مجلة مغرب القانونالقانون الخاصأي دور للإعلام في عدالة المحاكمة الجنائية ؟

أي دور للإعلام في عدالة المحاكمة الجنائية ؟

يونس العياشي دكتور في القانون

    في ظل الصراع الأبدي بين السلط الثلاث، تبرز سلطة رابعة لا تقل أهمية اصطلح عليها بصاحبة الجلالة أو السلطة الرابعة : الصحافة أو الإعلام .

    ولقد سمع الناس لأول مرة بهذه السلطة في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتمكنوا من مشاهدتها وهي تمارس دورها في الرقابة على رؤساء  ووزراء وقضاة كبار، فالإعلام بهذه الدول يتدخل في كل شيء ، حتى إن صحافيا عاديا يدعى ” بوب وورل ” يعمل في “واشنطن بوست ” تسبب في فضيحة للرئيس الأمريكي نيكسون والمعروفة بفضيحة “ووتركيت” والتي عجلت بإسقاطه من رئاسة أكبر دولة عظمى في العالم ، فيما تمكن صحفي آخر من تقديم زعيم حزب سياسي للمحاكمة ، وآخر كان وراء انتحار وزير فرنسي .

    وعندما نقف عند هذه الأحداث، نجد أن الإعلام يمارس فعلا سلطته ، وله دور كبير في الدولة  يراقب  السلط المكونة لها ، وهو يستمد قوته مباشرة من الرأي العام.

   وسنخصص هذه الدراسة   المتعلقة بمدى تأثير الإعلام بمختلف مشاربه (– المكتوب – المسموع – المرئي “الصحافة الإلكترونية[1]“) على عدالة المحاكمة الجنائية من خلال مبحثين أساسيين نتناول في أولهما دور الإعلام – السلطة الرابعة – في احترام المبادئ الدستورية  من قبيل الحق في المعلومة واحترام قرينة البراءة ، فيما سنخصص المبحث الثاني للوقوف على مدى تأثير الإعلام إيجابا أو سلبا على عدالة المحاكمة الجنائية.

  المبحث الأول  :  دور الإعلام – السلطة الرابعة – في احترام المبادئ الدستورية.

  سنتناول هذا المبحث من خلال مبدأين دستوريين وعالميين من المفروض أن  يحظيا بنوع من الاحترام من قبل السلطة الرابعة في الدولة – الإعلام – باعتبارها سلطة مفترضة[2] ليس إلا  وهما: الحق في الحصول على المعلومة عموما والمعلومة القضائية على وجه الخصوص – مطلب أول – ثم قرينة البراءة  وما يترتب عليها من احترام سرية الأبحاث وعدم المس بالحياة الخاصة للأفراد  ،– مطلب ثاني –

المطلب الأول :الحق في الحصول على المعلومة القضائية بين الإطلاق والتقييد.

   لما كان الحق في الحصول على المعلومة  حقا دستوريا، ومن الحقوق الأساسية للإنسان التي كرستها الاتفاقيات الدولية [3]، فإن مفهوم المعلومة Information  يعتبر مفهوما محوريا لمجموع العلوم المعرفية [4]، وجاء عاما غير مقيد باستثناء مراعاة بعض القيود والضوابط ، وهو ما كرسته القوانين الوطنية[5].

     فما المقصود بالمعلومات ؟ وماهي المؤسسات والهيئات المعنية بهذا الحق ؟ ومن له الحق في طلب المعلومات ؟ وماهي الاستثناءات الواردة على الحق في الحصول على المعلومات؟، وهل المعلومة  الأمنية والقضائية معنية بهذا الاستثناء ؟ وما هو جزاء خرق هذا الاستثناء من الأصل الذي هو الحق في الحصول على المعلومات ؟

   عرف المشرع المغربي المقصود بالمعلومات من خلال المادة 2 من القانون 13-31 بالقول :” المعلومات هي المعطيات والإحصائيات المعبر عنها في شكل أرقام أو أحرف أو رسوم أو صور أو تسجيل سمعي بصري أو أي شكل أخر ، والمضمنة في وثائق ومستندات وتقارير ودراسات وقرارات ودوريات ومناشير ومذكرات وقواعد البيانات وغيرها من الوثائق ذات الطابع العام ، التي تنتجها أو تتوصل بها المؤسسات أو الهيئات المعنية في إطار مهام المرفق العام ، كيفما كانت الدعامة الموجودة فيها ، ورقية أو إلكترونية أو غيرها .”

     وقد حددت الفقرة الثانية من نفس المادة- وعلى سبيل الحصر – الهيئات المعنية بهذا الحق، والتي من بينها البرلمان بمجلسيه والمحاكم والإدارات العمومية، أو بعبارة أخرى فالسلط الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية معنية بأحكام هذا القانون.

     ويبقى لكل مواطن أو مواطنة – وبالمجان – الحق في الحصول على المعلومات المشار إليها في المادة 2 أعلاه ، مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها في هذا القانون ، بل أن لكل أجنبي  – وبنفس القيود  -الحق في الحصول على المعلومات بشرط أن يكون مقيما بالمغرب بصفة قانونية، وذلك تطبيقا لأحكام الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ذات الصلة بالموضوع .

    وبمقتضى المادة 6 من القانون 13-31  يمكن استعمال وإعادة استعمال المعلومات التي تم نشرها أو وضعها رهن إشارة العموم أو تم تسليمها لطالبيها من لدن المؤسسات أو الهيئات المعنية ، شريطة أن يتم ذلك لأغراض مشروعة وألا يتم تحريف مضمونها، مع ضرورة الإشارة إلى مصدرها وتاريخ إصدارها، وألا يؤدي ذلك إل الإساءة أو الإضرار بالمصلحة العامة أو المساس بأي حق من حقوق الغير.

    تعتبر المادة 7 من القانون 13-31 حجز الزاوية في هذا الموضوع لكونها تتضمن القيود والاستثناءات الواردة على الحق في الحصول على المعلومات ، وهل المعلومة الأمنية والقضائية معنية بهذا الاستثناء ؟

  بقراءة متأنية للمادة 7 فإن حماية المصالح العليا للوطن وطبقا لأحكام الفقرة 2 من الفصل 27 ، ومع مراعاة الآجال المحددة في المادتين 16 و17 من القانون 99-66 المتعلق بالأرشيف تستثنى من الحق في الحصول على المعلومات، كل المعلومات المتعلقة بالدفاع الوطني وبأمن الدولة الداخلي والخارجي، وتلك المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد أو التي تكتسي طابع معطيات شخصية، والمعلومات التي من شأن الكشف عنها المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور، وحماية مصادر المعلومات. تطبق أحكام  الفقرة السابقة على المعلومات التي يؤدي الكشف عنها إلى إلحاق ضرر بما يلي :

  • العلاقات مع دولة أخرى أو منظمة دولية حكومية ؛
  • السياسة النقدية أو الاقتصادية أو المالية للدولة ؛
  • حقوق الملكية الصناعية أو حقوق المؤلف أو الحقوق المجاورة ؛
  • حقوق ومصالح الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين ، فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها المشمولة بالقانون 10- 37 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 01- 22 المتعلق بالمسطرة الجنائية .

تستثنى أيضا من الحق في الحصول على المعلومات تلك المشمولة بطابع السرية بمقتضى النصوص التشريعية الخاصة الجاري بها العمل وتلك التي من شأن الكشف عنها الإخلال بما يلي :

  • سرية مداولات المجلس الوزاري ومجلس الحكومة ؛
  • سرية الأبحاث والتحريات الإدارية ، مالم تأذن بذلك السلطات الإدارية المختصة ؛
  • سير المساطر القضائية والمساطر التمهيدية المتعلقة بها، مالم تأذن بذلك السلطات القضائية المختصة ؛
  • مبادئ المنافسة الحرة والمشروعة والنزيهة وكذا المبادرة الخاصة .

   ولئن كان المشرع المغربي لم يضع مقتضيات خاصة تحكم مجال الحصول على المعلومة القضائية سواء من قبل المتقاضين أو الرأي العام ، فإنه تعرض لها تارة بشكل صريح وتارة أخرى بشكل ضمني من خلال نصوص متفرقة في مختلف فروع القانون كالقانون المدني والجنائي والتجاري والاداري وقانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية … ،بحيث وضع قيود وضوابط للحصول على المعلومة القضائية تمشيا مع المعايير الدولية التي تفرض قيودا على الحصول على المعلومة القضائية مراعاة للحياة الخاصة للأفراد واحتراما لمبدأ سرية الأبحاث.

الفقرة الأولى :  الحق في المعلومة  حق دستوري.

  لئن كان المشرع الدستوري قد سمح من خلال المادة 27 من دستور 2011 للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.

 ولئن كان تقييد الحق في المعلومة لا يمكن تصوره إلا  بمقتضى القانون و بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي ، والحياة الخاصة للأفراد ، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور ، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة .

   فإن القوانين العادية جاءت بدورها منسجمة مع هذا المبدأ الدستوري المتعلق بالحق في الحصول المعلومة القضائية – من حيث الإطلاق والتقييد-، وهذا الحق مكرس في العديد من القوانين الإجرائية أو الموضوعية كقانون المسطرة الجنائية وقانون المسطرة المدنية أو القوانين المحدثة للمحاكم الإدارية أو مدونة المحاكم المالية أو غيرها من النصوص القانونية الأخرى ، ونستدل على ذلك بما يلي :

  • حق الإطلاع على ملف القضية أثناء التحقيق من طرف محامي المتهم ومحامي الطرف المدني (المادة 139 من ق م ج )؛
  • ضرورة إخبار المشتكي أو دفاعه من طرف النيابة العامة بقرار الحفظ داخل أجل 15 يوم من تاريخ اتخاذ القرار ( المادتين 40 و41 من ق م ج )؛
  • تبليغ المعني بالرقابة بجواز اطلاعه لدى كتابة الضبط بالمجلس الأعلى- محكمة النقض – على الملف الذي يهمه وكذا الحصول على نسخة من وثائق الملف داخل أجل 15 يوم يبتدئ من تاريخ تسلم هذا التبليغ ( المادتين 61 و 128 ).

