الجاذبية الترابية على ضوء القانون التنظيمي للجهات بالمغرب رقم 14-111
محمد البايبي طالب باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال-الرباط
الجاذبية الترابية على ضوء القانون التنظيمي للجهات بالمغرب رقم 14-111.
territory attractively in the regulatory law of the region in morocco NO.14-111
ملخص المقال: يرصد المقال أهم شروط نجاح الجاذبية الترابية للجهات، بعد التعريج على هذا المفهوم وسياقه وكذا أهم الفصول الواردة في القانون التنظيمي للجهات 14-111. والتي تشكل مرجعا للتشجيع على تحسين جاذبية المجال الترابي للجهات التي لها مكونات أساسية ورئيسية. ولا شك ان هذه الجاذبية هي عامل رئيسي في التنمية الجهوية المنشودة الشاملة والمندمجة.
كلمات مفتاحية: الجاذبية الترابية – الميتروبولية (القطبية)- التنمية الجهوية.
مقدمة:
تعتبر الجهة اليوم بالمغرب على رأس أولويات الجهوية المتقدمة بالمغرب. فلكي تتحقق الصدارة الاقتصادية للجهة. لا بد أن تتحقق التنافسية والجاذبية الترابية لها. والتي تتطلع لأن تصبح قائدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، والمحرك الأساسي لإمكانياتها الذاتية. وللطاقات المشكلة لمكوناتها. بالفعل فهذا المشروع، عبر اختصاصاته الموسعة التي أنيطت للسلطة الجهوية، يعتبر، بالنسبة له في نفس الوقت، فرصة سانحة لإبراز كفاءتها في ميدان التدبير الذاتي وريادة الأعمال، ومناسبة لإدماج الديمقراطية المحلية في الممارسة السياسية المغربية، لكن أيضا تحديا ينبغي رفعه اتجاه المواطن لتحقيق رهان الرفاه والرخاء et de plus en plus intransigeant، في المقابل لضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ننشدها، على كل جهة الرفع من تنافسيتها وأن تكون لها القدرة على والاحتفاظ وجذب أنشطة اقتصادية جديدة وعوامل انتاج للثروة, بمعنى آخر جذب شركات للاستثمار وخلق مناصب الشغل وفي نفس الوقت إعادة توطين السكان والاستفادة من دخولهم، سواء كانوا مقيمين أو سياحا. غير أن هذا التسابق وتنافس الجهات في تحسين جاذبيتها لا ينطلق حتما من قاعدة متساوية، إذ لا يعفي السلطة المركزية من تدخلها المستمر لإقرار عدالة مجالية ومحو الفوارق التي وضعتها الطبيعة وكرسها منطق الاستعمار بتمييزه بين المجالات الترابية للمغرب، بتكريسه الحثيث لمقولة المغرب النافع والمغرب غير النافع. وتدخل السلطة هذا ينبغي أن يتكرس على مستوى تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية وتأهيل التراب الوطني المغربي بدون تدابير تمييزية لفائدة الجهات “غير المحظوظة”، سيبقى الاختلال المجالي الجهوي متصاعدا وفكرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة، والمتناسقة والمندمجة والشاملة التي تنشدها الجهوية المتقدمة في حكم “الوهم وإعادة انتاج الوهم السياسي”. في هذا العمل، نروم القيام بمقاربة للمفاهيم الاقتصادية الرئيسية بالقوانين التنظيمية خاصة القانون التنظيمي للجهات 14-111، كالجاذبية الترابية والتنافسية الترابية والمفهوم المركزي للصدارة الاقتصادية للجهات الاثني عشرة بالمغرب. عبر دراسة أيضا للمكونات الإحصائية الرئيسية لهاته المفاهيم في أفق المساهمة في تقديم حصيلة أولية لموقع الصدارة للجهة للمغرب.
نحلل في جزء من هذا المقال، خصائص جاذبية المجال الترابي للجهة خاصة، وأيضا العوامل المساهمة في انجذاب الفاعلين للجهة وقبل ذلك نتحدث في مبحث أول عن مكونات المجال الترابي والتي تجعله جذابا ومستقطبا للأفراد والأسر والشركات وغيرها.
