اجتهاد قضائي:النفقة(نعم)-النفقة واجبة على الأبناء تجاه الوالدين قانونا وشرعا
محكمة الاستئناف بالحسيمة
الغرفة الشرعية
ملف رقم 797/07/11 بتاريخ 13/11/2012
القاعدة:
- النفقة (نعم)
“النفقة واجبة على الأبناء تجاه الوالدين قانونا وشرعا.”
باسم جلالة الملك
بناء على مقال الاستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق المدرجة.
وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي لم تقع تلاوته بإعفاء من الرئيس وعدم معارضة الطرفين.
وبناء على الأمر الصادر في القضية
والمبلغ قانونا إلى الطرفين
وتطبيقا لمقتضيات الفصل 134 وما يليه والفصل 328 وما يليه والفصل 429 من ق.م.م
وبعد الإطلاع على مستنتجات النيابة العامة الكتابية الرامية إلى التماس تطبيق القانون.
بناء على المقال الاستئنافي المودع والمؤدى عنه الرسوم القضائية بكتابة ضبط المحكمة الابتدائية بالحسيمة بتاريخ 31/10/2011 استأنف الحكم الصادر عن المحكمة المذكورة بتاريخ 22/09/2011 في ملف قضاء الأسرة عدد: 172/11 حكم عدد: 590 القاضي بإلزام المدعى عليهم بأداء واجبات النفقة والسكن والمساعدة المنزلية للمدعية بمبلغ 750 درهم شهريا بالنسبة وبمبلغ 550 درهم شهريا بالنسبة ابتداء من تاريخ الطلب المصادف لـ 29/03/2011 إلى حين سقوط الفرض شرعا مع شمول الحكم بالتنفيذ المعجل وتحميلهم الصائر.
يستفاد من أوراق الملف ومن الحكم المستأنف أنه بتاريخ 29/03/2011 تقدمت المدعية بمقال افتتاحي أمام المحكمة الابتدائية بالحسيمة عارضة فيه أن المدعى عليهم أبناؤها وأنهم لا ينفقون عليها رغم وضعيتها المزرية وظروفها الصحية الحرجة ملتمسة الحكم عليهم بأدائهم لها نفقتها وأن يوفرا لها سكنا قارا ومساعدة بالمنزل وذلك بحسب استطاعتهم من تاريخ الطلب إلى حين سقوط الفرض شرعا.
وبناء على جواب المدعى عليه الذي أكد من خلاله أن مطالب المدعية مشروعة وأنه لا يمانع في الاستجابة لطلبها.
وبناء على جواب باقي المدعى عليهم الذين أكدوا فيه أن الدعوى كيدية حركها شقيقهم وأن حالتهم المادية ضعيفة وأن المدعية تعيش متنقلة بين منازل أبناءها ملتمسين رفض الطلب.
وبعد عرض الملف على عدة جلسات من بينها جلسة البحث المؤرخة في 23/6/2011 وبعد تمام الإجراءات والإطلاع على مستنتجات النيابة العامة أصدرت المحكمة الابتدائية الحكم المطعون فيه بالاستئناف.
استأنفه فقط المدعى عليهما على أساس أن الدعوى كيدية رفعتها والدتهم بايعاز من شقيقهم وأن حالتهما المادية ضعيفة وأن الحكم الابتدائي خالف مقتضيات المادتين 188 و189 من مدونة الأسرة لما قضى بنفقة الأم رغم إعسارهما ملتمسين أساسا إلغاء الحكم المستأنف وبعد التصدي الحكم برفض الطلب واحتياطيا: النزول بمبلغ النفقة إلى 200 درهم شهريا.
وبناء على المذكرة الجوابية مع الاستئناف الفرعي التي أكدت من خلالها المستأنف عليها ما جاء بطلبها الأصلي، وأنها امرأة طاعنة في السن، يفوق عمرها التسعين عاما، وتقطن في منزل تستأجره بمبلغ 1300 درهم شهريا، وأنها تتكبد مبالغ مالية مهمة لتغطية حاجياتها المعيشية والصحية، وأن ابنها له عمل ودخل قار يفوق 7000 درهم من عمله في شركة توزيع الماء الشروب، وأن ابنها يشتغل التجارة ويملك سكنا خاصا به، وأنها أفنت شبابها في تربية وتنشئة أبناءها، وأنهم قابلوا تضحياتها بالجحود لما كبرت وبعد أن صارت مسنة فقيرة تركوها عرضة للضياع بدون سكن ونفقة، ملتمسة: التصريح برفض الاستئناف الأصلي، وبخصوص استئنافها الفرعي، القول بتأييد الحكم المستأنف مبدئيا مع تعديله بالرفع من المبالغ المحكوم بها إلى الحد المعقول والمناسب وتحميل المستأنف عليهما الصائر لدى الدرجتين، وأرفقت مقالها بعدة وصولات تفيد كراء المستأنفة فرعيا لمسكن مقابل مبلغ 1300 درهم في الشهر.
