محمد صالحي: الحد من التعرضات الكيدية كآلية لتحقيق الأمن العقاري.

محمد صالحي باحث في سلك الدكتوراه بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس .

مقدمة:

لقد عرف المشرع المغربي في بداية الألفية الثالثة عدة تعديلات على مستوى قوانينه، نظرا للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي عرفها العالم بأسره والمغرب على وجه الخصوص.

وفي خضم الإصلاحات القانونية والتحولات الاقتصادية والمالية؛ ونظرا للقصور الذي كان يشوب الإطار القانوني الخاص بالمجال العقاري تم إخراج مجموعة من النصوص القانونية إلى حيز الوجود، على اعتبار أن النصوص السابقة لم تعد قادرة على مواكبة المستجدات التي يعرفها المجال العقاري، بغية توفير الوسائل القانونية الكفيلة بترسيخ دولة الحق والقانون لإضفاء حماية صارمة على الملكية العقارية وإحاطتها بجملة من الضمانات الأكيدة[1].

ومن بين التشريعات التي خضعت لتعديلات قصد مواكبة التغيرات في مجال المال والأعمال نجد ظهير 12 غشت 1913[2] المتعلق بالتحفيظ العقاري المعدل والمتمم بمقتضى القانون رقم 14.07[3]، الذي هدف إلى تحقيق الأمن العقاري عن طريق تبسيط إجراءات التحفيظ وتوفير حماية قانونية للملكية العقارية عن طريق الحد من التعرضات الكيدية والتعسفية.

ويمكن تعريف التعرض بأنه ادعاء يتقدم به أحد من الغير ضد طالب التحفيظ بمقتضاه ينازع المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ أو في مداه أو في حدوده أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا العقار، و ينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه في مطلبه[4].

وفي هذا الإطار اعتبر أحد الفقه[5] أن التعرض بمثابة شر لابد منه في ميدان التحفيظ العقاري؛ ولا ينبغي أن يزعج هذا طالبي التحفيظ ما دام أنهم يعتمدون في مطالبهم على الحق وعلى حسن النية، ولا أن يقلق المحافظين العقاريين ولا القضاة ما داموا جميعا يعملون في إطار المشروعية والقانون.

 وتقتضي الحكمة على الأقل، أن يستند المتعرض[6] في تعرضه على أدلة يدحض بها حجج طالب التحفيظ، ولا يمكنه ممارسة هذه المكنة قصد عرقلة مسطرة التحفيظ والسمسرة في طالب التحفيظ واعتبارها حرفة يجني منها المال.

ولذلك، فإذا كان التعرض حق يمكن ممارسته من قبل المتعرض؛ فإنه لا يمكن ممارسته على إطلاقه دون قيود أو شروط، ولعل الغاية هو أن لا يصبح هذا الحق وسيلة للتعسف وللإضرار بطالب التحفيظ.

 ونظرا لخطورة هذا الفعل وما له من أثر بليغ يمس الأمن العقاري، أضحى بعض الملاك أو أصحاب الحقوق العينية يعزفون عن إيداع طلب تحفيظ حقوقهم خشية إثارة تعرضات كيدية، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على سياسة تعميم التحفيظ العقاري[7].

ووعيا من المشرع بأهمية هذا الموضوع أفرد فصلا خاصا لنظرية التعسف في استعمال الحق في ميدان التحفيظ العقاري ويتعلق الأمر بالفصل 48 من القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري الذي نص على أنه: “كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية لا يقل مبلغها عن عشرة في المائة  من قيمة العقار أو الحق المدعى به، والكل دون المساس بحق الأطراف المتضررة في التعويض.

إن المحكمة التي أحيل عليها مطلب التحفيظ لها صلاحية الحكم تلقائيا بالغرامة والبت، عند الاقتضاء، في طلبات التعويض”.

واستنادا على ما سبق، يمكن صياغة إشكالية محورية لهذا الموضوع:

إلى أي حد استطاع المشرع العقاري التصدي للتعرضات الكيدية باعتبارها من أهم الأساليب التي تزعزع الأمن العقاري؟

هذه الإشكالية المحورية يتفرع عنها سؤالان وهما:

– مدى نجاعة الصلاحيات القانونية المخولة للمحافظ على الأملاك العقارية للحد من التعرضات الكيدية؟

– هل وفق القضاء المغربي في التصدي لهذا النوع من التعرضات ؟

على ضوء هذين السؤالين سيتم تقسيم هذا الموضوع إلى مطلبين:

سأتطرق في المطلب الأول إلى صلاحيات المحافظ للحد من التعرضات الكيدية، على أن أخصص المطلب الثاني لدور الاجتهاد القضائي في الحد من التعرضات التعسفية.

  • المطلب الأول: صلاحيات المحافظ للحد من التعرضات الكيدية
  • الفقرة الأولى: قرار المحافظ بإلغاء التعرض لعدم الإدلاء بالمستندات
  • الفقرة الثانية: قرار المحافظ بإلغاء التعرض لعدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة.
  • المطلب الثاني: دور الاجتهاد القضائي في الحد من التعرضات الكيدية
  • الفقرة الأولى: الدور الإيجابي للقضاء في الحد من التعرضات الكيدية
  • الفقرة الثانية: محدودية دور القضاء في الحد من التعرضات الكيدية.

المطلب الأول: صلاحيات المحافظ للحد من التعرضات الكيدية

لقد نص المشرع على صلاحيات واسعة للمحافظ العقاري أثناء مسطرة التحفيظ سواء أكان الأمر يتعلق بمطلب التحفيظ أم التعرضات، إذ يمكن له إلغاء التعرضات التي لا تستند على أساس قانوني.

وعلى هذا الأساس يمكن لنا أن نتساءل عن مدى نجاعة هذه الصلاحيات القانونية المخولة للمحافظ العقاري قصد الحد من التعرضات الكيدية؟

وهكذا نظم المشرع اختصاص المحافظ في إلغاء التعرض بمقتضى الفصل 32 من القانون رقم 14.07 الذي نص على أن التعرض يعتبر لاغيا وكأن لم يكن، إذا لم يقدم المتعرض خلال الأجل المنصوص عليه في الفصل 25 من هذا القانون، الرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضه (الفقرة الأولى)، ولم يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: قرار المحافظ بإلغاء التعرض لعدم الإدلاء بالمستندات

لقد نص المشرع في الفصل 25 من القانون رقم  14.07 على أنه: “تقدم التعرضات عن طريق تصريح كتابي أو شفوي إما للمحافظ على الأملاك العقارية…”، وبقراءة هذا النص التشريعي يمكن القول بأن التعرض هو ادعاء سواء كان مكتوبا أو شفويا يتقدم به الغير ضد طالب التحفيظ[8]، على أن يتولى المحافظ على الأملاك العقارية تضمينه في سجل التعرضات وبمطالب التحفيظ المعنية[9].

وغني عن البيان، أن المشرع قبل صدور القانون رقم  14.07 كان ينص في الفصل 32 على إلزام المحافظ العقاري بإنذار المتعرض قصد إيداع الحجج والوثائق المثبتة لتعرضه داخل أجل ثلاثة أشهر، وذلك تحت طائلة اعتبار التعرض كأن لم يكن، مع إمكانية الطعن في قرار المحافظ العقاري أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه انتهائيا.

 إلا أنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 32 من القانون رقم  14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري نجده ينص على أنه يعتبر التعرض لاغيا وكأن لم يكن إذا لم يقدم المتعرض الوثائق المؤيدة لتعرضه دون الإشارة إلى ضرورة إنذاره.

وفي هذا الإطار ذهب الأستاذ آيت أحمد الغازي إلى اعتبار إلغاء التعرض دون إنذار وعلم المتعرض من شأنه الإضرار بحقوق هذا الأخير وعدم تمكينه من الدفاع عن مطالبه والإدلاء بالأسباب التي تبرر موقفه[10].

وقد اعتبرت إحدى الباحثات أن المشرع حسم بصفة واضحة حول تقرير جزاء الإلغاء حيث أقر اعتبار  التعرض لاغيا وكأن لم يكن، وهو ما جاء متناقضا تماما مع الصيغة السابقة للفصل 32 الذي كان يعطي للمحافظ السلطة التقديرية بالإلغاء أو الإبقاء، واستطردت قائلة بأن المشرع لم يكن موفقا حينما نص في الفصل 32 من القانون رقم  14.07 على أن قرار إلغاء التعرض قرار نهائي وغير قابل للطعن بل وأنه مشوب بالشطط بالنسبة للمتعرض الذي لم يستطع أداء الوجيبة القضائية أو لم يطلب المساعدة القضائية لأنه لا يعلم بوجودها أو بإجراءاتها[11].

