مجلة مغرب القانونالقانون العامالحسين لكرارة : مدى ملاءمة مشروع القانون 15-76 لأحكام البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.

الحسين لكرارة : مدى ملاءمة مشروع القانون 15-76 لأحكام البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.

من إعداد :  الحسين لكرارة  طالب باحث بسلك الدكتوراه كلية الحقوق جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس

عنوان المقال :  مدى ملاءمة مشروع القانون 15-76[1] لأحكام البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، فيما يتعلق بإحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب.

مـــقــــــدمـــــة :

لقد شَكل الحنين إلى احترام حقوق الإنسان رفيقا للبشرية خلال فتراتها التاريخية المتعاقبة، وواكب هذه المسيرة صراع دائب ومستمر وجهد لا ينضب معينه للحفاظ على الحق في الحرية والسلامة الجسدية بوجه خاص. هذا التطلع للحقوق نابع من ضرورة احترام الإنسان ومن أحقيته في أن يعيش حياة كريمة، بعيدا عن كل قهر وانتهاك، فمضامين الحاجة إلى الحقوق قد تختلف باختلاف الزمان والمكان، لكن المعاناة عند انتهاك الحريات أو كرامة الإنسان خاصية مشتركة لدى بني البشر، بحيث لا يمكن لأي مجتمع إنساني العيش دون حد أدنى من الأخلاق المشتركة.

فعلى مر العصور، كانت حقوق الأفراد وتمتعهم بها الهاجس الأكبر الذي طمحت إليه المجتمعات في سعيها الحثيث نحو التطور، حيث تم الانتقال من عوالم الطغيان والانتهاك إلى قوانين دولية ووطنية تتسم بطابع الإنسانية، وتهتم بكيفية معاملة الإنسان مجردا بذاته بغض النظر عن صفته، وأصبح بذلك مخاطبا أساسيا إلى الدرجة التي صار فيها معنيا مباشرا بقواعد المواثيق الدولية الهادفة إلى حمايته، حيث ازداد الوعي العالمي بضرورة حماية هذه الحقوق بشكل جد ملحوظ خصوصا في النصف الثاني من القرن الماضي، لتحظى بذلك مواضیع حقوق الإنسان بالاهتمام الكبیر من جانب الباحثین، وتقررت بموجب ذلك الحقوق والحریات من أجله وبغیة صیانة كرامته ووجوده الإنساني. فنشأت ترسانة حقوقية متكاملة قادرة على استيعاب كافة مظاهر الانتهاك التي كانت سائدة، وتم الارتقاء بحقوق الإنسان من الجانب النظري الأخلاقي إلى الجانب القانوني الوضعي تحت طائلة العقاب في حالة التعدي علیها.

ولعل أبرز مظاهر الحماية التي جاءت بها الجهود الدولية الجبارة، والتي انتقلت في بداياتها الأولى من حماية الحقوق المدنية والسياسية[2] وإلى غاية حقوق الجيل الثالث، نجد موضوع كرامة الإنسان وسلامته الجسدية والمعنوية، حيث أنه لا يماري أحد في أن حق الإنسان في الحياة وفي سلامته الجسدية هما من أسمى الحقوق الطبيعية التي يتمتع بها هذا الأخير، وفي الحفاظ على هذين الحقين حفاظ على حقه في الوجود والبقاء، وصيانة الجسم امتداد طبيعي لصيانة الحياة.

فالاعتداء على سلامة الجسد هو قضية الإنسان نفسه، لما للأمر من ارتباط وثيق بالحق في الحياة، أي علاقة بارزة بين الحفاظ على السلامة الجسدية وتحقيق الحياة الكريمة، مقابل أن انتهاك هذا الحق سيؤدي لا محالة إلى انتهاك الحق الأسمى وهو الحق في الحياة، لذا اعتبر الحق في السلامة الجسدية من الحقوق اللصيقة بكيان الإنسان وبشخصه، ومصدر جميع أنشطته ومظاهر حياته، والمنطلق الأساسي الذي به يمكن أداء الوظائف الاجتماعية باعتباره عضوا في الجماعة الإنسانية، وبالتالي تم تكريس حماية شمولية لهذا الحق كأول الحقوق الجدیرة بالحمایة والرعایة بعد الحق في الحیاة، ذلك أن الجسم هو الوعاء الذي تصب فیه هذه الحیاة، وهو الكیان المادي الذي یباشر الإنسان من خلاله وظائفه، وقد ینال هذا الوعاء مساسا بسلامته بصورة تقلیدیة تعرف في النظم العقابیة بجرائم الإیذاء، أو الجرح، أو الضرب، بید أن هناك صورة أخري تتسم بالخطورة وتنال من سلامة الجسم تباشرها بعض النظم العقابیة بشكل غیر مشروع، عبر استخدام قدر من القسوة على جسم الإنسان، قد تبررها في بعض الأحیان بحقها في اتخاذ إجراءات كشف الحقيقة [3].

من هذا المنطلق سعت الجهود الدولية خصوصا من داخل الأمم المتحدة إلى تكريس الحماية العامة والخاصة لكينونة الإنسان عبر إقرار عديد المواثيق التي كانت حاسمة في توفير هذه الحماية، لعل أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[4] كأول صك دولي إرشادي خاص بالحقوق والحريات،ويعكس قواعد القانون الدولي العرفي لحقوق الإنسان بشكل شمولي ويعترف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة التي تضمن لهم الحرية والعدل والمساواة والسلام في العالم، هذا الصك الدولي أعطى أهمية كبيرة لحق الإنسان في سلامته الجسدية خصوصا في مادته الخامسة [5]، لكنه اعتبر فقط البداية حيت تلاه إقرار مواثيق دولية عديدة تهتم بنفس الأهداف كان أهمها اتفاقية مناهضة التعذيب[6] وبروتوكولها الاختياري[7] (المشار إليه فيما يلي بإسم : ” البروتوكول الاختياري)، اللذان كانا بمثابة الطفرة النوعية في مجال حماية هذا الحق وإقرار مضامين قادرة على توفير الوقاية من التعذيب، أبرزها إقرار إنشاء نظام قوامه زيارات منتظمة تضطلع بها هيئات دولية ووطنية مستقلة للأماكن التي يحرم فيها الأشخاص من حريتهم بغية توفير بُعد وقائي ومنع كافة مظاهر المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. هذا الإقرار لنظام جديد في خضم البروتوكول، أنتج لنا آليات عمل مغايرة عن ما سبق تضمينه في المواثيق السالفة، حيث أن نظام الزيارات ذاك تشرف عليه آليات دولية سميت باللجنة الفرعية لمنع التعذيب، وأخرى وطنية تسمى بالآليات الوقائية الوطنية، تتكاملان في إقرار نوع من الحماية والوقاية من مظاهر انتهاك السلامة الجسدية للأشخاص المحرومين من الحرية.

فقد اختلفت التعريفات الموضوعة للتعذيب باختلاف الزوايا التي ينظر إليه منها وباختلاف صور التعذيب والوسائل المستخدمة في ذلك، حيث نجد أن هناك عديدا من الفقه حدد المصطلح، كما أشارت له أيضا مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية، والتي لم يكن وجودها سببا لمنعه ووقف ممارساته المتكررة. حيث تشكل جريمة التعذيب أبشع الجرائم التي يمكن أن ترتكب في حق الإنسان بصفة عامة، وفي حق الموقوف بصفة خاصة، وهي انتهاك صارخ للحق في السلامة الجسدية الذي يأتي في مقدمة الحقوق الطبيعية المرتبطة بالشخصية الإنسانية على الفور بعد الحق في الحياة، والذي كفلته الدساتير والاتفاقيات الدولية وإعلانات حقوق الإنسان، واعتبرت أن من واجب السلطة في مختلف الدول أن تؤمن للأفراد الظروف الملائمة والمناسبة التي تضمن سلامتهم البدنية. ولهذا فقد تم التوسع في هذا الحق ومضمونه ليشمل حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاانسانية أو الحاطة بالكرامة بما فيها العنف الموجه ضد النساء والأطفال أو الاتجار الجسدي فيهم، إضافة إلى أحقية السجناء في الرعاية الصحية والنفسية.

ويقصد به كما ورد في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة : ” أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هوأو أي شخص ثالث أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية”. ويمثل بذلك التعذيب شكلا متفاقما ومتعمدا من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما تجدر الإشارة إلى أن للتعذيب تعريفات عديدة من داخل المواثيق الدولية والإقليمية بقدر ما نجد حظره فيها.

الفقه القانوني هو الآخر تطرق لمفهوم التعذيب في عديد الفترات، وتعد من أبرز التعريفات ما وضعه الفقيه الإيطالي ” بيكاريا سيزاري “، حيث اعتبر أنه كل تعبير عن القسوة التي تمارس من قبل معظم الحكومات على المتهم أثناء محاكمته، إما ليعترف بالجريمة، أو ليزيل التضارب في أقواله، أو لیبوح عن شركاء له،أو ليكشف عن جرائم أخري لم يوجه له فيها أي اتهام، ولكنه قد يكون فيها مذنبا “. [8]

تتمثل الفكرة المتصلة بجوهر البروتوكول الاختياري في أن التعذيب يعتبر هجوماً مروعاً على كرامة الإنسان، ويجب القيام بكل شيء لمنع حدوثه. لقد تطور فهم منع التعذيب على مر السنين، من فهم يركز بصورة مبدئية على زيارة أماكن الاحتجاز إلى مسعى أكثر شمولية يعتمد على مقاربة شاملة تبحث في سائر العوامل ذات الصلة والتي تؤثر على ظروف ومعاملة المحتجزين، وزيارة أماكن الاحتجاز من قبل هيئات مستقلة تُعتبر المفتاح لمنع التعذيب، مع وجود حوار وتعاون مع السلطات وتوفير معلومات أفضل لزيادة معرفة السلطات المسؤولة حول كيفية الوفاء بالتزاماتها واحترام حقوق الأشخاص المحرومين من حريتهم[9]. ولا يتعلق منع التعذيب بالاستفسار عما وقع وكيف وقع، لكن بالسؤال لماذا حدث وكيف يمكننا وقف حدوثه.[10]

كما أن التنصيص على الوقاية من التعذيب من خلال البروتوكول جاء مستقلا عن اتفاقية مناهضة التعذيب، لكون مفهوم البروتوكولات الاختيارية في الأساس هي بمثابة اتفاقات لاحقة بالمعاهدات الدولية وتخضع لقبول منفصل[11]. ومنه فواجب منع التعذيب والمعاملة السيئة يشكل دعامة لحظره، كما أنه يبقى كذلك التزاماً في حد ذاته، وتقصير الدولة في اتخاذ ما في متناولها من التدابير الوقائية المناسبة يستتبع مسؤوليتها الدولية إذا وقع في ظروف ما كانت الدولة لولا ذلك لتتحمل فيها المسؤولية.[12]

وبالتالي نكون ومن خلال مقتضيات البروتوكول الاختياري قد انتقلنا من الجهود الدولية الساعية إلى منع التعذيب، إلى الوقاية منه عبر الاستجابة بعد وقوع الانتهاكات، ليكون بذلك قد أنشأ نظاماً مبتكراً واستباقياً للزيارات يمنع حدوث انتهاكات من الأساس. فغالبية آليات حقوق الإنسان المعنية بمنع التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، بما فيها لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب [13]، لا تراقب الأوضاع في أماكن الحرمان من الحرية في الدول الأطراف إلا عند دراسة التقارير أو بعد ورود ادعاءات بوقوع انتهاكات. وبالتالي من خلال الزيارات الوقائية، ونهج سبيل الوقاية القبلية تستطيع الهيئات المنشأة بموجب البروتوكول تحديد عوامل الخطر، وتحليل الأخطاء المنهجية وأنماط الفشل، وطرح توصيات لمعالجة الأسباب الجذرية للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. [14]

ويمكننا أن نعرف الآليات الوقائية الوطنية (نشير لها فيما يلي باسم الآلية الوطنية) على أنها مؤسسات وطنية منشأة أو معينة بموجب أحكام البروتوكول الاختياري، حيث نص في مادته الثالثة على أنه:” تنشئ أو تعين أو تستبقي كل دولة طرف هيئة زائرة واحدة أو أكثر على المستوى المحلي لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة يشار إليها باسم الآلية الوقائية الوطنية“. وهذه الآليات نصت مواد البروتوكول على مجموعة من الأحكام والمبادئ الواجب انعقادها لتكون بذلك مستوعبة لشروط ومضامين الوقاية المشار إليها، مع إتاحة الفرصة للدول لاختيار النموذج الأنسب لنظامها. وغير أن استقراءنا لتاريخ مناهضة التعذيب يوضح لنا أن أسلوب الزيارات الوقائي هذا لم يكن بالشيء الجديد، بل هو مستوحى على الخصوص من الزيارات التي تقوم بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى السجون في زمن الحرب. [15]

لقد أسس البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب نظاما للزيارات المنتظمة إلى أماكن الحرمان من الحرية يقوم بها خبراء وطنيون ودوليون مستقلون، ليشكل الأساس لحوار عملي وبنَّاء بين الخبراء الزائرين والسلطات على المستوى المؤسساتي والوطني.[16]ونكون بذلك أمام إقرار حقيقي عملي لوقاية شاملة من التعذيب عبر مضامين البروتوكول والاتفاقية، خصوصا وأن التعذيب لازال متجدرا ضمن عديد الأنظمة على مستوى العالم، بحيث يتكرر ذكر هذه الممارسات بشكل دوري ضمن تقارير الهيئات الرسمية وغير الرسمية في دول العالم أجمع. لتتواجد لغاية الآن 64 آلية وقائية وطنية، بالإضافة إلى 19 دولة مصادقة على مضامين البروتوكول أو وفي طور إعداد آلياتها الوطنية.[17]

ويعتبر المغرب من بين هذه الدول التي انخرطت في مسار مناهضة التعذيب والوقاية منه، خصوصا وأنه عرف منذ الاستقلال مجموعة من الانتهاكات مختلفة الدرجة والخطورة لحقوق الإنسان، رغم مصادقة الحكومة على العديد من المواثيق الدولية[18]والانضمام إلى المنظمة الأممية، حيث تميزت الفترة الممتدة ما بين سنتي 1956 و1999 بكونها فترة توتر وتجاوزات على المستوى التعامل مع المحتجزين مما جعل مطالب الحركة الحقوقية والسياسية بالمغرب تتزايد، الأمر الذي عجل بإحداث المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان [19] بخطاب ملكي حدد السمات الأساسية لهذا المجلس وما هو مكلف للقيام به في تطوير وحماية حقوق الإنسان.[20]

ليعرف المغرب بعد ذلك تطورا ملحوظا في مسار حماية الحقوق والحريات توج بإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة [21] التي عمدت إلى تقديم تقريرها النهائي بتاريخ 30 نونبر 2005 والذي تضمن توصيات عديدة في مجال منع تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كان من بين أهم ما تحقق منها في هذا المجال، تجريم التعذيب من داخل فصول القانون الجنائي مع دسترة هذا الحق،[22] وكذلك رفع كافة التحفظات على اتفاقية مناهضة التعذيب[23] بالإضافة إلى الانضمام إلى بروتوكولها الاختياري، مما جعل المغرب أمام محطة تاريخية للنهوض بمجال الوقاية من التعذيب.

وقد توج هذا المسار بموافقة المجلس الوزاري المنعقد برئاسة جلالة الملك محمد السادس في 9 شتنبر 2011 على الانضمام إلى البروتوكول الاختياري، بعدما سبق لمجلس الحكومة أن وافق عليه في 26 ماي 2011. ليعتمد في 12 فبراير 2013، من طرف مجلس النواب بالإجماع القانون رقم 124.12 الذي يوافق بموجبه على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. وفي 21 ماي 2013، وافق مجلس المستشارين بالإجماع على هذا القانون لينشر في الجريدة الرسمية [24]، كما أودع المغرب آليات التصديق على البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب لدى الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة يوم 24 نونبر، إبان انعقاد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان مراكش 2014، حينئذ أصبح من الواجب على الدولة المغربية، وفقا لأحكام البروتوكول، إحداث أو تعيين آلية وطنية للوقاية من التعذيب في غضون سنة واحدة بعد هذه المصادقة الرسمية طبقا لأحكام البروتوكول، والذي جعل للدول حرية إختيار النموذج الأنسب لهذه الآلية. ويأتي هذا القرار – الانضمام إلى البروتوكول- تتويجا لمسار طويل من العمل التحضيري قام به على وجه الخصوص المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وخلَفُه المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكذا ائتلاف المنظمات غير الحكومية الذي بادرت إلى تأسيسه المنظمة المغربية لحقوق الإنسان [25]. ومن أجل توفير الظروف المواتية لتنفيذ فعال لمقتضيات البروتوكول، تم فتح نقاش هادئ وشفاف وموضوعي بين كافة المتدخلين حول اختيار الآلية الوقائية الأنسب تمثل في تنظيم العديد من الأنشطة في هذا الصدد.[26]

تستقطب دراسة المصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب اهتمام الساسة والحقوقيين ورجال القانون والأكاديميين في العالم على حد سواء، ويعزى ذلك لتبعات المصادقة المهمة والمتمثلة في إقرار آليات وقاية وطنية ودولية تتفقد عبر زيارات منتظمة مراكز الاحتجاز دون أية شروط مقيدة لها في ذلك. وبالتالي فمن الطبيعي بروز أصوات معارضة لهذا النظام الرقابي الجديد لكونه يحتمل تأويلات التدخل في السيادة الوطنية، لاعتبارات مفادها أن هذه الزيارات حق حصري مخول فقط لأجهزة الدولة، لذا فجوهر البروتوكول هذا المعتمد على نظام الزيارات من طرف هيئة وطنية أضحى أكثر قبولا خصوصا مع تزايد الوعي الوطني والدولي بضرورة تفقد هذه الأماكن ورصد كافة التجاوزات الماسة بحقوق الأفراد وبسلامتهم الجسدية.

ليكون المغرب وبعد أن صادق على البروتوكول مطالبا بالإعمال الفعلي لمضامينه، أي تبني نموذج للهيئة الوطنية التي تناسب نسقه السياسي والمدني والاجتماعي والثقافي. وعلى هذا المستوى بالضبط، يتضح من خلال أحكام البروتوكول وخاصة المادة 17[27] منه أن الدول إما أن تنشئ أو تعين آليات وقائية وطنية تتوفر فيها عناصر الاستقلالية، وبالتالي يكون سكوته هذا عن صيغة محددة للآلية بمثابة فتح المجال أمام الدول من أجل اختيار أية صيغة مناسبة لها شريطة احترام باقي الأحكام المنصوص عليها.

وقد سار المغرب بذلك على نهج العديد من الدول، وإن تجاوز أجل السنة الموضوع من طرف البروتوكول الاختياري كسقف لتحديد الآلية الوقائية بموجب المادة 17منه، بمنحه الثقة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لكي يحتضن هذه الآلية الوقائية، وهو الأمر الذي جاء مضمنا بمشروع قانون رقم 15-76 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان(يشار إليه فيما بعد باسم المشروع)، الصادر في 15 مايو 2017، وذلك تنفيذا لأحكام الفصلين 161 و171 من الدستور، ومستحضرا الوضع الدستوري للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بصفته هيئة لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وكذا المبادئ التي تنظم المؤسسات الوطنية للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها وصونها. كل ذلك في إطار التجسيد الحقيقي لالتزامات المملكة المغربية بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرها، مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء.

هذا المشروع رغم أنه في شموليته يغير من الضوابط العامة للمجلس الوطني، إلا أنه كان مضمنا لأحكام ومبادئ منظمة لاحتضانه لمهام الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وبالتالي فاختيار المغرب لهذا النموذج يجعلنا ملزمين بتقصي ملاءمته لمضامين البروتوكول الاختياري، ويأتي هذا في إطار مسايرتنا الفعلية والجادة للنقاش العمومي الدائر، كما يجعلنا مجبرين على الإجابة على سؤال جوهري أساسي فحواه: إلى أي حد أصاب المشرع المغربي في تبني مضامين الوقاية من التعذيب كما هو منصوص عليها أمميا من داخل مشروع القانون 15-76 ؟

أي أننا سنحاول الكشف عن مظاهر الملاءمة بين مشروع القانون 15-76 وأحكام البروتوكول الاختياري في ما يتعلق بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، إضافة إلى تقصي مظاهر القصور التي جاءت مضمنة في طيات هذا المشروع. كل ذلك من خلال التصميم التالي :

  • المبحث الأول: اختصاصات الآلية الوطنية في ظل مشروع القانون 15 – 76 ومدى ملاءمتها لمبادئ البروتوكول الاختياري.
  • المبحث الثاني : إنشاء وتحديد الآلية الوقائية الوطنية في ظل مشروع القانون 15-.76

المبحث الأول: اختصاصات الآلية الوطنية في ظل مشروع القانون 15- 76 ومدى ملاءمتها لمبادئ البروتوكول الاختياري:

يهدف البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب إلى منع وقوع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة من خلال إنشاء نظام يقوم على إجراء زيارات منتظمة لجميع أماكن الاحتجاز الخاضعة لولاية الدول الأطراف وسيطرتها، وعلى أساس هذه الزيارات يقوم خبراء دوليون ووطنيون بتقديم توصيات بشأن تحسين تدابير الوقاية المحلية إلى سلطات الدول الأطراف، ويعد البروتوكول الاختياري مكملاً لاتفاقية مناهضة التعذيب – وهي المعاهدة الأم – وليس بديلاً لها.

خلافاً لغيره من البروتوكولات الاختيارية لمعاهدات حقوق الإنسان، يُعتبر هذا البروتوكول معاهدة تنفيذية وليس وثيقة تحدد المعايير، ولا ينشئ نظاماً لتقديم الشكاوى الفردية لأن ذلك منصوص عليه بالفعل في المادة 22 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، كما أنه لا يلزم الدول الأطراف بتقديم تقارير دورية إلى أي هيئة من الهيئات المنشأة بموجب المعاهدات، وإنما يُدخل البروتوكول عنصراً عملياً ومكملاً على الإطار الوقائي المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب، فقد أشار من خلال جزئه الأول [28] إلى عديد المبادئ العامة التي مهد بها إقرار الآليات التقنية سواء الدولية أو الوطنية، وبموجب المادة الثالثة[29] منه تم التنصيص على إحداث آلية وقائية وطنية واحدة على الأقل يتمحور عملها في القيام بزيارات منتظمة وفجائية لأي مكان يأوي الأشخاص المجردين من حريتهم ويخضع لقضاء الدول الأطراف.

وبالتالي نجد أن البروتوكول جاء شاملا لكافة المقتضيات التي من شأنها تحديد أو إنشاء الآليات الوطنية، إضافة إلى أهم العناصر الموزعة بين المبادئ المؤطرة لهذه الآليات وكذلك نهجها وأساليب عملها، لذلك سنحاول من خلال تقصي مواد مشروع القانون 15-76 تقصي مكامن التطابق والاختلاف وتحليل توجه المشرع المغربي. حيث يتوزع مشروع هذا القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى ثمانية أبواب و66 مادة تتضمن على التوالي أحكاما عامة، صلاحيات المجلس في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وكذا تأليف المجلس، واللجان الجهوية لحقوق الإنسان، وأجهزة المجلس وكيفيات سيره، وتنظيمه المالي والإداري، إضافة إلى مجموعة من الأحكام المختلفة في ختام هذا المشروع.

وفي إطار مواد الباب الثاني منه، نجد انه تم التنصيص على صلاحيات المجلس، والتي برز من خلالها بشكل كبير توليه مهام الوقاية من التعذيب (الفصول 14 إلى غاية 17). فكيف نظمت هذه الفصول أعمال الآلية الوقائية ونهجها في ظل المبادئ التوجيهية وأحكام البروتوكول الإختياري؟ هذا ما سنحاول الكشف عنه من خلال تقصي نهج الآلية الوقائية في ظل هذا المشروع (المطلب الأول)، إضافة إلى محاولة الكشف عن أعمال هذه الآلية في إطار علاقاتها الداخلية والخارجية(المطلب الثاني).

