مجلة مغرب القانونالقانون الخاصوسيلة جلال: سلطات قاضي التحقيق أثناء سير التحقيق وعند انتهائه طبقا لقانون المسطرة الجنائية المغربي

وسيلة جلال: سلطات قاضي التحقيق أثناء سير التحقيق وعند انتهائه طبقا لقانون المسطرة الجنائية المغربي

وسيلة جلال باحثة بسلك الدكتوراه، مختبر البحث في العلوم القانونية والسياسية بالكلية المتعددة التخصصات، جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال

تقديم:

تعد المحاكمة العادلة ركيزة أساسية في دولة الحق والقانون، وهي ضمانة حقيقية لحماية الأفراد من أي تعسف واعتداء، ومن أهم أركان هذه المحاكمة العادلة نجد مؤسسة قاضي التحقيق التي أولاها المشرع المغربي أهمية بالغة منذ سن قانون 1959 مع إجراء تعديلات متلاحقة لتعزيز دورها، ويعود الامتداد التاريخي لمؤسسة قاضي التحقيق في المغرب إلى مرحلتين، المرحلة الأولى كانت ما قبل الاستعمار، والتي لم تعرف حينها هذه المؤسسة إذ كان يتولى وظيفة القاضي الجنائي القضاة الشرعيون، أما الفترة الثانية فهي الفترة الاستعمارية، والتي شهدت تطبيق قانون المحاكمات الجنائية أمام المحاكم العصرية التي منحت حينها ضمانات واسعة للمتهم، وقد تطورت بعد ذلك هذه المؤسسة بشكل ملحوظ بعد إصدار ظهير 1974، إلا أن هذا الأخير وقع إلغائه بمقتضى القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية[1].

فعندما نتحدث عن مؤسسة قاضي التحقيق فإننا نتحدث عن جهاز قضائي فريد، حيث يتمتع قاضي التحقيق بسلطة واسعة تمكنه من ممارسة وظيفتي القاضي والمحقق بشكل متزامن، مما يجعله بمثابة “محكمة مصغرة” داخل الهيكل القضائي، فهو لا يقتصر دوره على جمع الأدلة فحسب، بل يتعداه لاتخاذ قرارات قضائية مؤقتة، مما يضفي عليه طابعاً استثنائياً في سير العدالة.

وعليه، يتمتع قاضي التحقيق بصلاحيات قضائية واسعة تمكنه من اتخاذ مجموعة متنوعة من القرارات والأوامر القضائية، مما يجعله بمثابة هيئة قضائية مستقلة، فهو لا يقتصر دوره على جمع الأدلة واستجواب الشهود، بل يتعداه إلى الفصل في العديد من المسائل القانونية التي تطرح خلال مراحل التحقيق المختلفة، مما يؤكد دوره المحوري في سير العدالة.

هذا وخول القانون لقاضي التحقيق صلاحيات واسعة للتأكد من الاتهام ومن الأدلة المقدمة إليه بهدف ضمان نجاح مسطرة التحقيق الإعدادي، وذلك من خلال تمتيعه بمجموعة من السلطات والصلاحيات التي تعطيه الحق في القيام بمجموعة من الإجراءات التي تقتضيها طبيعة المسطرة المتبعة، إذ يقوم بتصريف جميع أشغاله ومهامه وذلك عن طريق إصداره لهذه الأوامر القضائية.

وبعد التعريف بالموضوع وأهميته لا يسعنا سوى إبراز إشكاليته، إذ أنه بالرغم من الصلاحيات الواسعة التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية لفائدة مؤسسة قاضي التحقيق كقاض، والتي تخص جميع المراحل التي تمر منها الدعوى، إلا أن هناك مجموعة من التساؤلات التي تطرح نفسها بشدة وهي كالتالي: ما هي السلطات والأوامر المخول لقاضي التحقيق إصدارها كقاض أثناء سير التحقيق وعند انتهائه؟ وإلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال المقتضيات المؤطرة لصلاحيات قاضي التحقيق بصفته قاضيا أثناء سير وانتهاء التحقيق أن يوفق بين مصلحة الدولة في العقاب وضمان حرية المتهم؟

فبالنسبة للإجراءات والأوامر التي يتولى قاضي التحقيق إصدارها، بعضها يتعلق بالشخص المتهم لكونه الحلقة الأساسية في إطار التحقيق الإعدادي وبعضها يتعلق بالأشياء التي يلجأ لها أثناء سريان التحقيق واللذان يستهدفان أساسا التقليص من حرية المتهم (المطلب الأول).

ويضاف إلى ذلك الأوامر القضائية الأخرى التي يقوم قاضي التحقيق بإصدارها إيذانا بانتهاء التحقيق وذلك بمناسبة تكون القناعة لديه، وبهذه الأوامر النهائية تختتم إجراءات التحقيق بأكملها ويتعين على قاضي التحقيق في كل أمر يصدره تبليغ النيابة العامة به حتى يتأتى لها ممارسة سلطاتها (المطلب الثاني).

المطلب الأول: سلطات قاضي التحقيق أثناء سير التحقيق

في سبيل تدبير إجراءات التحقيق الإعدادي، منح المشرع المغربي لقاضي التحقيق مجموعة من الصلاحيات والأوامر التي يمكن أن تساعده في الاحتفاظ بالمتهم أثناء سير التحقيق، ولعل أهمها وأخطرها وقعا على الحريات الفردية تلك الأوامر المتعلقة بالمراقبة القضائية والاعتقال الاحتياطي (الفقرة الأولى)، ناهيك عن تلك التي تهم بعض الأشياء والمتعلقة أساسا بسحب وإرجاع الوثائق (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الأوامر المتعلقة بالأشخاص

الأصل في الإنسان الحرية، ويلجأ قاضي التحقيق أحيانا إلى اتخاذ بعض التدابير الاحترازية ضمانا لحسن سير إجراءات التحقيق وتوفير الشروط الملائمة لحضور المتهم أمامه، ومن بين هذه التدابير نجد أنه يمكن في حالة الضرورة أن يكون هذا المتهم محل رقابة قضائية (أولا)، في حين إذا كان هذا التدبير غير مجدي ولا يفي بالغرض المنشود، يتم حرمانه من حريته أكثر من خلال الزج به في السجن عبر اللجوء استثناء إلى وضعه رهن تدبير الاعتقال الاحتياطي (ثانيا).

أولا: الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية

تعتبر المراقبة القضائية من أهم المستجدات التي تشكل طفرة كبرى في مجال احترام حقوق الإنسان من خلال تعزيز مبدأ قرينة البراءة وكذا في مشروع قانون المسطرة الجنائية المغربي، وإن كان المشرع المغربي لم يضع لها تعريفا محددا لكن يمكن أن نستنتج من خلال مقتضيات المادة 159 من ق.م.ج، أنها عبارة عن تدبير استثنائي يجوز لقاضي التحقيق اتخاذه في أي مرحلة من مراحل التحقيق الإعدادي ويعمل بها خصوصا في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية[2].

وقد خص المشرع المغربي أحكام الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية الذي يصدره قاضي التحقيق الباب التاسع من القسم الثالث بأكمله (من المادة 160 الى 174 من قانون المسطرة الجنائية)، لحماية ومسايرة طفرة حقوق الإنسان، وكذا تعزيز مبدأ قرينة البراءة.

أ- مفهوم المراقبة القضائية

قبل التطرق لمفهوم المراقبة القضائية، لا بد من الإشارة إلى أن المشرع المغربي استوحى هذا النظام من القانون الفرنسي الذي يعتبر المصدر الحقيقي له بمقتضى قانون 579-84 الصادر في 9 يوليوز 1984 والذي تم تعديله بمقتضى قانون 10213-93 الصادر في 24 غشت 1993 وهذه المؤسسة عرفت أيضا في التشريعات الأنكلوساكسونية تحت اسم الحراسة الالكترونية.

ويعرف بعض الفقهاء “وضع المتهم تحت الرقابة القضائية”، بأنه تدبير يحق بمقتضاه لقاضي التحقيق أن يخضع المتهم إلى التقيد بجملة من الالتزامات التي تؤمن بقاؤه رهن إشارة العدالة، وتحول دون فراره أو قيامه بإتلاف الأدلة، كما تجنب مساوئ الاعتقال الاحتياطي، (…) الذي قد يسفر أحيانا عن انتهاك ومساس بحرية الأشخاص المعتقلين (…)، مع ما قد يترتب عن ذلك من أضرار نفسية وعائلية ومهنية للمتهم[3].

وبالتالي، فنظام وضع المتهم تحت المراقبة القضائية يعتبر بمثابة إجراء قهري يتخذه قاضي التحقيق ضد الشخص المتابع، وذلك من خلال إخضاعه لمجموعة أو لأحد التدابير أو الالتزامات كلما تعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية[4].

وهذا ما أكدته مقتضيات المادة 159 من ق.م.ج، والتي نلاحظ من خلالها أن المشرع جعل من إجراء الوضع تحت المراقبة القضائية تدبيرا استثنائيا لا يعمل به إلا في الجنايات أو الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، لكن في المقابل نجد أن الجنح المعاقبة بالغرامة لا يتخذ بشأنها هذا التدبير.

ب- شروط المراقبة القضائية

يمكن القول أن سلطة الأمر بوضع المتهم تحت تدبير المراقبة القضائية المخولة لقاضي التحقيق تخضع لمجموعة من الشروط التي يمكن تصنيفها إلى شروط عامة وشروط خاصة:

  • الشروط العامة للأمر بوضع المتهم تحت تدبير المراقبة القضائية:

يخضع الأمر المتعلق بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية لمجموعة من الشروط العامة:

الشرط الأول: يعتبر تدبير وضع المتهم تحت المراقبة القضائية اختصاص ينفرد به قاضي التحقيق وذلك تطبيقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 160 من ق.م.ج[5]، حيث يندرج ضمن الاختصاصات الوظيفية التي لا يجوز قانونا وبصفة مطلقة أن يتخذها غيره ولو كان الأمر يتعلق بمسطرة الإنابة القضائية[6].

وبالتالي، فإن اتخاذ إجراء وضع المهتم تحت المراقبة القضائية على نحو مخالف لما ذكر يترتب عنه البطلان، بل وإمكانية متابعة الشخص الذي تولى اتخاذ هذا التدبير بدون موجب قانوني وخارج نطاق اختصاصه[7].

الشرط الثاني: إن قاضي التحقيق يتخذ تدبير الوضع تحت المراقبة القضائية لأجل ضمان حضور المتهم، ويجب أن يكون هذا الأمر الصادر عنه معللا[8].

الشرط الثالث: لإمكانية اتخاذ تدبير الوضع تحت المراقبة القضائية، لا بد وأن يتعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عنها بعقوبة سالبة للحرية وفق مقتضيات المادة 159 من ق.م.ج، ويضاف لذلك ألا يكون قاضي التحقيق قد أصدر أمرا باعتقال المتهم، وأن يتخذ تدبير الوضع تحت المراقبة القضائية بعد استنطاق المتهم[9].

  • الشروط الخاصة للأمر بوضع المتهم تحت تدبير المراقبة القضائية:

لإمكانية اتخاذ قرار وضع المتهم تحت المراقبة القضائية، لا بد وأن يحترم قاضي التحقيق الشروط الشكلية المتطلبة قانونا لصحة الإجراء من الناحية الشكلية.

وبالرجوع لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 160 من ق.م.ج، لا يمكن إخضاع المتهم لتدبير الوضع تحت المراقبة القضائية إلا بناء على تبليغ شفوي من قاضي التحقيق، مما يعني أنه حتى ولو كان قاضي التحقيق هو من اتخذ هذا الأمر لكن قام بتبليغه شخص أخر، ففي هذه الحالة يفتقد الأمر بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية لشكليتين هامتين وهما[10]:

  • عدم قيام قاضي التحقيق بتبليغ الأمر شخصيا و شفهيا للمتهم؛
  • خرق الشكلية المتعلقة بفورية التبليغ، وذلك اعتبارا لكون أنه لا يجب أن تكون مدة زمنية فاصلة بين إصدار هذا الأمر وواقعة تبليغه، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 160 من ق.م.ج جاءت واضحة، حيث نصت وبشكل صريح على أنه “يصدر قاضي التحقيق (…) أمرا يبلغه في الحال شفهيا للمتهم“.

كما يجب على قاضي التحقيق بمجرد تحقق واقعة التبليغ، أن يتضمن هذا التبليغ في المحضر ويجب تبليغه داخل أجل أربعة وعشرون ساعة الموالية لتاريخ تبليغ المتهم لممثل النيابة العامة.

ت- الأحكام العامة لإجراء الوضع تحت المراقبة القضائية

فصلت المادة 160 من ق.م.ج في الأحكام العامة التي تخص تدبير الوضع تحت المراقبة القضائية الذي يأمر به قاضي التحقيق، ومن هذه الأحكام نجد:

  • يمكن الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية في أية مرحلة من مراحل التحقيق لمدة شهرين قابلة للتجديد خمس مرات، من أجل ضمان حضور المتهم، ما لم تكن ضرورة التحقيق أو الحفاظ على أمن الأشخاص أو على النظام العام تتطلب اعتقاله احتياطيا[11]؛
  • يبلغ قاضي التحقيق الأمر شفهيا وحالا للمتهم، مع تسجيل هذا التبليغ في محضر وإبلاغه للنيابة العامة داخل 24 ساعة[12]؛
  • يجوز لقاضي التحقيق تغيير التدبير المتخذ أو إضافة تدبير أخر أو أكثر، سواء تلقائيا أو بناء على طلب النيابة العامة أو المتهم أو محاميه[13]؛
  • يجوز لقاضي التحقيق إلغاء الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية، تلقائيا أو بناء على طلب النيابة العامة أو المتهم أو محاميه[14]؛
  • يمكن لقاضي التحقيق إيداع المتهم بالسجن إذا أخل بالتزامات الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية وإلغاء هذا الأخير؛
  • يجب على قاضي التحقيق إلزاميا تسليم إما المتهم وإما محاميه نسخة من الأمر القاضي بوضعه تحت المراقبة القضائية (الفقرة السادسة من المادة 160)[15].

