثيق الطلاق الخلعي لدى العدلين أن تدعي أنها – بعد خروجها من المحكمة والإذن لزوجها بتوثيق الطلاق ندمت وتراجعت عن خلعها أو اتفاقها مع زوجها، وبالتالي فإنها لم تحضر لإتمام طلاقها مع زوجها؛ تدعي وتقول أنا لم أحضر لديهما ولم أنفذ ما التزمت به أمام المحكمة، وأن العبرة بالإشهاد وتوثيق الطلاق لدى العدلين، وليس للتصريحات التي تمت في قاعة الجلسات بالمحكمة، وأقسام قضاء الأسرة والمحاكم المغربية تعج بهذا النوع من القضايا والمشاكل[3].
وحسما لكل ذلك يجب النص صراحة في المادتين 114 و115 على وجوب حضور الزوجين معا لدى العدلين من أجل توثيق طلاقهما الخلعي أو الاتفاقي.
ومن ثم فإنه ينبغي إضافة فقرة أخيرة في المادتين 114 و115 مفادها أنه: ” يمنع على العدلين تلقي وتوثيق الطلاق إلا بحضور الزوجين معا أو وكيليهما وتوقيعهما لديهما على الطلاق.”
12- نصت المادة 139 من المدونة على بعض بيانات وثيقة الطلاق واقتصرت فقط على أربع منها، في حين أنه يجب النص على البيانات الأساسية العامة والخاصة الأخرى، وذلك مثلما فعلت المدونة في المادة 67 بخصوص وثيقة عقد الزواج.
ويمكن أن نقترح في صياغتها ما يلي:
” يجب النص في وثيقة الطلاق على البيانات الأساسية ولا سيما ما يلي:
-الإشارة إلى مراجع إذن المحكمة بتوثيق الطلاق وتاريخ صدوره.
-هوية كل من المتفارقين وجنسيتهما ومحل سكناهما؛ وبطاقتيهما الوطنية للتعريف؛ أو ما يقوم مقامهما؛
-الإشارة إلى تاريخ عقد الزواج، وعدده؛ وصفحته بالسجل المشار إليه في المادة 68 أعلاه؛
-نوع الطلقة والعدد الذي بلغت إليه؛
– اسما العدلين الموثقين للطلاق.
-خطاب القاضي مع توقيعه وطابعه.
13- نصت المادة 140 من المدونة على أن: “وثيقة الطلاق حق للزوجة، يجب أن تحوزها خلال خمسة عشر يوما الموالية لتاريخ الإشهاد على الطلاق، وللزوج الحق في حيازة نظير منها”، وكأن المشرع يخاطب الزوجة أو المطلقة بوجوب حيازتها لوثيقة الطلاق داخل الأجل المحدد، في حين أن الخطاب يجب أن يوجه إلى العدلين الموثقين للطلاق، فهما المعنيان بوجوب تحرير وثيقة الطلاق ، وعليهما تسليم أصل الوثيقة إلى المطلقة داخل الأجل القانوني المحدد، ونظير ا منها إلى المطلق، ولذلك فإنه يجب تعديل صياغة المادة بهذا المعنى والمبنى.
وبالتالي فإن صياغة هذه المادة ينبغي أن تصبح على نحو من الصيغة التالية: “يسلم العدل أصل وثيقة الطلاق إلى المطلقة ونظيرا منها إلى المطلق داخل أجل خمسة عشر يوما الموالية لتاريخ الإشهاد على الطلاق”.
ثانيا- إشكالات في كتاب الأهلية والنيابة الشرعية:
14- سكوت المدونة عن تصرفات النائب الشرعي نيابة عن محجوره بالبيع أو الشراء أو غيرهما من التصرفات، إذا كان هذا النائب أبا أو أما؛ أربك العمل التوثيقي منذ بداية العمل بها سنة 2004؛ من حيث إن هذا الأب أو الأم في حالة عدم وجوده يخضع للمراقبة القضائية القبلية أو لا يخضع، وعمل أقسام قضاء الأسرة في هذا الصدد يختلف في الكثير من التطبيقات المرتبطة بهذا الإشكال، فبعضها يعتبر أن للأب أو للأم -في حالة عدم وجوده- أن يتصرف في أموال منوبه بكل أنواع التصرف من بيع أو شراء أو كراء دون إذن من المحكمة أو القاضي المكلف بشؤون القاصرين، وبعضها الآخر ما زال يطالب الأم بهذا الإذن والقيام ببعض الإجراءات الأخرى كتعيين الخبير و… كما أن بعضها ما زال يعين الأم كمقدم على ولدها، وهذا الإشكال يسبب في الكثير من الأضرار والمصاريف الإضافية للمحجور كان في غنى عنها لو كان النص القانوني صريحا حاسما لا لبس فيه.
