اختصاص المحاكم في موريتانيا “إشكالات نظرية وتحديات عملية”

محمد عبد الرحمن أحمدو ولد أبُّو دكتور في القانون
أستاذ متعاون مع جامعة انواكشوط – كلية العلوم القانونية والسياسية
تمهيد:
يحتل موضوع اختصاص المحاكم مكانة محورية في النظام القضائي، حيث يمثل الأساس الذي يُبنى عليه حسن سير العدالة وضمان الحقوق، باعتبار أن توزيع الاختصاص بين المحاكم هو الذي يحدد الجهة المخوَّلة قانونا للفصل في النزاعات؛ وكلما كانت قواعد الاختصاص واضحة ومنسجمة كلما ساعد ذلك على تحقيق الأمن القانوني والقضائي.
أما في حال غياب الدقة في النصوص أو التداخل فيما بينها؛ فإن ذلك يؤدي إلى تضارب الاجتهادات وتأخر الفصل في القضايا، وهو ما يُضعف ثقة المتقاضين في المؤسسة القضائية؛ وتزداد أهمية هذا الموضوع في السياق الموريتاني حيث يواجه القضاء تحديات موضوعية متعلقة بالنصوص القانونية، وأخرى عملية متصلة بالبنية التحتية والموارد البشرية وتوزيع المحاكم على الأقاليم….
وقد تم اختيار هذا الموضوع لما له من أهمية نظرية وعملية؛ حيث تتجلى الأهمية النظرية لهذا الموضوع في كونه يساهم في توضيح الإطار القانوني المنظم لاختصاص المحاكم ويبين مدى انسجام النصوص التشريعية مع المبادئ العامة للتنظيم القضائي؛ كما يُثري النقاش الفقهي حول قواعد الاختصاص ويكشف عن أوجه الغموض أو التداخل التي قد تؤدي إلى تضارب الاجتهادات وتعدد التفسيرات.
أما الأهمية العملية فتتمثل في كون هذا الموضوع يلامس بشكل مباشر واقع القضاء الموريتاني، حيث إن قصور تنظيم الاختصاص أو عدم وضوحه يؤدي إلى إطالة أمد النزاعات وتعطيل الحقوق، كما أن النقص في عدد المحاكم وضعف توزيعها الجغرافي يزيد من صعوبة ولوج المتقاضين إلى العدالة ويؤثر سلبا على ثقتهم في الجهاز القضائي؛ ومن هنا فإن دراسة هذا الموضوع تفتح المجال أمام مقترحات إصلاحية من شأنها تحسين فعالية القضاء وضمان عدالة سريعة ومُنصفة.
وانطلاقا من ذلك، يمكن صياغة الإشكالية المركزية لهذه الدراسة على النحو الآتي:
إلى أي حد استطاع المشرع الموريتاني ضبط قواعد اختصاص المحاكم نظريا ؟
وما هو الإطار القانوني لاختصاص المحاكم في موريتانيا؟ وما هي أنواع الاختصاص القضائي؟ وما هي أبرز التحديات العملية التي تحول دون تفعيل هذه القواعد في الواقع القضائي؟
تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق أهداف متعددة؛ من أهمها تحليل الإطار القانوني لاختصاص المحاكم في موريتانيا، والكشف عن مكامن الغموض أو القصور فيه، ثم استعراض أهم العراقيل الواقعية التي تعيق تفعيله، وصولا إلى اقتراح حلول عملية من شأنها تعزيز فعالية القضاء وضمان عدالة منصفة.
أما على مستوى المنهج المتبع في هذه الدراسة، فقد تم الاعتماد على المنهج التحليلي في دراسة النصوص القانونية المنظمة لاختصاص المحاكم، مع توظيف المنهج الوصفي لبيان واقع القضاء الموريتاني، وسنحاول الإجابة على هذه الإشكالية والتساؤلات المتفرعة عنها وفق التصميم التالي:
- المبحث الأول: الإطار القانوني لاختصاص المحاكم في موريتانيا
- المبحث الثاني: الإشكالات والتحديات العملية في مجال الاختصاص
المبحث الأول: الإطار القانوني لاختصاص المحاكم في موريتانيا
يُحدد الإطار القانوني لاختصاص المحاكم في موريتانيا من خلال القوانين المنظمة للسلطة القضائية، وعلى رأسها قانون التنظيم القضائي وقانون الإجراءات المدنية والجنائية؛ ويقوم هذا الإطار على مبدأ توزيع الاختصاص بين مختلف درجات وأنواع المحاكم (عادية، متخصصة، وإدارية) بما يضمن حسن سير العدالة ومنع تنازع الاختصاص من خلال تحديد الجهة القضائية المؤهلة للنظر في نزاع معين، بما يضمن الاستقرار القانوني ويمنع تضارب الأحكام؛ ويقوم نظام الاختصاص في موريتانيا على قواعد ثلاث رئيسية تتمثل فيما يلي:
الاختصاص النوعي: الذي يُحدد المحكمة المختصة حسب طبيعة النزاع.
الاختصاص المحلي: الذي يرتبط بالموقع الجغرافي لأطراف النزاع.
الاختصاص الوظيفي: الذي يتعلق بمراحل الدعوى ودرجات التقاضي؛ كما أن هناك محاكم عامة ذات ولاية شاملة، وأخرى متخصصة أُنشئت لمواجهة طبيعة معينة من النزاعات، كالمحاكم التجارية والاجتماعية…..
المطلب الأول: أنواع الاختصاص القضائي
يشكل فهم أنواع الاختصاص القضائي الخطوة الأولى نحو استيعاب آلية توزيع القضايا بين المحاكم. فالاختصاص ليس مفهوما موحدا، بل يتوزع إلى صور متعددة، تتكامل فيما بينها لضمان انتظام سير العدالة؛ وقد درجت الأنظمة القضائية ومنها النظام القضائي الموريتاني على التمييز بين عدة أنواع من الاختصاص من أبرزها: الاختصاص النوعي الذي يحدد المحكمة المختصة بالنظر في النزاع بحسب طبيعته، والاختصاص المحلي أو الإقليمي الذي يحدد المحكمة بناء على مكان إقامة الأطراف أو محل النزاع، بالإضافة إلى الاختصاص الوظيفي المرتبط بدرجة المحكمة ودورها في مسار التقاضي؛ وتهدف هذه الأنواع إلى تحقيق توزيع عادل ومنظم للأعباء القضائية، وضمان وصول القضايا إلى الجهة الأنسب للفصل فيها، الأمر الذي يُعزز من فعالية التنظيم القضائي ككل؛ ولهذا تتوزع المحاكم الموريتانية حسب التقسيم الوارد في التنظيم القضائي إلى مجموعة من المحاكم يختلف اختصاصها باختلاف طبيعة الدعوى؛ وهو ما يعرف بالاختصاص النوعي أو الموضوعي للمحاكم وسنتطرق له في الفقرة الأولى من هذا المطلب الأول؛ كما توجد بعض المحاكم الأخرى في الولايات والمقاطعات وتختص هذه المحاكم بالنزاعات التي تقع في دائرتها الإقليمية وهو ما يطلق عليه الاختصاص المكاني أو الإقليمي؛ وسيتم الحديث عنه في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: الاختصاص النوعي للمحاكم الموريتانية
لما كان تحديد المحكمة المختصة في النزاع يعود إلى طبيعة الدعوى أو إلى أطراف هذه الأخيرة فإن هذه المسألة قد تثير بعض الإشكالات لدى الدول التي تأخذ بازدواجية القضاء ( القضاء العادي والقضاء الإداري ) ولهذا حاولت بعض التشريعات بعض المعايير لتوزيع الاختصاصات بين المحاكم العادية والمحاكم الإدارية؛ وهذه المعايير كالتالي:
1- معيار التفرقة بين القضاء العيني والقضاء الشخصي:
بناء على هذا المعيار إذا كان النزاع يهدف إلى تعويض عن الأضرار التي ألحقتها الإدارة بشخص معين فإن المحاكم العادية هي المختصة بهذا النزاع.