ويبقى هذا التوجه محل نظر على اعتبار أن أداء الوجيبة القضائية محدد في مبلغ 160 درهما وهو ثمن لا يثقل كاهل المتعرض؛ أما بخصوص الحجة الثانية التي استندت إليها الباحثة بالقول إن المتعرض قد لا يعلم بوجود نظام المساعدة القضائية أو إجراءاتها، فإنه يواجه بقاعدة “لا يعذر أحد بجهله للقانون”.

وأعتقد أن المشرع ثار على المكتسبات التي كانت قبل صدور القانون رقم  14.07، إذ إنه اشترط لإلغاء التعرض عدم كفاية الحجج واقترانه بعدم أداء الوجيبة القضائية، وإن كان حسنا فعل حينما اعتبر قرار المحافظ نهائيا وغير قابل للطعن حتى ولو لم يتم إنذار المتعرض.

وأمام هذه الانتكاصة التشريعية، يجد المحافظ العقاري نفسه في موقف سلبي لا يخول له إلغاء التعرض بعلة عدم كفاية الحجج، وبالتالي يكون مضطرا لإحالة الملف على أنظار المحكمة في حالة أداء الوجيبة القضائية، مما سيصعب مهمة القضاء للبت في التعرضات غير المستندة على حجج وأدلة ما دام المحافظ غير ملزم بتقييم حجج المتعرض والاكتفاء فقط بوجودها.

وفي سياق الحديث، قضت ابتدائية الناظور[12] في أحد أحكامها بعدم صحة التعرض وذلك لعدم ارتكازه على أساس قانوني حيث جاء فيه: “وحيث وجب التأكيد بداية على أن المتعرض يعد مدعيا ملزما بالإثبات وطالب التحفيظ مدعى عليه لا تقيم ولا تناقش حججه إلا بعد إدلاء المتعرض بحجة صحيحة ومقبولة شرعا وسليمة من المأخذ والقوادح. وعلى هذا الأساس فإن المتعرضين أعلاه لم يعززوا تعرضهم بما يثبت تملكهم في العقار موضوع المطلب، حتى يصار إلى تقدير القيمة الإثباتية للشهادة الإدارية بالملك المستدل بها من قبل طالب التحفيظ في إطار نظام التحفيظ الجماعي، هذه الشهادة التي تجد أساسها في الفصل 51-6 من قانون التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه، وعليه فإن ثبوت كل ما ذكر أعلاه يجعل التعرض المقام ضد المطلب السالف غير ثابت وغير مؤسس، ويتعين الحكم بعدم صحته”.

وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن المحافظ لو كانت له مكنة إلغاء التعرض لعدم كفاية الحجج دون اشتراط عدم أداء الوجيبة القضائية، لما تم إثقال كاهل القضاء بهذا النوع من التعرضات التي لا تستند على أساس ويكون الغرض منها استفزاز طالب التحفيظ فقط.

ومن هنا يمكن طرح تساؤل حول الصلاحيات القانونية المخولة للمحافظ العقاري من أجل فحص حجج المتعرض؟

إجابة على هذا التساؤل يرى أستاذنا إدريس الفاخوري بأن المحافظ على الأملاك العقارية لا يملك سلطة واسعة لتقييم أدلة المتعرض خصوصا عندما يجد هذا الأخير صعوبة في الإدلاء بكافة الوثائق المثبتة للحق موضوع التعرض[13]، وهو ما سيجعل المحافظ العقاري يقتصر دوره على تلقي الحجج والوثائق وإرفاقها بملف التعرضات، إذ لا يمكنه أن يبت فيها أو يتخذ قرارا بشأنها قصد تصفية النزاع لأنه لا يعتبر سلطة قضائية، وليست له أي صلاحية للقيام بذلك ما دام دوره محصورا فقط في تسلمها وبعثها مع مطلب التحفيظ إلى المحكمة دون إبداء رأيه[14].

وعلى هذا المنوال قضت استئنافية الناظور في أحد قراراتها بأنه[15]: “حيث إن ما عاب به الطاعنون الحكم لا يستقيم مع قاعدة أن محكمة التحفيظ لا تنظر في مدى صحة إجراءات قبول التعرض من عدمه وهي مسألة تدخل في نطاق صلاحيات السيد المحافظ وإنما تنظر في مدى صحة التعرض أو عدم صحته”.

من خلال هذا القرار، يتبين أن المحافظ العقاري يكتفي بالمراقبة الشكلية للتعرض ومدى صحة إجراءاته دون إمكانية فحص الحجج المؤيدة للتعرض والبت فيه ما دام ذلك من اختصاص القضاء.

وأمام استفحال ظاهرة التعرضات الكيدية، ونظرا للقفزة النوعية التي عرفتها أثمنة العقار في السنوات الأخيرة سواء في الحواضر أو البوادي[16]، فإن المحافظ العقاري أصبح من اللازم عليه القيام بالدور المنوط به فيما يخص تلقي التعرضات بشكل سليم وخاصة فيما يتعلق بطلب توضيح المساحات المتعرض عليها في حالة التعرض الجزئي، وكذلك في حالة التعرض على حقوق مشاعة حيث يجب توضيح الحصة موضوع التعرض ولما لا تفحص الوثائق المدعمة للتعرض من حيث موقع الملك على الأقل، ذلك أن بعض المتعرضين يعمدون إلى الإدلاء بوثائق لا تمت بصلة إلى المطلب بل قد يتعرضون بنفس الوثائق على عدة مطالب[17].

وتأييدا لما سبق، ذهب أحد الباحثين[18] إلى اعتبار المستجدات التي جاء بها القانون رقم 14.07 من أجل حماية طالب التحفيظ أو صاحب الحق المعلن عنه وفق الفصل 84 من التعرضات الكيدية وتسريع وتبسيط مسطرة التعرض تبقى بدون جدوى؛ إذ إن المراقبة ينبغي أن تمتد إلى مضمون الحجج للتأكد من مدى ملاءمتها مع الحق المتعرض عليه، حيث إن لفظي “المدعمة” الواردة بالفصل 25 من القانون رقم  14.07 من ظهير التحفيظ العقاري وكذا “المؤيدة” الواردة بالفصل 32 من نفس الظهير يشملان مضمون وجوهر الحجج المدلى بها؛ لا بالحجج في حد ذاتها أي الوثيقة المحتوية لهذا المضمون، وبالتالي على المحافظ التأكد من انطباق الحجج المدلى بها على الحق للمتعرض عليه دون الخوض في مدى قوتها الثبوتية لأنه من اختصاص القضاء.

ورغم وجاهة وأحقية هذا التأويل يمكن التأكيد على مسألة أساسية بامتياز، مفادها أن المحافظ على الأملاك العقارية يبقى دوره عاجزا عن الحد من التعرضات الكيدية التي لا تستند على حجج وأدلة، ولذلك كان على المشرع العقاري أن يحدد نوعية وطبيعة المراقبة التي يجب أن تشمل الحجج والوثائق المؤيدة للتعرضات، والنص صراحة على وجوب تحقق المحافظ العقاري من صحتها شكلا وجوهرا، على غرار المادة 48 من مسودة مشروع قانون التحفيظ العقاري لسنة 1997[19]، وكذا الفصل 72 من القانون رقم  14.07.

وأمام هذا الدور السلبي والعجز عن الحد من التعرضات الكيدية الذي لا يرجع سببه إلى عدم صلاحية المحافظ العقاري في فحص الوثائق المؤيدة للتعرض ومدى انطباقها على الحق المتعرض عليه فقط[20]، وإنما لاشتراط المشرع عدم أداء الوجيبة القضائية قصد إلغاء التعرض، وهو ما سيتم التطرق إليه في الفقرة الثانية.

الفقرة الثانية: قرار المحافظ بإلغاء التعرض لعدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة

لقد حصر المشرع العقاري اعتبار التعرض لاغيا وكأن لم يكن في حالة واحدة؛ وذلك إذا لم يقدم المتعرض الرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضه، ولم يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية[21] حسب الفصل 32 من القانون رقم  14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري.