ويضاف إلى ذلك أن الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية يحمل بين طياته واحدا أو أكثر من التدابير المشار إليها في المادة 161 من ق.م.ج، والتي يلزم على المتهم الخضوع لها والتقيد بمقتضياتها وتتجلى هذه التدابير في الالتزامات التالية:

1-عدم مغادرة الحدود الترابية المحددة من طرف قاضي التحقيق؛

2-عدم التغيب عن المنزل أو السكن المحدد من طرف قاضي التحقيق إلا وفق الشروط والأسباب التي يحددها القاضي المذكور؛

3-عدم التردد على بعض الأمكنة التي يحددها قاضي التحقيق؛

4- إشعار قاضي التحقيق بأي تنقل خارج الحدود المعينة؛

5-التقدم بصفة دورية أمام المصالح والسلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق؛

6-الاستجابة للاستدعاءات الموجهة إلى الخاضع للمراقبة من أية سلطة أو أي شخص مؤهل معين من طرف القاضي؛

7-الخضوع لتدابير المراقبة المتعلقة بالنشاط المهني أو حول مثابرته على تعليم معين؛

8-اغلاق الحدود؛

9- تقديم الوثائق المتعلقة بهويته لاسيما جواز السفر إما لكتابة الضبط، أو لمصلحة الشرطة أو الدرك الملكي مقابل وصل؛

10-المنع من سياقة جميع الناقلات أو بعضها، أو تسليم رخصة السياقة لكتابة الضبط مقابل وصل ويمكن لقاضي التحقيق أن يأذن له باستعمال رخصة السياقة لمزاولة نشاطه المهني؛

11-المنع من الإتصال ببعض الأشخاص المحددين على وجه الخصوص من طرف قاضي التحقيق؛

12-الخضوع لتدابير الفحص والعلاج أو لنظام الاستشفاء سيما من أجل إزالة التسمم؛

13-إيداع كفالة مالية يحدد قاضي التحقيق مبلغها وأجل أدائها، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالة المادية للمعني بالأمر؛

14-عدم مزاولة بعض الأنشطة ذات طبيعة مهنية أو اجتماعية أو تجارية ماعدا المهام الانتخابية أو النقابية، وذلك في الحالة التي ترتكب فيها الجريمة أثناء ممارسة هذه الأنشطة أو بمناسبتها، أو إذا كان يخشى ارتكاب جريمة جديدة لها علاقة بممارسة النشاط المعني، غير أنه إذا تعلق الأمر بعدم مزاولة مهنة المحاماة، فإن الوكيل العام للملك يحيل الأمر بطلب من قاضي التحقيق على مجلس هيئة المحامين، الذي يبت طبقاً لمقتضيات المواد من 65 إلى 69 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، وفي حالة عدم البت داخل أجل شهرين من تاريخ الإحالة يعود لقاضي التحقيق اتخاذ القرار بنفسه.

يمكن الطعن في قرار مجلس الهيئة طبقاً لأحكام المادة 90 وما يليها إلى المادة 93 من القانون المذكور.

15-عدم إصدار الشيكات؛

16-عدم حيازة الأسلحة وتسليمها إلى المصالح الأمنية المختصة مقابل وصل؛

17-تقديم ضمانات شخصية أو عينية يحددها قاضي التحقيق تستهدف ضمان حقوق الضحية؛

18-إثبات مساهمة المتهم في التحملات العائلية أو أنه يؤدي بانتظام النفقة المحكوم بها عليه[16].

يتضح مما سبق أن قاضي التحقيق يملك سلطة تقديرية واسعة في اتخاذ أي تدبير يراه ملائما ضمن هذه القائمة الطويلة من التدابير وأن يختار من ضمنها الالتزام الأصلح والذي يراه مناسبا في تدبير إجراءات التحقيق حسب ظروف وملابسات القضية المعروضة عليه من جهة، والظروف الشخصية للمتهم من جهة ثانية[17].

وفي الحالة التي لم يحترم فيها المتهم الالتزامات المفروضة عليه بمقتضى الأمر الصادر عن قاضي التحقيق، يمكن لهذا الأخير إلغاء هذا التدبير ويصدر أمرا بالإيداع في السجن أو أمرا بإلقاء القبض بعد أخذ رأي النيابة العامة[18].

فكل التدابير المشار إليها أعلاه تتيح للمتهم أن يبقى حرا وفي الوقت نفسه تضمن حضوره أمام قاضي التحقيق في كل آن، ويحقق الأمر بتنفيذ إحدى تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية أعلاه عدة ضمانات يمكن اختزالها فيما يلي:

  • ضمان حضور المتهم أمام القضاء: وذلك للحيلولة دون فرار المتهم، وضمان حضوره أمام قضاء التحقيق؛
  • ضمان حسن سير التحقيق: مثلا كمنع المتهم من كل محاولة تواطؤ قد يبادر إليها، سواء بالتنسيق مع شركاؤه أو بمحاولته التأثير والتشويش على الشهود؛
  • ضمان عدم ارتكاب نفس الجريمة: ويتم ذلك باتخاذ التدابير المناسبة، كمنع المتهم من حيازة الأسلحة وتسليمها لمصالح الأمن المختصة مقابل وصل[19].

لكن بالرغم من ذلك يمكن أن يطرح إشكال حول مدى إمكانية تعارض تدابير الإجراء للحريات المكفولة باسم حقوق الإنسان، كالحق في التنقل، والحق في الشغل إلى غير ذلك.

وفي الأخير، ينتهي مفعول الوضع تحت المراقبة القضائية في الحالات التالية:

  • إذا صدر أمر بعدم المتابعة؛
  • إذا تبين لقاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية أن الأفعال المعروضة عليه مجرد مخالفة؛
  • إذا أمر قاضي التحقيق باعتقال المتهم أو متابعته[20].

ويبقى الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية من البدائل الناجحة التي ينبغي تفعيلها أكثر من أسلوب الاعتقال الاحتياطي الذي يجب أن يبقى الحل الأخير للتأكد من أن المتهم لا يزال رهن إشارة العدالة في أية مرحلة من مراحل التحقيق الجنائي[21].

ثانيا: الأمر بوضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي

إلى جانب الوضع تحت المراقبة القضائية، يعد الاعتقال الاحتياطي بدوره تدبيرا استثنائيا بصريح المادة 159 من ق.م.ج، ويجد هذا الإجراء مبرره في ضرورة منع المتهم من الفرار وتغيير الأدلة وتبديد وسائل الإثبات، ناهيك عن وجوده رهن إشارة قاضي التحقيق قصد استنطاقه ومواجهته مع الغير متى كان ذلك مفيدا للتحقيق.

وعليه، نجد أن المشرع المغربي قد حرص على تقييد الأعمال التي تدخل في إطار الاعتقال الاحتياطي من خلال التنصيص على كونه تدبيرا استثنائيا، يتعين استعماله في أضيق الحدود، من أجل تفادي تعارضه مع المبدأ الجنائي الذي يقضي بأن براءة المتهم هي الأصل، ذلك أن منطق العدالة يستلزم ألا يوضع في السجن إلا المحكوم عليه الذي تمت إدانته من طرف القضاء بحكم قضائي نهائي، غير أن ضرورات مكافحة الجريمة تقتضي اعتقال بعض الأشخاص قبل إدانتهم[22].

أ- مفهوم الاعتقال الاحتياطي

يعتبر الاعتقال الاحتياطي تدبيرا سالبا للحرية، يهدف إلى وضع المتهم في السجن، ويصدر على شكل أمر بالإيداع في السجن إذا كان المتهم حاضرا أو أمرا بإلقاء القبض إذا كان المتهم في حالة فرار[23].

وفي هذا السياق، نجد أن معظم القوانين الإجرائية الجنائية لم تقم بوضع تعريفا محددا لإجراء الاعتقال الاحتياطي، كما تم الاختلاف حول تسميته، فمنها من أسمته “بالحبس الاحتياطي”، ومنها من أسمته “بالتوقيف”، ومنها من أسمته  “بالحبس المؤقت”، ومنها من أسمته “الاعتقال الاحتياطي”، لدى سنعتمد في دراستنا على التسمية المشار إليها في قانون المسطرة الجنائية المغربي ألا وهي “الاعتقال الاحتياطي”.

وفي البداية لا بد من الإشارة إلى أن معظم التشريعات تركت مسألة تعريف الاعتقال الاحتياطي لاجتهاد الفقه، حيث عرفه البعض بأنه: إيداع المتهم بالسجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهي محاكمته[24].

في حين عرفه البعض الآخر بأنه إجراء من إجراءات التحقيق الجنائي يصدر من طرف الجهة التي منحها المشرع هذا الحق، ويتضمن هذا الإجراء أمرا لمدير السجن بقبول المتهم وحبسه به، ويبقى محبوسا لمدة قد تطول أو تقصر حسب ظروف كل دعوى حتى تنتهي إما بالإفراج عن المتهم أثناء التحقيق الابتدائي أو أثناء المحاكمة وإما بصدور حكم في الدعوى ببراءة المتهم أو العقوبة وبدأ تنفيذها عليه[25].

وفي المقابل، عرف الفقه الفرنسي الاعتقال الاحتياطي بأنه “إجراء قد يباشر منذ بداية التحقيق الإعدادي في موضوع الدعوى حتى نهايته، وينتهي بإيداع المتهم في أماكن الاعتقال لمدة تساوي مدة التحقيق أو قد تقل عنها”[26].

أما المشرع المغربي، فقد نظم أحكام “الاعتقال الاحتياطي” ضمن المقتضيات المنصوص عليها في المواد من 175 إلى 188 من ق.م.ج، كتدبير استثنائي يعمل به في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، ويهدف إلى الزج بالمتهم في السجن لمدة قد تطول أو تقصر دون أن تتعدى المدد التي قررها المشرع[27].

فمن خلال مقتضيات المادة 175 من ق.م.ج، يمكن أن نستنتج أن الاعتقال الاحتياطي هو تدبير بمقتضاه يحرم المتهم الخاضع له من حريته عن طريق الأمر بإيداعه في السجن -بعد الاستنطاق- خلال المدة التي يسمح بها القانون والتي تمتد بين فترة إفتتاح التحقيق الإعدادي في القضية المتهم بسببها إلى حين صدور حكم نهائي[28].

وهكذا يتبين من خلال ما سبق، أن قاضي التحقيق له سلطة تقديرية لتقرير الاعتقال الاحتياطي من عدمه، بالرغم أن المشرع حاول حصر نطاق تطبيقه في الحالات المنصوص عليها في المادة 160 من ق.م.ج، وهي ما لم تستدعيه “ضرورات التحقيق أو الحفاظ على أمن الأشخاص أو على النظام العام”، وأمام عمومية هذه الحالات، لا يمكن اعتبار هذا التعداد حصريا، وبالتالي فإنه يجب جميع الحالات التي تعرض على قضاة التحقيق[29].

  • شروط الاعتقال الاحتياطي

يصدر الاعتقال الاحتياطي في شكل أمر يصدره قاضي التحقيق في أي مرحلة من مراحل التحقيق[30]، ويتخذ شكل الأمر بالإيداع في السجن إذا كان المتهم حاضرا، أو أمرا بإلقاء القبض إذا كان المتهم في حالة فرار.

ونظرا لخطورة هذا الإجراء وتناقضه مع قرينة البراءة التي تمثل الأصل في المتهم، فإن مشروعيته تتوقف على مدى الالتزام بالشكليات التي يتطلبها، واحترام الضمانات التي أحاطها القانون بالمتهم الخاضع لهذا التدبير، كما يجب توفير رقابة قضائية تكفل فعالية هذه الضمانات، حتى لا يكون توقيع هذا الإجراء بعيدا عن الفكرة التي تتطلبها وتنبني عليها العدالة.

وبالرجوع إلى المقتضيات المنظمة للاعتقال الاحتياطي، ونظرا للأثار التي يرتبها هذا الإجراء والتي تمس بحرية المتهم، فقد أحاطه المشرع بمجموعة من الشروط والقواعد التي يجب مراعاتها عند اللجوء إلى العمل به[31]، وتتمثل هذه الشروط في شروط خاصة وشروط عامة:

  • الشروط الخاصة:

تختلف الشروط المسطرية المتطلبة قانونا لصحة إجراء الاعتقال الاحتياطي حسب إذا ما كان الأمر يتعلق بالجنح أو بالجنايات، وخص المشرع لكل حالة مدة أصلية وجعلها قابلة للتمديد مع مراعاة درجة خطورة الجريمة[32].

  • الشروط الخاصة بالاعتقال الاحتياطي في الجنح:

بالنسبة للجنح، لا يمكن لقاضي التحقيق اللجوء إلى اتخاذ تدبير الاعتقال الاحتياطي إلا بعد تأكده من توافر ثلة من الشروط وذلك تحت طائلة البطلان، دون الإخلال بقواعد المسؤولية الجنائية في هذا الباب، وهذه الشروط يمكن أن نوجزها فيما يلي:

  • يجب أن يتعلق الأمر بجنحة معاقب عنها بخمس سنوات حبسا، أو التي تقل عقوبتها عن خمس سنوات ولكن بنص خاص، وتكون مدة الاعتقال في هذه الحالة قابلة للتمديد لمرتين، ولنفس المدة بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصا يصدره قاضي التحقيق بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب، وبإنتهاء هذه المدة يتعين عليه أن يفرج عن المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق[33].
  • يجب أن يكون المتهم مقيما بالمغرب، ولا يجب أن يكون في حالة فرار لأن في مثل هذه الحالة يقوم قاضي التحقيق بإصدار الأمر بإلقاء القبض[34].
  • لا يمكن اعتقال المتهم إلا عقب استنطاقه في إطار الاستنطاق الأولي، حيث يتعين على قاضي التحقيق أن يستمع إلى المتهم، لأن ذلك ما يفسح المجال أمامه للدفاع عن نفسه ودحض ما كان منسوب إليه، وإذا لم يتحقق هذا الشرط فإن الأمر بالاعتقال الاحتياطي يكون باطلا[35].

