ياسـين أحمــامد: الآليات الدستورية والقانونية لتصدر الجـهة مجال التنميــة الجـهوية
ياسـين أحمــامد دكتور في القانون العام جامعة الحسن الثاني كلية الحقوق بالمحمدية.
الملخــص:
من خلال القراءة الأولية لمقتضيات دستور 2011 التي تهم الجهوية المتقدمة، يتضح أن المشرع اعتمد بشكل أساسي على توصيات اللجنة الاستشارية للجهوية، والتي أعدت تقريرا مفصلا حول المشاكل التي تعترض سبل تطوير الجهوية بالمغرب والآليات الكفيلة للنهوض بها وجعلها فاعلا محوريا إلى جانب الدولة في الأوراش التنموية الكبرى.وبهذا ساير دستور 2011 مجموعة من التوجهات والمبادئ الديمقراطية التي ترمي إلى أجرأة واعتماد شعار: “الجهوية في خدمة التنمية”.
لقد تضمن الدستور الجديد مجموعة من المقتضيات المهمة والتي ارتقت بالجهات وجعلتها تحتل مرتبة أساسية ومحورية يقوم على أساسها التنظيم الترابي للمملكة، وهكذا نجد الدستور في الفصل الأول منه، وفي فقرته الأخيرة نص على أن “التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي” يقوم على الجهوية المتقدمة.
فعلى مستوى الشكل،رفع دستور 2011 الجهة إلى مرتبة الجماعات الترابية، وتم استبدال التسمية القديمة للجماعات المحلية بتسمية الجهات والجماعات الترابية، ذلك أن التراب ليس فقط مجالا للإعداد والتنظيم، بل هو أحد المداخل الجديدة للسياسات العمومية الناجعة، ومحددا مرجعيا وفاعلا في شروط التنمية المجتمعية المنشودة.
الكلمات المفاتيح: الجهة، دستور 2011، السياسات العمومية، التنمية المجالية، الديمقراطية التشاركية، التدبير الحر.
Abstract : Through a preliminary reading of the provisions of the 2011 constitution that concern advanced regionalization, it becomes clear that the legislator relied mainly on the recommendations of the Advisory Committee on Regionalism, which prepared a detailed report on the problems facing the ways to develop regionalization in Morocco and the mechanisms to advance it and make it a pivotal actor alongside the state in major development projects In this way, the Constitution of 2011 followed a set of democratic trends and principles aimed at boldly adopting the slogan: “Regionalism in the service of development”. The new constitution included a set of important requirements that elevated the regions and made them occupy a basic and central position on which the kingdom’s territorial organization is based. Thus, we find the constitution in its first chapter, and in its last paragraph stipulating that “the kingdom’s territorial organization is a decentralized organization” based on advanced regionalism. On the level of form, the 2011 constitution elevated the region to the level of territorial communities, and the old designation of local groups was replaced by the designation of regions and territorial groups, as soil is not only a field for preparation and organization, but rather is one of the new entrances for effective public policies, and a reference and effective determinant of the desired conditions for societal development.
Key words: the region, the 2011 constitution, public policies, sphere development, participatory democracy, free management.
مقــدمـــــة:
إن البعد الجديد للجهوية الذي تبنته المملكة المغربية يعتبر منطلقا حقيقيا، ورافعة أكيدة للتنمية والتكافل الاجتماعي والتلاحم الوطني، وضمانا للخصوصيات المحلية التي بدأت تفرض نفسها. من أجل النهوض بمسلسل الديمقراطية والتنمية المجالية. لأن بناء جهات قائمة الذات وفاعلة سيجعل المجال الترابي المحلي إطارا خصبا لتحقيق تنمية محلية تشاركية ومندمجة[1].
ويضم دستور2011 تعديلات تُيسر الانتقال من جهوية ناشئة ومتعثرة إلى جهوية متقدمة، وذلك بتقوية مؤسسة الجهة عبر وسائل وآليات دستورية وقانونية تمنحها الصدارة على باقي المستويات الترابية الأخرى في المجال التنموي، وتجعلها فضاء جديدا لتعزيز الديمقراطية المحلية وإشراك المجتمع المدني في شؤون التنمية الجهوية.
ولتنزيل المبادئ والركائز الدستورية الخاصة بالجهوية المتقدمة كان لزاما تغيير القانون المنظم للجهة (قانون 96-47)، حتى يتم الاستجابة لما جاء به دستور 2011، والعمل على تنزيله الصحيح على أرض الواقع. وانطلاقا من ذلك أعدت وزارة الداخلية في يونيو 2014 مسودة مشروع القانون التنظيمي حول الجهة أحالتها على الأحزاب السياسية لمناقشتها وإبداء الملاحظات حولها، والتي خرجت إلى حيز الوجود في شكل قانون تنظيمي تحت عدد 111.14 بتاريخ يوليو 2015.
غير أن أول إشكالية أثارها القانون التنظيمي المتعلق بالجهات هي إشكالية دستورية، حيث أن دستور 2011 نص في الفصل 146 على أنه تحدد بقانون تنظيمي شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية الأخرى. وتجسيدا لمقتضيات هذا الفصل الدستوري كان يجب على المشرع أن يقوم بوضع قانون تنظيمي وحيد يشمل كل المستويات الترابية، في حين أن المشرع حافظ على نفس المنهجية في تأطير وتنظيم الجماعات الترابية، وذلك بإصدار قانون تنظيمي خاص بالجهة، ثم إصدار لكل مستوى ترابي آخر(مستوى العملات والأقاليم ومستوى الجماعات ) قانون تنظيمي خاص به[2].
بناءا على ماسبق سنخصص (المحور الأول) من هذا المطلب لإعادة توزيع الاختصاصات بين الجهة والدولة ودوره في إنجاح الجهوية المتقدمة، وسنتطرق إلى أشكال تدعيم الديمقراطية بالجهات من خلال بعدها السياسي والمدني (المحور الثاني).
المحور الأول: إعادة توزيع الاختصاصات بين الدولة والجهة مدخل لإنجاح الجهوية المتقدمة
إن ما يمكن أن تقدمه الجهوية المتقدمة للمغرب هو المساهمة بشكل حاسم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي الاستثمار الأمثل للمؤهلات والموارد الذاتية لكل جهة، واستنهاض همم مختلف الفاعلين المحليين، والمشاركة في إقامة وإنجاز المشاريع المهيكلة الكبرى حول الجهوية المتقدمة.[3] وذلك لن يتأتى إلا بإعادة توزيع الأدوار بين الجهة والدولة في إطار علاقة متوازنة وواضحة.
أولا: المبادئ الدستورية الجديدة المؤطرة للعلاقة بين الجهة والدولة
إن الجهوية أصبحت أهم الأسس التي تتميز بها الأنظمة المعاصرة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية العالمية. إلا أن درجة الأخذ بالسياسة الجهوية يختلف من دولة إلى أخرى، بناء على الخصوصيات التاريخية والسياسية والسوسيولوجية لكل بلد. وذلك ما يجعل نوع وشكل العلاقة التي تربط الجهة بالدولة، رهين بتطور اللامركزية فيها، وبمدى ما تود السلطة المركزية منحه للجهة من استقلالية في تدبير شؤونها. فمبدأ المساواة بين الجماعات الترابية يعتمد على الدوافع التي تؤطر الشأن العام المحلي والاختصاصات الحصرية له، وتحقيق العدالة بين الجماعات الترابية يأتي أولا بتحديد اختصاصاتها وأدوارها الملائمة لها بشكل صريح[4].