وفي هذا الإطار، ذهبت إحدى الباحثات إلى القول[22] بأن القانون رقم 14.07 قد أوجب شرطين لاعتبار قرار إلغاء التعرض نهائيا وغير قابل للطعن وهما:

– عدم الإدلاء بالرسوم والوثائق المؤيدة للتعرض.

– عدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو عدم إثبات الحصول على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض.

أما ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري فكان يعتبر التعرض لاغيا إذا لم يؤد المتعرضون، الذين لم يحصلوا على المساعدة القضائية أو لم يطلبوها على الأقل، الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة، وبالتالي فإن قرار المحافظ في هذه الحالة نهائي وغير قابل للطعن.

وفي هذا المنوال ذهب الأستاذ محمد خيري[23] إلى اعتبار هذا القرار فيه شيء من الشطط بالنسبة للمتعرض الذي لم يستطع أداء الوجيبة القضائية أو لم يطلب المساعدة القضائية لأنه لا يعرف إجراءاتها، وبالتالي كان حريا بالمشرع أن يوجد استثناء لهذه القاعدة تخول للمحافظ قبول التعرض في الحالة التي يتأكد فيها بأنه يستحيل على المتعرض أداء المصاريف القضائية الواجبة وذلك حتى لا تكون هذه المصاريف رغم ضآلتها عرقلة في وجه المعسرين الذين يريدون المطالبة بحقوقهم ولا يجدون إلى ذلك سبيلا.

مقال قد يهمك :   مدى تأثير التوقيع بالعطف من لدن رئيس الحكومة على الطبيعة التشريعية للظهائر الصادرة في مجال القانون

والرأي فيما أرى، أن ما ذهب إليه الأستاذ محمد خيري منطقي ومقبول قبل صدور القانون رقم  14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري؛ أما بعد ذلك، فهذا يعد محل نظر، على اعتبار أن المشرع العقاري لم يجعل قرار إلغاء التعرض لعدم أداء الرسوم القضائية نهائيا إلا بتوفر شرط آخر وهو عدم الإدلاء بالحجج والمستندات المؤيدة للتعرض، وذلك بسبب استعمال المشرع حرف “الواو” الذي يفيد المعية وليس من أجل الترتيب، مما يعني أن نهائية قرار إلغاء التعرض لا يمكن أن يتحقق إلا بتحقق الشرطين السابقين وهذا أمر نادر الوقوع.

ونظرا لأن المقتضيات الجديدة للفصل 32 من القانون رقم  14.07 تربط بشكل متلازم بين شرط عدم الإدلاء بحجج التعرض وشرط عدم أداء الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة لاعتبار التعرض لاغيا وكأن لم يكن، فإن أداء الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة من شأنه التليين من صرامة هذه المقتضيات واعتبار التعرض قائما إذا تم دفع الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة[24].

 وأمام هذه الانتكاصة التشريعية فإن المحافظ العقاري يجد نفسه،  في موقف سلبي لا يخول له إلغاء التعرض بسبب عدم أداء الرسوم القضائية في حالة وجود الوثائق والحجج المؤيدة للتعرض.

ولتجاوز هذه الإشكالية اقترح أحد الباحثين[25] وجوب أداء الرسوم القضائية خلال المرحلة القضائية وليس الإدارية، وذلك من أجل السماح للمتعرض بالامتثال أمام القضاء، هذا من جهة. ومن جهة أخرى حتى يتسنى تحريك مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتمميه بالقانون رقم 14.07 متى تبين أن تعرضه نابع عن سوء نية.

والجدير بالذكر، أن بعض رؤساء كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية كانوا يرفضون تلقي المبالغ المالية المستخلصة كواجبات قضائية وحقوق مرافعة مؤداة بصندوق المحافظة العقارية عن التعرضات المضمنة بمطالب التحفيظ، وذلك بعلة عدم توفره على وعاء محاسباتي يمكنه من تحصيلها.

وفي هذا الصدد صدرت مذكرة رقم 3241 من المحافظ العام إلى السادة المحافظين على الأملاك العقارية نص فيها على ما يلي[26]: “يشرفني أن أنهي إلى علمكم أني راسلت السيد وزير العدل للتدخل في الموضوع، وقد رد علي برسالة مؤرخة في 29/05/2006 أخبرني فيها بأنه قام بمكاتبة رئيس كتابة الضبط بالمحكمة المذكورة للتقيد بالمقتضيات القانونية التي تلزمه باستخلاص الواجبات القضائية وحقوق المرافعة”.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المقتضيات القانونية تجد أساسها في الفصل 30 من القانون المالي لسنة 1984، الذي يلزم المحافظ العقاري باستخلاص هذا النوع من المداخيل[27].

ويبدو أن المشرع العقاري اعتبر التعرض لاغيا وكأن لم يكن إذا لم يقدم ولم يؤد ما سبق ذكره خلال الأجل المنصوص عليه في الفصل 25 من القانون رقم 14.07، وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض، دون الإشارة إلى وجوب إعذار المتعرض من أجل أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة.

إلا أن الأستاذ آيت أحمد الغازي ذهب إلى القول بأن الإعذار من أجل دفع الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، وإن لم ينص عليه الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري، فقد نصت عليه مقتضيات الفصل 30 من الأحكام الملحقة لقانون المالية لسنة 1984 المتعلقة بالمصاريف القضائية[28]، وبذلك يمكن التأسيس على هذا المقتضى لإنذار المتعرض لأداء الوجيبة القضائية وتقديم حجج التعرض والتأسيس على ذلك أيضا لتعليل قرار هذا الإلغاء[29].

وتأييدا للتوجه السابق، ذهب جانب من الفقه الإداري إلى القول بأنه يتعين على المحافظ تبليغ قرار الإلغاء إلى المتعرض في محل المخابرة المدلى به للمحافظة العقارية، وفتح المجال أمامه للطعن فيه أمام القضاء الإداري الذي يراقب مدى مشروعية قرار إلغاء التعرض من خلال التحقق من توفره على الشروط المتطلبة قانونا، وإن كان إلغاء التعرض قرره المشرع لتحقيق المصلحة عامة وهي حماية حق الملكية العقارية ومنع التعسف في استعمال التعرض ثم الإسراع في إجراءات التحفيظ[30].

وفي نظري أن مقتضيات الفصل 30 من قانون المالية لسنة 1984 التي تنص على ضرورة إنذار المتعرض لأداء الوجيبة القضائية في أجل لا يمكن أن يقل  عن شهر كانت منسجمة ومتلائمة مع الفقرة الرابعة من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري القديم الذي كان يعتبر التعرض لاغيا إذا لم يؤد المتعرض الذي لم يحصل على المساعدة القضائية أو لم يطلبها على الأقل، الوجيبة القضائية ورسم المرافعة داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ توصله بإنذار من المحافظ العقاري بشأنها، وآنذاك يكون قرار هذا الأخير نهائيا غير قابل للطعن.

فبقراءة متأنية للفصلين 30 من قانون المالية لسنة 1984 وكذا 32 من ظهير التحفيظ العقاري القديم نجدهما  كانا يشترطان واقعة إعذار المتعرض لأداء الرسوم القضائية – بغض النظر عن اختلاف الأجل الوارد في الفصلين الذي لا يؤثر في شيء – وذلك من أجل استفادة قرار المحافظ بإلغاء التعرض لعدم أداء الوجيبة القضائية من الميزة النهائية.

وكانت الحكمة تقتضي على الأقل، أن يسير القضاء المغربي في هذا المنحى، وهو ما جاء في أحد قرارات محكمة النقض – المجلس الأعلى سابقا – الذي أقر أنه : “لا يجوز إلغاء تعرض المستأنفة لعدم أداء الرسوم بسبب وقوع التبليغ بصفة غير صحيحة…” [31].

وبواقعة التبليغ يكون المحافظ العقاري قد اطمأن في قرار إلغائه للتعرض، وذلك إما لتخلي المتعرض عن ممارسة حقه أم لانتفائه وانعدامه.

أما الفصل 32 من القانون رقم  14.07 من ظهير التحفيظ العقاري فإنه  لم يشترط إعذار المتعرض في حالة عدم أداء الوجيبة القانونية لاعتبار التعرض لاغيا وكأن لم يكن، وإنما اشترط عدم الإدلاء بالحجج والوثائق المؤيدة لتعرضه، وهذا ما يشكل تعارضا بين الفصل المذكور أعلاه والفصل 30 من قانون المالية لسنة 1984.