المبحث الأول: مقاربة الجاذبية الترابية للجهات
في سياق تكامل اقتصادي متزايد، أصبح تعزيز الجاذبية أمرا ضروريا لجميع المناطق والمجالات، سواء في الشمال أو الجنوب، في المدن أو القرى، على المستوى الوطني كما الجهوي كما المحلي. هذا القلق ليس جديدا في الدول النامية والسائرة في طريق النمو، حيث تعزز بالعولمة الاقتصادية، وأيضا باللامركزية. حيث تجاوز مفهوم جاذبية المواقع بشكل واسع التنافسية البسيطة المرتكزة أساسا على التبادلات الخارجية[1]. لذلك نتعرف ماهيته في مطلب أول، ثم في مطلب ثان العوامل المتحكمة في الجاذبية الترابية.
المطلب الأول: ماهية الجاذبية الترابية
يصعب أحيانا إعطاء تعريف قانوني لمفاهيم اقتصادية كالجاذبية والتنافسية الترابية، لكن تم اقحام هذين المفهومين خاصة في مجال تداول الحقلين المعرفيين السياسي والقانوني العام. وذلك للارتباط والترابط بين القانون والاقتصادي الموجود نظريا من قبل مفكرين، قبل أن تتم دسترة هذه المفاهيم وتقنينها.
الفقرة الأولى: الإطار المفاهيمي والتصوري للجاذبية الترابية
تبدو الجاذبية في حقيقة الأمر شبيهة بالجاذبية التي يمارسها كوكب على كوكب آخر أو مغناطيس على أشياء مختلفة. إن هذه القوة بالنسبة للمجالات الترابية والمناطق تجعلها ليس فقط مستقطبة للأشخاص، الدخول، رؤوس الأموال، العمالة، الأعمال التجارية، الوظائف، السلع والخدمات، المعلومات، الخ بل محتفظة بها. لذلك، يتم تحديد جاذبية الجهة أو المنطقة أو المدينة من خلال قدرتها على استقطاب الموارد سواء البشرية أم غيرها، المادية أو غير المادية. إنها ليست فقط أصل التحركات، لكن أيضا عاملا لترسيخ واستقرار تلك الموارد في مكان معين[2]. وفي هذا السياق، شهدنا كيف أن العديد من المنظمات طورت آليات لتقييم جاذبية البلدان تجاه الشركات مثل المنتدى الاقتصادي العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي السنوية وتحرير تقارير تتضمن مؤشرات لقياسها كتقرير ممارسة أنشطة الأعمال Doing Business Report أو مؤشر التنافسية العالمية GLOBAL Competitiveness Index تقرير الحرية الاقتصادية الصادر عن مؤسسة Heritage Index Of Economic Freedom أو مرصد ريادة الأعمال Global Entrepreneurship Monitor، مؤشر الحرية الاقتصادية الصادر عن مؤسسة [3]Passer Economic Freedom Index.
عموما، تعادل جاذبية المجال قدرته على الاحتفاظ وجذب عوامل الإنتاج المتحركة للساكنة أو/ والمواطنين. حيث نخلص إلى أن هذه الجاذبية الترابية هي قدرة مجال ترابي على استقطاب اهتمام فاعلين ليختاروها كمنطقة توطين مؤقتة أو دائمة لكل أنشطتهم أو جزء منها[4]. مع الأعمال التي قام بها ل. دافيزي L. Davezies، شهدنا ثورة في النظرية لمدرسة الجغرافيا الاقتصادية الجديدة والتي طورها ب، كروكمان P.Krugman وربط فيها بين تنمية المجال عبر جذب الاستثمارات وإنشاء وحدات الإنتاج أو ما يعرف بوحدات الإنتاج أو ما يعرف بالاقتصاد السكني أو الإنتاجي. بالنسبة لتيار الاقتصاد السكني، فلا يمكن اختزال تطوير المجال إلى قدرته على الإنتاج، بل أيضا ينبغي إضافة قدرته على استيعاب السكان ودخلهم، سواء كانوا مقيمين دائمين (متقاعدين، طلابا… إلخ)، أو سياحا. بعبارة أخرى، يجب ألا تقتصر أية سياسة تهدف إلى زيادة جاذبية المجال الترابي، أن تحد من تشجيع تأثير جاذبية رؤوس الأموال والشركات. ويمكن القول بإن جاذبية المجال مفهوم متعدد الأبعاد. إذ يبدو، فعليا، من وجهة نظر الفاعلين على الذين تمارس عليهم الجاذبية داخل مجال ترابي. كوجهة نظر العوامل التي تتحكم في ظروف الجاذبية بالنسبة للأسر أو بالنسبة للمستثمرين.