وعليه فنوع وحجم الاختصاصات المخولة للجهة وكيفية تحديدها، تعد من أهم محددات العلاقة بين الجهة والدولة، ومعيار تقاس به درجة تطور الفكر الجهوي في أي دولة تأخذ بنظم اللامركزية الترابية[5].
وأمام ما يتطلبه ورش الجهوية المتقدمة، فإن المغرب مطالب أكثر من ذي قبل لإنجاح هذه التجربة وجعل الجهة فاعلا أساسيا في التنمية، أن يقوم بإعادة رسم العلاقة بين الجهة والدولة وفقا لمبادئ أساسية يتقدمها مبدأ التوازن والتفريع.
أ: التوازن كمبدأ أساسي في توزيع الاختصاصات بين الجهة والدولة
إن مسألة الاختصاصات تثير عدة إشكالات في تحديدها وتوزيعها بين الجهة والدولة، إذ لا توجد أسس ومحددات قوية وواضحة لذلك التوزيع والتحديد، مما يؤدي إلى تداخل الاختصاصات بين الجهة والدولة، وتدخل هذه الأخيرة في اختصاصات الجهة.
وبناء على ذلك فالجهوية المتقدمة التي تعتبر مكسب ديمقراطي لصالح المغرب أصبحت في حاجة إلى أن تتوفر على سبل تقوية الآليات والميكانيزمات الأساسية والجوهرية المتعارف عليها لتوزيع الاختصاصات بين الجهة والدولة في إطار علاقة متوازنة[6].
وقد عمل الدستور الجديد لسنة 2011 على توفير أهم شرط للوصول إلى هذا الشكل من التوازن في العلاقة بين الجهة والدولة، وهو الإقرار الدستوري بالجهوية المتقدمة وإعطائها مكانة الصدارة في التنظيم الترابي. فهذا الإقرار يعمل على تثبيت المكتسبات الخاصة بالجهة مما يصعب التراجع عنها، فضلا عن تنصيص القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات على اختصاصات مهمة ووازنة لصالح الجهات.
ووعيا بأهمية التحديد الدقيق والحصري للصلاحيات، وما يمكن أن يحققه ذلك من توازن في الاختصاصات بين الجهة والدولة، تم التركيز عليه في التصور الملكي حيث ربط تحقيق التوازن بعملية التحديد الحصري للاختصاصات، إذ جاء في الخطاب الملكي، بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين للمسيرة الخضراء، يوم 6 نونبر 2008 على أن: “… التوازن، فينبغي أن يقوم على تحديد الاختصاصات الحصرية المنوطة بالدولة، مع تمكين المؤسسات الجهوية من الصلاحيات الضرورية للنهوض بمهامها التنموية، في مراعاة لمستلزمات العقلنة والانسجام والتكامل…”.فأسلوب وتحديد الاختصاصات بين المستويات الوطنية والمحلية يختلف من دولة لأخرى، وذلك حسب ثقافتها السياسية والظروف التاريخية التي تمر منها.
غير أن هذا الاختلاف لا يخرج عن أسلوبين بارزين، أسلوب يحدد الاختصاصات على سبيل الحصر، في قائمة تأخذ بعين الاعتبار نوع الوحدة ومستوى تطورها وإمكاناتها، ويستعمل هذا الأسلوب بكثرة في الدول الأنجلوساكسونية، وأسلوب ثاني يعتمد ” المبدأ العام في الاختصاص La clause général de compétence، أي أن يتم التنصيص على الاختصاصات بعمومية، مع ضرب بعض الأمثلة عن جملة من القضايا الموكولة للهيئات اللامركزية[7].
أما المشرع المغربي فقد حاكى نظيره الفرنسي، فيما يتعلق باعتماد المقتضى العام للاختصاص. حيث تم تكريسه في كل النصوص الأساسية المنظمة للجماعات الترابية، والذي يسمح لهذه الأخيرة بالقيام بعدة أدوار في عدة مجالات، بحيث يمكن الاعتماد عليه والاستغناء عن الأمثلة المضروبة عن بعض الاختصاصات[8].
وبناء على الإشكالات التي تنجم عن تحديد وتوزيع الاختصاصات بين الجهة والدولة، والذي ساهم فيها أسلوب التوزيع الذي يرتكز على الصيغ العامة للاختصاصات من تضارب وتداخل في الاختصاصات وتنازع وضبابية في تحديدها، تعين التخلي عن اعتماد هذا الأسلوب، وحل محله الأسلوب الحصري الذي يوضح بدقة قائمة الاختصاصات المسندة للدولة، وتلك المخولة للجهة.
وفي هذا الإطار، يمكننا التساؤل حول ما إن قام القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات بمسايرة هذا التوجه، وهل عمل على تجاوز إشكالية توزيع وتداخل الاختصاصات بين الجهة والدولة وباقي الجماعات الترابية؟
فبقراءة سريعة لاختصاصات الجهة في القانون التنظيمي 111.14، يتبين على أنه حافظ على نفس الصيغة التي تم التنصيص بها على الاختصاصات في القانون ( 96-47 ) المنظم للجهات، وهي الصيغة العامة أو ما يسمى بالمقتضى العام للاختصاص، وهذا الأسلوب ينتج عنه ( كما سبق التطرق إليه ) تداخل وتضارب الاختصاصات بين كل المتدخلين في مجال ترابي واحد. وهذه الإشكالات راجحة أن تقع بشكل كبير مع القانون التنظيمي المذكور، حيث تم التنصيص فيه على الاختصاصات بشكل عام وغير محدد، ونذكر منها على سبيل المثال:
تشتمل الاختصاصات الذاتية للجهة في مجال التنمية الجهوية على الميادين التالية:
- دعم المقاولات[9]؛
- جذب الاستثمار؛
- إنعاش الاقتصاد الاجتماعي والمنتجات الجهوية؛
- الإسهام في المحافظة على المواقع الأثرية والترويج لها؛
- وضع إستراتيجية جهوية لاقتصاد الطاقة والماء…؛
فهذه الاختصاصات عامة وغير دقيقة ويتدخل الكثير من الفاعلين فيها، مما سيؤثر على فعالية الدور المنوط بالجهة، وبالتالي صعوبة ممارسة مبدأ التدبير الحر في اختصاصات هي غير واضحة وغير دقيقة.
إن وظيفة توزيع الاختصاصات أخذت من اللامركزية السياسية أبعادا دستورية ضمنت بذلك من جهة استقلالية الوحدات الترابية، ومن جهة أخري تحديد صلاحيات هذه الأخيرة بشكل دقيق، الأمر الذي يزيل الغموض الذي غالبا ما يشوب إشكالية تحديد الشؤون المحلية ونظيرتها الوطنية.
ففي إسبانيا، اعتمد التوزيع الحصري للاختصاصات[10]، عبر ما يتضمنه الدستور من مادته 148 و 149 نوعين من القوائم، تضم الأولى الاختصاصات المحفوظة للدولة، والثانية لما يمكن أن تضطلع به المجموعات المستقلة[11].