وإذا ما تحققت هذه الشروط، يمكن لقاضي التحقيق إصدار أمر بالاعتقال الاحتياطي وإيداع المتهم بإحدى المؤسسات السجنية، وذلك لمدة شهر واحد (المادة 176 من ق.م.ج)[36].

غير أنه إذا انصرمت المدة اللازمة، وتطلبت ضرورة التحقيق الاستمرار في اعتقال المتهم، جاز لقاضي التحقيق وذلك بموجب أمر قضائي يجب تعليله تعليلا خاصا، والذي يتم لزوما إصداره بناء على ملتمسات النيابة العامة والتي تشترط الفقرة الثانية من المادة 176 من ق.م.ج[37] أن تكون هذه الملتمسات مدعمة بأسباب، وإذا ما تحققت هذه الشروط الإجرائية أمكن لقاضي التحقيق تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي وذلك لنفس المدة أعلاه أي شهر واحد ولمرتين فقط، وهذا يعني تبعا لمقتضيات المادة 176 من ق.م.ج، أن أمد الاعتقال الاحتياطي كحد أقصى في الجنح هو ثلاثة أشهر[38].

  • الشروط الخاصة بالاعتقال الاحتياطي في الجنايات:

فيما يتعلق بشروط الاعتقال الاحتياطي في الجنايات، فطبقا لمقتضيات المادة 177 من ق.م.ج، هي كالتالي:

أ- يجب أن يتعلق الأمر بجناية، حيث حدد المشرع مدة الاعتقال الاحتياطي في شهرين إذا كانت الأفعال توصف بالجناية طبقا لقواعد القانون الجنائي وتكون قابلة للتمديد خمس مرات ولنفس المدة، سيرا على الطريقة المعتمدة في الجنح؛

ب- يجب أن يتخذ هذا الأمر بعد استنطاق المتهم استنطاقا أوليا كما هو الحال في الجنح؛

مقال قد يهمك :   دور الاجتهاد القضائي في منازعات إنهاء عقد الشغل

ت- يجب أن يكون المتهم مقيما بالمغرب ولا يوجد في حالة فرار لأن في مثل هذه الحالة يقوم قاضي التحقيق بإصدار الأمر بإلقاء القبض؛

وإذا ظهرت عند انصرام الأجل ضرورة استمرار الاعتقال الاحتياطي وبناء على ملتمسات النيابة العامة والتي يجب أن تكون مدعمة بأسباب، وبناء على أمر قضائي معلل تعليلا خاصا، يمكن لقاضي التحقيق تمديد الاعتقال الاحتياطي لمدة شهرين خمسة مرات، مما يعني أنه لا يمكن لقاضي التحقيق وضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي إلا لمدة سنة كحد أقصى[39].

  • الشروط العامة:

إذا كان ما سبق أن أشير إليه يعتبر بمثابة شروط خاصة بالجنح  وبالجنايات حسب الأحوال، فإنه مع ذلك يشتركان في الشروط العامة التي يجب على قاضي التحقيق لزوما احترامها وذلك تحت طائلة بطلان اجراءات التحقيق، ومن هذه الشروط نجد أنه:

  • يشترط لإصدار أمر بالاعتقال الاحتياطي للمتهم أن تكون الأفعال المنسوبة له من ضمن الأفعال الخاضعة لنطاق التحقيق الإعدادي والمحددة بموجب المادة 83 من ق.م.ج[40].
  • لا يصح أمر الاعتقال الاحتياطي إلا من قبل قاضي التحقيق، بحيث لا يمكن إتخاذه من قبل النيابة العامة أو الضابطة القضائية، لأنه لا يدخل ضمن صلاحياتها[41].
  • لا يمكن اللجوء إلى تدبير الاعتقال الاحتياطي خلال مسطرة الاستنطاق الأولي، بالرغم من أن المشرع قد أكد في المادة 175 من ق.م.ج على أنه يمكن اللجوء إلى إتخاذه في أية مرحلة من مراحل التحقيق، حيث أنه لا بد وأن يقوم قاضي التحقيق باستنطاق المتهم ابتدائيا أولا.
  • يجب على قاضي التحقيق تبليغ قرار الأمر بالاعتقال الاحتياطي فورا وحالا وشفهيا للمتهم حالما يتخذ هذا القرار[42]، كما يتعين عليه لزوما طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 160 من ق.م.ج، أن يقوم بتبليغ الأمر إلى النيابة العامة داخل الأربع و العشرين ساعة الموالية لإتخاذه قرار الاعتقال الاحتياطي.
  • يجب أن يتضمن الأمر بالاعتقال الاحتياطي الصادر عن قاضي التحقيق كافة البيانات الشكلية المتطلبة كتوقيع قاضي التحقيق ووضع خاتمه، اسمه، هوية المتهم، طبيعة الجريمة المرتكبة وغيرها من البيانات الإلزامية المتطلبة قانونا والتي كانت موضوع تحليل سابق[43].
  • يجب لزوما على قاضي التحقيق تسليم نسخة من الأمر بالاعتقال الاحتياطي إما للمتهم أو لدفاعه بناء على طلب أحدهما لذلك.

إذا انتهت مدة الاعتقال الاحتياطي، ولم يتم تجديدها أو كانت قد استوفت جميع التمديدات الممكنة، يتعين على قاضي التحقيق أن يفرج تلقائيا عن المتهم، ما لم تتم إحالته على المحكمة المختصة، أو يكون معتقلا لأسباب أخرى، وبالتالي بما أن تدبير الاعتقال الاحتياطي يكتسي طبيعة استثنائية، يجب الإستغناء عنه كلما انتفت الأسباب الداعية لتوقيعه، ويعني انتفاء هذه الأسباب انتهاء الاعتقال الاحتياطي والأمر بالإفراج المؤقت، ليتابع المتهم في حالة سراح[44].

  • خاصية الإفراج المؤقت في مجال الاعتقال الاحتياطي

يفرج عن المتهم الموضوع رهن الاعتقال الاحتياطي، في حالات عديدة تم تحديدها في قانون المسطرة الجنائية فيما يلي:

  • حالة الإفراج عن المتهم بقوة القانون وفقا للمواد 176-177-179-147 من ق.م.ج.
  • حالة الإفراج المؤقت بمبادرة من قاضي التحقيق وفقا للمادة 178 من ق.م.ج.
  • حالة الإفراج المؤقت بطلب من النيابة العامة وفقا للمادة 174 من ق.م.ج.
  • حالة الإفراج المؤقت بطلب من المتهم وفقا للمادة 179 من قانون ق.م.ج.

ومن أجل التفصيل في كل حالة من هذه الحالات، سوف نقم بتسليط الضوء على كل واحدة منها على حدة:

  • الإفراج المؤقت بقوة القانون:

يتعين على قاضي التحقيق أن يأمر بالإفراج عن المتهم عند انتهاء مدة الاعتقال الاحتياطي المقررة قانونا[45]، إضافة إلى انتهاء كل التمديدات الممكنة[46]، كذلك يتعين أن يتم الإفراج عن المتهم إذا صدر أمر بحقه يقضي بعدم المتابعة من أجل الأفعال المنسوبة له[47].

  • الإفراج المؤقت بمبادرة من قاضي التحقيق:

طبقا لمقتضيات المادة 178 من ق.م.ج، يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بالإفراج المؤقت تلقائيا مع التقيد بالشروط التالية:

  • استشارة النيابة العامة.
  • إذا كان الإفراج غير مقرر بموجب القانون.
  • إلتزام المتهم بالحضور لجميع إجراءات الدعوى كلما تم استدعاؤه لذلك، وأن يخبر قاضي التحقيق بجميع تنقلاته أو مكان إقامته.

كما يمكن لقاضي التحقيق أن يربط أمر الإفراج المؤقت بإدلاء المتهم بشهادة من مؤسسة عمومية أو خاصة للصحة أو التعليم تؤكد تكفلها به أثناء مدة الإفراج، ويمكنه كذلك أن يوقف الإفراج على وجوب التزام المتهم بتقديمه ضمانة مالية أو شخصية[48]، أو أن يرفق أمر الإفراج المؤقت بأمر ثان يقضي بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية مع احترام الالتزامات التي يفوضها هذا الإجراء[49].

  • الإفراج المؤقت بطلب من النيابة العامة:

يمكن للنيابة العامة أن تقدم في كل وقت وحين ملتمسا لقاضي التحقيق الذي يقضي بالإفراج المؤقت عن المتهم، ويتوجب على قاضي التحقيق أن يبت في هذا الملتمس داخل أجل خمسة أيام من تاريخ تقديمه[50].

وإذا لم يبت قاضي التحقيق في الملتمس خلال الأجل المذكور، يمكن للنيابة العامة أن تقوم بتقديم طلب بالإفراج المؤقت إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف، ويتعين على هذه الأخيرة أن تقوم بالبت في الطلب داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه[51]، وإذا لم تفصل الغرفة الجنحية في هذا الطلب داخل الأجل المقرر، لزم الإفراج عن المتهم بقوة القانون[52]، وإذا كان في الدعوى طرف مدني، فإن قاضي التحقيق لا يمكنه اصدار أمره إلا بعد ثمان وأربعين ساعة من تاريخ اشعاره بتقديم طلب الإفراج المؤقت[53].

  • الإفراج المؤقت بطلب من المتهم:

على غرار النيابة العامة، يمكن للمتهم أو محاميه بناء على مقتضيات المادة 179 من ق.م.ج، أن يقدم طلب الإفراج المؤقت لقاضي التحقيق في كل مرحلة من مراحل الدعوى إلى غاية انتهاء القضية بصدور حكم نهائي، ويتعين على هذا الأخير أن يقوم بتبليغه خلال أربع وعشرين ساعة من وقت وضعه للنيابة العامة[54] لتقدم ملتمساتها حوله، كما يشعر به المطالب بالحق المدني خلال نفس المدة ليتمكن هو الأخر من إبداء ملاحظته عليه، ويجب على قاضي التحقيق أن يبت في طلب الإفراج المؤقت بأمر قضائي معلل داخل خمسة أيام من تاريخ وضعه، وإذا لم يبت فيه داخل هذه المدة، يمكن للمتهم أو محاميه أن يرفع طلبه إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف، والتي يتعين عليها أن تبت فيه داخل أجل أقصاه خمسة عشر يوما، وذلك بعد تقديم النيابة العامة لملتمساتها، وإلا وجب الإفراج مباشرة عن المتهم، ما لم يكن هناك أي إجراء إضافي للتحقيق[55].

وإذا تم تمتيع المتهم بالإفراج المؤقت سواء كان ذلك بكفالة أو بدون كفالة، يتعين عليه قبل الإفراج عنه أن يقوم بتقديم تصريح إلى كتابة ضبط المؤسسة السجنية المعتقل فيها، يحدد من خلاله مكان للمخابرة معه، وذلك إما في المكان الذي يواصل فيه التحقيق، وإما في المكان الذي يوجد به مقر المحكمة المحالة لها القضية، ويقوم رئيس المؤسسة السجنية بإخبار السلطة المختصة بتقديم هذا التصريح وبمضمونه[56].

وفي الحالة التي يتم فيها تمتيع المتهم بالإفراج المؤقت المقترن بأداء كفالة مالية، يتقرر مصير مبلغ الكفالة المقدم كضمان بناء على نتيجة التحقيق أو المحاكمة من جهة، ومدى التزام المفرج عنه بالامتثال للاستدعاءات التي كانت توجه له على طول فترة التحقيق من جهة أخرى، فإذا توصل قاضي التحقيق إلى قرار يقضي بعدم المتابعة أو لا وجه لإقامة الدعوى، أو تمت الإحالة وقضي ببراءته مما نسب إليه، وكان هذا المتهم يمتثل لكل الاستدعاءات الموجهة له من طرف قاضي التحقيق أو المحكمة، فيجب أن يتم إرجاع مبلغ الكفالة للمتهم بالكامل، أما إذا كانت نتيجة المحاكمة هي الإدانة، أو كان المتهم لا يلتزم بحضور جلسات التحقيق أو المحاكمة بانتظام، فإنه يحرم من استرجاع مبلغها إما بشكل كلي أو جزئي[57].

وتبت المحكمة بدون حاجة لحضور المتهم في الحالات المشار إليها في المادة 181 من ق.م.ج[58]، أما إذا تعلق الأمر بالإفراج المؤقت عن المتهم الأجنبي فإنه يقرر لزوما حجز جواز السفر وإغلاق الحدود في حالة تعيين محل للإقامة الإجبارية[59].

ونظرا للوضعية القانونية للمعتقل الاحتياطي الذي تم الزج به في السجن على ذمة التحقيق يجب أن يتم التعامل معه بشكل يتناسب مع هذا الوضع، لذلك خول المشرع المغربي لمجموعة من الأجهزة مراقبة تنفيذ إجراءات الاعتقال الاحتياطي[60].

وهكذا، منحت المادة 249 من ق.م.ج لرئيس الغرفة الجنحية مهمة الاشراف على تنفيذ الاعتقال الاحتياطي، كما هو الشأن لقاضي تنفيذ العقوبة حسب المادة 569 من نفس القانون، ناهيك عن الصلاحيات المخولة للجنة مراقبة السجون المنصوص عليها في المواد 620 و 621.

كما أن المادة 7 من القانون رقم 98-23 المتعلق بتنظيم السجون[61]، نصت على وجوب تخصيص أماكن خاصة للمعتقلين احتياطيا، وهو نفس التوجه الذي سار عليه قانون المسطرة الجنائية في المادة 615.