وأمام تعارض النص الخاص واللاحق المتمثل في الفصل 32 من القانون رقم  14.07 مع النص العام السابق المتمثل في الفصل 30 من قانون المالية لسنة 1984، فإن الأولى بالتطبيق هو الفصل 32 من القانون رقم  14.07 استنادا إلى قاعدتي “النص الخاص أولى بالتطبيق من النص العام”، وكذا “اللاحق يلغي السابق”، وهذا النص خال من أي مقتضى يفيد إنذار المتعرض لأداء الوجيبة القضائية، وبالتالي لا يمكن للمحافظ العقاري إلغاء التعرض للعلة أعلاه وإن تم إنذار المتعرض وذلك تفاديا للطعن في قراره بإلغاء التعرض دون الالتزام بعدم تقديم الوثائق المؤيدة للتعرض ولم يؤد الرسوم القضائية.

وإن كان لي من رأي في هذا المقام، فإنه لن يحيد عن المطالبة بإلغاء الفصل 30 من قانون المالية لسنة 1984، سواء في شقه المتعلق بمنح المحافظ العقاري اختصاص استفاء الوجيبة القضائية وجعل ذلك من اختصاص المحكمة ووجوب أدائها  خلال المرحلة القضائية، أم في شقه المتعلق بضرورة توجيه المحافظ إعذارا إلى المتعرضين قصد أداء الرسم المنصوص عليه في أجل لا يمكن أن يقل عن شهر، مع ضرورة تعديل مقتضيات الفصل 32 من القانون رقم  14.07 وحصر قرار المحافظ العقاري بإلغاء التعرض في حالة واحدة وهي عدم تقديم الرسوم والوثائق المؤيدة للتعرض مع وجوب تحقق المحافظ من صحتها شكلا وجوهرا بغية الحد من التعرضات الكيدية.

المطلب الثاني: دور الاجتهاد القضائي في الحد من التعرضات الكيدية

تعتبر القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية تنظم سلوك أفراد المجتمع، وبذلك فهي الوسيلة القمينة لتحقيق حماية الأفراد وأموالهم، وما دام القضاء هو الضامن لتطبيق هذه القواعد والسهر على حسن فهمها وتأويلها بل وإيجادها في بعض الأحيان؛ فهو يشكل بحق الجهاز الأساس في تحقيق هذه الحماية والسعي نحو التطبيق العادل للقانون.

ومن بين النواميس القانونية التي أوجدها المشرع لحماية الحقوق دعوى التعرض، إلا أن هذه الأخيرة لا يجب ممارستها بشكل تكديري أو كيدي وإلا تعرض صاحبها لعقوبة زجرية حسب مقتضيات الفصل 48 من القانون رقم  14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري.

ولقد أناط المشرع العقاري مهمة تطبيق مقتضيات هذا الفصل للقضاء المغربي ومنح له صلاحيات واسعة قصد الحد من التعرضات الكيدية التي تزعزع استقرار المعاملات العقارية وتؤثر بشكل كبير في نفسية المتعاملين في الميدان العقاري.

فهل كان القضاء المغربي موفقا في تفعيله وتطبيقه وبالتبعية الحد من التعرضات الكيدية (الفقرة الأولى)؟ أم أن دوره كان محدودا في الحد من هذه التعرضات (الفقرة الثانية)؟

الفقرة الأولى: الدور الإيجابي للقضاء في الحد من التعرضات الكيدية

لقد نص الفصل 48 من القانون رقم  14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري على أنه: “كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية لا يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به، والكل دون المساس بحق الأطراف المتضررة في التعويض.

إن المحكمة التي أحيل عليها مطلب التحفيظ لها صلاحية الحكم تلقائيا بالغرامة والبت، عند الاقتضاء في طلبات التعويض”.

إن الأخذ بحرفية النص يستلزم أن تكون حجج المتعرض قوية وترقى إلى درجة الاعتبار الشرعي، وأن عدم تقديم مثل هذه الحجج يترتب عليه الحكم بعقوبة الغرامة لفائدة المحافظة العقارية بشكل تلقائي والتعويض للأطراف المتضررة إن اقتضى الحال، وذلك إذا ثبت للمحكمة أن التعرض صدر بشكل تعسفي وتكديري.

فالقاضي العقاري واستنادا إلى الفصل السابق الذكر، إذا تأكد من وجود تعسف أو سوء نية من طرف المتعرض؛ فإنه يكون محلا لتوقيع غرامات وأداء تعويضات، إلا أن مقدار الغرامة في النص الأصلي لظهير 12 غشت 1913 كان محددا في مائة فرنك، ثم ارتفع ليصبح مائة ألف فرنك بموجب ظهير 25 أكتوبر 1916[32] إلى أن وصل 10% من قيمة العقار والحكم بالتعويض عند الاقتضاء.

وفي هذا المقام، ذهب الأستاذ محمد خيري إلى القول بأنه كان لزاما على المشرع أن يفرض عقوبات مماثلة ليس فقط على المتعرض وإنما على كل من يشهد شهادة زور بقصد تعضيد ادعاءات المتعرض وهو يعلم أن ليس للمتعرض مطالب جدية على ذلك العقار[33].

وتقتضي الحكمة على الأقل، أن نطرح تساؤلا مفاده هل يجب على المحكمة أن تحكم بالعقوبتين معا – الغرامة والتعويض- في حالة ثبت لها أن التعرض كيدي؟

إجابة على هذا التساؤل، ذهبت إحدى الباحثات[34] إلى أن الجزاءين يختلفان عن بعضهما البعض وليس هناك ما يفيد أن الحكم بأحدهما سيترتب عنه بالضرورة الحكم بالآخر.

وأعتقد بأن هذا التوجه وإن كان على صواب في حالة ما إذا ثبت للمحكمة صدور تعرض عن تعسف ولم يطلب الطرف المتضرر الحكم بالتعويض، إذ إن المحكمة ملزمة بالبت في حدود طلبات الأطراف حسب الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية، فإن هذا التوجه يعد محل نظر في حالة ما إذا قضت المحكمة بالتعويض لفائدة المتضرر إذا ثبت أن التعرض كيدي دون أن تحكم بالغرامة، على اعتبار أن إثبات وجود تعرض كيدي وطلب للتعويض عنه  يؤدي بشكل تلقائي إلى الجمع بين العقوبتين، مما يدفعنا إلى القول بأن الأصل هو الجمع بين العقوبتين في حالة ثبوت التعرض الكيدي، والاستثناء هو الحكم بالغرامة لفائدة المحافظة العقارية إن لم يتم الإدلاء بطلبات تعويض من طرف المتضرر.

وعلى هذا المنوال، قضت ابتدائية الناظور في أحد أحكامها بما يلي[35]: “… وبذلك فإن التعرض غير مرتكز على أساس ويتعين الحكم بعدم صحته، ولما كانت سمة التعسف ظاهرة في التعرض من خلال الأسباب المذكورة أعلاه خصوصا أن المتعرضين لم ينازعوا في تحفيظهم لعقارهم حسب…، فإن ذلك يوجب الحكم عليهم بغرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية تحددها المحكمة تطبيقا للفصل 48 من قانون التحفيظ العقاري في ستة عشر ألف درهم تعادل عشر قيمة العقار الثابتة من رسم الملكية عدد 516”.

 وفي حكم آخر قضت: “… وحيث إن المتعرض بإقدامه على التعرض على مطلب التحفيظ دون أي إثبات لما يدعيه من تجاوز وتعطيله بذلك لمسطرة التحفيظ الذي سجل بتاريخ 26/07/1991 وبعد أن باع قطعة أرضية لطالبي التحفيظ، فيكون بذلك تعرضه تعسفيا مما ارتأت معه المحكمة الحكم عليه بأدائه غرامة قدرها 10.830 درهم لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، إعمالا لمقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري[36].أت

يتضح من خلال هذين الحكمين؛ أن المحكمة لما ثبت لها وجود تعرض كيدي دون طلبات التعويض، فإنها قضت فقط بالغرامة لفائدة المحافظة العقارية ما دامت سمة التعسف ظاهرة في التعرض.