نفس الأمر بالنسبة لإيطاليا، حيث لجأ المشرع الإيطالي إلى عدة وسائل لحل مشكل تشابك الاختصاصات بين الدولة والمجالس الجهوية من جهة، وبين هذه الأخيرة والمجالس المحلية الأدنى من جهة أخرى، والحرص على منح ممثلي الدولة سلطة التنسيق بين هذه الاختصاصات. فالبرغم من ذلك، فقد لجأت المجالس الجهوية تحت ستار الإعلانات التي تمنحها للمجالس الإقليمية، والبلدية، تحت ذريعة الرقابة التي يخولها لها الدستور عليها، إلى سن التشريعات المسماة بتشريعات التدخل الجهوي لتضطلع بالمسائل التي تندرج ضمن اختصاصات تلك المجالس، كالحلول محلها لإدارة بعض المرافق العامة المحلية، التي تمول عن طريق المساعدات، مما اضطر الحكومة في بعض الأحيان إلى منع صدور تلك التشريعات[12].
ورغم أن أسلوب التنصيص الحصري للاختصاصات لم يفضي إلى حل جل مشاكل التوزيع في الدولة التي اعتمدته، إلا أنه يبقى الأنسب مقارنة مع الأسلوب الذي يعتمد المقتضى العام للاختصاص وما يشكله من غموض وإبهام في الاختصاصات، الشيء الذي يؤدي إلى تداخلها وتنازعها[13]، مما ينتج عنها تشتيت للمجهودات التنموية وضعف المبادرة الاستثمارية.
ب: التفريع كآلية دستورية جديدة لتحديد أدوار الجهة
يعتبر مبدأ التفريع (Le principe de la subsidiarité)، من أهم المبادئ الضابطة لتنازعية وتنافسية الاختصاصات بين الدولة والجهات وبين الجهات فيما بينها[14]، ويعد من مبادئ القانون العام الدولي استعمل لأول مرة في هذا الإطار كمعيار لتوزيع الاختصاصات بين المجموعة الأوروبية والدول الأعضاء في معاهدة ماستريخت سنة 1992. واستعمل المبدأ كذلك في العلاقات الدولية فيما يخص دور الأمم المتحدة في تطبيق مبدأ حق التدخل أو واجب التدخل ليعني ضرورة توزيع الاختصاصات والسلطات بين الدول والمنظمات الدولية.
وقد انتقل مبدأ التفريع من القانون العام الدولي إلى القانون العام الداخلي، ولهذا ارتبط في فرنسا بمجال اللاتركيز، حيث تتم معالجة تلك الشؤون المحلية على المستوى المحلي، ويبقى تدخل السلطة المركزية استثنائيا. وقد أثار اعتماد المبدأ في فرنسا نقاشا دستوريا بحجة ارتباطه بالدول الفيدرالية، ويصعب تطبيقه في حالة فرنسا.
ويقضي هذا المبدأ بالبحث عن المستوى الملائم لممارسة اختصاصات معينة، بحيث لا يتدخل المستوى الأعلى إلا في الحالات التي تعجز فيها المستويات الدنيا عن ممارسة تلك المهام والاختصاصات بنفسها. وهو ما يعني أن الدولة يجب أن تتخلى للجماعات الترابية عن كل الاختصاصات التي تستطيع الاضطلاع بها، ونفس الشيء فيما بين أصناف الجماعات الترابية. فهذا المبدأ، يسمح لهذه الأخيرة بتنظيم قدراتها في اتخاذ القرارات بشكل فوري وبدون الحاجة إلى توجيهات أو أوامر من السلطة المركزية.
وفي المغرب، وبعد الإشارة إلى المبدأ ضمن وثائق المناظرة الوطنية الأولى للجماعات المحلية سنة 1998، أكدت المبادرة الوطنية للتفاوض بشأن الحكم الذاتي لجهة الصحراء على توزيع الاختصاصات وفقا لمبدأ التفريع، حيث جاء في المادة 17 من المبادرة على أن: “…. وفي المقابل، إن السلطات أو الاختصاصات التي يتم منحها بشكل خاص سوف تمارس بالتوافق على أساس مبدأ التفريع “.[15] وقد تم تأكيد هذا المبدأ من طرف اللجنة الاستشارية في التقرير حول الجهوية المتقدمة.
ونظرا لأهمية هذا المبدأ، فقد تبناه المشرع المغربي في دستور 2011، وجعل منه مبدأ أساسيا وآلية لتوزيع الاختصاصات بين مختلف الهيئات الترابية، وذلك بموجب الفقرة الأولى للفصل 140 من الدستور في بابه التاسع المتعلق بالجهات والجماعات الترابية الأخرى، والتي تنص على أن ” للجماعات الترابية، وبناء على مبدأ التفريع، اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه الأخيرة “[16].
وقد نص على ذلك أيضا القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات في مادته 6، حيث أكد على أنه: “طبقا للفقرة الأولى من الفصل 140 من الدستور، وبناء على مبدأ التفريع، تمارس الجهة الاختصاصات الذاتية المسندة إليها بموجب أحكام هذا القانون التنظيمي والنصوص المتخذة لتطبيقه، وتمارس أيضا الاختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة، والمنقولة إليها من هذه الأخيرة وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها في الأحكام المذكورة”.
غير أن تكريس مبدأ التفريع دستوريا ثم تنظيميا من خلال القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، لم يعمل على توزيع الاختصاصات بطرق أكثر مرونة، بل اكتفى في مقابل ذلك بتقسيم اختصاصات الجهة إلى 3 أنواع:
- اختصاصات ذاتية؛
- اختصاصات مشتركة؛
- اختصاصات منقولة.
غير أن تنزيل مبدأ التفريع في المغرب، سيعرف عدة إشكالات، أولها أن الفلسفة العامة لمبدأ التفريع تقوم على أن لا يتدخل مستوى ترابي إلا في حالة ما يعجز المستوى الترابي الأدنى منه على القيام باختصاص معين، فهنا نتحدث عن نقل الاختصاصات من الأسفل أي القاعدة إلى الأعلى، في حين أن الدستور والقانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات في مضامينه لمبدأ التفريع قد أعطوا مفهوم مقلوب لهذا المبدأ، نظرا لاحتفاظهما بنقل الاختصاصات من الدولة إلى الجهات دون إمكانية النقل المقابل.
هذا بالإضافة إلى أن المشرع المغربي نص على مبدأ التفريع بدون تحديد مضمونه، فترك ذلك للقانون التنظيمي واجتهاد المحكمة الدستورية. أما في فرنسا فلم ينص دستورها على هذا المبدأ، بل أقره من خلال تعريفه ( دون الإشارة إليه ) معتبرا أنه يعني إسناد الاختصاص للمستوى ( من مستويات الجماعات الترابية ) الأكثر قربا وفعالية للممارسة أفضل من غيره، بمعنى آخر إذا أسند اختصاص لجماعة ترابية معنية ينبغي أن تمارسه بشكل أحسن مما كانت تمارسه جماعة عمومية أخرى ( الدولة مثلا حالة نقله إلى الجماعة المعنية )، سواء من حيث القرب أو الاقتصاد في النفقات أو السرعة في الإنجاز أو الجودة في الخدمات.
غير أنه في فرنسا لا يزال مبدأ التفريع يطرح تأويلات مختلفة من جانبي الفقه والقضاء، فقد اعتبره البعض مفهوما غامضا بل فلسفيا، كما اعتبره البعض الآخر أن له معنيين، المعنى الواسع الذي يفترض توزيع أو منح اختصاصات لمستوى معين لمعرفة من يقوم بماذا ومن يتوفر على السلطة الأصلية ومن يمارسها، كما يعني تبيان حدود وحجم ممارسة اختصاص معين، أما المفهوم الضيق فيركز على ممارسة الاختصاص الممنوح وتفريعه والنسبية ( La proportionnalité ).
