مجلة مغرب القانونالمنبر القانونيادريس جدي: حجية محاضر الشرطة القضائية بإسبانيا

ادريس جدي: حجية محاضر الشرطة القضائية بإسبانيا

ادريس جدي دكتور في القانون محامي بمدريد

تعتبر محاضر الشرطة القضائية في القانون المغربي  من أهم وسائل الإثبات في المادة الزجرية التي يعتمد عليها  القاضي لإصدار الحكم بالبراءة أو الإدانة، تحتوي محاضر الشرطة القضائية على اعترافات ومعاينات ووقائع وشهادات وتصريحات من شأنها أن تكشف للقاضي الجنائي عن مجموعة من الحقائق حول القضية المعروضة عليه..

نص قانون المسطرة الجنائية(الفصل 291) على أن  المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات ونص كذلك ان هناك محاضر تعتبر مجرد بيانات وعلى رأسها محاضر الجنايات (الفصل 293 ).

بعد هذا التقديم الذي لخصنا حجية محاضر الشرطة القضائية في القانون المغربي،  سنتطرق إلى محاضر الشرطة القضائية باسبانيا وحجيتها في الاثبات حسب قانون المسطرة الجنائية الاسبانية والاجتهادات القضائية للمحاكم الاسبانية بما في ذلك المجلس الاعلى والمحكمة الدستورية .

حسب الفصل 297 ق.م.ج اسباني  تعتبر محاضر ضباط الشرطة القضائية في جميع انواع الجرائم بمثابة شكاية من حيث الاثار القانونية، فالمشرع الاسباني لم يميز بين حجية المحاضر في المخالفات والجنح والجنايات، بل اعتبرها بمثابة شكاية في مختلف انواع الجرائم.

نص قرارالمحكمة الدستورية الاسبانية رقم173/85، بتاريخ 3 أكتوبر 1985، على أن محاضر الشرطة لها قيمة الشكاية وليس الدليل، وحتى تصبح عنصرًا حقيقيًا من عناصر الأدلة ، لا يكفي اعتبارها مستنسخًة في المحاكمة الشفوية (دون التصديق عليها يوم المحاكمة) ، ولكن يجب تكرارها والتصديق عليها اثناء المحاكمة من طرف الضباط الذين وقعوا على تلك المحاضر.

من خلال اجتهادات المحكمة الدستورية الاسبانية و اجتهادات المجلس الاعلى الاسباني، حجية محاضر الشرطة القضائية مرتبطة بتاكيدها والمصادقة عليها يوم الجلسة، بمعنى اخر انه من حرر المحضر ووقع عليه، يتم استدعاؤه يوم الجلسة لتاكيد ما جاء بالمحضر وتوضيخ الوقائع الواردة به، والاجابة على تساؤلات الاطراف يوم الجلسة.

مقال قد يهمك :   مدى إلزامية توصية مؤسسة وسيط المملكة

 لخص قرار المحكمة الاقليمية بلاس بالماس الاسبانية، بتاريخ 3 دجنبر 2014 حجية محاضر الشرطة القضائية:

1ـ لا يمكن منح محضر الشرطة القضائية قيمة الأدلة الموثوقة إلا إذا تم تأكيدها في المحاكمة الشفوية من طرف ضباط الشرطة الموقعين لها،لذلك ، فإن ادانة  المتهم الصادرة على أساس محضر الشرطة غير المصدق عليه، فيه انتهاك للحق في افتراض البراءة(قرار المحكمة الدستورية رقم 173/85).

2ـ محضر الشرطة القضائية له إمكاناته الإثباتية الخاصة عندما يحتوي على بيانات موضوعية وقابلة للتحقق ، مثل المخططات والرسومات والصور الفوتوغرافية التي لا تقع ضمن محيط الأدلة المعدة مسبقًا ، فيمكن استخدامها كدليل، شريطة أن يتم تقديمها في المحاكمة الشفوية كدليل موثق للأدلة الوثائقية من أجل تمكين تناقضها الفعال من قبل الأطراف (قرار المحكمة الدستورية رقم  100/85).

3ـ أخيرًا ، فيما يتعلق بطبيعة الأدلة الوثائقية لمحضرالشرطة ، يجب تحديد أن التقرير، بغض النظر عن اعتباره المادي كوثيقة ، ليس له ، كقاعدة عامة ، صفة الأدلة المستندية ، لأنه حتى في الحالات التي يدلى بها أعوان الشرطة الذين تدخلوا في العملية بإفادتهم في المحاكمة الشفوية ، تعتبر الأقوال بمثابة دليل شهادة (قرار المحكمة الستورية رقم217/89) ،  وقرار المجلس الاعلى رقم 9/27/2006) فقط في حالات المخططات والرسومات والصور الفوتوغرافية وما إلى ذلك يمكن اعتبار تقرير الشرطة دليلاً موثقًا.