المطلب الأول : نهج الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب من خلال مشروع القانون 15-76

أشرنا فيما سبق إلى أن أبرز مضامين البروتوكول الاختياري تتجلى في كونه جاء بترسانة تقنية تمثلت في الآليات الوقائية الوطنية إلى جانب اللجنة الفرعية لمنع التعذيب كأسلوبين الأول داخلي وطني والثاني دولي، يسعى كل منهما إلى نهج مسلك الوقاية عبر آليات عملية جديدة ومتطورة، تم طرحها من داخل مواد البروتوكول ويمكن اعتبارها مكانيزمات العمل المتطلب توفرها للآليات بعد إنشائها أو تعيينها، هذا الإقرار المبدئي بسلك أسلوب الزيارات لأماكن الاحتجاز وجعل البروتوكول مرتكزا إلى هذا النهج يجعلنا نتساءل عن ماهية الدرب الذي سلكه مشروع القانون 15-76، وإلى أي حد طابقت أحكامه نهج البروتوكول الاختياري في إقرار آلية وقائية وتكريس أعمالها (الفقرة الثانية)، خصوصا في ظل وجود أحكام عامة سواء في التنظيم السابق للمجلس الوطني[30] أو من داخل هذا المشروع تسعى إلى إقرار وقاية من التعذيب في إطار المهام الحمائية للمجلس (الفقرة الأولى).

الفقرة الأولى: المهام المنوطة بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان في علاقتها بالآلية الوطنية

بالرجوع لمواد مشروع القانون 15-76، نجد ان هناك من الأحكام العامة التي تم إقرارها والتي تتداخل في شموليتها مع نهج الوقاية من التعذيب الذي أقره البروتوكول الاختياري، لذلك سيكون لزاما علينا الانطلاق منها والكشف عنها قبل الخوض في الآلية الوقائية كما هو منصوص عليها من داخل هذا المشروع، خصوصا وأن هذه الأدوار الحمائية ليست بالمعطى الجديد لكون أغلبها كان منصوصا عليه في إطار الصيغة القديمة للمجلس الوطني والتي نص عليها الظهير المحدث له.

حيث نجد هذا الظهير قد نص على اختصاصات واسعة تشمل كل القضايا العامة والخاصة المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، وتؤسس المادتان الثالثة والرابعة لمفهوم ونطاق ومدلول التصدي الحمائي. وعليه يتدخل المجلس تلقائيا أو بناءا على طلب، بخصوص الشكايات التي المتعلقة بالحقوق وبحسب الوصف الوارد في المادتين الثالثة والرابعة. عندما يتعلق الأمر بانتهاكات لحقوق الإنسان، مدنية كانت أوسياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وثقافية وبيئية. ويرد على هذا الاختصاص قيدان، حددهما على سبيل الحصر، الظهير المحدث للمجلس في حالتين اثنتين : الأولى وتخص الانتهاكات في المجال الإداري التي يعود فيها حق النظر وفق إجراءات ومساطر خاصة لمؤسسة الوسيط، أما الحالة الثانية فتتعلق لما هو معروض على القضاء للنظر فيه.

هذه المعطيات المذكورة سابقا من خلال الظهير المحدث للمجلس، نجد أنها هي نفسها تم نسخها من خلال مشروع القانون 15-76، بشكل أكثر شمولية يقر مهاما حمائية يضطلع بها المجلس عبر رصد جميع الانتهاكات التي تستهدف حقوق الإنسان، والتي تدخل من ضمنها انتهاكات الحق في السلامة الجسدية للمحتجزين وممارسات التعذيب. إضافة إلى أن هذه المادة الخامسة من هذا المشروع أقرت الأساليب التي يوظفها المجلس في إطار سعيه هذا والتي تتمثل في التحريات والتحقيقات إضافة إلى وضع تقارير وتوجيهها للجهات المختصة مشفوعة بتوصيات.

كما أنه نجد وفي إطار ممارسة المجلس لاختصاصه في مجال الحماية من انتهاكات الحقوق والحريات تم تمكينه في إطار الصياغة القديمة من صلاحيات واسعة فيما يخص الرصد والتحري والتحقيق وتقديم التوصيات، وهي صلاحيات تنظم بموجب النظام الداخلي للمجلس. حيث تتمثل هذه الصلاحيات بالخصوص في تلقي الشكايات وتتبع مصيرها حيث ينظر المجلس في حالات خرق حقوق الإنسان ودراسات الشكايات بهذا الخصوص مع تقديم توصيات بموجبها، مع إمكانية تقديم طلبات للمؤسسات المعنية بالشكاية من أجل تقديم توضيحاتها بخصوص المعلومات المقدمة في الشكاية. وهو الأمر نفسه الذي أقرته المادة السادسة من مشروع القانون 15-76، حيث أصيح المجلس ينظر في جميع حالات انتهاك حقوق الإنسان، إما بمبادرة منه أو بناءا على شكل شكاية ممن يعنيهم الأمر أو بتوكيل منهم، ليتم دراسة هذه الشكايات وتتبع مسارها وإخبار المعنيين بمآلها.

لنكون أمام إقرار أسلوب الشكايات الذي من شأنه أن يلعب أدوارا طلائعية في الوقاية من التعذيب وفضح كافة الممارسات التي من شانها أن تمس الحق في السلامة الجسدية. إضافة إلى التنصيص المشار إليه من خلال المادة السادسة من هذا المشروع والتي أقرت للمجلس ممارسة صلاحياته المشار إليها في تقصي الانتهاكات عبر تنظيم جلسات الاستماع، يدعوا إليها الأطراف المعنية بموضوع الانتهاك أو الشكاية وكذا الشهود والخبراء وكل شخص يرى فائدة في الاستماع إليه. مع إمكانية مطالبته من الإدارات والهيئات العامة والخاصة المعنية، تقديم تقارير أو بيانات أو معلومات حول الشكايات التي يتولى النظر فيها، أو القضايا التي يتصدى لها تلقائيا.

كما نجد أنه قد نص هذا المشروع في مادته الحادية عشر[31] على أن المجلس يقوم في إطار ممارسته لمهامه في مجال حماية حقوق الإنسان، مع مراعاة الاختصاصات المخولة للسلطات العمومية المختصة بزيارة أماكن الاعتقال والمؤسسات السجنية ومراقبة أحوال السجناء ومعاملتهم. وكذا مراكز حماية الطفولة وإعادة الإدماج، والمؤسسات الإستشفائية الخاصة بمعالجة الأمراض العقلية والنفسية، وأماكن الاحتفاظ بالأجانب في وضعية غير قانونية. ويعد المجلس تقارير حول الزيارات التي قام بها، تتضمن ملاحظاته وتوصياته، بهدف تحسين أوضاع السجناء، ونزلاء المراكز والمؤسسات والأماكن المذكورة، ويرفعها إلى السلطات المختصة. أي أن هذا المشروع أقر للمجلس مهاما قريبة لما هو منصوص عليها بالنسبة للآلية الوقائية، أي أننا أمام اختصاص عام للمجلس ليقوم بأدوار إضافية للوقاية من التعذيب الى جانب ما سيتم لاحقا التأسيس له بالنسبة لولاية الآلية الوقائية الوطنية، وبالتالي يمكننا القول أن هناك ازدواجية وقائية من التعذيب من خلال مواد هذا المشروع، الأولى يقوم بها المجلس في إطار مهامه العامة، الثانية تتولاها الآلية الوقائية .

إلا أن هذه المادة جاءت بمعطى أثار الكثير من الجدل على المستوى الدولي والوطني، والذي يخص حالات الاعتراض على زيارات مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية لمراكز الاحتجاز المختلفة، حيث أشار البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب من خلال مادته الرابعة عشر(الفقرة الثانية)، إلى أن الدول لا يمكنها الاعتراض على الزيارات لمراكز الاحتجاز إلا بالنسبة لتلك التي ستقوم بها اللجنة الفرعية لمنع التعذيب للدول المنضمة للبروتوكول[32] إلا في حالات، وأن الاعتراض على زيارة لمكان احتجاز بعينه لا يمكن التذرع به إلا لأسباب ملحَّة وموجبة لها علاقة بالدفاع الوطني أو السلامة العامة والكوارث الطبيعية أو اضطراب خطير في المكان المزمع زيارته، مما يحول مؤقتا دون الاضطلاع بزيارة كهذه. وبالتالي لا يمكن لأي دولة أن تعترض على زيارات اللجنة الفرعية إلا في هذه الحالات المذكورة.

وفي المقابل نجد أن المادة 20 من البروتوكول لم تتضمن معنى موازياً لذلك فيما يخص الحالات الاستثنائية التي يمكن فيها الاعتراض على أعمال الآلية الوقائية الوطنية، ليكون الاستنتاج المعقول هو أنه لا توجد أي ظروف تسمح للحكومة ولو حتى بالاعتراض مؤقتاً على أي زيارة تقوم بها الآلية الوقائية الوطنية، عكس ما هو منصوص عليه من حالات استثنائية في زيارات اللجنة الفرعية لمنع التعذيب. [33]

من كل هذا، وباستحضار مضامين البروتوكول فيما يخص اللجنة الفرعية وكذلك زيارات الآلية الوقائية، وبالرجوع للتنصيص المثير للجدل المضمن في المادة الحادية عشر من مشروع القانون 15-76، والتي تجيز للسلطات المسؤولة عن إدارة أماكن الاحتجاز الاعتراض بصفة استثنائية ومؤقتة على الزيارات التي يقوم بها المجلس الوطني في إطار مهامه الحمائية العامة لهذه المراكز، لدواعي سماها المشروع بالخطيرة وحالات تتعلق بالدفاع الوطني أو الأمن العام أو الكوارث الطبيعية والاضطرابات الخطيرة، يكون هذا المقتضى وإن تم إقراره من داخل المهام الحمائية للمجلس وليس للآلية الوقائية، بمثابة خروج نسبي عن سكة الوقاية المكرسة من داخل مبادئ البروتوكول، بحيث لا يمكن لنا إقرار مهام الوقاية من التعذيب من داخل الأحكام العامة للقانون المنظم له، وجعلها مقيدة باستثناءات لم يذكرها البروتوكول الاختياري. بحيث سيصبح بذلك الولوج لمراكز الاحتجاز من طرف المجلس مرهونا بإرادة السلطات المسؤولة، ولن يكون هناك تحقيق شمولي لمقاصد االوقاية من التعذيب .

فرغم كون الإعتراض المشار إليه من خلال المادة الحادية عشر من المشروع تم حصره في حالات استثنائية بالنسبة لأدوار المجلس الحمائية العامة، والتذرع بأن الأمر لا يعد خروجا عن نسق البروتوكول لعدم ذكر أي معطى شبيه على مستوى المواد اللاحقة التي أشارت لزيارات الآلية الوقائية، فإن الأمر يستوجب حسما نهائيا فيما يخص أدوار الآلية الوقائية و الأدوار العامة للمجلس الشاملة للوقاية من التعذيب، بحيث أن أي اعتراض على زيارات المجلس لأي سبب من الأسباب ولو في إطار مهامه العامة، فإنه يعد مساسا حقيقيا بولاية الآلية الوقائية، لكونها جهازا ضمن المجلس وتؤدي أدوارها من داخله بحكم فصول مشروع القانون 15-76، أي أن الاعتراضات ستمس لا محالة هذه الولاية وستكون بمثابة الورقة التي ترفع في وجه الزيارات، بحيث سيكون هناك خلط تام، هل هو اعتراض على أدوار للمجلس في إطار المهام الحمائية أم على ممارسة للآلية الوقائية لأدوارها؟.

ونرى من جانبنا أن هذا المعطى يعد تضييقا على اختصاص المجلس في حالة تبنيه بنود الوقاية من التعذيب، وإن كان الأمر ضمن الأحكام العامة إلا أنه يعد مسا حقيقيا بحرية اختيار مراكز الاحتجاز والولوج إليها بشكل منتظم أو فجائي كما هو مشار إليه من داخل أحكام البروتوكول الاختياري. كما نقترح كتعديل نسبي يفصل في هذه الإشكالية، ويجعل من ولاية الآلية الوقائية ولاية مماثلة لبنود البروتوكول الاختياري، بعيدا عن كل التأويلات الممكن أن تثار على مستوى الممارسة في حالات زيارة مراكز الاحتجاز، بحيث نرى أنه من الواجب نزع الإختصاص المخول للمجلس الوطني فيما يتعلق بالوقاية من التعذيب في زيارته لمراكز الاحتجاز من خلال مهامه الحمائية العامة المنصوص عليها، وتركه للآلية الوقائية الوطنية كاختصاص حصري مخول لها كجهاز تابع للمجلس، لكون هذا التعدد في الولاية بالنسبة للجهاز الواحد يثير اشكالات عديدة من بينها الاعتراض على الزيارات في الحالات المشار اليها. ليكون الحل في نظرنا هو جعل المهام الحمائية العامة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ما هو مشار إليه من خلال هذا المشروع، دون الزيارات الوقائية من التعذيب التي تعد اختصاصا حصريا للآلية الوقائية، والتي يتم القيام بها بشكل حر دون أية تقييدات أو استثناءات تعارض مواد البروتوكول الاختياري، وجعل المجلس ممارسا لكل المهام الأخرى من تلقي الشكايات حول دواعي التعذيب وكل ما من شانه يؤدي إلى وقاية لا تعارض مواد البروتوكول، أي أنه من الواجب حذف المادة الحادية عشر من المشروع، والاكتفاء بولاية الآلية الوقائية.

كما أنه إن سلمنا بضرورة وجود هذه المادة، وتم إقرار هذه المهام الحمائية للمجلس إلى جانب الآلية الوقائية،فإنه من الواجب إعادة النظر في حالات المنع والاعتراض المشار إليها، وجعلها مخصصة لحالات زيارات اللجنة الفرعية كما هو مشار إليه في البروتوكول الاختياري، وليس لزيارات المجلس. وبالتالي نكون أمام تعديلات متعددة في فرضيات تلائم البروتوكول، الأولى هي حذف المادة 11 و الإكتفاء بمهام الآلية الوقائية، أو جعل هذه الإعتراضات المشار إليها خاصة بولاية اللجنة الفرعية لمنع التعذيب.

لتكون هذه أبرز المعطيات المشار إليها من خلال الأحكام العامة في علاقتها بأدوار الآلية الوقائية، بحيث أن الإشارة لهذه المهام الحمائية هو مواصلة لتكريس نهج الوقاية الذي لعبه المجلس في صيغته القديمة، بحيث لطالما كانت الوقاية من التعذيب ومناهضته إحدى أهم تحدياته. لذلك سنحاول فيما يلي تقصي مضامين إقرار آلية وقائية في باقي أحكام المشروع.

الفقرة الثانية : المداخل الكبرى لإقرار الآلية الوطنية من خلال مشروع القانون 15-76

يأتي مشروع القانون 15-76 تجسيدا لالتزامات المملكة المغربية بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرهما، مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة. وبالتالي يهدف هذا المشروع إلى استكمال إرساء منظومة حقوق الإنسان والنهوض بها، بتخويل المجلس الوطني لحقوق الإنسان مهام الوقاية من التعذيب عبر إقرار آلية وقائية وطنية من داخله. فقد نصت المادة الثانية عشر من هذا المشروع على إحداث آلية وكنية للوقاية من التعذيب لدى المجلس الوطني، ليتم تخصيص المواد من 14 إلى غاية 17 لتحديد أهم الضوابط المنظمة لهذه الآلية من اختصاصات وكذلك علاقة هذه الآلية بالسلطات وباللجنة الفرعية، وهذا ما سنحاول تقصيه في ظل استحضار مواد البروتوكول الاختياري.

  1. زيارة الآلية الوطنية لأماكن الاحتجاز من خلال مشروع القانون 15-76

استهل مشروع القانون هذا التنصيص على الآلية الوقائية الوطنية من خلال المادة 14 بالإشارة إلى أهم الاختصاصات التي تم منحها لها من داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي توزعت بين ثلاثة محاور يعد الأساسي منها هو القيام بزيارات لمختلف الأماكن التي يوجد فيها أشخاص محرومون أو يمكن أن يكونوا محرومين من حريتهم، وذلك بكيفية منتظمة، بهذف تعزيز حمايتهم من التعذيب ومن ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وبالتالي يكون المشروع قد منح للآلية أهم اختصاص وجوهر البروتوكول الاختياري، والتي تم تكريسها ابتداءا من المادة الأولى التي نصت على أن هدف البروتوكول الحالي هو إنشاء نظام قوامه زيارات منتظمة، تضطلع بها هيئات دولية ووطنية مستقلة للأماكن التي يحرم فيها الأشخاص من حريتهم وذلك بغية الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وبالتالي توضح هذه المادة، الغاية والعناصر الأساسية للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، وكذلك الإضافات التقنية والعملية القائمة بالأساس الزيارات الوقائية المنتظمة والتي تشكل جزءاً من نظام زيارات شامل.

هذا الإقرار المبدئي بسلك أسلوب الزيارات لأماكن الاحتجاز يجعلنا نتساءل عن ماهية هذه الزيارات وصيغها، خصوصا أن مضامين البروتوكول أو من خلال مقتضيات أخرى تتقاطع مع هذا الأسلوب تعطي صورة واضحة وشاملة لكيفية انعقاد الزيارات وشكلها. حيث نجد أنه تم التنصيص على هذا المنهج من خلال المواد 4،19 و20. لقد نصت المادة الرابعة من البروتوكول على أنه يتم إجراء الزيارات لهدف تعزيز حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم من التعذيب وهو الأمر نفسه الذي أشارت له الفقرة الأولى من المادة 13 من المشروع، أي أن هذا النهج الوقائي الذي تتبعه الآلية الوقائية الوطنية يتمحور حول تحديد وتحليل العوامل التي قد تؤدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى زيادة أو نقصان خطر التعرض للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، فهو يسعى إلى تقليل عوامل الخطر أو القضاء عليها بصورة منهجية وتعزيز عوامل الحماية والضمانات.

وبالتالي فنهج الآليات الوقائية يعتمد على أسلوب جديد بدلاً من محاولة إيجاد الحلول للحالات الفردية فيتم تحليل أنظمة الحرمان من الحرية لتحديد الأسباب الجذرية للانتهاكات، والتركيز على تحسينها من خلال الحوار البنَّاء والضمانات المقترحة وغير ذلك من التدابير. وتشكل بذلك الزيارات وسيلة فريدة للحصول على معلومات مباشرة عن واقع معاملة المحتجزين وأوضاعهم وسير العمل في أماكن الاحتجاز، وخلالها تقوم الآليات الوقائية بفحص سائر أوجه أماكن الاحتجاز، الأوضاع المادية الضمانات وتدابير الحماية، العمليات، الخدمات الطبية، ظروف عمل الموظفين، العلاقات بين المعتقلين، العلاقات بين الموظفين والمعتقلين.

وبرجوعنا إلى المادة الأولى من البروتوكول، نجدها أشارت إلى الزيارات الوقائية القائمة على أساس منتظم والتي تشكل جزءاً من نظام زيارات شامل تكلف بها الآلية الوطنية، إضافة إلى ما نصت عليه المادة الرابعة والتي أضافت معطى إمكانية الزيارات الفجائية، والذي أشارت له المادة 19. غير أن المادة 13 من المشروع نصت فقط على عنصر الانتظام في الزيارات الوقائية للآلية كما هو مشار في البروتوكول دون ذكر عنصر مهم في أسلوب الوقاية وهو المفاجأة، بحيث تعتبر اليوم الزيارات الفجائية من بين أنجع الوسائل لتقصي الآليات الوطنية حول مزاعم التعذيب أو سوء المعاملة. أي أن الآليات الوطنية وجب أن تتمتع بإمكانية الوصول إلى مختلف الأماكن التي يُحرم فيها الأشخاص من حريتهم، سواء عبر الزيارات الوقائية أو المنتظمة والمتكررة، كما ينبغي أن تملك صلاحية القيام بزيارات مفاجئة، أي لا يتم الإعلان مسبقا عن برنامجها وإنما يتم الشروع فيها بشكل فجائي نظرا لاعتبارات خاصة، متعلقة بكون مظاهر المعاملة المهينة والتعذيب بصفة عامة، بإمكان الأشخاص الممارسون لها إخفاء معالمها من داخل مراكز الاحتجاز إن هم كانوا على دراية بأن آليات وقائية ستزورهم، وبالتالي فعنصر الفجائية سيكون حاسما في كشف هذه المظاهر قبل أن يتم السعي لإخفائها. هذا الأسلوب الفريد في العمل، هو ما يميز أنشطة الآليات الوطنية عن باقي الآليات المشابهة والتي تقوم بنفس تقنيات الزيارات، وبالتالي القيام بزيارات دون إعلان كسبيل وحيد كي تتأكد الآلية الوقائية الوطنية من رؤية الصورة الحقيقية للواقع اليومي لأماكن الاحتجاز، ومن أجل تفعيل قوة الردع الممكنة للآلية الوقائية الوطنية.

هذا الأمر أشار له المقرر الخاص للأمم المتحدة الذي يتوفر هو الآخر على إمكانية زيارة أماكن الاحتجاز في مجرى مهماته فاعتبر أن الزيارات : ” غير المعلنة تهدف إلى ضمان، في الحد الأقصى، قدرة المقرر الخاص للأمم المتحدة على تكوين صورة خالية من التحريف في ظروف مقر ما، أما في حال إعلانه مسبقاً عن المقرات التي يريد زيارتها والأشخاص الذين يود لقاءهم، هناك، في كل وقت، خطر تمويه أو تغيير الظروف الموجودة كما يمكن نقل الأشخاص، تهديدهم أو منعهم من اللقاء به”. هذه الحالات كانت تحصل حتى حين كان يتأخر في دخول مقر ما حتى ولو لأقل من فترة 30 دقيقة وهذه حقيقة مؤسفة يواجهها المقرر الخاص للأمم المتحدة. [34]

إن قراءة المادة 20 في سياق البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، تدعم بشكل كلي نتيجة وجوب أن يكون للآلية الوقائية الوطنية سلطة القيام بزيارات غير معلنة، وبالتالي لا يمكن لأية ظروف أن تسمح باعتراض مؤقت من الحكومة لأي زيارة تقوم بها الآلية الوقائية الوطنية، إذ أنها مخولة بالوصول إلى هناك في أي وقت من الليل أو النهار، عكس ما هو مشار إليه من خلال المادة 14، والتي أشارت إلى إمكانية اعتراض الدولة على زيارات اللجنة الفرعية لمنع التعذيب لأماكن الاحتجاز الوطنية نظرا لظروف داخلية خاصة حددتها المادة.[35]

كما وجبت الإشارة إلى أن الهيئات الحكومية المختصة والخبراء استنتجوا أيضاً أن الآلية الوقائية الوطنية الفعالة يجب أن يكون لديها سلطة الأخذ على عاتقها الزيارات غير المعلنة، بحيث أشار المقرر الخاص للأمم المتحدة عن التعذيب في عام 2006، عندما تحدث عن دخول البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب حيز التنفيذ، أن على الدول الأطراف الموافقة على قبول الزيارات غير المعلنة إلى أماكن الاحتجاز، كواحدة أو أكثر من الآليات الوقائية الوطنية المستقلة لمنع التعذيب على الصعيد الوطني.[36] كما أن اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان في برلمان المملكة المتحدة في عام 2006، في إشارتها إلى الموافقة من الحكومة، أكدت على أن ” قوة التفتيش غير المعلن هي صمام أمان حيوي لعمل الآلية الوقائية الوطنية بمقتضى البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب”.[37] وبالتالي نكون أمام إغفال لمعطى جد مهم في نظام الوقاية، بحيث يكون لنظام الزيارات هذا فعالية أكبر إن تم التنصيص على فجائيته، وترك الحرية التامة للآلية الوطني في تقصي مظاهر سوء المعاملة للمحتجزين.

مقال قد يهمك :   عبرات قانونية على فراغات تشريعية حول الاستثمار في الأراضي السلالية

  1. الحرمان من الحرية في مشروع القانون 15-76 :

أعطت المادة 14 من المشروع تعريفا لمفهوم الحرمان من الحرية، بحيث اعتبرته – كما البروتوكول الاختياري من خلال مادته الرابعة- ككل شكل من أشكال احتجاز الأشخاص أو سجنهم أو إيداعهم في مكان عام أو خاص للاحتجاز حيث لا يسمح لهم بمغادرته متى شاؤو، سواء كان ذلك بأمر من سلطة قضائية أو إدارية أو غيرها من السلطات. وتجدر الإشارة إلى أنه التعريف نفسه الذي جاء به البروتوكول الاختياري من خلال الفقرة الثانية من المادة الرابعة، ليكون بذلك هذا النهج الذي اتبعه المشرع هو نهج محمود لأن وضع مفهوم للاحتجاز يماثل ما وضعه البروتوكول يعتبر بمثابة مسايرة حقيقية لضوابطه، كما أنه سيسهل بشكل كبير على الآلية الوطنية المهمة في اختيار أماكن الاحتجاز.