ويميز فريق آخر بين التفريع السلبي والتفريع الإيجابي، فالأول يعني أن السلطة الأعلى لا يجوز لها أن تتدخل محل السلطة الدنيا التي تكون قادرة على ممارسة اختصاص معين، لأن قرارات هذه الأخيرة يمكن أن تكون أقرب وأكثر نجاعة سواء على مستوى تحديد الاحتياجات أو على صعيد إيجاد الحلول الأكثر ملائمة واقتصادا. أما التفريع الإيجابي فيعني إلزام السلطة العليا بالتدخل لممارسة اختصاص مسند لمستوى أدنى كلما عجز هذا المستوى عن ممارستة، وذلك بمختلف الوسائل مثل الحث والتشجيع والدعم بل الحلول محله في حال الضرورة[17].
ويجب التركيز على أن ترسيخ مبدأ التفريع كأساس لتوزيع الاختصاصات بين الدولة والجهة يجب أن يسبقه مبدأ آخر، وهو مبدأ تحديد توجه خاص بالمجالس الجهوية، بحيث يكون للجهة توجه ودور محددين كالتوجه الاقتصادي وتحفيز وجلب الاستثمارات، ويكون للدولة أيضا توجه خاص بحيث تتفرغ للوظائف السيادية والأمور الهامة.
فمن شأن اعتماد مبدأ التفريع كأساس لتوزيع الصلاحيات والاختصاصات، أن يساهم في تجاوز الغموض الذي يطبع تدخلات الجماعات الترابية الناتج عن استعمال المشرع للمصطلحات الغامضة والفضفاضة أو المكررة في مختلف النصوص والقوانين، وكذلك إرساء مبادئ الحكامة الإدارية[18].
ثانيا: برنامج التنمية الجهوية والتحديات المطروحة في ظل القانون التنظيمي 111.14
يضع مجلس الجهة، تحت إشراف رئيس مجلسها خلال السنة الأولى من مدة انتداب المجلس، برنامجا للتنمية الجهوية، وتعمل على تتبعه وتحيينه وتقييمه. ويحدد هذا البرنامج لمدة ست سنوات الأعمال التنموية المقرر برمجتها أو إنجازها بتراب الجهة، اعتبارا لنوعيتها وتوطينها وكلفتها، لتحقيق تنمية مستدامة وفق منهج تشاركي وبتنسيق مع والي الجهة بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية.
ويجب أن يتضمن برنامج التنمية الجهوية:
– تشخيص حاجيات وإمكانيات الجهة؛
– تحديد أولويات الجهة؛
– تقييم الموارد والنفقات التقديرية الخاصة بالجهة للسنوات الثلاث الأولى؛
– الأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع.
ويتعين على برنامج التنمية الجهوية أن يواكب التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة وأن يعمل على بلورتها على المستوى الجهوي وأن يراعي إدماج التوجهات الواردة في التصميم الجهوي لإعداد التراب، والالتزامات المتفق بشأنها بين الجهة والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها والمقاولات العمومية والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية بالجهة.
ويتم تفعيل برنامج التنمية الجهوية، عند الاقتضاء في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين.[19] كما يتعين على الجهة مراعاة مضامين برنامج التنمية الجهوية عند وضع الميزانية في الجزء المتعلق بالتجهيز، في حدود مواردها. ويمكن تحيين البرنامج ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ.
وقد أحال القانون التنظيمي الجهوي تحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده على نص تنظيمي.
ومن التحديات المفروضة أمام برنامج التنمية الجهوية، هو إلزام المشرع للجهات بضرورة التناسق وعدم التعارض أثناء إعدادها لبرامجها ومخططاتها مع المخططات الوطنية، الأمر الذي سيؤدي إلى تقييد مبدأ التدبير الحر للجهة. وعليه فالضرورة تفرض على الدولة إعادة النظر في طريقة تخطيطها في اتجاه دعم المقاربة الترابية بدل المقاربة القطاعية الصرفة[20].
ومن التحديات الأخرى التي ستواجه برنامج التنمية الجهوية، هي أشكال تدخل الولاة والعمال في تنفيذ البرامج والمخططات التنموية، حيث يستمد الولاة والعمال شرعية تقديم المساعدة التي يستلزمها تنفيذ هاته المخططات من كونهم ممثلين للسلطة المركزية في الجماعات الترابية، مما يجعل منهم الساهرين من الدرجة الأولى على تأمين التنفيذ اللازم للسياسات التنموية.
غير أن هذا التدخل تحت غطاء التنسيق والمساعدة قد ينطوي على معنيين، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، فبالنسبة للمدلول الإيجابي، فإنه يتركز من خلال تقديم الولاة والعمال للتوجهات والآراء التي يتطلبها التنزيل السليم لتلك المخططات والبرامج التنموية أو من خلال ما يتوفرون عليه من إمكانيات وموارد، سواء البشرية منها أو التقنية، أو معطيات أو خبرات لازمة، نظرا لانعدام توفر المجالس الجهوية على إدارات قوية، تمكنها من الاضطلاع بتدبير شؤونها بمعزل عن ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم. وقد يتخذ شكل المساعدة، مساهمة الولاة والعمال باعتبارهم مندوبين للحكومة، ووفق ما يتمتعون به من صلاحيات من إبلاغ كل وزير بتقارير مفصلة عن حالة الاستثمار المقررة من قبل الحكومة المركزية، ولهم في هذا الشأن أن يقترحوا أي تدبير يرون فيه مصلحة وفائدة لتحقيق الاستثمارات الداخلة في اختصاص الوزير المعني، كما ينص على ذلك الفصل (8) من اختصاصات العمال الصادر سنة 1993.
أما المعنى السلبي لهذا التدخل، فقد يتخذ شكل التدخل في تدبير الشؤون الجهوية والمحلية لهذه الجماعات، من خلال ربط تقديم إمكانيات المساعدة التي يتطلبها تنفيذ المخططات التنموية، مع إعمال بعض التوجهات المقترحة من قبل الولاة والعمال، وهو ما من شأنه أن يحد من استقلالية الجماعات الترابية، وبالتالي يصيب في العمق الإصلاحات القانونية والتنظيمية والمكتسبات الخاصة بالجهوية[21].
المحور الثاني: تدعيم الديمقراطية التشاركية بالجهات
إن للجهة القدرة في التعبير عن الاختلاف والتعددية بجميع أنواعها، بفضل تمكنها من تحويل النسق المحلي، من مجال يتسم بالتشتت على مستوى المجهودات إلى وحدة متكاملة ومنسجمة أساسها الحوار والمشاركة بين جميع الفاعلين، وترسيخ الفعل الديمقراطي، الشيء الذي يؤدي إلى تحويل مصدر الحكم إلى القاعدة.
وبالتالي، فمن الاعتبارات التي تحدد دور وتوجه الجهة، هو أن تصبح الجهة نواة للديمقراطية المحلية من جهة، وأساسا للديمقراطية من جهة أخرى، على اعتبار أن البوادر الأولى للديمقراطية تتشكل مع المؤسسات المحلية التي تنضوي تحت لواء اللامركزية[22].
