الشيخ سيداتي أحمدو أحمد مولود: مفوض الحسابات في شركات الأسهم بين واجب الإعلام وضرورة الحفاظ على السر المهني انطلاقا من التشريع الموريتاني
الشيخ سيداتي أحمدو أحمد مولود أستاذ القانون الجنائي بجامعة العلوم الإسلامية بلعيون- موريتانيا، مدير مركز الدراسات والبحوث بكلية الشريعة بجامعة العلوم الاسلامية بلعيون
إن رقابة الحسابات في شركات الأسهم تتم من خلال مؤسسة قانونية أنشئت أساسا لمجابهة عجز المساهمين عن ممارسة هذه المهمة نظرا لما تتطلبه من اختصاص ومؤهلات علمية وتفرغ[1]، إضافة إلى ما توفره هذه الرقابة من حياد وشفافية خاصة أن مفوض الحسابات يقدم كتابات حسابية تحصر أعمال تصرف قام بإعدادها المسيرون. فالمحاسبة من هذا المطلق تعد ترجمة أو تعبيرا رقميا عن تصرف المسيرين بالشركة، لذلك كان من الضروري أن تقع مراقبتها من طرف شخص خارجي عن الشركة حتى تتأكد كل الأطراف المتعاملة مع الشركة أن الحسابات تعكس الوضعية الحقيقية لنشاط الشركة، ومن هذا المنطلق اعتبر مفوض الحسابات “حارس الشرعية والنزاهة” داخل الشركة.
وقد عرف الفقه مفوض أو مفوضي الحسابات “بالطائفة المتكونة من تقنيين في الميدان المالي تتمتع بثقة حملة الأسهم”. ويختلف بذلك عن المحاسبين التابعين للشركة وعن الخبراء المحاسبين الذين يرتبطون بعقود عمل مع الشركة[2].
ولقد انقسم الفقه حول علاقة مفوض الحسابات برقابة التسيير، إذ دافع شق أول عن الاتجاه الذي اعتر أن مهمته حسابية وفنية بحتة ولا حق له في تقييم جدوى التصرف بالشركة ولا إبداء ملاحظات حوله، وأساس هذا الرفض مبدأ الفصل بين السلط الذي تتبناه المشرع خاصة في الشركة خفية الاسم، فالجمعية العامة تسن القرارات والاتجاهات الملائمة لسياسة الشركة والسلطة التنفيذية المتمثلة في المسيرين تنفذ تلك القرارات، أما سلطة المراقبة فتتمثل في مراقبة الحسابات دون التدخل في إدارة وتسيير الشركة خفية الاسم[3]، حيث يقتصر دوره على الرقابة وإشعار الجمعية العامة بكل الأخطاء والمخالفات التي يرتكبها المسيرون [4]، ورغم تخصيص هذا الشق رقابة الحسابات في مهمة آلية جامدة، فإنه يعترف رغم ذلك أن هناك تداخلا بين أعمال التسيير ورقابة الحسابات.
وهو الاتجاه الذي تبناه الشق الثاني والذي أكد على علاقة التكامل بين أعمال التسيير ورقابة الحسابات معتبرا إياهما وجهان لصورة واحدة والتفرقة بينهما تبدو اعتباطية، والتداخل لا يقصد به المشاركة في الإدارة وإنما يبرر بحماية الشركة من الأزمات قبل وقوعها ضرورة أن مفوض الحسابات يمثل الجهاز الأكثر اطلاعا على حياة الشركة، ولا يمكن نفي أن دوره الأساسي يتمثل في مراقبة الحسابات لكنه يقيم جدوى التصرف بالشركة بصورة ثانوية وعدم تدخله في تسيير الشركة لا يمنه من معرفة الوضعية العامة لها وإن كانت وضعية التسيير غير مرضية يجب عليه أن يعلم الجمعية العامة. فمفوض الحسابات يعدضمير المحاسبة والإدارة والرقابة التي يمارسها تمكنه من الحكم على تسيير الشركة.
وهو ما يجعل مفوض الحسابات في شركات الأموال ملزم قانونا بواجبين متناقضين واجب الإعلام من ناحية وواجب الصمت والتحفظ من ناحية أخرى، ذلك أن واجب الإعلام يتعارض مع مبدأ أساسي تقوم عليه مهمة مفوض الحسابات ألا وهو الحفاظ على السر المهني.
حيث نص المشرع على أن مفوض الحسابات يحيط مجلس الإدارة علما بكل الأفعال التي وصلت إلى علمهأثناء مزاولة مهامه وبدا له أنها تكتسي صبغة جرمية،كما أضاف صلب المادة 477 من م. ت ضرورة تقيد مفوضي الحسابات وكذلك مساعدوهم بالسر المهني، ومع ذلك جرم الإخلال بواجبي الإعلام والسكوتعن طريق سنه للجرائم الناتج عن واجب الإعلام.
فكيف يوازي مفوض الحسابات بين هذين الواجبين المتناقضين ولو ظاهريا؟.
إن تناول هذا الموضوع يفرض التعرض للجرائم الناتجة عن الإخلال بواجب التبليغ أو الإعلام المحمول على عاتق مفوض الحسابات في شركات المساهمة (المبحث الأول) كما يقتضي التطرق للجرائم المترتبة على إخلال ذلك المفوض بالسر المهني (المبحث الثاني)
المبحث الأول:الجرائم الناتجة عن الإخلال بواجب الإعلام
لقد نص المشرع الموريتاني صلب المادة 469 من م. ت على ضرورة إخبار مفوضو الحسابات مجلس الإدارة بكل الأفعال التي وصلت إلى علمهم وبدا لهم أنها تكتسي صبغة جرمية[5]، وأضافت المادة 684 من نفس المدونة أنه “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 أوقية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مفوض للحسابات(…) لم يقم بإعلام أجهزة التسيير أو الإدارة بكل الأفعال التي علم بها أثناء مزاولة مهامه وبدا له أنها تكتسي طابعا جزائيا[6]” وهو نفس التوجه الذي سلكه المشرع المغربي[7] خلافا للمشرع التونسي الذي وإن اتفق معهما في واجب الإعلام إلا أنه يختلف معهما في الجهة التي يجب إعلامها إذ هي في التشريع التونسي وكيل الجمهورية، أما في التشريعين الموريتاني والمغربي فتتمثل في أجهزة التسيير أو الإدارة.
ولكي تقوم الجريمة الناتجة عن واجب الإعلام ويستحق مفوض الحسابات الجزاء الجنائي المكرس لها والمشار إليه آنفا لا بد من توافر الركن المادي لها(المطلب الأول) فضلا عن الركن المعنوي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الركن المادي للجرائم الناتجة عنا الإخلال بواجب الإعلام
نص المشرع الموريتاني صلب المادة 684 سالفة الذكر على وجوب إعلام مفوض الحسابات أجهزة الإدارة والتسيير بكل الأفعال التي علم بها أثناء مزاولته مهامه وبدا له أنها نكتسي طابعا جزائيا.
وقد وردت عبارة النص بشأن الأفعال مطلقة دون تقييد لهذه الأفعال، مما يجعلها شاملة لكل الأفعال التي تكتسي طابعا جزئيا إذ في ظل الإطلاق التشريعي يبدو واضحا أن هذه الأفعال الجرمية لا يجب أن ترتبط فقط بالقانون الجنائي للشركات خفية الاسم أو بجرائم الشركات عموما، وإنما يشمل كل الجرائم، يشترط فقط أن يحصل العلم بها لمفوض الحسابات أثناء مزاولته مهامه وليس خارج هذا النطاق، وإلا فلا جنحة في حقه.