وبذلك يعني الحرمان من الحرية وضع شخص في مكان عام أو خاص، وعدم السماح له بمغادرته بإرادته بمقتضى أمر صادر من أية هيئة قضائية أو إدارية أو غيرها.[38] وبالتالي فهذا الحرمان ينطوي على مخاطر أصيلة لاحتمال وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، خصوصا أن أماكن الاحتجاز هذه بطبيعتها أماكن مغلقة وتحجب الأشخاص المحتجزين عن نظر المجتمع، مما يجعل الأشخاص المحرومين عرضة للأذى وسوء المعاملة والتعذيب، مما ينبغي توفير زيارات وقائية لهم تكفل لهم الحماية.

و يمكننا استنباط عديد النقط من التعريف هذا، يعتبر أهمها كالتالي:

  • المشرع المغربي من خلال هذا التعريف حاول أن يوسع من دائرة مفهوم الحرمان من الحرية والاحتجاز، لا لشيء سوى لمسايرة توجيهات البروتوكول الاختياري في الموضوع. فقد حرص على تقديم تعريف واسع جداً ل”أماكن الاحتجاز” من أجل توفير أكبر قدر ممكن من الحماية للأشخاص المحرومين من حريتهم. وتتعلق العناصر الرئيسية لهذا التعريف بحقيقة أن الفرد المحروم من حريته لا يستطيع مغادرة مكان الاحتجاز بإرادته الحرة، وأن الاحتجاز يجب أن يكون مرتبطاً – بشكل مباشر أو غير مباشر – بالسلطات العامة. كما يحتوي التعريف على صفتين رئيسيتين لطبيعة الارتباط الواجب قيامه مع الدولة حتى يدخل مكان الاحتجاز ضمن نطاق البروتوكول، يجب أن يكون المكان خاضعا لولاية دولة طرف وسيطرتها. كما يجب أن يوجد في المكان، أو ربما كان يوجد فيه، أشخاص محتجزين بموجب أمر صادر عن سلطة عامة أو بناء على إيعاز منها أو بموافقتها، دون أية إشارة لحالات سكوت السلطة عن عمليات الاحتجاز الغير القانونية التي تترتب عنها تجاوزات تمس الحق في السلامة الجسدية، والتي تكون هي الأخرى معنية بمهام الآلية الوقائية من خلال تفسيرات مواد البروتوكول[39].
  • العنصر الثاني المستخلص من هذا التعريف الواسع لأماكن الاحتجاز، والمستنبط كذلك من باقي الفصول المعنية بالآلية الوقائية من داخل المشروع، هو توجه المشرع نحو عدم حصر لائحة أماكن الاحتجاز المراد زيارتها من طرف الآلية، وبالتالي جعل اللائحة مفتوحة أمام الآلية لزيارة أية مركز من مراكز الاحتجاز بغض النظر عن السلطة التي تتولى مراقبته أو الهيئة التابعة له. لقد رأى واضعو البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب أنه من غير الملائم تقديم قائمة شاملة بأماكن الاحتجاز، الأمر الذي سمح لهم بتفادي اعتماد تصنيف ضيق ومقيد لأماكن الاحتجاز كان من شأنه أن يفرض قيوداً لا داعي لها على إمكانية استفادة الأشخاص من الحماية التي توفرها المعاهدة، وهو النهج الذي اختاره المشرع رغم التنصيص المشار له ضمن الأحكام العامة في المادة 11 التي حصرت مجال عمل المجلس في زياراته لأماكن محددة. لكن في إطار التنصيص على مهام الآلية الوطنية تم تدارك الموقف وتبني نفس التوجه الذي سلكه البروتوكول بجل التعريف شاملا لكافة مظاهر الاحتجاز التي من شأنها أن تمس كرامة الإنسان وحقه في السلامة الجسدية.

كما تجدر الإشارة إلى انه لم يتم ذكر أي بند متعلق باعتراض السلطات المسؤولة عن إدارة هذه الأماكن بصفة استثنائية عن زيارات الآلية لدواعي معينة في الجزء المتعلق بمهام الآلية الوقائية، لكن الإشارة له ضمن الفصل 11 يعد مثار جدل لكون الاعتراض على المجلس وأعماله هو اعتراض ضمني على الآلية الوقائية كجزء من هذا المجلس، وبالتالي نكون أمام معطيين أساسيين، الأول متصل بالأحكام العامة المنظمة للمجلس، والثاني متعلق بمهام الآلية.

  1. ولاية الآلية الوطنية في زيارة أماكن الاحتجاز من خلال مشروع القانون 15-76

لتمكين الآلية الوطنية من أداء ولايتها وجب على السلطات بأن تتيح لهم بموجب المادة 16 من المشروع الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بعدد الأشخاص المحرومين من حريتهم الموجودين في أماكن الاحتجاز، فضلاً عن عدد هذه الأماكن ومواقعها، كما تضمن الوصول إلى جميع أماكن الاحتجاز ومنشآتها ومرافقها، كل هذا في ظل توفرها على حرية اختيار الأماكن التي تريد زيارتها والأشخاص الذين تريد مقابلتهم. وبالتالي، يمكننا أن نتكلم عن الحدود التي وضعها هذا المشروع للزيارات، والإمكانات التي أتاحها للآليات الوطنية، حيث ترك لهم المجال واسعا من أجل التقصي والرصد سيرا على نهج البروتوكول الاختياري من خلال مادته العشرين والتي منحت نفس الولاية للآليات الوطنية في زيارة مراكز الاحتجاز.

  1. الوصول إلى جميع المعلومات :

لتمكين الآلية الوقائية الوطنية من أداء ولايتها، يتوجب على السلطات متى طلب منها ذلك بأن تتيح للآلية الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بعدد أماكن الحرمان من الحرية ومواقعها، وبعدد الأشخاص المحرومين من حريتهم الموجودين في هذه الأماكن، إضافة إلى الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بهؤلاء الأشخاص وبظروف معاملتهم. وبالتالي يكون هذا المشروع قد خول للآلية الحق في الوصول إلى معلومات، حول عدد وأمكنة وجود الموقوفين ومقرات الاحتجاز، وهي ضرورية للآلية الوقائية الوطنية لتمكينها من تخطيط برنامج زياراتها.

إن سلسلة المعلومات التي تشملها هذه المادة واسعة وكبيرة جداً، وتتضمن مثلاً، إضافة لهذا فقد أشارت المادة 21 من البروتوكول الاختياري إلى أن المعلومات التي تجمعها الآلية تتصف بالسرية[40] ولا تنشر أي بيانات شخصية دون موافقة صريحة من الشخص المعني بتلك البيانات وهو نفس المعطى الذي أشارت إليه المادة 17 من مشروع القانون 15-76، مع إشارة صريحة إلى ان أي خرق لهذا المعطى سيرتب لا محالة متابعة قضائية وفق قواعد القانون الجنائي وخصوصا الفصل 446 المتعلق بجريمة إفشاء السر المهني.

  1. الوصول إلى جميع الأقسام في مناطق الاحتجاز وحرية اختيارها

تطالب المادة 20 من البروتوكول الاختياري سلطات الدولة إضافة إلى تأمين الوصول إلى جميع مراكز الاحتجاز، بتأمين الوصول إلى جميع الأقسام في أي أماكن احتجاز، ويشمل هذا على سبيل المثال، أماكن السكن، الزنزانات الانفرادية، ساحات السجن، أماكن التمارين الرياضية، المطابخ، قاعات العمل، القاعات الثقافية، التجهيزات الصحية، المقرات الطبية، مراكز إقامة هيئة الموظفين في السجن، وهو الأمر نفسه الذي منحته المادة 16 من مشروع القانون 15-76، بحيث أتاحت هي الأخرى هذه الإمكانية للآلية الوقائية أثناء زياراتها لأماكن الاحتجاز. ولا يكفي منح أعضاء الفريق الزائر حرية اختيار الغرف والمرافق وغيرها من الأماكن التي يريدون زيارتها داخل مكان الاحتجاز، بل ويجب أيضاً منحهم حق القيام بذلك من دون أي تدخل من الموظفين، وهو الأمر الذي أشارت له بشكل صريح المادة السادسة عشر، بترك حرية الاختيار لأعضاء الآلية في تحديد الأشخاص المراد مقابلتهم. فلا أهمية لعمل الآلية إلا من خلال تمتعها بهذا الحق غير المقيد في الوصول إلى مختلف أنحاء أماكن الاحتجاز وأن تتأكد من وصولها إلى سائر المحتجزين، وبالتالي تضمن أنها في وضع يسمح لها بتكوين صورة دقيقة عن مكان الاحتجاز.

  1. الوصول إلى جميع المحتجزين وإجراء مقابلات معهم

لتمكين الآليات الوقائية الوطنية من أداء ولايتها، وجب على السلطات بموجب المادة 16 من المشروع أن تتيح لها فرصة إجراء مقابلات خاصة مع الأشخاص المحرومين من حريتهم دون وجود شهود ومقابلتهم إما بصورة شخصية وإما من خلال مترجم إذا اقتضت الضرورة، فضلاً عن أي شخص آخر تعتقد الآلية الوقائية الوطنية أنه يمكن أن يقدم معلومات ذات صلة. إضافة إلى تمكينها سلطة إدارة المقابلات الخاصة مع أشخاص من اختيارها، وهذا النص أساسي لضمان حصول الآلية الوقائية الوطنية على رؤيا أكثر شمولية للوضع في مقر الاحتجاز من خلال الاستماع إلى هؤلاء الأشخاص المعنيين مباشرة، ويشكل الحديث مع الأشخاص المحرومين من حريتهم الأساس لعملية توثيق أوضاع الاحتجاز، وهي مهمة شديدة الحساسية والدقة، ويمكن أن تجرى هذه الحوارات بشكل انفرادي وتستهدف الحصول على أكبر قدر من المعلومات في نقط حددها فريق الزيارة على أنها بواعث قلق.

إن إمكانية إجراء المقابلة بسرية، ضروري للسماح للأشخاص المحرومين من حريتهم بالتحدث بحرية وانفتاح دون خوف كبير من الثأر أو القمع. فقد أفاد المقرر الخاص للأمم المتحدة عن التعذيب أن “حق مقابلة المحتجزين بسرية، أي دون تمكن أي مسؤول في السجن من رؤية أو سماع المحادثة هو أحد أهم مظاهر الزيارات الوقائية. وإلا لا يمكن عندها للمحتجزين اكتساب وتنمية الثقة، في فريق التفتيش والتحقيق، الضرورية تماماً لتلقي المعلومات الحقيقية الصادقة“. [41]

تبقى الإشارة إلى أن المعلومات المقدمة للآلية الوقائية من طرف أشخاص ذاتيين أو اعتباريين، تستفيد كما قلنا سابقا من الحماية المقررة في قانون المسطرة الجنائية، بحيث إضافة إلى الصيغة السرية التي تضفى عليها، فإن هؤلاء المبلغين يستفيدون من الحماية وفقا لأحكام المادة 82-9 من القانون رقم 22-01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، وهو المعطى الوارد ضمن الفصل 17 من المشروع. وبالتالي يكون هذا بمثابة مسايرة حقيقية للبروتوكول الاختياري الذي أشار لهذا المعطى في المادة 21[42] بضرورة حماية كافة المتدخلين في فرض الوقاية، من مبلغين عن انتهاكات للحق في السلامة الجسدية بإضفاء طابع السرية على معلوماتهم بحيث لا يمكن أن يتم نشر أية معلومات أو معطيات ذات طابع شخصي دون الموافقة الصريحة للشخص المعني بتلك المعطيات أو نائبه الشرعي، وكذلك حمايتهم من أية متابعة ممكنة بموجب المعلومات التي قدموها، وهو ما أدى بالمشرع إلى الإحالة على قانون المسطرة الجنائية المغربي الذي يكرس هذه الحماية من داخل فصوله. ويعد الإحالة على فصول القانون الجنائي والمسطرة الجنائية بمثابة الضامن القانوني لأي خرق محتمل عبر التصدي له بمقاربة زجرية تقطع بشكل شمولي مع هذه الممارسات التي تمس الحق في السلامة الشخصية للأفراد ومعطياتهم ذات الطابع الشخصي.

غير أن أهم معطى ورد ضمن المادة السابعة عشر من المشروع هو المتعلق بالإحالة على الفصل 445 من القانون الجنائي المتعلق بالوشاية الكاذبة، في حالات قام الشخص بتبليغ الآلية الوقائية من التعذيب بمعلومات غير صحيحة، وقام بنشرها بأية وسيلة كانت، بحيث نرى أن المشرع جعل المتابعة طبقا لهذا الفصل مرهونة بالنشر والإعلان عن المعلومات المقدمة للآلية. ويمكنا أن نستنبط أن إدراج المتابعة الجنائية لشخص قد قدم معلومات مغلوطة للآلية الوقائية بنية تستحمل وصف جنحة الوشاية الكاذبة هو أمر رهين بنشر تلك المعلومات للعموم.

لطالما أثار متابعة مدعي التعذيب بجنحة الوشاية الكاذبة الكثير من الجدل على المستوى الوطني، لكن اليوم نحن أمام صيغة قانونية تقر هذه المتابعة المقيدة بشروط وأركان أساسية، إضافة إلى تحقق أركان هذه الجريمة على مستوى الفصل 445 من القانون الجنائي[43]، لذلك هل يمكننا التحدث بشأن تناقض بين مضامين هذه المادة ومواد البروتوكول وخاصة المادة 21 منه؟ والتي أشارت إلى أنه لا يمكن أن تأمر أي سلطة أو مسئول بإنزال أي عقوبة بأي شخص أو منظمة أو أن يطبق عليهما عقوبة عنها بسبب قيام هذا الشخص أو هذه المنظمة بتبليغ الآلية الوقائية الوطنية بأي معلومات، صحيحة كانت أم خاطئة، وأن لا ينبغي أن يضار هذا الشخص أو هذه المنظمة في غير ذلك من الأحوال بأي طريقة أيا كانت. فالمادة 21 كانت صارمة واعتبرت أنه لا يمكن معاقبة مقدمي المعلومات ولو كانت خاطئة، لكن المشرع المغربي هو الآخر أدرج ضوابط أساسية لهذه المعاقبة لخصها في نشر تلك المعلومات وليس تقديمها للآلية الوقائية كما هو واضح من خلال المادة 17. لذلك يمكننا القول على أن المشرع بتحديده هذا حاول أن يبتدع أسلوبا جديد للحد من التجاوزات التي تكون على مستوى ادعاءات التعذيب التي من شأنها تشويه سمعة بعض الجهات، وبالتالي اعتبار أي نشر لهذه المعلومات الخاطئة خارج الآلية الوقائية المعنية بها هو بمثابة خروج عن المسطرة القانونية التي تخول للآلية النظر في الشكايات وتتبعها والتحقيق بشأنها وليس جهات أخرى.

غير أننا نرى أن الأمر فيه نقاش كبير وتخوف مشروع، بكون هذا المقتضى من شأنه هو الآخر أن يكبح أصحاب ادعاءات التعذيب الحقيقية، الذين لطالما كانت الهيئات الحقوقية والمنابر الاعلامية وسيلتهم لإسماع صوتهم وتنديدهم بمعاناتهم، وبالتالي سيكون جعل الآلية المنبر الوحيد المخول لمدعي التعذيب التواصل معه بمثابة كبح لحريته وسعيه في ضمان حقه في السلامة الجسدية، لكون الممارسات أثبتت بأنه بتعدد الجهات التي تناقش التعرض للتعذيب تساهم في نشوء قوى ضغط حقيقية تؤدي بالجهات القضائية الى التدخل العاجل لكون الرأي العام لطالما كان عاملا أساسيا في الدعوة الى التدخل السريع. إن من شأن الاحالة على المادة 445 القانون الجنائي من خلال المادة 17 من هذا المشروع أن يدفع الضحايا الى عدم التبليغ رغم استثناء المتابعة فقط في حالة نشر المعلومات. ويرجع هذا الأمر لكون أنه من الطبيعي أن يقدم الضحايا شكاياتهم الى مختلف وسائل الإنصاف، بما فيها الجمعيات الحقوقية وأيضا المؤسسات الوطنية، كما أن هذا التقييد على الضحايا هو سلب لحق من حقوقهم في التشكي لوسائل الاعلام. وبالتالي من الواجب التنصيص صراحة على عدم متابعة أي شخص تقدم بمعلومات مغلوطة أو ادعاء كاذب.

المطلب الثاني : أعمال الآلية الوطنية في إطار علاقاتها الداخلية والخارجية

برجوعنا إلى الاختصاصات المخولة للآلية الوقائية بموجب المادة 14 من مشروع القانون 15-76 نجد أنها تتعدى مجال الزيارات لمراكز الاحتجاز، لتمتد لما بعد تلك الزيارات، وهذا بإصدار التقارير والتوصيات، إضافة إلى تقديم مقترحات أو ملاحظات بشأن التشريعات الجاري بها العمل أو مقترحات القوانين ذات الصلة بالوقاية من التعذيب التي من شأنها أن تساهم في بلورة الفكر الوقائي والنهوض به من داخل التشريع(الفقرة الأولى). كل هذا في إطار تداخل وترابط مع هيئات دولية تجعل الآلية الوطنية في علاقة تفاعلية دائمة معها، نظمها بطبيعة الحال البروتوكول وأشارت لها المادة 15 من المشروع(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : أعمال الآلية الوطنية خارج مراكز الاحتجاز بموجب مشروع القانون 15-76

تنص المادة 19 من البروتوكول الاختياري على أن تمنح الآليات الوقائية الوطنية، كحد أدنى، سلطات تقديم توصيات إلى السلطات المعنية بغرض تحسين معاملة وأوضاع الأشخاص المحرومين من حريتهم ومنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة مع مراعاة المعايير ذات الصلة التي وضعتها الأمم المتحدة، إضافة إلى تنصيص المادة 22 على قيام السلطات المختصة في الدولة الطرف المعينة ببحث التوصيات الصادرة عن الآلية الوقائية الوطنية، وتدخل في حوار معها حول تدابير التنفيذ الممكنة. هذا الأمر الذي أشارت له المادة 14 من مشروع القانون 15-76، بالإضافة إلى الجزء الثاني من العمل الوقائي المتمثل في الملاحظات حول التشريع التي تعتبر هي الأخرى وسيلة من وسائل العمل التي تنهجها الآليات الوقائية والمشار إليها في هذا المشروع.

  1. التوصيات المترتبة عن زيارات الآليات الوطنية

إن الزيارات لأماكن الاحتجاز لا تمثل إنجازاً بحد ذاتها، وإنما هي بالأحرى الخطوة الأولى في عملية طويلة الأجل لتحسين كل من معاملة المحتجزين وظروف الاحتجاز من خلال التفاعل التعاوني مع السلطات.  وبالتالي يتعين على المراقبين إعداد تقرير عن الزيارة وتقديم توصيات بموجبها، وينبغي الانتهاء من هذه المهمة بعد فترة وجيزة من الزيارة، ليتم تقديم تقاريرها مباشرة من داخل الهيكل المركزي للآلية، والتي تقوم بإعداد تقارير شاملة عن الزيارات وتقديم توصيات بموجبها باحترام المعايير الموضوعة في هذا الشأن.

ومنه يمكننا القول أن المادة 14 تشير إلى أن الولاية التي أعطيت للآليات الوقائية الوطنية لا تتضمن فقط إدارة الزيارات، بل أيضاً تقديم توصيات إلى السلطات المختصة تلخص وتعرض الوسائل التي يجب اعتمادها للقيام بتحسينات، وتشكل هذه التوصيات فرصة للدولة للاستفادة من الملاحظات والنصائح العملية التفصيلية لمساعدتها في القيام بواجباتها التي تعهدت بها بشكل أفضل في ظل اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ومعاهدات دولية أخرى والقانون العرفي، وبالتالي يجب أن يكون هناك عملياً، حافز اًقوي للسلطات الحكومية للدخول في حوار بناء وتطبيق التوصيات. ومن أجل تعزيز هذا الحافز العملي، تخلق المادة 12 من البروتوكول خصيصاً واجباً للسلطات في الدولة بمقتضى القانون الدولي، على صعيد مكان الاحتجاز المعين أو على الصعيد الوطني، للأخذ بعين الاعتبار هذه التوصيات ومناقشة تطبيقها بفعالية مع الآلية الوقائية الوطنية. كما أن المادة 23 تنص على تعهد الدول الأطراف في هذا البروتوكول بنشر وتوزيع التقارير السنوية الصادرة عن الآليات الوقائية الوطنية. لذلك، سنكون أمام مرحلتين أساسيتين، الأولى إعداد التقارير وتقديم التوصيات لأجهزة الدولة، والثانية نشر هذه التقارير السنوية، الأمر الذي أشارت له المادة 20 من المشروع والتي جاءت في إطار بعض الأحكام المشتركة بآليات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي أشارت لأن الآلية تحيل توصياتها واقتراحاتها وخلاصات أشغالها لرئيس المجلس الذي يحيلها إلى المجلس قصد التداول في شانها، كما أن منسق الآلية الوطنية يعد تقريرا سنويا عن حصيلة وأنشطة الآلية يدرج ضمن التقرير السنوي.

ولإدراك أهمية هذه التوصيات يمكننا الرجوع للمادة 12 من البروتوكول، نجدها توقع واجباً للسلطات في الدولة بمقتضى القانون الدولي، على صعيد مكان الاحتجاز المعين أو على الصعيد الوطني، للأخذ بعين الاعتبار هذه التوصيات ومناقشة تطبيقها بفعالية مع الآلية الوقائية الوطنية. وبالتالي يشكل إنجاز هذه الواجبات بإخلاص وجدارة من قبل الحكومة، العامل الأساسي لتحقيق الأهداف العامة للبرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب القائم بذاته على التعاون، أو بشكل أصح على المواجهة.

لهذا السبب، ومن أجل شرح وتوضيح الحاجة إلى الأخذ بعمل الآلية الوقائية الوطنية بشكل جدي من قبل المسؤولين الحكوميين فمن واجبهم الأخذ بهذه التوصيات والدخول في حوار مع الآلية الوقائية الوطنية لمناقشة تطبيقها، وهذا ما يجب أن ينص عليه صراحة في التشريع الذي يطبق البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، [44]. ويمكننا القول على أن الفصل 35 من هذا المشروع يتماشى مع هذا الموقف بالتنصيص على أن التقرير السنوي المضمن لتقرير الآلية الوقائية يتم رفعه لأعلى سلطة للبلاد جلالة الملك، إضافة إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين، كما يعمل المجلس على نشرها وإطلاع العموم عليها، إضافة إلى مناقشة هذا التقرير مرة واحدة على الأقل في السنة من قبل البرلمان، لتنشر هذه التقارير ختاما في الجريدة الرسمية. وبالتالي تكون توصيات الآلية الوقائية وأعمالها محل إعلان للعموم وكذلك للسلطة التنفيذية والتشريعية من أجل أخد المبادرات الواجب اتخادها من أجل تنفيذ بنود الوقاية المرصودة من طرف الآلية بموجب أعمالها، وهو تنفيذ حقيقي للتعهدات بموجب المادة 23 من البروتوكول التي تفرض نشر وتوزيع التقارير السنوية الصادرة عن الآليات الوقائية الوطنية. ويأتي هذا من أجل ضمان التحسين الدائم والداعم لمعاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم وظروف احتجازهم، بحيث يجب أن تكون الآليات الوقائية الوطنية قادرة على تقديم التقارير ونشر أبحاثها ونتائج ما توصلت إليه.

غير أن المادة 48 من هذا المشروع أشارت وفي إطار المهام المخولة للجمعية العامة، على كونها تتولى الدراسة والمصادقة على تقارير وتوصيات آليات المجلس، والتي من بينها توصيات الآلية الوطنية، وبالتالي نتساءل عن سبب إقرار هذه المصادقة، بحيث كان الأجدر إقرار أن توصيات الآلية الوطنية لا تحتاج إلى أي مصادقة من طرف أجهزة المجلس، لكونها تتمتع بنوع من الحساسية، وأي طرح للمصادقة عليها من طرف أي جهاز كان يدخل في إطار المساس بموضوعيتها واستقلاليتها، لذلك وجب أن يتم إقرار المصادقة من طرف الآلية الوطنية وليس من طرف أجهزة المجلس.