أولا: الاقتراع العام المباشر وتكريس الديمقراطية الجهوية
أصبحت اليوم الضرورات التنموية تلح على إيجاد مؤسسة جهوية فاعلة تتحرك في مجال ترابي متجانس ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، كما أن وجود أجهزة ومؤسسات جهوية فاعلة وديمقراطية تخدم الشأن الجهوي بحيوية وحماسة تنموية، مرهون إلى حد كبير بطيعة الآليات التي تشكل روافد المؤسسات الجهوية.
وفي هذا الإطار، تعد آلية الانتخاب من الآليات الديمقراطية التي تضمن تمثيلية السكان ومشاركتهم وتحيط مؤسسات الجهة بالشرعية. وهكذا، وحتى تكون بالفعل قطبا للامركزية وتجسيدا للديمقراطية المحلية، يكون لزاما الاعتماد على الاقتراع العام المباشر.
وفي إطار القانون السابق المنظم للجهات ( 96- 47 )، يتم تشكيل الهيئات الجهوية بالانتخاب وهو ما يتماشى مع فلسفة اللامركزية والاستقلال الذاتي. لكن لم يتم اعتماد أسلوب الاقتراع المباشر في ذلك الانتخاب، الشيء الذي لا يولد لدى المنتخب الجهوي، الشعور بالانتماء الحقيقي للجهة التي يمثلها، في غياب الشرعية السياسية المستمدة من الناخب الذي هو المواطن الجهوي[23].
فهذا النمط من الاقتراع المتبع في تكوين المجالس الجهوية، قد أبان عن محدوديته، فهو يحرم المواطنين من الانتخاب والتأثير المباشرين على تدبير الشأن الجهوي، ولا يترجم مضمون مرادفات الحرية والديمقراطية، بما ينسجم ويتماشى مع اختيار المغرب للجهوية كفضاء ملائم للتمثيلية والتعبير السياسيين وإمكانية خلق محيط منتج لسياسات عمومية وقيادات محلية معتمدة على مبادئ القرب والشفافية والتنسيق والمراقبة[24].
بالإضافة إلى ذلك، فإن النظام المغربي لم يدخل أية وسيلة من وسائل المراقبة المباشرة للمواطن على المنتخب، فالجزاء الديمقراطي الوحيد والفعال الموضوع رهن إشارة المواطنين هو إمكانية عدم انتخاب المستشارين، وما يزيد من ذلك هو طول المدة لانتداب المجالس المنتخبة وهي 6 سنوات[25].
ومن هذا المنطلق، لا يمكن الحديث عن جهوية حقيقية إلا في إطار منح تدبير الجهة لسلطة ديمقراطية منتخبة انتخابا سليما من أجل تدبير شؤونها. وقد نص على ذلك دستور 2011 في الفقرة الثانية من الفصل 135 على أن انتخاب مجالس الجهات والجماعات يتم بالاقتراع العام المباشر. فبدون الاعتماد على الانتخاب المباشر في إفراز السلطات الجهوية لا يمكن تحقيق الآمال المعلقة على المؤسسة الجهوية كجماعة ترابية[26].
وقد أكد ذلك القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، حيث نص على أن يدبر شؤون الجهة مجلس ينتخب أعضاؤه بالاقتراع العام المباشر وفق أحكام القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.1.173 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر 2011)[27].
وقد أكد القانون التنظيمي المذكور على أن تتنافى مهام رئيس مجلس الجهة أو نائبه مع مهام رئيس أو نائب رئيس جماعة ترابية أخرى أو غرفة مهنية أو مجلس مقاطعة، وفي حالة الجمع بين هذه المهام، يعتبر المعني بالأمر مُقالا بحكم القانون من أول رئاسة أو إنابة انتخب لها[28].
وبالتمعن في مسطرة انتخاب رئيس المجلس الجهوي، يتبين أن المشرع الدستوري لم يكن صريحا في مسألة اختيار رئاسة الجهة، حيث اقتصر فقط على كيفية انتخاب مجالس الجهات والجماعات: ” تنتخب مجالس الجهات والجماعات بالاقتراع العام المباشر “، وترك الأمر للقانون التنظيمي الذي عمل على تأويل النصوص الدستورية تأويلا ضيقا، حيث تبنى طريقة الترشح لرئاسة الجهة من بين الأعضاء المرتبين على رأس لوائح المترشحين، والتي فازت بمقاعد داخل المجلس المعني، وذلك خلال ” الخمسة عشر يوم من انتخاب أعضاء المجلس “.
وقد كان من الأجدر على المشرع التنظيمي أن ينسجم مع الفصل 135 من دستور 2011، ويأخذ بمبدأ تكاملية الفصول الدستورية ومبدأ وحدة النص الدستوري في هذه المسألة، خصوصا وأن المشرع التنظيمي أخذ بهذا المبدأ فعلا عندما نص في المادة 30 منه على تخصيص رئاسة إحدى اللجان الدائمة في المجلس للمعارضة تماشيا مع الفصل 10 من دستور 2011، والذي يعطي للمعارضة حق رئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع[29].
وهناك حالة أخرى لم يأخذ فيها المشرع بمبدأ تكاملية ووحدة النص الدستوري، وهي عندما نص الفصل 47 من الدستور على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر الانتخابات. وعليه وتماشيا مع هذا المبدأ، كان يجب على المشرع التنظيمي أن ينص على أن اختيار رئاسة الجهة تكون من اللائحة التي حصلت على الرتبة الأولى، وذلك من شأنه أن يضفي على الانتخابات الجهوية مبدأ من شأنه تعزيز الشرعية الشعبية التي فوض لها الدستور حق الاقتراع المباشر لأعضاء مجلس الجهة[30]. فدعم الوظيفة الديمقراطية للجهوية المتقدمة، يبدأ من نمط الاقتراع وهو أسلوب الاقتراع المباشر للمجلس وللرئاسة.
ثانيا: تقديم العرائض كآلية لإشراك المجتمع المدني في الشأن الجهوي
يرتبط أي نظام ديمقراطي مع المجتمع المدني بعلاقة تتحدد حسب الوعي بأهمية هذا الأخير بالحياة العامة. فالنظام الديمقراطي يتميز بالحركة والتفاعل والانفتاح ما دام يستجيب للفكر النقدي وللمساءلة. ويمكن أن تكبر لدى النظام الديمقراطي هذه الإرادة كلما كبرت لديه الرغبة في الرفع من نسبة الراضين عنه[31]. وذلك من خلال تمكينه من المساهمة في التعبير عن انتظاراته ومشاكله، والمساهمة في حلها، من خلال إيجاد قرارات تحظى بدعمه وكذا لتعزيز القرب منه، باعتباره توجها متجددا لمتطلبات الإدارة المواطنة، القريبة من اهتمامات المواطن وتطلعاته للخدمة العمومية الجيدة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال مشاركة المواطنين في الحياة المحلية والجهوية[32].
فالعطاء السوسيو تنموي للقطاع الجمعوي أو ما يسمى بالقطاع الثالث “ThirdSector” يحظى بأهمية خاصة على الصعيد الدولي، مما يؤكد أن دور مؤسسات المجتمع المدني لا يقل شأنا عن دور الهيئات المحلية المنتخبة والقطاع الحكومي أو دور القطاع الخاص في المساهمة بتحقيق التنمية الشمولية للمجتمع واستدامة تلك التنمية[33].