أما إذا كان النزاع يتعلق بعدم مشروعية قرار إداري فإن النزاع يكون عينيا أو موضوعيا وتختص به المحاكم الإدارية ؛ ويبرر أصحاب هذا المعيار هذه التقسيمات بـأن تلك الحالة الأولى تتعلق بحماية طبيعة الأفراد؛ لذا فإن جهة الاختصاص فيها للمحاكم العادية؛ بينما في الحالة الثانية يتعلق النزاع بإلغاء قرار إداري ونظرا لأن الهدف من الطعن في القرار الإداري المعيب هو إصدار قرار إداري سليم فإنه في هذه الحالة يجب أن يكون صادرا عن محكمة إدارية.
2- النص على اختصاص الجهتين ( المحكمة العادية والمحكمة الإدارية)
بناء على هذا المعيار يكون اختصاص المحكمة الإدارية كل ما هو منصوص عليه على سبيل الحصر وما لم ينص عليه يرجع الاختصاص فيه إلى المحكمة العادية.
3-معيار تحديد الاختصاص على أساس قواعد القانون العام أو قواعد القانون الخاص
اعتمادا على هذا المعيار فإن الاختصاص يكون للمحاكم العادية كلما كان القانون الخاص هو القانون الواجب التطبيق؛ وتختص المحاكم الإدارية كلما كان القانون الواجب التطبيق هو القانون العام.
4– المعيار العام
بناء على هذا المعيار فإن المحاكم الإدارية تختص بالنزاعات المتعلقة بالسلطات الإدارية في إطار قيام الإدارة بأنشطة مرفقية تتبع لها إدارتها؛ ويقوم هذا المعيار على الأسس التالية:
– اتصال النزاع بسلطة إدارية:
انطلاقا من هذا المعيار فإن المحاكم الإدارية لا تختص بالنزاعات العادية بين الأفراد وكذا النزاعات والقضايا الصادرة عن السلطتين ( التشريعية والقضائية).
– ارتباط النزاع بنشاط مرفقي عام تباشره الإدارة بوسائل القانون العام
مما يحسن التنبيه إليه في هذا المجال أن طبيعة النزاع تلعب دورا محوريا في القانون الواجب التطبيق لأن القاعدة العامة في تحديد الجهة المختصة في النزاع تقضي أن موضوع الدعوى هو الذي يحدد الجهة المختصة[1].
وبالرجوع إلى المقتضيات الواردة في مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية نلاحظ أن المشرع الموريتاني جمع بين أغلب هذه المعايير حيث اتبع في أغلب أحواله أسلوب النص على سبيل الحصر غير أن ذلك ليس لجهة قضائية واحدة ولكن لكل تشكلات المحاكم إدارية كانت أم عادية.
كما أنه اعتمد أسلوب المعيار العام بشكل ملحوظ حيث نص على اختصاص القضاء الإداري فضلا عن اعتماده لأسلوب الاختصاص التبعي في كل من الجهتين ( القضاء العادي والقضاء الإداري)
أولا: اختصاصات المحاكم العادية
نص المشرع الموريتاني في مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية على اختصاصات الغرف في المحاكم العادية حيث حدد اختصاص المحاكم العادية على النحو التالي:
1- اختصاصات محكمة المقاطعة
حدد المشرع الموريتاني اختصاصات محكمة المقاطعة في مجموعة من القضايا المدنية وبعض القضايا التجارية خاصة دون غيرها من النزاعات التجارية الأخرى التي تعتبر من اختصاص المحكمة التجارية أو الغرفة التجارية والمدنية[2] في محكمة الولاية؛ وبشكل عام تختص محكمة المقاطعة في القضايا التالية:
– الدعوى التي يمكن تقدير قيمتها بالنقود وهي نوعان:
أ ) – الدعاوي التي لا تتجاوز قيمتها 500.000 أوقية أصلا و50.000 محصولا؛ وتحكم فيها محكمة المقاطعة ابتدائيا ونهائيا.
ب ) الدعاوي التي تفوق قيمتها 500.000 أوقية يجوز لمحكمة المقاطعة البت فيها ابتدائيا دون أن يكون الحكم الذي تصدره فيها حكما نهائيا.
– الدعوى التي لا يمكن تقدير قيمتها بالنقود
تتعلق هذه الدعاوي بالنزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية مثل قضايا الأسرة والنسب والميراث والوصية…[3]
2-اختصاصات الغرفة المدنية في محكمة الولاية
تختص الغرفة المدنية في محكمة الولاية بهذه النزاعات بغض النظر عن قيمة الدعوى وتتمثل هذه النزاعات فيما يلي:
- العقارات المحفظة
- التأمينات غير البحرية
- نزاعات الضمان الاجتماعي
- الضرائب المباشرة وغير المباشرة
- قانون الجنسية
- النزاعات المتعلقة بالجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية…..؛
يلاحظ أن بعض اختصاصات الغرفة المدنية يتسم بالطابع الإداري مثل النزاعات المتعلقة بقانون الجنسية والضرائب المباشرة وغير المباشرة وكذا نزاعات الضمان الاجتماعي؛ وهو ما يؤكد تأثر المشرع الموريتاني بالمشرع الفرنسي في تحدد جهة الاختصاص حيث جعل بعض النزاعات الإدارية من اختصاص القضاء العادي[4].
3: اختصاص المحاكم التجارية
تختص المحاكم التجارية في النزاعات التالية بغض النظر عن قيمة النزاع وتتمثل هذه الاختصاصات فيما يلي:
- الأوراق التجارية
- الشركات التجارية
- العمليات المصرفية
- الإفلاس
- نزاعات المنافسة
- النزاعات بين التجار
- الإيجار التجاري
- التأمينات البحرية[5]….؛
ثانيا: اختصاصات المحاكم الإدارية
نص المشرع الموريتاني في المادة 28 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية على اختصاصات الغرفة الإدارية في المحكمة العليا وتتمثل هذه الاختصاصات فيما يلي:
- الطعون المقدمة ضد الشطط في استعمال السلطة أوفي تقدير شرعية القرارات ذات الطابع الفردي أو التنظيمي وفي طلبات التأويل؛
- النزاعات المتعلقة بالأملاك العامة بما في ذلك المخالفات المتعلقة بطرق المواصلات الكبرى والتنازل عن الأملاك ورخص البحث المنجمي …؛
- النزاعات المتعلقة بالانتخابات البلدية وانتخاب أعضاء الهيآت المهنية؛
- النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين والوكلاء العموميين ….؛
أما فيما يتعلق باختصاص الغرفة الإدارية في محكمة الولاية فقد نص عليها المشرع على سبيل الحصر حيث نص على أنه: يتمثل في القضايا التالية:
- القضايا المتعلقة بالتعويض ضد الدولة وأشخاص القانون العام الاعتبارية باستثناء التعويض عن الأضرار التي تسببها سيارات الدولة؛
- النزاعات المتعلقة بالصفقات والعقود الإدارية والأشغال العامة….؛
- وبصفة عامة كل النزاعات الإدارية التي ليست من اختصاص الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا[6].