  1. تقديم الآلية الوطنية ملاحظاتها حول التشريعات في ظل مشروع القانون 15-76

تشكل القدرة على إبداء الملاحظات حول مشاريع القوانين أو التشريعات الحالية واقتراح التعديلات عليها، وهو ما تنص عليه المادة 19 من البروتوكول، جانباً أساسياً من ولاية الآليات الوقائية وتمثل عنصراً مكملاً مهماً للزيارات قد تكون المشاكل التي يتم رصدها أثناء زيارة أماكن الاحتجاز ناجمة عن عدم ملاءمة القوانين أو الأنظمة الحالية. فالقدرة على اقتراح التعديلات لمعالجة الثغرات في تدابير الحماية القانونية، اقتراح الضمانات القانونية، تشكل أداة مهمة للآليات الوقائية. هذا الأمر نجد أنه أشارت له المادة 14 من مشروع القانون 15-76، حيث خولت للآلية الوطنية مهام تقديم المقترحات أو الملاحظات بشأن التشريعات الجاري بها العمل أو المشاريع أو مقترحات القوانين ذات الصلة بالوقاية بالتعذيب.

ونجد أن هذا المعطى قد كان مخولا في السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بحيث يتوفر على مجموعة من الإصدارات والمساهمات الفعالة في النقاش العمومي حول مشاريع القوانين، سواءا تعلق الأمر بمشروع قانون المسطرة الجنائية[45]، أو إبداء المجلس رأيه في مسودة القانون الجنائي [46] وكذا دراسته حول مدى ملاءمة مشروع القانون الجنائي مع المبادئ والقواعد المعتمدة في منظومة حقوق الإنسان [47]. إضافة إلى تولية مهام التكويين بالنسبة لخبراء المجلس أهمية كبرى، خصوصا مع إحداث المجلس قريبا لمركز دولي للتكوين في مجال حقوق الإنسان، سيكون من أولوياته تعزيز قدرات وكفاءات ودرايات العاملين بالمجلس وأعضائه، مع التركيز كذلك على امتلاك واستلهام التجارب الدولية والممارسات الفضلى في المجال، حتى يتمكن المجلس من الاضطلاع بهذا الدور على أكمل وجه.[48]

وبذلك يعتبر المجلس من أكثر المؤسسات الوطنية والهيئات فعالية في المساهمة في النقاش العمومي والتعليق على مشاريع القوانين خاصة ما يتعلق بمجال التعذيب، حيث يتضح لنا جليا أنه يساير بشكل جيد مضامين البروتوكول الاختياري بهذا الخصوص. ليكون التنصيص الجديد على هذا المحتوى في صلب إقرار الآلية الوقائية بمثابة تشريع حقيقي وتكريس لمبادئ البروتوكول، لتكون الآلية الوقائية أداة اقتراحية فعالة، وجهاز ينتقد السياسات التشريعية والقوانين، ويثير النقاشات بشأنها خصوصا في حالات تواجد بنود تتعارض مع بعض المبادئ التي جاءت الآلية لتحميها فيما يتعلق بضمان الحق في السلامة الجسدية والوقاية من التعذيب.

الفقرة الثانية : العلاقة بين الآلية الوطنية واللجنة الفرعية لمنع التعذيب في إطار مشروع القانون 15-76

أقرت ممارسات البروتوكول الاختياري أن الآليات الوقائية الوطنية لا تعمل بمعزل عن غيرها، فمن المتوقع لها أن تتفاعل بشكل وثيق مع طائفة متنوعة من الجهات الفاعلة، بما في ذلك السلطات وغيرها من الجهات المعنية والمجتمع المدني واللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيرها من آليات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية. فقد أشارت المادة 15 من هذا المشروع إلى أن هناك علاقة تربط بين الآلية الوقائية واللجنة الفرعية بموجب أحكام البروتوكول، تقوم على أساس التعاون والتشاور والمساعدة المتبادلة عن طريق رئيس المجلس متى طلب منها ذلك.

غير أن هذه العلاقة ليست بالعلاقة الثنائية فقط، بل نجد أن هناك علاقة للآلية الوقائية تربطها بالسلطات المحلية، بحيث يضع البروتوكول الاختياري مجموعة من الالتزامات على الدول الأطراف في ما يتعلق بآليتها. فبموجب المادة 18 من البروتوكول، يتعين على الدول الأطراف الامتناع عن التدخل في عمل آليتها الوقائية وضمان الاستقلال الوظيفي لها. وبموجب المادة 20، ينبغي للدول أن تمنح الآليات الوقائية صلاحية الوصول إلى الأماكن والأشخاص والمعلومات وأن تحترم هذه الصلاحية. وبموجب المادة 21، يتعين على الدول الأطراف أيضاً عدم إصدار أمر بإنزال أي عقوبة بأي شخص أو تطبيق العقوبة عليه أو السماح بها أو التغاضى عنها بسبب اتصاله بالآلية الوقائية الوطنية لغرض مساعدتها في التنفيذ العادي لواجباتها الرسمية.

علاوة على ذلك، توجِب المادة 12 على الدول الأطراف تشجيع وتسهيل الاتصال المباشر بين آليتها الوقائية واللجنة الفرعية لمنع التعذيب. فينبغي للآليات الوقائية أن تكون سبَّاقة في بناء علاقات تعاونية مع السلطات، فاستمرار الحوار البنّاء مع السلطات يتطلب ثقة متبادلة يجب بناؤها تدريجياً، وذلك عادةً ما يكون عن طريق إجراء أنشطة توعية لضمان معرفة وفهم سائر السلطات المعنية لأهداف وولاية وصلاحيات الآلية الوقائية. في الوقت نفسه، ينبغي للآليات الوقائية حماية استقلالها وممارسة كامل نطاق صلاحياتها.

إلا أن إشارات المادة 15 من المشروع، ناقشت العلاقة مع اللجنة الفرعية لمنع التعذيب والتي أفردت مواد البروتوكول حيزا خاصا لها [49]، حيث تم التنصيص على إنشاء هذه الآلية بموجب المادة الثانية، وتتولى اللجنة بموجب ذلك مهمتها عن طریق وضع برنامج مستقبلي للزيارات. وتحددت ولاية اللجنة الفرعية في المادة 11 من البروتوكول الاختياري والتي تنص على أن تقوم بزيارة الأماكن التي يوجد فيها أشخاص محرومون أو يمكن أن يكونوا محرومين من حريتهم، إضافة إلى إسداء المشورة وتقديم المساعدة للدول الأطراف، عند الاقتضاء، لغرض إنشاء هذه الآليات والحفاظ على الاتصال المباشر بها وتوفير التدريب والمساعدة التقنية لها، إضافة لتوفير المشورة والمساعدة للآليات الوطنية في تقييم الاحتياجات والوسائل اللازمة لتحسين ضمانات الحماية من المعاملة السيئة، وتقديم التوصيات والملاحظات اللازمة للدول الأطراف بغية تعزيز قدرة وولاية الآليات الوقائية الوطنية. كما أن صلاحيات اللجنة الفرعية بموجب المادة 14 تتجلى في إمكانية أن تطلب إلى كل دولة طرف أن تتيح لها القيام بزيارات إلى أي مكان يخضع لولايتها ولسيطرتها، يوجد فيه أشخاص محرومون أو يمكن أن يكونوا محرومين من حريتهم إما بموجب أمر صادر عن سلطة عامة أو بناء على إيعاز منها أو بموافقتها أو سكوتها. ويشكل الدور الذي تلعبه اللجنة الفرعية لمنع التعذيب فيما يخص الآليات الوقائية الوطنية عنصراً بالغ الأهمية في مهمتها الاستشارية، إذ يدخل هذا الجانب من ولايتها الوقائية في صلب الهدف المحوري للبروتوكول وهو تعزيز التدابير الوقائية الوطنية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

لذلك وتماشيا مع هذه المعطيات المهمة، نجد أن مشروع القانون 15-76 قد حاول إدراج هذه العلاقة ضمن مواده، فمصطلحات التشاور والتعاون والمساعدة المتبادلة في إطار مواد البروتوكول، جامعة لكل الأحكام التالي يتعين على الآلية الوقائية الانضباط لها. وبالتالي يتوجب الحفاظ على اتصال مباشر مع اللجنة الفرعية لمنع التعذيب، بينما يتعين على الدول الأطراف تشجيع هذا الاتصال وتسهيله. وبالتالي تمكين الآلية الوطنية واللجنة أمن الفرعية من الحصول على تبادلات جوهرية في الأساليب والاستراتيجيات المتبعة لمنع التعذيب من ضروب سوء المعاملة. لذلك نجد أن اللجنة الفرعية والآلية الوقائية الوطنية يمكنها عقد اللقاءات وتبادل المعلومات ولو بشكل سري عند الضرورة، كما يمكن للآليات الوقائية الوطنية أن تقايض وتتبادل وترسل تقاريرها وأي معلومات اخرى الى الآليات الدولية.

إن البعد الآخر المهم لهذه العلاقة هو إمكانية تأمين اللجنة الفرعية للمساعدة والمشورة إلى الدول الأطراف فيما يتعلق بالآليات الوقائية الوطنية. لذلك، وفقاً للمادة 11 من البروتوكول الإختياري، نجد أن اللجنة الفرعية لديها صلاحية إسداء المشورة إلى الدول الأطراف في إنشاء الآليات الوقائية الوطنية وتقديم توصيات عن تعزيز قدراتها لمنع التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. كما أن اللجنة الفرعية ستتمكن من عرض التدريب والمساعدة التقنية مباشرة على الآلية الوقائية الوطنية وذلك مع فرصة النظر إلى زيادة وتعزيز قدراتها ومواصلاتها، كما يمكن للجنة الفرعية أيضاً تقديم المشورة والمساعدة على تقدير الاحتياجات والوسائل الضرورية من أجل تحسين حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم. وعلى الدول أيضاً أن تسمح وتسهل التفاعل بين الآليات الوقائية الوطنية في دول مختلفة، وبالتالي التعامل على مستوى موازي يمكنها من تعزيز أفضل الممارسات العملية. ليكون هذا هو نهج البروتوكول الاختياري فيما يتعلق العلاقة التي تربط بين الآلية الوقائية واللجنة الفرعية من التعذيب، وإن جاءت في مواد المشروع مختصرة في التعاون والتشاور والمساعدة إلا أنها أكثر عمقا وتداخل في إطار مهام الوقاية المشتركة بين الآليتين.

غير أن هناك معطى من داخل هذه المادة ينبغي الإشارة إليه، وهو أن العلاقة بين الآلية الوقائية واللجنة الفرعية تتم عن طريق رئيس المجلس وليس عن طريق منسق الآلية، وهنا يمكننا أن نتساءل عن مدى نجاعة هذا الأسلوب في تنفيذ بنود الوقاية التي وجب أن تتميز بالتواصل المباشر بين الهيئات بشكل سريع، وكيف يمكن لهذا الإقرار أن يؤخر من عمل الآلية الوقائية ويؤثر في مردوديتها ؟ فلو أنه تم إقرار منسق الآلية الوقائية كصلة وصل بين الآلية الوقائية وباقي الآليات الوطنية والدولية سيزيد من حجم نجاعة وفعالية هذه الآلية ويكسبها مزيدا من الإستقلالية المطلوبة.

المبحث الثاني : إنشاء وتحديد الآلية الوطنية في ظل مشروع القانون 15-76

يقدم البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب توجيهات مفصلة كثيرة تتعلق بإنشاء آلية وقائية وطنية، ولايتها وصلاحياتها، حيث ترد أهم الأحكام في هذا الشأن في المواد 3،4،17، 23،29 و35، رغم أن أحكاماً أخرى فيه مهمة أيضاً للآليات الوقائية الوطنية، إضافة إلى أخرى واردة في المبادئ التوجيهية التي أصدرتها اللجنة الفرعية لمنع التعذيب والتي يتوجب على الدولة الطرف إعمالها والتي أطلق عليها “مبادئ توجيهية أولية”[50] بشأن التطوير المستمر للآليات الوقائية الوطنية، وبالتالي سيكون من البديهي أن جميع هذه الآليات يجب أن تنظم على نحو يجسد تلك الأحكام تجسيداً تاماً.

كما يجدر بنا الإشارة إلى أن أحكام البروتوكول الاختياري قد أحالت على “مبادئ باريس”[51] في المادة 18، حيث أشارت إلى أن الدول تعمل عند إنشائها آلياتها الوقائية الوطنية الاعتبار الواجب للمبادئ المتصلة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، حيث تلزم هذه المادة الدول الأطراف بإيلاء الاعتبار الواجب لمبادئ باريس. لذلك سنحاول تقصي مضامين مشروع القانون 15-76 وإلى أي حد سايرت توجيهات هذا البروتوكول، بالانتقال من موضوعي الشفافية والشمولية في إقرار الآليات وكذا تعددية أعضاءها، (المطلب الأول )، لنتطرق فيما بعد إلى الاستقلالية ( المطلب الثاني ) كشرط أساسي أشارت له مواد البروتوكول وكذلك مواد المشروع.

المطلب الأول : تحديد الآليات الوطنية وفق معايير الشفافية وتعددية الأعضاء:

نصت المبادئ التوجيهية للآليات الوقائية الوطنية التي وضعتها اللجنة الفرعية على أنه ينبغي للآليات الوقائية أن تكمل نظم المراقبة القائمة بدلاً من الحلول محلها، ولا ينبغي أن يحول إنشاؤها دون إنشاء أو تشغيل نظم تكميلية أخرى من هذا القبيل. كما أنها نصت على أن تحدَّد الآلية الوقائية الوطنية عن طريق عملية مفتوحة شفافة وشاملة تشارك فيها مجموعة واسعة من الجهات المعنية، بما فيها المجتمع المدني، كما ينبغي أن ينطبق هذا الأمر أيضاً على عملية اختيار أعضاء الآلية وتعيينهم، وهي عملية ينبغي أن تتم وفقاً للمعايير المحددة. وبالتالي تكون معايير الشفافية والشمولية أحد أهم العناصر الأساسية التي وجب إعمالها إبان إنشاء الآليات الوقائية، لذا سيكون لزاما علينا تقصي إلى أي مدى تم احترام هذا المبدأ ( الفقرة الأولى ). بالإضافة لذلك، سنحاول الكشف عن أحد المبادئ الأساسية التي نصت عليها مواد البروتوكول وبالخصوص المادة 18، وهو عنصر التعددية العضوية، حيث أنه تم الإشارة إلى محددات رئيسية وجب توافرها في طبيعة الأعضاء المعينين ضمن منظومة الآلية إضافة إلى خبرتهم وتخصصهم، وهذا ما سنحاول التطرق له بشكل مفصل (الفقرة الثانية)، لنعي إلى أي حد تم الانضباط له من خلال مواد المشروع 15-76.

الفقرة الأولى: الشفافية والشمولية محددات أساسية لتحديد الآليات الوطنية

بالرجوع للمادة الثالثة من البروتوكول الإختياري، نجدها تنص على أن الدول المصادقة تنشىء أو تعين أو تستبقي هيئة زائرة واحدة أو أكثر على المستوى المحلي لمنع التعذيب والوقاية منه، فالبروتوكول منح الدول حيزا كبيرا من الحرية في تعيين آلياتها الوقائية، لذا اختلفت الوسائل التي تتخدها كل دولة لكن هناك دائما بعض العناصر المطلوبة المتفق عليها والتي نجدها مشتركة فيما بينها قبل التأسيس. فعملية التعيين أو الإنشاء هذه من متطلباتها الشفافة، وأن تشمل دائماً المجتمع المدني خاصة المنظمات غير الحكومية وأطراف وطنية أخرى ذات صلة بالموضوع. هذا الأمر هو نفسه الذي تم التنصيص عليه بموجب المبادئ التوجيهية بشأن الآليات الوقائية الوطنية، الصادرة عن اللجنة الفرعية لمنع التعذيب في دورتها الثانية عشرة [52]، والتي جاءت موضحة ومفسرة لمبادئ ومضامين البروتوكول ومكملة له [53] في معطيات تأسيس الآليات الوقائية الوطنية، حيث أن مهام مساعدة الدول الأطراف في البروتوكول كانت منذ الأول من المهام الرئيسية للجنة الفرعية. وبالتالي فقد نصت الفقرة الخاصة بالمسائل الأساسية فيما يتعلق بإنشاء آلية وقائية وطنية، في جزئها الخاص بتحديد الآلية الوقائية الوطنية أو إنشائها (المادة 16) على أن عملية تحديد الآلية الوقائية الوطنية يتم عبر طريق عملية مفتوحة وشفافة وشاملة تشارك فيها مجموعة واسعة من الجهات المعنية، بما فيها المجتمع المدني، وينبغي أن ينطبق هذا الأمر أيضاً على عملية اختيار أعضاء الآلية وتعيينهم، وهي عملية ينبغي أن تتم وفقاً للمعايير المحددة.

مما يتوجب أن تنهج عملية تعيين أو إنشاء الآلية مقاربة تشاركية وشمولية وشفافة، ولا ينبغي أن ينجم القرار النهائي القاضي بتعيين الآلية عن اختيار أحادي الجانب من لدن الحكومة، بل يجب أن يكون نتاج إجماع طيف واسع من الفاعلين، كما ينبغي أن ينطبق هذا الأمر أيضاً على عملية اختيار أعضاء الآلية وتعيينهم.كما ينبغي مناقشة الآثار المترتبة على التصديق على البروتوكول والخيارات الممكنة لإعداد الآليات الوقائية الوطنية كجزء من إطار الحوار الموسع حول البروتوكول على المستوى المحلي، ومنه يتطلب الأمر أن تشارك في المناقشات طائفة واسعة من الجهات الفاعلة من سلطات حكومية وغير حكومية وبرلمانيين بصفتهم أعضاء في المجلس التشريعي، ومؤسسات حقوق الإنسان الوطنية وأمناء المظالم. إضافة إلى المنظمات التي تراقب أماكن الاحتجاز أو تقدم الخدمات للمحتجزين ومنظمات المجتمع المدني، كما يمكن اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيرها من المنظمات الدولية أو الإقليمية أن تشارك في هذه المشاورات وذلك لوجود دورها الاستشاري المنصوص عليه في المادة1، 4، 11 من البروتوكول الاختياري.

و قد تأخذ المشاورات عدة أشكال، موائد مستديرة أو مؤتمرات أو ندوات وطنية أو مذكرات خطية أو اجتماعات إقليمية وفي هذا الصدد نجد أن جمعية الوقاية من التعذيب قد أوردت عديد التوصيات، حيث نصت أنه يجب أن تشمل المناقشات أكبر سلسلة محتملة من الأشخاص العاملين على هذا الموضوع، بما في ذلك المسؤولين الحكوميين، المجتمع المدني، المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، أجهزة الزيارة الموجودة، البرلمانيون، وفي بعض الحالات، المنظمات الإقليمية والعالمية ما بين الحكومية والمنظمات غير الحكومية. إضافة إلى التنبيه على أنه يتوجب على الحكومات الترويج والإعلان مسبقاً عن هذه العملية، عن فرص المشاركة والمعايير والوسائل والأسباب للقرار النهائي. كما ورد من بين التوصيات ضرورة توفرا المشاركين في العملية بيان مفصل لأجهزة الزيارة الوطنية المناسبة الحالية، التخمين التقريبي للعدد، الحجم والمكان لوجود أماكن الاحتجاز في البلاد، ونص البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وشرحه.[54]

هذا العنصر التشاركي تجلى بالنسبة للمغرب حتى قبل المصادقة على البروتوكول الاختياري في الحوار السلمي الذي فتح بين مختلف الهيئات المسؤولة عن مراكز الاحتجاز وجل فعاليات المجتمع المدني، منذ المبادرة التي قادتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بمعية هيئات جمعوية أخرى وفق ما سمي بالمجموعة الوطنية للترافع من أجل المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والتي كانت بداية تكريس وعي مجتمعي حقوقي بأهمية المصادقة وإنشاء آلية وقائية وطنية، مرورا بكافة اللقاءات التي عقدتها مؤسسات المجتمع المدني أو المجلس الوطني لحقوق الإنسان وحتى المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان.[55] وبالتالي يكون بذلك المغرب قد سلك نهجا متناسبا إلى حد كبير مع مقتضيات البرتوكول وتوصيات اللجنة الفرعية المشار إليها، والتي تستوجب تتبع مسار تشاركي داخلي من أجل التوافق حول الصيغة الأنسب للآلية. غير أن الملاحظ هو وجود بعض التعليقات (خصوصا من جانب بعض جمعيات المجتمع المدني) حول هذا الإقرار، واعتبار الكثيرين أنه ورغم طابعه التشاركي إلا أن القرار النهائي والذي لم حسم فيه بعد، استفردت به الحكومة، إضافة للمجلس الوطني الذي يعد الأقرب لتولي مهام هذه الآلية. لكن الحسم في تفاصيل هل مسلسل الإقرار هذا توفرت فيه الشفافية والتشاركية من عدمه، سيكون من طرف اللجنة الفرعية بعد تنصيب الآلية الوقائية، حيث ستحدد هل هناك احترام لمسطرة الإحداث أم لا،وهذا في إطار تعليقاتها حول قوانين الدول المحدثة لآلياتها الوقائية في إطار أعمالها المنصوص عليها بموجب البروتوكول، مع الإشارة إلى أن مذكرة التقديم الخاصة بمشروع القانون 15-76 قد أشارت في إحدى فقراتها إلى أن إعداد هذا المشروع جاء في إطار مقاربة تشاركية تراعي ترصيد مختلف المكاسب المؤسساتية والتنظيمية، وكذلك حصيلة المنجزات التي تحققت في ظل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وفي ظل عمل هيئة الإنصاف والمصالحة، وكذا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي مكاسب ومنجزات ساهمت فيها مختلف مكونات هذه الهيئات المتسمة بالتعدد الغني.

الفقرة الثانية: تركيبة الآلية الوطنية من خلال مشروع القانون 15-76

بعد أن تطرقنا لمجموعة من الأحكام التي تنظم الآلية الوقائية من داخل مشروع القانون، سيكون لزاما علينا تقصي طبيعة هذه الهيئة من حيث التأليفة والتركيبة، وإلى أي حد تم مراعاة عناصر التعددية والتنوع التي أشار لها البروتوكول الاختياري والواجب توفرها في جميع الآليات الوقائية المحدثة. فقد أشارت المادة 21 من المشروع، إلى أنه وبعد تنصيب أعضاء المجلس الوطني وفي أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر، يتم تعيين أعضائها من قبل الجمعية العامة وذلك باقتراح من الرئيس، وهؤلاء الأعضاء يعينون من داخل لائحة الجمعية العامة للمجلس، كما أنه يتم تعيين منسق للآلية من بين أعضائها تعينه الجمعية العامة باقتراح من رئيسها.

وبالتالي نكون أمام عنصرين أساسيين فيما يخص معطى تأليفة الآلية الوقائية، الأول متعلق بالتعيين وأسلوبه وإلى أي حد يتماشى مع توجيهات البروتوكول، والثاني متعلق بالتعددية والخبرة الواجب توفرها في الأعضاء.

  1. تأليفة الآلية الوطنية من خلال مشروع القانون 15-76

برجوعنا للفصول المنظمة لهذه التأليفة من داخل المشروع، نجدها بالإضافة للإشارات المتعلقة بأن الأعضاء يعينون من داخل الجمعية العامة للمجلس، فإننا نجد أن المشروع لم يشر إلى عدد الأعضاء ولم يحدده، بل ترك المجل لتحديده للنظام الداخلي للمجلس(المادة22 من المشروع)، والذي سيحدد كذلك كيفيات انتخاب هؤلاء الأعضاء وقواعد تنظيم وتسيير الآلية.