وتتميما لما سبق، فإذا تم إثبات السمة التعسفية في التعرض مع وجود طلبات للتعويض، فإن المحكمة تكون ملزمة بالحكم بالعقوبتين معا؛ وهو ما جاء في حيثيات لحكم صادر عن ابتدائية الناظور حيث قضت بما يلي[37]: “1-….

2- في طلب التعويض والغرامة:

حيث إنه بمقتضى الفصل 48 من قانون التحفيظ العقاري، فإن لمحكمة التحفيظ صلاحية الحكم تلقائيا بالغرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والبت في طلبات التعويض إذا ثبت صدور التعرض عن تعسف أو كيد أو سوء نية، وحيث ثبت من أساس الحكم المذكور أعلاه أن المتعرضين قدما تعرضا انصب على غير القطعة الأرضية التي تملكاها بموجب عقد القسمة وأن ما اختصا به لا ينطبق تماما على أرض المطلب حدودا ومساحة وهو يقع شرق العقار المتنازع عليه مما يجعل تعرضهما مشوبا بتعسف واضح يبرر الحكم عليهما بالتضامن بأداء تعويض لفائدة طالبي التحفيظ تحدده المحكمة وفقا لعناصر التقدير المحددة في الفصل 98 من الظهير المكون لمدونة الالتزامات والعقود في مبلغ ثلاثين ألف درهم مع تحميلهما المصاريف طبقا للفصل 124 من قانون المسطرة المدنية كما تحكم عليهما بغرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية محددة في مبلغ 7051 درهما تمثل عشر قيمة العقار المذكور في سند تملك طالبي التحفيظ”.

وأمام هذه الأحكام القضائية التي قضت بغرامة لفائدة المحافظة العقارية، يمكن أن نتساءل مع العديد من الفقهاء حول الأسباب والمبررات التي دفعت بالمشرع العقاري إلى النص بأداء هذه الغرامة لفائدة المحافظة العقارية؟

إجابة على هذا التساؤل، ذهب أحد الباحثين[38] إلى القول بأنه قد يكون المبرر لإقرار هذه الغرامة لفائدة المحافظة العقارية في كون الادعاء بسوء النية في مسطرة التحفيظ يؤدي إلى عرقلة هذه المسطرة، ويجعل عددا لا يستهان به من مطالب التحفيظ عالقة، وتطول تبعا لذلك مسطرة التحفيظ لسنوات.

في حين، ذهب رأي آخر[39] إلى اعتبار عدم وجود ما يبرر النص على غرامة لفائدة المحافظة العقارية، ما دامت هذه الأخيرة ليست طرفا في الدعوى، وكذلك لم يحصل لها أي ضرر من خلال تقديم التعرض الكيدي، كما أنه بالرجوع إلى المادة 11 من القانون رقم 58.00[40] القاضي بإحداث الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية لا توجد موارد مالية من قبيل الغرامة المنصوص عليها في الفصل[41].

مقال قد يهمك :   الرقابة القضائية على العمل الضريبي - حالات عملية للدراسة -

وفي نظري، ولئن كانت المحافظة العقارية ليست طرفا في الدعوى فإنها هي الجهاز الوحيد المختص بتتبع مسطرة التحفيظ، وأن المحكمة لا تضع يدها على النزاع إلا بعد إحالته من المحافظ العقاري، وتتضرر في حالة تقديم التعرضات الكيدية نظرا للمجهودات التي سيبذلها أطر المحافظة العقارية قصد إحالة الملف على أنظار المحكمة للبت فيه، وهو مجهود لا يستهان به، أما بخصوص العلة المتعلقة بعدم وجود مورد مالي للوكالة الوطنية من قبيل الغرامة المنصوص عليها في الفصل 48 من القانون رقم  14.07، فإنه يمكن القول بأن تاريخ صدور القانون رقم  58.00 كان في 22 يونيو 2002، وهذا النوع من الغرامة كانت الخزينة العامة هي التي تستفيد منها، لأن هذا الفصل صيغته القديمة[42] لم يكن ينص بصريح العبارة على اختصاص الوكالة في استخلاص هذا النوع من المداخيل، على خلاف المقتضيات الجديدة التي  تنص بشكل صريح على عبارة “غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية”.

وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن المحافظ العقاري باعتباره محاسب عمومي وله صلاحية استخلاص الرسوم والتعريفات المتطلبة قانونا حسب الفصل 4 من القرار الوزيري المؤرخ في 4 يونيو 1915 المتعلق بتنظيم مصلحة المحافظة على الأملاك العقارية، فإن الغرامة المنصوص عليها في الفصل 48 من القانون رقم  14.07 تدخل في زمرة الرسوم المتطلبة قانونا.

 وفي هذا الإطار ذهبت إحدى الباحثات إلى القول بأنه يجب على الوكالة الوطنية للمحافظة على الأملاك العقارية أن تتدخل كطرف في حالة ثبوت التعسف للحفاظ على حقوقها، لأن في ذلك فائدة كبيرة حيث سيتم ردع ممارسي هذه السلوكات الدنيئة والماسة بالنظام العام الاقتصادي ككل[43].

والرأي فيما أعتقد أن الغرامة المنصوص عليها في الفصل 48 من القانون رقم  14.07 لفائدة الوكالة الوطنية يتم الحكم بها تلقائيا وإن لم تقدم هذه الأخيرة أي طلب ما دامت صفة التعسف جلية في التعرض، وبعبارة أوضح، إن هذه الغرامة تعد من النظام العام إذ يمكن للمحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها كلما ثبت لها أن التعرض كيدي، وبذلك فإن تدخل الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية كطرف في حالة ثبوت التعسف يعتبر من قبيل الزيادة في مهام هذه الأخيرة، لأن حقوقها في جميع الأحوال محفوظة بنص القانون.

وجامع القول، إن تطبيق مقتضيات هذا  الفصل  من قبل القضاء سيلعب دورا مهما في التقليل من التصرفات التي قد لا يكون أساسها إلا الأحقاد والنزعات القبلية أو الحزبية أو النقابية أو الابتزازات المادية، أو غير ذلك من الأمور التي تخرج عن قواعد العدالة والإنصاف، هذا من جهة.

 ومن جهة ثانية فإن هذه الغرامة أراد لها القانون -وعن صواب- أن تكون من جملة الموارد المالية لمؤسسة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، التي تقوم بدور كبير ذي نفع عام أساسه التنمية الاقتصادية الوطنية بمختلف مجالاتها[44].

الفقرة الثانية: محدودية دور القضاء في الحد من التعرضات الكيدية

قد يقوم المتعرض بأفعال أو تصرفات أو يمتنع عن القيام بإجراء معين مما يؤدي إلى انتفاء حسن النية، وفي المقابل من ذلك إمكانية القول بتوفر سوء نية المتعرض يبقى جليا وواضحا خصوصا في بعض الحالات كما هو الشأن مثلا:

  • 1-عدم انطباق بينة المتعرض مع الملك موضوع مطلب التحفيظ.
  • 2- الاكتفاء بالإدلاء ببينة الإراثة.
  • 3- عدم الإدلاء بأي وثيقة.
  • 4- انعدام السبب في إقامة التعرض.

انطلاقا من هذه الحالات، يمكن طرح تساؤل حول كيفية تعامل القضاء معها؟ وهل كان موفقا في تطبيق مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري؟

أولا: عدم انطباق بينة المتعرض مع الملك موضوع مطلب التحفيظ

يعمد بعض المتعرضين إلى استفزاز طلاب التحفيظ وذلك بإقامة تعرضات كيدية يكون الغرض منها الحصول على مبالغ مالية فقط لا غير، وقد يستند في تعرضه إلى وثائق ورسوم واهية لا ترقى إلى درجة الاعتبار، بل قد لا تنطبق أصلا على الملك موضوع مطلب التحفيظ.

وكما هو معلوم فالشخص سيء النية يعامل بنقيض قصده، وبالتالي إدلاء المتعرض بوثائق وحجج لا تتعلق بالملك موضوع المطلب دلالة وقرينة قاطعتين تثبت سوء نيته، مما يستوجب تفعيل مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري والحكم بالغرامة والتعويض معا في حالة وجود طلب التعويض أو الاكتفاء بالغرامة في حالة عدم وجود الطلب.

