مداني يوسف: آفاق الرقابة القضائية الدستورية على الحملة الانتخابية
مداني يوسف باحث في سلك الدكتوراه
عرفت المنازعات الانتخابية منذ أول استحقاقات تشريعية سنة 1963 تطورا مضطردا، حيث أصبحت تشكل ركيزة أساسية للقضاء الدستوري، من حيث الكم، على اعتبار أن ما يقارب أربعة أخماس الإنتاج القضائي الدستوري يتعلق بالمادة الانتخابية، وكذا من حيث الكيف، إذا نظرنا إلى التحولات التي مر بها القضاء الدستوري، ابتداء من اللجنة الدستورية المؤقتة الأولى ثم الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى، فالمجلس الدستوري وأخيرا المحكمة الدستورية[1].
فمن المستجدات التي جاء بها دستور 2011، يمكن أن نشير إلى مبدأ تسهيل الولوج إلى العدالة الدستورية في المادة الانتخابية، حيث نص الدستور المغربي لأول مرة على الأجل الذي يجب أن تبث خلاله المحكمة الدستورية في مجموع الطعون الانتخابية المرفوعة إليها على إثر اقتراع عام.
وهكذا نص في الفقرة الأخيرة من فصله 132 على أن بت المحكمة الدستورية في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان يكون داخل أجل سنة، ابتداء من تاريخ انقضاء أجل تقديم الطعون إليها، وأن للمحكمة تجاوز هذا الأجل بموجب قرار معلل، إذا استوجب ذلك عدد الطعون المرفوعة إليها، أو استلزم ذلك طبيعة الطعن المقدم إليها. وقامت المادة 33 من القانون التنظيمي رقم 066.13[2] المتعلق بالمحكمة الدستورية بإعادة ذكر هذه الأحكام نفسها.
ولا ريب في أن المراد بمقتضى هذا الفصل هو تفادي التراخي في البت في تلك الطعون الانتخابية الذي كان قبل دستور 2011، حيث كان يستغرق في بعض الأحيان الفترة التشريعية كلها.
ومن التطورات المهمة التي كرسها القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية، والتي انعكست بشكل إيجابي على الطعون الانتخابية، نشير إلى مسألة توسيع الأجل الذي يتم داخله الطعن في نتائج الانتخابات البرلمانية.
ذلك أن الأجل الذي كان يتم داخله الطعن في انتخاب أعضاء البرلمان أمام الغرفة الدستورية هو 15 يوما، وهو الأجل ذاته الذي تم تكريسه بعد ذلك، بموجب المادة 29 من القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري، التي نصت على أن الأجل الذي يتم داخله الطعن، طبقا للقانون، في انتخاب أعضاء البرلمان أمام المجلس الدستوري يحدد في خمسة عشر يوما من تاريخ الإعلان عن نتيجة الاقتراع.
أما بموجب المادة 32 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية فقد اتسع هذا الأجل وتضاعف مرتين، إذ انتقل من 15 يوما إلى مدة 30 يوما تبتدئ من اليوم الموالي لتاريخ الإعلان عن نتيجة الاقتراع المتعلق بالدائرة الانتخابية المتعلق بها الطعن.
وعلى العموم فإن كل هذه التطورات والمستجدات كان لها أثر إيجابي في سير مسطرة الطعون الانتخابية أمام القضاء الدستوري، إلى جانب إجراءات مسطرية أخرى، وخاصة منها تلك المتعلقة بعدم إلزامية الاستعانة بمحام لرفع الدعوى، والتخفيف من الشروط الشكلية المتعلقة بتضمين عرائض الطعن عنوان المنتخب أو المنتخبين المنازع في انتخابهم. وهي كلها ضمانات تصب في سياق ممارسة حق التقاضي وضمان حقوق الدفاع.
لكن في المقابل نجد أن القاضي الدستوري المغربي قد اختار النهج الواقعي في مقاربة المنازعات المرتبطة بالطعون الانتخابية عامة والحملة الانتخابية خاصة، فكان يبالغ أحيانا في خياراته الواقعية، التي تدفعه إلى ترجيح سلامة الانتخابات على حساب شرعيتها، معتمدا في ذلك على معيار الأثر الفعال للمخالفة، ومدى تأثيرها في إرادة الناخب وفي نتيجة الاقتراع[3].