مقال قد يهمك :   المخالفة الموضوعية للدستور و الانحراف التشريعي-نموذج الدفع بعدم دستورية قانون ساري المفعول-

على هذا المستوى بالضبط نلاحظ معطيين أساسيين:

  • المشروع ترك المجال مفتوحا للمجلس من أجل أن يحدد صيغة عمل الآلية من خلال النظام الداخلي، وبالتالي سيكون هذا النظام امتدادا حقيقيا للقانون المنظم للآلية وعملها، خصوصا أن أغلب الأحكام المتعلقة بطبيعة العمل ومكنزماته تم السكوت عنها من داخل المشروع. لذلك سيكون علينا انتظار صيغة هذا النظام بعد تعيين المجلس في صيغته الجديدة، لنقول هل هناك مسايرة لأحكام البروتوكول من عدمه. كما أن هذه الإحالة على النظام الداخلي يشوبها نوع من الغموض، خصوصا في أحكام أساسية متعلقة بالآلية، والتي كان من المستحب التنصيص عليها من داخل هذا النص التشريعي.
  • الملاحظة الثانية وهي المتعلقة بالمقارنة بين الفصلين 21 و22 من مشروع القانون، حيث نجد أن الفصل 21 تحدث عن تعيين أعضاء الآلية من بين أعضاء الجمعية العامة للمجلس وذلك باقتراح من الرئيس، ليعود الفصل 22 ويكرس أن النظام الداخلي هو المحدد الأساسي لعدد أعضاء الآلية وكيفية انتخابهم. وبالتالي هناك نوع من اللبس على المستوى التحديد المفاهيمي لمصطلحي التعيين والانتخاب، فهل نحن أمام تعيين لأعضاء الآلية الوقائية بموجب أحاكم الفصل 21، أم أمام انتخاب بموجب النظام الداخلي للمجلس؟. فبرجوعنا إلى توصيات اللجنة الفرعية والتي وجهت إحداها لدولة ألمانيا الاتحادية، مفادها بضرورة أن يتفرغ أعضاء الآلية الوقائية الوطنية لأداء مهامهم وخدمة الآلية بفعالية وفقًا للفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، كما لاحظت أنه تعوز الشفافية والشمولية الإجراء المعمول به حاليًا في تعيين أعضاء الآلية الوقائية الوطنية الألمانية، ذلك أن تواصلها ضعيف مع الناس واﻟﻤﺠتمع المدني . كما تشير إلى أن الممارسة المعمول ﺑﻬا في الوقت الراهن لاختيار أعضاء الآلية الوقائية الوطنية لا تأخذ بالمبادئ التوجيهية بشأن الآليات الوقائية الوطنية لأن الأعضاء لا يُختارون بواسطة عملية مفتوحة وشفافة وشاملة، ومسؤولية ضمان الشفافية والشمولية هذه في تعيين أعضاء الآلية الوقائية الوطنية تقع على عاتق الدولة الطرف، فإﻧﻬا و بالتالي توصي الآلية الوطنية بأن تنشر علنًا وظائفها الشاغرة لتمكين منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني و غيرها من أصحاب المصلحة من المشاركة في عملية التعيين التي تقوم ﺑﻬا الدولة الطرف و بالتالي ضمان امتثالها للمادة 18 من البروتوكول الاختياري[56].

فإذا كان البروتوكول الاختیاري لاتفاقیة مناهضة التعذیب لم یلزم الدول الأطراف بضرورة أن تكون الآلیة الوقائیة الوطنیة تتخذ هیكلة معینة خاصة على مستوى عدد الأفراد الذین تتكون منهم، تاركا الأمر بید السلطة التقدیریة للدولة، فنجد أن اللجنة الفرعیة لمنع التعذیب اتجهت إلى القول “بأن هیكلة الآلیة الوقائیة الوطنیة تعكس عادة مجموعة من العوامل الخاصة بالبلد المعني، ولیس على اللجنة الفرعیة أن تحدد في المطلق ما قد یكون مناسبا أو غیر مناسب، فالمؤكد هو أن جمیع الآلیات الوقائیة الوطنیة یجب أن تكون مستقلة، وفیما عدا ذلك، تنظر اللجنة الفرعیة إلى الآلیات الوقائیة الوطنیة من المنظور الوظیفي، وتقر بأن نجاح نموذج محدد في أحد البلدان لا یعني أن نفس النموذج سیلقى نفس النجاح في بلد آخر، فالمهم هو أن یعمل النموذج المعتمد على نحو جید في البلد الذي یستخدم فیه[57].

و بالتالي فهذه السلطة التقدیریة للدولة یجب أن تكون منسجمة مع عدد أماكن الحرمان من الحریة التي تتوفر علیها كل الدولة الطرف على حدة، كما یجب أن تكون متناسبة مع عدد المحرومین من الحریة لدى كل دولة طرف في البرتوكول، فهذین المعطیین ینبغي أخدهما بعین الاعتبار عند إنشاء الآلیة الوطنیة الوقائیة، ولعل ذلك ما یفسر اختلاف التركیبة البشریة للآلیات الوقائیة الوطنیة من دولة لآخري، فمثلا تتألف مؤسسة المراقب العام لأماكن الحرمان من الحریة في فرنسا من 43 شخصا [58]، في حین نجد المشرع التونسي جعل الهیئة الوطنیة للوقایة من التعذیب تتكون من 16عضو فقط.[59] لذلك يبقى للنظام الداخلي للمجلس الوطني أن يراعي هذه التوجيهات في تحديد عدد أعضاء هذه الآلية وباقي الضوابط المتعلقة بتنظيمها وسيرها.

  1. التعددية والخبرة متطلبات أساسية في تركيبة أعضاء الآلية الوطينة

يعتبر هذين الشرطين التعددية والخبرة حجر الزاوية في تكوين هيكلة الآليات الوقائية الوطنية، لذلك سنحاول الإحاطة بأهم المقتضيات التي أشارت لها مواد البروتوكول في علاقة بالموضوع، وإلى أي حد راعى مشروع القانون 15-76 هذه المعطيات في تحديد أعضاء الآلية الوطنية.

  1. شرط التعددية في تركيبة الآلية الوطنية :

يعد شرط التعددية من أهم الشروط التي بموجبها يتم تشكيل الآليات الوقائية الوطنية، فقد تناولت هذا الشرط المادة 18 في فقرتها الثانية من البروتوكول، والتي أشارت إلى أن خبراء الآلية يتوفر فيهم التوازن بين الجنسين، وتمثيل ملائم للمجموعات العرقية ومجموعات الأقليات في البلد. بالإضافة إلى أن المادة 20 من المبادئ التوجيهية التي أقرتها اللجنة الفرعية، والتي تنص على أن يكون موظفو الآلية من خلفيات متنوعة، وتكون لديهم القدرات والدراية المهنية اللازمة ليتسنى لها أن تضطلع بولايتها على نحو سليم، وينبغي أن يشمل ذلك في جملة ما يشمله الخبرات ذات الصلة في مجالي القانون والرعاية الصحية، فلا يكفي للآلية الوقائية الوطنية كي تكون فعالة أن يكون أعضاؤها مستقلين عن الحكومة، القضاء، والسلطات المسؤولة عن أماكن الاحتجاز فقط، وذلك وفق ما تتطلبه المادة 18 بوضوح، بل وجب أن يكون لدى كل فرد من الأعضاء، الخبرة المناسبة. كما أن الآلية الوقائية الوطنية يجب أن تجمع بين التنوع والتكافؤ المطلوب من مجالات المعرفة المهنية المختلفة، فقد أفاد المقرر الخاص للأمم المتحدة عن التعذيب أنه: ” من الأهمية القصوى أن تؤمن الدول الأطراف مجموعة الأعضاء من مهن مختلفة في الآلية الوقائية الوطنية “.[60]

فبالرجوع إلى مواد مشروع القانون 15-76، نجد أن تقصي شروط التعددية في أعضاء الآلية الوقائية يفرض علينا تمحيص الفصول المتعلقة بتحديد أعضاء المجلس وجمعيته العامة، لكون أن أعضاء الآلية الوقائية سيعينون منهم، وبالتالي اكتشاف مظاهر التطابق بين معطيات البروتوكول والمشروع من عدمها يلزمنا بالمرور على هذه الفصول.

لقد حدد الباب الثالث من هذا المشروع تأليفة المجلس، حيث نصت المادة 36 أنه يتألف بالإضافة إلى رؤساء اللجان الجهوية من ثمانية وعشرين عضوا يختارون من بين الشخصيات التي تتوفر على المؤهلات والشروط المنصوص عليها في المادة 37. هذه المادة التي أشارت بصريح العبارة إلى أنه وجب أن يراعى في اختيار الأعضاء مبادئ التعددية والمناصفة والتنوع الثقافي واللغوي والتمثيلية الجهوية، وكذا تمثيلية المغاربة القاطنين بالخارج وفئات الشباب والأطفال العاملين في المجال الجمعوي.

وبالنظر إلى الإشارة في المادتين إلى التعددية، يلاحظ أنه يراد بها تعددية مهنية بالأساس، إلا أنها تعددية معرفية وعلمية تثري عمل الآلية الوقائية وتزيد من فعاليتها، فهذه الآلية وجب أن تجمع بين التنوع والتخصص المطلوبين للقيام بزيارة أي مكان يوجد فيه أشخاص محرومين أو يمكن أن يكونوا محرومين من حريتهم. ولهذا الغرض أكد البروتوكول على ضرورة مراعاة الخبرة في شتى المجالات التي لها علاقة بمناهضة التعذيب والحرمان من الحرية، لاسيما الخبرة في مجال إقامة العدل على وجه الخصوص. [61]

وفي نفس السياق يستفاد من المادتين المذكورتين أنه على الدول الأعضاء أن تراعي تحديد نطاق الخبرة المطلوبة في القانون المؤسس للآلية الوقائية الوطنية، وذلك عن طريق التدقيق في شروط العضوية بها، فيمكن للآلية الوطنية أن تضم فعاليات تنتمي إلى حقول معرفية كالمحامين مثلا، باعتبار أنهم يتصلون اتصالا مباشرا ووثيقا بالشخص المقبوض عليه أو المحتجز أو المسجون،[62] وبالأخص المحامون ذوو الخبرة في ميدان حقوق الإنسان أو القانون الجنائي، بالإضافة إلى الأطباء من مختلف التخصصات بما فيهم الطب الشرعي والطب النفسي، والباحثون المتخصصون سواء في القانون الدولي لحقوق الإنسان، في القانون الدولي الإنساني أو في علم الاجتماع، وحتى المهنيون الذين سبق لهم أن مارسوا عمل الهيئة القضائية، والأشخاص ذوو الخبرة المهنية في إدارة السجون، وممثلي الجمعيات الحقوقية بشكل عام.[63]

 

كما أن الإشارة من داخل المادة 18 إلى ضرورة وجود تمثيلية المجموعات العرقية مرده إلى ضرورة توفر أعضاء من جميع جهات البلد ومجموعاته العرقية لدرايتهم الكاملة باللغات غير الرسمية، مما سيجعل عملية التواصل مع محتجزين جيدة، وبالتالي سيسر الأمر من مهام الآلية وكذا يجعل أعمالها أكثر فاعلية، علاوة على أن هذا التمثيل سيساهم لا محالة في تخفيض نفقات هذه الآلية من خلال التخلي عن اعتماد المترجمين، والذين هم أيضا لا ضير من جعلهم أعضاء معينون من داخل الآلية طبقا لشرط التعددية المذكور.

من جهة أخرى نصت المادة 18 أيضا بوضوح على أن تسعى الدول الأطراف لإيجاد توازن بين الجنسين كشرط أساسي للعضوية، وبإمعان النظر في هذا التنصيص سنجد بأن إيجاد توازن في النوع الاجتماعي للأعضاء لا يتعلق فقط بمسألة استئصال التمييز القائم على أساس الجنس، وإنما هو أمر متعلق بواقع ملموس يتمثل في كون الأشخاص الذين سيتم مقابلتهم من قبل هؤلاء الخبراء، قد يصعب عليهم الخوض في بعض المواضيع الحساسة بالنسبة لهم، سواء لأسباب دينية أو لاعتبارات ثقافية محضة. وعلى أساس هذا الواقع، فإن تواجد خبيرة أنثى أو أكثر ضمن أعضاء الآلية سيسهل التحاور مع النساء المحتجزات أو المعتقلات في مواضيع كالاغتصاب أو التحرش الجنسي.

هذه التعددية التي أشار لها البروتوكول بشكل معمق، هي نفسها التي تم التركيز على ضرورتها من خلال المادة 37 كما ذكرنا، وهذا ما يتضح لنا جليا من خلال صفة الأشخاص الثمانية وعشرون الذين يتم اختيارهم لتركيبة المجلس الوطني من خلال المادة 36، حيث نرى أن من بينهم شخصيات تتوفر فيها المؤهلات والشروط كالخبرة العالية والعطاء في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، إضافة إلى أعضاء منتمين للجسد القضائي، وآخرون خبراء في مجال حقوق الإنسان، إضافة إلى فئة تجمع الخبراء الجامعيين الأكاديميين والصحفيين المهنيين والأطباء والمحامين والمترجمين، إضافة إلى أعضاء من المجتمع المدني المشهود لها بالعمل الجاد في ميدان حقوق الإنسان. ليكون بذلك هذين الفصلين وإن حددا السمات البارزة لأعضاء المجلس إلا أنهما يحيلان إلى أفكار جد مهمة تتماشى مع توجهات البروتوكول الإختياري، بالتالي وجب الانضباط لها إبان تعيين أعضاء الآلية الوقائية الوطنية، لتكون هذه التأليفة مسايرة للنسق التعددي المذكور، والذي بدونه ستفتقد للنجاعة والفعالية المطلوبين.

  1. الخبرة كشرط أساسي في تأليفة الآلية الوطنية

إن إنشاء أیة مؤسسة عاملة في مجال حقوق الإنسان لا بد من أن تكون مكونة من عدد كاف من الأفراد لكي یعملوا على تفعیل مهامها على أرض الواقع، لذلك وجب أن يتوفر هؤلاء الأفراد كفاءات عالية وخبرات تنسجم مع طبیعة عمل الآلیة الوطنیة للوقایة من التعذیب. فباستقراء مواد البرتوكول الاختیاري لاتفاقیة مناهضة التعذیب، یمكن استنتاج أن العضویة في الآلیة الوقائیة من التعذیب لا تخول لأي شخص، إذ أن البرتوكول یتطلب مجموعة من الصفات التي یجب أن یتحلى بها كل عضو في هذه الآلیة، أهمها أن یكون عملهم یتمتع بالمصداقیة والشرعیة،إضافة إلى توفرهم على قدر عال من القدرات والمعارف المهنیة بالإضافة إلى مهارات في التواصل.

فعملا بأحكام البند الثاني من المادة 18 [64] من البروتوكول الاختیاري لاتفاقیة مناهضة التعذیب، یجب على الدول الأطراف أن توفر لخبراء الآلیة القدرات اللازمة والدرایة المهنیة، وذلك بغیة أن تكون الآلیة الوطنیة قادرة على الاستفادة من المعرفة المهنیة لأعضائها في عدة مجلات، لأن العمل في المجال الوقائي من التعذیب، هو مجال متعدد الجوانب والاختصاصات، مثل المجال القانوني والطبي والتعلیمي والدیني والسیاسي والأمني [65]، وحقوق الإنسان، والرعایة الصحیة (بما في ذلك الصحة البدنیة والعقلیة…)، فمن المهم أن یكون أعضاء الآلیة الوقائیة الوطنیة ینتمون إلى هذه الفئات من أجل الاستفادة من مهاراتهم خاصة في مجال الصحة العامة للتمكن من فهم منظومة خدمات الرعایة الصحیة في أماكن الاحتجاز في مجملها، بالإضافة إلى ضرورة المعرفة في مجال علم النفس لفهم جوانب الاحتجاز المتعلقة بالصحة العقلیة، في حین أن هناك حاجة إلى خبرة الطب الشرعي لفحص ضحایا التعذیب وسوء المعاملة.[66]

إضافة لذلك، یجب أن تكون الآلیات الوطنیة للوقایة ذات مصداقیة في أعین السلطات والمعتقلین والمجتمع المدني والجمهور، وقد یتحقق ذلك في حالة إذا كان أعضاء الآلیة الوطنیة للوقایة من التعذیب یتمتعون بشرعیة اجتماعیة، كأن یكونوا من ذوى الأشخاص المعروف تاریخهم النضالي في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى ضرورة محافظة الآلیة الوطنیة في عملها على الشفافیة والموضوعیة، خاصة عند إعدادها للتقاریر حول وضعیة التعذیب. من خلال هذه المعطيات الأساسية نجد بأن الفصل 37 من المشروع طرح أهم الصفات الواجب توفرها في الشخصيات المقترحة لعضوية المجلس والآلية، بحيث نصت على ضرورة أن يكون هؤلاء الأشخاص من بين الشخصيات المشهود لها بالتجرد والنزاهة، والتشبت بقيم حقوق الإنسان ومبادئها، إضافة إلى العطاء المتميز في سبيل حمايتها والنهوض بها.

وانطلاقا من اعتبار أن الآلیات الوقائیة الوطنیة تشكل أداة وصل بین بعض الأفراد الأكثر ضعفا في المجتمع، مثل الأمیین والمهمشین من السجناء، من جهة، وبین أعلى مستویات السلطة في الدولة، من جهة أخرى، فینبغي على تلك الآلیات أن تتمتع بالقدرة على التواصل بشكل فعال حتى تتمكن من إیصال رسالتها إلى عموم الناس، لذا یجب على أعضاء الآلیة الوقائیة الوطنیة أن یكونوا قادرین على التواصل مع الأفراد الضعفاء بطریقة بسیطة ومحترمة، كما یجب أن یكونوا قادرین على كسب ثقة أعضاء البرلمان والوزراء وكبار المسؤولین. ویتطلب ذلك مهارات خاصة بالتواصل بحيث تصبح الخبرة في التواصل مع الأشخاص من جمیع مناحي الحیاة معيارا هاما لاختیار الأعضاء، وقد یحصل المدافعون عن حقوق الإنسان، والأطباء والمحامون على مثل ھذه التجارب، ومن ناحیة أخرى یجب أن یكون أعضاء الآلیة الوطنیة متوفرين على مهارات في التفاوض مع السلطات قصد الإقناع بضرورة القیام بإصلاحات الضروریة لمنع التعذیب.

فرغم كون المشروع لم ينص بشكل مدقق حول أهم الصفات الواجب توفرها في أعضاء الآلية، وترك الأمر محصورا في عبارات جامعة لمبادئ الكفاءة والنزاهة والخبرة، إلا أنه يمكننا القول ولحساسية المهام المنوطة بهذه الآلية أن الأعضاء الذين سيقع عليهم الاختيار وجب أن يكونوا على درجة عالية من الخبرة والكفاءة، فتكوين الآلية رهين باحترام قواعد الشفافية والتعددية هذه، لتكون بذلك محترمة للمبادئ التوجيهية للآليات وكذا مضامين البروتوكول. غير أنه إلى جانب هذين المقتضيين نجد أيضا التنصيص على الاستقلالية كعنصر أساسي يؤطر إنشاء أو تعيين الآليات الوقائية، وهذا ما سنتناوله بتفصيل من خلال المطلب الموالي.

غير أن المعطى الأساسي الذي يمكن استنباطه من مواد هذا المشروع، والذي يثير كثيرا من الجدل هو عدد أعضاء المجلس الذي تم التنصيص عليه، والذي حددته مواد المادة 36 في 28 عضوا إضافة إلى رؤساء اللجان الجهوية، فهل هذا الرقم كاف لاستيعاب مهام الآلية الوقائية إلى جانب باقي الآليات الأخرى التي تم التنصيص عليها من داخل المشروع والتي يتولاها كذلك المجلس الوطني وأعضائه؟ فمن بين أهم المعطيات التي أشارت لها مواد البروتوكول وتوجيهات اللجنة الفرعية أن يكون العدد من الأعضاء كافيا ومتاحا لعمل الآلية بشكل مثالي، إلا أن ما نصت عليه المادة 36 لا يخول حسب رأينا ذلك، خصوصا في ظل المهام الكثيرة التي سيتولاها أعضاء المجلس. هذا الأمر نجد أنه قد أشارت له اللجنة الفرعية في معرض توصياتها للدول التي زارتها في عديد المرات، فعلى سبيل المثال و في إحدى الملاحظات التي وجهتها لدولة ألمانيا نجد أنها صرحت: ”توصي اللجنة الفرعية بزيادة حجم الآلية الوطنية وعدد موظفيها بحيث تتناسب قدراﺗﻬا مع عدد أماكن الاحتجاز التي تخضع لولايتها، وأن تكون تلك الزيادة كافية بحيث يتسنى للآلية الوطنية أداء سائر المهام الأساسية ضمن ولايتها بمقتضى البروتوكول الاختياري”،[67] لذلك سيكون من الضروري إعادة النظر في هذا الإقرار لعدد الأعضاء المشار إليه في المشروع.

المطلب الثاني : الاستقلالية كمحدد أساسي لتكوين أو إنشاء الآليات الوطنية

بعد أن تطرقنا فيما سبق للعناصر الأساسية الواجب توفرها في إنشاء أو تعيين الآليات الوقائية، والمتمثلة في سلك نهج شفاف وشامل عند إقرار صيغة الآلية إضافة إلى فرض عناصر التعددية في تركيبتها، تماشيا مع التوجهات العامة التي قد أقرها البروتوكول وكذلك المبادئ التوجيهية للجنة الفرعية، سنحاول أن نعرج على عنصر جد مهم في منظومة الآلية الوقائية، والذي نال ولا يزال من النقاش العمومي سواء الوطني أو الدولي الشيء الكثير. هذا العنصر متعلق بالأساس بموضوع الاستقلالية كشرط أساسي ومفروض وجوده في الآليات كيفما كانت هيكلتها، فلا يمكن للزيارات التي تقوم بها الآليات الوقائية الوطنية أن تمنع التعذيب أو أي نوع آخر من سوء المعاملة بشكل فعال ما لم تكن الآليات الوقائية الوطنية مستقلة فعلاً، وهذا ما أشارت له المادة 18 في فقرتها الأولى للبروتوكول الاختياري، وهي البند الرئيسي الذي يطلب من الدول اتخاذ التدابير لضمان الاستقلال الوظيفي للآليات الوقائية الوطنية.

فكما تشير الفقرة الرابعة من نفس المادة إلى “مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بوضع المؤسسات الوطنية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان” والمعروفة أيضاً ب “مبادئ باريس” [68]، التي تتضمن تفصيلاً إضافياً حول التدابير التي تحمي استقلالية هكذا مؤسسات. بأية حال، لقد تم تصميم مبادئ باريس أساساً لتحقيق الهدف العام لمؤسسات حقوق الإنسان مع إعطاء صلاحيات أوسع، وهو الأمر الذي ترجم في محيط البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.

وطبقا لأحكام الفصل 161 من الدستور، يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها. كما أن المادة الثالثة من مشروع القانون 15-76 نصت هي الأخرى على أن المجلس يمارس صلاحياته بكل استقلالية في جميع القضايا العامة والخاصة، وبالتالي يمكننا القول على أن هذا التنصيص الدستوري والتشريعي من داخل المشروع يعتبر بمثابة المدخل الأساسي لضمان الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب استقلاليتها.

من الواضح جدا أن الاستقلالية هي الصفة التي تشكل حجر الزاوية في مشروعية ومصداقية المؤسسات الوقائية الوطنية، وبالتالي فعالية ونجاعة أعمالها بعد التحديد أو الإنشاء، وبالتالي فالتنصيص على كون الاستقلالية مبدأ من المبادئ الموجهة ضمن أحكام البروتوكول من خلال المادتين 17 و18، وكذلك من خلال المبادئ التوجيهية للجنة الفرعية لمنع التعذيب في مادتها الثانية عشر، ما هو إلا وعي حقيقي بكونها المنطلق الرئيسي قبل تحديد الولاية والسلطات الأخرى، والمدخل الأساسي للوصول إلى نموذج وقائي قادر على تأدية المهام المفترضة.