الفقرة الثانية: الاختصاص المكاني ( الترابي )
يقصد بالاختصاص الترابي أو الإقليمي ( مجموعة القواعد القانونية التي تحدد المحكمة المختصة من بين عدة محاكم موزعة في دوائر قضائية مختلفة للنظر في قضية معينة )؛ وقد جرت العادة أن تحدد التشريعات المحاكم المختصة إقليميا بالنظر في الدعاوي على أساس أطراف الدعوى ( شخصية المتخاصمين أو موضوع النزاع أو السبب القانوني للدعوى).
غني عن الذكر أن المبدأ العام في قواعد الاختصاص الترابي أنها ليست من النظام العام لأنها أنشئت لمصلحة الأطراف وخاصة المدعى عليه[7]؛ إلا أن المشرع الموريتاني حد من ذلك ونص على أنه: ( لا يجوز الاتفاق على ما يخالف قواعد الاختصاص الترابي وأي اتفاق يخالف قواعد الاختصاص يعتبر لاغيا باستثناء تلك الحالة التي يتفق فيها الأطراف بصفتهم تجارا؛ ويوضح ذلك بصفة ظاهرة في التزام الطرف الذي فرض عليه) طبقا لما هو وراد في المادة 33 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية ؛ وفي هذا الصدد سنتطرق في النقاط التالية للمعايير التي يحدد من خلالها المحكمة المختصة ترابيا في النزاع.
أولا: معيار شخص المتخاصمين.
يقصد بهذا المعيار أن المحكمة التي يوجد فيها موطن أحد طرفي النزاع هي المحكمة المختصة وغالبا ما يكون المدعي عليه؛ لأن القاعدة العامة في المرافعات تقول: إن المدعي هو الذي يسعى إلى المدعى عليه في موطنه، وقد كرس المشرع الموريتاني هذه القاعدة التي تقضي باختصاص محكمة المدعي عليه كمبدأ أساسي في المرافعات حيث نص في المادة 29 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية على أنه: (( يكون الاختصاص الترابي لمحكمة الموطن الأصلي للمدعي عليه؛ أو لمحكمة محل إقامته إذا لم يكن لم يكن له موطن أصلي أو محل إقامة معروف؛ أو إذا كان يقطن أو يقيم خارج موريتانيا فإن الاختصاص يكون لمحكمة الموطن الأصلي أو محل إقامة المدعي؛ أو إذا كان المدعي يقيم في الخارج فإن الاختصاص للمحكمة المختصة في انواكشوط؛ إذا تعدد المدعى عليهم فللمدعي الخيار في رفع دعواه أمام محكمة موطن أو محل إقامة أي منهم)).
ومما يحسن التنبيه إليه في هذا الصدد أن خيار رفع الدعوى أمام محكمة موطن أو محل إقامة أي من المدعى عليهم في حالة تعددهم مشروط بأن يكون الالتزام واحدا بالنسبة للمدعى عليهم[8].
بناء على المقتضيات الواردة في المادة 29 أعلاه يتضح لنا أن المشرع كرس مبدأ اختصاص محكمة المدعي عليه ولا ينعقد الاختصاص لمحكمة موطن أو محل إقامة المدعى إلا في حالة عدم معرفة محكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه.
جدير بالذكر أن المشرع الموريتاني منح للمدعي الحق في اختيار رفع دعواه أمام محكمة محل إقامته أو محكمة محل إقامة المدعى عليه في بعض الدعاوي الخاصة؛ وهذه الدعاوي هي كالتالي:
1 – القضايا المتعلقة بالنفقات: حيث يحق للمدعي رفع دعواه إما لدى محكمة موطن المدعى عليه أو المحكمة التي بها موطن المدعي؛ أو المحكمة التي بها موطن أحد أصول طالب النفقات[9].
2 – القضايا المتعلقة بالمراسلات: أو الأشياء التي يضمن وصولها فللمدعي الخيار أن يرفع دعواه لدى محكمة موطن المرسل أو محكمة موطن المرسل إليه[10].
3 – النزاعات المتعلقة بالتأمين على المنقولات: حيث يحق للمدعى رفع دعواه لدى المحكمة التي يوجد مقرها قرب موطنه[11].
لما كان الموطن يلعب دورا أساسيا في تحديد الجهة القضائية المختصة فإنه يستحسن بيان مفهوم الموطن ومحل الإقامة.
- الموطن يعرف الموطن بأنه: ( المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصورة مستقرة ودائمة ) وهو ما يعرف بالموطن القانوني أو الموطن الأصلي كما أن هناك ما يعرف بالموطن المختار وهو المكان الذي يختاره الشخص لتنفيذ عمل قانوني له مثل التبيلغ والاستدعاء[12]؛ وقد عرف المشرع الموريتاني الموطن في مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية[13]؛ وبما أن المدعي عليه قد لا يكون له موطن مختار أو محل إقامة معروف فقد منح المشرع الموريتاني للمدعي في هذه الحالة رفع الدعوى أمام المحكمة التي يوجد المدعي في دائرتها وذلك من أجل حماية الحقوق من الضياع[14].
ومما يحسن التنبيه إليه في هذا الصدد أن الموطن المختار لا يختص بالشخص الطبيعي دون الشخص المعنوي حيث يتم رفع الدعاوي ضد الشخص المعنوي لدي المحكمة التي يوجد بها المقر الاجتماعي للشخص المعنوي طبقا لما نص عليه المشرع في المادة 30 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية.
غير أن المشرع ذكر على سبيل الاستثناء اختصاص محكمة الشركة باعتبارها المحكمة المختصة؛ ويشمل هذا كل الدعاوي التي تقام من الشركة ضد أحد الشركاء وكذا الدعاوي التي ترفع من شريك ضد شريك آخر داخل الشركة، فكل هذه الدعاوي تختص بها محكمة الشركة ما دامت متعلقة بالشركة خاصة القضايا المتعلقة بحل الشركة والنزاعات التي تقع بين الشركاء؛ وهو ما يستفاد من المقتضيات الواردة في الفقرة الثامنة من المادة 30 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية.
ثانيا: معيار موضوع الدعوى
يقصد بموضوع الدعوى الشيء المتنازع فيه؛ وقد أخذ المشرع الموريتاني بمعيار موضوع الدعوى في حالات كثيرة استثناء من القاعدة التي تقول باختصاص محكمة موطن أو محل إقامة المدعي عليه؛ ويتجلى اختصاص المحكمة بناء على موضوع الدعوى في القضايا التالية:
- القضايا العقارية: تختص المحكمة التي يقع في دائرتها العقار المتنازع عليه بغض النظر عن مكان إقامة المدعى عليه إلا إذا تعلق الأمر بقضايا عقارية مختلطة حيث يمكن رفع الدعوى لدي المحكمة التي يوجد في دائرتها العقار أو المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المدعى عليه[15].
- التركات: فيما يتعلق بالتركات فإن المحكمة المختصة هي المحكمة التي يوجد بدائرتها أكثر الأموال المتروكة.
- المصاريف القضائية: يرجع الاختصاص في القضايا المتعلقة بالمصاريف القضائية إلى المحكمة التي صرفت فيها تلك المصاريف القضائية.