عموما، يعتبر المجال الترابي الجذاب حسب إعلان برشلونة هو الذي تكون له القدرة على الرفع من المستوى المعيشي للسكان، فالجاذبية ينظر إليها على أنها حالة وليست بناء طويلا يتطلب صبرا. ولا ينبغي أن يتم تقليص مفهوم الجاذبية في خزان قادر على ضخ خدمات إيجابية للاقتصاد. بل له أبعاد اجتماعية وثقافية وبيئية. لذلك تم التركيز على بعد الاستدامة والبعد الاجتماعي للجاذبية الترابية. بعبارة أخرى تقوم الجاذبية ليس فقط على عامل جذب وإنما على التنمية الاقتصادية المحلية كمحفز ومنشئ للثروات وفرص الشغل[5].
الفقرة الثانية: مكونات جاذبية المجال الترابي
يستدعي تحليل الجاذبية الترابية مجموعة من العوامل كالاندماج الاقتصادي، تأهيل اليد العاملة، حضور الشركات التكميلية، جودة السلع والخدمات العمومية، المؤسسات، القوانين… إنه يثير دراسات تكرس لتدفقات رؤوس الأموال (الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مساعدات التنمية…)، حركية الأشخاص (الهجرات البين جهوية والعالمية)، لدور ووزن السياسات العمومية. فهذه المفاهيم، تثير تأملات حول الروابط بين الجاذبية والديمقراطية، حول الأخلاق، حول المبادئ السياسية للمنافسة حول المواقع. لكن، أيضا حول مختلف الانعكاسات حول تنمية أهمية الموارد الخارجية[6]. وعموما، نضع قاعدة بيانات تجمع عددا من العوامل تعود لواحدة من العائلات الأربعة التالية لعوامل الجاذبية:
بالنسبة للعوامل الديمغرافية: فيمكن رصد الكثافة السكانية في ربط لعدد ساكنة الجهة بمساحتها، وأيضا نسبة ساكنة الجهة من الساكنة الوطنية ككل، نسبة الساكنة النشيطة من الساكنة ككل، نسبة الساكنة الشابة (ذات العمر بين 19 و55) داخل الساكنة ككل، معدل وفيات الأطفال، حصة المهاجرين من الساكنة العامة، معدل نمو الساكنة العامة بين إحصاءين. أما بالنسبة للعوامل ذات الصنف الاجتماعي وظروف السكن: فتتحدد في نسبة الساكنة الأمية، نسبة الحاصلين على شهادة الباكالوريا، مؤشر التنمية البشرية(IDH)، مؤشر التنمية الاجتماعية (IDS)، معدل التمدن، نسبة شبكة الطرق المعبدة، المسافة المتوسطة للطرق المعبدة بالنسبة للمناطق القروية. حصة رخص البناء الموزعة.