إلا أنه يستنبط من بعض الأحكام القضائية عدم تفعيل مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري في مثل هذه الحالة، كما هو الشأن مثلا بالنسبة للحكم الصادر عن الغرفة العقارية بالمحكمة الابتدائية بالناظور حيث قضت: “حيث يتجلى من وثائق الملف أن القطعتين الأرضيتين اللتين يوثق لهما رسم ملكية المتعرضين يقع… بجماعة إيكسان في حين أن العقار موضوع مطلب التحفيظ يقع بجماعة سلوان مما يثبت عدم انطباق الرسم المذكور على العقار الجاري تحفيظه، وفي جميع الأحوال فإن المتعرضين تخلفوا عن الحضور وتقديم مستنتجاتهم في القضية رغم استدعاء وكيلهم مما تعذر معه إجراء تحقيق في عين المكان لتطبيق حججهم بواسطة الخبرة أو المعاينة، لذلك فإن التعرض غير مرتكز على أساس ويتعين الحكم بعدم صحته وتحميل المتعرضين المصاريف”[45].

وفي حكم آخر قضت “… وأن ملك المتعرض المبني يحد مباشرة أرض مطلب آخر تحت عدد… جهة الجنوب ثم يليه المطلب المتعرض عليه كحد جنوبي، مما يعني بأن أرض المطلب تحد على المتعرض بشكل غير مباشر، وهو ما يبقي مسألة الترامي على الحدود مسألة مستبعدة في الواقع، زيادة على أن مطالب المتعرض متناقضة..” [46].

وقد نحت محكمة الاستئناف بالناظور نفس المنحى حيث اكتفت في قضية أخرى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بعدم صحة التعرض ما دامت الخبرة المنجزة على المرحلة الابتدائية قد أكدت على أن بينة المتعرض لا تتعلق بالعقار الجاري فيه التحفيظ من أصله لا موقعا ولا حدودا وهو معطى كاف لإسقاط تعرضه[47].

يتضح جليا من الأحكام السابقة الذكر أنها قضت بعدم صحة التعرض فقط، دون اعتبار التعرض كيديا وهو ما يشكل إضرارا بطلاب التحفيظ من جهة، وتحفيزا للمتعرضين ذوي النيات السيئة في إقامة تعرضات كيدية من جهة أخرى، ما دام التعرض قد استند على وثائق لا تتعلق أصلا بالملك موضوع المطلب، مما سيؤدي إلى الإخلال بمفهوم الأمن العقاري.

ثانيا: الاكتفاء بالإدلاء ببينة الإراثة

إن تقديم تعرضات كيدية يكون الهدف من ورائها التعسف والكيد وإطالة أمد التقاضي، من شأنه أن يعرض صاحبها للعقوبة المنصوص عليها في الفصل 48 من القانون 14.07، لأنه تعسف في استعمال حق التعرض[48].

ولذلك نجد المشرع العقاري قد منح لمحكمة التحفيظ إمكانية البحث في جديتها ومعرفة ما إذا كانت صادرة عن حسن نية أو سوء نية، وبالتالي الحكم على صاحبها بالغرامة المنصوص عليها في الفصل السابق [49]، في حين أن المشرع العقاري لم يمنح للمحافظ على الأملاك العقارية صلاحية فحص حجج المتعرض. وإنما اكتفى بإمكانية إلغاء التعرض في حالة توفر شروطه.

وأمام هذا الوضع السلبي الذي لا يسعف المحافظ في فحص وثائق وحجج المتعرض، -وإن أدلى فقط برسم الإراثة مثلا- فإن الجهة الوحيدة المخول لها إمكانية اعتبار التعرض كيديا وبالتالي تطبيق مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري هو القضاء.

وفي هذا الصدد جاء في أحد أحكام المحكمة الابتدائية بالناظور ما يلي: “وحيث إنه في نازلة الحال تعرضت المتعرضة على الملك المذكور طالبة بنصيبها الذي تملكه إرثا من والدها…، لكنها لم تدل بأي حجة تثبت تملك مورثها في العقار موضوع مطلب التحفيظ رغم أنها هي الملزمة بالإثبات وفق الفصل أعلاه، وزيادة على ذلك ادعت أن اسمها لم يدرج سهوا ضمن قائمة طالبي التحفيظ إلى جانب اسم أخيها…، مستدلة على ذلك برسم الإراثة.

وبالتالي فإن ثبوت كل ما ذكر أعلاه يجعل التعرض المقام على مسطرة تحفيظ المطلب… غير ثابت وغير مؤسس، ويتعين الحكم بعدم صحته”[50].

وقد قضت في حكم آخر لها بما يلي: “… وحيث إن تعرض المتعرضين… لم يعضد بأي إثبات وجاء مرفقا برسوم الإراثة والفريضة فقط وهي حجج لا تفيد الحق ولا تثبت أن المتعرضين المذكورين محقين على جزء مشاع من العقار المطلوب تحفيظه، إذ ليس هناك بالملف ما يستشف منه أن الملك المذكور خاص بموروثهم وأنه والحالة هذه يتعين التصريح بعدم صحة تعرضهما مع تحميلهما صائره”[51].

يتضح مما سبق أن قاضي التحفيظ العقاري لا يثير مسألة حسن نية المتعرض من عدمه في إقامة التعرض، وإن كان المتعرض في القضيتين السابقتين اكتفى بتدعيم تعرضه برسم الإراثة فقط دون الإدلاء بالحجج المثبتة للملك، وإنما قضى بعدم صحة التعرض.

وفي نظري، أن التساهل مع المتعرضين سيؤدي إلى الإضرار بطلاب التحفيظ، حيث ستطول مسطرة التحفيظ وذلك بالانتقال إلى المرحلة القضائية دون الاكتفاء بالمرحلة الإدارية، وأن إدلاء المتعرض برسم الإراثة لدليل قاطع على سوء نيته في إقامة التعرض، استنادا إلى القاعدة التي تنص على أن الإراثة لا تثبت الملك، إنما هي دليل لإثبات النسب، فكيف يمكن تحوير دور الإراثة من دليل لإثبات النسب إلى دليل للحسم في نزاع حول حق الملكية؟

إن تطبيق مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري، واعتبار التعرض الذي يستند المتعرض في إقامته على رسم الإراثة فقط دون الإدلاء بالوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية، تعرضا كيديا يساهم لا محالة في تثبيت مفهوم الأمن العقاري على ضوء القانون رقم  14.07، عن طريق الحد من التعرضات الكيدية.

ثالثا: عدم الإدلاء بأي وثيقة

لقد نص المشرع في الفقرة الثالثة من الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: “يجب على المتعرضين أن يودعوا السندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ويؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض”.

وفي هذا السياق، يمكن طرح تساؤل عن مدى تطبيق مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري: في حالة تقديم تعرض عن طريق تصريح شفوي أو كتابي مع أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة دون أن يدلي بالوثائق المدعمة لتعرضه؟[52].

للإجابة عن هذا التساؤل، لابد من الرجوع إلى بعض الأحكام القضائية التي نجدها قد اتخذت موقفا سلبيا بالحكم بعدم صحة التعرض، وهذا لا يسعف لتحقيق الهدف المنشود والمتمثل في الأمن العقاري، إذ قضت ابتدائية الناظور في حكم لها بما يلي: “وحيث إن المتعرض… الذي يعتبر بمثابة طالب الاستحقاق في نازلة الحالة، ملزم بإثبات تملكه للملك المتعرض عليه بالحجة المستوفية للشروط، كما جاء في التحفة:

المدعي استحقاقا شيء يلزم
من غير تكليف لمن تملكه
  بينة مثبتة ما يزعم
من قبل ذا بأي وجه ملكه

غير أنه تخلف عن الإدلاء بأية حجة مثبتة لزعمه رغم إنذاره لذلك، مما يبقى معه تعرضه مجردا من الأساس القانوني، ويتعين بالتالي التصريح بعدم صحته”[53].

إن عدم الإدلاء بأي وثيقة في إقامة التعرض، هو سبب كاف  لوحده  يكفي للقضاء من أجل الاستناد عليه واستنباط سوء نية المتعرض، وبالتالي تطبيق مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري يكون أولى وأجدر من عدم تطبيقه.