وقد عمل الدستور المغربي لسنة 2011 على توفير الشروط الملائمة لانخراط المجتمع المدني في السياسات العمومية، من خلال عدة مواد قانونية منها ما نص عليه الفصل 12 من الدستور، والذي يؤكد على مساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون[34].
كما نص الدستور على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها[35]. كما للمواطنات والمواطنين، ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي، الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع، بالإضافة إلى تقديم عرائض إلى السلطات العمومية.
فالإشراك الديمقراطي للمجتمع المدني في تدبير الشأن العام الجهوي، يعمل على توجيه الفعل العمومي نحو تحقيق التنمية الجهوية[36]، كما يولد الإحساس بالثقة والمسؤولية التنموية الملقاة على عاتق كل الفاعلين[37].
وقد خلص الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، والذي نظمته لجنة وطنية أشرفت على إدارته خلال الفترة الممتدة بين 13 مارس 2013 و 21 مارس 2014، إلى مجموعة من الخلاصات أهمها:
أ: إرادة جمعيات المجتمع المدني تحقيق ذاتها في استقلالية تامة عن الفاعلين الآخرين، من دولة وأحزاب ونقابات، وهو في منظور المشاركات والمشاركين في مختلف منتديات التشاور العمومي المنظمة في إطار الحوار الوطني، مطلب جوهري وتحد مركزي في مسار تأهيل الحركة الجمعوية في أفق ضمان مساهمة جيدة وفعالة وإرادية لها في مسلسل مأسسة وتنظيم مسالك الديمقراطية التشاركية[38]، كما أقرها الدستور المغربي لفاتح يوليوز 2011. الأمر الذي يستلزم معالجة الإشكالات الأربع الكبرى التالية:
- إشكالية ضعف احترام القانون في تأسيس الجمعيات وما يرتبط بالضبط العمومي للحياة الجمعوية؛
- إشكالية ضعف شفافية الدعم العمومي والإنصاف وتكافؤ الفرص في المعاملات الإدارية مع مختلف أصناف الجمعيات، بما فيها الجمعيات ذات المنفعة العمومية، وضعف التحفيز الضريبي المفضي إلى تقاسم أعباء العمل الجمعوي بين الدولة والمجتمع؛
- إشكالية غياب إطار قانوني يعترف بالتطوع والتأهيل المؤسساتي وتكوين الموارد البشرية وتنمية شروط التشبيك بين الجمعيات؛
- إشكالية الديمقراطية الداخلية للجمعيات وملائمة ممارستها الإدارية والمالية لقواعد الشفافية والمراقبة والمحاسبة.
واعتبارا لتعقد وصعوبة الإجابة القانونية عن هذه الإشكاليات الأربع، فإن الأرضية القانونية المقترحة كإطار تنظيمي للحياة الجمعوية تعتمد في مقدماتها ثلاث مقومات أساسية:
- تعزيز حرية الممارسة الجمعوية كشكل من أشكال المشاركة المدنية في الحياة العامة؛
- تعزيز حق الجمعيات في الولوج لمختلف أنواع الدعم العمومي؛
- تعزيز الحكامة الجيدة وربط ممارسة هذه الحرية وهذا الحق بالمسؤولية والمحاسبة[39].
ب: تفعيل المشاركة المدنية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية عبر وضع أرضيات قانونية عملية للمخرجات الخاصة بالملتمسات والعرائض والتشاور العمومي، غير قائمة على تضخم مقصود للحقوق، بل على رؤية حقوقية إلزامية – قانونيا -، بسقف سياسي ومحتوى قانوني ليس بالضرورة، في مجمله، محسوبا فقط على مقتضيات الإخراج / التوضيب القانوني للسياسات العمومية وفق ما أقره الدستور وما تعارفت عليه المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
ج: اقتراح ميثاق وطني للديمقراطية التشاركيةيجمع بين الالتزام الأخلاقي والسياسي بمنظور دستوري وبإقرار بما هو دولي متعارف عليه، في إطار من التبصر العقلاني لاشتراطات التصورين الإيجابيين: القانوني والسوسيولوجي للأحكام والمقتضيات.
من هذه الناحية، يعتبر هذا الميثاق إبداعا ممكن التحقق لنموذج مغربي للديمقراطية التشاركية، بنظام دينامي يتحقق أداؤه “المثالي” بدرجة قدرته على إنتاج تعاون بناء من أجل تنمية بشرية مستدامة، توازن بين الخلفيات الثقافية لمسالك التضامن، والتكافل، والتطوع الاجتماعي، كما تم تطويرها في مختلف مراحل التطور التاريخي للأمة المغربية عبر رصيده الحضاري العريق، وبين التجارب الوطنية والدولية المعاصرة للحكامة الجيدة، وديمقراطية القرب، والحق في التنمية، والمشاركة المواطنة الفاعلة، وتوسيع سلطة الفاعلين الترابيين في مجالات التنمية المحلية.
وتكريسا لهذا التوجه، جعل المشرع الدستوري الحق في تقديم العرائض مكسبا دستوريا[40]، باعتباره مظهرا من مظاهر حرية الرأي والتعبير، وهو عمل يتم على أساسه توجيه الالتماس إلى السلطة العمومية أملا في الحصول على الإجابة، أو مطالبة أفراد السلطات العمومية إبداء رأي حول موضوع معين أو تقديم ملاحظات في الأمور التي تتعلق بهم بشكل فردي أو تلك التي لها علاقة بالشؤون العامة.
كما يعتبر حق تقديم العرائض من بين أهم الوسائل القانونية التي تتيح للمواطنين والمجتمع المدني من التواصل المباشر مع السلطات العمومية، وذلك من أجل إبداء تظلماتهم، وهو معطى يجعل من ممارسة هذا الحق من بين أهم مظاهر الديمقراطية التشاركية، التي تركز على إشراك المواطنين في تدبير الشأن العام، وانخراطهم الفعلي في الحياة السياسية[41].
وقد سار في نفس الاتجاه القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات حيث عمل على تكملة وتوضيح شروط ممارسة هذا الحق. وقد تعرض هذا القانون إلى مدلول العريضة حيث جعلها كل محرر يطالب بموجبه المواطنات والمواطنون والجمعيات مجلس الجهة بإدراج نقطة تدخل في صلاحياته ضمن جدول أعماله، كما عرف وكيل العريضة على أنه المواطنة أو المواطن الذي يعينه المواطنات والمواطنون وكيلا لتتبع مسطرة تقديم العريضة[42].
وقد ربط القانون المنظم للجهات ممارسة هذا الحق بمجموعة من الشروط الشكلية والموضوعية.
فمن الشروط الشكلية، أن يستوفي مقدمو العريضة من المواطنات والمواطنين، الشروط التالية:
– أن يكونوا من ساكنة الجهة المعنية أو يمارسوا بها نشاطا اقتصاديا أو تجاريا أو مهنيا؛
– أن تكون لهم مصلحة مشتركة في تقديم العريضة؛
– ألا يقل عدد التوقيعات على ما يلي:
- 300 توقيع بالنسبة للجهات التي يبلغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة؛
- 400 توقيع بالنسبة للجهات التي يتراوح عدد سكانها بين مليون وثلاثة ملايين نسمة؛
- 500 توقيع بالنسبة للجهات التي يتجاوز عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.
ويتعين أن يكون الموقعون موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على عمالات وأقاليم الجهة، شرط أن لا يقل عددهم في كل عمالة وإقليم تابع للجهة عن 5 في المائة من العدد المطلوب.