كما أن وصف الجريمة بالنسبة إليه ليس مهما، فسواء كانت الجريمة مجرد مخالفة أو جنحة أو جناية، فالالتزام الواقع على عاتق مفوض الحسابات مطلق يهم كل فعل يكتسي صبغة الجريمة، لكن إذا انتفى وصف الجريمة عن الفعل، فلا محل لمتابعة مفوض الحسابات عن عدم الإعلام.
لكن كيف يعلم مفوض الحسابات أعضاء أجهزة التسيير والإدارة بالفعل الجرمي، إذا اكتشف أن هؤلاء هم من ارتكبه؟
لعل بعض التشريعات المقارنة تفطنت لهذه المعضلة لذلك ألزمت مفوض الحسابات بإبلاغ النيابة العامة[8] بدلا من مجلس الإدارة، وهو موفق وإن كان المشرع الموريتاني لم يكرسه ضمن مدونة التجارة تأسيا بنظيره المغربي، إلا أنه مع ذلك كرسه بالنسبة للمؤسسات العمومية والشركات ذات رأس المال العمومي حيث نصت المادة 33 من الأمر القانوني رقم 90/09 الصادر بتاريخ 4 ابريل 1990 المنظم للمؤسسات العمومية والشركات ذات رأس المال العمومي وعلاقتها بالدولة على أنه ” يعاقب مفوض حسابات أعطى أو أكد معلومات كاذبة حول وضعية المؤسسة العمومية أو الشركة ذات رأس المال العمومي التي عهد إليه بها أو الذي لم يصرح للعدالة بالوقائع الإجرامية التي حصل له العم بها أثناء انجازه مهامه، بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من مائتي ألف (200.000) إلى مليوني ألف أوقية(2.000.000) أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وذلك دونما مساس بالمتابعات المدنية أو التأديبية المحتملة.
ويمنع كل مفوض حسابات عوقب تبعا لأحكام هذه المادة من مزاولة نشاطه مدة خمس (5) سنوات”.
وفي ظل هذا الموقف التشريعي الخاص والمكرس لهذا التوجه بخصوص المؤسسات العمومية والشركات ذات رأس المال العمومي، وفي ظل عدم وجود نص عام يمنع مفوض الحسابات من إخبار النيابة العامة فإنه يمكنه القيام بذلك تأسيسا على ما تقدم وانطلاقا من الفقرة الأخيرة من المادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية الموريتاني التي تنص على أنه “يجب على كل سلطة نظامية وكل مأمور عمومي وكل موظف يعلم أثناء ممارسته لوظيفته بجناية أو جنحة أن يعلم بها فورا وكيل الجمهورية وينقل إليه جميع المعلومات والإجراءات المتعلقة بها”.
ونفس التوجه سلكه بعض الفقه المغربي[9] مستندا لنص الفقرة الأولى من المادة 43 من قانون المسطرة الجنائية المغربي الذي يصرح بأنه “يجب على كل من شاهد ارتكاب جريمة تمس بالأمن العام أو بحياة شخص أو أمواله أن يبلغ وكيل الملك أو الوكيل العام للملك أو الشرطة القضائية”.
وفي نفس السياق أيضا ذهب بعض الفقه المغربي إلى القول بأنه “ولا يعد في ظننا كذلك، قيام مراقب الحسابات بتبليغ الفعل الجرمي إلى وكيل الملك خرقا أو تجاوزا للمادة 405 من ق. ش. م، والمادة 104 من قانون باقي الشركات التين تحصرا الإعلام في أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير، لأن هذا الإعلام والتبليغ لأجهزة الإدارة وجوبي، أما ما نحن بصدده، فهو التبليغ الجوازي للاعتبارات السابقة وبمعنى آخر، ينبغي لرئيس المحكمة (التجارية) بصفته قاضي المستعجلات أن يرفض طلب الإعفاء المبني على علة التبليغ إلى وكيل الملك، لأن القانون لا يحظره ولا يتعارض مع صوت ضمير المواطن الذي يروم حماية الأمن الاقتصادي العام، وضمانا للمصداقية والشفافية، إلا أن هذا الحق يخضع للسلطة التقديرية لمراقب الحسابات باعتبار أن هذا التبليغ جوازي وليس إلزاميا، كما أن نص المادة 405 سالفة الذكر يمنح صراحة سلطة تقديرية لمراقب الحسابات لتكييف طبيعة الفعل، بمعنى تقدير ما إذا كان فعلا جرميا أم لا، بقولها “وبدا له أنها تكتسي صبغة جرمية”[10].
وما ينطبق على النص المغربي من تحليل ورؤى ينطبق على المشرع الموريتاني لتطابق موقف المشرعين من هذه الفضية[11].
وفي هذا الاتجاه يعتبر مفوض الحسابات من المهنيين الذين يلعبون دورا فعالا في التصدي لجرائم الأعمال خاصة أن المحاسبة تعتبر وسيلة من وسائل الكشف عن الجريمة وذلك من خلال إعلام جهاز النيابة العامة لكن الفقيه “روبلوا” عارض هذا التوجه خاصة أن جل القوانين الأنقلوسكسونية لم تكرسه[12]، معتبرة مفوض الحسابات “حرسا للشرعية” وليس “كلبا بوليسيا”[13]. ولا يعتبر بأي وجه جزء من السلطة العامة ولا ينبغي أن يكون مساعدا للنيابة العامة إذ أن ذلك من شأنه أن يفقد الرقابة خصوصيتها واستقلاليتها.
ولعل هذا التوجه كان حاضرا لدى المشرعين الموريتاني والمغربي، لكن يجدر تجاوز هذه النظرية الضيقة للكشف عن الجرائم خاصة أن هذا الواجب يدعم نفوذ مفوض الحسابات داخل الشركة وتجاه المسيرين ويضمن رقابة ذاتية على تصرفاتهم لأن الغاية من وضع الجريمة حماية سلامة سير الشركة وبالتالي الإعلام بهذه الجرائم سيفي حتما بهذه الغاية[14].ولا يجب أن يفهم من هذا التصرف على أنه وشاية بل على مفوض الحسابات التخلص من التبعية النفسية تجاه المسيرين وواجب الوكالة لأنه يعد عضوا من أعضاء المؤسسة القاريين وهو الضمير الأخلاقي والقانوني للشركة[15].
وحري بالذكر أنه يقابل هذا الدور الهام الذي يطلع به مفوض الحسابات -بشأن إخبار النيابة العامة سواء كان ذلك الإعلام وجوبيا كما هو الشأن بالنسبة للتشريعين الفرنسي[16] والتونسي[17] ومن على شاكتهم[18]، أو اختياريا كالتشريعين الموريتاني والمغربي طبقا للتحليل الذي أوردناه سلفا-خطر لا يقل أهمية إذا ما تبين أن الأفعال المعلم عنها لا تشكل جرائم أو أن الأدلة المجمعة في شأنها غير كافية[19]، فهل يمكن في هذه الحالة تتبع مفوض الحسابات جزائيا؟
لقد حسم المشرع الفرنسي هذا الإشكال من خلال الفصل 233 من قانون 24 جويلية 1966 والذي نص به على أنه لا يسوغ تتبع المراقبين جزائيا من جراء قيامهم بمهمة الإعلام[20].
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع التونسي قد تعرض لهذه المسألة بالنسبة للموظفين العموميين[21] غير أن لم يتوخى نفس الحل عند سنه لقاعدة الفصل 271 من م. ش. ت والمتعلق بواجب إعلام مراقب الحسابات وكيل الجمهورية بالجرائم التي بلغ له العلم بها.
وهذا الفراغ التشريعي على مستوى حماية مراقب الحسابات عند ممارسته لمهامه حسب بعض الفقه التونسي[22] من شأنه أن يقلص التجاء مراقب الحسابات لإعلام النيابة العامة بالجرائم التي حصل له العلم بها.