- الإفلاس: إن القضايا المتعلقة بالإفلاس تختص بها المحكمة التي يوجد في دائرتها مكان إقامة المفلس[16].
ثالثا: معيار السبب القانوني للدعوى
بناء على هذا المعيار فإن المحكمة المختصة هي تلك المحكمة التي أبرم العقد في دائرتها؛ أو التي جرى تنفيذ العقد فيها، أو المحكمة التي حدثت الواقعة التي نشأ عنها الضرر في دائرة اختصاصها؛ وقد استخدم المشرع الموريتاني هذا المعيار في عدة مسائل من بينها:
1-القضايا المتعلقة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن جنحة أو شبه جنحة فإن المحكمة المختصة بها هي محكمة موطن المدعى عليه أو المحكمة التي ارتكب في دائرتها الفعل المسبب للضرر[17].
2- الخلافات المتعلقة بالتوريد والأشغال والأكرية وإيجار الخدمات والصناعات:
ترفع هذه الدعاوي لدى محكمة موطن المدعى عليه أو المحكمة التي تم فيها إبرام الاتفاق أو التي ينفذ فيها العقد؛ إذا كان المدعي يسكن في هذا المحل.
3- النزاعات التجارية غير المتعلقة بالإفلاس أو الشركات
ترفع الدعاوي المتعلقة بهذا النوع من النزاعات إلى محكمة موطن المدعى عليه أو إلى المحكمة التي أبرم فيها الالتزام أو تم تنفيذه في دائرة اختصاصها كليا أو جزئيا؛ أو المحكمة التي كان يجب تنفيذ الالتزام فيها.
4– قضايا الأشغال العمومية: ترفع الدعاوي المتعلقة بالأشغال العمومية إلى المحكمة التي أنجزت الأشغال بدائرتها[18].
المطلب الثاني: توزيع الاختصاص بين المحاكم
يُعدّ توزيع الاختصاص القضائي من أبرز الركائز التي يقوم عليها التنظيم القضائي السليم، إذ لا تتحقق العدالة ولا تنتظم إجراءات التقاضي إلا بتحديد واضح ودقيق للجهة القضائية المختصة بكل نوع من القضايا؛ ذلك أن وضوح الاختصاص لا يضمن فقط حسن سير العدالة، وإنما يُساهم أيضا في ترسيخ الثقة في المؤسسة القضائية، ويُجنّب المتقاضين الوقوع في متاهات تضارب الجهات أو تضارب القرارات[19]؛ وقد أخذ المشرّع الموريتاني بمبدأ توزيع الاختصاص بين مختلف المحاكم مراعيا في ذلك الطبيعة القانونية للنزاع، وصفة أطرافه، وطبيعة الطلبات المعروضة، فضلا عن عنصر التخصص الفني الذي باتت تفرضه بعض النازعات المعقدة؛ وقد أدى هذا التوجّه إلى نشوء نظام مزدوج للاختصاص: اختصاص عام تتولاه المحاكم العادية، واختصاص نوعي يسند للمحاكم متخصصة.
تبرز أهمية هذا التقسيم في كونه يسعى إلى تحقيق التوازن بين شمولية العدالة وفعالية أدائها، حيث تضمن المحاكم العادية النظر في غالبية القضايا المطروحة، بينما تضطلع المحاكم المتخصصة بمهام دقيقة في مجالات معينة، وهو ما يعكس تطورا في المنظومة القضائية نحو المهنية والتخصص؛ وانطلاقا من هذا المعطيات، سنسلط الضوء على طبيعة اختصاص كل من المحاكم العادية والمحاكم المتخصصة، وبيان الأسس التي تحكم هذا التوزيع في التنظيم القضائي الموريتاني.
الفقرة الأولى: اختصاص المحاكم العادية
تتولى المحاكم العادية في النظام القضائي الموريتاني مهمة الفصل في أغلب القضايا التي تهم الأفراد والمجتمع، وهي تمثل الإطار العام والأساسي لممارسة القضاء؛ وتستمد هذه المحاكم اختصاصها من القانون المنشئ لها ومن النصوص الإجرائية التي تحدد نطاق عملها من حيث الموضوع والمكان والدرجة.
وتشمل هذه المحاكم، في الهرم القضائي الموريتاني، كلا من:
–المحاكم الابتدائية: وهي محاكم الدرجة الأولى، وتختص بالنظر في القضايا المدنية، والجنحية، والأحوال الشخصية، والتجارية، التي لا تدخل ضمن اختصاص محكمة أخرى[20].
محاكم الدرجة الثانية: (محاكم الاستئناف): تتولى النظر في الطعون المقدمة ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية.
المحكمة العليا: وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، تنظر في الطعون بالنقض، وتسهر على توحيد الاجتهاد القضائي؛ ويحدد القانون اختصاص هذه المحاكم استنادا إلى مجموعة من المعايير من أبرزها:
–الاختصاص النوعي: أي الاختصاص بحسب طبيعة القضية (مدنية، جنائية، تجارية…).
الاختصاص المحلي: ويقصد به الاختصاص المحدد بناء على مكان وقوع النزاع أو إقامة أطرافه.
الاختصاص القيمي:
يتعلق هذا النوع من الاختصاص بقيمة الدعوى، خاصة في القضايا المدنية والتجارية.
وتُعد المحاكم العادية الجهة الأصلية التي يلجأ إليها المتقاضون في حال عدم وجود محكمة متخصصة، كما أن لها دورا تكميليا في النظر في الدعاوى المرتبطة بقضايا مختلفة إذا تعذر تحديد محكمة مختصة بها صراحة[21].
الفقرة الثانية: اختصاص المحاكم المتخصصة
مع تطور المجتمع وتعقيد العلاقات القانونية والاقتصادية والاجتماعية، برزت الحاجة إلى إنشاء محاكم متخصصة تتولى الفصل في بعض القضايا التي يتطلب البت فيها معالجة دقيقة ومعرفة فنية خاصة؛ وقد تبنّى المشرّع الموريتاني هذا التوجّه وأنشأ مجموعة من المحاكم والهيئات القضائية المتخصصة بهدف تحقيق عدالة فاعلة وتسريع الفصل في النزاعات ذات الطبيعة الخاصة؛ ومن أبرز هذه المحاكم:
- 1. محكمة الشغل: تختص محاكم الشغل بالنظر في النزاعات الفردية والجماعية التي تنشأ بين العمال وأرباب العمل، وتُعتبر مرجعا مهما لحماية حقوق العمال وتنظيم علاقات العمل[22].
- 2. محكمة الأحداث ( القصر) : تُعنى بالنظر في القضايا التي يكون أحد أطرافها قاصرا، سواء بصفته فاعلا أو ضحية، وتُراعي في أحكامها الطابع التربوي والوقائي أكثر من العقابي [23]
- المحاكم الجنائية المتخصصة: وهي التي تختص بالنظر في الجرائم الخطيرة كالإرهاب وجرائم الرق ….، وقد أُنشئت لتعزيز الحزم القضائي في مواجهة هذه الظواهر.