وتأكيدا لنفس توجه المحكمة السابق الذكر قضت في أحد أحكامها بما يلي: “حيث إن الثابت من أوراق الملف أن المتعرض قد أشعر للإدلاء بمذكرة بيانية لأسباب التعرض إلا أنه لم يدل بشيء وأفيد أنه غير معروف مما ارتأت معه المحكمة أن المتعرض متماطل عن متابعة الدعوى فيتعين اعتبار هذا التراخي بمثابة تنازل ضمني عن التعرض”[54].

إن القارئ لهذا الحكم القضائي يلاحظ أن المحكمة  أسست حكمها في النقطة الأولى بأن المتعرض لم يدل بشيء وأفيد أنه غير معروف، ثم انتقلت في النقطة الثانية لتستنتج  تماطل المتعرض ،و في الأخير تكييف هذا التراخي بمثابة تنازل ضمني عن التعرض.

فكيف يمكن للمحكمة أن تستنبط تماطل المتعرض دون الحكم عليه بالعقوبة المنصوص عليها في الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري؟ وهل تراخي المتعرض مع وجود تماطله يؤدي بالمحكمة إلى تكييف ذلك بأنه تنازل ضمني عن التعرض؟ أم أن الأجدر هو تطبيق مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري؟

رابعا: انعدام السبب في إقامة التعرض

إذا كان المشرع قد ألزم كل من يدعي حقا على عقار في طور التحفيظ أن يدلي بالحجج والسندات والعقود والوثائق التي تثبت ادعاءه لدى الجهة المخول لها قانونا ذلك، وهي مؤسسة المحافظ على الأملاك العقارية أو من ينوب عنه، فإن هذا الشرط ما هو في الواقع إلا وسيلة لإظهار النية الصادقة للمتعرض وإظهار جديته في التعرض وبهدف الحد من التعرضات الكيدية[55].

وأمام غياب نص تشريعي في القانون رقم  14.07 يلزم المحافظ بمراقبة حجج ووثائق وأدلة المتعرض، تبقى مسؤولية الحد من التعرضات الكيدية وتطبيق مقتضيات الفصل 48 من القانون رقم  14.07 ملقاة على عاتق المحكمة وحدها سواء الابتدائية والاستئنافية.

 وفي هذا الإطار، ذهب أحد رؤساء غرفة محكمة النقض[56] إلى القول بأن المحكمة سواء الابتدائية أو الاستئنافية ملزمة – عندما يظهر لها أن التعرض – صدر عن تعسف أو كيد أو سوء نية، أن تحكم ضد صاحبه بغرامة لا يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به لفائدة المحافظة العقارية، مع الإشارة إلى بعض الملاحظات ومن بينها:

  • أن الحكم بالغرامة المذكورة واجب، فلا خيار فيه للمحكمة إذا كان سببه قائما.
  • يجب على المحكمة عند الحكم بالغرامة، أن تورد في حكمها تعليلا مستقلا تبرز فيه، العناصر القانونية الموجبة للحكم بالغرامة ضد المخالف.

على ضوء هاتين الملاحظتين يمكن طرح تساؤل عن مدى إثارة المحكمة للعناصر القانونية والأسباب القائمة الموجبة للحكم بالغرامة المالية ضد المخالف؟

إجابة على هذا التساؤل قضت ابتدائية الناظور في أحد أحكامها بما يلي: “وحيث يتجلى من تصريح المتعرضين أمام الخبير، وهو تصريح مكتوب وموقع عليه طبقا للفصل 63 من قانون المسطرة المدنية، أنهم لا يؤسسون تعرضهم على أحد الأسباب المذكورة حصرا في الفصل 24 المذكور وإنما ينازعون في تسمية المالك المجاور للعقار موضوع مطلب التحفيظ عدد… من جهة الجنوب والغرب، لذلك فإن تعرضهم غير صحيح ومشوب بالتعسف لعدم تأسيسه على سبب يقره قانون التحفيظ العقاري مما يبرر الحكم على المتعرضين بغرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية…” [57].

مقال قد يهمك :   دور النيابة العامة في إعمال سياسة جنائية ضامنة لحقوق الإنسان والصحة العامة لفائدة الأشخاص متعاطي المخدرات عبر الحقن

إن المنازعة في تسمية المالك المجاور للعقار موضوع مطلب التحفيظ؛ دليل قاطع وسبب قائم وعنصر قانوني محض لاستنباط سوء نية المتعرض، وهو موجب للحكم بالغرامة المالية المنصوص عليها قانونا في إطار الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري، وهو ما استندت عليه المحكمة في إصدار الحكم بعدم صحة التعرض والحكم بالغرامة معا.

إلا أنه وللأسف الشديد، قضت محكمة الاستئناف[58] بإلغائه فيما قضى به من الحكم على المتعرضين بغرامة مالية لفائدة المحافظة العقارية والحكم تصديا بعدم فرض هذه الغرامة وتأييد نفس الحكم في باقي ما قضى، وذلك بعلة أن وثائق الملف لم تثبت أن المتعرضين قد سجلوا تعرضهم عن تعسف أو كيد.

إن الملاحظة الجوهرية عن هذا القرار هو عدم تطبيق مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري بعلة أن وثائق الملف لم يثبت سوء نية المتعرض؛ وكأن المحكمة أرادت أن يظهر التعسف والكيد في الوثائق وهو أمر غير منطقي، إذ أن سوء نية المتعرض وإن كانت مسألة داخلية نفسية ينفرد القضاء في تقييمها، إلا أنها قد تظهر بشكل جلي من خلال تصرفات وأفعال المتعرض وهو الثابت في هذه النازلة.

فليس من الحكمة عدم استنباط سوء نية المتعرض، وهو يستند في تعرضه إلى المنازعة في تسمية المالك المجاور للعقار موضوع مطلب التحفيظ؛ ولم ينازع كحد أدنى في اسم الملك موضوع مطلب التحفيظ وإن كان غير مبرر ما دامت المنازعة لم تنصرف إلى ما أشار إليه الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري، وهو ما شكل تعسفا في حق طالب التحفيظ، وخروجا عن قواعد العدالة والإنصاف.

الخاتمة

إن الحد من التعرضات الكيدية كركيزة أساسية من ركائز الأمن العقاري، يستوجب على المشرع أن يعيد النظر في المقتضيات التشريعية التي من شأنها أن تبلور من مهام المحافظ العقاري ومنحه سلطة أوسع في مراقبة الوثائق المؤيدة للتعرض، وعدم حصر مهامه كجهة إدارية جامدة تنحصر في تلقي وثائق المتعرض والقيام بإرسالها مع باقي الوثائق المتعلقة بالملف إلى المحكمة.

وهذا المقتضى سيؤدي بلا شك إلى التخفيف على القضاء من خلال إحالة الملفات التي يظهر المتعرض فيها جديته، مع التنصيص على ضمانة الطعن في قرار المحافظ في حالة رفض التعرض.

ونظرا للشروط القانونية الصارمة والشديدة لاتخاذ قرار إلغاء التعرض الواردة في مقتضيات الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري، فإني أقترح إلغاء صلاحية المحافظ العقاري فيما يخص استيفاء الوجيبة القضائية وجعل ذلك من اختصاص المحكمة، وحصر قرار إلغاء التعرض في حالة واحدة هي عدم تقديم الرسوم والوثائق المؤيدة للتعرض.

إضافة إلى ذلك، ندعو القضاء إلى تفعيل وتطبيق مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري كلما تبين له وجود العناصر القانونية والأسباب القائمة لاستنباط سوء نية المتعرض وذلك من أجل الحد من التعرضات الكيدية وهو ما سيؤدي إلى المساهمة في تحقيق الأمن العقاري.


الهوامش :

[1] – فاطمة السحاسح، مدى نجاعة مؤسسة التعرضات من خلال القانون 14.07،مقال منشور بمجلة المنبر القانوني العدد الأول بعنوان “قانون التحفيظ العقاري بين روح ظهير 1913 ومستجدات قانون 14.07″، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2012، ص:57.

[2] – الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 الموافق ل 12 غشت 1913، بشأن التحفيظ العقاري المنشور بالجريدة الرسمية عدد 46 ص: 206.

[3] – الظهير الشريف رقم 1.11.177 الصادر بتاريخ 22 نونبر 2011 الموافق ل 25 من ذي الحجة 1432 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24/11/2011، ص: 5575.

[4] – مأمون الكزبري: التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1978، ص: 48.

[5] – محمد خيري: مستجدات التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، طبعة 2013، ص: 207-208.