الفقرة الثانية: الأوامر المتعلقة بالأشياء

بهدف ضمان حضور المتهم خلال جميع مراحل التحقيق، نجد أن المشرع المغربي متع قاضي التحقيق بسلطات واسعة في إصدار مجموعة من الأوامر التي تهم بعض الأشياء، والتي تكمن أهميتها في مساعدته في تدبير ومباشرة إجراءات التحقيق الإعدادي والاستمرار فيها، وهذه الأوامر تنصرف إلى سحب بعض الوثائق والتي قيدها المشرع المغربي بإجراءات ومدد قانونية وجب الالتزام بها (أولا) إلى جانب الأوامر الخاصة بإرجاع بعض الوثائق (ثانيا)، واللذان تكمن فلسفتهما وقيمتهما في الطابع الاحترازي والوقائي الذي يمكن قاضي التحقيق من الاطمئنان خلال مرحلة التحقيق، وكل هذه الأوامر تصدر في شكل قرارات مكتوبة.

أولا: الأوامر الخاصة بسحب الوثائق

ينصب السحب على مجموعة من الوثائق التي تغل وتقيد حرية المتهم، وبالتالي إبقائه رهن إشارة قاضي التحقيق كلما دعت الضرورة، ونعني بذلك سحب جواز السفر وإغلاق الحدود (أ)، بالإضافة إلى سحب بعض الوثائق الأخرى (ب) كما سنرى لاحقا.

أ- الأمر بسحب جواز السفر وإغلاق الحدود

يمكن لقاضي التحقيق في القضايا الجنائية أو الجنحية أن يصدر أمرا بسحب جواز السفر وإغلاق الحدود كلما اقتضت ذلك ضرورة التحقيق، وتتجلى القيمة القانونية لهذا الإجراء في هدفه الاحترازي تفاديا وتجنبا لفرار المتهم ومغادرته البلاد، مما قد يستعصي معه مواصلة إجراءات التحقيق وإنجازها في إبانها، سيما وأن هذه الإجراءات وقتية تحكمها آجال وآماد محددة، وبالتالي فإن سحب جواز السفر وإغلاق الحدود، يعد ضمانة قوية لبقاء المتهم رهن إشارة قاضي التحقيق طيلة مدة التحقيق[62].

وفي المقابل، يتم تفعيل هذا الإجراء بإحالة جواز السفر على رئيس مصلحة كتابة الضبط بأمر كتابي يصدره قاضي التحقيق، ويبقى تحت عهدته إلى حين البت في وضعية المتهم أو انصرام آجال التحقيق حيث يتم إرجاع الجواز إلى صاحبه مقابل توقيعه على تسلمه إياه[63].

أما أجرأة إغلاق الحدود فيتجلى في مكاتبة السلطات المختصة بمنع المتهم من مغادرة أرض الوطن حتى يبقى رهن إشارة قاضي التحقيق بتنفيذ الأمر القضائي الصادر بهذا الشأن.

وإقتران إغلاق الحدود مع سحب جواز السفر تمليه ضرورة إجرائية، لأن بعض الأشخاص قد يتوفرون على جوازين للسفر، جواز بالبلد الذي ينتمي إليه وجواز باسم البلد المقيم فيه وبالتالي سحب الجواز الوطني قد لا يحول دون استخدام الجواز الثاني وبالتالي مغادرة البلاد، لذلك أضاف المشرع مسألة إغلاق الحدود لهذه الغاية واحترازا من فرار المتهم خارج أرض الوطن[64].

وتبعا لذلك تجدر الإشارة إلى أن حجز جواز السفر وإغلاق الحدود قد يكون على سبيل الجواز أو الوجوب، وعموما لا يمكن تصوره إلا إذا كان المتهم في حالة سراح[65]، إذ يتقرر لزوما حجز جواز السفر وإغلاق الحدود في حالة تعيين محل الإقامة الإجبارية أو إذا تعلق الأمر بأجنبي[66]، بينما يكون جوازا في حق المتهم الذي ظل في حالة سراح أو إذا أفرج عنه مؤقتا أو غير مقرون بالوضع تحت المراقبة القضائية[67].

ويكون القرار الصادر في شأن هذه التدابير غير قابل للطعن بالنقض، ويرجع أمر تنفيذه إلى المصالح الأمنية، علما أنه يعاقب كل من تملص من هذه الالتزامات بالحبس تتراوح مدته ما بين ثلاثة أشهر وسنتين وغرامة يتراوح مبلغها ما بين 1200 و 12000 درهم[68].

ب- الأمر بسحب بعض الوثائق الأخرى (رخصة السياقة نموذجا)

بخصوص قضايا حوادث السير مثلا التي يحال مرتكبوها على التحقيق خصوصا في الحوادث المميتة[69]، والتي بات التحقيق بشأنها إلزاميا بمقتضى مدونة السير الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر 2010[70]، فإن قاضي التحقيق إذا ما ارتأى إجراء التحقيق مع المتهم في حالة سراح قد يلجأ إلى منعه من السياقة، ويصدر أمرا بوضع أو تسليم رخصة السياقة لكتابة الضبط مقابل وصل[71].

وقد ذكر المشرع هذا الإجراء ضمن التدابير التي سطرها في المادة 161 من ق.م.ج، حيث أردف تسليم رخصة السياقة لكتابة الضبط بإمكانية الإذن باستعمال هذه الرخصة في حدود مزاولة النشاط المهني، وذلك في الحالة التي يعتمد فيها المتهم على رخصة السياقة كوسيلة لعيشه وعيش أسرته كما هو الشأن للأشخاص الذين يحترفون ويمتهنون السياقة[72].

وبالتالي، فهذا التدبير موكول لقاضي التحقيق بناء على سلطته التقديرية في تدبيره للقضايا المعروضة عليه، حيث أنه من شأن إصدار أمر بإيداع رخصة السياقة لدى مصلحة كتابة الضبط ضمان لحضور المتهم إجراءات التحقيق من جهة بالإضافة إلى تفادي الإيداع في السجن، وبالتالي لا يمكن تصور اللجوء إلى هذا الإجراء إلا بالوضع تحت المراقبة القضائية[73].

ثانيا: الأوامر الخاصة بإرجاع الوثائق

يتعلق الإرجاع الذي يضطلع به قاضي التحقيق ويصدر بشأنه أوامر قابلة للتنفيذ، بإرجاع حيازة العقارات المترامي عليها بعد الحكم والتنفيذ (أ) ورد الأشياء المحجوزة إلى أصحابها متى لم تكن لازمة لسير الدعوى (ب) وكذا القيام بإصدار أمر ببيع المحجوزات عند الضرورة (ت).

أ- الأمر بإرجاع الحيازة

الأمر بإرجاع الحيازة أو إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه كما يسميها بعض الفقه، يتم اللجوء إليها في حالة الاعتداء على الحيازة وقيام أدلة كافية مبنية على الجدية في توجيه الإتهام خصوصا عندما يتعلق الأمر بجرائم الاعتداءات على الحيازة، وبهذا الخصوص، نصت المادة 142 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الرابعة على أنه لقاضي التحقيق “وله متى قامت دلائل كافية على جدية الإتهام في جرائم الاعتداءات على الحيازة أن يأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه“.

ويعتبر هذا الإجراء من المستجدات التي جاء بها القانون الجديد للمسطرة الجنائية، إلا أن المشرع لم يوضح ما إذا كان الأمر يتعلق بحيازة عقار أو منقول من جهة، كما لم يوضح المسطرة المتبعة من أجل إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وكذا طبيعة الدلائل الكافية على جدية الإتهام الموجه إلى المتهم بشأن جرائم الاعتداءات على الحيازة[74].

ونرى في هذا الصدد، أن الأمر يهم الاعتداء على حيازة عقار دون المنقول بدليل أن أفعال الترامي والاعتداء على الحيازة تنصب على العقارات دون المنقولات، لأن الاعتداء على هذه الأخيرة قد يدخل في إطار جرائم السرقة أو خيانة الأمانة أو النصب أو الاختلاس أو غيرها من الجرائم التي تهم المنقولات بشكل عام[75].

ويضاف إلى ذلك، أن التدخل بإرجاع الحالة أو الحيازة، لا بد وأن يتأسس على أدلة قوية ولا يمكن تصور ذلك إلا بعد صدور حكم سابق بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، وبالتالي تدخل قاضي التحقيق يكون بناء على حكم قضائي حائز على قوة الشيء المقضي به وسبق فعلا تنفيذه، أما مسطرة تنفيذ أمر قاضي التحقيق بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه فإنه موكول للقوة العمومية التي تسهر على تنفيذ وتحرير محضر بذلك، وهو أمر فوري وتحفظي ولا يقبل أي طعن، لأن الحكمة من اللجوء إلى هذا الإجراء تكمن في إعادة الحق المعتدى عليه إلى صاحبه في أسرع وقت ممكن، بدل من الانتظار أو سلوك إجراءات ومساطر قد تطول من أجل استرجاع الحق المحاز[76].

ب- الأمر برد الأشياء

تقتضي أحيانا ضرورة البحث والتحقيق ضبط وحجز الأشياء[77] التي تكون لها علاقة بالجريمة حيث تبقى رهن إشارة قاضي التحقيق، وفي هذا الإطار نجد أن المشرع خول لقاضي التحقيق بمقتضى الفقرة الخامسة من المادة 142 من ق.م.ج حق رد الأشياء التي تم ضبطها خلال التحقيق لمن له الحق فيها، وذلك وفق الشروط التالية:

  • عدم وجود منازعة جدية؛
  • ما لم تكن لازمة لسير الدعوى؛
  • ما لم تكن خطيرة؛
  • ألا تكون محلا للمصادرة[78].

ويتم تفعيل عملية الإرجاع بأمر كتابي يصدره قاضي التحقيق بناء على طلب المعني بالأمر بعد التأكد من صفته وأحقيته في الإرجاع.

وبالرغم من أن المشرع المغربي لم يشر إلى كيفية مسك المحجوزات بمناسبة عرض القضايا المتعلقة بها على قضاء التحقيق، إلا أن الواقع العملي يظهر بأنها تحفظ بكتابة الضبط إلى حين البت في مصيرها.

ت- الأمر ببيع المحجوزات

يلاحظ أن المشرع منح لقاضي التحقيق صلاحيات واختصاصات واسعة من خلال إشرافه على مختلف الإجراءات التي تتعلق بالتعامل مع الأشياء المحجوزة، سيما وأنه منحه حق التصرف فيها بالبيع إذا ما خشي فسادها أو تلفها أو تعذر الاحتفاظ بها.

وعملية بيع المحجوزات تخضع للمسطرة العادية والمعروفة في البيوعات بالمزاد العلني تحت إشراف قاضي التحقيق ويتم إيداع مبالغها بصندوق الإيداع والتدبير إلى حين مطالبتها واستيفائها من طرف ذوي الحقوق لها[79].

وبسلوك المشرع مسطرة بيع الأشياء المحجوزة التي يخشى فسادها أو تلفها أو التي يتعذر الاحتفاظ بها كمادة الدقيق أو الحبوب أو الفواكه أو الخضر مثلا، يكون قد راعى مصلحة ذويها وبالتالي يكون بيعها خير من ضياعها[80].

وكقاعدة عامة، فجميع الأوامر القضائية التي تطرقنا إليها تكون نافذة المفعول في جميع أنحاء المملكة بدون استثناء.

المطلب الثاني: سلطات قاضي التحقيق عند انتهاء التحقيق

بمجرد ما ينهي قاضي التحقيق البحث، يشير إلى ذلك في المحضر، ويوجه الملف إلى النيابة العامة بعد ترقيم أوراقه من طرف كاتب الضبط، كما أنه على النيابة العامة أن توجه إلى قاضي التحقيق ملتمساتها خلال ثمانية أيام على الأكثر من توصلها بالملف، وبعد توصل قاضي التحقيق بالملتمسات الكتابية للنيابة العامة، يصدر أمرا إما بعدم الاختصاص[81] أو بعدم المتابعة، أو بإحالة المتهم على غرفة الجنايات بالنسبة للرشداء أو الأحداث أو على المحكمة المختصة[82].

وهذا ما سنتطرق إليه بالتفصيل من خلال الفقرتين الآتيتين، حيث سنخصص (الفقرة الأولى) للأوامر السابقة على انتهاء التحقيق والمتمحورة أساسا على النيابة العامة، على أن نخصص (الفقرة الثانية) للأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق بمناسبة انتهاء التحقيق الإعدادي.

الفقرة الأولى: الأوامر السابقة على انتهاء التحقيق

مما لا شك فيه، فالتحقيق الإعدادي يرمي إلى تخويل قاضي التحقيق مجموعة من الصلاحيات قصد القيام بالأبحاث الضرورية من أجل الوصول إلى الحقيقة، وبعد استنفاد قاضي التحقيق لهذه الإجراءات وتكوين قناعته في النازلة المعروضة أمامه، يتخذ قراره بناء على ما توصل إليه من حجج سواء كانت في صالح المتهم أو ضده[83].

ولضمان صحة وسلامة الإجراءات المسطرية لإنهاء التحقيق، يتوجب على قاضي التحقيق أن يرفع إلى النيابة العامة الأمر بالإطلاع على ملف القضية موضوع التحقيق (أولا)، وذلك لإمكانية تقديمها للملتمسات الإضافية والختامية قبل إقفال مسطرة التحقيق الإعدادي (ثانيا).

أولا- الأمر بالاطلاع المرفوع إلى النيابة العامة بخصوص انتهاء التحقيق

في جميع الحالات التي يبدو فيها لقاضي التحقيق أنه تبعا للمستوى الذي وصلت إليه التحقيقات لم يعد هناك أي مبرر قانوني أو علمي في الاستمرار في هذه التحريات فإنه يقرر إنهاء التحقيق.

وتختلف عملية إنهاء التحقيق باختلاف النتيجة المتوصل إليها، وبالتالي تختلف باختلاف الوضعيات والحالات، وخاصة كمبدأ عام تعذر معرفة هوية المتهم، عدم وجود أدلة لإثبات الفعل المنسوب للمتهم، أو أنه خلافا لذلك حصل على اعترافات مفصلة للمتهم أو أدلة تثبت ارتكابه الفعل الإجرامي، فإنه يترتب عن ذلك وحسب الأحوال إما إصدار أمر بعدم متابعة المتهم، وإما إصدار أمر بالإحالة على المحكمة المختصة، لكن قبل إصداره لهذا الأمر أو ذاك أوجبت نصوص قانون المسطرة الجنائية على قاضي التحقيق إصدار أمر بالإطلاع موجه للنيابة العامة من أجل تقديم ملتمساتها.