ورفعا لهذا الاختلاف وتوحيدا لمناهج العمل لدى كل أقسام قضاء الأسرة، يتعين أن ينص قانونا وبشكل صريح على حسم هذا الأمر،
ولكي يكون النص واضحا وحاسما؛ يمكن أن تضاف فقرة في بداية المادة 171 وفق الصياغة التالية: ” للنائب الشر عي إذا كان أبا أو أما في حالة عدم وجود الأب بسبب وفاته أو غيابه أو فقدانه للأهلية أو بغير ذلك، أن يقوم بكل تصرف نافع لمحجوره – ما عدا رهن عقاره مراعاة لما هو منصوص عليه في مدونة الحقوق العينية- دون إذن من المحكمة أو القاضي المكلف بشؤون القاصرين.”
15– وعلاقة بالموضوع نفسه؛ تنص المدونة في المادة 275 على أن: “قسمة مال المحجور المشترك مع الغير تتم بتقديم مشروعها على المحكمة التي تصادق عليها بعد أن تتأكد عن طريق الخبرة من عدم وجود حيف فيها على المحجور”.
ولم تبين المدونة هل المعني بهذه المقتضيات مطلق النائب الشرعي؟، أي سواء كان هذا النائب أبا أو أما عند عدمه؛ أو أن الأمر يتعلق فقط بالوصي والمقدم؟، على اعتبار أن هذين الأخيرين هما من تفرض عليهما المدونة الحصول على إذن القاضي من أجل القيام ببعض التصرفات نيابة عن المحجور.
مع العلم أن المدونة لم تنص على منع الأب – أو الأم عند عدمه – من التصرف في مال محجوره بالبيع ولا بغيره من التصرفات الأخرى كما فعلت بالنسبة للوصي والمقدم في المادة 171 منها؛ وعدم تنصيصها هذا يعني ببساطة شديدة وجوب الرجوع إلى الفقه المالكي تطبيقا لأحكام ومقتضيات المادة 400 منها؛ الشيء الذي يفضي إلى العمل مباشرة بأحكام المذهب المالكي التي لا تقرر أي رقابة قضائية قبلية على تصرف الولي في مال محجوره بالتصرفات المشار إلى بعضها بما فيها قسمة مال محجوره المشترك مع الغير.
حيث إنه برجوعنا إلى المذهب المالكي نجد أن القسمة الرضائية تعتبر بيعا على القول المشهور إذا تمت بعد التعديل والتقويم؛ وإذا تمت بدون تعديل ولا تقويم فإنها تعتبر بيعا بلا خلاف يذكر[4]. ومعنى هذا أنه ينطبق على قسمة مال المحجور المشترك مع الغير ما ينطبق على بيعه من أحكام.
و الفقه المالكي يقرر على أن للولي الأب أن يجري القسمة في مال ولده المحجور من دون أن يتوقف في ذلك على أي إذن قضائي قبلي؛ بل إن من فقهاء المذهب – منهم الفقيه ابن رحال [5]– من يرى أن له الحق في التصرف بالقسمة في مال محجوره حتى ولو قاسم المال المشترك مع نفسه؛ إلا أن تظهر منه محاباة ببينة، فللولد ردها حين يرشد؛ وللقاضي فسخها ونقضها إن اطلع عليها.
وإذن لا يستقيم أن تجيز المدونة للأب أو للأم عند عدمه بيع عقار محجوره دون رقابة قضائية قبلية، ولا تجيز له قسمة هذا العقار، مع أن البيع أخطر من القسمة.
وكثير من الآباء والأمهات بصفتهم نوابا شرعيين عن محاجيرهم عندما يريدون إبرام عقود مقاسمة أموال أولادهم المشتركة مع الغير، وعند ما يعلمون بأن هذه المقاسمة تتم بتقديم مشروعها إلى المحكمة بما يترتب عن ذلك من تعيين خبير والقيام بالإجراءات اللازمة لذلك، ومن مصاريف مالية إضافية، يفضلون اللجوء إلى بيع حقوق محاجيرهم في الشياع، وذلك هروبا من هذه الإجراءات والمصاريف.
وأخذا بذلك كله، يمكن أن تصبح المادة 275 المذكورة وفق الصياغة التالية: “قسمة مال المحجور المشترك مع الغير – إذا لم يكن للمحجور أب أو أم- تتم بتقديم مشروعها على المحكمة التي تصادق عليها بعد أن تتأكد عن طريق الخبرة من عدم وجود حيف فيها على المحجور”.