فالاستقلالية في المفاهيم العامة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تتطلب عديد المحددات الأساسية، كالتمويل الكافي وكذلك أن يكون للمؤسسة مبانيها الخاص وموظفوها في حالة استقلال تام عن الحكومة ومؤسساتها، وبذلك تكون الإستقلالية هي المبدأ الأهم والأصعب، والأكثر إثارة للخلاف. فالاستقلالية الصحيحة تعتبر شيئا أساسيا لنجاح أية مؤسسة، والتي لا تستطيع أن تعمل باستقلالية لا يمكن أن تكون لها فعالية. فليس من المهم الحد الذي ترقى إليه أي مؤسسة أمام سائر الجوانب من مبادئ باريس، فإذا لم تكن مستقلة أو لم تعتبر مستقلة فمن غير المحتمل جدا أن تكون قادرة على تحقيق الكثير مما له قيمة دائمة.[69] فیقصد بالاستقلال كمحدد للآیة الوطنیة للوقائیة من التعذیب قدرتها على القیام بمهامها بشكل مستقل اتجاه جمیع سلط الدولة، بدون أن تكون تابعة لأي جهة مهما كان نوعها، لذلك یجب على الدول الأطراف في البرتوكول الاختیاري عند إنشائها أو في حالة استبقائها أو تعیینها للآلیة الوقائیة الوطنیة العمل على ضمان مظاهر الاستقلال هذا، والمتمثلة في الوظیفي والمالي، وكذلك استقلال الأعضاء العاملین بها. لذلك سنحاول تقصي مظاهر هذا الاستقلال من خلال مشروع القانون 15-76 وكذلك من خلال تراكمات عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إطار أعماله ذات العلاقة بالآلية الوطنية للوقاية من التعذيب.

الفقرة الأولى: الإستقلال الوظيفي والمالي للآلية الوطنية في مشروع القانون 15-76

حاول مشروع القانون 15-76 أن يعطي للآلية الوطنية مجموعة من التخصصات التي تدخل في ولايتها، كل ذلك في إطار نوع من الاستقلال الوظيفي والمالي، لذلك سنحاول الكشف عن أهم هذه المعطيات ونعي إلى أي مدى لاءمت توجهات البروتوكول في هذا الخصوص.

  1. الاستقلال الوظیفي للآلية الوطنية

بموجب الفقرة الأولى من المادة 18، من البروتوكول الاختیاري لاتفاقیة مناهضة التعذیب، یتعین على الدول الأطراف أن تضمن الاستقلال الوظیفي للآلیات الوطنیة الوقائیة، فهذه الضمانة الأساسیة هي التي تحدد مدى فعالیة هذه الآلیة في الوقایة من التعذیب، ویقتضي الاستقلال الوظیفي أن تكون الآلیات الوقائیة الوطنیة قادرة على التصرف بشكل مستقل من دون تدخل من سلطات الدولة، بما فیها السلطات المسؤولة عن السجون ومراكز الشرطة وغیرها من أماكن الاحتجاز. ومن الأهمیة بمكان أیضا أن ینظر إلى الآلیات الوقائیة الوطنیة على أنها كیان مستقل عن باقي سلطات الدولة [70]، ولهذا نجد اللجنة الفرعیة لمنع التعذیب توصى بأن تنشأ الآلیات الوقائیة الوطنیة بموجب نص دستوري أو تشریعي یحدد عناصرها الرئیسیة، وهو الأمر الذي سار عليه المغرب بموجب مشروع القانون 15-76 والذي يحدد ولایتها وسلطاتها، والعملیة التي تقوم من خلالها بتعیین موظفیها وأعضائها وفترة ولایتها ومصادر تمویلها، وخطوط المساءلة لدیها [71].

كما أنه لا يخضع هذه الهيئة أو أعضاءها للسيطرة المؤسسية لأي وزارة/ وزير، أو مجلس وزراء، أو مجلس تنفيذي، أو رئيس دولة، أو رئيس وزراء. فلا يجوز لأي سلطة إلا السلطة التشريعية نفسها أن تملك صلاحية تغيير وجود الآلية الوقائية أو ولايتها أو صلاحياتها. ولا يملك صلاحية تعيين موظفي الآلية الوقائية الوطنية إلا الآلية نفسها. كما أن استقلال الأعضاء الفرديين أمر بالغ الأهمية لضمان الفعالية الشاملة لهذه الآليات. فلا بد أن يتمتع كل عضو أو موظف في الآلية الوقائية الوطنية بالاستقلال الشخصي والمؤسسي عن سلطات الدولة، وبصفة عامة لا يجوز للآليات الوقائية الوطنية أن تضم أفراداً يشغلون مناصب حالية في الحكومة أو نظام العدالة الجنائية أو هيئات إنفاذ القانون.[72] هذا الأمر الذي أشارت له المادة 38 من المشروع بوضوح، حين اعتبرت أن العضوية في المجلس وبالتالي في الآلية الوقائية تتنافى مع العضوية في الحكومة وفي مجلس النواب وفي مجلس المستشارين أو إحدى الهيئات والمؤسسات الدستورية المنصوص عليها في الفصول 165 إلى 170 من الدستور، ليكون بذلك هذا الفصل ضامنا أساسيا للإستقلال الوظيفي للآلية.

وتجدر الإشارة إلى أن المشروع ومن خلال المادة 54 أشار إلى معطى مثير للجدل، وهو أن رئيس المجلس بإمكانه أن يدعو للمشاركة في أشغال أجهزته وآلياته الوطنية، بصفة استشارية ممثلا عن السلطات العمومية أو هيئات عامة أو خاصة، وهو الأمر الذي يعارض مضامين البروتوكول، التي تفرض الإستقلالية التامة للآلية وذلك حرصا على سرية عملها، كما أن أي حضور لممثلين عن السلطات ولو بصفة استشارية هو مساس حقيقي باستقلالية الآلية.

  1. الاستقلال المالي للآلية الوطنية

یجب على الدول الأطراف في البروتوكول الاختیاري العمل على توفیر الموارد المالیة اللازمة لتمویل وتسییر الآلیات الوقائیة الوطنیة من التعذیب، لیتسنى لها العمل بفعالیة وفقا لمقتضیات البروتوكول الاختیاري، فبدون الاستقلال المالي والتنفیذي لن یكون بإمكان الآلیات الوطنیة القیام باختصاصاتها على أكمل وجه.[73] ونفس المقتضى نجده منصوص علیه كذلك في مبادئ باریس، التي دعت لضرورة توفیر الموارد المالیة الكافیة، بالإضافة إلى الموارد البشریة واللوجستيكیة، فهي من المتطلبات الرئیسیة لتنفیذ الولایات الوقائیة لهذه الآلیات، ولكي تكون الآلیة الوقائیة مستقلة مالیا، لا بد أن تكون قادرة على وضع میزانیتها السنویة بنفسها، وكذلك على تحدید الكیفیة التي تصرف بها تلك المیزانیة، وبدون الحاجة إلى الحصول على إذن، أو موافقة مسبقة من الحكومة.[74] وتلتزم الدول بموجب البروتوكول الاختياري بتوفير الموارد اللازمة لحسن سير الآليات الوقائية الوطنية، ذلك أن الموارد المالية والبشرية واللوجستية تمكن الآلية من ممارسة مهامها بشكل عملي وتضمن لها الاستقلالية في اتخاذ القرار. وينبغي أن يحدد القانون المحدث للآلية مصدر تمويلها وطبيعته وكذا عملية تخصيص ميزانيتها السنوية. كما يجب أن يوافق البرلمان على الميزانية العامة السنوية بناء على طلب مباشر من الآلية الوقائية الوطنية، تشمل التوقعات استنادا إلى تحليل منتظم للممارسات والتجارب وتقييم الاحتياجات. وينبغي أن تنفق الآلية الغلاف المالي المخصص لها دون الحصول على إذن مسبق من ممثلي الحكومة.[75]

و برجوعنا إلى مشروع القانون 15-76 نجد أنه وفي إطار الفصل المتعلق بميزانية المجلس، تسجل الإعتمادات المالية المرصودة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في الميزانية العامة للدولة، ويعتبر بموجب الفصل 59 رئيس المجلس آمرا بقبض مداخيل المجلس وصرف نفقاته وله أن يعين الأمين العام للمجلس أو أي شخص آخر من المسؤولين العاملين تحت إمرته آمرا مفوضا بالصرف. كما أنه يعين منسق الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب آمرا بالصرف مساعدا فيما يتعلق بالإعتمادات المخصصة لهذه الآلية. كما أنه ترصد من ميزانية المجلس ميزانية خاصة واعتمادات للآلية الوطنية من أجل ضمان حسن سيرها ولتغطية نفقاتها، وهذا تماشيا مع التوجيهات المشار إليها من داخل البروتوكول الاختياري.

بالتالي يكون هذا التنصيص على ميزانية خاصة بالآلية الوقائية وتعيين منسق الآلية الوقائية آمرا بالصرف مساعدا لرئيس المجلس يعد بمثابة أسلوب يراعي حساسية الآلية الوقائية وحاجتها لإعتمادات متنوعة نظرا للمهام الحساسة التي تنظرها في درب الوقاية من التعذيب. ليكون بذلك القانون المحدث للآلية محددا لمصدر تمويلها وطبيعته وكذا عملية تخصيص ميزانيتها السنوية. كما أن تسجيل اعتمادات المجلس المالية ضمن الميزانية العامة للدولة ترك المجال للبرلمان لأن يوافق عليها، مع اعتبار تعيين منسق الآلية آمرا مساعدا بالصرف من شأنه أن يساهم في إنفاق الآلية الغلاف المالي المخصص لها دون الحصول على إذن مسبق من ممثلي الحكومة.

الفقرة الثانية: استقلالية أعضاء الآليات الوقائية الوطنية :

بالإضافة إلى الاستقلال الوظیفي والمالي للآلیة الوطنیة الوقائیة، یجب أن یكون أعضاء وموظفي وخبراء الآلیة الوقائیة الوطنیة مستقلین شخصیا عن هیئات الدولة، ویشترط البروتوكول الاختیاري أن تضمن الدول الأطراف الاستقلال الوظیفي للمؤسسة ككل وتضمن أن تتكون الآلیة من أفراد مستقلین. من الواضح أيضاً أن أعضاء الآليات الوقائية الوطنية يجب أن يكونوا مستقلين شخصياً عن الحكومة التنفيذية، بمعنى أنه يجب أن لا يكون لديهم علاقات أو اتصالات مع شخصيات سياسية قيادية في السلطة التنفيذية، أو مع هيئات تنفيذ القانون مثل الموالاة السياسية، الصداقات الحميمة أو العلاقات المهنية الموجودة سابقاً، حتى وإن كان هذا العضو المفترض قادراً على العمل بطريقة حيادية. كما يجب أن يكون لدى الآلية الوقائية الوطنية السلطة على اختيار وتوظيف هيئتها الخاصة بناء على المعايير والمواصفات التي تحددها بنفسها.

إن الأخذ بهذه الاعتبارات مع المهام المعينة للآلية الوقائية الوطنية كنوع متميز عن أنواع أخرى من مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية الأكثر عمومية، يحول دون وجود ممثلي الحكومة في أي مجال ضمن الآلية الوقائية الوطنية. ومن أجل كفالة استقلال ولاية أعضاء الآلية الوطنية التي تكون مؤسسة مستقلة حقاً، أشار مشروع القانون 15-76 إلى طريقة تعيينهم والمدة المعينة لولايتهم، والتي حددها في خمسة سنوات قابلة للتجديد شريطة كفالة استمرار التعددية في عضوية المؤسسة. كما يمكن أن يكون لإجراءات التشريع الملائمة من أجل تعيين الأعضاء، دوراً هاماً في تأمين الاستقلالية، بحيث أن قانون إنشاء الآلية الوقائية الوطنية وضح أسلوب التعيين ومعياره ومدته،إضافة إلى الحصانات والإمتيازات من خلال المواد 38،39 و40.

و يمنح البروتوكول الاختياري أعضاء الآليات الوقائية الوطنية الامتيازات والحصانات التي تكون لازمة لممارستهم مهامهم على نحو مستقل، من خلال المادة 35 التي تقر بأنه: “تمنح الامتيازات والحصانات التي تكون ضرورية لممارسة مهامهم على نحو مستقل”[76]. إلا أن المادة 40 من المشروع أشارت فقط إلى أن الرئيس وأعضاء المجلس يتمتعون فقط بكافة الضمانات الضرورية التي تكفل حمايتهم وتضمن استقلاليتهم أثناء مزاولتهم لمهامهم، دون التوضيح فيما يخص نوعية هذه الضمانات وطبيعتها، هل هي حصانة كاملة كما أشار إليها البرتوكول أم هي فقط ضمانات سطحية لن توفر تلك الاستقلالية والحماية المطلوبة لأعضاء الآلية. مع الإشارة إلى أن المادة 41 فرضت على أعضاء المجلس أن يلتزموا بواجب التحفظ اتجاه المعطيات والجلسات التي يكونون على علم بها نظرا لطابعها الشخصي، إضافة إلى التزامهم بالامتناع عن اتخاد أي موقف أو تصرف أو عمل من شأنه أن ينال من استقلاليتهم. إضافة إلى أن هذا المشروع كرس استقلالية أعضاء الآلية الوقائية الوطنية عن السلطات العمومية استقلالا شخصيا ومؤسساتيا، وحرص على سرية عمل الآلية، كما نص على حالات انتهاء العضوية من خلال المادة 39 من المشروع.

غير أنه بالرجوع إلى تأليفة الأعضاء المشار إليها من خلال المادة 36 من المشروع، نجدها تتضمن مجموعة من الملاحظات والتي أثارت من خلال الصيغة السابقة للمجلس بموجب الظهير المحدث له جدلا واسعا، وأخص بالذكر كون الظهير المؤسس كان ينص صراحة على أن الأعضاء يعينون بظهير،[77] وهو الأمر الذي لا يحقق في الواقع مبدأ الاستقلالية الوظيفية نظرا لأن قرار تعيين الأعضاء يعود إلى الفرع الأعلى للدولة وليس إلى رئيس المجلس، فضلا عن كون إجراء التعيين هذا لا يأخد بعين الاعتبار آلية الانتخاب، عكس اختيار أعضاء الآلية الوقائية التي تشجع اللجنة الفرعية أن يكون اختيار أعضائها خاضعا لعملية شفافة وتشاركية. وبالتالي تكون الصيغة الحالية من المشروع أكثر وضوحا في سعيها نحو تكريس الاستقلالية الوظيفية، رغم أن رئيس المجلس لازال يعين بظهير، عكس الأعضاء الذين لم تحدد المواد 21 و22 استمرار تعيينهم عبر الظهير. لذلك يمكننا القول أنه تم تجاوز نسبيا هذه المسألة من داخل النظام الداخلي للمجلس والذي أقرت المادة 22 من المشروع بجعله يحدد عملية اختيار أعضاء الآلية ، رغم ما يثيره من جدل تناقض هذين الفصلين كما ذكرنا سابقا، بحيث تم الإشارة إلى عملية تعيين للأعضاء من خلال الفصل 21، ليتم الإشارة إلى مصطلح الانتخاب من خلال الفصل 22.

كما نجد أن المادة 18 من البروتوكول أشارت إلى مقتضى مهم، وهو امتثال كافة الآليات الوقائية المعينة أو المنشأة للمبادئ المتصلة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان أو ما يعرف بـ”مبادئ باريس “، وهذا يعني أن كافة النصوص التنظيمية للآليات الوقائية وجب أن تتوافق مع هذه المبادئ والقواعد الدولية التي تقدم الحد الأدنى من المعايير حيث من بينها الاستقلال الوظيفي والهيكلي. ونشير في هذا الصدد إلى أن المجلس في صيغته الحالية مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان معتمدة في الدرجة ” أ ” من قبل لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان باعتبارها مؤسسة تمتثل لمبادئ باريس، إضافة إلى أنه قد حصل في 17 ماي 2011 على تجديد اعتماده في هذه الدرجة من سنة 2010 وإلى غاية 2015، وبالتالي يجعله هذا يتمتع بالاستقلالية اللازمة وبتزكية من المؤسسات الدولية المعنية برصد مدى ملاءمة لجان حقوق الإنسان الوطنية للمعايير الدولية. لكن مسألة العضوية من داخل المجلس وبالتالي عضوية الآلية، نجد أنها هي الأخرى تطرح بعض علامات الاستفهام، فمثلا ذلك التوزيع في تحديد أعضائه أعضاء منه منتمين للسلطة القضائية، وآخرون للهيئات الدينية العليا، إضافة إلى تعيين رئيس الحكومة لثمانية أعضاء من المجلس وهو الأمر نفسه بالنسبة لرئيسا مجلس البرلمان، مما يجعلنا نتساءل مرة أخرى عن هذا التداخل بين مهام الآلية المفروض فيها الاستقلالية وتواجد السلط القضائية التنفيذية والتشريعية والهيئات الدينية على مستوى التعيين.

فرغم إقرار أن الأعضاء يشترط فيهم عدم التنافي، وكون تعيينهم سواء من طرف السلطة القضائية أو السلطة التنفيذية في شخص رئاسة الحكومة، أو السلطة التشريعية في شخص رئيسا مجلس البرلمان يتم عبر الاقتراح من طرف الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الفاعلة والمشهود لها بالعمل الجاد في مجال حقوق الإنسان وطنيا ودوليا، وكذلك المنتمين لأجهزة التعليم العالي والصحافة والطب والمحاميين، إلا أنه كان بالإمكان تفادي هذا اللبس والمس بمبادئ الاستقلالية، ومسايرة توجهات البروتوكول واللجنة الفرعية المعنية، التي جعلت أسلوب انتخاب أعضاء الآلية أكثر نجاعة وفعالية وتحقيقا للاستقلالية. وبالتالي نظن أن هذا المعطى لم يراعي التوجهات المشار إليها سالفا باختيار أعضاء بعيدين كل البعد عن السلط الثلاث، وأن مسألة تعيينهم يتوجب أن تراعى فيها صيغة الانتخاب، وأن الاقتراح وحده لا يكفي لنقر باستقلالية جهاز ما، بل وجب أن تكون العملية برمتها متسمة بالشفافية والتشاركية كما نصت عليها مواد البروتوكول وتوصيات اللجنة الفرعية، لكون التعيين من طرف سلطة ما يمس مساسا حقيقيا بالاستقلالية ولو أشارت المادة 38 من هذا المشروع لحالة تنافي الأعضاء.[78] لذلك كان الأجدر أن يتم مراعاة هذا المعطى وترك مجال التعيين أو الانتخاب بعيدا عن هذه السلط نظرا لطبيعة الآلية الوقائية والمهام الموكولة إليها.

وتجدر الإشارة إلى أنه وفي إطار الزيارت المخولة بموجب أحكام البروتوكول الاختياري للجنة الفرعية للدول المنشئة لآلياتها الوقائية، أصدرت هذه اللجنة عديد التوصيات والتعليقات لدول زارتها، تتعلق بالخصوص بموضوع الإستقلالية. فعلى سبيل المثال نجد ما صدر اتجاه الآلية الوقائية لدولة مالي، حيث لاحظت اللجنة الفرعية أن هيكل الآلية الوقائية الوطنية لا يسمح لها بالعمل باستقلالية ودون تدخل السلطات الحكومية، وخاصة الشرطة وسلطات السجون. والواقع أن تشكيلة الآلية الوقائية الوطنية، وأسلوب عملها، وعدم تمتعها بالاستقلالية المالية اللازمة لأداء ولايتها بفعالية، لا تتفق مع مبادئ باريس ومع المادة 18 من البروتوكول الاختياري. وهذا ما يتضح بشكل جلي في الواقع بعد أن تعذّر على الآلية الوقائية الوطنية زيارة أماكن الاحتجاز الواقعة خارج مقاطعة باماكو بسبب نقص الموارد المالية واللوجستية. ومنه توصي اللجنة الفرعية السلطات باتخاذ جميع التدابير الضرورية من أجل أن تتوافق الآلية الوقائية الوطنية توافقاً تاماً مع مبادئ باريس، كما ينص على ذلك البروتوكول الاختياري، وكذا مع توجيهات اللجنة الفرعية بشأن الآليات الوطنية الوقائية، لاسيما من خلال تزويدها بميزانية كافية.[79] لذلك سيكون لزاما على مشروع القانون الخاص بالآلية الوطنية أن ينضبط بشكل مثالي لتوجيهات البرتوكول واللجنة الفرعية، فيما يخص مواضيع الاستقلالية سواء المالية أو الوظيفية، وحتى استقلالية الأعضاء.

خــاتــمــة:

يعتبر التعذيب من أبشع الجرائم التي يمكن أن ترتكب في حق الإنسان، وهو بذلك يشكل وسيلة لا إنسانية لتدمير الحياة والسلامة الجسمانية والنفسية للإنسان خصوصا إن تم ارتكابه ضد المحروم من الحرية.و قد أخد مفهومه التعذيب إطارا أو بعدا قانونيا أكثر وضوحا مع تزايد نشاط وفعالية الحركة الدولية الداعية إلى احترام حقوق الإنسان، خصوصا بعد الجهود المبذولة على المستوى الدولي والإقليمي، فتم التأكيد على حظر التعذيب والانتقال للوقاية منه عبر إقرار فعال للبروتوكول الاختياري.

إن الهدف الأساسي الذي وضعناه في بداية هذه الدراسة هو تأمين شرح وتفسير لمواد مشروع القانون 15-76 المتعلقة بالآليات الوقائية الوطنية، مع استحضار أحكام البروتوكول الاختياري، وإيضاح أهم بنود الوقاية المشار إليها. هذا المنهج الذي جعلنا نتقصى أهم جوانب الآلية الوقائية الوطنية المزمع إحداثها، جعلنا نكون صورة واقعية حول طبيعة هذا التنزيل وإلى أي حد يساير تطلعات المتتبعين المحليين وحتى الدوليين، لكون انضمام المغرب لهذه الوثيقة الدولية يعد استجابة حقيقية لتطلعات المنتظم الحقوقي الوطني والدولي، ومسايرة واقعية لتوجهات الدستور الجديد لبناء دولة الحق والقانون.

هذا التحليل جعلنا نستخلص مجموعة من المعطيات الأساسية، تأتي في إطار مسايرة النقاش العمومي حول تحديد الآلية الوقائية الوطنية. فإلى غاية اليوم تكون قد مضت سنتين ولازلنا في مرحلة التأسيس للآلية، لذلك وجب مواصلة فتح قنوات التواصل مع هيئات المجتمع المدني وكافة المتدخلين في القطاع من أجل إعادة النقاش واستمراره بخصوص الآلية وأدوارها خصوصا في ظل هذا المشروع، لكون النقاش وجب أن يكون مسايرا لمأسسة الآلية وأن لا يتوقف عند إقرارها.

كما أن هذا النقاش على مستوى السلطات التشريعية وجب أن يستحضر ضرورة الامتثال الحقيقي لمبادئ البروتوكول وتوصيات اللجنة الفرعية لمنع التعذيب، كما أن ما تم ذكره على مستوى التحليل باعتبار أن المشروع في مقاطع مختلفة جانب توجيهات البروتوكول الاختياري. خصوصا ما يتعلق بتشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وفي أسلوب تعيين أعضائه، بحيث وجب أن تراعى استقلالية أعضائه وتمثيلهم لهيئات مستقلة عن السلط القضائية والتنفيذية والتشريعية. كما انه وجب منح اللجنة الفرعية لمنع التعذيب كافة التسهيلات والمساعدة في زياراتها المرتقبة للمغرب بموجب أحكام البروتوكول، لكون ملاحظاتها بموجب هذا النص التشريعي ستكون جد مهمة لتحديد مسار الآلية الوقائية وتنزيلها مستقبلا. كما ينبغي أن تتمتع الآلية الوقائية الوطنية بالقدرة على العمل بشكل مستقل إزاء سلطات الدولة والإدارات المعنية بأماكن الحرمان من الحرية، بحيث لا يجوز لأي من ممثلي السلطة العمومية إعطاء الأوامر، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لهؤلاء الأعضاء، وأن لا تكون لأي أحد السلطة القانونية لحل الآلية الوقائية الوطنية، أو استبدالها، أو تغيير اختصاصها، أو تركيبتها، أو صلاحياتها وفقا لتقديره الشخصي مع تمتيع أعضاء الآلية الوقائية الوطنية باستقلال شخصي ومؤسساتي عن السلطات العمومية، بحيث لا يشغل أي عضو منهم منصبا في نظام العدالة الجنائية، أو أن يكون تابعا لأي سلطة سياسية، بل يجب الابتعاد عن كل شبهة بوجود علاقة تبعية مفترضة.