كما أن معيار فارق الأصوات يدفع القاضي الدستوري إلى التغاضي عن العديد من المخالفات المرتبطة بالحملة الانتخابية، بعلة الفرق الكبير بين الأصوات التي حصل عليها المرشح الفائز، وتلك التي نالها المرشح الذي يليه. الأمر الذي يمكن اعتباره نوع من الليونة في مواجهة المخالفات المرتكبة، والتي جعلته يفقد الحزم الضروري للتعامل معها[4].
وقد نلتمس العذر للقاضي الدستوري في موقفه هذا، على اعتبار أنه لا يمكن لأي اقتراع أن يخلوا تماما من المخالفات، وأن من شأن ترتيب الجزاء على كل المخالفات المسجلة خلال الانتخابات أن يؤدي إلى إلغاء العملية برمتها. وبالتالي فإن القاضي الدستوري يفسر في أضيق الحدود المادة 89 من القانون التنظيمي 27.11 المتعلق بمجلس النواب[5] التي تقضي بأنه” لا يحكم ببطلان الانتخابات جزئيا أو مطلقا إلا في الحالات التالية:
- إذا لم يجر الانتخاب طبقا للإجراءات المقررة في القانون؛
- 2إذا لم يكن الاقتراع حرا أو إذا شابته مناورات تدليسية؛
إذا كان المنتخب أو المنتخبون من الأشخاص الذين لا يجوز لهم الترشح للانتخابات بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي”
إلا أن خطورة بعض الحالات قد تفرض التدخل الصارم للقاضي الدستوري حماية للعملية الانتخابية وحفاظا على شرعيتها. كما هو الشأن في حالة استعمال الرموز الوطنية أو الدينية، بحيث تعتبر من المخالفات القانونية التي تجعل القاضي الدستوري المغربي لا يتردد في إلغاء الانتخابات دون البحث لا في فارق الأصوات ولا في تأثير ذلك على إرادة الناخبين.
وليس بعيد عن نفس السياق يجب أن نشير إلى مسألة أساسية تحد من دور القاضي الدستوري في رقابته على الطعون الانتخابية،فإذا كان القانون التنظيمي للمجلس الدستوري[6]، سابقا، لم يكن ينص على أي نظام داخلي يضعه المجلس لإتمام المسطرة المتبعة أمامه، فإن هذا الوضع أصبح متجاوزا بعد صدور القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية الذي نص في الفقرة الأولى من المادة 43 على أنه: “يحدد التنظيم الداخلي للمحكمة الدستورية وكيفية تسييرها بموجب نظام داخلي تضعه المحكمة”. فهذا النظام من شأنه أن يدفع القاضي الدستوري إلى التدقيق في وضع القواعد التي تساعد على ضبط الإجراءات المسطرية وتكفل حقوق المتقاضين خاصة على مستوى ضمانات حقوق الدفاع والتقاضي. وبالتالي فإن المحكمة الدستورية سوف تتجاوز بكل تأكيد الوضع الحرج الذي كان يوجد عليه المجلس الدستوري، حيث لم يكن يتوفر على نظام داخلي رسمي، مما يجعله يلتجئ إلى إصدار نظام داخلي غير رسمي يتعلق بتنظيم وإتمام المساطر الداخلية، وتتم إحاطة هذا النظام بنوع من السرية على أساس أنه موجه فقط للعمل الداخلي للمجلس ولا يمكن الاحتجاج به أمام الغير، كما لا يمكن لأطراف النزاع أو لسلطات الإحالة الإحتجاج به أمام المجلس، وبالتالي فإن هذا النظام الداخلي كان مجرد آلية داخلية للعمل ودليل خاص بأعضاء المجلس مستمد من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري ولا يخلق أي مراكز قانونية جديدة الهدف منها تأطير عمل المجلس وتطوير فعاليته[7].