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لمراقب الحسابات في التشريع التونسي الذي يلزمه المشرع بإخبار النيابة العامة بكل الأفعال التي تصل علمه وتكتسي طابعا جزائيا، فما بالك بمفوض الحسابات في ظل التشريع الموريتاني والذي لا يلزمه القانون مبدئيا سوى بإعلام أجهزة الإدارة والتسيير.
وقيما يتعلق بتاريخ هذا الإعلام سواء كان موجها لأجهزة الإدارة والتسيير كما هو موقف المشرع المغربي والموقف العام للمشرع الموريتاني، أو كان ذلك الإعلام موجها إلى النيابة العامة كما هو موقف المشرع الفرنسي والتونسي وموقف المشرع الموريتاني فيما يتعلق بالمؤسسات والشركات ذات رأس المال العمومي، فإن كل تلك التشريعات لم تحدد تاريخا معينا لذلك الإعلام وفي ظل انعدام موقف قضائي وطني من هذا الإشكال يتعين الرجوع إلى فقه القضاء المقارن لاستجلاء ذلك الغموض.
وبصفة عامة فإن مدة الإعلام الممنوحة لمفوض الحسابات مسألة واقعية تتغير حسب الظروف والوقائع، وقد اعتبرت محكمة الاستئناف بباريس أن أجل الثلاثة أشهر يعتبر مبالغا فيه في صورة عدم قيام مراقب الحسابات بالإعلام عن الجرائم المكتشفة وسبقته في ذلك هيئة السوق المالية[23].
وقضت محكمة الاستئناف بباريس بمعاقبة مراقب الحسابات الذي تباطأ في إعلام النيابة العامة بالأفعال التي اكتشفها داخل الشركة إلى أن سقطت بالتقادم[24].
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه وبالرغم مما يشعر به مفوض الحسابات من إحراج فإنه عليه القيام بواجبه في هذا الشأن وبالسرعة اللازمة، وذلك لأن التواطؤ غير المبررفي عملية الإعلام يوازي عدم الإعلام مع كل ما يترتب على ذلك من عقوبات جنائية ضد المفوض المتهاون.
وبالتالي فإن احترام المفوضين لواجب الإعلام يعد حماية لهم من أهم الأخطار المهنية التي يجابهونها على الصعيد التأديبي والجزائي، طالما أن المادة 684 من م. ت رتبت عقوبات صارمة في صورة عدم إبلاغ أجهزة التسيير والإدارة بالجرائم المكتشفة، وهو ما يدفعنا لتناول الركن المعنوي لهذه الجريمة.
المطلب الثاني: الركن المعنوي للجرائم الناتجة عن واجب الاعلام
لم تشترط عبارات المادة 684 من م. ت صراحة لتوفر أركان الجريمة تعمد مفوض الحسابات عدم إعلام أجهزة التسيير والإدارة وذلك لأن عبارة عن قصد الواردة بالمادة تعود على جريمة تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة بشأن وضع الشركة، وبالرغم من عدم تنصيص المشرع على ذلك صراحة فإن جريمة عدم إعلام أجهزة التسيير والإدارة تعد جريمة قصدية، ويتمثل القصد في علم مفوض الحسابات بالطابع الإجرامي للفعل المكتشف ومع ذلك يمتنع عن إخبار أجهزة التسيير والإدارةإلا أن السؤال المطروح يتمثل في كيفية إثبات علم مفوض الحسابات باكتشاف هذه الجرائم أثناء قيامه بمهامه وعدم إعلامه أجهزة التسيير والإدارة
إن ضرورة علم مفوض الحسابات أثناء مزاولته لمهامه بوجود فعل يكتسي طابعا جزائيا شرط أساسي وجوهري لإثارة مسؤوليته، وبناء على ذلك يتوفر العصر المعنوي بمجرد علم مفوض الحسابات بوجود أفعال مجرمة داخل الشركة، ولا تهم الأسباب التي يقدمها المفوض لتبرير سكوته وتخلفه عن إعلام الجهات المعنية حتى وإن كانت تبريراته بقصد حماية مصلحة الشركة.
وفي هذا الإطار يطرح الإشكال في صورة عدم تمكن المفوض من معرفة وجود هذه الأفعال المجرمة ولم يقع اكتشافها من قبله، فهل عدم المعرفة يعفيه من المسؤولية؟
لقد اختلف الفقهاء في تأويل هذه المسألة حيث رأى بعض الفقهاء أن عدم علم المفوض بوجود الأفعال المجرمة يعفيه من المسؤولية، في حين رأى البعض الآخر أنه لا يمكن لمفوض الحسابات التعلل باعتقاده بأن الأفعال لا تشكل جريمة، وذلك لأن طبيعة مهنته تفرض عليه معرفته بالقانون إضافة إلى أنه لا يعذر أحد بجهله للقانون.
وقد اعتبر فقه القضاء الفرنسي أن مراقب الحسابات من المختصين في القانون الجنائي للشركات وبالتالي لا يمكن التعلل بجهله للقانون أو بجهله لتأويله وبالنظر إلى اختصاصه في المراقبة، فإن الدفع بعد اكتشاف الأفعال المجرمة يؤكد إهمال المراقب وتهاونه في القيام بمهامه، إذ من الصعب تصور عدم تمكن المراقب من اكتشاف الأفعال المجرمة رغم بذله للعناية اللازمة. وبذلك فإن تمسكه بكونه لا علم له بتلك الجرائم يصبح مردودا عليه ولا يعفيه من المسؤولية الجنائية، إلا إذا أثبت عدم تمكنه من التعرف على هذه الجرائم في إطار عمله العادي[25].
وتجدر الإشارة إلى انه بالإضافة إلى ضرورة توفر علم مفوض الحسابات بوجود فعل مجرم، فإن أهمية دراسة الركن المعنوي لهذه الجريمة تكمن في البحث عن توفر سوء النية من عدمه.
فلم يشتر ط المشرع صلب المادة 684 من م. ت ضرورة أن يكون المفوض سيء النية عند عدم إعلامه أجهزة التسيير والإدارة بكل الأفعال التي علم بها أثناء مزاولته مهامه وبدا له أنها تكتسي طابعا جزئيا، على خلاف ما قام به بالنسبة لجريمة تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة بشأن وضع الشركة، ونفس التوجه سلكه المشرع التونسي فيما يتعلق بإخبار المراقب النيابة العامة عن الأفعال التي الإجرامية التي يكتشفها داخل الشركة.
فهل قصد المشرع بذلك أن إثبات سوء نية مفوض الحسابات ليس بالأمر المهم، أم أن سوء نية المفوض يفترض وجوده بمجرد عدم إعلامه أجهزة التسيير والإدارة عن كل الأفعال التي علم بها أثناء مزاولة مهامه وبدا له أنها تكتسي طابعا جزائيا؟
إن التطرق للإجابة على هذا التساؤل تفترض التعرض إلى مفهوم سوء النية كركن معنوي تقوم عليه الجريمة، والذي تتجه فيه إرادة الفاعل إلى سلوك هذا الفعل الإجرامي وارتكاب فعل يعاقب عليه القانون.
وفي محاولة لتطبيق هذا المفهوم على الركن المعنوي لجريمة مفوض أو مفوضوالحسابات بشأن عدم إعلام أجهزة التسيير والإدارة بكل الأفعال التي تصل إلى علم أولئك ويتضح لهم أنها تكتسي طابعا جزائيا، يتضح أن سوء نية مفوض الحسابات يكمن في اتجاه إرادته إلى عدم القيام بفعل أقره القانون[26]، وهو واجب الإعلام بالرغم من علمه بتجريمه من قبل المشرع وهو ما أدى إلى اتجاه الفقه نحو توسيع مجال الإبلاغ عن الأفعال المجرمة.