وبالتالي ، يجب التأكيد على أنه على الرغم من أن تقرير الشرطة يعادل من حيث المبدأ شكاية ، إلا أنه يتمتع أيضًا بإمكانيات إثباتية خاصة به ، ودون الحاجة إلى التصديق في الجلسة العامة ، عندما يحتوي على بيانات موضوعية لا يمكن استنساخها (قرارات المحكمة الدستورية رقم: 107/83 ، 201/89 ، 138/92).

من خلال قرار رقم 471/2018 ، الصادر في 19 يوليوز ، عن المحكمة الإقليمية بفالنسيا،لا يمكن منح المحاضر قيمة الأدلة الموثوقة إلا إذا تم إعادة تأكيدها والتصديق عليها في المحاكمة الشفوية ، عادة من خلال شهادة ضباط الشرطة الذين وقعوا على المحاضر (قرارات المحكمة الدستورية رقم 100/1985 ، 101/1985 ، 173/1985 ، 49/1986 ، 145/1987 ، 5/1989 ، 182/1989 ، 24/1991 ، 198/1992 ، 301/1993 ، 91/1995 ، 157/1995).

مقال قد يهمك :   اللغة التشريعية بين مأزق الإزدواجية و جدية العدالة: دراسة مونادولوجية في شجون التشريع و اجتهاد المجلس الأعلى

بغض النظر عن اعتبارها المادي كوثيقة ، ليس لها ، كقاعدة عامة ، صفة الأدلة المستندية ، لأنه حتى في الحالات التي يدلي فيها ضباط الشرطة الذين تدخلوا في البيان بإفادتهم في المحاكمة الشفوية ، تعتبر أدلة شهود (أحكام المحكمة الدستورية بتاريخ 04/02/1996 و 12/02/1998 و 10/10/2005 و 27/09/2006).

المجلس الاعلى بتاريخ 06/03/2015 اضاف ان “المحاضر أمام ضباط الشرطة ليس لها قيمة اثباتية، ولا تتناقض مع طريقة الفصل 714 من قانون الإجراءات الجنائيةحيث أنه من غير الممكن استخدامه كدليل معد مسبقًا بموجب شروط الفصل  730 من قانون الإجراءات الجنائية.

باختصار ، على الرغم من أن تقرير الشرطة هو مستند مادي ، إلا أنه في الواقع ليس أكثر من شكاية وبالتالي لا قيمة له كدليل موثق ، باستثناء البيانات الموضوعية والقابلة للتحقق التي قد تكون متضمنة فيه ، يمنحهم إمكاناتهم الاستدلالية ، شريطة أن يتم تقديمها على النحو الواجب في المحاكمة الشفوية كأدلة وثائقية.

في الختام ، يمكننا القول أن محضر الشرطة من حيث المبدأ يكون له قيمة شكاية كما هو مبين في المادة 297 من قانون المسطرة الجنائية ، وبالتالي ، وفيما يتعلق بالمظاهر التي قد يقدمها ضباط الشرطة فيه ، فإنه لن يكون لها قيمة إثبات الاتهام ، ما لم يتم التصديق على المحضر في المحاكمة الشفوية من خلال بيانات شهادات الوكلاء المتدخلين ، مع استيفاء ، من بين أمور أخرى ، مبدأ الفورية والتناقض.

تشكل حجية محاضر الشرطة القضاىية ـ احياناـ  خطرا على امن وسلامة المواطنين اذا لم تتوفر في الاشخاص الذين اسندت لهم مهمة تحريرها والسهر عليها  النزاهة والاستقامة اللازمتين، حيث نجد نسبة مهمة من الابرياء ذهبوا ضحية محاضر مفبركة اومحاضر تم توقيعها تحت الاكراه والتهديد، واعطائها حجية قوية  في الجنح والمخالفات بالنسبة للقانون المغربي يستوجب من القاضي الاجتهاد والتوقف على ما جاء فيها  من تناقض او عيب…كما لا نخفي خطورة المساطر المرجعية التي لا زال معمول بها بالمغرب خصوصا في جرائم المخدرات  والتي هي الاخرى اوقعت باشخاص في السجن بسبب تصفية حسابات والعداوة القاىمة  ليس الا.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]