في هذا الإطار تقضي المادة 214 من ق.م.ج ما يلي: “يوجه قاضي التحقيق الملف إلى النيابة العامة بعد ترقيم أوراقه من طرف كاتب الضبط بمجرد ما يعتبر أن البحث قد انتهى، وعلى النيابة العامة أن توجه إلى قاضي التحقيق ملتمساتها خلال ثمانية أيام على الأكثر من توصلها بالملف“.

فهذا النص نجده يعالج شكل العلاقة التي ينبغي أن تسود بين مؤسسة النيابة العامة وقضاء التحقيق (سواء على مستوى محاكم الاستئناف أم المحاكم الابتدائية، تبعا للحالات التي يجرى بشأنها التحقيق الإعدادي) من حيث تمكين هذا الأخير للنيابة العامة من إبداء وجهة نظرها باعتبارها الممثلة لمصالح المجتمع العليا في الخصومة الجنائية خلال أجل محدد قبل إصدار قاضي التحقيق لقراره[84].

ويتعين لزوما قبل إحالة الملف على النيابة العامة القيام بالإجراءات التالية:

  • إعطاء الأمر لكاتب الضبط من أجل ترقيم أوراق ملف التحقيق كاملة؛
  • يجب إحالة الملف كاملا على النيابة العامة؛
  • يجب أن يتم ذلك لزوما عن طريق ما يعرف بالأمر بالاطلاع.

 ولا يجب أن يتولد الاعتقاد على أن الأمر بالاطلاع على ملف التحقيق لا يصدره قاضي التحقيق إلا كإعلان عن مرحلة انتهاء التحقيق، بل الصواب هو أن قاضي التحقيق يصدر الأمر بالاطلاع على الملف خلال كافة أطوار ومراحل مسطرة التحقيق الإعدادي[85].

ذلك أن النيابة العامة يمكن أن يكون لها رأي مخالف[86] بخصوص القرار الذي سيتخذه قاضي التحقيق، مما يستدعي بالضرورة اطلاعها على الملف وما يحتويه من وثائق ومستندات ومحاضر وبحثه بصورة معمقة وكافية لإمكانية إبداء هذه الأخيرة لوجهة نظرها وذلك في شكل ملتمسات كتابية[87].

هكذا يتبين من خلال ما سبق، أن قاضي التحقيق ملزما باحترام الشكليات المنصوص عليها قانونا في المادة 214 من ق.م.ج، وخصوصا إطلاع النيابة العامة على انتهاء التحقيق قبل اصداره لأي أمر وإلا ترتب عليه بطلان الإجراء بسبب عدم تضمينه البيانات المطلوبة كتوقيع قاضي التحقيق مثلا، وهذا ما ذهب إليه قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا أي محكمة النقض حاليا والذي جاء فيه: [يكون مجردا من القيمة القانونية الأمر الذي لا يحمل توقيع القاضي الذي يعترف أنه صادر عنه ويؤدي عدم توقيع قرار بالاطلاع من أجل انتهاء البحث إلى بطلان المسطرة اللاحقة له][88].

فخاصية إطلاع النيابة العامة على الإجراءات التي يباشرها قاضي التحقيق يمكنها من جهة أولى تكوين نظرة معمقة حول ما قام به وتوصل إليه هذا الأخير، ومن جهة ثانية تقديم ملتمساتها النهائية عن طريق مسايرة قاضي التحقيق فيما توصل إليه أو تقديم ملتمساتها الإضافية تطالب من خلالها قاضي التحقيق القيام بالمزيد من الأبحاث وذلك في سبيل إظهار الحقيقة وهذا ما تمت الإشارة إليه في الفصل 89 من ق.م.ج[89].

مقال قد يهمك :   نورة حوضي: النظام القانوني للأملاك العامة للجماعات الترابية

ثانيا- تقديم النيابة العامة لملتمساتها الإضافية و الختامية بخصوص انهاء التحقيق

الالتماس هو عبارة عن تقديم طلب يرد في صك مكتوب[90]، تصدره النيابة العامة وبمقتضاه تلتمس من قاضي التحقيق الوارد اسمه في الصك بإجراء تحقيق في وقائع محددة تكون خاضعة للتحقيق الإعدادي بصورة إلزامية أو بصورة اختيارية، إذ أن قاضي التحقيق عند انهاء أبحاثه يتوجب عليه لزوما إشعار النيابة العامة بانتهاء التحقيق الإعدادي، حيث أن الأخيرة قد لا تكتفي بالبحث المنجز من طرف قاضي التحقيق، وقد تظهر لها الفائدة في اللجوء إلى إجراء إضافي من أجل استكمال التحقيق (أ)، لكن في حالة اقتناعها بالتحقيق بعد دراسة عناصره من الناحيتين الواقعية و القانونية تقوم بعد ذلك بالإدلاء بملتمساتها الختامية (ب).

أ- تقديم النيابة العامة لملتمساتها الإضافية

يجوز للنيابة العامة بعد اطلاعها على ملف التحقيق والتأكد من أن التحقيق لا يزال يحتاج إلى تعميق البحث أن توجه ملتمسات إضافية إلى قاضي التحقيق[91]، فلها أن تطلب منه الاستماع إلى الشهود وإجراء مقابلة بينهم، أو تطلب الانتقال إلى بعض الأماكن من أجل القيام بالتفتيش أو إجراء خبرة، وفي المقابل يملك قاضي التحقيق سلطة الرد[92] على النيابة العامة بخصوص هذه الملتمسات سواء برفضها أو انجازها[93].

ويتضمن هذا الملتمس الإضافي طلبا مكتوبا والذي يخول للنيابة العامة حق التدخل في الحالات التي يضاف فيها متهمون جدد أو تم الكشف عنهم أثناء سريان التحقيق الإعدادي وله صلة بالقضية موضوع التحقيق، كما تكون المطالبة الإضافية كذلك عندما تظهر أدلة جديدة عن جريمة لا يمكن فصلها عن القضية الرئيسية، وكذلك في الحالات التي يتم فيها اغفال لأمر ما.

وكما سلف الذكر، أثناء إحالة ملف التحقيق من طرف قاضي التحقيق على النيابة العامة، وجب عليه احترام جميع الشكليات القانونية التي يمكن أن يترتب عنها البطلان، وهذا لا يعني أنه يكون ملزما بالاستجابة لملتمسات النيابة العامة، فله أن يرفضها بقرار معلل خلال الخمسة أيام الموالية لتقديم الملتمس كما تملك النيابة العامة الحق في استئنافه[94].

ب- تقديم النيابة العامة لملتمساتها النهائية

بالرجوع إلى الفصل 214 من ق.م.ج، نجد أن التحقيق الإعدادي يلعب دورا مهما في إبراز الحقيقة من خلال تعميق البحث والتفصيل فيه، إذ أنه بمجرد اتخاذ قاضي التحقيق قراره بشأن الملف موضوع التحقيق فإنه يصدر أمرا بانتهاء التحقيق ويقوم بإحالة ملف القضية إلى النيابة العامة قصد الاطلاع عليه و إبداء ملاحظاتها وتحديد موقفها النهائي من التحقيق ومآله، وذلك عن طريق تقديم ملتمساتها الكتابية النهائية في الموضوع والمشروط بأجل ثمانية أيام من تاريخ توصلها بالملف[95].

وبالتالي فانصرام أجل ثمانية أيام دون تقديم النيابة العامة لملتمساتها يعتبر بمفهوم المخالفة بمثابة قبولها للنتائج التي توصل إليها قاضي التحقيق عن طريق اصداره لأحد الأوامر التي يتم بموجبها انهاء التحقيق.

 وما يمكن استخلاصه مما سبق، هو أنه متى تأكدت النيابة العامة من أن التحقيق استوفى كل اجراءاته اللازمة وحقق كل أهدافه وغاياته، وتم بالفعل القيام بكل ما كان يجب القيام به، ولا جدوى من إضافة أي إجراء آخر، فإنها توجه لقاضي التحقيق ملتمسها النهائي[96] الذي لا يخرج عن إحالة المتهم على جلسة الأحكام أو الالتماس من قاضي التحقيق اصدار أمر بعدم المتابعة في حق المتهم عن المنسوب إليه.

الفقرة الثانية: أوامر قاضي التحقيق بمناسبة انتهاء التحقيق الإعدادي

إذا تكونت القناعة لدى قاضي التحقيق بأن البحث قد انتهى، فإنه يوجه ملف القضية إلى الوكيل العام بعد ترقيم أوراقه من طرف كاتب الضبط ويكون على الوكيل العام أن يتخذ موقف منه ويرجعه لقاضي التحقيق[97].

ومن المنطقي جدا أن ينتهي التحقيق الإعدادي ويصل في نهايته إلى إحدى النتيجتين، إما إصدار الأمر بمتابعة المتهم اعتبارا للأدلة التي تم التوصل إليها وكذلك بناء على ما عاينه قاضي التحقيق، وبالتالي الاعتقاد بأن المتهم هو من ارتكب الأفعال التي فتح من أجلها التحقيق، وإما أن الملف ترتب عنه ضعف أو انعدام الأدلة التي تم التوصل إليها، ولذلك اعتبارات أخرى يرى من خلالها قاضي التحقيق أن المتهم ليس هو من ارتكب الأفعال وبالتالي اصدار الأمر بعدم متابعته عما نسب إليه[98].

وبالتالي، ينتهي دائما وأبدا التحقيق الإعدادي إما بإصدار الأمر بعدم متابعة المتهم (أولا) أو الأمر بإحالته على جلسة الأحكام ومحاكمته بناء على ما نسب إليه (ثانيا).

أولا: الأمر بعدم متابعة المتهم

الأمر بعدم المتابعة هو الأمر الصادر عن قاضي التحقيق والرامي إلى عدم إحالة القضية على المحكمة المختصة لعدم توافر وسائل الاثبات حسب قناعته[99].

فالأمر بعدم متابعة المتهم يعتبر أمر ذو طبيعة قضائية ويجب أن يصدر كباقي الأوامر كتابة، وأن يتضمن البيانات المتطلبة قانونا وأن يكون صريحا، فلا يصح أن يفترض أو يؤخذ فيه عن طريق الظن، كما يجب أن يصدر الأمر المذكور معللا تعليلا كافيا ضمانا لجديته وضمانا لصدوره بعد تحقيق جدي أفضى إلى استخلاص قاضي التحقيق وجود أسباب تحول دون محاكمة المتهم واحالته على جلسات المحكمة [100].

وما يفسر ذلك هو انعدام أو عدم كفاية الأدلة، أو عدم معرفة هوية مرتكب الأفعال الاجرامية، كما هو الحال عندما يبدو لقاضي التحقيق أنه يستحيل السير في الدعوى العمومية، وأن هذه الأخيرة لن تكون منتجة من هذه الزاوية وأنها لن تكون في نهاية المطاف إلا مضيعة للوقت[101].

وفي هذا الإطار، نصت المادة 216 من ق.م.ج على أنه:”يصدر قاضي التحقيق أمرا بعدم المتابعة إذا تبين له أن الأفعال لا تخضع للقانون الجنائي أو لم تعد خاضعة له، أو أنه ليست هناك أدلة كافية ضد المتهم، أو أن الفاعل ظل مجهولا.

يبت في نفس الوقت في شأن رد الأشياء المحجوزة.

يصفي صوائر الدعوى، وإذا كان فيها طرف مدني يحكم عليه بالمصاريف كلا أو بعضا، غير أنه يمكن إعفاء الطرف المدني إذا كان حسن النية من أداء هذه المصاريف، بموجب مقرر خاص معلل، مالم يكن هو الذي أقام الدعوى العمومية.

يفرج حالا عن المتهمين المعتقلين مالم يكونوا معتقلين لسبب آخر رغم استئناف النيابة العامة.

ينتهي مفعول الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية.

يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بنشر القرار بعدم المتابعة كلياً أو جزئياً بناء على طلب الشخص المعني أو بطلب من النيابة العامة بصحيفة أو عدة صحف.

ويحدد القاضي البيانات القابلة للنشر، ويقبل هذا القرار الطعن أمام الغرفة الجنحية وفقاً للشروط المشار إليها في المادتين 222 و223 الآتية بعده“.

بناء على مقتضيات المادة أعلاه، هناك مجموعة من الأسباب والمبررات التي يمكن لقاضي التحقيق الاستناد إليها لتعليل أوامره القاضية بعدم المتابعة، حيث يجب أن يأتي الأمر بعدم المتابعة متضمنا لجملة من الشكليات وهكذا يجب أن يتضمن هوية المتهم، الأفعال المنسوبة إليه، والأسباب التي بموجبها تولى تعليل هذا الأمر، وهي إما قانونية أو واقعية[102].

فالأسباب القانونية[103] هي التي ترجع مباشرة للقانون، وتتحقق في حالة ما إذا كانت الأفعال التي توبع من أجلها المتهم لا تشكل جناية ولا جنحة ولا مخالفة أو أنها لم تعد خاضعة للتجريم والعقاب، ومثال ذلك الحالة التي تتقادم فيها الأفعال المنسوبة للمتهم، أو في حالة صدور عفو شامل أو إلغاء القانون الجنائي الذي يحكمها؛

أما الأسباب الواقعية[104] فهي التي لا تؤسس على القانون مباشرة وإنما على الواقع فقط، كما هو الشأن بالنسبة إلى حالات عدم كفاية الأدلة ضد المتهم في النازلة، والتي بمقتضاها ترجح إمكانية التبرئة على الإدانة، وكذا في حالة بقاء مرتكب الجريمة مجهولا[105].

وتتجلى فائدة تقسيم هذه الأسباب، في كون الأسباب القانونية لا تسمح بإعادة التحقيق فيها من جديد خلافا للأوامر القضائية المبنية على أسباب واقعية التي لا تمنع من العودة إلى فتح تحقيق مرة أخرى طبقا للمادتين 228 و229 من ق.م.ج، وذلك كلما ظهرت أدلة جنائية جديدة تسمح بذلك.

وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 216 من ق.م.ج، ففي حالة توفر إحدى الحالات المنصوص عليها في هذه المادة، اضطر قاضي التحقيق إلى إصدار أمر بعدم المتابعة والذي تترتب عليه مجموعة من الآثار نجملها في ما يلي:

  • افراج قاضي التحقيق في الحال عن المتهمين المعتقلين، ما لم يكونوا معتقلين لسبب آخر رغم استئناف النيابة العامة؛
  • البت في رد الأشياء المحجوزة إن وجدت إلى أصحابها؛
  • البت في مصاريف وصوائر الدعوى، وإذا كان فيها طرف مدني يحكم عليه بالمصاريف كلا أو بعضا، غير أنه يمكن اعفاء الطرف المدني إذا كان حسن النية من أداء هذه المصاريف بموجب مقرر خاص معلل، ما لم يكن هو الذي أقام الدعوى العمومية؛
  • انتهاء مفعول الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية؛
  • لقاضي التحقيق أن يأمر بنشر القرار بعدم المتابعة كلا أو بعضا بصحيفة أو عدة صحف بناء على طلب الشخص المعني بالأمر أو النيابة العامة ويقوم بعد ذلك بتحديد البيانات القابلة للنشر؛
  • سقوط التهم الموجهة إلى المتهم ولا يمكن متابعته من أجل نفس الأفعال من جديد إلا إذا ظهرت أدلة جديدة طبقا لمقتضيات المادة 228 من ق.م.ج[106].

ويستفاد مما سبق أنه من أهم الآثار التي تنتج عن إصدار أمر بعدم المتابعة اكتسابه للحجية التي تمنع من العودة إلى الدعوى ما دام هذا الأمر قائما ولم يتعرض للإلغاء، وبالتالي فلا يجوز معه إقامة الدعوى عن نفس الواقعة التي صدر الأمر فيها، فهو في هذه الحجية المؤقتة يتمتع بما للأحكام من قوة الشيء المقضي به ما لم تظهر دلائل جديدة وقوية تبرر إعادة فتح تحقيق[107].

بمعنى آخر، لا يمكن اعتبار أن القرار بعدم المتابعة اكتسب قوة الشيء المقضي به يجوز الاحتجاج به، وإنما هو مجرد قرار قضائي يقبل إعادة النظر فيه من جديد متى ظهرت الأدلة جديدة[108].

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أنه يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر بعدم المتابعة جزئيا[109]، ومعنى ذلك قد يتابع في القضية ثلاثة أشخاص مثلا، لكن يتبين لقاضي التحقيق بعد ذلك أن الأفعال المنسوبة والدلائل والحجج كلها تميل في مواجهة أحدهم، فإنه في هذه الحالة يقضي بمتابعة هذا الأخير وإحالته على الجهة المختصة، والأمر بعدم المتابعة جزئيا في حق المتهمين الآخرين[110].

كما يبقى الأمر بعدم المتابعة قابلا للاستئناف[111]، فضلا على أن إصدار أمر بعدم متابعة المتهم يجعل هذا الأخير لا يمكن متابعته من أجل نفس الفعل الجرمي مرة ثانية إلا إذا ظهرة أدلة جديدة[112].

ويبقى تقرير إعادة فتح التحقيق الإعدادي من جديد متروك للسلطة التقديرية للنيابة العامة، بصريح المادة 230 من ق.م.ج، حيث يمكنها تقرير ما إذا كان هناك مبرر لالتماس إعادة التحقيق من عدمه، إذ يحق لكل من توفرت لديه أدلة جديدة تنبث ارتكاب الفعل رغم صدور قرار بعدم المتابعة، أن يتقدم إلى الوكيل العام للملك بطلب إعادة التحقيق الإعدادي، وتبقى السلطة التقديرية للوكيل العام للملك لاتخاذ القرار المناسب[113].

ثانيا: الأمر بإحالة المتهم على جلسات المحكمة المختصة

على ضوء تحليل الأمر بعدم المتابعة، يمكن القول أن الأمر بإحالة المتهم على جلسة المحكمة يشكل نقيض الأمر الأول، على اعتبار أن الأمر بعدم المتابعة إذا كان يترتب عنه إطلاق سراح المتهم في الحالة التي يكون فيها معتقلا وعدم متابعته، فإن الأمر بإحالة[114] المتهم على جلسات المحكمة يشكل نقيضه اعتبارا لكونه يتم في إطاره إحالة المتهم على المحكمة لمقاضاته ومحاكمته، وفي مستهل الحديث يمكن تعريف الأمر بإحالة المتهم على جلسة الأحكام بأنه ذلك الأمر الذي يتولى إصداره قاضي التحقيق والذي بموجبه يتم رفع الدعوى العمومية ومتابعة إجراءاتها، وإحالة المتهم بناء عليه على جلسات الحكم لمؤاخذته عن المنسوب إليه[115].

وفي واقع الأمر، يتم عادة اتخاذ الأمر بإحالة المتهم على جلسة الأحكام ومتابعته إذا لم يقرر قاضي التحقيق إصدار الأمر بعدم المتابعة، على اعتبار أن الأمر بالإحالة يتخذه هذا الأخير بناء على المعطيات التي تم جمعها خلال مختلف مراحل التحقيق والتي ترتبت عنها تأكيد ثبوت الأفعال المنسوبة إلى المتهم، والتي أمكن بناء عليها نسبة الأفعال الإجرامية إلى المتهم موضوع التحقيق الإعدادي وذلك بناء على الأدلة المقنعة والكافية، وبالتالي إحالة المتهم على المحكمة من أجل محاكمته[116].

ومن أجل التطبيق السليم لمقتضيات المادة الأولى من ق.م.ج والتي تأكد صراحة على مبدأ قرينة البراءة، فإن قاضي التحقيق حينما يتخذ قرار بإحالة المتهم على المحكمة المختصة لمحاكمته على المنسوب إليه، فإن هذا لا يعني مطلقا أنه مذنب وبالتالي فهو في هذه الأثناء مدان وبصفة قطعية، وإلا ما كنا إزاء محاكمة عادلة ولا في حاجة ماسة لمحاكمته[117].

ويستفاد مما سبق تحليله، أنه قد تتوج إجراءات التحقيق بإصدار قاضي التحقيق أمرا بالإحالة على المحكمة، وهذا الأمر يرمي إلى توجيه الاتهام إلى المتهم وإحالته على الغرفة القضائية المختصة والتي تختلف بحسب نوع ودرجة التهمة أو التهم الموجهة للمتهم، مما يستدعي بالضرورة التمييز بين الإحالة على غرفة الجنح بالمحكمة الابتدائية، والإحالة على غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف[118].

وبالتالي، فإن الأمر بالإحالة قد يصدر عن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية (أ) كما يمكن أن يصدر عن قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف (ب):

أ- قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية

إذا تبين لقاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية أن الأفعال المحالة عليه تكون مخالفة، أحال ملف القضية على النيابة العامة وأمر بوضع حد للوضع تحت المراقبة القضائية وبالإفراج عن المتهم المعتقل ما لم يكن معتقلا لسبب أخر[119].

أما إذا تعلق الأمر بجنحة أصدر قاضي التحقيق أمرا بإحالة المتهم على المحكمة المختصة (الفقرة 1 و2 من المادة 217 من ق.م.ج)، ويبت في شأن الاعتقال الاحتياطي والأمر تحت المراقبة القضائية[120]، كما يتعين عليه إحالة ملف القضية على وكيل الملك من أجل الاستدعاء طبقا للمادتين 308 و 309[121].

فطبقا لمقتضيات المادة 308 من ق.م.ج، يسلم الاستدعاء بحضور المتهم والمسؤول المدني والطرف المدني طبق الشروط المنصوص عليها في الفصول 37 و 38 و 39 من ق.م.ج، ويتضمن هذا الاستدعاء تحت طائلة البطلان، بيان اليوم والساعة ومحل انعقاد الجلسة ونوع الجريمة وتاريخ ومحل ارتكابها والمواد القانونية المطبقة بشأنها[122].

وفي مقابل ذلك، نجد أن المادة 309 من ق.م.ج أكدت من خلال مقتضياتها على أن الاستدعاء الذي لم يفصل بين تاريخ تبليغه وتاريخ الجلسة أجل ثمانية أيام على الأقل يتعرض للإبطال، إلا أنه يتم تخفيض هذا الأجل إلى خمسة أيام إذا كان المتهم معتقلا، أما إذا كان المتهم أو أحد الأطراف الآخرين يقيمون خارج المملكة، فلا يمكن أن يقل الآجل المذكور عن:

  • شهرين إذا كانوا يسكنون بباقي دول المغرب العربي أو بدولة من دول أوروبا؛
  • ثلاثة أشهر إن كانوا يسكنون بدولة غير الدول المنصوص عليها في الفقرة السابقة[123].

وإذا تعلق الأمر بجناية، صرح قاضي التحقيق بعدم اختصاصه وأحال الملف على النيابة العامة[124].

مع العلم أن هذه الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق تستوجب ضرورة توفر شروط معينة نجد منها ما يلي:

  • أن تصدر بعد ملتمسات النيابة العامة؛
  • أن تتضمن هوية المتهم والأفعال الجرمية؛
  • أن يبين الوصف القانوني للفعل المنسوب للمتهم، والأسباب المدعمة لوجود أدلة كافية أو عدم وجودها؛
  • أن تحال على النيابة العامة من أجل الاستدعاء أو التنفيذ أو الاخبار في نفس يوم صدوره؛
  • أن تبلغ إلى الأطراف ومحاميهم خلال 24 ساعة الموالية لصدور كل أمر قضائي[125]؛
  • أن يبلغ المتهم المعتقل من طرف رئيس المؤسسة السجنية، مع ارجاع الإفادة إلى قاضي التحقيق تفيد توصل المعني بالأمر[126].

أما إذا ارتأى قاضي التحقيق أن الأفعال المرفوعة عليه ليست من اختصاصه، أصدر أمرا بعدم الاختصاص ويحيل ملف القضية داخل أجل ثمانية أيام إلى النيابة العامة التي تقوم برفعه إلى الجهة المختصة مع الاحتفاظ بإجراءات المتابعة والتحقيق المنجزة بأثرها القانوني وفقا للمادة 215 من ق.م.ج[127].

ب- قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف

إذا تبين لقاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف أن الأفعال تكون جناية، أصدر أمرا بإحالة المتهم على غرفة الجنايات، ولا يمكن الطعن في الأمر المذكور إلا بالنقض وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 523 و524 من ق.م.ج، كما يتعين على قاضي التحقيق لدى محاكم الاستئناف إحالة ملف القضية على الوكيل العام للملك من أجل الاستدعاء[128] طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 419 و420 من ق.م.ج[129].

ويبقى الأمر الصادر بإلقاء القبض على المتهم أو بإيداعه في السجن قابلا للتنفيذ إلى أن يصبح مقرر هيئة الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به، مع ضرورة البت في شأن الوضع تحت المراقبة القضائية، أما إذا تعلق الأمر بجنحة أو مخالفة، أصدر قاضي التحقيق أمرا بالإحالة على المحكمة المختصة وبت في شأن الاعتقال الاحتياطي والوضع تحت المراقبة القضائية[130].

وبناء عليه نستخلص المبادئ العامة المحددة للاختصاص النوعي وفق ما يلي:

  • إما أن قرار الإحالة يتم توجيهه إلى المحكمة الابتدائية -وكيل الملك- كلما تعلق الأمر بالمخالفات والجنح التي تندرج ضمن اختصاصها النوعي، وبما أنه سابقا كان التحقيق فقط في الجنايات أما الجنح فقد كان بنص خاص، ولم يكن هناك قضاء تحقيق لدى المحاكم الابتدائية فإن الملف كان يحال على الوكيل العام للملك وبناء عليه هو الذي يتولى بصفته هذه مسألة إحالة الملف على المحكمة الابتدائية ليحال بعد ذلك على كتابة ضبط هاته الأخيرة لإدراجه لاحقا لتعيينه في إحدى الجلسات المقررة قانونا، وبناء عليه يبدو واضحا أن الإحالة متعلقة على إرادة النيابة العامة؛
  • إما أن الإحالة يتم توجيهها إلى محكمة الاستئناف وإما على غرفة الجنايات بالمجلس الأعلى أو غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف، أو على المحكمة الابتدائية حسب الحالات، وذلك في كل الأحوال التي يتعلق فيها الأمر بالجنح المنصوص عليها في المواد 264 و268 من ق.م.ج، كما يمكن أن تتم الإحالة على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف إذا اتضح أن الأفعال تشكل جناية أو جنحة التي لا يمكن فصلها عن الجناية[131].

وفي الأخير، لا تفوتنا الإشارة إلى أنه بعد إصدار كل أمر قضائي من طرف قاضي التحقيق وجب إشعار محامي المتهم ومحامي الطرف المدني خلال 24 ساعة الموالية برسالة مضمونة بالأمر الصادر عن قاضي التحقيق، كما يشعر المتهم والطرف المدني طبقا لنفس الكيفيات وضمن نفس الآجال بالأوامر القضائية بانتهاء التحقيق بالإضافة إلى الأوامر التي يمكن استئنافها، وفي حالة ما إذا كان المتهم معتقلا فإنه يخبره بذلك رئيس المؤسسة السجنية التي يتواجد بها، أما بالنسبة للنيابة العامة فإن كاتب الضبط بمصلحة التحقيق يشعرها بكل أمر قضائي في نفس يوم صدوره[132].