وتجدر الإشارة إلى أن دراسة الركن المعنوي لهذه الجريمة تقتضي التمييز بينها وجريمة المشاركة التي قد يرتكبها مفوض الحسابات في جرائم معينة مع المسيرين ويتمثل الركن المعنوي للمشاركة في اتجاه إرادة مفوض الحسابات للمشاركة في الجريمة، فإذا تعلق الأمر مثلا بجريمة تقديم موازنة غير مطابقة للوقائع يكون مفوض الحسابات مشاركا باقتراح التضخيم في الأصول[27] أما إذا تعلق الأمر بجريمة التحيل، فإنه لا يكفي أن يكون مفوض الحسابات على علم بالطبيعة الكاذبة للموازنة وبالتقرير الذي صادق عليه، بل يجب أن يعلم بصفة دقيقة بما يهدف إليه الكذب وأن تكون نظرته واضحة عن كل أركان الجريمة وأن تتجه إرادته إلى تحقيق المشاركة، وهو ما عبر عن فقه القضاء “بالتفكير الإجرامي”[28].
إلا أنه تجدر الإشارة إلى أنه في صورة علم مفوض الحسابات بالجريمة الأصلية دون أن تتجه إرادته إلى تحقيقها ولم يعلم بها أجهزة التسيير والإدارة، فلا يعتبر عمله مشاركة وإنما تنشأ عنه جريمة مستقلة هي جريمة عدم إعلام أجهزة التسيير والإدارة.
وقد توخى فقه القضاء هذا الحل للتمييز بين الركن القصدي للمشاركة وجريمة عدم إعلام النيابة العامة بالأفعال ذات الطابع الجزائي التي تقابلها في التشريع الموريتاني خاصة مدونة التجارة جريمة عدم إعلام أجهزة التسيير والإدارة بالأفعال التي تكتسي طابعا جزئيا والتي تتصل بعلم مفوض الحسابات أثناء مزاولته لمهامه.
وحري بالذكر أن المشاركة يمكن أن تتجسم في امتناع مفوض الحسابات من التصدي للجريمة أو في مجرد الإهمال، وتتمثل حالة المشاركة بالامتناع في علم مفوض الحسابات بالجريمة ومع ذلك يمكن من اقترافها في حين أن له الوسائل القانونية للتصدي لها، مما لا يترك مجالا للشك في توجه نية مفوض الحسابات للمشاركة في الجريمة.
وقد دعمت هذا الموقف دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بناسي حين رفضت إدانة مراقب الحسابات على أساس جريمة عدم إعلام النيابة العمومية بوجود موازنة غير صحيحة وقامت بتكييف الفعل على أساس المشاركة[29].
فعارض مراقب الحسابات حكمها بكونه لا يمكن أن يكون شريكا بمجرد عدم تدوينه في التقرير عدم صحة الموازنة، فردت المحكمة أنه “إذا كان التصرف السلبي من حيث المبدأ لا يمثل تصرفا معاقبا عليه، فإنه في حالات استثنائية ومن قبل أشخاص معينين يمثل إعانة ومساعدة معاقب عليها”.
وفي مقابل توسع الركن المادي والمعنوي لجريمة عدم إعلام أجهزة التسيير والإدارة، أو أعلام النيابة العامة كما هو موقف المشرع التونسي والموريتاني بخصوص المؤسسات العمومية والشركات ذات رأس المال العمومي، فإن هذا الواجب تعرض لانتقادات عديدة، حيث اعتبره عديد الفقهاء خرقا للسر المهني.
المبحث الثاني:الحماية الجنائية لأسرار الشركة
إن حماية المشرع لمصالح المساهمين والشركة من تجاوزات مفوض الحسابات تتعدى الإطار الداخلي لتشمل علاقاتها بمحيطها الاقتصادي، لذلك حمل المشرع مفوض الحسابات الحفاظ على جميع الأسرار المتعلقة بالشركة والتي يحصل له العلم بها أثناء قيامه بمهامهم حيث جاء في المادة 477 من م. ت أنه “يتقيد مفوضو الحسابات وكذلك مساعدوهم بالسر المهني فيما يتعلق بالوثائق والأعمال والمعلومات التي يكونون قد اطلعوا عليها بحكم ممارستهم لمهامهم”[30].
وهكذا نجد أن المشرع الموريتاني قد أقر بتطبيق المادة 350 من ق. ج[31] وذلك طبقا لما جاء في المادة 477 سالفة الذكر، فبقراءة المادتين السابقتين يبدو واضحا أن مفوض الحسابات يعتبر من الأشخاص المؤتمنين على الأسرار، وعليه فأي إفشاء لتلك الأسرار ما لم يسمح به القانون يعتبر جريمة إن توفرت بقية أركانها(أ) الأمر الذي تترتب عليه المؤاخذة الجنائية(ب).
المطلب الأول: توفر أركان جريمة الإخلال بالسر المهني
ليستطيع القضاء تكييف تصرف ما على أنه خرق للسر المهني يجب أن يتجسم ذلك في أفعال مادية (أولا) تتم عن نية إجرامية(ثانيا).
أولا:الركن المادي لجريمة الإخلال بالسر المهني
إن واجب السكوت الذي حمله المشرع لمفوض الحسابات يتعارض مع مهمته الأساسية في تبلغ المعلومات التي تصل إليه إلى المساهمين باعتباره حارسا لمصالحهم داخل الشركة إذ هناك تصادم وتنافر بين الواجبات لكن هذا التنافر مرده اختلاف الأشخاص الموجهة لهم المعلومات. لذلك حمل المشرع مفوض الحسابات مسؤولية إفشاء أسرار الشركة.
ولم يعرف المشرع الموريتاني كغيره من التشريعات المقارنة السر المهني، ولكن يمكن تعريفه بأنه:”فعل غير شائع عند الكافة ويحدث إفشاؤه ضررا لشرف أو لمصلحة أو لإحساس المعني به حتى ولو كان الفعل معروفا من قبل الجميع، فإن دعمه بإعطائه صيغة التأكيد والتفسير تجعل منه سرا مهنيا”، أو هو كلما يعرفه الأمين أثناء أو بمناسبة ممارسة عمله ويؤدي إفشاؤه إلى إلحاق ضرر بشخص، بالنظر لطبيعة السر أو إلى الظروف التي تحيطه[32].
وتجدر الإشارة إلى أن عبارات المادة 350 من ق. ج وردت مطلقة، مما يدل على أن الأفعال المعروفة من قبل مفوض الحسابات خاضعة لحماية السر المهني بدون استثناء، وهذا أمر منطقي اعتبارا لما أصبحت عليه المعلومة من أهمية في ميدان الأعمال، وقد ذهب البعض إلى اعتبار “أن المؤسسة الحديثة تنتج المعلومات في مرتبة أولى والمنتجات والخدمات في مرتبة ثانية[33]“.
وبالنظر إلى ما يخوله القانون لمفوض الحسابات من حق مطلق في الحصول على المعلومات الأكثر سرية وأهمية بالنسبة للشركة، فإنه يعد مؤتمنا على أسرار هامة جدا حول واقع الشركة المالي وآفاقها المستقبلية، لذلك فإن المحافظة على السر المهني تعتبر تأكيدا على واجب الأمانة الذي يجب أن يتحلى به مفوض الحسابات والإخلال به يؤدي إلى الإضرار بمصلحة الشركة. والمعيار في ذلك تقاطع مصلحة المتلقي للسر ومصلحة الشركة.