أما العوامل ذات النوع الاقتصادي، فترتكز أساسا على حصة الناتج الداخلي الخام (PIB)، حصة الناتج الداخلي الخام بكل قطاع من القطاعات الثلاثة، معدل النشاط الاقتصادي، نسبة الوكالات البنكية المستوطنة، حصة الشركات المحدثة، الرغبات المعبر عنها من إنشاء الشركات في السنوات الموالية، عدد الطلبة المسجلين في مؤسسات التعليم العالي، نسبة المؤسسات المصنفة سياحيا، نسبة السياح الوافدين بالمؤسسات المصنفة، معدل البطالة الطويلة الأمد،
نلاحظ إذن، أن مؤشر الجاذبية يستند في الحالة المغربية على عدد لا يستهان به من المؤشرات والمعدلات والأعداد من العوامل السوسيو اقتصادية، وهو ما يعزز منطق تعزيز قدرة الناس على الاندماج في عملية تكوين الثروة، واكتساب مهارات الحماية الذاتية المستدامة ضد مختلف أشكال الحرمان المادي والبشري. كما أنها تدور حول تطوير قاعدة الرأسمال البشري للاقتصاد من خلال الاستفادة القصوى مفن الموارد البشري وتوجيه السياسة السكانية نحو خلق متطلبات النمو الاقتصادية بمعدلات كافية[7].
المطلب الثاني: شروط الجاذبية الترابية للجهات
لنجاح الجاذبية الترابية للجهات بالمغرب، لا بد من تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي للجهات بالمغرب التي تضعها على رأس أولوياتها واختصاصاتها، تحسين الجاذبية الترابية للجهات (الفقرة الأولى) ولذلك شروط لا بد من تفعيلها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الجاذبية الترابية في القانون التنظيمي للجهات 14-111 بالمغرب
صارت الجاذبية الترابية على نحو متزايد هدفا للاستراتيجيات الترابية الموضوعة رهن إشارة الفاعلين العموميين والخواص على السواء. فقد فرضت الجاذبية الترابية نفسها كمؤشر للنجاعة الترابية، خاصة بالنسبة لوكالات التنمية[8]. ثم بالنسبة، للجماعات الترابية خاصة الجهات بما لها من دور وظيفي في إطار التنمية الاقتصادية.
وتأكد هذا الأمر في جعل المبادئ العامة التي تصدرت اختصاصات الجهة في القانون التنظيمي للجهة 14-111، تؤكد على أن الجهة منوط بها داخل دائرتها الترابية مهام النهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة، بتنسيق تلك المهام وتنظيمها وتتبعها لتستلهم مفاهيم الاقتصاد خاصة الاقتصاد الترابي ونظرياته وتطبيقاته. بالتأكيد على أنه يجب على الجهات في إطار مهامها الجديدة تحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسية الاقتصاد، تحقيق الاستعمال الأمثل للموارد الطبيعية وتثمينها والحفاظ عليها، اعتماد التدابير والاجراءات المشجعة للمقاولة ومحيطها والعمل على تيسير توطين الأنشطة المنتجة للثروة والشغل، الإسهام في تحقيق التنمية المستدامة واستدامة التنمية التي ترتكز على مقاربة للتنمية مع التنفيذ على عدم الفصل بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للأنشطة التنموية والتي تهدف إلى الاستجابة لحاجيات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المقبلة على الاستجابة لحاجياتها”, على الجهة ان تقوم بهذه المهام مع مراعاة السياسات والاستراتيجيات العامة والقطاعية للدولة في هذه المجالات،
أما الاختصاصات المشتركة بين الجهة والدولة، فتضمنت بدورها مجالات اقتصادية تعد ميادين للتنمية، كتحسين جاذبية المجالات الترابية وتقوية التنافسية والتنمية المستدامة، الشغل، البحث العلمي التطبيقي، فيما اعتبرت التجهيزات والبنيات التحتية ذات البعد الجهوي، الصناعة، التجارة، الطاقة والماء والبيئة اختصاصات منقولة من الدولة ذات بعد اقتصادي يراعي في تطبيقها مبدأ التمايز والتدرج بين الجهات عند نقلها.