وبالتالي يتضح لنا انه لا مناص تقريبا، وفي ضوء طبيعة عمل الآلية الوقائية الوطنية، من أن تواجه تحديات عديدة بتنوعها، من قبيل عدم وجود موارد لتنفيذ التوصيات وما إلى ذلك، وأحيانًا سلبية الرأي العام، بحيث ستكون بعض هذه التحديات خارج سيطرة الآلية وإلى حد ما السلطات المختصة التي تتعامل معها. ومن هذا المنطلق تدعو الحاجة إلى التحلي بالواقعية في تحديد آلية وقائية وطنية، وأن تحاول إيجاد واقتراح حلول إبداعية لمعالجة المسألة مع مرور الوقت بطريقة تدريجية.

كما ينبغي لها أن تنظر في إقامة شراكات مع الفاعلين الوطنيين والدوليين للتوعية بالتزامات الدول الأطراف في أوساط صناع القرار وعامة الجمهور من أجل تشجيع وتيسير تغيير القوانين، وسياسات السلطات، والمواقف العامة، والظروف والممارسات في أماكن الاحتجاز. كما ينبغي للآلية الوقائية الوطنية أن تنظم استخدامها للموارد البشرية والمالية لكي تضمن معالجتها لجميع جوانب ولايتها وإدراج جميع أنواع المؤسسات في برنامج زيارﺗﻬا. ولهذا ينبغي للآلية الوقائية الوطنية وضع استراتيجية لعملها من أجل تحقيق أقصى أثر ممكن في التصدي للمشاكل والتحديات ذات الصلة بولايتها في السياق المحلي، كما ينبغي رصد الأنشطة ونتائجها وتحليلها بصورة مستمرة واستخدام الدروس المستفادة من أجل تطوير هذه الممارسات. كما ينبغي فهم عمل الآلية الوقائية الوطنية على أنه عملية تطوير متواصلة لصيقة بالسياق لا تقوم فقط على تجربة ذاتها وإنما أيضا على المعلومات والمشورة والتجارب المستمدة من غيرها من المصادر المعنية والموثوقة. وينبغي أن يحصل الأعضاء والموظفون على التدريب المستمر على جملة أمور منها القضايا المنهجية والاستراتيجية والأخلاقية وينبغي أن يشاركوا في تطوير أساليب العمل.[80]

مقال قد يهمك :   عيسى محمد: قراءة في مقتضيات المرسوم الخاص بهيئة موظفي إدارة السجون وإعادة الإدماج

لنختم قراءتنا هذه في مشروع القانون 15-76 بمجموعة من الملاحظات التي نراها أساسية، ووجب أخدها بعين الإعتبار في المناقشة التشريعية لهذا المشروع:

  • ضرورة إعادة النظر في صياغة المادة الحادية عشر من هذا المشروع، والتي تشرع للسلطات العمومية في أن تكبح مهام الآلية الوقائية في حالات استثنائية بموجب حالات حددتها تتعلق بالدفاع الوطني والأمن العام. لكون هذا المعطى يتنافى مع عدم ذكر البروتوكول الإختياري لأي حالة من هذه الحالات التي تخول لإدارات أماكن الاحتجاز الإمتناع عن إجراء الزيارات لأي سبب كان. بحيث نقترح في أن يتم حصر المهام الحمائية العامة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في ما هو مشار إليه من خلال هذا المشروع (المواد من 4 الى غاية 10)، دون الزيارات الوقائية من التعذيب التي تعد اختصاصا حصريا للآلية الوقائية، والتي يتم القيام بها بشكل حر دون أية تقييدات أو استثناءات تعارض مواد البروتوكول الاختياري، وجعل المجلس ممارسا لكل المهام الأخرى من تلقي الشكايات حول دواعي التعذيب وكل ما من شانه يؤدي إلى وقاية لا تعارض مواد البروتوكول، أي أنه من الواجب حذف المادة الحادية عشر من المشروع، والاكتفاء بوقاية من التعذيب في إطار ولاية الآلية الوقائية.
  • كما نقترح كحل آخر بديل إلى جانب حذف المادة 11 من المشروع، أن يتم تعديل هده المادة بمقتضى يشير أن حالات الاعتراض على الزيارات يكون بالنسبة لولاية اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وليس لزيارات المجلس، بشكل يلائم مقتضيات البروتوكول.
  • إن من شأن الاحالة على المادة 445 القانون الجنائي من خلال المادة 17 من هذا المشروع يمكن أن يدفع الضحايا الى عدم التبليغ، ورغم كون المتابعة تكون فقط في حالة “نشر الخبر بأي وسيلة كانت”، لأنه من الطبيعي أن يقدم الضحايا شكاياتهم الى مختلف وسائل الإنصاف، بما فيها الجمعيات الحقوقية وأيضا المؤسسات الوطنية، كما أن هذا التقييد على الضحايا هو سلب لحق من حقوقهم في التشكي لوسائل الاعلام. وبالتالي من الواجب التنصيص صراحة على عدم متابعة أي شخص تقدم بمعلومات مغلوطة أو ادعاء كاذب.
  • من خلال الفرع الثاني لهذا المشروع تم التطرق لمجموعة من الأحكام المشتركة التي تخص الآليات الثلات المنصوص عليها، بحيث أنه تم التنصيص من خلال المادة 21 على أن أعضاء الآلية الوقائية يتم تعيينهم من الجمعية العامة للمجلس. غير أن المادة 22 من نفس المشروع أشارت إلى أن النظام الداخلي لهذا المجلس سيحدد كيفية انتخابهم، والفرق بين التعيين والانتخاب كبير جدا، لذلك وجب إزالة هذا اللبس، هل هو تعيين أم انتخاب ؟. كما أن تعيينهم بموجب المادة 21 يأتي باقتراح من الرئيس، وهنا نستحضر توجيهات اللجنة الفرعية التي أقرت بضرورة اعتماد أساليب أكثر شفافية وتشاركية في تحديد أعضاء الآلية الوقائية، لذلك وجب إعادة النظر في تعيين أعضاء الآلية. وهو الأمر نفسه بالنسبة لمنسق الآلية الوقائية والذي يتم تعيينه من طرف الجمعية العامة للمجلس باقتراح من رئيسه، وهنا نتساءل هل كان بالإمكان طرح أسلوب الانتخاب بدل التعيين المزمع لمنسق الآلية؟ بحيث أن توجيهات اللجنة الفرعية لطالما أقرت بأن أفضل أسلوب يعتمد الشفافية والتشاركية هو الانتخاب بدل التعيين، لذلك نقترح أن يتم تعديل هذه المادة،و أن يكون انتخاب منسق الآلية بدل تعيينه.
  • تأليف المجلس وتركيبته التي تم الإشارة لها بموجب المادة 36، وجب إعادة النظر فيها، خصوصا ما يتعلق بعملية التعيين والجهات التي تعين، بغض النظر عمن يقترح. فيجب أن تكون عملية التعيين هذه مشمولة بالاستقلالية التامة، وهو الأمر الذي يفتقد بتدخل السلط القضائية والتنفيذية والتشريعية. كما أنه وجب إعادة النظر في التخصصات المشار إليها، وإعطاء فرصة أكبر لدوي الخبرات المشار إليها من داخل البروتوكول والتي تضمن التعددية الجغرافية والجنسية وكذلك المهنية. كما أنه وجب أن يكون اختيار هؤلاء الأعضاء مبنيا على كفاءتهم وقدراتهم المهنية، بحيث وجب أن يتم إعطاء أولوية للأطباء و الأكاديميين والحقوقيين لما لهم من قدرات على تطبيق بنود الوقاية من التعذيب.
  • أشارت المادة 36 إلى أن تشكيلة المجلس تتوفر على 28 عضوا إضافة إلى رؤساء اللجان الجهوية، وكنا قد تساءلنا عن قدرة هذا الرقم لاستيعاب مهام الآلية الوقائية إلى جانب باقي الآليات الأخرى التي تم التنصيص عليها من داخل المشروع والتي يتولاها كذلك المجلس الوطني وأعضائه. لذلك وجب إعادة النظر في هذا المعطى والتنصيص على عدد كاف من الأعضاء قادر على تولية مهام الآلية، ولما لا أن يتم تحديد الرقم الخاصة بالآلية من داخل المشروع نظرا لحساسيتها وخصوصيتها، فبدل الإحالة على النظام الداخلي نرى أنه من الواجب الإشارة لعدد الأعضاء المخصص لها من داخل مواد هذا المشروع.
  • وجب أن يتم منح أعضاء الآلية الوقائية الحصانة التامة كما هو مشار إليه بموجب البروتوكول، وليس الإشارة فقط للضمانات الضرورية كما نصت عليه المادة 40 من المشروع، وذلك لتوفير حيز أكبر من الاستقلالية في العمل.
  • حددت مواد هذا المشروع أن النظام الداخلي للمجلس سيحدد الكثير من سمات الآلية الوطنية، غير أنها وفي إطار المادة 48 أقرت أن الجمعية العامة هي التي تصادق عليه بعد أن يقوم رئيس المجلس بعرضه عليها، وهنا نتساءل عن مدى نجاعة هذا الأسلوب في تحديد أحكام الآلية الوطنية من داخل هذا النظام؟ بحيث أن العديد من المعطيات على مستوى طريقة العمل وبنية الآلية تم السكوت عنها وفتح المجال أمام الرئيس ليحددها من داخل النظام الداخلي، لذلك نقترح أن يتم صياغة هذا النظام بطريقة تشاركية تراعي أحكام البروتوكول وتوجيهاته، وذلك لكونه جزءا لا يتجزأ من هذا المشروع.
  • فيما يخص زيارات الآلية الوقائية نرى أن المشروع أشار فقط إلى أنها زيارات منتظمة دون أية إشارة أخرى لطبيعتها، هذا السكوت يستفاد منه أن النظام الداخلي هو الذي سيحدد نوعية هذه الزيارات، لكن الشيء التابث ولمسايرة توجيهات البروتوكول الاختياري، نرى أنه من الواجب أن يتم التنصيص على نوع من الزيارات الفجائية التي تنشأ دون إخبار أو إعلان لإدارات أماكن الاحتجاز، وذلك لفعاليتها في تقصي حقيقة ادعاءات التعذيب أو الكشف عن مظاهر المعاملة اللاإنسانية من داخل هذه المراكز.
  • التوصيات التي تصدرها الآلية الوطنية وجب أن تتسم بطابع الاستقلالية والموضوعية، وأي توجيه لها بفرض مصادقة عليها من طرف آليات المجلس الوطني سيحتمل مساسا بموضوعيتها، لذلك وجب إعادة النظر في هذا المعطى المضمن في المادة 48 وجعل الآلية الجهاز الوحيد المكلف بالمصادقة على توصياته.
  • أشارت المادة 50 من هذا المشروع، إلى أن رئيس المجلس يتولى صلاحيات عديدة من بينها تدبير علاقات التعاون والشراكة التي تكون الآليات الوطنية طرفا فيها مع السلطات الحكومية وغير الحكومية الوطنية والدولية الحكومية وغير الحكومية. ونتساءل على هذا المستوى، ألن يكون لتواجد منسق الآلية الوقائية بشكل مباشر في صلب هذه العلاقات تأثير أكبر وأنجع من تواجد الرئيس، وذلك لكون المنسق أدرى بحال الآلية الوقائية ومتطلباتها، إضافة إلى أن تدخله بشكل مباشر في علاقاته بمحيط الآلية سيعود بالنفع على الآلية بقدر أكبر من تواجد الرئيس المثقل بالمهام والصلاحيات. كما أن إقرار تمثيل الرئيس في نفس المادة للآلية الوقائية إزاء الدولة وأمام القضاء وكل هيئة عامة أو خاصة وطنية أو أجنبية من شانه كذلك أن يكبح مهام المنسق الأجدر بهذه الأدوار.
  • المشروع ومن خلال المادة 54 أشار إلى معطى مثير للجدل، وهو أن رئيس المجلس بإمكانه أن يدعو للمشاركة في أشغال أجهزته وآلياته الوطنية، بصفة استشارية ممثلا عن السلطات العمومية أو هيئات عامة أو خاصة، وهو الأمر الذي يعارض مضامين البروتوكول، التي تفرض الاستقلالية التامة للآلية وذلك حرصا على سرية عملها، كما أن أي حضور لممثلين عن السلطات ولو بصفة استشارية هو مساس حقيقي باستقلالية الآلية، لذلك وجب إعادة النظر فيه خصوصا أن توجيهات اللجنة الفرعية جاءت معارضة للأمر.
  • أشارت مواد البروتوكول الاختياري إضافة إلى مواد المبادئ التوجيهية الصادرة عن اللجنة الفرعية لمنع التعذيب، لأن الآليات الوطنية وقبل إحداثها تكون محور نقاش وتفاعل بين السلطات وهذه اللجنة، وأنه يتوجب طلب المشورة في إقرارها. لذلك من الواجب أن يتم إقامة اتصالات وإدامتها مع اللجنة الفرعية، على النحو المنصوص عليه في البروتوكول الاختياري وللأغراض المبينة فيه[81].

و بالتالي يكون الرهان اليوم أمام المغرب بمؤسساته الحكومية وغير الحكومية، هيئاته وكافة الفاعلين في القطاع الحقوقي، لتضافر الجهود من أجل تنزيل حقيقي للآلية الوقائية، تنزيل يراعي المبادئ الأممية في الموضوع، ويتماشى مع الرغبة السياسية المكرسة خصوصا في دستور 2011، بدخول المغرب عهد جديد يؤمن بدولة الحقوق والحريات كما هو متعارف عليها على المستوى الكوني. لذلك فنحن اليوم أمام مرحلة حاسمة، مرحلة المأسسة لآلية قادرة على الوقاية الشاملة من كافة ضروب المعاملة السيئة، ولا يعد هذا الإقرار ترفا يتباهى به أمام المنتظم الدولي، بل هو مسعى حقيقي نحو القطع مع ممارسات الماضي، وتكريس لنهج الوقاية. بحيث سيكون إخراج الآلية مجرد البداية، فعملها والإسهام الفعال في أدائها لمهامها هو الهاجس الأكبر الذي سيكون على الجميع العمل من أجله.


مـــراجع مخـــتارة:

أولا : المراجع باللغة العربية

  1. الكتب العامة

محمد عيسى حسن سعد، الحماية الدولية لحق الإنسان في السلامة الجسدية (دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1999.عصام أحمد محمد، النظریة العامة للحق في سلامة الجسم دراسة جنائیة مقارنة، المجلد الأول، دار الفكر والقانون بالمنصورة ، الطبعة الأولى ،2008 . نور الدين العمراني : شرح القسم الخاص من القانون الجنائي المغربي ، مطبعة سجلماسة ، طبعة 2012.

  1. الكتب المتخصصة

مركز الأمم المتحدة لسلسلة التدريب المهني لحقوق الإنسان الرابعة، مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية: كتيب )دليل( عن إنشاء وتعزيز المؤسسات الوطنية من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان جنيف 1995.مفوضية حقوق الإنسان سلسلة التدريب المهني رقم 7 دليل التدريب على رصد حقوق الإنسان الأمم المتحدة نيويورك وجنيف، 2001 .الجمعية الدولية للوقاية من التعذيب، “ممارسات مختلف المؤسسات الوطنية وتجاربها” ، جنيف، 2003.برنامج الأمم المتحدة للتنمية ، وحدة معلومات التنمية للدول العربية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ، بعض الدروس المستقاة من الخبرة العالمية ، ماي 2003 .الجمعية الدولية للوقاية من التعذيب، مراقبة أماكن الاحتجاز، دليل عملي، جنيف، أبريل 2004 .المجلس الدولي لسياسة حقوق الإنسان ومكتب المفوض السامي لمنشورات حقوق الإنسان تقييم فعالية مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية جنيف 2005.مكتب الأمم المتحدة ، مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ،الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية والثقافية دليل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ، سلسلة التدريب المهني عدد 12 ، جنيف 2005.الجمعية الدولية للوقاية من التعذيب ،دليل إنشاء وتحديد الآليات الوقائية الوطنية، جنيف، 2007.المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، من المناهضة إلى الوقاية من التعذيب ، إحدات آلية وطنية لزيارة مراكز الإحتجاز ، 2010 .الجمعية الدولية للوقاية من التعذيب، منع التعذيب ، دليل عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، جنيف ماي 2010.دليل البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب )النسخة المنقحة(، نشرت بالتعاون ما بين جمعية الوقاية من التعذيب ومعهد البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، جنيف، 2010.مكتب الأمم المتحدة ، مفوضية حقوق الإنسان ، المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ، التاريخ والمبادئ و الأدوار و المسؤوليات . سلسلة التدريب المهني العدد رقم 4 ( التنقيح 1 ) ، جنيف 2010 .المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ، سلسلة الدلائل : دليل حول الضمانات الدستورية و الآليات المؤسساتية لحماية حقوق الإنسان و النهوض بها، الرباط، 2012 .الجمعية الدولية للوقاية من التعذيب ،تشكیل الآلیات الوقائیة: المعاییر و الخبرات، جنیف 2013.هشام برهون ، المجلس الوطني لحقوق الإنسان ،و إشكالية تطبيق البروتوكول الإختياري الملحق بإتفاقية مناهضة التعذيب في المغرب ، وزارة التعليم العالي و البحث العلمي و تكوين الأطر ، الطبعة الأولى 2013 .المجلس الوطني لحقوق الإنسان، دراسة حول إحداث ألية وطنية للوقاية من التعذيب في المغرب، 2015.

الندوات و المنتديات :  

ندوة حول تفعيل البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالتعاون مع جمعية الوقاية من التعذيب،الرباط ، يومي 3 و 4 فبراير 2009 .منع التعذيب وتعزيز الكرامة: من التعهدات إلى الإجراءات، المنتدى العالمي حول البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب تقرير خاص بالنتائج منشورات جمعية الوقاية من التعذيب 2011 .مؤتمر حول : دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في الوقاية من التعذيب في إفريقيا المجلس الوطني لحقوق الإنسان ،الرباط، يومي 7 و 8 شتنبر 2011المنتدى العالمي حول البروتوكول الاختیاري لاتفاقیة الأمم المتحدة لمناهضة التعذیب، منع التعذیب و تعزیز الكرامة: من التعهدات إلى الإجراءات ، المنعقد في 10 و 11 نونبر بجنیف، منشورات جمعیة الوقایة من التعذیب 2012 .ندوة الوقاية من التعذيب في سياق الإنتقالات الديموقراطية في شمال إفريقيا ، من تنظيم المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان و جمعية APT ، الرباط 09-10 يونيو 2012 .ندوة حول موضوع:” الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب في شمال إفريقيا و الشرق الأوسط” ، و المنظمة من طرف المنتدى المغربي من أجل الحقيقية و الإنصاف بشراكة مع شبكة أمان لتأهيل والدفاع عن حقوق الانسان بشمال افريقيا والشرق الاوسط، يوم السبت 30 ماي 2015 .

  1. النصوص التشريعية

القانون الجنائي المغربي .قانون المسطرة الجنائية المغربي .ظ.ش رقم 1.00.350 الصادر في 20 أبريل 1990 .القانون 43.04 المتعلق بتغيير و تتميم مجموعة القانون الجنائي المغربي الصادر بتنفيذه، الظهير الشريف رقم 1.06.20 بتاريخ 14 فبراير 2006، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5398، بتاريخ 23 فبراير 2006.الظهير الشريف رقم 1.11.19 الصادر في فاتح مارس 2011 القاضي بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، الجريدة الرسمية عدد 5922 3 مارس 2011 .دستور المملكة المغربیة لسنة 2011 .ظ.ش رقم 1.14.59 الصادر في 24 نونبر 2014 و القاضي بنشر البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب ، و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6311 الصادرة في 24 نونبر 2014 .مشروع القانون 15-76 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 15مايو 2017.

  1. المواثيق و الإعلانات

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 .العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية 1966 .اتفاقية مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة القاسية أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 1984.مجموعة المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين” التي أعدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة و معاملة المجرمين في هافانا دجنبر 1990 .مبادئ باريس ، 20 ديسمبر1993 .المبادئ التوجيهية بشأن الآليات الوقائية الوطنية اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الدورة الثانية عشرة جنيف، 15-19 نوفمبر 2010 .

  1. التقارير

تقرير الفريق العامل المعني بمسألة وضع مشروع البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب:” لجنة حقوق الإنسان، الدورة التاسعة و الأربعون، 2 دجنبر 1992، وثيقة الأمم المتحدة E/CN.4/1993/28 .تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة عن التعذيب، إلى لجنة حقوق الإنسان CN/23 6 /2006/4.UN DOC » I ديسمبر 2005 . برلمان المملكة المتحدة، اللجنة المشتركة لحقوق الانسان التقرير رقم 50 لجلسة 2005 / 2006 تاريخ 22 مايو 2006.تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة عن التعذيب 2006 إلى الجمعية العامة، وثيقة UN رقم A/61/952 غشت 2006 .التقـرير السنوي الأول للجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة فبراير 2007 إلى مارس 2008 ، لجنة مناهضة التعذيب الدورة الأربعون جنيف، 28 أبريل – 16 مايو 2008 . رقم الوثيقة .التقرير السنوي الثاني للجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة 7 أبريل 2009 ، وثيقة الأمم المتحدة رقم .التقریر السنوي الثالث للجنة الفرعیة لمنع التعذیب وغیره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهینة، المقدم بتاریخ 25 مارس 2010 ، وثیقة الأمم المتحدة رقم CAT/C/44/2.نهج اللجنة الفرعیة لمنع التعذیب فیما یتعلق بمفهوم منع التعذیب وغیره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهینة بموجب البروتوكول الاختیاري لاتفاقیة مناهضة التعذیب وغیره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهینة، بجنیف بتاریخ 15-19 نونبر 2010 ، وثیقة الأمم – المقدم المتحدة رقم 6 CAT/OP/12/ .التقریر السنوي الرابع للجنة الفرعیة لمنع التعذیب المقدم بتاریخ 3 فبرایر 2011 ، و وثیقة الأمم المتحدة رقم CAT/C/46/2.

ثانيا : المراجع باللغة الفرنسية

  • Cesare BECCARIA, Traité des délits et des peines, Paris : Cujas 1966.
  • Victor Rodriguez RESCIA et Silvia CASALE, protocole facultatif à la convention de l’ONU contre la torture, manuel de mise en oeuvre, Publiée conjointement par (APT) et (IIDH) en 2010 .

Jean SALAMON, Dictionnaire de droit international public , Bruylant , 2001.

  • Rapport du SPT sur sa visite de conseil au mécanisme national de prévention de la République fédérale d’Allemagne, Rapport à l’intention du mécanisme national de prévention, Art CAT/OP/DEU/2, 29 octobre 2013 .
  • Rapport sur la visite au Mali du SPT , Art N : CAT/OP/MLI/1 , 20 mars 2014.

ثالثا: المواقع الإلكترونية

  • موقع جمعية الوقاية من التعذيب http://www.apt.ch//
  • موقع اللجنة الفرعية لمنع التعذيب http://www.ohchr.org/AR/Pages/Home.aspxموقع المجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي http://www.cndh.ma

الهوامش :

  1. المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الصادر في 15 مايو 2017.
  2. تصنف الحقوق ضمن ثلاث أجیال أساسية لحقوق الإنسان وهي:
    • الجیل الأول من حقوق الإنسان، وهي: الحقوق المدرجة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة، اعتمد وعرض للتوقیع والتصدیق والانضمام في 16 دجنبر 1966، تاریخ بدء النفاذ 23 مارس 1976.
    • الجیل الثاني وهي: الحقوق المدرجة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة، اعتمد وعرض للتوقیع والتصدیق والانضمام بموجب قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 16 دجنبر 1966.
    • الجيل الثالث من الحقوق : الحقوق البیئیة والثقافیة والتنمویة… وقد ذكرت هذه الحقوق في عدة وثائق في القانون الدولي مثل إعلان ستوكهولم للبیئة لسنة 1972، الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبیئة البشریة، وٕاعلان “ریو” بشأن البیئة والتنمیة لسنة 1992، بالإضافة إلى وثائق أخرى طموحة ولكن غیر ملزمة قانونا.

