نسخ ظهير 1919 يمهد المساواة بين النساء والرجال في الأراضي السلالية
دخلت مُقتضيات القانون الجديد للأراضي السلالية في المغرب حيز التنفيذ، وبذلك تكون المساواة بين الرجل والمرأة قد وصلت إلى قرابة 15 مليون هكتار من هذه الأراضي الذي ظلت لعقود تحتكم إلى الأعراف القبلية.
وصدر القانون الجديد 62.17، الذي يُنظم الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، في العدد 8607 من الجريدة الرسمية متضمناً لمقتضيات جديدة تم اعتمادها بناءً على توصيات صدرت عن الحوار الوطني الذي نُظم حول الموضوع سنة 2014.
ويعني هذا القانون مساحةً من الأراضي المملوكة للجماعات السلالية تقدر بحوالي 15 مليون هكتار، موزعة على 60 عمالة وإقليما، تستفيد منها ساكنة تقدر بعشرة ملايين نسمة، موزعة على 4560 جماعة سلالية يمثلها 7812 نائباً ونائبة.
وتنقسم هذه الأراضي إلى ثلاثة أنواع؛ أراضٍ مخصصة للرعي وتُمثل 85 في المائة من المجموع وتغطي 12.7 مليون هكتار، وأراضٍ مُخصصة للفلاحة تمتد على مساحة تقدر بـ2 مليون هكتار، منها 1.7 مليون هكتار خارج دوائر الري و300 ألف هكتار داخل هذه الدوائر و60 ألف هكتار من الأراضي الغابوية.
أما النوع الثالث من الأراضي السلالية فهي الواقعة بالمجالات الحضرية وضواحيها وبالمراكز القروية، وتقدر مساحتها بحوالي 300 ألف هكتار، ما يمثل حوالي 2 في المائة من مجموعة الأراضي الجماعية.
وأبرز مستجد قانوني ستخضع إليه هذه الأراضي هو تكريس المساواة بين المرأة والرجل أعضاء الجماعة السلالية في الحقوق والواجبات طبقاً لأحكام الدستور، بحيث سيُنسَخ الظهير الشريف الصادر في 27 أبريل 1919 المنظم لهذه الأراضي من أجل تقييد اللجوء إلى العادات في تدبير شؤون الجماعات السلالية واستغلال أراضيها واعتمادها في الحدود التي لا تتعارض مع النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل.
كما يفتح القانون الجديد إمكانية تفويت الأراضي الجماعية للفاعلين الاقتصاديين الخواص إلى جانب الفاعلين العموميين لإنجاز مشاريع الاستثمار، وهذا أمر تُعول عليه الدولة من أجل إدماج الرصيد العقاري الجماعي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
ويفتح القانون أيضاً المجال لإمكانية تفويت الأراضي الجماعة المُخصصة للحرث لفائدة أعضاء الجماعة من أجل تمكينهم من الاستقرار في هذه الأراضي وتشجيعهم على الاستثمار فيها، إضافة إلى إعادة النظر في كيفية كراء العقارات الجماعية من أجل تشجيع الاستثمار، وخاصة في الميدان الفلاحي.
وبموجب الإطار القانوني الجديد، ستخضع الوصاية على الجماعات السلالية لإعادة تنظيم تتمثل في إحداث مجالس للوصاية على الصعيد الإقليمي يعهد إليها بمواكبة الجماعات السلالية في التدبير العملياتي وحماية الأملاك الجماعية وتصفية وضعيتها القانونية، إضافة إلى مجلس مركزي للوصاية سيختص بتحديد المبادئ العامة لتدبير الأراضي الجماعية والبرمجة والتتبع والمراقبة.
وقالت سعيدة الإدريسي، فاعلة حقوقية متابعة لهذا الملف منذ سنة 2007، إن “هذه المقتضيات الجديدة تحمي حقوق النساء في أراضي الجموع وتضمنها، وتفتح لهن الباب أمام العدالة لتقديم شكاية حول الموضوع، وهو أمر لم يكن مُكنناً في السابق”.
وأضافت الإدريسي، أن هذه المقتضيات لها بعد بيداغوجي، موضحة أن “هذا القانون سيُوَعِّي رجال القبيلة بكون الرجل والمرأة متساويين، وبأن للمرأة حقها في هذه الأراضي السلالية، وبأن الاحتكام بخصوص أي تظلم يكون عبر القانون ومؤسسات الدولة”.
وأشارت الفاعلة الحقوقية إلى أن هذه المستجدات القانونية سيكون لها أثر نفسي واقتصادي على النساء السلاليات، بحيث سيكون بإمكانهن إحداث تعاونيات للقيام بأنشطة اقتصادية من خلال هذه الأراضي للمساهمة في التنمية الاقتصادية المحلية.
وسيُساهم القانون أيضاً، حسب الإدريسي، في استقرار المواطنين، خصوصاً النساء، في البادية، بفضل استغلال هذه الأراضي السلالية والانتفاع منها، وهو ما سيعود بالنفع على الجميع. لكن المتحدثة أكدت أن وزارة الداخلية عليها أن تواكب هذا القانون لتنزيله على أرض الواقع لأن الأعراف ما تزال حاضرة.
هسبريس
merci