ثالثا- إشكالات في كتابي الوصية والميراث:
16– ينبغي تغيير مقتضيات شكل عقد الوصية بعقار لينسجم مع مبدأ رسمية العقود المنصوص عليه في القوانين الأخرى، ولا سيما المادة 4 من مدونة الحقوق العينية، ويتعلق الأمر بتعديل المادة 296 والمادة 303، بحيث يجب النص فيهما على أنه إذا تعلقت الوصية بعقار أو إجازة الوصية – المتوقفة على إجازة الورثة- بعقار فيجب تحريرها بواسطة وثيقة رسمية أو بمحرر ثابت التاريخ.
ولأجل ذلك يمكن إضافة فقرة أخيرة في المادة 296 مفادها: “إذا تعلقت الوصية بعقار فيجب أن تحرر في وثيقة رسمية أو في محرر ثابت التاريخ”.
ونفس المقتضى ينبغي أن يكون في آخر المادة 303 بحيث تصبح صياغتها على النحو التالي: “إذا أجاز الورثة وصية لوارث أو بأكثر من الثلث، بعد موت الموصي أو في مرضه المخوف المتصل بموته ، أو استأذنهم فيه فأذنوه ، لزم ذلك لمن كان كامل الأهلية منهم.
إذا تعلقت الوصية بعقار فيجب أن تحرر إجازتها في وثيقة رسمية أو في محرر ثابت التاريخ “.
17– يجب الحسم أيضا وبكيفية استعجالية في كيفية العمل الفرضي عند اجتماع الوصية الواجبة مع الوصية الإرادية والتنزيل، لأن السؤال القديم الجديد هل تقدم الوصية الواجبة على الوصية الاختيارية، أو يتم اعتماد مبدأ التحاصص بينهما عند التزاحم في الثلث؟ لم يجد أي جواب له، لا في مدونة الأحوال الشخصية القديمة منذ إقرارها سنة 1957 ولا في مدونة الأسرة الحالية، ليبقى الارتباك في العمل التوثيقي لدى أقسام قضاء الأسرة سيد الموقف طوال هذه المدة، فبعضهم يقدم الواجبة على الإرادية والتنزيل، وبعضهم يناقش الأولوية للتنزيل والوصية الإرادية على حساب الوصية الواجبة، وبعضهم يطبق مبدأ التحاصص فيما بينها، وذلك تبعا لقناعات كل ممارس على حدة.
كما أن طريقة استخراج هذه الوصايا عند اجتماعها تعرف ارتباكا وتضاربا أيضا لدى أقسام قضاء الأسرة والمحافظات العقارية حينما يتعلق الأمر بعقار محفظ أو في طور التحفيظ؛ وذلك على مستوى احتساب أو عدم احتساب الوصية الإرادية أو التنزيل في بداية العمل التمهيدي لاستخراج حصة الوصية الواجبة، ليدخل ضرر الوصية الإرادية والتنزيل على أصحاب الوصية الواجبة، فمن أراد الزيادة في حصة الوصية الواجبة لم يحتسب الوصية الاختيارية والتنزيل في العمل التمهيدي لاستخراج نصيب الحفدة في جدهم أو جدتهم؛ ومن أراد النقص من حصة الوصية الواجبة احتسب الوصية الاختيارية والتنزيل في العمل التمهيدي المذكور.
وكذلك الشأن بالنسبة لتعدد الوصايا الواجبة وتزاحمها في الثلث، فهل يتم استخراج كل وصية واجبة على حدة وتتعدد المناسخات بتعدد المتوفين، أو يتم استخراج ذلك في مناسخة واحدة لجميع المتوفين؛ وذلك تبعا أيضا لقناعات كل ممارس.
بل إن بعض الممارسين ما زال يطبق على الوصية الواجبة طريقة التنزيل بالمساواة، ويعطي للحفدة والحفيدات -من أولاد الابن أو البنت المتوفاة قبل أو مع أصلها- كل النصيب الإرثي الذي يستحقه أبوهم أو أمهم؛ في خرق سافر لمنطوق المادة 370 من المدونة.
ولا ينبغي للمشرع أن يظل ساكتا على هذه القضايا المتعلقة بأموال الناس وحقوقهم، تاركا المجال والاختيار لكل ممارس أن يفعل ما يريد بالزيادة والنقصان في الحظوظ والأنصبة الإرثية للورثة والموصى لهم؛ يزيد في حظ هذا الوارث وينقص من نصيب هذا الحفيد ويعطي لهذا ويحرم هذا، بل يجب القطع مع هذا العمل المرتبك، وأن يحسم في هذه الإشكالات بنصوص صريحة وواضحة.