ويتحدد السر المهني في كل أمر يتعين ألا يصل إلى علم الغير أو يطلع عليه، فهو لا ينحصر في المعلومات التي يعهد بها إلى مفوض الحسابات، وإنما يشمل كل الأفعال أوالأعمال أو الوقائع التي يطلع عليها بحكم مهامه وطبيعة مهنته- وقد ذهبت المحكمة العليا بالقاهرة إلى تحديد المقصود بالسر المهني في أنه ” أمر يتعلق بشيء أو بشخص، وخاصيته أن يظل محجوبا أو مخفيا عن كل أحد غير من هو مكلف قانونا بحفظه، أما استخدامه بحيث يكون العلم به غير متجاوز عددا محدودا من الأفراد الذين رخص لهم – دون سواهم- أن يعلموه أو يتناقلوه فيما بينهم فلا يؤثر على كونه سرا[34]“.
ومن جهة أخرى يتعين أن يكون مفوض الحسابات على علم بالسر أثناء ممارسة مهامه، وذلك للقول بتحقق الركن المادي لجريمة إفشاء السر المهني، إذ يلزم أن يكون على معرفة مسبقة به وذلك خلال فترة ممارسته لمهامه بالشركة التي هو بصدد مراقبة حساباتها وميزانيتها، فإذا كان مفوض الحسابات قد تعرف على أمور تخص الشركة بواسطة شخص آخر غير مقيد بالسر المهني في مواجهة الشركة كصديق له أو مجرد كلام سمعه، فإن الجريمة هنا لا تقع[35]، لأن المعلومات التي أفشاها ليست لها طبيعة “السر المهني” بحكم عدم تعرفه عليها بمناسبة مزاولة مهمته فارتباط المعلومات بمهمة مفوض الحسابات يعتبر شرطا ضروريا لقيام هذه الجريمة وذلك طبقا لما جاء في المادة 477 من م. ت والتي نصت على أنه:”يتقيد مفوض الحسابات وكذلك مساعدوهم بالسر المهني فيما يتعلق بالوثائق والأعمال والمعلومات التي يكونون قد اطلعوا عليها بحكم ممارسة مهامهم” وهو نفس التوجه الذي سلكه المشرع المغربي في المادة 177 من ق. ش. م.
وحتى تتحقق جريمة إفشاء السر المهني فإنه لا يكفي علم مفوض الحسابات بأسرار الشركة وإنما يتعين قيامه بإفشائها أو إفشاء أحدها، والإفشاء فعل إيجابي يقوم على البوح لأحد الأشخاص بسر من أسرار الشركة، ومعناه كشف السر وإطلاع الغير عليه بأي طريقة، إذ المشرع لم يحدد كيفية معينة تفشى بها الأسرار، فالجريمة هنا تتحقق سواء كان الإفشاء كتابة أو شفاهة، أو بواسطة الهاتف أو النشر، أو عن طريق تدوينه في رسالة خاصة أو تسجيله في شريط أو غير ذلك من الوسائل[36] على اعتبار أن المشرع لم يشترط وسيلة معينة، وإنما قصد تجريم كل ما من شأنه أن يؤدي إلى إيصال السر إلى من ليست له صفة في العلم به، ولا يشترط أن يكون الإفشاء كليا، بل إن الجريمة تقع حتى ولو انصب الإفشاء على جزء من السر[37]، كما يتحقق الإفشاء إذا كان الغير يعلم بعض الشيء عن الواقعة ولكن يجهل كل ظروفها فيطلعه مفوض الحسابات بكل ما يجهله أو بعضه[38]، كما ليس من الضروري أن يكون الإفشاء علنيا، إذ يمكن أن يتم الكشف للغير عن سر معين في محادثة خاصة، ويستوي لتحقق الإفشاء أن يكون السر قد أفضي به إلى شخص واحد أو عدد غير محدد من الأفراد، كما ليس من اللازم أن يستهدف الإفشاء إلحاق الضرر بالذي يهمه الأمر[39].
على أن مفوض الحسابات ونظرا لطبيعة عمله كأحد أجهزة الشركة يبقى بإمكانه إطلاع بعض الأشخاص على بعض المعلومات التي تعتبر أسرارا مهنية مع مراعاة المادة 350 من ق. ج والفصل 446 من القانون الجنائي المغربي[40].
وهو ما جعل البعض يذهب[41] إلى القول بأن مراقب الحسابات لا تمكن مواجهته بالسر المهني أمام الجمعية العامة بخصوص المعلومات التي تتصل بمهمته، وإن كان جانب من الفقه الفرنسي ذهب إلى القول بأن مرقب الحسابات يتحرر من السر المهني أمام الجمعية العامة فقط، في الحالات التي يبلغها بالمخالفات والخروقات التي يكتشفها تطبيقا للفصل 233/1 من قانون24/07/1966[42].
وفي هذا السياق جاءت المادة 469 من م. ت التي يبدو أنها لا تنسجم مع هذا التوجه الأخير جاعلة على عاتق مفوض الحسابات وكل ما تطلب الأمر ذلك إحاطة مجلس الإدارة علما بما يلي:
1.عمليات المراقبة والتحقيق التي قاموا بها ومختلف الاستطلاعات التي تولوا انجازها؛
- بنود الكشوف الإجمالية التي يتبين لهم ضرورة القيام بتغيرات فيها مع إبداء كل الملاحظات المفيدة حول أساليب التقييم المستعملة في إعداد هذه الكشوف؛
- الخروقات والبيانات غير المطابقة للحقيقة التي قد يكتشفونها؛
- المستنتجات التي تؤدي إليها الملاحظات والتصحيحات المذكورة أعلاه فيما يخص نتائج السنة المالية مقارنة بنتائج السنة المالية التي سبقتها؛
- كل الأفعال التي وصلت إلى علمهم أثناء مزاولة مهامهم وبدا لهم أنها تكتسي صبغة جريمة.
كما لا يلزم مفوض أو مفوضي الحسابات كذلك بالسر المهني اتجاه الجمعية العامة للمساهمين ويتعلق الأمر ب:
– عدم انتظام وصدق الحسابات التي يكتشفونها.
– التوضيح المطلوب من أحد المساهمين في اجتماع الجمعية العامة للمساهمين حول مضمون التقارير التي يقدمونها[43].
– مضمون التقارير الخاصة والتي تتعلق خصوصا بالاتفاقات التي تبرمها الشركة[44].
وعلى هذا الأساس يعتبر مفوض الحسابات وكيلا عن المساهمين، بما أنه ملزم بإعلام الجمعية العامة بالتصرفات التي من شأنها التأثير على مصلحة المساهمين وبالتالي مصلحة الشركة.
لكن هذا الإعلام ليس مطلقا بل مقيدا بالمواضيع التي أشرنا إليها آنفا، لأن إفشاء السر المهني للمساهمين قد يعتبر في بعض الحالات أخطر من إفشائه للغير، ويبرز ذلك من خلال انضمام المساهم لأكثر من شركة في نفس الوقت.
ولئن كانت الشركة تقوم بالأساس على مساهمات هؤلاء، فإن مصلحتها تتجاوز مصلحة المساهمين في هذه الحالة، لذا فمن غير المعقول عدم مواجهتهم بالسر المهني.
ويثار التساؤل بخصوص إمكانية اطلاع مفوض الحسابات المساهمين بالسر المهني أثناء انعقاد الجمعية العامة، عند طلبهم الحصول على استفسارات؟
وتجدر الإشارة في هذا الإطار أنه إذا اقترنت استفسارات المساهمين بالمعلومات المضمنة ضمن تقرير مراقب الحسابات، فإنه لا شيء يمنعه من الإجابة ومن توضيح هذه المعلومات بلغة بسيطة يفهمها المساهمون نظرا لافتقار أكثرهم للتكوين المحاسبي والتقني.