- محكمة مكافحة الفساد: أنشئت في إطار استراتيجية الدولة لمواجهة الفساد والجرائم الاقتصادية، وتختص بالنظر في قضايا تتعلق بالمال العام، والرشوة، والإثراء غير المشروع، وغسل الأموال؛ ويتميّز عمل هذه المحاكم بوجود قضاة أو هيئات ذات تكوين خاص، وبتطبيقها لبعض الإجراءات التي تكون عادة مغايرة للإجراءات المتبعة أمام المحاكم العادية، وذلك مراعاة لخصوصية القضايا المعروضة عليها، كما هو الحال في المساطر المتبعة أمام محكمة الأحداث أو محكمة الفساد….؛ وتبرز أهمية هذه المحاكم في كونها تُخفّف العبء عن القضاء العادي، وتُساهم في تسريع البت في النزاعات المتخصصة، وتقديم أحكام أكثر دقة وعدالة، نتيجة تركيزها على ملفات محددة وإلمامها بتفاصيلها الدقيقة.
الفقرة الثالثة: الاختصاص الدولي للمحاكم الموريتانية
طبقا للمقتضيات الواردة في المواد 36.35.34 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية والمادتين (45.44 ) من قانون الجنسية الموريتاني فإن المحاكم الموريتانية تختص بالبت في النزاعات التالية:
- الدعاوي المرفوعة ضد موريتاني حتى ولو كان لا يقطن في موريتانيا وليس له إقامة بها.
- الدعاوي المرفوعة ضد أجنبي أو عديم الجنسية قاطن أو مقيم في موريتانيا.
- الدعاوي التي يتفق الأطراف على طرحها على المحاكم الموريتانية وفقا للقوانين التي يخضعون لها.
المبحث الثاني: الإشكالات والتحديات العملية في مجال الاختصاص
على الرغم من إقرار المشرع الموريتاني لقواعد تنظيمية واضحة تحدد توزيع الاختصاص بين المحاكم العادية والمتخصصة فإن الممارسة العملية تكشف عن إشكالات متعددة عند تفعيل تلك القواعد؛ وتزداد هذه الإشكالات وضوحا في الحالات التي يتقاطع فيها موضوع النزاع مع أكثر من جهة قضائية، أو في غياب نصوص صريحة تحسم التنازع، مما يُفضي أحيانا إلى تضارب القرارات أو تبادل الإحالات بين المحاكم أو حتى تأخير الفصل في القضايا.
كما تثير القضايا المستحدثة كالنزاعات الرقمية والجرائم الاقتصادية…. تحديات تتطلب تحديث آليات الاختصاص وتفعيلها بمرونة بما يضمن الأمن القضائي وسرعة البت في النزاعات[24] وتفادي تداخل صلاحيات المحاكم؛ وفي هذا الصدد سنتطرق في المطلب الأول للإشكالات القانونية في تطبيق قواعد الاختصاص؛ لنتطرق في المطلب الثاني؛ للتحديات الواقعية التي تواجه القضاء.
المطلب الأول: الإشكالات القانونية في تطبيق قواعد الاختصاص
تثير قواعد الاختصاص القضائي إشكالات قانونية جلية خاصة في الحالات التي تغيب فيها نصوص واضحة أو تتقاطع فيها طبيعة النزاعات مع أكثر من جهة قضائية، مما يضع القضاء أمام تحديات عملية؛ وفي هذا السياق سنخصص الفقرة الأولى للإشكاليات المتعلقة بتنازع الاختصاص بين المحاكم؛ لنخصص الفقرة الثانية للغموض في النصوص القانونية.
الفقرة الأولى: الإشكاليات المتعلقة بتنازع الاختصاص بين المحاكم
تتمثل الإشكاليات المتعلقة بتنازع الاختصاص في الدفع بعدم الاختصاص ( أولا) وسابقية النشر والارتباط (ثانيا)؛ وكذا تنازع الاختصاص وسيتم الحديث عنه (ثالثا).
أولا: الدفع بعدم الاختصاص
إن الدفع بعدم الاختصاص قد يكون صادرا عن القاضي وهو ما يعرف بالدفع التلقائي بعدم الاختصاص(1) كما أن الدفع بعدم الاختصاص قد يصدر عن أحد الأطراف يدفع فيه بعدم الاختصاص النوعي أو المكاني للمحكمة التي عُرضت عليها الدعوى ( 2).
1- الدفع التلقائي بعدم الاختصاص
نص المشرع الموريتاني في المادة 48 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية على أنه: (( لا يجب التصريح التلقائي بعدم الاختصاص النوعي من طرف القاضي إلا في الحالات الآتية:
أ)-إذا أسند القانون الاختصاص للمحكمة العليا أو لمحكمة إدارية أو زجرية؛ أو كانت القضية لا تدخل ضمن اختصاص المحاكم الموريتانية.
ب)- إذا تم خرق قاعدة اختصاص نوعي تهم النظام العام؛ أو إذا لم يمثل المدعي عليه؛…..))
جدير بالذكر أن القاضي يجب عليه التصريح بعدم الاختصاص النوعي في هذه القضايا المذكورة أعلاه؛ وهذا بخلاف الاختصاص المكاني الذي لا يحق له التصريح به من تلقاء نفسه[25]؛ وهو ما يستفاد من المقتضيات الواردة في المادة 48 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية.
2– الدفع المثار من قبل أحد الأطراف
يقوم الدفع الذي يثيره أحد الأطراف على أحد السببين التاليين:
أ) – عدم الاختصاص الترابي
تتم إثارة عدم الاختصاص الترابي من طرف المدعي عليه إذا ما تم استدعاؤه لمحكمة غير المحكمة التي يقطن في دائرتها.
ب) – عدم الاختصاص النوعي:
من بين أمثلة عدم الاختصاص النوعي رفع المدعي دعواه لدي المحكمة التجارية وتكون المحكمة المختصة هي محكمة المقاطعة لأن هناك تشابه بين اختصاص المحكمتين في المسائل التجارية؛ وفي هذا الصدد نص المشرع الموريتاني في المادة 27 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية على اختصاصات المحكمة التجارية وذكر من بينها: الأوراق التجارية والشركات التجارية وكذا العمليات المصرفية والإفلاس….؛ كما نص في المادة 20 جديدة من نفس القانون على أنه: (( مع مراعاة الاختصاص المسند إلى محكمة الولاية والمحاكم التجارية تنظر محاكم المقاطعات في القضايا المدنية والتجارية التالية:
- تحكم ابتدائيا ونهائيا في الدعاوي التي يمكن تقدير قيمتها بالنقود والتي لا تتجاوز قيمتها 000 أوقية أصلا و 50.000 أوقية محصولا؛
- كما تنظر وتحكم ابتدائيا فقط في الدعاوي المدنية التي تتجاوز قيمتها 500.000 أوقية أصلا و50.000 أوقية محصولا؛ وكذلك كل النزاعات التي لا يمكن تقدير قيمتها بالنقود والمتعلقة بالأحوال الشخصية كالأسرة والطلاق والوفاة والنسب والوصية والميراث….)).
ثانيا: سابقية النشر والارتباط
يقصد بسابقية النشر والارتباط أن يثار نزاع أمام محكمتين من نفس الدرجة وأن تكون كلتاهما مختصة بالنظر في ذلك النزاع، وفي هذه الوضعية يتعين على المحكمة التي أثير النزاع أمامها مؤخرا أن تتنازل عن الدعوى بشكل تلقائي[26] لصالح المحكمة التي سبقت بالنظر في الدعوى؛ كما يمكنها التنازل عن الدعوى بناء على طلب أحد الأطراف؛ ومن أمثلة هذه الحالة رفع المدعية (الزوجة) لدعوى تتعلق بالنفقة لدى محكمة موطن المدعى عليه ثم العدول عن ذلك ورفع الدعوى لدى محكمة موطن المدعية (الزوجة) أو محل إقامتها؛ وتعتبر هذه الوضعية من ضمن الحالات التي يخير فيها المدعي بين رفع دعواه لدى محكمة موطن المدعى عليه أو محكمة موطن المدعي؛ ولهذا فإنه يحق للمدعى عليه أن يدفع بسابقية النشر أمام المحكمة التي رفعت الدعوى أمامها مؤخرا. طبقا لما ورد في المادة 50 من مدونة إجراءات المدنية والتجارية والإدارية.