وفي سبيل ذلك؛ يمكن أن نقترح بعض الفقرات في مواد الوصية الواجبة، نراها كفيلة بأن تفصل في الموضوع؛ وذلك وفق التفصيل التالي:
المادة 370:
“الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم أو أمهم عن أصله المتوفى على فرض موت موروثهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة.
لاستخراج مقدار حصة الوصية الواجبة يجب سلوك عملية المناسخة ثم عملية الوصية الإرادية في العمل الفرضي التمهيدي، وإدراج جميع ورثة الولد المتوفى قبل أصله.
المادة 371 :
لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية، إذا كانوا وارثين لأصل موروثهم جدا كان أو جدة، أو كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة ، فإن أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت تكملته، وإن أوصى بأكثر، كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة، وإن أوصى لبعضهم فقط، وجبت الوصية للآخر بقدر نصيبه على نهج ما ذكر.
إذا زادت الوصية الإرادية والتنزيل والوصية الواجبة على ثلث التركة، قدمت الوصية الواجبة على غيرها وأخذت كل حصتها. ( في حالة اختيار هذا التوجه).
إذا زادت الوصية الإرادية والتنزيل والوصية الواجبة على ثلث التركة، طبقت في شأنها قاعدة التحاصص المنصوص عليها في المادة 302 المشار إليها أعلاه. ( في حالة اختيار التوجه الآخر).
عند استحقاق الوصية الإرادية والتنزيل شيئا من ثلث التركة، وجب إدخال ضررهما على جميع الورثة بمن فيهم الوارثون عن طريق الوصية الواجبة.
المادة 372 :
تكون هذه الوصية لأولاد الابن وأولاد البنت ولأولاد ابن الابن وإن نزل، واحدا كانوا أو أكثر، للذكر مثل حظ الانثيين، يحجب فيها كل أصل فرعه دون فرع غيره ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط.
إذا تعددت الوصايا الواجبة وتزاحمت على ثلث التركة، وجب استخراج مقدار حصصها في مناسخة واحدة تضم جميع المتوفين. ( في حالة اختيار هذا التوجه).
إذا تعددت الوصايا الواجبة وتزاحمت على ثلث التركة، وجب استخراج مقدار حصصها في مناسخات متعددة كل هالك على حدة. ( في حالة اختيار التوجه الآخر).
18- يجب إعادة النظر في المادة 394 التي تنص على أن: ” لكل وارث، الحق في أن يتسلم من العدلين نسخة من الإراثة ونسخة من إحصاء التركة تبين مقدار نصيبه في الإرث، وتعين ما آل لكل واحد من أموال التركة”.
لأن نسخة الإراثة أو نسخة إحصاء التركة ليس من شأنهما تعيين ما آل لكل وارث من أموال التركة، وإنما الذي يعين للورثة ذلك هي نسخة مقاسمة التركة أو المخارجة فيها.
وبالتالي فإن صياغة هذه المادة يمكن أن تصبح على النحو التالي: “لكل وارث، الحق في أن يتسلم من العدلين نسخة من الإراثة ونسخة من إحصاء التركة، ونسخة من المقاسمة أو المخارجة تبين مقدار نصيبه في الإرث، وتعين ما آل لكل واحد من أموال التركة”.
ويمكن أن تصبح على النحو التالي: “لكل وارث، الحق في أن يتسلم من العدلين نسخة من الإراثة ونسخة من إحصاء التركة”،
الهوامش:
[1] د. العلمي الحراق: عدل بدائرة محكمة الاستئناف بالرباط .
[2] أجاب وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أثناء المناقشة التفصيلية لمواد مشروع المدونة أمام البرلمان سنة 2004 على أن “سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه، يتم وفقا لمقتضيات القانون المنظم لخطة العدالة”، وظاهر هذا الكلام أنه يمكن تلقي عقد الزواج في مجلسين متفرقين طبقا لمقتضيات المادة 27 من قانون التوثق العدلي. ( ينظر كتيب” المقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة” مناقشة مشروع المدونة أمام البرلمان ص 57.)
[3] في بعض الأحيان يتم الاتصال بالعدلين اللذين فضلا عدم تلقي وتحرير هذا الطلاق في غياب أحد الزوجين، ويشعران بأن العبرة بالحضور أمام المحكمة وليس بالحضور أمام العدلين في مجلس الإشهاد بالطلاق؛ ويتم تهديدهما بمتابعتهما زجريا لارتكابهما جريمة تحقير مقرر قضائي.
[4] البهجة في شرح التحفة ج 2 ص 243.
[5] هامش ابن رحال المطبوع بشرح ميارة الفاسي ج 1 ص 62.