إن الامتناع عن نشر النظام الداخلي ولو على سبيل الاستئناس والتكتم الشديد على محتواه، لم يكن ليساهم في انفتاح المجلس على محيطه والتعريف بطبيعة عمله وبالمجهودات التي يقوم بها، باعتباره الضامن الأساسي للحقوق والحريات. فالتعريف بالآليات الداخلية لاشتغال المجلس من شأنه أن يكرس الشفافية والوضوح، وأيضا أن ييسر ولوج الباحثين إلى المعلومات وفهم الميكانزمات التي تؤطر عمل القاضي الدستوري، كما أن من شأن ذلك مساعدة المهتمين بالمنازعات الانتخابية عموما وبالأخص الطاعنين والمحاميين على فهم المساطر الداخلية للمجلس، وألا يستمروا في ارتكاب بعض الأخطاء المسطرية والبدائية عند إيداع عرائضهم من قبيل عدم ذكر الأسماء العائلية والشخصية للطرفين وصفة الطاعن وعنوانه وآجال العرائض وتوجيه الطعن ضد المرشح الفائز… إلى غير ذلك من الشروط الجوهرية. ومهما تكن بداهة هذه الاجراءات فإنها تكون السبب المباشر في عدم قبول نسبة كبيرة من مجموع الطعون الموجهة للقضاء الدستوري.
ومن تم فإن هذا القضاء مطالب بمد قنوات التواصل مع محيطه من أجل التعريف بالدور الهام الذي يلعبه وبالمهمة السامية التي خصه بها الدستور. لذا فإن الأمل معقود على النظام الداخلي للمحكمة الدستورية المرتقب من أجل تبسيط وتوضيح المساطر الداخلية وتذليل الإجراءات التي تقف غالبا حجرة عثرة أمام كل المعنيين بالمنازعات الانتخابية من أجل ولوج العدالة الدستورية.
وعلى العموم يمكن القول، إن نقطة الضعف الأساسية للقضاء الدستوري المغربي في المادة الانتخابية هي تلك المتمثلة في عدم قدرته على ممارسة رقابة فعلية على الجوانب المالية للحملة الانتخابية. ولعل السبب في ذلك يعود إلى القصور التشريعي الواضح في هذا الشأن وذلك بالرغم من دسترة الرقابة المالية سنة 2011. وهذا يطرح سؤالا حول ما إذا كانت ثمة رغبة حقيقية للمشرع في إرساء قواعد رقابية فعلية، أم أن موقفه ينم عن حالة من “عدم الاختصاص السلبي” التي كان من واجب القضاء الدستوري التصدي لها أثناء فحص دستورية القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب وبالتالي إثارة انتباه المشرع إلى ممارسة اختصاصاته كاملة في الموضوع.
إذا كانت الرقابة القضائية تلعب دورا أساسيا في حماية الحملة الانتخابية، والتأكد من كون مختلف مراحلها قد تمت في إطار الشفافية والنزاهة والحياد، فإن الواقع العملي أظهر وجود عدة إكراهات قد تحول دون قيام القاضي الانتخابي برقابة فعالة على الانتخابات الجماعية أو التشريعية، سواء ما نتج منها عن الإشكاليات التي تطرحها النصوص القانونية أو تلك المرتبطة بالإمكانيات المادية والبشرية المرصودة للقضاء والتي قد لا تكفي لقيامه بالمهام المنوطة به في هذا الإطار على الوجه الأمثل. وخاصة إذا أخدنا بعين الاعتبار أنه لا ينظر فقط في المنازعات الانتخابية، بل هي فقط جزء من اختصاصاته إلى جانب منازعات أخرى حددها القانون.
وعلى الرغم من ذلك، يبدو أنه إذا كانت محكمة النقض (الغرفة الإدارية) ومعها باقي المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية تتعامل بمرونة في ترتيب أثر البطلان على المخالفات المرتكبة خلال فترة الحملة الانتخابية بالإضافة إلى اشتراط ثبوت تأثيرها على نتيجة الاقتراع، فإن القضاء الدستوري كان أكثر تشددا في ذلك، وربما أكثر جرأة. وهذا ما يظهر بشكل جلي من خلال الاطلاع على مجموعة من الأحكام والقرارات الصادرة عن القضائين الإداري والدستوري في ميدان الحملة الانتخابية ، فهناك اختلاف جذري سواء على مستوى الكمي أو الكيفي.