  3. عصام أحمد محمد، النظریة العامة للحق في سلامة الجسم دراسة جنائیة مقارنة، المجلد الأول، دار الفكر والقانون بالمنصورة، ط. الأولى 2008، ص 375.
  4. تم اعتماده بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 215 ألف ( ه-3) بتاريخ 10 دجنبر 1948.
  5. المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : “لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة “.
  6. اعتمدت الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وعرضت للتوقيع والتصديق والإنضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 39/46 في 10 دجنبر 1989، ودخلت حيز النفاذ بتاريخ 26 يونيو1987، وفقا للمادة 27 من الاتفاقية.
  7. اعتمد البروتوكول الاختياري لإتفاقية مناهضة التعذيب غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عرضت للتوقيع والتصديق والإنضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 199/57 بتاريخ 18 دجنبر 2002 ودخل حيز النفاذ في 22 يوليوز وفقا لأحكام الفقرة 1 من المادة 28 من البروتوكول.
  8. Cesare BECCARIA, Traité des délits et des peines, Paris : Cujas 1966, p 37.
  9. منع التعذيب وتعزيز الكرامة: من التعهدات إلى الإجراءات المنتدى العالمي حول البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب تقرير خاص بالنتائج منشورات (APT) 2011، ص 37.
  10. مقولة فكتور رودريغيز، عضو في لجنة الأمم المتحدة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، تم إدراجها في المرجع السابق، ص37.
  11. Jean SALAMON, Dictionnaire de droit international public , Bruylant , 2001 , p 632.
  12. اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الدورة الثانية عشرة جنيف، 15-19 نوفمبر 2010 الوثيقة رقم : CAT/OP/12/6، ص 2.
  13. نشأت لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984، لها عدة مهام من بينها رصد حالات التعذيب والقيام بزيارات للدول ( المادة 20).
  14. دليل البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب )النسخة المنقحة(، نشرت في العام 2010 بالتعاون ما بين جمعية الوقاية من التعذيب ((APT ومعهد البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، ص 10.
  15. دراسة حول إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب، منشورات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 2015، الصفحة 1.
  16. دليل إنشاء وتحديد الآليات الوقائية الوطنية، جمعية الوقاية من التعذيب(APT)، 2007، ص 3.
  17. كما هو معلن من خلال موقع جمعية الوقاية من التعذيب http://www.apt.ch//
  18. وقع المغرب على العهدين الدوليين في 19 يناير 1977، وصادق عليهما في 3 ماي 1989 ونشر ب ج.ر ع. 3525 بتاريخ 21 ماي 1980.كما وقع المغرب على اتفاقية مناهضة التعذيب في 8 يناير 1986، وصادق عليها في 21 يونيو1993، لتنشر في ج.ر ع. 4440 بتاريخ 29 دجنبر 1996.وانضم إلى البروتوكول الاختياري لإتفاقية مناهضة التعذيب في تاريخ 24 نونبر 2014.
  19. بمقتضى الظهير الصادر في 20 أبريل 1990، وتم تنصيبه يوم 8 ماي من نفس السنة.
  20. مصطفى الريسوني-عضو سابق بهيئة الإنصاف والمصالحة-، كلمة أعدها بموجب ندوة الوقاية من التعذيب في سياق الإنتقالات الديمقراطية في شمال إفريقيا، من تنظيم المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان وجمعية APT، الرباط 09-10 يونيو2012.
  21. تم تنصيبها بموجب الخطاب الملكي في 7 يناير 2004 قامت الهيئة بوضع نظامها الأساسي، الذي يعتبر بمثابة وثيقة أساسية تتضمن تدقيقا وتفصيلا للمهام المنوطة بها، وتعريفا للانتهاكات موضوع اختصاصاتها، وطرق تنظيم سير أعمالها. وقد صودق على هذا النظام الأساسي بموجب ظ.ش رقم 1.04.42 صادر في 19 من صفر 1425 (10 أبريل 2004).
  22. تم تعدیل القانون الجنائي بموجب ق. رقم 43.04، المتعلق بجریمة التعذیب ظ.ش رقم 1.06.20 الصادر في 15 محرم 1427 (14 فبراير 2006 ) بتنفیذ القانون رقم 43.04 المتعلق بتغییر وتتمیم مجموعة القانون الجنائي، المنشور ب ج.ر. ع. 5398 بتاریخ 23 فبراير 2006، ص 492كما نص الفصل 22 من الدستور الجديد للمملكة المغربیة لسنة 2011 على ما یلي:” لا یجوز المس بالسلامة الجسدیة أو المعنویة لأي شخص، في أي ظروف ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة. لا یجوز لأحد أن یعامل الغیر، تحت أي ذریعة، معاملة قاسیة أو مهینة أو حاطة بالكرامة الإنسانیة. ممارسة التعذیب بكافة أشكاله ومن قبل أي أحد، جریمة یعاقب علیها القانون.”
  23. المغرب أبدى تحفظه على المادة 20 من الاتفاقية والتي تمنح للجنة مناهضة التعذيب صلاحية دراسة المعلومات المتوصل بها بخصوص ممارسة التعذيب بشكل ممنهج ومنظم مع ما تتطلبه هذه المعلومات من إجراء تحقيق سري وزيارات لأماكن الاحتجاز. وقد تم رفع هذا التحفظ بتاريخ 19 أكتوبر 2006.
  24. ج.ر ع. 6166 الصادرة بتاريخ 25 شعبان 1434 ) 4 يوليو2013 (:ظ.ش رقم 1.13.63 صادر في17 يونيو2013 بتنفيذ القانون رقم 124.12 الموافق بموجبه على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنساينة أو المهينة.
  25. بادرت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إلى دعوة عدد من المنظمات ( 20 منظمة ) غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان لإجتماع بتاريخ يناير 2010 لإطلاق مسار المرافعة من أجل المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق بإتفاقية مناهضة التعذيب وتقديم وثيقة مرجعية لنموذج الآلية الوقائية الوطنية. وأطلقت هذه المنظمات على نفسها ” المجموعة الوطنية للترافع من أجل المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب “، كما قررت تنظيم مشاوراتها واجتماعاتها واتخاذ قرارتها بإعمال مقتضيات لائحة داخلية وسطرت برنامج أنشطتها وحددت فريق عمل لبلورة وثيقتها بخصوص إحداث الآلية الوقائية الوطنية. منشور عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، من المناهضة إلى الوقاية من التعذيب، احدات آلية وطنية لزيارة مراكز الاحتجاز، 2010، ص 11.
  26. فقد عقد المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يومي 3 و4 فبراير 2009، بالتعاون مع جمعية الوقاية من التعذيب، ندوة حول تفعيل البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما عقد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يومي 7 و8 شتنبر 2011، مؤتمرا رفيع المستوى حول دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في الوقاية من التعذيب في إفريقيا
  27. جاء في المادة 17 : ” تستبقي كل دولة طرف أو تعين أو تنشئ، في غضون فترة أقصاها سنة واحدة بعد بدء نفاذ هذا البروتوكول أو التصديق عليه أو الانضمام إليه، آلية وقائية وطنية مستقلة واحدة أو أكثر لمنع التعذيب على المستوى المحلي. والآليات المنشأة بواسطة وحدات لا مركزية يمكن تعيينها آليات وقائية وطنية لأغراض هذا البروتوكول إذا كان نشاطها متفقا مع ما ينص عليه من أحكام.”
  28. المواد من 1 إلى غاية 4.
  29. تنص المادة 3: “تُنشئ أو تعيّن أو تستبقي كل دولة طرف هيئة زائرة واحدة أو أكثر على المستوى المحلي لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (يشار إليها فيما يلي باسم الآلية الوقائية الوطنية)”.
  30. الظهير الشريف رقم 1.11.19 الصادر في فاتح مارس 2011.
  31. وهو نفس التنصيص المدرج في المادة 11 من الظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
  32. المادة 1 من البروتوكول : ”تُنشأ لجنة فرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة…وتقوم بأداء المهام المنصوص عليها في هذا البروتوكول [الاختياري”. وولاية اللجنة الفرعية لمنع التعذيب ثلاثية الأبعاد: زيارة أماكن الاحتجاز في الدول الأطراف؛ وتقديم المشورة والمساعدة إلى كل من الدول الأطراف والآليات الوقائية الوطنية بشأن إنشاء وعمل الآليات الوقائية الوطنية (انظر المادة 11 من البروتوكول الاختياري)؛ والتعاون مع المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية والوطنية التي تعمل على تعزيز الحماية من التعذيب وإساءة المعاملة.
  33. دليل البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، نسخة منقحة، جمعية الوقاية من التعذيب(APT)، 2010،ص 84.
  34. المقرر الخاص للأمم المتحدة عن التعذيب، تقرير 2001 إلى لجنة حقوق الإنسان CN/23 6 /2006/4.UN DOC » I ديسمبر 2005، الفقرة 24.
  35. نصت المادة 14، في فقرتها الثانية على ما يلي : ” والاعتراض على زيارة لمكان احتجاز بعينه لا يمكن التـذرع به إلا لأسباب ملحـَّـة وموجبـة لها علاقة بالدفاع الوطني أو السلامة العامة والكوارث الطبيعية أو اضطراب خطير في المكان المزمع زيارته، مما يحول مؤقتا دون الاضطلاع بزيارة كهذه. ولا يمكن أن تتذرع الدولة الطرف بحالة طوارئ معلنة كي يكون ذلك مبررا للاعتراض على الزيارة”.
  36. المقرر الخاص للأمم المتحدة عن التعذيب، تقرير 2001 إلى لجنة حقوق الإنسان 259/61/UN DOC.A 14 غشت2006 الفقرات 8 و75.
  37. برلمان المملكة المتحدة، اللجنة المشتركة لحقوق الانسان التقرير رقم 50 لجلسة 2005 / 2006 تاريخ 22 مايو 2006 ص. 17
  38. نماذج من الحرمان من الحرية : التوقيف ؛ الحراسة النظرية ؛ الاعتقال الاحتياطي؛ السجن؛ الاحتجاز الإداري ؛ احتجاز الأحداث؛ الاحتجاز للعلاج النفسي؛ الاحتجاز بوصفه عقابا تأديبيا في الجيش؛ أنظر : مراقبة أماكن الاحتجاز، إنشاء وتحديد الآليات الوقائية الوطنية، م.س، ص 23.
  39. دليل البروتوكول الاختياري لاتفاقية الامم المتحدة لمناهضة التعذيب،مرجع سابق،ص 43.
  40. و هو الأمر الذي أشارت له المبادئ التوجيهية للجنة الفرعية بشأن الآليات الوقائية الوطني في فقرتها 37 :”وينبغي للآلية أن تضمن الحماية التامة لأية معلومات سرية تحصل عليها في أثناء عملها”.
  41. تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة عن التعذيب 2006، م.س،الفقرة 73.
  42. المادة 21: 1 – لا تأمر أي سلطة أو مسؤول بإنزال أي عقوبة بأي شخص أو منظمة أو أن يطبق عليهما العقوبة أو يسمح أو يتغاضى عنها بسبب قيام هذا الشخص أو هذه المنظمة بتبليغ الآلية الوقائية الوطنية بأي معلومات، صحيحة كانت أم خاطئة، ولا ينبغي أن يضار هذا الشخص أو هذه المنظمة في غير ذلك من الأحوال بأي طريقة أيا كانت.2 – تكون للمعلومات السرية التي تجمعها الآلية الوقائية الوطنية حرمتها. ولا تنشر أي بيانات شخصية دون موافقة صريحة من الشخص المعني بتلك البيانات.
  43. أركان الوشاية الكاذبة : يتجلى من دراسة الفصل 445 من القانون الجنائي إن أركان الوشاية الكاذبة هي التالية: صدور فعل مادي بالتبليغ، وأن يكون هذا التبليغ تلقائيا.إضافة إلى أن يكون موجها ضد شخص أو عدة أشخاص وأن يتضمن إسناد فعل يستوجب عقوبة جزائية أو إدارية وأن يوجه إلى أشخاص أو هيئات محددة قانونا وأن يكون البلاغ كاذبا. دون أن نغفل ضرورة توفر القصد الجنائي.
  44. دليل إنشاء وتحديد الآليات الوطنية، م.س، ص 64.
  45. http://www.cndh.ma/ar/slsl-lmshm-fy-lnqsh-lmwmy/mqtrht-lmjls-hwl-mswd-mshrw-qnwn-lmstr-ljnyyأنظر :
  46. http://www.cndh.ma/ar/node/26949 أنظر :
  47. http://www.cndh.ma/ar/drst/drs-hwl-mlym-mshrw-lqnwn-ljnyy-m-lmbdy-w-lqwd-lmtmd-fy-mnzwm-hqwq-lnsn أنظر :
  48. http://www.cndh.ma/ar/actualites/laly-lwtny-llwqy-mn-ltdhyb-blmgrb-tmwh-mshrw-mn-jl-mnzwm-mtkml-lhmy-hqwq-lmwtnt-wlmwtnyn أنظر
  49. الجزء الثاني والثالث من البروتوكول، المواد من 5 إلى غاية 16.
  50. المبادئ التوجيهية بشأن الآليات الوقائية الوطنية اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الدورة الثانية عشرة جنيف، 15-19 نوفمبر 2010. رقم الوثيقة CAT/OP/12/5.
  51. مبادئ باريس هي المبادئ المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، المصادق عليها بالإجماع سنة 1992 من لدن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمرفقة بقرار الجمعية 134 / 48، بتاريخ 20 ديسمبر 1993، والتي حددت اختصاص ومسؤوليات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
  52. جنيف، 15-19 نوفمبر 2010. رقم الوثيقة CAT/OP/12/5.
  53. ويحدد القسم الأول عدداً من ‘المبادئ الأساسية‘ التي ينبغي أن توجه جميع جوانب عمل الآلية الوقائية الوطنية. ثم ترِد في القسم الثاني مبادئ توجيهية وُضعت أساساً للدول وتستهدف عدداً من القضايا المتعلقة بإنشاء الآليات الوقائية الوطنية، وتليها في القسم الثالث مبادئ توجيهية للدولة وللآلية ذاتها فيما يتعلق بالأداء العملي للآلية.
  54. دليل البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب )النسخة المنقحة)، م.س، ص10- 11.
  55. يشار إلى أن الندوة الوطنية التي عقدها المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان يومي 3-4 فبراير 2009، حول تنفيذ البروتوكول الاختياري لإتفاقية مناهضة التعذيب، تعتبر افتتاحية مهمة سمحت بإطلاق هذا الحوار التشاركي. وقد تلت هذه الندوة ندوات أخرى نظمها نفس المجلس يومي 7 و8 شتنبر 2011، تعلق موضوعها ب”دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في مجال الوقاية من التعذيب بإفريقيا “، إضافة إلى الندوة التي نظمها المنتدى المغربي من أجل الحقيقية والإنصاف بشراكة مع شبكة أمان لتأهيل والدفاع عن حقوق الانسان بشمال افريقيا والشرق الاوسط”، يوم 30 ماي 2015، حول موضوع الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. كلها لقاءا وأخرى كان هدفها إطلاق نقاش تشاوري حول المسار الواجب سلكه من أجل إحداث آلية وقائية مغربية.
  56. SPT, Rapport du SPT sur sa visite de conseil au mécanisme national de prévention de la République fédérale d’Allemagne, Rapport à l’intention du mécanisme national de prévention, Art CAT/OP/DEU/2, 29 octobre 2013 , p 7-8.
  57. أنظر، الجنة الفرعیة لمنع التعذیب، التقریر السنوي الرابع المقدم بتاریخ 3 فبرایر 2011، ووثیقة الأمم المتحدة رقم CAT/C/46/2، ص 22.
  58. يتضمنون 19 امرأة و24 رجلا وموزعین على الشكل التالي: المراقب العام یعین بموجب مرسوم لمدة ست سنوات غیر قابلة للتجدید، الأمین العام، خمس موظفین إداریین، 17 مراقبا بدوام كامل، ویتكون هؤلاء من قضاة وأطباء وضابط سامي في الدرك، ومدراء المؤسسات السجنیة 15 مراقبا خارجیا بدوام كامل أو جزئي یتكون هؤلاء من نشطاء ومحللون نفسانیون ومصورون ومدراء وغیرهم وخمس محققین المجلس الوطني لحقوق الإنسان،دراسة حول إحداث آلية وقائي بالمغرب، م. س، ص 60.
  59. ینص الفصل الخامس من القانون التونسي المتعلق بالهیئة الوطنیة للوقایة من التعذیب ما یلي:” تتركب الهیئة من 16عضو فقط، موزعین على الشكل التالي: ستة أعضاء یمثلون منظمات وجمعیات المجتمع المدني، أستاذان جامعیان مختصان في المجال الاجتماعي، عضو مختص في حمایة الطفولة، عضوان یمثلان قطاع المحاماة، ثلاثة أعضاء یمثلون الأطباء أحدهم طبیب نفسي، وقاضیان متقاعدان“.
  60. المقرر الخاص للأمم المتحدة عن التعذيب، تقرير 2006 إلى الجمعية العامة (رقم الوثيقة. 259/61/UN.DOC.A) الفقرة 70.
  61. هشام برهون، المجلس الوطني لحقوق الإنسان،و إشكالية تطبيق البروتوكول الاختياري الملحق بإتفاقية مناهضة التعذيب في المغرب، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، ط. الأولى 2013، ص 49.
  62. راجع :” مجموعة المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين” التي أعدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين في هافانا دجنبر 1990.
  63. راجع دليل جمعية الوقاية من التعذيب، مرجع سابق ص 77.
  64. جاء في المادة 18 من البروتوكول الاختیاري لاتفاقیة مناهضة التعذیب ما یلي: ” 2- تتخذ الدول الأطراف التدابیر الضروریة لكي تتوفر لخبراء الآلیة الوقائیة الوطنیة القدرات اللازمة والدراية المهنیة“، وجاء كذلك في التقریر الأول للجنة الفرعیة لمنع التعذیب،( مرجع سابق)، ما یلي:” تتخذ الدولة التدابیر الضروریة لكي تضمن أن یتوفر للخبراء أعضاء الآلیة الوقائیة الوطنیة القدرات اللازمة والدرایة المهنیة. وینبغي توفیر التدریب للآلیات الوقائیة الوطنیة“، ص 10.
  65. أنظر: نهج اللجنة الفرعیة لمنع التعذیب فیما یتعلق بمفهوم منع التعذیب وغیره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهینة بموجب البروتوكول الاختیاري لاتفاقیة مناهضة التعذیب وغیره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهینة، بجنیف بتاریخ 15-19 نونبر 2010، وثیقة الأمم – المقدم المتحدة رقم 6 CAT/OP/12/ ص 5.
  66. جمعیة منع التعذیب(APT)، تشكیل الآلیات الوقائیة: المعاییر والخبرات، منشورات جمعیة الوقایة من التعذیب، جنیف 2013، ص 2.
  67. اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تقرير عن زيارة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أ و العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لغرض تقديم مساعدة استشارية إلى الآلية الوقائية الوطنية لجمهورية ألمانيا الاتحادية ،تقرير إلى الدولة الطرف، رقم الوثيقة : CAT /OP/DEU/1 ، بتاريخ 16 ديسمبر 2013،ص 7.
  68. تم الإشارة إليها بموجب المادة 18، الفقرة 4، من البروتوكول الاختياري. وكانت قد اعتمدتها لجنة حقوق الإنسان السابقة في مار س 1992 القرار 1992 / 54 والجمعية العامة بموجب القرار A/RES/48/134المؤرخ في 20 دجنبر 1993. من أجل التعمق في هذه المبادئ، يرجع لدراسة جد مفيدة أعدها البروفسور إيمانويل ديكو جامعة بانتيون أساس باريس على الرابط :http://www.droits-fondamentaux.org/IMG/pdf/df3edpdin.pdfبالإضافة إلى مراجعة أيضاً المجلس الدولي لسياسة حقوق الإنسان ومكتب المفوض السامي لمنشورات حقوق الإنسان، «تقييم فعالية مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية جنيف 2005، ومركز الأمم المتحدة لسلسلة التدريب المهني لحقوق الإنسان الرابعة، مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية: كتيب )دليل( عن إنشاء وتعزيز المؤسسات الوطنية من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان جنيف 1995.
  69. المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان،التاريخ والمبادئ والأدوار والمسؤوليات، مكتب الأمم المتحدة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، سلسلة التدريب المهني رقم 4 ( التنقيح الأول)، جنيف 2010، ص 49.
  70. Victor Rodriguez RESCIA et Silvia CASALE, protocole facultatif à la convention de l’ONU contre la torture, manuel de mise en oeuvre, Publiée conjointement par (APT) et (IIDH) en 2010 , p 78.
  71. أنظر، التقریر السنوى الأول للجنة الفرعیة لمنع التعذیب وغیره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهینة، المقدم بتاریخ 4 ماي 2008 بجنیف، وثیقة الأمم المتحدة رقم،2CAT/C/40/، ص 10.
  72. دليل البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب )النسخة المنقحة)، م.س، ص78.
  73. أنظر، اللجنة الفرعیة لمنع التعذیب وغیره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهینة، المبادئ التوجیهیة بشأن الآلیات الوقائیة الوطنیة، الصادرة في الدورة الثانیة عشر بجیف من 15 إلى 19 نونبر 2010، وثیقة الأمم المتحدة رقم 5CAT/OP/12/ ص 4.
  74. جاء في الشق الخاص ” بالتكوین وضمان الاستقلالیة والتعددیة” ما یلي:” 2- ینبغي أن تتوفر لدى المؤسسة الوطنیة الهیاكل الأساسیة المناسبة لسلاسة سیر أنشطتها، وبصفة خاصة الأموال الكافیة لذلك، وینبغي أن یكون الغرض من هذه الأموال هو تمكینها من تدبیر موظفیها وأماكن عملها لتكون مستقلة عن الحكومة وغیر خاضعة لمراقبة مالیة قد تمس استقلالها”.
  75. المجلس الوطني لحقوق الإنسان، دراسة حول إحداث آلية وقائية وطنية بالمغرب، مرجع سابق، ص 9.
  76. والحصانة هنا تكون من الاعتقال أو الاحتجاز الشخصي، ومن مصادرة متاعهم الشخصي، إضافة إلى الحصانة من مصادرة أو مراقبة الأوراق والوثائق وعدم التدخل في الاتصالات والعلاقات. كما أن هناك حصانة لفترة ما بعد العضوية، من الاجراءات القانونية بما يتعلق بالكلام المكتوب أو الشفهي الملفوظ أو العمل المنجز في مسار أدائهم لواجباتهم في الآلية الوقائية الوطنية.و يجب تطبيق هذه الامتيازات والحصانات شخصياً على كل عضو في الآلية الوقائية الوطنية. مع القدرة على إسقاط الحصانة في قضايا فردية بمقتضى ظروف محددة. حيث أن هذه الامتيازات والحصانات وجدت لضمان استقلالية الآلية الوقائية الوطنية وليس لإفادة العضو الشخصية منها جمعية الوقاية من التعذيب، إنشاء وتحديد الآليات الوقائية الوطنية، م.س،ص 43.
  77. المادة 35 من الظهير المؤسس للمجلس.
  78. تنص المبادئ التوجيهية بشأن الآليات الوقائية التي أصدرتها اللجنة الفرعية على مايلي: “18- ينبغي للدولة أن تكفل استقلال الآلية وذلك بالامتناع عن تعيين أعضاء فيها يشغلون مناصب يمكن أن تثير تساؤلات عن تضارب المصالح.”19”-وينبغي لأعضاء الآليات الوقائية الوطنية أن يضمنوا بدورهم عدم شغل أو حيازة مناصب تثير تساؤلات عن تضارب المصالح.”
  79. SPT , Rapport sur la visite au Mali du SPT , Art N : CAT/OP/MLI/1 , 20 mars 2014,p 3-4.
  80. لمزيد من المعلومات حول كيفية النموذج الأمثل للآلية، أنظر : وثيقة اللجنة الفرعية : أداة التقييم الذاتي التحليلي للآليات الوقائية الوطنية، دليل أولي من إعداد اللجنة الفرعية لمنع التعذيب بشأن عمل الآليات الوقائية الوطنية 6 فبراير 2012، وثيقة الأمم المتحدة CAT/OP/1.
  81. تجدر الإشارة إلى أن هناك زيارة للجنة الفرعية لمنع التعذيب للمغرب، استقبل فيها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 بمقره بالرباط، وفدا عن هذه اللجنة ،وقد قدم المجلس خلال هذا الاجتماع، الذي ترأسه السيد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مشروع القانون رقم 15-76 .

 

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]