الفقرة الثانية : ضوابط وقيود  الحصول على المعلومة القضائية.

    الحق في الحصول على المعلومة القضائية يمكن تناوله من خلال بعدين اثنين ، أولهما سماح السلطة القضائية بجميع مكوناتها بالاطلاع على المعلومة القضائية ، وثانيها قبول السلطة القضائية بتلقي طلبات الحصول على المعلومة القضائية ،والبت فيها وفق الضوابط المسموح بها قانونا.

    وفي هذا الإطار تشير المعايير الدولية ذات الصلة بالموضوع بوجود أسباب مشروعة تجيز فرض القيود على الحق في الحصول على المعلومة القضائية ، يرجع البعض منها إلى التطبيق الحرفي للنص القانوني[6] أو مراعاة الحياة الخاصة للأفراد ، والبعض الآخر إلى احترام مبدأ السرية وضمان قيام أجهزة نفاذ القانون في المجال القضائي للقيام بمهامها في أحسن الظروف.

    وتشكل إلزامية كتمان السر المهني حائلا جوهريا دون تسريب المعلومة القضائية خارج الإطار القانوني لاسيما بالنسبة لأجهزة البحث والتحقيق طبقا لأحكام المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية[7]، علما أن صفة الموظف العمومي بدورها تمنع من ذلك طبقا للفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية[8].

   وفي نفس الإطار فكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار- كالخبراء والأطباء – بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى سرا أودع لديه يعتبر مرتكبا لجريمة إفشاء السر المهني ويعرض نفسه للجزاء المقرر قانونا، وذلك طبقا للمادة 303  و 446 من قانون المسطرة الجنائية.

   وفي إطار حماية الحياة الخاص للأفراد ألزم القانون رفض الاطلاع على بعض المعلومات القضائية إما بصفة دائمة أو مؤقتة تماشيا مع بعض المبادئ القانونية الأساسية كقرينة البراءة المكرسة دستوريا وعالميا من خلال المواثيق الدولية لاسيما المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

    ومن تم تعتبر المعلومة القضائية استثناء من الأصل، ومشمولة بالمنع، وذلك نظرا للضرر الذي قد تسبب للغير على مستوى التشهير به وتبني أحكام مسبقة تمس  بقرينة البراءة باعتبارها الأصل.

    ولئن كان المشرع المغربي قد قرر بمقتضى المادة 27 المتابعة تأديبيا من يمتنع عن تقديم المعلومات المطلوبة إلا إذا ثبت حسن نيته ، فإنه على النقيض من ذلك، فقد اعتبر كل من خالف مقتضيات المادة 7 التي تتضمن” المنع ” مرتكبا جنحة إفشاء السر المهني طبقا للمادة 446 من القانون الجنائي[9] ، كما أن كل تحريف لمضمون المعلومات المحصل عليها إذا نتج عنه ضرر للمؤسسة أو الهيئة المعنية، أو أدى استعمالها أو إعادة استعمالها إلى الإساءة أو الإضرار بالمصلحة العامة أو المساس بأي حق من حقوق الأغيار يعرض الحاصل على المعلومة أو مستعملها حسب الحالة للعقوبات المقررة في الفصل 360 من القانون الجنائي[10] .

المطلب الثاني : في احترام قرينة البراءة .

     تعتبر قرينة البراءة La Présomption d’innocence[11]    أهم ضمانة من ضمانات في المحاكمة الجنائية العادلة، وهي القرينة مصاحبة للمشتبه فيه والمتهم في سائر أطوار  الخصومة الجنائية ، وخلال جميع مراحل التقاضي إلى أن يصدر حكم نهائي حائز لقوة الشي المقضي به قابل للتنفيذ على الجاني تحقيقا للردع الخاص والعام.

      ونظرا لأهمية هذه القرينة، فقد اختار  المشرعان المغربي والفرنسـي أن تتصـدر قانونــه الإجرائي، بل من الأنظمة القانونية من ارتقت  بها إلى مستوى قاعدة دستورية كما هو الحال بالنسبة للدستور المغربي.

     ويقصد بقرينة البراءة أن المشتبه فيه أو المتهم يظل في نظر المجتمع الذي يعيش فيه بريئا إلى أن تثبت إدانته بحكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به، وهي بهذا المعنى مبدأ سيادي يهيمن على كافة مراحل الإجراءات الجنائية، أي مند إيقاف المشتبه فيه والاستماع إليه من قبل الضابطة القضائية مرورا بالاستماع إليه من قبل  سلطة الاتهام والمتابعة، وانتهاء بإحالته على قضاء الموضوع وصدور حكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به من قبل محكمة مستقلة ومحايدة يعتبر عنوانا للإدانة[12].

      ومؤدى هذا أن النظم الإجرائية مهما تنوعت ، فإنها أصبحت تعتمد على عدة مبادئ تمثل ركيزة وعماد المحاكمة الجنائية العادلة ومنها مبدأ افتراض البراءة في المتهم، وشفوية المرافعة وكفالة حق المتهم  في الدفاع ، وعدم إجبار المتهم على الكلام أو ما يعرف بحق التزام الصمت.

    ولئن كان القانون الفرنسي القديم  همه هو الوصول للحقيقة  بأي ثمن كان ولو تأتى ذلك على حساب حرية المتهم وحقوقه مما كان يسمح له باتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها أن تساهم في إثبات الذنب ونسبته للمتهم ،-بمعنى أن إدانة المتهم هي مفترضة – ، بحيث كان يسمح باستعمال التعذيب للحصول على اعترافات، فإن  هذا النظام التعسفي لم يكن ليحيى كثيرا لا سيما مع ظهور فلاسفة  الأنوار في القرن 18 من أمثال فولتير و مونتيسكيو و روسو  الذي طالبوا باحترام الحرية الشخصية والتي توجت بالثورة الفرنسية لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789، والتي دعمت الكثير من حقوق الإنسان وأهمها حق الإنسان في افتراض البراءة  المقرر في المادة 9 ” كل إنسان تفترض براءته إلى أن تثبت إدانته « Toute Homme étant présumé innocent jusqu’à ce qu’il ait été déclaré coupable » .

    وقد تم تأكيد المبدأ دستوريا من خلال دستور الجمهورية الخامسة لسنة 1958 والذي تضمن في ديباجته النص على ما جاء في إعلان حقوق الإنسان والمواطن، الأمر الذي يؤكد استقرار مبدأ الأصل في الإنسان البراءة في القانون الفرنسي  واعتباره دعامة أساسية في النظام الإجرائي التنقيبي.

   أما الفقه  الجنائي المغربي ففضلا عن تأثره بنظيره الفرنسي بحكم الروابط التاريخية، فإنه قد تأثر  كذلك بالفقه الإسلامي الذي يعتبر أن البراءة شرعا لا تزول بالشك[13] وأنه لا عقاب عند الظن مصداقا لقوله تعالى :” وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا “[14]  ، وكذا قوله تعالى :” وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون  “[15]صدق الله العظيم . ومصداقا لقول الرسول الكريم ” ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فاخلوا سبيله ، فأن يخطأ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة “[16].

      ولقد أسس الفقه الإسلامي أصل البراءة على قاعدة استصحاب الحال[17]، أي بقاء كل شيء على ما كان حتى يوجد ما يغيره أو يثبت خلافه ، وفي ذلك يقول العلامة الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله :”الاستصحاب يؤخذ به في قانون العقوبات ، وهو أصـل فيه، لأن الأمور على الإباحة مالم يقم نص يثبت التجريم والعقوبة ، وأن قضية المتهم بريء  حتى  يقوم دليل على تبوث التهمة هي مبنية على أساس الاستصحاب، وهو استصحاب البراءة الأصلية ، واعتمادا على هذا التأسيس استنبط الفقه الإسلامي قاعدة ما يثبت باليقين لا يزول إلا بيقين مثله ، ولا يزول بالشك.

    والحقيقة أن النبع الحقيقي لمبدأ افتراض البراءة هو القانون الطبيعي[18]، هذا القانون الذي جبلت عليه فطرة الإنسان قبل نزول الرسالات والشرائع  السماوية ، وقبل   ظهور القوانين الوضعية، هذه الفطرة التي تجعل من الأصل في  الأشياء الإباحة ، وأن الأصل في الإنسان براءة الذمة، والأصل في الإنسان البراءة ،وأن على من يدعي العكس أن يثبته ، بمعنى أن من يدعي عكس البراة أن يثبت ذلك.

   ومعنى هذا أن التلبس لا يعدو أن يكون سوى قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس كوجود سبب من أسباب التبرير التي تمحو الجريمة  من أصلها ،كما لو كان الفاعل مضطرا لارتكاب الفعل الجرمي أو كان في حالة دفاع شرعي أو أن الفعل قد أو جبه القانون أو أمرت به السلطة الشرعية في الدولة تماما كما هو مقرر في الفصل 124 و125 من القانون الجنائي المغربي.

مقال قد يهمك :   حاتم إيوزي: قياس الأثر التوقعي للتشريع بالمغرب

    وما قيل عن حالة التلبس يصدق عن الاعتراف الصادر عن المتهم سواء أمام الضابطة القضائية أو أمام سلطة الاتهام بل وأمام هيئة الحكم  نفسها ، فسلطة الاتهام تظل مكلفة بعبء الإثبات، ومن كون هذا الاعتراف صدر مستجمعا لعناصر مشروعيته كدليل للإدانة على ارتكاب الفعل الجرمي أو المساهمة فيه، علما أن الاعتراف ومع سيادة مذهب الإثبات الحر في  المادة الجنائية أصبح بدوره يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها مطلق الحرية في تقدير صحته وقيمته القانونية.