الفقرة الثانية: بعض شروط نجاح الجاذبية الترابية
لقد بينت العديد من الأعمال التي تمارسها الجماعات الترابية والجهات خاصة. أن المعايير المفترضة لتقوية الجاذبية الترابية متعددة ويصعب تصنيفها. أقدمها الاتصال ببقية العالم (شبكة جيدة، متعددة الوسائط مع خدمات متنوعة كالطرق والسكك الحديدية، والقنوات المائية وغيرها)، وجود يد عاملة كفئة (مدارس للمهندسين، قطب جامعي،)، أو أسواق ممتازة وعروض شغل متنوعة، إضافة إلى تأمين للبضائع والأشخاص، والذي يترجم إجمالا عبر الاستقرار السياسي. إن هذه القائمة من المعايير ‘ذا كانت قد نجحت في توفيرها دول متقدمة فما زالت جهات المغرب تحتاج رغم الجهود المبذولة إلى الرفع من جاذبيتها، وهذا يحاج مجموعة من الشروط، نبسطها كالتالي.
أول هذه الشروط لإنجاح الجاذبية الترابية للجهات بالمغرب، هو إنعاش دور السياسات العمومية الترابية بتأهيل المجال الجهوي ليكون أكثر جاذبية، وذلك في ثلاث محاور رئيسية: التسريع من بناء التجهيزات الأساسية والبنيات التحتية: الطرق، المستشفيات، الجامعات، الماء الصالح للشرب، الكهربة…) لفائدة الجهات الأكثر هشاشة أو الأقل حظا بهدف إخراجها من عزلتها وتحسين ظروف عيش ساكنتها، الشيء الذي سيشكل بداية انفتاح هاته الجهات واستقرار ساكنتها. فعندما يتم تحسين وضعية البنيات التحتية، يكون لها وقع وأثر مباشر على نمو المجال الترابي، لأنها ستساهم في تقليص مساحة الفقر، تسهل عملية التنقل، ترفع حجم السوق بالنسبة للشركات والسياحة خاصة وتساهم في تحسين التنافسية وانتاجية الفاعلين الاقتصاديين، وهذا بطبيعة الحال سيمكن الجهات من تعزيز التنافسية في السوق الوطني والدولي. فالجهات بالمغرب الأقل جاذبية (بني ملال خنيفرة، درعة تافيلالت…)، تعاني من خصاص ملحوظ على مستوى البنيات التحتية.
بدون التقليل من الجهود السابقة المبذولة من قبل الدولة بالمغرب والحكومات المتعاقبة ولتدارك الخصاص المسجل في هذا الميدان، تم تبني برنامج طموح تمت تسميته ببرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالوسط القروي سنة 2017، والذي كلفت به وزارة الداخلية برسم الفترة الممتدة ما بين 2017 و2023، ورصدت له ميزانية إجمالية تقدر بـ 49,94 مليار درهم. حيث مكن هذا البرنامج من تأهيل الطرق والمسالك القروية وبناء وصيانة 12 ألفا و881 كلم من الطرق والمسالك القروية، وبناء وتقوية 116 منشأة فنية، وإنجاز 2176 مشروع بناء وتوسيع المؤسسات التعليمية، و539 عملية شراء واقتناء وسائل النقل المدرسي، و165 عملية اقتناء تجهيزات مدرسية، وإنجاز 533 مشروعا لبناء مراكز والمستوصفات الصحية والمنازل الوظيفية، و764 عملية شراء لسيارات الإسعاف والوحدات الطبية، وتجهيز المراكز الصحية. كما تمكن برنامج فك العزلة على العالم القروي من إنجاز 436 منظومة التزويد بالماء الصالح للشرب، و16 ألفا و853 مشروعا للتزويد بالماء الصالح للشرب على طول 813 كلم، وربط 627 دوارا بشبكة الكهرباء، و2007 تم ربطها بشبكة الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، مع تمديد شبكة الكهرباء ذات الضغط المنخفض على طول 870 كلم، حيث تم تمويل برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالوسط القروي من طرف المجالس الجهوية بنسبة 40 في المائة، وصندوق تنمية العالم القروي والمناطق الجبلية بنسبة 21 في المائة، ووزارة التجهيز بـ 16 في المائة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بـ 8 في المائة، ووزارة التربية الوطنية بـ 5 في المائة، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بنسبة 5 في المائة، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة الفلاحة بـ 2 في المائة لكل منهما. ويتوزع الغلاف المالي المرصود لهذا البرنامج حسب مجالات التدخلات المتعلقة ببناء الطرق وفتح وتهيئة المسالك القروية والمنشئات الفنية بمبلغ 5,2 ملايير درهم، والكهربة القروية بـ 2,3 مليار درهم، والتزويد بالماء الصالح للشرب بـ 6,4 ملايير درهم، وتأهيل مؤسسات قطاع التعليم بـ 4,4 ملايير درهم، وتأهيل قطاع الصحة بـ 1,5 مليار درهم[9].