وفي هذه الحالة لا يمكن أن يكون مفوض الحسابات عرضة للتتبع على أساس خرقه لواجب الحفاظ على السر المهني.
ثانيا: الركن المعنوي لجريمة الإخلال بالسر المهني
تعد جريمة إفشاء السر المهني من الجرائم العمدية التي لا تتوافر إلا إذا توافر القصد الجنائي لدى مفوض الحسابات باعتباره أمنا على السر المهني، ومن هذا المنطلق فقوام القصد الجنائي في هذه الجريمة يتمثل في إفشاء السر عمدا وإخلال مفوض الحسابات بالثقة التي وضعت فيه وبالمعلومات التي اطلع عليها أثناء قيامه بمهامه[45].
واشتراط القصد الجنائي هنا في هذه الجنحة في ظل سكوت المشرع عن ذلك هو تطبيق لمبادئ القانون الجنائي التقليدي، فلا تلحق هذه الجنحة بفلسفة القانون الجنائي للشركات التجارية حيث يفسر سكوت المشرع في الغالب تجاوزا للركن المعنوي ككل[46]. فهذه الجنحة وإن ألحقت بالقانون الجنائي للشركات التجارية عبر الإحالة فإنها تبقى مع ذلك من صلب القانون الجنائي التقليدي فيما يخص مبادئه العامة حيث يؤول سكوت النص تطلبا للقصد الجنائي.
إلا أنه لقيام القصد الجنائي في هذه الجريمة ليس من الضروري أن يكون مفوض الحسابات عازما على إلحاق الضرر بالشركة، فنية الإضرار لا تعتبر من العناصر اللازمة لتحقيق جريمة إفشاء السر المهني[47]، ذلك أن القانون لا يتطلب لقيام هذه الجريمة قصدا خاصا إلى جانب القصد العام، وهذا ما حكمت به محكمة النقض الفرنسية حينما اعتبرت إفشاء السر المهني يتحقق دون حاجة إلى إثبات نية الإضرار لدى الفاعل، حيث أن الجريمة تقوم من الوقت الذي تم فيه الإفشاء عن علم وإرادة بغض النظر عن توافر نية الإضرار من عدمها[48]، لهذا فإنه بحسب هذا التعبير لا يهم الباعث الذي دفع مفوض الحسابات إلى إفشاء السر المهني في قيام الجريمة والقصد معا.
إلا أنه يثار تساؤل مهم في هذا الصدد يتعلق بمدى إمكانية متابعة مفوض الحسابات في حالة إفشاء سر ما إما نتيجة إهمال أو خطأ؟
وجوابا على ذلك يذهب بعض الفقه[49] إلى أن جريمة إفشاء السر المهني من طرف مفوض الحسابات بالرغم من كونها تستوجب توافر ركن معنوي يتخذ صورة القصد الجنائي، إلا أنه إذا وقع الإفشاء نتيجة خطأ، فإنه لا تتحقق جريمة إفشاء السر المهني مهما كانت جسامة هذا الخطأ، كما في حالة سرقة الغير لملفات كانت في حوزة مفوض الحسابات تحتوي على معلومات دقيقة وخاصة بالشركة[50]، أو نتيجة إهمال[51] كما في حالة ترك هذا الأخير بعض وثائق الشركة فوق مكتبه ودخل أحد الأشخاص واطلع عليها دون علمه بذلك، فالجريمة حسب هذا الموقف لا تقع لانعدام ركن القصد لدى هذا المفوض، وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية في قرارها الصادر بتاريخ24/12/1932 عندما صرحت بأن القصد الجنائي يجب أن يقترن بنية الإفشاء، فإذا أثبت الفاعل أنه لم يقصد الإفشاء، وإنما حصل عرضيا بسبب محادثة خاصة بصوت مسموع، فلا يجوز مؤاخذة مفوض الحسابات بجريمة إفشاء السر المهني.
وفي اعتقادنا أن فعل الإفشاء بالسر المهني من طرف مفوض الحسابات إما نتيجة خطأ أو في حالة سرقة ملف يحتوي على معلومات مهمة تهم الوضعية المالية والاقتصادية للشركة، فإنه يستلزم عليه إقامة الدليل على أن فعل الإفشاء لم يكن مقصودا وإنما كان نتيجة خطأ من جانبه، على الرغم من أن مهمة مفوض الحسابات تمارس من قبل شخص مهني متخصص تفرض عليه مهنته الحرص على الالتزام بحفظ كل أسرار مهنته، ولعل ذلك ما جعل البعض يعتقد[52]أنه وفي ظل القانون الجنائي للشركات التجارية وأمام شخص مهني متخصص كمفوض الحسابات فإنه لا ينظر إلى أفعاله في هذا السياق إلا كما لو كانت مرادة ومقصودة مما يوجب المؤاخذة الجزائية.
المطلب الثاني: المؤاخذة الجنائية عن جريمة الإخلال بالسر المهني
تتميز المؤاخذ الجنائية لجريمة إفشاء السر المهني بخصوصية إسناد المسؤولية الجنائية من جهة (أولا) وبصرامة العقاب من جهة أخرى (ثانيا).
أولا: خصوصية المسؤولية الجنائية عن جريمة الاخلال بالسر المهني
تسند المسؤولية الجنائية عند إفشاء السر المهني لكل من مفوض الحسابات وكذا مساعديه[53] ولا يمكنه أن يدعي جهله للطبيعة السرية للمعلومات التي استغلها شخصيا أو سربها للغير. بل إن سعة اطلاعه على أعمال التسيير بالشركة تنشأ إزاءه قرينة التمييز بين الطبيعة السرية للمعلومات التي بين يديه وغيرها من المعلومات، وما يؤكد هذا الرأي أن المشرع نص على جريمة خرق السر المهني بصورة صريحة بالنسبة لمفوض الحسابات دون مسيري الشركة وهو بذلك يؤكد على خطورة مهمة مفوض الحسابات بالشركة خفية الاسم، لذلك يجب أن لا يتهاون بذلك ويستغل نفوذه للتعسف بأسرار الشركة بل يجب أن يتحلى بصفة الأمانة ليحافظ على حياة الشركة من كل الأخطار التي يمكن أن تزعزع نشاطها.
ثانيا:صرامة عقوبة جريمة الاخلال باسر المهني
تبرز صرامة العقاب المسلط عند إفشاء السر المهني في إقرار المشرع العقوبة البدنية والمالية معا، وهو خلاف النهج الذي دأب عليه المشرع في أغلب الجرائم المرتكبة في إطار الشركات التجارية عموما وخفية الاسم خصوصا، حيث أن المشرع وإن زاوج غالبا بين عقوبة الحبس والغرامة إلا إنه مع ذلك يترك للقاضي سلطة تقدير الحكم بإحدى تلك العقوبتين أو بهما معا، خلافا لجريمة الحال التي لا يمتلك فيها القاضي هذا الخيار حيث نص المشرع في المادة 350 من ق. ج على أنه “يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من5000 أوقية إلى 60000أوقية، (..) جميع الأشخاص المؤتمنين بحكم الواقع أو المهنة أو الوظيفة المؤقتة أو الدائمة على أسرار أدلي بها إليهم ويفشونها في غير الحالات التي يوجب عليهم القانون فيها إفشاؤها أو يسمح لهم بذلك”.
لكن مقدار العقوبة المالية المكرس من طرف المشرع خلافا لنظيره المغربي[54]، يبقى زهيدا وغير مواكب للتطورات التي عرفها عالم الأعمال، وكذلك مقارنة بالعقوبات المالية التي أقرها المشرع نفسه، ولعل السبب في ذلك راجع إلى أن النص المطبق هنا ليس نصا خاصا وإنما هو نص عام ينطبق على الإخلال بالسر المهني عموما، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى أن هذا النص وجد قبل صدور مدونة التجارة بأكثر من ثلاثة عشر عاما، كل تلك المبررات تجعل النص غير منسجم مع المجال الذي يطبق عليه.