    واحتراما لقرينة البراءة سواء في المغرب أو فرنسا فإنه يمنع  تصوير شخص أو إجراء تسجيل بالصوت والصورة وهو يحمل أغلالا، وهو ما نصت عليه المادة 803 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي، والتي تقابلها المادة 303 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، وهذه صورة من صور تأثير الإعلام في ضمانات المحاكمة الجنائية العادلة لا سيما على مستوى خرق مبدأ سرية الأبحاث والتأثير على سلطة القضاء بدعوى تحقيق سبق صحفي.

الفقرة الأولى :  قرينة البراة واحترام سرية البحث القضائي.

   لقرينة البراءة علاقة مباشرة باحترام سرية الأبحاث القضائية وبحماية الحياة الخاصة للأفراد ، وهو ما فطن له المشرع المغربي من خلال المدة 15 من قانون المسطرة الجنائية التي تشكل الإطار العام ، وكذا الفقرة الأخيرة من المادة 7 والمادة 75 وما يليها من القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر[19] ، والذي ينص صراحة على احترام قرينة البراءة وكافة ضمانات المحاكمة العادلة في قضايا الصحافة والنشر وفقا لأحكام الدستور والقوانين الجاري بها العمل ، وعدم انتهاك سرية الأبحاث واحترام الحياة الخاصة للأفراد.كما يعاقب القانون بمقتضى الفقرة الأولى المادة 72 من قانون الصحافة والنشر بغرامة من 20.000 إلى 200.000 درهم كل من قام بسوء نية بنشر أو  إذاعة أو نقل خبر زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلفة أو مدلس فيها منسوبة للغير .

الفقرة الثانية : قرينة البراءة وحماية  الشرف والحياة الخاصة للأفراد.

   من الآثار المباشرة لعدم احترام قرينة البراءة المس بالشرف وبالحياة الخاصة للأفراد ، وذلك بتسويق أخبار زائفة  وأحكام مسبقة لها من الأثر النفسي ما لا يمكن التخلص منه بسهولة  ولو برد الاعتبار.

   ويعد تدخلا  في الحياة الخاصة كل تعرض لشخص يمكن التعرف عليه، وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية لأشخاص أو تتعلق بحياتهم الخاصة ما لم تكن لها علاقة وثيقة بالحياة العامة أو تأثير على تدبير الشأن العام[20].

   وقد توسع المشرع المغربي في هذه الحماية لتشمل الأموات كذلك متى كان التدخل فيه إساءة لشرف واعتبار الورثة الأحياء ، والذين لهم الحق في سلوك مسطرة الرد والتصحيح.

   ويعاقب القانون بعقوبات مالية – غرامة –  جد مهمة  على هذا التدخل متى تم نشره دون موافقة الشخص المعني بالأمر أو دون رضاه المسبق ، ويعتبر ذلك تشهيرا، يعاقب بالعقوبة المقررة

  في الفصل 85 من قانون الصحافة والنشر المتعلق بالقدف[21] مع إمكانية المطالبة بالتعويض عن ذلك طبقا لأحكام المادة 87 من نفس القانون[22].

    ويسند النظر في المخالفات لمقتضيات قانون الصحافة والنشر إلى المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها المقر الرئيسي للمطبوعات الوطنية أو الصحف الإلكترونية أو محل الطبع عند إثارة مسؤولية الطابع أو سكنى أصحاب المقاولات أو مقر المكتب الرئيسي في المغرب بالنسبة للجرائم الأجنبية المطبوعة بالمغرب.

   وتختص المحكمة الابتدائية بالرباط فيما يتعلق بالمخالفات لمقتضيات هذا القانون بالنسبة للمطبوعات الدورية المستوردة من الخارج أو التي تعذر معرفة مكانها الطبيعي.

  وقد عدد المشرع المغربي بمقتضى المادة 95  من قانون الصحافة والنشر الأشخاص المعنيين بخرق قانون الصحافة ، أما تحريك الدعوى العمومية فتتم باستدعاء تبلغه النيابة العامة أو الطرف المدني قبل تاريخ الجلسة ب15 يوما على الأقل يتضمن هوية المتابع وتحديد التهمة الموجهة إليه ويشار إلى النص القانوني الواجب تطبيقه على المتابعة تحت طائلة بطلان الاستدعاء .

   وإذا قدم الاستدعاء بناء على طلب من المشتكي وجب أن يتضمن الاستدعاء بيان مقر سكنى المشتكي في المكان الذي يوجد به مقر المحكمة المعنية أو بيان محل المخابرة معه ، ويبلغ هذا العنوان للنيابة العامة والمشتكى به.

    تبت النيابة العامة في جميع الأحوال داخل أجل أقصاه 90 يوما من تاريخ التبليغ القانوني للاستدعاء . ويكون حكمها قابل للاستئناف وفق الشروط والشكليات المقررة في قانون المسطرة الجنائية ، وتبت محكمة الاستئناف بدورها داخل أجل أقصاه 60 يوما من تاريخ تقديم الاستئناف.

   وفي إطار احترام قرينة البراءة التي هي الأصل لا يمكن بموجب قانون الصحافة إيقاف المشتبه فيه أو اعتقاله احتياطيا ، وهذا المقتضى هو الذي يشكل قوة العمل الصحفي.

     ويشترط القانون لتحريك المتابعة في حالة القدف والسب أو المس بالحياة الخاصة للأشخاص أو المس بالحق في الصورة تقديم شكاية في الموضوع من المتضرر كأصل عام مع مراعاة الاستثناء المقررة في المادة 99 من قانون الصحافة والنشر ، علما أن الدعوى العمومية وفق قانون الصحافة والنشر تتقادم بمرور 6 أشهر كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الفعل موضوع المتابعة ، خلافا للقواعد  العامة المقررة للتقادم في قانون المسطرة الجنائية.

    ويجوز في حالة الإدانة توقيف المطبوع الدوري أو حجب الصحيفة الإلكترونية حسب الأحوال والحالات المقررة في المادة 104 ، علما أن نشر الحكم القضائي النهائي بالإدانة بالنسبة لكل المخالفات يكون بطلب  من كل مشتكي متضرر  وبمقرر قضائي في المطبوع الدوري المعني أو الصحيفة الإلكترونية أو الدعامة الإلكترونية المعنية، وذلك داخل أجل أقصاه أسبوع بالنسبة للمطبوع الدوري اليومي وفي العدد الموالي لتاريخ صدور الحكم بالنسبة لكل المطبوعات الدورية الأخرى أو عند تحيين الموقع الإخباري للصحيفة الإلكترونية.

   ولئن كان الإعلام سلطة  رابعة – مفترضة -في الدولة ، فإن دورها في تنوير الرأي العام يجعل منها قوة ضاغطة ، ومؤثرة في عدالة المحاكمة الجنائية، وذلك من خلال تغطية الشأن القضائي ونقل وتقريب المعلومة القضائية من الجمهور.

    لكن وكما أشرنا إلى ذلك سابقا ، فإن المعلومة القضائية ، وإن كانت تدخل في نطاق المعلومة عموما المحمية دستوريا على مستوى الوصول والحصول عليها، فإن طبيعة المعلومة القضائية واحتراما لبعض المبادئ الدستورية الأخرى كقرينة البراءة وعدم المس بالحياة الخاصة للأفراد ، يجعل من  الحق في الحصول على المعلومة القضائية حقا مقيدا وليس مطلقا، وهو الأمر الذي لا يعيه جيدا الكثير من ممارسي العمل الصحفي لا سيما  في حقل الصحافة الإلكترونية التي تتميز عن غيرها من باقي أنواع الصحافة الأخرى بسرعة نقل الخبر والمعلومة القضائية بداعي السبق الصحافي في تجاهل تام لأغلب المبادئ التي تقوم عليها المحاكمة الجنائية العادلة وفي مقدمتها قرينة البراءة باعتبارها الأصل.

المبحث الثاني : أي تأثير للإعلام في عدالة المحاكمة الجنائية؟ “الصحافة الإلكترونية أنموذجا”

   لا يختلف اثنان حول دور الإعلام والصحافة – بمختلف مشاربها – في الرقابة على نشاط السلطة القضائية.

   إلا أن هذه الرقابة من قبل هذه السلطة الافتراضية قد يكون لها انعكاس سلبي على مردودية السادة القضاة، سيما وأن الرأي العام قد يصدر أحكاما مسبقة من شأنها أن تشوش على العدالة عموما والعدالة الجنائية على وجه الخصوص إلى حد تصبح فيه العدالة تحت رحمة الرأي العام خاصة في القضايا الحساسة .

   إن إساءة استعمال الحرية في الصحافة وعدم الدقة في تحليل الخبر والتحري بشأنه  قبل إطلاق الإشاعات المغلوطة  هو اكبر خطر يهدد العدالة الجنائية ، ويخلق جوا مشحونا بالتوتر وانعدام الثقة ، لذلك كان المشرع حكيما حينما منع الصحافة من التعليق على المحاكمات قبل صدور الأحكام .

   وسنتناول هذا المبحث من خلال مطلبين نتناول في أو لهما تأثير الإعلام في عدالة المحاكمة الجنائية العادلة باعتباره سلطة رابعة وقوة ضاغطة، على أن نخصص المطلب الثاني للحديث عن أجهزة الرقابة على العمل الصحفي سواء كانت هذه الرقابة قبلية أو بعدية،  إدارية أو قضائية، مع بيان الجزاء المقرر في حالة عدم احترام قواعد وأخلاقيات الممارسة الفضلى المقررة في مدونة الصحافة والنشر والتي تضم قانون الصحافة والنشر 88.13[23]، والقانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين[24] و القانون 90.13 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة[25] وأخيرا ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة  حيز التنفيذ في 5 غشت 2019 [26]

 المطلب الأول : الصحافة الإلكترونية : الواقع والآفاق .