المسألة الثانية والتي لها علاقة بتحسين جاذبية الجهات، والتي تهم السياسات العمومية فهو تحسين جاذبية الأقطاب الحضرية. فالبحث عن حاضرة استراتيجية ليس فقط تحديث اقتصادي مرتكز على التجديد التنافسية، الاستدامة والتسويق الترابي، إنه البحث عن نموذج للتنمية المتوازنة، لكن أيضا الشاملة. في هذا الإطار، 25% من الميزانية العامة للاستثمار توجه لتقوية القطبية الحضرية والتحول الديمغرافي بالمدن الكبرى: مراكش، المدينة المتجددة؛ البرنامج الاستراتيجي لتنمية مدينة القنيطرة؛ الرباط، مدينة الأنوار؛ البرنامج الاستراتيجي لتنمية الدار البيضاء الكبرى؛ برنامج طنجة الكبرى؛ برنامج التنمية الحضرية لتطوان والتأهيل الحضري المندمج لسلا. فالهدف الأساسي من خلال هذا التوجه نحو القطبية والعولمة مزدوج. فمن جهة محاربة الفقر والهشاشة، انطلاق شراكة الدولة-الجهة، والتنوع، تعزيز وتنفيذ العرض الاقتصادي الترابي. ومن جهة أخرى، فإن الأمر يتعلق، بإدماج المقتضى الترابي في النموذج التنموي عبر المشاريع المهيكلة وإنعاش دور شركات التنمية كمقتضى ترابي مركزي[10].
من جهة أخرى، تعتبر الجباية التمييزية لفائدة الجهات الأكثر هشاشة: دعامة أساسية من السياسات العمومية للرفع من جاذبية الجهات الأكثر حظا. فاحداث جباية تفضيلية لفائدة الجهات من قبل السلطات العمومية من أجل ملإ الفراغ الذي تتركه الاختلالات على مستوى الجاذبية الترابية بين الجهات بالمغرب، وذلك بإرساء معدلات تضريب مشجعة لتحفيز الشركات والمقاولات لتوطين فروعها ومقراتها بالجهات غير المحظوظة. وفي اتجاه آخر فإن التنمية الاقتصادية المحلية مهمة جدا، ذلك أن مسؤولية الجهات والوحدات الترابية الأخرى بتشجيعها لمبادرات اقتصادية محلية وكذا عبر تشجيع حركية السكان حول مشاريع في استعمال الموارد المحلية.