ونظرا لخطورة هذه الجريمة على سير الشركة يحبذ تدخل المشرع بنص خاص ليراجع العقوبة ويشدد في العقاب المالي ليتماشى مع التطور الاقتصادي الذي عرفته الشركة خفية الاسم.
كما أن الصرامة المشار إليها آنفا قد تتحول إلى سراب فيما الو طبقت بعض الوسائل التي لا يمانع المشرع في استعمالها بخصوص هذه الجريمة، كالحكم مع وقف التنفيذ مثلا أو اللجوء إلى المصالحة التي تعتبر سببا لانقضاء الدعوى العمومية إذا نص القانون على ذلك حسب مقتضيات قانون الإجراءات الجنائية[55].
حيث نصت المادة 41 من ق. إ. ج على أنه: جوز للمتضرر أو المشكو من قبل إقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بالحبس سنتين فأقل أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى مائتي ألف أوقية (200000) أوقية أن يطلب من وكيل الجمهورية تضمين الصلح الحاصل بينه مع خصمه في محضر.
في حالة موافقة وكيل الجمهورية وتراضي الطرفين على الصلح يحرر وكيل الجهورية محضرا بحضورهما وحضور دفاعهما ما لم يتنازلا أو يتنازل أحدهما عن ذلك ويتضمن هذا المحضر ما اتفق عليه الطرفان”
ومن خلال سرد تلك المادة يتضح بجلاء قابلية تطبيقاها على هذه الجريمة سواء نظرنا إليها من حيث العقوبة الحبسية أو من حيث عقوبة الغرامة، حيث أن الحبس لا تتجاوز مدته ستة أشهر أما الغرامة فحدها الأعلى لا يتجاوز ستين ألف أوقية.
ولعل تلك المسوغات تبدو كافية لدعوة المشرع إلى التدخل ولو بنص خاص يغير من خلاله العقوبة المكرسة لهذه الجريمة ليشدد في العقاب المالي ليتماشى مع التطورات التشريعية والتطور الاقتصادي الذي عرفته شركات الأسهم عامة وخفية الاسم على وجه الخصوص.
قائمة المراجع
أولا : الكتب
– ابن خده رضى، محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية، -تأصيل وتفصيل، مكتبة دار السلام، الرباط، 2012.-
– طارق البختي، المنظومة الزجرية لشركات المساهمة، بين الصرامة والمرونة، مكتبة الرشاد، اسطات المملكة المغربية، 2017، ص348.
– جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثالث مطبعة دار الكتاب، 1932، ص 33.
– محي الدين إسماعيل، موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعملية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة غير مذكورة، السنة1987، ص 130.
– محمود كبش، المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركات المساهمة، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون ذكر طبعة،1992، ص 148.
– عبد الواحد حمداوي، تعسف الأغلبية في شركات المساهمة-دراسة مقارنة-دار الأفاق المغربية للنشر والتوزيع، مطبعة الأمنية، الرباط، السنة 2013، ص 308.
– ابتسام فهيم، النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء-دراسة مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، السنة 2013، ص158.
ثانيا: المقالات والملتقيات:
– عبد الجليل مهرار، خصوصيات المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في القانون الجنائي للشركات، مجلة القانون المغربي، العدد 37 إبريل 2018 مطبعة دار السلام الرباط، ص188.
– صالح الذهيي، دور مراقب الحسابات في الكشف عن الجرائم المتعلقة بالشركة الخفية الاسم، جرائم الأعمال، الملتقى المغاربي أيام 10 و11 أبريل 1992، المعهد الأعلى للقضاء بتونس، ص 109.
– فرحات التومي، من أجل إحداث إطار قانوني لعمليات التركيز وتجمع الشركات، م. ق. ت. ت، فيفري 1994، ص 81.
ثالثا: الرسائل والأطروحات
– حسام أبو حجر، الحماية الجنائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري والمقارن، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الجنائي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة باتنه1 الحاج لخضر، السنة الجامعية، 2017/2017 ص 297و 298.
– عز الدن، رضوان، مراقب الحسابات في قانون شركات المساهمة بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة، وحدة قانون التجارة والأعمال، شعبة القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، الرباط، 2003/2004،ص93.
– محمد كرام، المسؤولية الجنائية لمراقبي الحسابات في شركات المساهمة على ضوء القانون المغربي والمقارن، أطرحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسى، الرباط، السنة الجامعية، 2000/ 2001.
– هدى أبو سعد، جرائم الشركات التجارية مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم الجنائية كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة تونس المنار، السنة الجامعية 2003/2004، 199.
– أناس خيرات، الحماية الجنائية للسر المهني في القانون المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون، وحدة البحث والتكوين في العلوم الجنائية،جامع القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش السنة الجامعية، 2013،2014، ص 11.
الهوامش:
(*) تم تحكيم هذا المقال من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون
للدراسات والأبحاث القانونية
[1] عبد الواحد حمداوي، تعسف الأغلبية في شركات المساهمة-دراسة مقارنة-دار الأفاق المغربية للنشر والتوزيع، مطبعة الأمنية، الرباط، السنة 2013، ص 308.
[2] ابتسام فهيم، النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء-دراسة مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، السنة 2013، ص158.
[3] المادة 466 من م. ت.
[4] صالح الذهيي، دور مراقب الحسابات في الكشف عن الجرائم المتعلقة بالشركة الخفية الاسم، جرائم الأعمال، الملتقى المغاربي أيام 10 و11 أبريل 1992، المعهد الأعلى للقضاء بتونس، ص 109.
[6] شركات الأسهم في القانون الموريتاني تتمثل في الشركة خفية الاسم وشركة التوصية بالأسهم وإذا كانت هذه المادة وردت بخصوص الشركة خفية الاسم فإنها مع ذلك تنطبق على مفوض الحسابات في شركة التوصية بالأسهم حيث نصت المادة 711 من م، ت على أنه “تطبق العقوبات الزجرية المتعلقة بالشركات خفية الاسم على شركات التوصية بالأسهم”.
كما أضافت المادة 591 من نفس المدونة أنه “..تطبق على شركة التوصية بالأسهم القواعد المتعلقة بشركة التوصية البسيطة والشركة خفية الاسم باستثناء المواد من 422 إلى 458، ما لم تكن منافية للقواعد الخاصة الواردة في هذا الفرع”.
[7] عبد الجليل مهرار، خصوصيات المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في القانون الجنائي للشركات، مجلة القانون المغربي، العدد 37 إبريل 2018 مطبعة دار السلام الرباط، ص188.
[8]التشريع الفرنسي المادة 457 المعدلة بقانون 04 يناير 1967 من قانون الشركات الفرنسي حيث جرم المشرع بمقتضى هذه المادة امتناع مراقب الحسابات عن إبلاغ النيابة العامة بالوقائع الجرمية التي علم بها بمناسبة ممارسته لمهامه، ووسع من مهمة مندوبي الحسابات تلك لتشمل جميع الهيئات والشركات التجارية وليس فقط في حدود شركات المساهمة وذلك بموجب المادة 820 – 7 من قانون 2011- 525 المؤرخ في 17 ماي 2011 المتعلق بالتنظيمات الاقتصادية الحديثة.
للمزيد انظر:
* حسام أبو حجر، الحماية الجنائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري والمقارن، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الجنائي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة باتنه1 الحاج لخضر، السنة الجامعية، 2017/2017 ص 297و 298.