فبالنسبة للقضاء الإداري نجد أن عدد الطعون المؤسسة على مخالفات الحملة الانتخابية قليل نسبيا إذا ما قورن بباقي أنواع الطعون التي تنصب على سير الاقتراع أو مكاتب التصويت وفرز الأصوات. كما أن تعاطي القاضي الإداري مع الدفوعات الخاصة بالحملة اتسم بنوع من الحيطة والحذر والتخوف، وهو ما يظهر من خلال العدد الكبير لحالات رفض الطلب إما لعدم تأثير خروقات الحملة على الاقتراع وإما لعدم اقتناع القاضي الإداري بوسائل الإثبات المقدمة من طرف الطاعن. الأمر الذي من شأنه الإخلال بنزاهة وشفافية العملية الانتخابية برمتها، وأيضا المس بحرمة الاقتراع التي هي أساس التمثيل الديمقراطي. فإذا كان من خصوصيات القضاء الإداري أنه قضاء خلاق وإنشائي يسعى إلى خلق القواعد القانونية باجتهاداته ولا ينتظر دائما تدخل المشرع، فإنه في اجتهاده ذلك الذي يعتبر نوعا من التشريع، يجب أن يكون محيطا بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد، واجتهادات القضاء المقارن، وأيضا التطورات التكنولوجية والتقنية التي أصبحت تتحكم في الحياة اليومية للمواطن، وأن يؤطر اجتهاده في ظل هذه القواعد، مع العمل على إقرار في أحكامه و قراراته لمبادئ من شأنها أن تؤصل للمادة الانتخابية وتعمل على تقعيدها لضمان استقرار عمل القضاء الإداري وتوحيد توجهاته الكبرى في هذه المادة . مع العمل كذلك على نشر تلك المبادئ والقواعد على أوسع نطاق، حتى يتم احترامها من طرف الجميع خلال إجراء العمليات الانتخابية، وتتم إشاعة ثقافة حماية سلامة الانتخابات ونزاهتها وبالتالي ترسيخ الثقة في القضاء، والعملية الديمقراطية ككل.
أما فيما يخص القضاء الدستوري فقد تعامل مع الطعون المؤسسة على الحملات الانتخابية بنوع من الجرأة والرصانة، سواء فيما يخص التأسيس القانوني والتعليل، أو فيما يخص تعامله مع وسائل الإثبات لذلك يمكن القول أن القاضي الدستوري، بالرغم من خياراته الواقعية التي كانت تدفعه أحيانا إلى تغليب سلامة الانتخابات على شرعيتها، فإنه استطاع، إلى حد ما من تأسيس قواعد منهجية في رقابته على الحملة الانتخابية. وخاصة فيما يتعلق باستعمال وسائل التواصل الحديثة، التي سكت المشرع عن تنظيمها، أثناء فترة الحملة الانتخابية. فكان تعامله إيجابيا من خلال فرض رقابته على هذه الوسائل، وأنتج مجموعة من المبادئ في هذا السياق ومن بينها، أن قيام المطعون في انتخابه يوم الاقتراع بتحيين صورته على أحد مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتضمن أحد الرموز الوطنية، ودعوة الناخبين للتصويت لصالحه، يعتبر استمرار للحملة الانتخابية يوم الاقتراع ومناورة تدليسية تستوجب إلغاء الانتخاب.