   لم تعد حاجة للتدليل على أهمية الصحافة عموما والصحافة الإلكترونية على وجه الخصوص في حياة المواطنين المغاربة، وقد عرفت الصحف الإلكترونية بالمغرب ارتفاعا مضطردا في السنوات الأخيرة ، وهو ما يجعل الإعلام الرقمي قويا جدا ، مع الإشارة إلى تزامن ذلك مع نقل عدد من ممارسي الصحافة المكتوبة تجاربهم للصحافة الإلكترونية.

   ولئن كانت الصحافة الإلكترونية أضحت اليوم بوابة أساسية في الوصول إلى المعلومة عموما والمعلومة القضائية على وجه الخصوص، فإنها تثير في نفس الوقت جملة من الأسئلة إن لم نقل الانشغالات والمخاوف المهنية والأخلاقية.

   وتواجه الصحافة الإلكترونية اليوم عدة تحديات بدءا بفوضى المصطلح ” مصطلح الصحافة الإلكترونية “[27] مرورا بطبيعة الخدمة التي تقدمها الصحافة الإلكترونية وانتهاء بالتكوين وبأخلاقيات المهنة وتحديدا على مستوى مصداقية الخبر القضائي الذي ينبغي أن تحترم فيه قرينة البراءة وحماية الحياة الخاصة للأفراد.

    وسنركز في هذا المطلب بالأساس- للوقوف على واقع  هذا النوع من الصحافة – على نوعيين من التحديات أو المعضلات تواجههما  الصحافة الإلكترونية الناقلة للخبر القضائي هما : تحدي التكوين وتحدي دعم أخلاقيات المهنة، وذلك في أفق خلق صحافة إلكترونية محترفة تؤمن بأن الحق في المعلومة لئن كان حقا دستوريا، فإن المعلومة القضائية لها خصوصيتها وتشكل استثناء من القاعدة، بالنظر لطبيعتها وتأثيرها المباشر على الحياة الخاصة للأفراد وعلى قرينة البراءة باعتبارها الأصل، والتي تعتبر أهم ضمانة من ضمانات المحاكمة الجنائية العادلة.

الفقرة الأولى : التكوين كرافعة في جودة العمل الصحفي الإلكتروني.

    ترتبط الصحافة الإلكترونية بشكل وثيق بالتكنولوجيات الحديثة إلى درجة يمكن معها وصف العمل في مجال الصحافة الإلكترونية ب ” التكنو – صحفي “، وهو ما يعني أن الدعامة التكنولوجية تقع في صميم القضايا الملحة لتأهيل قطاع الصحافة وجعلها قادرة على التنافسية في محيطها الوطني والجهوي والإقليمي بل وحتى الدولي.

   ويمكن للصحف الإلكترونية المغربية أن تستفيد من البرامج التي تهم مجال التأهيل التكنولوجي التي ترعاه الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة ومنها برنامج مساندة وبرنامج امتياز في جوانبها التكنولوجية.

  وللصحافة الإلكترونية تحديات أخرى  منها من له طبيعة اقتصادية محضة، ومنها ما يرتبط بتطوير المحتوى، وهي تحديات لا يمكن مواجهتها سوى بالتكوين والتكوين المستمر للناشطين في هذا الميدان.

   ويتضح من خلال الدليل حول عروض التكوين في مجال الإعلام والاتصال الذي أعدته وزارة الاتصال أن مؤسسات التكوين الأكاديمي العمومي والخاص، وكذا مدارس ومراكز التكوين المهني قد أدمجت ضمن مناهج التكوين المعتمدة ، مواد أو وحداث تعني بالتكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال ، ووسائل الإعلام الجديدة والإنترنيت والمعلومات المكتبية.

    وبالنسبة للصحافة الإلكترونية تحديدا فعدد المعاهد المتخصصة بشأنها على مستوى التكوين  لازالت قليلة وهو ما لا يتوافق مع تزايد المواقع الإلكترونية الإخبارية.

     وقد بات ملحا اليوم أن يرقى التكوين في مجال الإعلام الرقمي إلى مستوى استراتيجي ضمن السياسات العمومية للدولة، وذلك باعتماد برامج طموحة للتأهيل والتطوير يما يعزز تنافسية المغرب في المجال الرقمي إن على المستوى الوطني أو الدولي .

   وما فتئ مجموع المهنيين والعاملين بالقطاع يدعون إلى الاهتمام بالتكوين والتكوين المستمر للصحفيين في مجال الصحافة الإلكترونية بما يوفر لهم شروط عمل ملاءمة على مستوى محتويات النشر بالأساس.

الفقرة الثانية :الأخلاق المهنيةكرافعة في نجاح الصحافة الإلكترونية.

    هناك محددان أساسيان تقوم عليهما الصحافة عموما والصحافة الإلكترونية على وجه الخصوص في علاقتها بالمعلومة القضائية هما :

  • البحث عن الحقيقة وكشفها من أجل خلق رأي عام واع بمحيطه وخاصة ما يرتبط بالشأن القضائي ؛
  • الإلتزام بالشفافية في كل أطوار الممارسة الصحفية وهي مسؤولية إزاء المجتمع.

   وتتفرع عن هذين المعياريين معايير أخرى مهنية وأخلاقية تشملها لائحة البنود التي ترد عادة تحت مسمى ” الالتزامات ” و ” الحقوق ” .

     وتظل الصحافة الإلكترونية المغربية، في حاجة ملحة للترشيد على المستوى الأخلاقي، استجابة للمعيارين أعلاه وتفرعاتهما ، إذ هناك اليوم إجماعا في صفوف الممارسيين والمهتمين على هشاشة أخلاقيات المهنة بالنسبة لأغلبية الصحف الإلكترونية المغربية. وما يزيد الأمر تعقيدا في المستقبل أنه ستظهر أشكال للإنتاج الصحفي مغايرة لما هو سائد اليوم ، وستكون الصحيفة الإلكترونية مكان يلتقي فيه الصحفيون والمدونون مباشرة مع زوار المواقع الإلكترونية، مما سيحتم على الصحافة الإلكترونية وضع قواعد أخلاقية لكل المساهمين فيها وتسطير مدونات سلوك على كل مستويات المساهمة فيها.

    وتستمد أخلاقيات الصحافة الإلكترونية قواعدها الأساسية من الأخلاقيات التي تم إنضاجها في حقل الإعلام عامة والتي كانت تؤطر العمل الصحفي في مجالات الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية ، إلا أن حقل الصحافة الإلكترونية ، بات يفرض التفكير في منظومة أخلاقيات خاصة.

      ومن المفيد جدا  التمييز في هذا الإطار بين أخلاقيات النشر الإلكتروني التي تعني كل ما يصدر عن الشبكة العنكبوتية وأخلاقيات الصحافة الإلكترونية التي ترتبط بالممارسة المهنية للصحافة الحديثة ، فالنشر الإلكتروني يتعايش من داخله، كما يختلط فيه أحيانا المرسل والمتلقي والمهنية والهواية والشخصي والعمومي، والحقيقة والإشاعة والجد والهزل والصرامة والإنطباع والعلم والخرافة وغيرها من المتناقضات.

    أما الصحافة الإلكترونية، فهي تخضع أولا لمنطق الصحافة العام في البحث عن الحقيقة ، ومن خلال  هذا التقاطع يمكن القول أن أخلاقيات الصحافة الإلكترونية هي جزء من أخلاقيات النشر الإلكتروني عامة، علما أنه نشأت لدى بعض الفاعلين الإعلاميين في حقل الصحافة الالكترونية –مؤسسات وأفراد-  فكرة تجعلهم يتصورون أن باستطاعتهم تجاوز بعض الالتزامات الأخلاقية أو تناسيها.

   وحسب دراسة أنجزت سنة 2012 تحت عنوان ” الصحافة الإلكترونية في المغرب – دراسة ميدانية”[28]، فإن أغلب الصحافيين المغاربة المزاولين للصحافة الإلكترونية شباب، إذ تتجاوز نسبة الممارسين من الفئة العمرية المتراوحة أعمارهم ما بين 25 و45 سنة63 %، كما أن نسبة الذين لا تتجاوز أعمارهم 5 سنوات تصل إلى 79,86% ، ومن الطبيعي أن تساهم قلة التجربة المرتبطة سواء بالسن أو التجربة المهنية في التأثير على مستوى أخلاقيات المهنة تصورا وممارسة .كما أن الصحافة الإلكترونية المغربية تتوزع بين صحافة الهواية [29]وصحافة اللجوء [30].

    وإذا كان الالتزام بالشفافية هو في عمقه التزام أخلاقي، فإن الصحيفة الإلكترونية يجب أن تلتزم بنوعين من الشفافية : الشفافية المؤسسية والشفافية التحريرية.

    وتقتضي أخلاقيات العمل الصحفي الالتزام بالموضوعية والحياد والاستقلالية في تناول المادة الخبرية عموما والقضائية على وجه الخصوص حتى لا يكون لها أثر على ضمانات المحاكمة الجنائية العادلة.

المطلب الثاني: الصحافة الإلكترونية بين الرقابة والجزاء.