وهو أيضا نفس التوجه الذي سلكه المشرع التونسي في الفقرة الأولى من الفصل 271 من م. ت حيث نص على أنه ” يعاقب بالحبس من عام واحد إلى خمسة أعوام وبخطية من ألف ومائتين إلى خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل مراقب حسابات يتعمد إعطاء أو تأييد معلومات كاذبة عن حالة الشركة أو لم يعلم وكيل الجمهورية بالجرائم التي بلغ له العلم بها”.
[9] ابن خده رضى، محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية، -تأصيل وتفصيل، مكتبة دار السلام، الرباط، 2012، ص 532.
[10] أحمد شكري السباعي، الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الرابع، مرجع سابق، ص 287.
[11] انظر في تطابق موقف المشرعين البند الخامس من المادة 169 من قانون شركات المساهمة المغربي والبند الخامس أيضا من المادة 469 من م. ت والمادة 405 من قانون شركات المساهمة المغربي والمادة 684 من م. ت.
[12] تماما كما فعل المشرع المغربي والمصري وبعض القوانين الأوروبية، انظر في ذلك:
* حسام أبوحجر، مرجع سابق، ص 298.
[13] حسام أبو حجر، مرجع سابق، ص 298.
[14] بلقاسم كريد، مرجع سابق، ص 48.
[15] حفيظة القادري، مرجع سابق، ص 115.
[16] ابن خده رضى، مرجع سابق، ص 531.
[17] الفصل 271 من م. ش. ت. ت.
[18] التشريع الموريتاني بخصوص المؤسسات العمومية والشركات ذات رأس المال العام، المادة 33 من القانون رقم 90/ 09 الصادر بتاريخ 4 ابريل 1990 المنظم للمؤسسات العمومية والشركات ذات رأس المال العمومي وعلاقتها بالدولة.
[19] فرحات التومي، من أجل إحداث إطار قانوني لعمليات التركيز وتجمع الشركات، م. ق. ت. ت، فيفري 1994، ص 81.
[20] – هدى أبو سعد، جرائم الشركات التجارية مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم الجنائية كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة تونس المنار، السنة الجامعية 2003/2004، 199.
[21] الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية التونسية ” على سائر السلط والموظفين العموميين أن يعبروا لوكيل الجمهورية بما اتصل بعلمهم من الجرائم أثناء مباشرة وظائفهم، ولا يسوغ بحال القيام عليهم بالادعاء الباطل أو بالغرم بناء على الآراء التي أوجب عليهم هذا الفصل إيداعها ما لم يثبت سوء نيتهم”.
[22] هدى أبو سعد، مرجع سابق، ص 199.
[23]هدى أبو سعد، مرجع سابق، ص202.
[24] هدى أبو سعد، مرجع سابق، ص 202.
[25] بلقاسم اكريد، مرجع سابق، ص 51.
[26] المادة 684 من م. ت.
[27] هدى بو سعد، مرجع سابق، ص 205,
[28] هدى بو سعد، مرجع سابق، ص 205.
[29] هدى بوسعد، مرجع سابق، ص 205.
[30] كما تنص أيضا المادة 10 من المرسوم رقم 97/018 الصادر بتاريخ فاتح مارس 1997 الذي يلغي ويحل محل المرسوم رقم 026/83 الصادر بتاريخ 17 يناير 1983 المنشئ للسلك الوطني للخبراء المحاسبين على أنه: “يلزم الخبراء المحاسبون بحفظ السر المهني، غير أنهم يكونون في حل من هذا الحفظ في حالة فتح تحقيقات ضدهم أو متابعتهم من طرف السلطات العمومية أو في حالة الدعاوى المرفوعة أمام المجلس التأديبي للسلك”
[31] المادة 350 من ق. ج “يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من5000 أوقية إلى 60000أوقية، لأطباء والجراحون ومأموروالصحة والصيادلة والقابلات وجميع الأشخاص المؤتمنين بحكم الواقع أو المهنة أو الوظيفة المؤقتة أو الدائمة على أسرار أدلي بها إليهم ويفشونها في غير الحالات التي يوجب عليهم القانون فيها إفشاؤها أو يسمح لهم بذلك”.
[32] وهذا موقف عبد الحميد المنشاوي. أورده:
أناس خيرات، الحماية الجنائية للسر المهني في القانون المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون، وحدة البحث والتكوين في العلوم الجنائية،جامع القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش السنة الجامعية، 2013،2014، ص 11.
[33] زين العابدين الشريف، المسؤولية الجزائية لمراقب الحسابات، مداخلة بالملتقى المغاربي، جرائم الأعمال، ص143.
[34] محي الدين إسماعيلعلم الدين، موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعملية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة غير مذكورة، السنة1987، ص 130.
[35] هشام أزكاغ، مرجع سابق، ص 65.
[36] ابن خده رضى، مرجع سابق، ص 534.
[37][37] طارق البختي، المنظومة الزجرية لشركات المساهمة، بين الصرامة والمرونة، مكتبة الرشاد، اسطات المملكة المغربية، 2017، ص348..
[38] جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثالث مطبعة دار الكتاب، 1932، ص 33.
[39] محمد كرام، المسؤولية الجنائية لمراقبي الحسابات في شركات المساهمة على ضوء القانون المغربي والمقارن، أطرحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسى، الرباط، السنة الجامعية، 2000/ 2001، ص 206و 207.
[40] جاء في الفصل 446 من القانون الجنائي المغربي ” الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة، وكذلك الصيادلة والمولدات وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار، بحكم مهنته أو وظيفته، الدائمة أو المؤقتة، إذا أفشى سرا أودع لديه، وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم..”
[41] طارق البختي، مرجع سلبق، ص348.
[42] محمد كرام، مرجع سابق، ص212.
[43] المادة 475 من م. ت.
[44] المادة 474 من م. ت.
[45] عز الدن، رضوان، مراقب الحسابات في قانون شركات المساهمة بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة، وحدة قانون التجارة والأعمال، شعبة القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، الرباط، 2003/2004،ص93.
[46] ابن خده رضى، مرجع سابق، ص535.
[47] حسام بوحجر، مرجع سابق، ص 304.
[48] هشام أزكاغ، رجع سابق، ص67.
[49] محمود كبش، المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركات المساهمة، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون ذكر طبعة،1992، ص 148.
[50]عز الدين رضوان، مرجع سابق، ص94.
[51] حسام بو حجر، مرجع سابق، ص 303.
[52] ابن خده رضى، مرجع سابق، ص536.
[53] المادة 477 من م. ت”يتقيد مفوضو الحسابات وكذلك مساعدوهم بالسر المهني فيما يتعلق بالوثائق والأعمال والمعلومات التي يكونون قد اطلعوا عليها بحكم ممارستهم لمهامهم”.
[54] تنص المادة 446 من القانون الجنائي المغربي على أنه “..وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار، بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة، إذا أفشى سرا أودع لديه، وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم.
غير أن الأشخاص المذكورين أعلاه لا يعاقبون بالعقوبات المقررة في الفقرة السابقة:
إذا أبلغوا السلطات القضائية أو الإدارية المختصة عن ارتكاب أفعال إجرامية.. علموا بها بمناسبة ممارستهم مهنتهم أو وظيفتهم.
إذا استدعي الأشخاص المذكورين للشهادة أمام القضاء في قضية متعلقة بالجرائم المشار إليها في الفقرة أعلاه، فإنهم أحرار في الإدلاء بشهادتهم أو عدم الإدلاء بها”.
[55] الفقرة الأخيرة من المادة 6 من ق. إ. ج ” يمكن زيادة على ذلك أن تنقضي الدعوى العمومية بالمصالحة أو بدفع غرامة جزافية أو اتفاقية، إذا كان القانون ينص على ذلك صراحة..”.