أما الارتباط بين القضايا فيعني وجود ارتباط بين قضيتين أو أكثر وتكون هذه القضايا تم رفعها إلى محكمتين مختلفتين؛ ولهذا يكون من حسن سير العدالة تولى إحدى المحكمتين مهمة التحقيق والبت في القضية[27]؛ ومن بين القضايا التي تظهر فيها وضعية الارتباط بين الدعاوي عندما يتم رفع قضية إفلاس إلى المحكمة التجارية ضد شخص معين وفي نفس الوقت يتم رفع دعوى دين مدني لدى محكمة المقاطعة ضد نفس الشخص؛ ففي هذه الحالة تقتضي قواعد حسن سير العدالة أن يتم التنازل من طرف محكمة المقاطعة عن الدعوى لصالح المحكمة التجارية حتى تبت في النزاع برمته نظرا لارتباط القضيتين وإمكانية ضياع حقوق المدعي للدين المدني؛ ولهذا يختلف الارتباط عن سابقية النشر في نقطتين أساسيتين:
أ) – في سابقية النشر يكون النزاع واحدا بينما في الارتباط يكون النزاع بين قضيتين أو عدة قضايا تجمع بينها رابطة؛ ويكون من حسن سير العدالة في الارتباط إسناد القضايا لمحكمة واحدة لتبت فيها.
ب) – في سابقية النشر يتعين أن تتخلى المحكمة التي تعهدت بالقضية مؤخرا عن الدعوى لصالح المحكمة التي سبق وأن تعهدت بالقضية.
بينما في الارتباط يمكن أن تتخلى أي من المحكمتين لصالح الأخرى وفي حالة رفض إحدى المحكمتين للتخلي عن الدعوى يعين رئيس محكمة الاستئناف المختص إحدى المحكمتين للبت في القضية بناء على طلب من الطرف المعني[28].
ثالثا: تنازع الاختصاص
يقع تنازع الاختصاص عندما تعلن محاكم متعددة ومتحدة في الدرجة أنها هي صاحبة الاختصاص في القضية؛ ويشترط في وجود تنازع الاختصاص أن يتحد الخصوم في الدعوى وأن يكون لهم نفس السبب والصفة في نفس الدعوى المعروضة على المحكمة[29].
ينقسم تنازع الاختصاص إلى قسمين يتعلق الأول منهما بتنازع الاختصاص الإيجابي(1) بينما يتمثل القسم الثاني في تنازع الاختصاص السلبي(2)
1)- تنازع الاختصاص الإيجابي:
يتمثل تنازع الاختصاص الإيجابي عندما تتمسك أكثر من محكمة بالدعوى وتعلن اختصاصها في الدعوى بشرط أن تكون هذه المحاكم متحدة في الدرجة ويشترط في وجود تنازع الاختصاص وحدة الخصوم والصفة والسبب في نفس النزاع المعروض أمام هذه المحاكم.
2 – تنازع الاختصاص السلبي:
يحصل التنازع السلبي عندما ترفض المحاكم المعروضة عليها الدعوى النظر في الدعوى بسبب عدم اختصاصها في الدعوى؛ ويشترط في التنازع السلبي توفر الشرطين التاليين:
- صدور حكمين من جهتي القضاء بعدم اختصاص كل منهما بالنظر في الدعوى؛
- أن يكون سبب الحكم الصادر عن هاتين المحكمتين هو اعتقاد كل منهما أن الأخرى هي المختصة في الدعوى.
وبالرجوع إلى المقتضيات الواردة في المادة 258 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية نجد أن المشرع نص على أنه: (( يحصل تنازع الاختصاص عندما تعلن محاكم متعددة ومتحدة في الدرجة وفي نفس النزاع أنها مختصة أو غير مختصة ؛ ويتم البت في تنازع الاختصاص من طرف المحكمة العليا بناء على طلب النيابة العامة أو أي طرف معني)). كما نص في المادة 24 من قانون التنظيم القضائي على مجموعة من اختصاصات غرفة المشورة في المحكمة العليا وذكر من بينها البت في تنازع الاختصاص بين محكمتين أو أكثر.
الفقرة الثانية: الغموض في النصوص القانونية
يُعدّ الغموض التشريعي أو ما يعرف بالغموض في النصوص القانونية من أبرز الإشكالات القانونية التي تواجه القضاء عند تطبيق قواعد الاختصاص؛ لأن بعض النصوص المنظمة لهذا المجال قد تتسم بعدم الدقة أو بعبارات عامة وفضفاضة لا تكفي لحسم النزاع بشأن الجهة المختصة بالنظر في قضية معينة؛ وهذا الغموض لا يُشكّل فقط تحديا أمام القضاة في تأويل وتطبيق النص، بل يُربك كذلك المتقاضين، ويُعرّض حقوقهم الإجرائية للخطر؛ وفي هذا السياق سنحاول رصد عدد من الحالات التي تبرز فيها هذه الإشكالية خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا ذات الطبيعة المختلطة أو المستحدثة، مثل النزاعات ذات الطابع الاقتصادي أو الرقمي، أو تلك التي تتداخل فيها الاختصاصات المدنية والإدارية أو الجنائية؛ فعلى سبيل المثال قد لا تُحدّد النصوص بدقة ما إذا كانت الجهة المختصة هي المحكمة العادية أو المتخصصة، مما يفتح الباب أمام تنازع الاختصاص سواء كان إيجابيا (عندما تدّعي كل محكمة اختصاصها في النزاع) أو سلبيا (عندما ترفض كلتا المحكمتين البت في النزاع بسبب عدم اختصاصها في النزاع).
كما أن بعض التشريعات الإجرائية قد تُحيل إلى مفاهيم غير منضبطة قانونيا مثل (المصلحة) أو (صلة النزاع بالجهة القضائية) دون تحديد معايير دقيقة لفهم هذه المفاهيم وهو ما يمنح القاضي سلطة تقديرية واسعة ويؤدي إلى تفاوت في الاجتهادات القضائية حول المسألة الواحدة، مما يمس بمبدأ الأمن القانوني. وقد ينتج عن ذلك تعطيل الفصل في النزاعات أو بطلان المساطر القضائية أو تدافع الملفات بين المحاكم، وكلها ممارسات تؤدي إلى إهدار الوقت والموارد، وتقويض الثقة في فعالية العدالة[30].
ومن هنا فإن التغلب على هذا الإشكال يقتضي تحيين النصوص القانونية وتدقيقها بما يتلاءم مع طبيعة النزاعات الحديثة، و إصدار أدلة تفسيرية أو اجتهادات قضائية موحدة من قبل المجلس الأعلى للقضاء أو المحكمة العليا، ضمانا للتطبيق السليم والمتناسق لقواعد الاختصاص القضائي.