خاتمة:

ختاما لهذا الموضوع، لا يسعنا القول إلا أن قاضي التحقيق يعتبر من الوجوه البارزة في المنظومة القضائية الجنائية المغربية، بحيث استمد هذه الميزة بالدرجة الأولى من الصلاحيات والسلطات المخولة له، وأمام هذه الخاصية المميزة لهذا القاضي حاولنا من خلال هذا العمل الولوج إلى ثنايا نصوص قانون المسطرة الجنائية المغربي، خاصة تلك المنظمة لوظيفته محاولة منا قدر المستطاع إبراز الطبيعة الخاصة لقاضي التحقيق بصفته قاضيا يتمتع بمجموعة من الصلاحيات الواسعة بمجرد وضع يده على القضية لكشف الحقيقة.

وبالتالي، يكتسي موضوع صلاحيات قاضي التحقيق بصفته قاضيا وفق قانون المسطرة الجنائية المغربي أهمية بالغة واهتماما واسعا، فعلى الرغم من اختلاف آراء الممارسين لها والباحثين في شأنها، إلا أن الرأي الغالب في الفقه والقضاء هو الاتفاق على اعتبارها دعامة أساسية لحقوق الإنسان وركيزة مهمة في تحقيق المحاكمة الجنائية العادلة، وذلك من خلال المهام المنوطة بها على المستويين القانوني والعملي، والتي تقتضي ممارستها مراعاة مصلحتي الفرد والمجتمع معا والموازنة بينهما.


قائمة المراجع

الكتب العامة:

  • أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة 1986.
  • أحمد قيلش، محمد زنون، سعاد حميدي، مجيدي السعدية، الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية، فضاء أدم للنشر والتوزيع، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الرابعة، 2018.
  • السعدية مجيدي، المختصر في قانون المسطرة الجنائية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2021.
  • الشرقي حراث، شرح قانون المسطرة الجنائية، مكتبة الرشاد للنشر والتوزيع، مطبعة الأمنية، الرباط، 2021، الجزء الثاني.
  • عبد الواحد العلمي، شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة السابعة، 2019، الجزء الثاني.
  • لطيفة الداودي، دراسة في قانون المسطرة الجنائية المغربية وفق أخر التعديلات، مكتبة المعرفة، الطبعة التاسعة، 2020.
  • محمد الدكي، علاء عمر عواد خلايجة، شرح قانون المسطرة الجنائية وفق القانون رقم 22.01، المطبعة الرقمية، وجدة، طبعة 2017.
  • وزارة العدل، شرح قانون المسطرة الجنائية، الدعوى العمومية والسطات المختصة بالتحري عن الجرائم، سلسلة الشروح والدلائل، عدد 2، الطبعة الطبعة الثالثة، 2004.

الكتب الخاصة:

  • أحمد قيلش، محمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، مطبعة سيدي مومن، الطبعة الأولى، الكتاب الثالث.
  • حسن صادق المرصفاوي، المحقق الجنائي، منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2000.
  • محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، مطبعة سجلماسة، مكناس، طبعة 2017/2018، الجزء الثاني.
  • وداد جعرة، دور مؤسسة قاضي التحقيق في ضمان المحاكمة العادلة، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى، 2016.
  • يونس نفيد، مسطرة التحقيق الإعدادي في التشريع الجنائي: دراسة مقارنة، دار الآفاق المغربية، مطبعة الأمنية، الرباط، 2019.

الأطاريح والرسائل:

  • إبراهيم بونجرة، مؤسسة قضاء التحقيق ومستجدات قانون المسطرة الجنائية: دراسة عملية، رسالة نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء، 2009.
  • حميد الجريد، مركز قاضي التحقيق في الدعوى العمومية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، 2016/2017.
  • فريد خير الدين، علاقة النيابة العامة بقاضي التحقيق في ظل قانون المسطرة الجنائية المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش.

المجلات:

-البشير بوحبة، الوضع تحت المراقبة القضائية كألية جديدة للتحقيق الإعدادي، مقال منشور بالمجلة المغربية للنزاعات القانونية، العدد 2، 2004.


الهوامش:

[1]– القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.225 الصادر في 25 رجب 1423 بتاريخ 3 أكتوبر 2002.

[2]– أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، سلسلة المعارف العلمية في الشرح العملي للمسطرة الجنائية، مطبعة سيدي مومن، الطبعة الأولى، 2012، الكتاب الثالث، ص: 205.

[3]– يونس نفيد، مسطرة التحقيق الإعدادي في التشريع الجنائي: دراسة مقارنة، دار الآفاق المغربية، مطبعة الأمية، الرباط، 2019، ص: 87 و88.

[4]– البشير بوحبة، الوضع تحت المراقبة القضائية كألية جديدة للتحقيق الإعدادي، المجلة المغربية للنزاعات القانونية، عدد 2، 2004، ص: 31.

[5]– تنص الفقرة الثانية من المادة 160 من قانون المسطرة الجنائية على: “يصدر قاضي التحقيق بشأن الوضع تحت المراقبة القضائية، أمرا يبلغه في الحال شفهيا للمتهم ويسجل هذا التبليغ في المحضر ويبلغه أيضا إلى ممثل النيابة العامة داخل أربع وعشرين ساعة. ولهما الحق في استئنافه خلال اليوم الموالي لصدوره، طبقا للشكليات المتعلقة باستئناف أوامر قاضي التحقيق بشأن الإفراج المؤقت. ويجب على الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف أن تبت في هذا الاستئناف داخل أجل خمسة أيام من تاريخ الإحالة“.

مقال قد يهمك :   القاضي وردي يرد على المحامي الجامعي بخصوص "إنتاج العدالة" في المغرب

[6] الإنابة القضائية هي إجراء يصدر من قضاة التحقيق إلى أحد أفراد الضابطة العادلية لكي يقوم بدلا عنه وبنفس الشروط التي يتقيد بها مباشرة إلى إجراء معين من إجراءات التحقيق التي تدخل في سلطته”، كما يتم تعريف الإنابة القضائية بأنها: “نقل لبعض سلطات التحقيق من المختص بها إلى شخص آخر”.

[7]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، مطبعة سجلماسة، مكناس، طبعة 2017/2018، الجزء الثاني، ص: 408.

[8]– حميد الجريد، مركز قاضي التحقيق في الدعوى العمومية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، 2016/2017، ص: 75.

[9]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 408.

[10]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 409.

[11]– إضافة إلى أن هناك آجال تتولى تقييد حرية قاضي التحقيق تفاديا لاتخاذ هذا التدبير المدة التي تروقه، وفي هذا الإطار تولت الفقرة الأولى من المادة 160 تحديد نطاق المدة التي يمكن أن يستغرقها تنفيذ هذا الأمر، حيث حددها المشرع في مدة شهرين قابلة للتجديد خمس مرات، وبصيغة أخرى أقصى أمد الأمر بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية هو سنة.

[12]– ويحق للنيابة العامة والمتهم استئنافه خلال اليوم الموالي لصدوره، تبت الغرفة الجنحية في هذا الاستئناف داخل أجل خمسة أيام من تاريخ الإحالة.

[13]– بعد أخذ رأي النيابة العامة.

[14]– ينتهي مفعول الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية بعد إصدار قاضي التحقيق أمرا بعدم المتابعة.

[15]– المادة 160 من ق.م.ج

[16]– المادة 161 من ق.م.ج.

[17]– أحمد قيلش، محمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 210.

[18]– أحمد قيلش، محمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 206.

[19]– يونس نفيد، مسطرة التحقيق الإعدادي في التشريع الجنائي: دراسة مقارنة، م.س، ص: 94 و95.

[20]– أحمد قيلش، محمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 212.

[21]– يونس نفيد، مسطرة التحقيق الإعدادي في التشريع الجنائي: دراسة مقارنة، م.س، ص: 94.

[22]– السعدية مجيدي، المختصر في قانون المسطرة الجنائية سلسلة أبحاث جنائية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2021، ص: 136.

[23] – وزارة العدل، شرح قانون المسطرة الجنائية: الدعوى العمومية والسلطات المختصة بالتحري عن الجرائم، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الشروح والدلائل، الرباط، الطبعة الثالثة، العدد 2، 2004، الجزء الأول، ص: 276.

[24] – أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1986، ص: 637.

[25] – حسن صادق المرصفاوي، المحقق الجنائي، منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2000، ص: 640.

[26]– « L’incarcération de la personne mise en examen dans une maison d’arrêt pendant tout ou partie de la période qui va du début de l’instruction préparatoire jusqu’au jugement définitif sur le fond de l’affaire».

[27]أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 212.

[28]– المادة 175 من ق.م.ج.

[29]– السعدية مجيدي، المختصر في قانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 138 و139.

[30]– لا بد من توضيح بأنه لا يمكن اللجوء إليه خلال مسطرة الاستنطاق الأولي وقبل ذلك بل لا بد وأن يقوم قاضي التحقيق باستنطاق المتهم ابتدائيا أولا.

[31]– محمد الدكي وعلاء عمر عواد خلايجة، شرح قانون المسطرة الجنائية وفق القانون رقم 22.01، المطبعة الرقمية، وجدة، طبعة 2017، ص: 153.

[32]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 426.

[33]– المادة 177 من ق.م.ج.

[34]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 426.

[35]– تنص المادة 210 من ق.م.ج على: “يجب مراعاة مقتضيات المادتين 134 و 135 من هذا القانون المنظمتين للحضور الأول للاستنطاق والمادة 139 المتعلقة بحضور المحامي أثناء الاستنطاقات والمواجهات، والمواد 59 و 60 و 62 و 101 المنظمة للتفتيشات، وذلك تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب والإجراءات الموالية له، مع مراعاة تقدير مدى هذا البطلان وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 211“.

[36]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 426.

[37]– تنص الفقرة الثانية من المادة 176 من ق.م.ج على: “… إذا ظهرت عند انصرام هذا الأجل ضرورة استمرار الاعتقال الاحتياطي، جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معللا تعليلا خاصا، يصدره بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب …“.

[38]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 427.

[39]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 427.

[40]– تنص المادة 83 من ق.م.ج على: يكون التحقيق إلزاميا:

1) في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو التي يصل الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها ثلاثين سنة؛

2) في الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث؛

3) في الجنح بنص خاص في القانون.

يكون اختيارياً فيما عدا ذلك من الجنايات وفي الجنح المرتكبة من طرف الأحداث، وفي الجنح التي يكون الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها خمس سنوات أو أكثر“.

[41]– وإن كان بإمكان النيابة العامة (المادة 73 و 74 من ق.م.ج) الامر بإيداع المشبوه فيه في جريمة متلبس بها في السجن.

[42]– إن تنصيص المشرع على فورية التبليغ يترتب عنها بنظرنا أنه إذا اتخذ قاضي التحقيق هذا القرار، مثلا صباحا، وتولى تبليغه مساءا فإن الإجراء يكون معيبا شكلا.

[43]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 428 و429.

[44]– محمد الدكي وعلاء عمر عواد خلايجة، شرح قانون المسطرة الجنائية وفق القانون رقم 22.01، م.س، ص: 154.

[45]– تنص المادة 176 من ق.م.ج على: “لا يجوز في القضايا الجنحية أن يتجاوز الاعتقال الاحتياطي شهرا واحدا.

إذا ظهرت عند انصرام هذا الأجل ضرورة استمرار الاعتقال الاحتياطي، جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصا، يصدره بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب.

لا يمكن تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي إلا لمرتين ولنفس المدة.

إذا لم يتخذ قاضي التحقيق خلال هذه المدة أمرا طبقا لمقتضيات المادة 217 الآتية بعده، يطلق سراح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق“.

[46]– تنص المادة 177 من ق.م.ج على: “لا يمكن أن يتعدى أمد الاعتقال الاحتياطي شهرين في الجنايات.

إذا ظهرت عند انصرام هذا الأجل ضرورة استمرار الاعتقال الاحتياطي، جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصا يصدره بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب.

لا يمكن أن تكون التمديدات إلا في حدود خمس مرات ولنفس المدة.

إذا لم يتخذ قاضي التحقيق أمرا بإنتهاء التحقيق أثناء هذه المدة، يطلق سراح المتهم بقوة القانون، ويستمر التحقيق“.

[47]– تنص المادة 216 من ق.م.ج على: “يصدر قاضي التحقيق أمرا بعدم المتابعة إذا تبين له أن الأفعال لا تخضع للقانون الجنائي أو لم تعد خاضعة له، أو انه ليست هناك ادلة كافية ضد المتهم، أو أن الفاعل ظل مجهولا.

يبت في نفس الوقت في شأن رد الأشياء المحجوزة.

يصفي صوائر الدعوى، وإذا كان فيها طرف مدني يحكم عليه بالمصاريف كلا أو بعضا، غير أنه يمكن إعفاء الطرف المدني إذا كان حسن النية من أداء هذه المصاريف، بموجب مقرر خاص معلل، ما لم يكن هو الذي أقام الدعوى العمومية.

يفرج حالا عن المتهمين المعتقلين ما لم يكونوا معتقلين لسبب آخر رغم استئناف النيابة العامة.

ينتهي مفعول الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية.

يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بنشر القرار بعدم المتابعة كليا أو جزئيا بناء على طلب الشخص المعني أو بطلب من النيابة العامة بصحيفة أو عدة صحف.

ويحدد القاضي البيانات القابلة للنشر، ويقبل هذا القرار الطعن أمام الغرفة الجنحية وفقا للشروط المشار إليها في المادتين 222 و 223 الآتية بعده“.

[48]– ربطت الفقرة الثانية من المادة 178، الإفراج المؤقت بتقديم كفالة مالية أو شخصية، وقد بين المشرع أحكام الإفراج المؤقت المتوقف على وجوب تقديم كفالة في المواد من 184 إلى 188 من ق.م.ج، ويمكن أن نستخلص من خلال هذه المواد أن المتهم يتعين عليه حضور المتهم في جميع إجراءات التحقيق وتنفيذ الحكم وأداء ما سيذكر فيه حسب الترتيب الآتي:

  • المصاريف المسبقة التي أداها الطرف المدني.
  • المبالغ الواجب إرجاعها ومبالغ التعويض عن الضرر أو أداء نفقة إذا كان المتهم متابعا من أجل ذلك.
  • المصاريف التي أنفقها مقيم الدعوى العمومية.

الغرامات.