   سنتناول هذا المطلب من خلال فقرتين اثنيتن نتناول في أولهما الرقابة المسلطة على الصحافة عموما والصحافة الإلكترونية على وجه الخصوص، فيما تتناوله من أحداث وآراء  تمس بضمانات المحاكمة الجنائية العادلة وفي مقدمتها قرينة البراءة باعتبارها الأصل ؛ على أن نخصص الفقرة الثانية لمقاربة الجزاء المقرر قانونا عندما تقدم الصحافة الإلكترونية مادة إعلامية تمس بالحياة الخاصة للأفراد وتتضمن مغالطات للجمهور وتألب الرأي العام، همها الأساسي تحقيق سبق صحفي والرفع من نسبة المشاهدات في ضرب صارخ للقيم الأخلاقية ،الأمر الذي خلق أزمة ثقة بين الإعلام والرأي العام .

الفقرة الأولى : في الرقابة القضائية والإدارية

       معلوم أن الرقابة في المجال الصحفي هي رقابة قبلية وبعدية، وهي تارة رقابة إدارية وتارة أخرى قضائية. وبخصوص الرقابة القبلية والتي تهم شروط ممارسة الصحافة عموما والإلكترونية على وجه الخصوص سواء كان ممارس الصحافة شخص ذاتي أو اعتباري، فقد تناولها القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر المادة 16 منه، والتي يشترط من خلالها  في مدير النشر مجموعة من الشروط لممارسة النشاط الصحفي.

مقال قد يهمك :   الغرفة العبرية : اكتفاء الزوج اليهودي بمراسلة زوجته أو الاتصال بابنتها لا يفيد أنه يريد الصلح

    ويسهر مدير النشر وتحت مسؤوليته المباشرة على ضمان تقييد الصحافيات والصحافيين العاملين بالمؤسسة بالأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بممارسة مهنة الصحافة.

   وعليه أن يتحقق قبل النشر من الأخبار أو التعاليق أو الصور أو كل شكل يحمل أو يدعم محتوى إعلاميا، ومن هوية محرري المقالات الموقعة بأسماء مستعارة قبل نشرها.

    ويتعرض مدير نشر المطبوع أو الصحيفة الإلكترونية وكذا الصحافيين والصحافيات للمتابعات وذلك في الحالات ووفق الشروط وضمن الحدود المنصوص عليها في هذا القانون.

  وقد تناولت المادة 18 من قانون الصحافة والنشر بعض حالات التنافي التي قد يقع فيها مدير النشر وتحول دون مزاولة مهامه.

أولا : الرقابة القضائية.

    من قبيل الرقابة  القضائية – القبلية – ما تضمنته المواد 21 و22 و23 من قانون الصحافة والنشر والتي يلعب فيها وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرتها المقر الرئيسي للمؤسسة الصحفية دورا محوريا ورياديا على مستوى أجال التصريح والبيانات الإجبارية الواجب توفرها فيه.

  ويمكن إصدار المطبوع الدوري أو الصحيفة الإلكترونية بعد أجل شهر من  تاريخ تسلم شهادة الإيداع مالم يتلق مدير النشر اعتراضا كتابيا معللا من طرف وكيل الملك  المختص، والذي  يمكن الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية وفق القواعد العامة.

    وقد رتب المشرع المغربي من خلال المادة 24 جزاء في شكل غرامات مالية عند عدم احترام هذه البيانات الإلزامية الواجبة لممارسة النشاط الصحفي.

   ولم يعتبر المشرع المغربي – من خلال  الباب السادس من القسم الأول من قانون الصحافة والنشر- الصحافة الإلكترونية التي تقدم خدمات التواصل مع العموم على شبكة الأنترنيت التي يكون غرضها الأساسي تقديم وصلات إشهارية أو إعلانات كيفما كان شكلها أو مضمونها، لم يعتبرها صحفا إلكترونية ،وألزم الصحف الإلكترونية لسرعتها في نقل المعلومة عموما والمعلومة القضائية على وجه الخصوص بالتقيد بالمقتضيات الواردة في القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.

    وتلزم الصحيفة الإلكترونية بالحصول على تصريح بالتصوير الذاتي يسلمه المركز السينمائي المغربي صالحة لمدة سنة قابلة للتجديد للإنتاج السمعي البصري الموجه لخدمة الصحافة الإلكترونية، وأن كل تصوير بدون تصريح يعرض المسؤول عن الصحيفة الإلكترونية للعقوبات المنصوص عليها في القانون.

  وتخضع تعليقات زوار الصحيفة الإلكترونية والروابط لمبدأ الحرية ويلتزم مدير النشر بعدم نشر أي محتوى يعد جريمة طبقا للقانون مع سحب التعليق أو الرابط في حالة ثبوت الإساءة.

   ولا يجوز حجب موقع الصحيفة الإلكترونية إلا بمقرر قضائي وفي الحالات المنصوص عليها في القانون على ألا تتجاوز مدة الحجب شهر واحد ، كما لا يجوز السحب النهائي للمادة الصحفية من موقع الصحيفة الإلكترونية إلا بمقرر قضائي في حالة الجرائم المنصوص عليها في المواد 73 و75 و76 و81 من قانون الصحافة والنشر.

   ويمكن لرئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضي المستعجلات وبناء على ملتمس النيابة العامة قبل البت في الموضوع أن يأمر بالسحب المؤقت لهذه المادة الصحفية وتعطيل الولوج إليها متى تعلق الأمر بالمواد  73 و75 و76 و81 من قانون الصحافة والنشر.

ثانيا: الرقابة الإدارية

      يمارس الرقابة الإدارية في مجال الصحافة والنشر المجلس الوطني للصحافة والنشر الذي أحدث بمقتضى القانون رقم 90.13 ، وهو بمقتضى المادة 1 عبارة عن  هيئة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، يشمل اختصاصها الصحافيين المهنيين والمؤسسات الصحافية، ويعهد إليها بالحرص على صيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة، وعلى التقييد بميثاق أخلاقيات المهنة والقوانين والأنظمة المتعلقة بمزاولتها.

    ومن أبرز اللجان التي من خلالها يضطلع المجلس بالمهام المسندة إليه نجد لجنة الوساطة والتحكيم ولجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية.

   ولئن كانت لجنة الوساطة والتحكيم تتولى النظر في طلبات الوساطة والتحكيم المحالة على المجلس سواء من طرف المهنيين أو من الأغيار حسب الأحوال ، فإن لجنة أخلاقيات  المهنة والقضايا التأديبية فتنظر في الشكايات المحالة على رئيس المجلس طبقا لأحكام المادة 39 وما يليه من القانون السالف ذكره .

    وإذا ارتأت اللجنة أن الأفعال الواردة في الشكاية لا تعتبر خطأ  يستوجب المساءلة ، أصدرت قرارا معللا بعدم المتابعة التأديبية توجهه إلى رئيس المجلس الذي يبلغه إلى الأطراف المعنية داخل أجل  يحدد في النظام الداخلي للمجلس، أما إذا قررت اللجنة أن الأفعال الواردة في الشكاية تستوجب إجراء متابعة تأديبية عينت مقررا يكلف بالتحقيق في القضية،  وأشعرت بذلك المخالف الذي يمكنه أن يؤازر بزميل له أو محام .ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز التحقيق  ثلاث أشهر . وتستدعي اللجنة المشتكى به بعد أن تتوصل بتقرير المقرر بصفة قانونية قبل 15 يوما على الأقل من تاريخ انعقاد الجلسة التأديبية من اجل المثول أمامها والاستماع إليه.

     يصدر المجلس عقوبات تأديبية في حق الصحافيين المهنيين أو المؤسسات الصحافية الذي لم تحترم الأخلاقيات المهنية والتي تتدرج بين التنبيه والإنذار والسحب المؤقت لبطاقة صحفي والغرامة المالية طبقا لأحكام  المادة 46 ، علما  أن  قرار اللجنة يكون قابلا للطعن  وفق أحكام المادة 50 من القانون رقم 90.13 .

الفقرة  الثانية : المسطرة والجزاء في خرق قانون الصحافة والنشر.

  سنتناول هذه الفقرة من خلال نقطتين أساسيتين نخصص أولهما لبيان المسطرة المتبعة في حالة خرق قانون الصحافة والنشر، على أن نخصص المطلب الثاني للوقوف على جزاء الإخلال ببعض المقتضيات التي تمس بعدالة المحاكمة الجنائية العادلة كعدم احترام قرينة البراءة والمس بالحياة الخاصة للأفراد دون وجه حق.

أولا : المسطرة في قانون الصحافة والنشر.

     تتم المتابعات في قانون الصحافة والنشر  بتحريك الدعوى العمومية عن طريق استدعاء تبلغه النيابة العامة أو الطرف المدني قبل تاريخ الجلسة ب 15 يوم على الأقل يتضمن هوية مدير النشر وتحديد التهمة الموجهة إليه ويشار إلى النص القانوني الواجب تطبيقه على المتابعة وإلا ترتب على ذلك بطلان الاستدعاء .

    وإذا قدم الاستدعاء بناء على طلب من المشتكي وجب أن يتضمن الاستدعاء بيان مقر سكنى المشتكي في المكان الذي يوجد به مقر المحكمة المعنية أو بيان محل المخابرة معه، ويبلغ هذا العنوان للنيابة العامة والمشتكى به .وتبت المحكمة في جميع الأحوال داخل أجل أقصاه 90 يوما من تاريخ التبليغ القانوني للاستدعاء .

   ويقدم الاستئناف وفق الشروط والكيفيات والآجال المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية؛ وتبت محكمة الاستئناف في جميع الأحوال داخل أجل 60 يوما من تاريخ تقديم الاستئناف.

  ويمكن للنيابة العامة في حالة طلب إجراء بحث تعين عليها أن تحدد في طلبها بيان ووصف الوقائع التي ستشكل موضوع البحث وإلا ترتب عن ذلك بطلان المتابعة .