المطلب الثاني: التحديات الواقعية التي تواجه القضاء
يواجه القضاء الموريتاني تحديات عملية ملموسة تحد من فعاليته في القيام بوظيفته الأساسية المتمثلة في تحقيق العدالة وصون الحقوق والحريات؛ ومن أبرز هذه التحديات ضعف الوسائل البشرية والمادية، وتراكم القضايا، وتباين الاجتهادات القضائية، فضلا عن بطء الإجراءات وتعقيد المساطر ونقص التجهيزات التقنية؛ إضافة إلى نقص عدد المحاكم وعدم توزيعها بشكل يراعي الكثافة السكانية والامتداد الجغرافي مما يُعيق وصول المتقاضين إلى العدالة في آجال معقولة؛ ويزيد من أعباء التقاضي خاصة أنه يؤثر سلبا على مبدأ المساواة أمام القضاء مما يفرض مراجعة الخريطة القضائية والعمل على إصلاحات شاملة وعميقة تعزز استقلال القضاء وجودة أدائه.
وإذا كانت السلطات القضائية في موريتانيا قد قطعت أشواطا مهمة على مستوى البناء المؤسساتي، من خلال إنشاء محاكم جديدة، وتعديل بعض النصوص الإجرائية، والتعاون مع شركاء دوليين لدعم إصلاح العدالة، فإن هذه الجهود لا تزال تصطدم بعوائق يومية تؤثر في فاعليتها، وتحدّ من تحقيق العدالة بالمعايير التي يطمح إليها المواطن؛ وفي هذا الإطار سنعالج أهم التحديات الأساسية التي تواجه القضاء الموريتاني والتي تتمثل في ضعف التغطية الجغرافية للمحاكم، ونقص الكادر القضائي وتأخر البت في النزاعات.
الفقرة الأولى: ضعف التغطية الجغرافية للمحاكم
في بلد واسع كموريتانيا يعدّ التوزيع العادل والفعّال للمحاكم شرطا أساسيا لضمان وصول المواطنين إلى العدالة وتعزيز مبدأ الإنصاف؛ ومع ذلك، لا تزال منظومة القضاء الموريتاني تعاني من اختلالات واضحة في التوزيع الجغرافي للمحاكم، الأمر الذي ينعكس سلبا على مبدأ تقريب العدالة من المتقاضين.
غير أن المعطيات الميدانية تُظهر أن العديد من المناطق الداخلية والنائية في موريتانيا تفتقر إلى وجود محاكم قريبة أو دائمة، مما يجعل المواطنين يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى العدالة، وهو ما يشكل عائقا فعليا، خصوصا في ظل ضعف البنية التحتية والنقل؛ وفي المقابل فإن بعض المحاكم الواقعة في مراكز حضرية تشهد ضغطا كبيرا من حيث عدد القضايا بسبب تمركز الكثافة السكانية وتجمع الإدارات فيها.
أما بعض المحاكم الأخرى، فليست مثقلة بالملفات، لكنها تعاني من ضعف في التغطية القضائية والخدمات العدلية نتيجة نقص الكادر البشري أو شُح الموارد التقنية واللوجستية، مما يحدّ من قدرتها على العمل بفعالية؛ ويؤدي هذا التفاوت إلى اختلال في تسيير العدالة ويُسهم في إضعاف ثقة المواطنين في مدى عدالة توزيع الخدمات القضائية.
الفقرة الثانية: نقص الكادر القضائي وتأخر البت في النزاعات
يشكل النقص في الكادر القضائي أحد أبرز التحديات البنيوية التي تعيق فعالية القضاء في موريتانيا
حيث يعاني الجهاز القضائي من نقص واضح في الموارد البشرية، إذ لا يتناسب عدد القضاة وموظفي المحاكم من كتاب ضبط وعدول منفذين وخبراء وغيرهم من أعوان القضاء مع الحجم المتزايد للقضايا المطروحة، ولا مع اتساع الرقعة الجغرافية للبلاد؛ وقد أدى هذا الخلل البنيوي إلى بطء إجراءات التقاضي، وتأجيل البت في العديد من النزاعات لفترات طويلة قد تمتد لسنوات، وهو ما يتسبب في تراكم الملفات ويُثقل كاهل المحاكم، مما يؤثر سلبا على جودة الأحكام ويُضعف ثقة المتقاضين في العدالة.
كما أن هذا النقص يحول دون التخصّص الدقيق في بعض المجالات المستحدثة كالقضاء التجاري أو الإداري…، الأمر الذي يحد من جودة الأحكام ويعرقل مسار تحديث المنظومة القضائية؛ ومن ثم فإن معالجة هذه التحديات تقتضي تعزيز سياسة التكوين والاكتتاب، وتوزيع الكادر القضائي وفق معايير موضوعية تضمن الانسجام بين حجم القضايا وعدد القضاة، بما يحقق السرعة والنجاعة في الفصل في النزاعات ويعزز هيبة القضاء.
خاتمة:
ختاما يتضح أن موضوع اختصاص المحاكم في موريتانيا يجمع بين إشكالات نظرية متعلقة بتحديد معايير الاختصاص وضبط حدوده، وتحديات عملية تظهر في محدودية الموارد القضائية والبنية التحتية وعدم التوزيع المتوازن للمحاكم بما يتناسب مع الكثافة السكانية واتساع الرقعة الجغرافية؛ فبينما يحتاج الإطار النظري إلى وضوح ودقة في النصوص وتحديد اختصاص كل محكمة، يفرض الواقع ضرورة تحسين البنية القضائية، وتوسيع الكادر القضائي، وتطوير آليات العمل لتسريع الفصل في القضايا؛ ومن ثم فإن فهم اختصاص القضايا ومعالجتها بفعالية يتطلب الجمع بين النصوص القانونية الواضحة والتنفيذ العملي السليم، لضمان عدالة سريعة وفعالة وتعزيز ثقة المواطنين في القضاء؛ وقد توصلنا في هذه الدراسة لمجموعة من النتائج (أولا) وأشفعناها ببعض الاقتراحات (ثانيا).
أولا: النتائج
- يتسم الإطار القانوني المنظم لاختصاص المحاكم في موريتانيا بوجود بعض الغموض في بعض النصوص والتداخل أحيانا في توزيع الاختصاصات، مما يؤدي إلى تضارب الاجتهادات وإطالة أمد النزاعات.
- تعاني البنية القضائية من قلة عدد المحاكم وسوء توزيعها جغرافيا، بشكل لا يراعي التوزيع السكاني ولا الاتساع الجغرافي للبلاد، وهو ما يُحد من قدرة المتقاضين على الوصول السهل والمنصف إلى العدالة.
- يشكل النقص في الكادر القضائي والإداري أحد أبرز العوائق أمام سرعة البت في القضايا وجودة الأحكام، حيث يؤدي إلى تراكم الملفات وتأخر المحاكمات.
- ضعف التجهيزات المادية والوسائل التقنية داخل المحاكم مما يحد من فعالية العمل القضائي ويجعل الإجراءات أكثر بطئا وتعقيدا.
- تبين أن غياب التخصص الدقيق في بعض فروع القضاء (التجاري، الإداري، الأسري…) يضعف جودة الأحكام ويجعل بعض القضايا تُنظر أمام محاكم غير مؤهلة بالكامل لمعالجتها.
- ثانياً: الاقتراحات
- إصلاح الإطار التشريعي من خلال مراجعة النصوص المتعلقة بالاختصاص بما يضمن وضوحها وانسجامها، والحد من التداخل بين المحاكم.
- إعادة رسم الخريطة القضائية على أساس معايير موضوعية تراعي الكثافة السكانية والبعد الجغرافي، بما يحقق عدالة ترابية متوازنة.