أما بالنسبة للجمعيات التي تود تقديم العريضة، فيجب استيفاء الشروط التالية:
– أن تكون الجمعية معترفا بها ومؤسسة بالمغرب طبقا للتشريع الجاري به العمل لمدة تزيد على ثلاث سنوات، وتعمل طبقا للمبادئ الديمقراطية ولأنظمتها السياسية؛
– أن تكون في وضعية سليمة إزاء القوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛
– أن يكون مقرها أو أحد فروعها واقعا بتراب الجهة المعنية بالعريضة؛
– أن يكون نشاطها مرتبطا بموضوع العريضة[43].
أما فيما يخص الجانب المتعلق بالشروط الموضوعية لتقديم العريضة، فإن المشرع الدستوري والتنظيمي حدد 3 شروط موضوعية رئيسية:
– أن لا يمس موضوع العريضة بالثوابت المنصوص عليها في الفصل الأول من الدستور؛
– أن يكون الهدف من العريضة هو مطالبة المجلس الجهوي بإدراج نقطة في جدول أعماله؛
– أن يكون موضوع العريضة من ضمن اختصاصات المجلس الجهوي[44].
وتودع العريضة لدى رئيس مجلس الجهة مقابل وصل يسلم فورا، والذي يحيلها إلى مكتب المجلس الذي يتحقق من استيفاءها للشروط المذكورة، وفي حالة قبول العريضة، تسجل في جدول أعمال المجلس في الدورة العادية الموالية، وتحال إلى اللجنة أو اللجان الدائمة المختصة لدراستها قبل عرضها على المجلس للتداول في شأنها. ويخبر رئيس المجلس الوكيل أو الممثل القانوني للجمعية، حسب الحالة، بقبول العريضة. وفي حالة عدم قبول العريضة من قبل مكتب المجلس، يتعين على الرئيس تبليغ الوكيل أو الممثل القانوني للجمعية، حسب الحالة، بقرار الرفض معللا داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ توصله بالعريضة.
أما فيما يتعلق بشكل العريضة والوثائق المرفقة بها، فقد أحالها القانون التنظيمي للجهات على نص تنظيمي[45].
والملاحظ على القيود التي وضعها القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات على تقديم العرائض، أنه لم ينص في حالة رفض هاته العرائض عن المرحلة التالية كشكل من أشكال الطعن، كأن تحال هذه العرائض على المجلس الجهوي للبت في قبولها أو رفضها، خصوصا وأنها تتضمن رغبة وإرادة فئة كبيرة تصل إلى 500 مواطنة ومواطن، فالقانون التنظيمي جعل رفض مكتب المجلس للعرائض نهائيا.
وهذا لا يتماشى مع الدور والتوجه الخاص “Vocation Spéciale” للجهوية والذي يجب أن ينصب على احتواء الاختلافات والتنوعات، بآليات ومؤسسات ديمقراطية والذي هو في عمقه احتواء طبيعي[46]،للأزمات والمخاطر والهزات الاجتماعية. وهذا الدور تعززه التحولات السياسية والاجتماعية والتي تثبت على أن الجهة تعد المجال المناسب للتطبيق السليم للديمقراطية، التي تأخذ بعين الاعتبار اختلاف المقومات الثقافية والاجتماعية، داخل نفس الدولة[47]،الشيء الذي يعزز من الوحدة الوطنية[48].
خاتمــــة:
إذا كان التنصيص على الآليات التشاركية دستوريا، وضمن القانون التنظيمي الخاص بالجهات 111.14، يعد قفزة نوعية في تاريخ التجربة الديمقراطية بالمغرب. وذلك بكون العديد من المواد والمقتضيات القانونية الصادرة تصب في حقل الديمقراطية التشاركية عن طريق تمكين المواطنين والمواطنات وكذا جمعيات المجتمع المدني من المشاركة في الفعل العمومي عبر آليات دستورية وقانونية، فإن الرهان الحقيقي اليوم هو الملائمة بين النصوص الدستورية والقوانين التنظيمية بالشكل الذي يسمح بممارستها وتطبيقها فعليا دون معيقات أو تعقيدات، بدءا من العمل على تجاوز تلك الشروط التعجيزية التي وضعها القانون التنظيمي 44.14 الخاص بتحديد شروط وكيفيات تقديم العرائض، والتي جاءت لتقيد الحق الدستوري في مشاركة المواطنات والمواطنين في صياغة القوانين. وفي المقابل فإن غالبية فعاليات المجتمع المدني، تعاني من ضعف التواصل الداخلي والخارجي، ولا تملك رؤية استراتيجية ولا مخططات مبرمجة لمشاريعها.
كما أن الرهان الأساسي الذي أصبح يواجه السلطات العمومية بالمغرب، هو الارتقاء إلى توزيع للسلط بين الدولة والجهة على أساس عادل ومتوازن، يعطي للجهة المكانة الحقيقة التي يجب أن تحظى بها على غرار التجارب الرائدة.
فإذا كان اهتمام المشرع المغربي بالجماعات القاعدية أكثر من اهتمامه بالجهة يجد مبرره في مبدأ التدرج الذي اعتمده في إسناد الاختصاص بنوع من الحيطة والحذر، فإن هذا المبرر اليوم لم يعد مقبولا، بعد أن راكمت هذه الجماعات ما يكفي من التجربة والتي يجب استثمارها في تطعيم الجهة والرفع من أهميتها، وهذا يعني أنه يجب فك الحصار على مسألة توزيع الاختصاصات كمدخل أساسي لإعادة النظر في العلاقة بين الجهة والدولة، الشيء الذي سيترتب عنه تحرير النخب لكي تقوم بدورها في تفعيل الشأن الترابي.
قائمة المراجع:
المراجع باللغة العربية:
الكتب
محمد اليعقوبي:” المظاهر التاريخية والتنظيمية للجهوية في المغرب”، تأملات حول الديمقراطية المحلية بالمغرب، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الثانية، 2008.
محمد الغيلاني:” محنة المجتمع المدني، مفارقات الوظيفة والرهانات الاستقلالية”، دفاتر وجهة نظر، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، سنة 2005.
المقالات
محمد بوجبيدة: :” تداخل الاختصاصات بين الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممارسة”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 78 الطبعة الأولى، سنة 2008
عبد الحق بلفقيه: ” قراءة دستورية في القانون التنظيمي للجهات “، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 33/34، سنة 2015،
بجيحة العربي:” ممثل السلطة المركزية بالجماعات الترابية: أي دور للولاة/ العمال من خلال الدستور ؟”، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 29-30 السنة 2015
محمد الغيلاني:” محنة المجتمع المدني، مفارقات الوظيفة والرهانات الاستقلالية”، دفاتر وجهة نظر، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، سنة 2005
سعيد جعفري:” الجهوية الموسعة بالمغرب، خارطة طريق ملكية، ورد في الجهوية الموسعة بالمغرب ( أي نموذج مغربي على ضوء التجارب المقارنة )”، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، مطبعة طوب بريس الرباط، العدد 6 فبراير 2010
المصطفى بلقزبور: ” توزيع الاختصاص بين الدولة والجهات، أي نموذج ممكن في أفق مغرب الجهات “، السلسلة المغربية لبحوث الإدارة والاقتصاد والمال، مطبعة طوب بريس الرباط، العدد الثامن، الطبعة الأولى، 2011
المواقع الالكترونية
- تقرير تفصيلي لأنشطة الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني http://www.mcrp.gov.ma
(+) تم تحكيم هذا المقال من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية
[1]– زكرياءالكداني: ” الجهوية وأفاق التنمية”، مجلة مسالك، عدد مزدوج 17-18 سنة 2011، ص: 36.