   وما يميز قانون الصحافة والنشر والذي كان نتيجة نضال كبير ، هو أنه لا يمكن بموجب هذا القانون إيقاف المشتبه فيه أو اعتقاله احتياطيا ، وهذه هي نقطة ضعف هذا القانون لأنه اقتصر على الغرامة  فقط كجزاء بدل العقوبات السالبة للحرية ، علما أن التشهير والمس بالحياة الخاصة للأفراد والمس بقرينة البراءة  عبر الصحافة عموما والصحافة الإلكترونية على وجه الخصوص قد لا تجبره لا الغرامة الجنحية ولا التعويض المدني ، بل لابد من وجود عقوبة سالبة للحرية على الأقل في حالة العود.

    وعلاوة على الأسباب المحددة قانونا، تسقط الدعوى العمومية بسحب الشكاية من طرف المشتكي إذا كانت لازمة لتحريكها .

   وتتقادم الدعوى العمومية وفق  قانون الصحافة والنشر بمضي 6 أشهر كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الفعل موضوع المتابعة، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة  قطع ووقف التقادم وفق ما هو مقرر في المادة 6 من ق م ج .

ثانيا  : الجزاء المدني والزجري في قانون الصحافة والنشر.

    إذا صدرت العقوبة ضد مرتكب أحد الأفعال الواردة في المادة 71 من هذا القانون جاز توقيف المطبوع الدوري أو حجب الصحيفة الإلكترونية أو الدعامة الإلكترونية بموجب مقرر قضائي لمدة شهر واحد إذا كان يصدر بشكل يومي أو أسبوعي أو نصف شهري ،ولنشرتين متتاليتين إذا كان يصدر بصفة شهرية أو فصلية أو نصف سنوية أو سنوية. وإذا صدرت العقوبة ضد الأفعال الواردة في المادتين 72 و73 من هذا القانون ، فإن التوقيف يكون لمدة لا تتجاوز شهرا واحدا . وينشر الحكم القضائي النهائي بالإدانة بالنسبة لكل المخالفات المنصوص عليها في هذا القانون بطلب من المشتكي وبمقرر قضائي، ويدخل هذا المقتضى في باب رد الاعتبار للضحية.

   وقد خصص المشرع القسم الثالث من قانون الصحافة والنشر للحماية الخاصة ببعض الحقوق وتناول اختصاص المحاكم والمساطر المتبعة أمامها والعقوبات المقررة.

   وبمقتضى المادة 72 يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 200.000 درهم كل من قام بسوء نية بنشر أو إذاعة أو نقل خبر زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلفة أو مدلس فيها منسوبة للغير إذا أخلت بالنظام العام أو أثارت الفزع بين الناس …

    وبمقتضى الفقرة الأخيرة من نفس المادة يعاقب بغرامة من 20.000 درهم إلى 100.000 درهم عن كل إهانة كما هي معرفة في التشريع الجاري به العمل ، وترتكب بإحدى الوسائل الواردة في الفقرة الأولى أعلاه في حق رجال ونساء القضاء والموظفين العموميين أو رجال القوة العمومية أو هيئة منظمة  أثناء قيامهم بمهامهم.

    وقد أفرد المشرع مقتضيات خاصة بحماية حصانة المحاكم أي حماية المعلومة القضائية في إطار ضمان محاكمة جنائية عادلة خالية من أي تأثير أو توجيه مسبق ، بحيث منعت المادة 75 صراحة انتهاك سرية التحقيق والمس بقرينة البراءة أثناء مباشرة المساطر القضائية ، وقبل مناقشتها في جلسة عمومية.

    ويمنع نشر بيان عما يدور داخل المحاكم حول قضايا العنف والسب وكذا المرافعات المتعلقة بدعاوى الأحوال الشخصية ولاسيما ما يتعلق بإثبات الأبوة والطلاق .دون إذن المحكمة المعنية، مالم يكن قد صدر بشأنها حكم حائز لقوة الشيء المقضي به حيث يسوغ نشرها.

    ويمنع نشر المرافعات الخاصة بقضايا الأطفال أو القضايا التي يتورط فيه أحداث، وكذا تلك المتعلقة بالأشخاص الراشدين كيفما كانت طبيعتها.

    ويحضر النشر بجميع الوسائل لصور شمسية أو رسوم لأشخاص تكون الغاية منها التشهير عن طريق التشخيص الكلي أو الجزئي لظروف جناية أو جنحة من قتل أو اغتيال أو قتل للأصول أو الفروع أو تسميم أو تهديدات أو ضرب أو جرح أو مس بالأخلاق والآداب العامة أو احتجاز قسري.

   ويمنع نشر بيان عن المداولات الداخلية إما لهيئات الحكم وإما للهيئات القضائية والمحاكم ، وكذا ما قرر القانون أو المحاكم سماعه في جلسة سرية .ويجب أن يكون قرار الهيئات القضائية والمحاكم بالمنع معللا ويتاح للصحافة الإطلاع عليه.

   ويحق نشر ما يجري في الجلسات العلنية للمحاكم شريطة احترام قرينة البراءة وعدم مخالفة الحقيقة، مع التقيد بالضوابط القانونية الجاري بها العمل ، علما أنه وبمقتضى المادة 78 يعاقب بغرامة من 5000 إلى 50.000 عن كل مخالفة للمواد 75 و76 و77 من قانون الصحافة والنشر.

   وفي إطار حماية الشرف والحياة الخاصة للأفراد يمكن لكل شخص يعتبر نفسه ضحية لنشر قدف أو سب أو مس بالحياة الخاصة أو مس بالحق في الصورة بطريقة مباشرة أو عن طريق النقل بمجرد تمكنه من التعرف عليه من خلال العبارات المستعملة في المطبوع المعني أو الصحيفة الإلكترونية المعنية بما فيها المواد السمعية والمرئية ولحق به ضرر أن يطلب التعويض وفق الشروط والشكليات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل.

   ويعتبر تدخلا في الحياة الخاصة كل تعرض لشخص يمكن التعرف عليه، وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية لأشخاص تتعلق بحياتهم الخاصة ما لم تكن له علاقة وثيقة بالحياة العامة أو تأثير على تدبير الشأن العام .ويعاقب على خرق هذا المنع بالعقوبات المقررة في المادة 85 من قانون الصحافة والنشر ، علما أن الحق في التعويض المدني عن القدف والسب أو المس بالحياة الخاصة أو المس بالحق في الصورة  يبقى مبررا لمن له الحق فيه طبقا القواعد العامة المقررة في القانون ولاسيما المواد 113 و114 من قانون الصحافة والنشر.

   أما فيما يخص الاختصاص المحلي فيرجع إلى المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها المقر الرئيسي للمطبوعات الوطنية أو الصحف الإلكترونية أو محل الطبع أو سكنى أصحاب المقالات أو مقر المكتب الرئيسي في المغرب بالنسبة للجرائد الأجنبية المطبوعة بالمغرب.

  وتختص المحكمة الابتدائية بالرباط فيما يتعلق بالمخالفات لمقتضيات هذا القانون بالنسبة للمطبوعات الدورية المستوردة من الخارج أو التي تعذر معرفة مكان طبعها.

   وصفوة القول أن تأثير الصحافة عموما والإلكترونية على وجه الخصوص- اليوم – ظاهرة لا تحتاج إلى بيان، والمثال على ذلك قضية حمزة مون بيبي أو القرصان الأسود المتخصص في فضح المشاهير وابتزازهم، والذي عرف أكبر تغطية إعلامية للصحف الإلكترونية لم يشهد لها المغرب مثيلا.

    لكن تبقى الصحافة الإلكترونية في المغرب – وهي حديثة العهد –  بالرغم من دورها في الرقابة غير المباشرة على الشأن القضائي، تفتقر في الكثير من الأحيان للاحترافية والمهنية  بسبب ضعف التكوين وتدني مستوى القيم لدى غالبية الممارسين، الذين يلهثون وراء السبق الصحفي والرفع من عدد المشاهدات التي تدر عليهم أموالا طائلة، ضاربين عرض الحائط المبادئ الدستورية من قبيل قرينة البراءة و عدم المس بالحياة الخاصة للأفراد ، بمعنى أن الصحافة الإلكترونية جعلت من الشارع  فضاء لمحاكمات شعبية، بدل قاعات الجلسات بالرغم من وجود رقابة قضائية وإدارية على القطاع تتضمن عقوبات تأديبية وزجرية ومدنية بمدونة الصحافة والنشر.


                                                    الهوامش     

[1]  – بمقتضى المادة 2 من القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر  يقصد بمهنة الصحافة  مهنة جمع الأخبار أو المعلومات أو الوقائع أو التحري أو الاستقصاء عنها بطرقة مهنية قصد كتابة أو إنجاز مادة إعلامية مكتوبة أو مسموعة أو سمعية بصرية أو مصورة أو مرسومة أو بأية وسيلة أخرى كيفما كانت الدعامة المستعملة لنشرها أو بثها للعموم .

ويقصد بالصحيفة الإلكترونية في مدلول نفس المادة : كل إصدار يخضع لمقتضيات هذا القانون ، يجري تحيينه بانتظام ، ويتم باسم نطاق خاص بالصحيفة الإلكترونية ونظام لإدارة المحتوى موجه للعموم وعبر شبكة الأنترنيت وعبر آليات التكنولوجيا الحديثة التي تشكل امتداد لها ، ينشر من خلاله شخص ذاتي أو اعتباري خدمة طبقا للتعريف الوارد في البند 1 أعلاه تسمى بعده بخدمة الصحافة الإلكترونية . ويدير هذا الشخص الخط التحريري للصحيفة الإلكترونية وفق معالجة مهنية ذات طبيعة صحفية .للمزيد من الإيضاح والتفصيل حول الصحيفة الإلكترونية راجع الفقرة 3 من المادة 2 من القانون 88.13 .