- تعزيز الموارد البشرية عبر اكتتاب وتكوين قضاة وأطر قضائيين جدد، وتوزيعهم وفق حاجة المحاكم وحجم القضايا.
- تحديث البنية التحتية والتجهيزات من خلال رقمنة الإجراءات القضائية وتوفير الوسائل التقنية الحديثة لتسريع الفصل في النزاعات.
- إرساء نظام قضائي متخصص بإنشاء محاكم متخصصة أو دوائر متخصصة في القضايا التجارية والإدارية والأسرية، بما يرفع من جودة الأحكام.
- اعتماد سياسة مستدامة للتكوين المستمر للقضاة وكتبة الضبط، لتعزيز الكفاءة ومواكبة المستجدات التشريعية والعملية.
- تعزيز ثقة المتقاضين في القضاء عبر نشر الاجتهادات القضائية وتعميمها، وضمان شفافية الإجراءات وسرعة الفصل في النزاعات.
المراجع:
الكتب:
- عبد الكريم الطالب: ” الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية” -مطبعة المعرفة مراكش- طبعة أكتوبر 2012.
- محمد يحي ولد عبد الودود ولد الصيام: ” الوجيز في المسطرة المدنية والتجارية والإدارية” الطبعة الثانية (بدون ذكر تاريخ ومكان النشر)؛
- نور الدين الناصري: ” الموجز في المسطرة المدنية” الطبعة: الأولى 2019 ( دون ذكر جهة النشر)
المقالات:
- حمزة بلبل: “تجليات تنازع الاختصاص القضائي السلبي بين المحاكم العادية والمحاكم الإدارية” -منازعات المعاشات نموذجا- مجلة مغرب القانون؛ العدد: السابع؛ 2018؛
- عمرو محمد ناجي نجار: “دور القضاء المتخصص في تحقيق التنمية المستدامة” ؛ مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية؛ العدد: السادس 2017؛
- كريم الرود: ” الاختصاص النوعي والمحلي لدعوى المسؤولية التقصيرية في المنازعات المدنية والتجارية” مجلة القانون والأعمال الدولية؛ العدد: الخامس 2012؛
- موسى داوود: “الاختصاص الولائي والاختصاص القضائي لرؤساء المحاكم الابتدائية” على ضوء قانون المسطرة المدنية؛ مجلة مغرب القانون العدد السابع؛ 2018
القوانين:
- القانون رقم: 99-035 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية؛ مكمل ومعدل ب: الأمر القانوني رقم 035-2007 ؛ والقانون رقم: 2019-008؛وكذا القانون رقم: 2019-020؛ والقانون رقم: 2020-032؛
- من الأمر القانوني رقم 012-2007 المعدل والمتضمن التنظيم القضائي
- القانون رقم: 1961-112 الصادر بتاريخ 12 يونيو 1961 المتضمن مدونة الجنسية الموريتانية؛ المعدل والمكمل ب: القانون رقم: 1962/ 157 الصادر بتاريخ: 15 أغسطس 1962؛
القانون رقم 1971/ 057 الصادر بتاريخ: 25 فبراير 1971؛
القانون رقم 1973- 010 الصادر بتاريخ : 23 يناير 1971 ؛
القانون رقم 1973- 186 الصادر بتاريخ 30 يوليو 1973؛
القانون رقم 1976-207 الصادر بتاريخ 30 يوليو 1976؛
القانون رقم 2010-023 الصادر بتاريخ 11 فبراير 2010؛
القانون رقم 2021-016 الصادر بتاريخ 06 أغسطس 2021؛ الجريدة الرسمية عدد: 1492؛ بتاريخ 30 أغسطس 2021.
[1] كريم الرود: ” الاختصاص النوعي والمحلي لدعوى المسؤولية التقصيرية في المنازعات المدنية والتجارية” مجلة القانون والأعمال الدولية؛ العدد: الخامس 2012؛ ص: 208
[2] تبت الغرفة التجارية في محكمة الولاية في اختصاصات المحكمة التجارية إذا كانت الولاية لا توجد فيها محكمة تجارية؛ طبقا لما نص عليه المشرع الموريتاني في المادة 46 من قانون التنظيم القضائي
[3] المادة 20 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية
[4] المادة 26 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية
[5] المادة 27 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية ولإدارية
[6] المادة 25 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية
[7] نور الدين الناصري: ” الموجز في المسطرة المدنية” الطبعة: الأولى 2019 ( دون ذكر جهة النشر) ص: 106
[8] محمد يحي ولد عبد الودود ولد الصيام: ” الوجيز في المسطرة المدنية والتجارية والإدارية” الطبعة الثانية (بدون ذكر تاريخ ومكان النشر)؛ص: 78
[9] الفقرة الخامسة من المادة 30 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية
[10] الفقرة الأخيرة من المادة 30 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية
[11] المادة31 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية
[12] عبد الكريم الطالب: ” الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية” -مطبعة المعرفة مراكش- طبعة أكتوبر 2012 ؛ ص: 57
[13] نص المشرع الموريتاني في المادة 7 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية على أن: (( الموطن الأصلي للشخص الطبيعي هو المكان الذي يسكنه عادة أو المكان الذي يمارس فيه مهنته أو تجارته فيما يتعلق بذلك النشاط؛ الموطن المختار هو المكان المحدد عن طريق الاتفاق أو القانون لتنفيذ التزام أو القيام بإجراء قضائي))
[14] الفقرة الثانية من المادة 29 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية .
[15] الفقرة الثانية من المادة 30 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية
[16] الفقرتين 7-9 من المادة 30 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية
[17] محمد يحي ولد عبد الودود ولد الصيام؛ مرجع سابق؛ ص: 79
[18] للمزيد من الإيضاح يمكن مراجعة المادة 30 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية.
[19] كريم الرود؛ مرجع سابق؛ ص: 214
[20] عبد الكريم الطالب؛ مرجع سابق؛ ص: 67
[21] نور الدين الناصري؛ مرجع سابق؛ ص: 110
[22] المادة 49 من الأمر القانوني رقم 012-2007 المعدل والمتضمن التنظيم القضائي
[23] المادة 140 من المجلة الجنائية لحماية الطفل
[24] موسى داوود: “الاختصاص الولائي والاختصاص القضائي لرؤساء المحاكم الابتدائية” على ضوء قانون المسطرة المدنية؛ مجلة مغرب القانون العدد: السابع؛ 2018؛ ص: 76
[25] الفقرة الثالثة من المادة 48 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية
[26] يشترط في توافر سابقية النشر توفر الشرطان التالييان؛ يتعلق الأول منهما بكون المحكمتين من نفس الدرجة؛ أما الشرط الثاني فيتعلق كون كلتا المحكمتين مختصة بالفعل؛ أما إذا لم تكن إحدى المحكمتين مختصة في الدعوى فلا يمكن تصور سابقية النشر كما هو محدد في القانون.
[27] المادة 51 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية.
[28] الفقرة الأخيرة من المادة 51 من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية.
[29] حمزة بلبل: ” تجليات تنازع الاختصاص القضائي السلبي بين المحاكم العادية والمحاكم الإدارية -منازعات المعاشات نموذجا- مجلة مغرب القانون؛ العدد: السابع؛ 2018؛ ص: 93
[30] عمرو محمد ناجي نجار : دور القضاء المتخصص في تحقيق التنمية المستدامة؛ مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية؛ العدد: السادس 2017؛ ص: 340