خاتمة:
حسب مؤشر جاذبية الجهات بالمغرب، يشير التحليل الاحصائي إلى أنه باستثناء جهات محدودة كالدار البيضاء الكبرة وجهة الرباط سلا القنيطرة، وربما بقليل من الحظ جهة طنجة تطوان، فإن الجهات الأخرى تعاني من نقص وخصاص كبير في التنمية. فالنقص على مستوى الجاذبية الترابية يزداد حدة بتفاقم الاختلالات بين الجهات الذي لا يتماشى والاهداف المسطرة من قبل الجهوية المتقدمة للجهات، التي تجد نفسها في حالة شلل للقيام بمهامها كفاعل في التنمية المندمجة والمستدامة على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي، البيئي للمجالات الترابية. فقد إذن تفويض هذه المهمة للجهات، فالسلطات المركزية عليها تهيء وتحضير الطريق لكي تنجح في مهامها التي أوكلت لها، فلا بد من عمل لتدارك التأخر على مستوى البنيات التحتية والتجهيزات التي تشكل شرطا خالصا من أجل انفتاح الجهات المتضررة والرفع من جاذبيتها وقدرتها على الاحتفاظ بساكنتها، والتفكير في هندسة والتقطيع الجهوي بكيفية تجعل الجهات تتشكل حول مدن ميتروبولية او قطبية لتحسين جاذبيتها وتركيز الجهود في ميدان بناء البنيات التحتية(النقل، المرافق العمومية)، أخيرا إجراء لا بد منه للرفع من جاذبية الجهات يتعلق الامر بإرساء ضريبة تمييزية لفترة ظرفية وانتقائية لفائدة الجهات ذات الجهات ذات الجاذبية الضعيفة من أجل إعطائها فرصة جلب الاستثمارات الأجنبية والوطنية. في أفق الاستفادة من الجاذبية للجهات بالمغرب لا بد من الانخراط والالتزام من قبل كل مكونات الساكنة المحلية (مواطنون، شركات، سلطات محلية، مجتمع مدني)، للمشاركة في النجاح المرتقب. فعبر هذا العالم، بينت مجموعة تجارب بأن التنمية المحلية لمجال ترابي معين هي استراتيجية تنظيمية للشروط الذاتية للتنمية. بدون تعارض بين السياسات التنموية الفوقية والسياسات التنموية من الأسفل، ينبغي الاعتراف بنجاعة الأعمال المحلية لتحيق الأهداف الماكرو اقتصادية الوطنية.
الهوامش:
[1] – idem
[2] – François (CUSIN) ET Julien (DAMON), Les villes face aux défis de l‘attractivité CLASSEMENTS, ENJEUX ET STRATÉGIES URBAINES, futuribles n° 367 – octobre 2010, https://www.aurm.org/uploads/media/ab3e2a1620bd7df1b22fe930e627f0f7.pdf
[3] – رامي السيد فوزي، أثر التقارير الاقتصادية الدولية على مناخ الأعمال والجاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر: دراسة حالة: دول افريقيا جنوب الصحراء، البرامج البحثية، الاقتصاد السياسي الدولي، موقع مركز تريندز للبحوث والاستشارات الالكتروني، تاريخ النشر 12 ديسمبر 2021 تاريخ التصفح 16 ماي 2022، الساعة 10:30، https://trendsresearch.org/ar/insight/أثر-التقارير-الاقتصادية-الدولية-على-م/
[4] – Jacques Poirot, Hubert Gérardin, L’attractivité des territoires : un concept multidimensionnel, Dans Mondes en développement 2010/1 (n° 149), pages 27 à 41, Numéro 2010/1 (n° 149), https://www.cairn.info/revue-mondes-en-developpement-2010-1-page-27.htm
[5] – Vincent Gollain, attractivité et compétitivité des territoires : de la mesure à l’action, publication de la FNAU, publication des agences, https://www.fnau.org/fr/publication/attractivite-des-territoires-methodes-dobservation-et-enjeux/, date de publication octobre 2016. Date de consultation 29 mai 2022, 10:00.
[6] – Arnaud (BOURGAIN), Jean (BROT), Hubert (GERARDIN), L’attractivité : quel levier pour le développement ? Dans Mondes en développement 2010/1 (n° 149), pages 7 à 10, Revue Cairn, Numéro 2010/1 (n°149), https://www.cairn.info/revue-mondes-en-لاdeveloppement-2010-1-page-7.htm
[7] -Haut-commissariat au plan, Les indicateurs du développement socio-économique, consultation 19/05/2022, file:///C:/Users/MonPc/Downloads/Les%20Indicateurs%20de%20suivi%20et%20d’évaluation%20de%20la%20politique%20de%20population%20au%20Maroc.%20Chapitre%201_%20Les%20indicateurs%20du%20développement%20socio-économique%20.pdf