[2] – الإعلام أو الصحافة أو ما يعبر عنه مجازا بصاحبة الجلالة أو السلطة الرابعة في الدولة، وهي سلطة مفترضة بالنظر لكون المشرع الدستوري تحدث فقط عن ثلاث سلطة وهي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية تماما كما تصورها الفقيه منتيسكيو.

[3]  – تنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948  :” لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة ، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود “.

وتنص المادة 19 /2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 : ” لكل إنسان الحق في حرية التعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعاملة والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود ، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة يختارها “

[4]  –  راجع في هذا الصدد  : ذ / هشام ملاطي مدير الشؤون الجنائية والعفو – الحق في الحصول على المعلومة القضائية – مجلة الملحق القضائي –  العدد –   ص 251 .

[5] – يتعلق الأمر بالقانون رقم 13-31 الخاص بالحق في الحصول على المعلومات،  القاضي بتنفيذه الظهير الشريف رقم 15-18-1  الصادر في 5 جمادى الآخرة 1439 الموافق 22 فبراير 2018 .

مقال قد يهمك :   مـــلود عشعاش: علاوة الأقدمية في مدونة الشغل -قراءة في القانون وموقف القضاء وواقع الممارسة-

[6]  – تحول بعض النصوص القانونية  صراحة دون حق الحصول على المعلومة القضائية مراعاة إما لطبيعة المعلومة، أو صفة الشخص المرتبطة به ، أو تجنبا لبعض الآثار التي قد تترتب عن نقلها ونستدل على ذلك بميلي :

– المادة 505 من ق م ج :” تسجل الأحكام الصادرة عن الهيئات المختصة بالأحداث في سجل خاص يمسكه كاتب الضبط ولا يمكن أن يكون في متناول العموم “؛

– المادة 606 من ق م ج :” لا يمكن أن ينشر عن طريق الصحافة أي بيان أو مستند يتعلق بالتنفيذ ما عدا المحضر المذكور ، وإلا تعرض المخالف لغرامة ما بين 10.000 و 60.000 درهم ؛

– الفصل 54 من قانون الصحافة  القديم ” يمنع نشر وثائق الاتهام وغيرها من الوثائق المتعلقة بالمسطرة الجنائية أو الجنحية قبل مناقشتها في جلسة عمومية ، وإلا فيعاقب على نشر ذلك بغرامة تتراوح بين 5000 إلى 50.000 درهم ،وتطبق نفس العقوبات في حالة ثبوت المخالفة عما ينشر بجميع الوسائل من صور شمسية ومنقوشات ورسوم وصور الأشخاص تكون الغاية منها التشهير والتشخيص الكلي أو الجزئي لظروف جناية أو جنحة من قتل أو اغتيال للأصول أو الفروع أو تسميم أو تهديدات أو ضرب أو جرح أو مس بالأخلاق أو الآداب العامة أو احتجاز قسري .

غير أنه لا تكون هناك جنحة إذا وقع النشر بطلب كتابي من القاضي المكلف بالتحقيق ويبقى هذا الطلب مضاف إلى ملف التحقيق .”

– الفصل 55 من قانون الصحافة :” يمنع نشر بيان عما يدور حول قضايا القدف أو السب وكذا عن المرافعات المتعلقة بدعاوي إثبات الأبوة والطلاق وفصل الزوجين ، ولا يطبق هذا المنع على الاحكام حيث يسوغ نشرها دائما .

ويجوز للمجالس القضائية والمحاكم أن تمنع نشر بيان عن كل قضية من القضايا المدنية . كما يمنع نشر بيان عن المداولات الداخلية إما لهيئات الحكم وإما للمجالس القضائية والمحاكم ، وكذا ما قرر القانون أو المحاكم سماعه في جلسة سرية .

 يعاقب عن كل مخالفة لهذه المقتضيات بغرامة تتراوح ما بين 1200 و 30.000 درهم ، كما يعاقب بنفس العقوبة من نشر بغير أمانة وعن سوء نية ما جرى في الجلسات العلنية للمحاكم .”

[7]  – تنص المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية :” تكون المسطرة التي تجري أثناء البحث والتحقيق سرية . كل شخص يساهم في  إجراء هذه المسطرة ملزم بكتمان السر المهني ضمن الشروط وتحت طائلة العقوبات المقررة في القانون الجنائي .”

[8]  – تنص المادة 18 من ظهير 24 فبراير 1958 كما وقع تغييره وتتميمه بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية :” بقطع النظر عن القواعد المقررة في القانون الجنائي  فيما يخص السر المهني ، فإن كل موظف يكون ملزما بكتم سر المهنة في كل ما يخص الأعمال والأخبار التي يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها .

ويمنع كذلك منعا كليا اختلاس أوراق المصلحة ومستنداتها أو تبليغها للغير بصفة مخالفة للنظام ، وفيما عدا الاحوال المنصوص عليها في القواعد الجاري بها العمل ، فإن سلطة الوزير التي ينتمي إليها الموظف يمكنها وحدها أن تحرر هذا الموظف من لزوم كتمان السر أو ترفع عنه المنع المقرر أعلاه .”

[9]  – تنص المادة 446 من القانون الجنائي :” الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة ، وكذلك الصيادلة والمولدات ، وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار ، بحكم مهنته أو وظيفته ، الدائمة أو المؤقتة ، إذا أفشى سرا أودع لديه ، وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيه القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه ، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتي إلى عشرين ألف درهم .غير أن الأشخاص المذكورين أعلاه لا يعاقبون بالعقوبات المقررة  في الفقرة السابقة :

– إذا بلغوا عن  إجهاض  علموا به بمناسبة ممارستهم مهنتهم أو وظيفتهم ، وإن كانوا غير ملزمين بهذا التبليغ ؛

– إذا بلغوا السلطات القضائية أو الإدارية المختصة عن ارتكاب أفعال جرمية أو سوء معاملة أو الحرمان من حق أطفال دون  الثامنة عشرة أو من طرف أحد الزوجين في حق الزوج الآخر أو في حق امرأة ، علموا بها بمناسبة ممارستهم مهنتهم أو وظيفتهم . إذا استدعي الأشخاص المذكورين للشهادة أمام القضاء في قضية متعلقة  بالجرائم المشار إليها في الفقرة أعلاه ، فإنهم يكونون ملزمين بالإدلاء بشهاداتهم ، ويجوز لهم عند الاقتضاء الإدلاء بها كتابة .”

[10]  – تنص المادة 360 من القانون الجنائي :” من زيف أو زور أو غير في الرخص أو الشهادات أو الكتيبات أو البطاقات أو النشرات أو التواصيل أو جوازات السفر أو أوامر الخدمة أو أوراق الطريق أو جوازات المرور ، أو أي وثيقة أخرى تصدرها الإدارة العامة إثباتا لحق أو هوية أو صفة أو منح ترخيص ، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف وخمسمائة درهم .

ويجوز علاوة على ذلك ، أن يحكم عليه بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 لمدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن عشر. يعاقب على المحاولة بنقس العقوبة المقررة للجريمة التامة .وتطبق نفس العقوبات على من ارتكب أحد الأفعال التالية :

  • استعمال تلك الوثائق المزيفة أو المزورة أو المغيرة المشار إليها مع علمه بذلك ؛
  • استعمال إحدى الوثائق المشار إليها في الفقرة الأولى ، مع علمه بأن البيانات المضمنة فيها قد أصبحت ناقصة أو غير صحيحة.

[11] – بالنظر إلى كون قرينة البراءة تكتسي أهمية قصوى في فقه الإجراءات الجنائية ، فقد ارتأينا إحاطتها بعناية خاصة  في هذه الدراسة باعتبارها أهم ضمانة من ضمانات المحاكمة الجنائية العادلة.

[12] د/ محمود نجيب حسني – شرح قانون الاجراءات الجنـائية – طبعة 2 – دار النهضة العربية -1988 – ص 423.

    راجع كذلك ما كتب بخصوص قرينة البراءة :

     د/أحمد إدريس أحمد – افتراض براءة المتهم – رسالة دكتـوراه في الحقوق – القاهرة 1984 – ص 60 وما يليها .

  د/ مصطفى فهمي الجوهري- الوجه الثاني للشرعية الجنائية ” قرينة البراءة ” – دار الثقافة الجامعية – 1990 –

          ص 10 وما بعدها.

    د/ عمر الفاروق الحسني- مدى تعبير الحكم بالإدانة غير الصادر بالإجماع عن الاقتناع اليقيني للقاضي الجنائي1995

          ص51 وما بعدها.=

-=Mohammed-jalal ESSAID-La présomption d’innocence – thèse de Doctorat en Droit – 2 juin 1969.

[13]  – راجع بخصوص موقف الفقه الاسلامي من قرينة البراءة : عبد الرزاق العبضلوي علوي – قرينة البراء بين الفقه الإسلامي والقانون المغربي – رسالة لنيل الماستر في الشريعة – تحت إشراف الدكتور لحسن ليوبي – ماستر القضاء والتوثيق – جامعة القرويين – كلية الشريعة بفاس – السنة الجامعية 2010/2011 –ص 8 وما يليها .

 [14]- سورة النجم الآية 28 .

 [15] – سورة يونس الآية 36

16– رواه الترمذي : للمزيد من التوضيح راجع الجامع الصحيح المعروف بسنن الترمدي- دار الفكر للطباعة –بيروت – ص 133 .

[17]  – عرف بعض الفقهاء المسلمون الاستصحاب بالقول : ” الاستصحاب هو بقاء الأمر ما لم يوجد ما يغيره ، والمتمسك بالاستصحاب باق على الأصل فلا يجب عليه الانتقال عنه بدليل يصلح لذلك ، فمن دعاه جاء به  ؛ كما عرفه جانب آخر من الفقه  بقوله:” إذا غلب على الظن انتقاء الناقل ، غلب على الظن بقاء الأمر على ما كان عليه”.