ولعل أهم ملاحظة يمكن إثارتها في هذا السياق هو تزايد الاعتماد على شبكة الأنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي من طرف المرشحين والأحزاب السياسية في الانتخابات التشريعية لسنة 2016، وهو ما يفسر كثرة الطعون الانتخابية التي تناولت استعمال هذه الوسائل من طرف المرشحين. وقد تصدى الاجتهاد القضائي إلى هذه التقنيات الحديثة من خلال الاستناد إلى المبادئ العامة التي تؤطر وسائل الاتصال الأخرى، وفي مقدمتها وسائل الاتصال السمعي البصري. ومن أبرز التقنيات الحديثة التي تم إثارتها في الطعون الخاصة بالانتخابات التشريعية لسنة 2016 هي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتقلت الحملة الانتخابية بشعاراتها وخطاباتها وانزلاقاتها أيضا من الميادين والشوارع إلى العالم الافتراضي. مما فرض على القاضي الانتخابي مسايرة هذا التطور، والتصدي إلى كل الخروقات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، نظرا لتأثيرها المتزايد في توجيه الرأي العام وقدرتها على التأثير بشكل أو بآخر على نتيجة الاقتراع.
وعلى الرغم من الانتقادات التي طالت القاضي الدستوري فيما يخص إحالته على المادة 118 من القانون التنظيمي رقم 57.11 عند تعليله لمجموعة من قراراته المرتبطة باستعمال وسائل الاتصال الحديثة في الحملة الانتخابية، فإنه يكون بذلك قد ساعد على التقعيد لمجموعة من الضمانات القضائية المرتبطة بالحملة الانتخابية وخاصة وأن هذه الأخيرة قد انتقلت من الميادين والشوارع إلى العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي فرض على القاضي الدستوري التصدي لهذه الخروقات ومعالجتها، مع العلم بصعوبتها التقنية وغياب النص القانوني الذي يؤطرها.
وأخيرا نشير إلى أن مستقبل الطعون الخاصة بالحملة الانتخابية ينبئ بتحولات إيجابية وذلك لاعتبارات موضوعية ، فالارتقاء بالمجلس الدستوري إلى محكمة دستورية، هو أول هذه المؤشرات، ولا يمكن أن يؤدي إلا إلى تكريس استقلالية القضاء الدستوري، بالنظر للضمانات القانونية والواقعية التي أصبحت متاحة له، والمتأتية مباشرة من نص دستور 2011. فالنظام القانوني لأعضاء المحكمة الدستورية، عرف تحولا نوعيا، إذ بالإضافة لمعايير التكوين العالي في مجال القانون، والكفاءة القضائية أو الفقهية أو الإدارية، وصفات التجرد والنزاهة والتجربة لمدة تفوق خمسة عشر سنة، فإن نصفهم أصبح خاضعا لمسطرة الانتخاب من قبل مجلسي النواب والمستشارين. كما أن النظام القانوني لهؤلاء الأعضاء، سواء فيما يتعلق بمجالات التنافي أو بالالتزامات السلوكية يتميز بقدر كبير من الصرامة الكفيلة بتمتع القاضي بمصداقية كبيرة وباستقلالية من شأنها أن تجنبه الكثير من الضغوط والإكراهات التي قد تعيق عمله.
الهوامش:
(*) تم تحكيم هذا المقال العلمي من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات و الأبحاث القانونية.
[1]. محمد الصفريوي: “الاجتهاد القضائي الدستوري المغربي، مرجعياته وتطبيقاته”، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2014/2015، ص: 646.
[2].القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بظهير شريف رقم 1.14.139، بتاريخ: 13 أغسطس 2014، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6288، بتاريخ: 4 سبتمبر 2014، ص: 6661.
[3]. بلفقيه أحمد: “تقنيات وتوجهات القاضي الدستوري في المجال الانتخابي”، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، ظهر المهراز فاس، السنة الجامعية: 2009/2010، ص: 43.
[4]. عبد الرحيم منار اسليمي: “مناهج عمل القاضي الدستوري بالمغرب، دراسة سوسيو قضائية”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، العدد 65، الطبعة الأولى، 2006، ص: 335-336.
[5].القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بظهير شريف رقم 1.11.165، بتاريخ: 14 أكتوبر 2011، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 5987، بتاريخ: 17 أكتوبر2011، ص: 5053.
[6]. يتعلق الأمر هنا بالقانون التنظيمي رقم 93/29، الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.94.124، الصدر بتاريخ: 25 فبراير 1994.
[7]. محمد الصفريوي: مرجع سابق، ص: 439.