[2]– إبراهيم الزياني:”نظام اللاتمركز ورهانات تنظيم الدولة في أفق الجهوية المتقدمة “، مجلة مسالك عدد مزدوج 18-17، 2011، ص:60.
[4]– Anne – Sophie Gorge: « Le Principe d’Égalité Entre Les Collectivités Territoriales », Éditions Dalloz, 2010 , P:484.
[5]- أحمامد ياسين:” اللامركزية والجهوية والتنمية المحلية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدارالبيضاء- المحمدية، السنة الجامعية 2020-2021 ص: 265.
[6]– عادل تميم:” عادل تميم:” البعد الجهوي في سياسات تدبير الاستثمار وانعكاسه على التنمية على ضوء الجهوية المتقدمة”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام. جامعة عبد الملك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة. 2015-2016 ,ص: 102.
[7]– محمد بوجبيدة: :” تداخل الاختصاصات بين الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممارسة”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 78 الطبعة الأولى، سنة 2008،ص: 98.
[9]– المادة 82 من الظهير الشريف رقم 1.15.83 الصادر في 20 رمضان 1436، الموافق ل 7 يوليوز 2015، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6380، الصادرة بتاريخ 6 شوال 1436، الموافق ل 23 يوليوز 2015.
[10]– عبد الواحد مبعوث:” “التنمية الجهوية بين عدم التركيز الإداري واللامركزية “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية.جامعة محمد الخامس-أكدال، الرباط -2000 ص: 345.
[11]– سعاد الكحيلي:” التعاون والتضامن كآلية لتحقيق التنمية الجهوية “، دبلوم الماستر في القانون العام،جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة. السنة الجامعية 2012-2013. ص 48.
[12]– محمد بوجبيدة:” تداخل الاختصاصات بين الدولة والجماعات المحلية بين القانون والممارسة”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 78 الطبعة الأولى، سنة 2008، ص: 385.
[13]– عادل تميم:” إشكالية الاختصاصات بين الجهة والدولة ورهان التوازن في المغرب على ضوء الجهوية الموسعة-دراسة مقارنة”، مرجع سابق، ص: 104.
[14]– نجيب الحجيوي:” مبدأ التفريع وتوزيع الاختصاصات بين الدولة المركزية والجهات بالمغرب”، مجلة الدراسات السياسية والاجتماعية، حوارات، العدد 1 سنة 2015، ص: 81.
[15]– نجيب الحجيوي:” مبدأ التفريع وتوزيع الاختصاصات بين الدولة المركزية والجهات بالمغرب”، مرجع سابق، ص: 83.
[16]– الفصل 140 من دستور 2011 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 شعبان 1432 ( 29 يوليو 2011 )، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان ( 30 يوليو 2011 ).
[18]– فاطمة الزهراء بنحمزة: ” مبدأ التفريع وتوزيع الاختصاصات بين الدولة والجهة في المغرب”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، 2011-2012، ص: 79.
[19]– المواد 83 و84 و 85 و 86 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات. مرجع سابق.
[21]– بجيحة العربي:” ممثل السلطة المركزية بالجماعات الترابية: أي دور للولاة/ العمال من خلال الدستور ؟”، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 29-30 السنة 2015، ص: 158.
[22]– عادل تميم:” إشكالية الاختصاصات بين الجهة والدولة ورهان التوازن في المغرب – دراسة مقارنة – على ضوء الجهوية الموسعة “، مرجع سابق، ص: 100.
[23]– عبد الحق بلفقيه: ” قراءة دستورية في القانون التنظيمي للجهات “، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 33/34، سنة 2015، ص: 84.
[24]– المصطفى بلقزبور: ” توزيع الاختصاص بين الدولة والجهات، أي نموذج ممكن في أفق مغرب الجهات “، السلسلة المغربية لبحوث الإدارة والاقتصاد والمال، مطبعة طوب بريس الرباط، العدد الثامن، الطبعة الأولى، 2011، ص: 139.
[25]– محمد اليعكوبي:” الديمقراطية الإدارية بالمغرب”، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية “، العدد 5 دجنبر 2004، ص: 79.
[26]– محمد العيساوي:” تطور نظام الجهوية بالمغرب: دراسة قانونية – سوسيو سياسية – دراسة مقارنة”، رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، 2006-2007، ص: 58.
[27]– المادة 9 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، مرجع سابق.
[28]– المادة 17 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، مرجع سابق.
[29]– محمد الغالي:” سياسة القرب ومؤشرات أزمة الديمقراطية والتمثيلية”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة، العدد 53، 2006، ص: 25.
[30]– عبد الحق بلفقيه:” قراءة دستورية في القانون التنظيمي للجهات “، مرجع سابق، ص: 85.
[31]– محمد الغيلاني:” محنة المجتمع المدني، مفارقات الوظيفة والرهانات الاستقلالية”، دفاتر وجهة نظر، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، سنة 2005، ص: 73.
[32]– سعاد الكحيلي:” التعاون والتضامن كآلية لتحقيق التنمية الجهوية”، مرجع سابق، ص: 20.
[33]-التيجاني مصعب: ” المجتمع المدني ورسم السياسات العمومية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، كلية الحقوق طنجة. 2018، ص 86.
[35]– الفصل 13 من الدستور المغربي 2011.مرجع سابق.
[36]-Ahmed Mécher:« Quelle gouvernance pour le développement des zones arides au Maroc ? », REMALD, Thème actuels, N 46, 2004, p:53.
[37]– سعيد جعفري:” الجهوية الموسعة بالمغرب، خارطة طريق ملكية، ورد في الجهوية الموسعة بالمغرب ( أي نموذج مغربي على ضوء التجارب المقارنة )”، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، مطبعة طوب بريس الرباط، العدد 6 فبراير 2010، ص: 15.
[39]– تقرير تفصيلي لأنشطة الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني http://www.mcrp.gov.ma
[40]– الفصل 139 من الدستور 2011: ” يمكن للمواطنين والمواطنان والجمعيات تقديم عرائض، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله “.
[41]– عبد الحق بلفقيه: ” قراءة دستورية في القانون التنظيمي للجهات”، مرجع سابق، ص: 87.
[42]– المادة 119، القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، مرجع سابق.
[43]– المادة 121 من القانون التنظيمي 111.14 الخاص بالجهات. مرجع سابق.
[44]-المادة 118 من القانون التنظيمي 111.14. مرجع سابق.
[45]– المادة 122 من القانون التنظيمي 111.14 الخاص بالجهات. مرجع سابق.
[46]– عادل تميم:” إشكالية الاختصاصات بين الجهة والدولة ورهان التوازن في المغرب على ضوء الجهوية الموسعة – دراسة مقارنة” -، مرجع سابق، ص: 101.
[47]– عبد الحق المرجاني:” الجهوية في بعض الدول المتقدمة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية”، عدد مزدوج 7-8 أبريل/شتنبر 1994، ص: 77.
[48]– حماد صابر:” المغرب المعاصر بين تحقيق اللامركزية الإدارية وتعثر الوظيفة الانتخابية”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 26 يناير -مارس 1999، ص: 69.
تعليقات 0