للمزيد من الإيضاح حول مفهوم الاستصحاب  في الفقه الاسلامي راجع :

– محمود علي الشوكاني : نبل الأوطار ،ج 7 ، الناشر دار الجيل ، بيروت 1973 ، ص 209 .

– ابن قيم الجوزية : أعلام الموقعين ،ج1 ،ط1، مطبعة السعادة ، القاهرة ، 1955 ، ص 334 .

[18] – Voir Christine LAZERGES : Professeur à L’école de Droit de la Sorbonne ( Université Paris 1)  – « La Présomption d’innocence » –  Libertés et droits fondamentaux -2014 – 20 ème édition  DALLOZ – p 611 .

[19]  – تنص الفقرة الأخيرة من المادة 7 من قانون الصحافة والنشر :”  تحترم قرينة البراءة وكافة ضمانات المحاكمة العادلة في قضايا الصحافة والنشر وفقا لأحكام الدستور والقوانين الجاري بها العمل .”

تنص المادة 75 من قانون الصحافة والنشر :” يمنع انتهاك سرية التحقيق والمس بقرينة البراءة أثناء مباشرة المساطر القضائية ، قبل مناقشتها في جلسة عمومية .

يمنع نشر بيان عما يدور داخل المحاكم حول قضايا القدف أو السب وكذا المرافعات المتعلقة بدعاوى الأحوال الشخصية ولاسيما ما يتعلق منها بإثبات الأبوة و الطلاق ، دون إذن المحكمة المعنية . ولا يطبق هذا المنع على الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به حيث يسوغ نشرها دائما.

يمنع نشر المرافعات الخاصة بقضايا الأطفال أو القضايا التي يتورط فيها أحداث وكذا تلك المتعلقة بالأشخاص الراشدين ، كيفما كانت طبيعتها والتي تسمح بالتعرف على الأطفال .

منع النشر بجميع الوسائل لصور شمسية أو رسوم لأشخاص تكون الغاية منها التشهير عن طريق التشخيص الكلي أو الجزئي لظروف جناية أو جنحة من قتل أو اغتيال أو قتل للأصول أو الفروع أو تسميم أو تهديدات أو ضرب و جرح  أو مس بالأخلاق والآداب العامة أو احتجاز قسري.

تنص المادة 76 من قانون الصحافة والنشر :” يجوز للهيئات القضائية والمحاكم أن تمنع نشر بيان عن أي قضية من القضايا المدنية. يمنع نشر بيان عن المداولات الداخلية إما لهيئات الحكم وإما للهيئات القضائية والمحاكم . وكذا ما قرر القانون أو المحاكم سماعه في جلسة سرية .يجب أن يكون قرار الهيئات القضائية والمحاكم بالمنع معللا ويتاح للصحافة الإطلاع على قرار المنع .

تنص المادة 77 من قانون الصحافة والنشر : ” يحق نشر ما يجري في الجلسات العلنية للمحاكم شريطة احترام قرينة البراءة وعدم مخالفة الحقيقة . مع التقيد بالضوابط القانونية الجاري بها العمل .

تنص المادة 78 من قانون الصحافة والنشر :” يعاقب بغرامة من 5000 درهم إلى 50.000 درهم عن كل مخالفة للمواد 75 و76 و77 أعلاه.

[20]  – في إطار حماية الحياة الخاصة والحق في الصورة نصت المادة 89 من قانون الصحافة والنشر :” يعد تدخلا في الحياة الخاصة كل تعرض لشخص يمكن التعرف عليه وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية لأشخاص أو تتعلق بحياتهم الخاصة مالم تكن لها علاقة بالحياة العامة أو تأثير على تدبير الشأن العام

يعاقب على هذا التدخل ، إذا تم نشره دون موافقة الشخص المعني بالأمر أو دون رضاه المسبقين بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 85 أعلاه المتعلقة بالقدف ، مع بقاء الحق في التعويض المنصوص عليه في المادة 87 أعلاه .

تنص المادة 90 من قانون الصحافة والنشر :” يفترض الرضى إذا تم الإعلان عن المعلومات الواردة في المادة 89 أعلاه من طرف الشخص نفسه أو تم إشهارها سابقا أو أحيط العموم علما بها بصفة قانونية .”

تنص المادة 91 من قانون الصحافة والنشر :” تراعي المحكمة في تقدير التعويض المادي والمعنوي لجبر الضرر الناتج عن المس بالحياة الخاصة أو المس بالحق في الصورة أو القدف والسب ما يلي :

  • مدى توفر سوء النية ؛
  • ملابسات وظروف ارتكاب الفعل الضار ؛
  • عناصر الضرر وحجمه ؛
  • التناسب بين التعويض وحجم الضرر وفقا للمبادئ العامة والهبرة المنجزة ؛
  • رقم معاملات المقاولة الصحفية .

يشترط في الأخذ بحسن النية في تقدير التعويض مدى قيام الصحفي بالتحري والاستقصاء والبحث وغياب القصد الشخصي ووجود المصلحة العامة وراء النشر وكذا الأخذ برأي المعني بالقذف والسب والمس بالحياة الخاصة والمس بالحق في الصورة .

[21]  – يقصد بالقدف في مدلول قانون الصحافة والنشر ادعاء واقعة أو نسبتها لشخص أو هيئة ، إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف واعتبار الشخص أو الهيئة التي نسبت إليه أو إليها .ويقصد بالسب كل تعبير شائن أو مشين أو عبارة تحقير حاطة من الكرامة أو قدح لا تتضمن نسبة أية واقعة معينة.

 ويعاقب على نشر القذف أو السب مباشرة أو عن طريق النقل حتى ولو ورد هذا النشر بصيغة الشك أو كان موجها إلى شخص أو هيئة لم  يعينها أو لم يحددها هذا النشر بكيفية صريحة ، ولكن يمكن التعرف عليها من خلال العبارات الواردة في الخطب أو الصياح أو التهديدات أو المكتوبات أو المطبوعات أو الملصقات المجرمة وكذا المضامين المنشورة أو المبثوثة أو المذاعة.

[22]  –  تنص المادة 87  من  قانون الصحافة والنشر :” يمكن لأي شخص يعتبر نفسه ضحية لنشر قدف أو سب او مس بالحياة الخاصة أو مس بالحق في الصورة بطريقة مباشرة أو عن طريق النقل بمجرد تمكنه من التعرف عليه من خلال العبارات المستعملة في المطبوع المعني أو الصحيفة الإلكترونية المعنية بما فيها المواد السمعية والمرئية ولحق به ضرر أن يطلب التعويض وفق الشروط والشكليات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل .

[23]  – ظهير شريف رقم 1.16.122  صادر في 6 ذي القعدة 1437 الموافق 10 أغسطس بتنفيذ القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر – جريدة رسمية عدد 6491  -11 ذو القعدة 1437 ( 15 غشت 2016)

[24]  – ظهير شريف رقم 1.16.51  صادر في 19 من رجب 1437 الموافق  27 أبريل 2016 بتنفيذ القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين .

[25] – ظهير شريف رقم 1.16.24 صادر في 30 من جمادى الأولى 1437 الموافق 10 مارس 2016 بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني   للصحافة .

[26]  – دخل ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة  حيز التنفيذ في 5 غشت 2019 – بعدما تم نشره بالجريدة الرسمية – طبقا لما ينص عليه القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة .وكان المجلس الوطني للصحافة ، قد صادق يوم 7 مارس 2019 ، على هذا الميثاق بعد أن اشتغل عليه مند تنصيبه ، وقام بعدة مشاورات مع منظمات وشخصيات أكاديمية وحقوقية وإعلامية .

ويعتبر المجلس أن ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة هو لبنة أساسية من لبنات التنظيم الذاتي للمهنة حيث جاء ثمرة لتراكم وطني ساهمت فيه الهيآت المهنية المغربية للصحافة والاعلام مع الاخذ بعين الاعتبار التجارب الدولية والتحولات الطارئة في مجال تكنولوجيات التواصل .

[27]  – مصطلح الصحافة الإلكترونية هو المصطلح الأكثر تداولا في الساحة الإعلامية المغربية دون أية مفاضلة مع مصطلحات أخرى بديلة مثل “الصحافة الرقمية “أو ” الإعلام الرقمي ” أو ” المواقع الإخبارية الرقمية ” أو ” موقع الإعلام الرقمي “.

[28]  – منشورات الإسيسكو 2012 .

[29]  – عبر 79.79% من الصحفيين المغاربة العاملين في مجال الصحافة الإلكترونية على أن الدوافع وراء الاشتغال في هذا المجال هو الهواية أو الرغبة في التعبير عن آراء شخصية .والواضح أن الصحفيين الإلكترونيين الذين ولجوا للصحافة الإلكترونية من باب الهواية 46.19 %  ترتفع لديهم احتمالات عدم احترام أخلاقيات المهنة التي تقوم أولا على امتلاك المهنية والاحترافية.

[30]  – تشير نفس الدراسة أن 31.67 % من المشتغلين في الصحافة الإلكترونية بالمغرب حاصلون على الإجازة ، وهي أكبر فئة ضمن مستويات التعليم المعتمدة ، ويرجع ذلك إلى البطالة وقلة فرص الشغل ، مما يدفع هذه الفئة إلى اعتبار الصحافة الإلكترونية مجالا خصبا للتشغيل ، ومن تم أصبح ينظر للصحافة الإلكترونية تمثل حرفة من لا حرفة له .للمزيد من الإيضاح حول هذه الإحصائيات راجع : الكتاب الأبيض لتأهيل الصحافة الإلكترونية المغربية – تحديات وتوصيات – منشورات وزارة الاتصال – أبريل 2013 – ص 31 .

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]