وبناء على المذكرة التعقيبية مع جواب عن الاستئناف الفرعي التي أدلى بها المستأنفان بواسطة نائبهما أكد من خلالها أنه مجاز معطل منذ 1994 وأنه رب أسرة تتكون من زوجة وثلاثة أبناء متمدرسين، وأضاف بأن معاشه لا يكفيه للإنفاق على أسرته ودراسة أبناءه وأن المادة 188 من مدونة الأسرة تنص على أنه لا تجب على الإنسان نفقة غيره إلا بعد أن يكون له مقدار نفقة نفسه، وأن أمهم تملك عدة عقارات تعينها على تغطية أعباء المعيشة، ملتمسين الحكم وفق مقالها الاستئنافي بعد إجراء بحث شخصي بين الطرفين لاستجلاء الحقيقة وبرفض الاستئناف الفرعي، أرفق مقالهما بشهادة عن لجنة المعطلين ذوي الحالات الاستعجالية- شهادة الضعف من أجل المستشفى- 6 شواهد مدرسية.
وبعد تبادل المذكرات وإدراج الملف بعدة جلسات آخرها كان في 16/10/2012 وألفي خلالها بالملف مستنتجات النيابة العامة الرامية إلى تطبيق القانون، فتقرر حجز الملف للمداولة للنطق بالحكم يوم 13/11/2012.
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل : حيث أن الاستئنافان الأصلي والفرعي قد وردا طبقا لمقتضياتهما القانونية فهما مقبولان شكلا.
في الموضوع:
حيث أسس الاستئنافان الأصلي والفرعي على الأسباب الواردة أعلاه.
وحيث أن المستأنفان الأصليان ولئن كانا قد بنيا استئنافهما على علة أن الدعوى كيدية رفعتها والدتهما بإيعاز من شقيقهما وأن حالتهما المادية ضعيفة وأن الحكم الابتدائي خالف مقتضيات المادتين 188 و189 من مدونة الأسرة لما قضى بنفقة الأم رغم إعسارهما، ثم أكد بعد ذلك انه مجاز معطل منذ 1994 وأنه رب أسرة تتكون من زوجة وثلاثة أبناء متمدرسين، وأضاف بأن معاشه لا يكفيه للإنفاق على أسرته ودراسة أبناءه، وأن المادة 188 من مدونة الأسرة تنص على أنه لا تجب على الإنسان نفقة غيره إلا بعد أن يكون له مقدار نفقة نفسه، وأن أمهم تملك عدة عقارات تعينها على تغطية أعباء المعيشة
إلا أنه وبالرجوع إلى معطيات النازلة نجد أن المستأنف عليها أصليا تكتري منزلا بمبلغ 1300 درهم وقد أدلت بوصولات كراء تثبت ذلك، كما أنه لا توجد أية وثيقة تؤكد أنها مالكة لعقارات عكس ما زعمه المستأنفان كما أن جميع الوثائق التي أدلى بها المستأنفان ولو سلمنا فرضا بما جاء فيها، فإنها لا تثبت عسرهما وعدم قدرتهما على الإنفاق على أمهما المسنة والتي لم يثبت للمحكمة يسرها كما يدعيان، والتي تبقى نفقتها واجبة على أبناءها قانونا وشرعا مصداقا لقوله عز وجل “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا…” وما دام أن مبلغ النفقة المحكوم بها ابتدائيا في مجملها قد جاءت مناسبة لأوضاع أطراف الدعوى ومراعية لظروف المستأنفين المادية والاجتماعية ومنسجمة مع مقتضيات المادة 189 من المدونة، كما أنها قد قدرت في حدودها الدنيا بالنسبة للمستأنف الأول فإن أسباب الاستئناف الأصلي مردودة لعدم جديتها.
وحيث بذلك يجب القول من ناحية أخرى بأن أسباب الاستئناف الفرعي هي أيضا مردودة لنفس العلة، طالما أن مبالغ النفقة المحكوم بها قد جاءت مناسبة ومقدرة بشكل معتدل ومنصف لجميع أطراف الدعوى كما سبق بيانه، مما يتعين معه التصريح بكون جميع ما قضى به الحكم المستأنف قد صادف الصواب ويتعين تأييده وتبني جميع حيثياته وعلله مع تحميل كل مستأنف صائر استئنافه وفي إطار المساعدة القضائية بالنسبة للمستأنفة فرعيا.
لهذه الأسباب:
إن محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا وانتهائيا:
في الشكل : بقبول الاستئنافين الأصلي والفرعي.
في الموضوع: بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به وتحميل كل مستأنف الصائر استئنافه وفي إطار المساعدة القضائية بالنسبة للمستأنفة فرعيا.
وبهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة أعلاه بالقاعة العادية للجلسات محكمة الاستئناف بالحسيمة.