[49]– محمد الدكي وعلاء عمر عواد خلايجة، شرح قانون المسطرة الجنائية وفق القانون رقم 22.01، م.س، ص: 155.

[50]– تنص الفقرة الأخيرة من المادة 178 من ق.م.ج على: “… يمكن للنيابة العامة أيضا أن تلتمس في كل وقت وحين الإفراج المؤقت، وعلى قاضي التحقيق أن يبت في ذلك خلال أجل خمسة أيام من تاريخ تقديم هذه الملتمسات“.

[51]– تنص الفقرة السادسة من المادة 179 من ق.م.ج على: “… يحق أيضا للنيابة العامة طبق نفس الشروط والآجال، أن ترفع طلبا بالإفراج المؤقت إلى الغرفة المذكورة “.

[52]– تنص الفقرة الرابعة من المادة 179 من ق.م.ج على: “ يمكن للمتهم إذا لم يبت قاضي التحقيق في طلب الإفراج المؤقت خلال أجل خمسة أيام المحددة في الفقرة السابقة، أن يرفع طلبه مباشرة إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف التي تبت فيه داخل أجل أقصاه خمسة عشر يوما، وذلك بعد أن تقدم لها النيابة العامة ملتمسات كتابية معللة وإلا فيقع مباشرة الإفراج المؤقت عن المتهم، ما لم يكن هناك إجراء إضافي للتحقيق…“.

[53]– أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 217.

[54]– غالبا ما يوجه الطلب رفقة قرار بالاطلاع موقع من قبل قاضي التحقيق إلى النيابة العامة، وليس الملف برمته.

[55]– محمد الدكي وعلاء عمر عواد خلايجة، شرح قانون المسطرة الجنائية وفق القانون رقم 22.01، م.س، ص: 156.

[56]– تنص الفقرة الأولى والثانية من المادة 183 على: 

[57]– محمد الدكي وعلاء عمر عواد خلايجة، شرح قانون المسطرة الجنائية وفق القانون رقم 22.01، م.س، ص: 157.

[58]– وحسب مقتضيات المادة 181، تتمثل هذه الحالات في ما يلي: قضايا الجنح التي لها مساس بمقدسات البلاد أو بالإتجار غير المشروع في المخدرات.

[59]– تنص الفقرة الثانية من المادة 182 من ق.م.ج على: … يقرر لزوما حجز جواز السفر وإغلاق الحدود في حالة تعيين محل للإقامة الإجبارية، إذا تعلق الأمر بأجنبي…“.

[60]– أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 220.

[61]– ظهير شريف رقم 1.99.200 صادر في 13 من جمادى الأولى 1420 (25 أغسطس 1999) بتنفيذ القانون رقم 23.98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية.

[62]– أحمد قيلش، محمد زنون، سعاد حميدي ومجيدي السعدية، الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية، فضاء أدم للنشر والتوزيع، مراكش، الطبعة الرابعة، 2018، ص: 170.

[63]– أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 236.

[64]– أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 170.

[65]– أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 236 و237.

[66]– إذا ظل المتهم في حالة سراح أو إذا أفرج عنه إفراجا مؤقتا أو غير مقرون بالوضع تحت المراقبة القضائية، فإن هيئة التحقيق التي اتخذت القرار تبقى وحدها مختصة في تقرير إغلاق الحدود في حالة تعيين محل للإقامة الإجبارية، إذا تعلق الأمر بشخص أجنبي.

[67]– تنص الفقرة الأولى والثانية من المادة 182 من ق.م.ج على: “إذا ظل المتهم في حالة سراح أو إذا أفرج عنه إفراجاً مؤقتاً أو غير مقرون بالوضع تحت المراقبة القضائية، فإن هيئة التحقيق أو الحكم التي اتخذت القرار تبقى وحدها مختصة في تقرير إغلاق الحدود في حقه وسحب جواز السفر، كما يجوز لهيئة التحقيق وهيئة الحكم إذا رأت ذلك ضرورياً أن تعين له محل إقامة يحظر عليه الابتعاد عنه دون رخصة قبل اتخاذ أمر بعدم المتابعة أو صدور قرار اكتسب قوة الشيء المقضي به.

يقرر لزوما حجز جواز السفر وإغلاق الحدود في حالة تعيين محل للإقامة الإجبارية، إذا تعلق الأمر بأجنبي…“.

[68]– تنص الفقرة الأخيرة من المادة 182 من ق.م.ج على: “يعاقب كل من تملص من إحدى الالتزامات المبينة أعلاه بحبس تتراوح مدته ما بين ثلاثة أشهر وسنتين وبغرامة يتراوح مبلغها ما بين 1.200 و12.000 درهم“.

[69]– يلجأ قاضي التحقيق في الجنح التأديبية المعروضة عليه بخصوص حوادث السير المميتة أو الحوادث المخلفة لجروح أو عاهات مستديمة إلى سحب رخصة سياقة المتهم مؤقتا وإحالتها على المصلحة المختصة بوزارة النقل بالرباط، ولا ترجع رخصة السياقة لصاحبها إلا بقرار مخالف أو بصدور حكم في النازلة.

[70]– تنص المادة 137 من القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق على: “يجب لزوما أن تكون حوادث السير المميتة موضوع تحقيق إعدادي وفقا لأحكام المادة 93 من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية“.

[71]– أحمد قيلش، محمد زنون، سعاد حميدي ومجيدي السعدية، الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 170.

[72]– أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 241.

[73]– أحمد قيلش، محمد زنون، سعاد حميدي ومجيدي السعدية، الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 170 و171.

[74]– أحمد قيلش، محمد زنون، سعاد حميدي ومجيدي السعدية، الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 171.

[75]– أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 244.

[76]– أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 245.

[77]– عادة ما يتم حجز هذه الأشياء إما عن طريق التفتيش الذي يقوم به قاضي التحقيق أو الذي يعهد به إلى أحد ضباط الشرطة القضائية حسب المواد من 59 إلى 99 من قانون المسطرة الجنائية، وهذه المحجوزات كثيرة بحيث لا يمكن حصرها تحت نوع معين.

[78]– أحمد قيلش، محمد زنون، سعاد حميدي ومجيدي السعدية، الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 171.

[79]– أحمد قيلش، محمد زنون، سعاد حميدي ومجيدي السعدية، الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 171.

[80]– أحمد قيلش، محمد زنون، سعاد حميدي ومجيدي السعدية، الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 172.

[81]– الأمر بعدم الاختصاص لقد سبق وأن تطرقنا إليه في المطلب الأول من المبحث الأول في هذا الفصل.

[82]– وداد جعرة، دور مؤسسة قاضي التحقيق في ضمان المحاكمة العادلة، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى، 2016، ص: 74.

[83]– فريد خير الدين، علاقة النيابة العامة بقاضي التحقيق في ظل قانون المسطرة الجنائية المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، ص: 99. (لم تتم الإشارة في النسخة التي أتوفر عليها إلى السنة الجامعية).

[84]– عبد الواحد العلمي، شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة السابعة، 2019، الجزء الثاني، ص: 110.

[85]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 443.

[86]– ذلك أن غايات وأهداف الأمر بالاطلاع تكمن أساسا في معرفة وجهة نظر النيابة العامة، خاصة فيما سيقدم على اتخاذه قاضي التحقيق، ويتم إما تلقائيا وإما بناء على ملتمسات الأطراف.

[87]– يونس أسوفي، الأوامر القضائية بشأن انتهاء التحقيق الإعدادي: دراسة مقارنة، منشورات موقع محاماة نت الرابط هنا نشر يوم 18 ماي 2018، وشوهد يوم 05 غشت 2024، على الساعة 00:10.

[88]– قرار رقم 95 منشور في اجتهادات المجلس الأعلى في المادة الجنائية، ص: 106.( أورده عبد الواحد العلمي شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الثاني، ص: 111).

[89]– نص الفصل 89 على: “يمكن للنيابة العامة عند وضعها ملتمس فتح التحقيق أن تطلب من قاضي التحقيق القيام بكل إجراء مفيد لإظهار الحقيقة، وبأي إجراء ضروري للحفاظ على الأمن وخاصة وضع المتهم رهن إشارة العدالة …”.

[90]– إن ملتمسات النيابة العامة مفروض فيها أن تكون مكتوبة نزولا على ما تقضي به المادة 38 من ق.م.ج، والتي جاء فيها ما يلي: “يجب على النيابة العامة أن تقدم ملتمسات كتابية، طبقا للتعليمات التي تتلقاها، ضمن الشروط المنصوص عليها في المادة 51 وهي حرة في تقديم الملاحظات الشفهية التي ترى أنها ضرورية لفائدة العدالة“.

[91]– المادة 89 من ق.م.ج.

[92]– قاضي التحقيق عندما يحيل على النيابة العامة ملف التحقيق يكون ملزما باحترام الشكليات القانونية التي يترتب عنها البطلان، ولا يعني هذا أنه يكون ملزما بالاستجابة لملتمسات النيابة العامة، فله أن يرفضها بقرار معلل، تملك النيابة العامة الحق في استئنافه.

[93]– فريد خير الدين، علاقة النيابة العامة بقاضي التحقيق في ظل قانون المسطرة الجنائية المغربي، م.س، ص: 101 و102.

[94]– المادة 89 من ق.م.ج.

[95]– تنص المادة 214 من ق.م.ج على: “يوجه قاضي التحقيق الملف الى النيابة العامة بعد ترقيم أوراقه من طرف كاتب الضبط بمجرد ما يعتبر أن البحث قد انتهى، وعلى النيابة العامة أن توجه إلى  قاضي التحقيق ملتمساتها خلال ثمانية أيام على الأكثر من توصلها بالملف“.

[96]– يعود أساسا اعتباره ملتمسا نهائيا لكونه سيكون أخر ملتمس توجهه النيابة العامة بصفة نهائية في إطار مسطرة التحقيق.

[97]– لطيفة الداودي، دراسة في قانون المسطرة الجنائية المغربية وفق آخر التعديلات، مكتبة المعرفة، الطبعة التاسعة، 2020، ص: 286.

[98]– محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائي: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 446.

[99] الشرقي حراث، شرح قانون المسطرة الجنائية، مكتبة الرشاد سطات، مطبعة الأمنية، الرياط، 2021، الجزء الثاني، ص: 142.

[100] إبراهيم بونجرة، مؤسسة قضاء التحقيق ومستجدات قانون المسطرة الجنائية: دراسة عملية، رسالة نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء، 2009، ص: 92.

[101] محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 448 و449.

[102] محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 454.

[103] الأمر بعدم المتابعة المعلل بأسباب قانونية هو دوما أمرا نهائيا، وبالتالي لا يمكن إعادة فتح تحقيق من جديد في مثل هذه الأحوال.

[104] الأمر بعدم المتابعة المعلل بأسباب واقعية ليست نهائية، طالما أنه إذا ظهرت أدلة جديدة أو عرفت هوية مرتكب الفعل فإنها تسمح بإعادة فتح تحقيق جديد.

[105] يونس نفيد، مسطرة التحقيق الإعدادي في التشريع الجنائي: دراسة مقارنة، م.س، ص: 190 و191.

[106]  أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 256 و257.

[107]  إبراهيم بونجرة، مؤسسة قضاء التحقيق ومستجدات قانون المسطرة الجنائية: دراسة عملية، م.س، ص: 93.

[108]  وداد جعرة، دور مؤسسة قاضي التحقيق في ضمان المحاكمة العادلة، م.س، ص: 79.

[109]  تنص المادة 219 من ق.م.ج على ما يلي: “يجوز خلال إجراء التحقيق إصدار أوامر بعدم المتابعة جزئيا“.

[110] الشرقي حراث، شرح قانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 143.

[111] يبقى الأمر بعدم المتابعة قابلا للاستئناف من طرف النيابة العامة حسب مقتضيات المادة 222 من ق.م.ج، ومن طرف المطالب بالحق المدني حسب مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 224 من ق.م.ج، في حين أنه لا يجوز للمتهم أن يطعن في الأمر بالإحالة جزئيا بالاستئناف.

[112] الشرقي حراث، شرح قانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 144.

[113] وداد جعرة، دور مؤسسة قاضي التحقيق في ضمان المحاكمة العادلة، م.س، ص: 81.

[114] فالإحالة لا تعني بأن الأفعال المنسوبة إلى المتهم ثابتة في حقه ثبوتا قطعيا لإدانته لأن هذه الأخيرة تبقى من اختصاص المحكمة، وأن التعليل الذي يعتمد عليه قاضي التحقيق يتطرق إلى مدى اقتناعه الوجداني بقوة الحجج والدلائل التي اعتمد عليها.

[115] محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 455.

[116] محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 455 و456.

[117] محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الإعدادي، م.س، ص: 456.

[118] أحمد قيلش، محمد زنون، سعاد حميدي ومجيدي السعدية، الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 174.

 [119] يونس نفيد، مسطرة التحقيق الإعدادي في التشريع الجنائي: دراسة مقارنة، م.س، ص: 191.

[120]  الشرقي حراث، شرح قانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 145.

[121]  المادة 217 من ق.م.ج.

[122] أحمد قيلش وحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 265.

[123] أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 265.

[124] المادة 217 من ق.م.ج.

[125] المادة 220 من ق.م.ج.

[126] الشرقي حراث، شرح قانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 145.

[127] أحمد قيلش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الإعدادي، م.س، ص: 265.

[128] بمقتضى هذه الإحالة يحال ملف القضية على الوكيل العام من أجل استدعاء المتهم، والمسؤول المدني والطرف المدني.

[129] يونس نفيد، مسطرة التحقيق الإعدادي في التشريع الجنائي: دراسة مقارنة، م.س، ص: 192.

[130] الشرقي حراث، شرح قانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 147.

[131] محمد أحداف، شرح المسطرة الجنائية: مسطرة التحقيق الاعدادي، م.س، ص: 459.

[132] الشرقي حراث، شرح قانون المسطرة الجنائية، م.س، ص: 147 و148.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]