[6] – يمكن للمتعرض الاكتفاء بإدلاء تصريح لدى المحافظة العقارية وكتابة تقرير للحضور من طرف مستخدم لدى هذه الأخيرة مع التزامه بالإدلاء بالحجج فيما بعد أو يضيف حججا أخرى وذلك تحت طائلة إلغائه.

[7] – أحمد أجعون: المقتضيات الجديدة المتعلقة بالتعرض على مسطرة التحفيظ، مقال منشور بمجلة الحقوق وسلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية، عدد خاص بعنوان “نظام التحفيظ العقاري في ضوء القانون 14.07” الإصدار السادس ماي 2012، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، طبعة 2012، ص: 55.

[8] – Fassi Fehri Boubker et belkhayat Abdessalam : Le pourqoui de l’immatriculation foncière, 200 questions réponses, sans imprimerie, édition 1985, p : 75.

[9] – آيت أحمد الغازي: التعرضات في المسطرة العادية والمساطر الخاصة للتحفيظ العقاري، الندوة الوطنية في موضوع الأمن العقاري، دفاتر محكمة النقض، عدد 26، مطبعة الأمنية الرباط، طبعة 2015، ص: 400.

[10] – آيت أحمد الغازي، مرجع سابق، ص: 408.

[11] – ليلى بوشواري: الحد من الدعاوى الكيدية بين صلاحيات المحافظ العقاري والعمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة العقار والتنمية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية2012-2013، ص: 45 وما بعدها.

[12] – حكم رقم 431 ملف عدد 26/08/2014، صدر بتاريخ 18/05/2015، غير منشور.

[13] – أستاذنا إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون رقم 14.07،مطبعة المعارف الجديدة الرباط،طبعة 2013، ص:60.

[14] – لحسن عبد العظيم: تدخل القضاء في ميدان التحفيظ العقاري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة القانون المدني المعمق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، الرباط، السنة الجامعية 2011-2012، ص: 70.

[15] – قرار رقم 98 ملف رقم 52-1403-13، غرفة قضايا الأسرة والعقار الصادر بتاريخ 30/10/2013، غير منشور.

[16] – عبد العزيز التهامي: حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة العقار والتعميٍر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، الرباط، السنة الجامعية 2015-2016، ص: 123.

[17] – فاطمة السحاسح: مرجع سابق، ص: 66.

[18] – محمد الحداد: دور الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية في تفعيل التشريع العقاري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، مختبر قانون الالتزامات والعقود، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، السنة الجامعية 2015-2016، ص: 196.

[19] – تنص المادة 48 من مشروع1997 على ما يلي: “يجب أن ترفق الرسائل أو التصريحات بالتعرض بكل المستندات والوثائق المؤيدة لموضوعه، حيث يتحقق المحافظ على الملكية العقارية من صحتها شكلا ومن وجود ترابط فيما بينها وكذا من مدى علاقتها بموضوع التعرض”.

[20] – تجدر الإشارة إلى أن المحافظ العام قد حث المحافظين على الأملاك العقارية بالتحقق عند تلقي التعرض من كونه مطابقا لما ينص عليه القانون وخاصة الفصل 24 من ظهير 12 غشت 1913، مذكرة رقم 5829 مؤرخة في 25/12/2001.

[21] – المساعدة القضائية تدبير أقره المشرع لمصلحة المتداعين الذين لا تمكنهم حالتهم المادية من دفع نفقات الدعوى، فيستطيعون بموجبه من رفع هذه الدعوى والسير فيها، وإتمام جميع إجراءات التحقيق فيها حتى صدور الحكم، دون إلزامهم بدفع الرسوم والنفقات المقررة في القانون أو من قبل المحكمة. يراجع محمد خيري: مرجع سابق، ص: 231.

[22] – فاطمة السحاسح: مرجع سابق، ص: 64 و65.

[23] – محمد خيري: مرجع سابق، ص: 244 و245.

[24] – آيت أحمد الغازي: مرجع سابق، ص: 408.

[25] – عبد الكريم عبو: التعسف في استعمال حق التعرض والتقييد الاحتياطي في ضوء قانون رقم 14.07، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2014-2015، ص: 58.

[26] – Recueil des Notes de service 2000-2010, ANCFCC, conservateur général, p : 358.

[27] – ينص الفصل 30 من ظهير رقم 1-48-54 الصادر في 27-04-1984 الذي يعد بمثابة قانون المالية لسنة 1984 على ما يلي: “يستوفى عن إيداع التعرض على طلب التحفيظ علاوة على رسم المرافعات المقرر في الفصل 68 بعد رسم ثابت قدره 150 درهما وذلك وفق الشروط المبينة في ظهير 12 غشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري. يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بدفع الرسوم المذكورة إلى مكتب تسجيل الإجراءات القضائية التابع له مقر إقامته”.

[28] – “ويوجه المحافظ إعذارا إلى المتعرضين على طلب التحفيظ لأداء الرسم المنصوص عليه في أجل لا يمكن أن يقل عن شهر”.

[29] – آيت أحمد الغازي: مرجع سابق، ص: 408 و409.

[30] – عبد الإله المرابط – حميد الربيعي: الدور الرقابي للمحافظ في حماية حق الملكية العقارية، المنازعات العقارية دراسات وأبحاث في ضوء نظام التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق العينية والمستجدات التشريعية في المادة العقارية، الجزء الثالث، مجلة القضاء المدني، مطبعة المعارف الجديدة، طبعة 2017، ص: 121.

[31] – قرار المجلس الأعلى عدد 780، صادر بتاريخ 10/11/1998، أورده إلياس الطاوس: دور المحافظ في تنفيذ الأحكام العقارية بين متطلبات الاختصاص والصعوبات القانونية – دراسة في مستجدات القانون رقم  14.07 – رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2011-2012، ص: 23.

[32] – وردة غزال: دور الاجتهاد القضائي في مسطرة التحفيظ العقاري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2010-2011، ص: 214.

[33] – محمد خيري: مرجع سابق، ص: 374.

[34] – ليلى بوشواري: مرجع سابق، ص: 101.

[35] – حكم بدون رقم، ملف عقاري رقم 51/08/2013، صادر بتاريخ 11/12/2014، غير منشور.

[36] – حكم رقم 444، ملف مدني عدد 147/13، صادر بتاريخ 24/04/2014، غير منشور.

هذا الحكم تم تأييده على مستوى محكمة الاستئناف بقرار رقم 188 ملف عدد 198/1403/2014 غرفة العقار، صادر بتاريخ 01/10/2014، غير منشور.

[37] – حكم رقم 635، ملف عقاري عدد 23/08/2013، صادر بتاريخ 09/07/2015، غير منشور.

[38] – يسير قيشوح: المقتضيات الزجرية في ظهير التحفيظ العقاري، منشورات مجلة الحقوق، سلسلة دراسات قضائية، الإصدار الخامس، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2016، ص: 31.

[39] – رشيد الفيداح: الادعاء بسوء النية في قضايا التحفيظ وفق مستجدات قانون 14.07، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، شعبة القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2012-2013، ص: 100.

[40] – ظهير رقم 1.02.125 الصادر بتاريخ 13 يونيو 2002 القاضي بتنفيذ القانون رقم 58.00 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5032 بتاريخ 22 يونيو 2002، ص: 2405.

[41] – تنص المادة 11 من القانون رقم 58.00 على ما يلي: “أ-في باب الموارد:

– رسوم المحافظة على الأملاك العقارية.

– مداخيل بيع المعطيات والوثائق العقارية والطبوغرافية والخرائطية.

– المداخيل المتعلقة بالأشغال الطبوغرافية والجيوديزية والخرائطية المنجزة لفائدة الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العامة والأغيار.

– مداخيل كراء المعدات.

– المداخيل المتعلقة بالدراسات القانونية أو التقنية أو هما معا المنجزة لفائدة الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العامة والأغيار.

– الهبة والوصايا والاقتراضات المرخص بها طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.

– جميع المداخيل وأرباح الاستغلال الناتجة عن عملياتها وممتلكاتها”.

[42] – تنص الفقرة الثانية من الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري في صيغته القديمة على ما يلي: “إن المحكمة التي أحيل عليها طلب التحفيظ لها صلاحية الحكم بالغرامة وبالبت في طلبات التعويض”.

[43] – فاطمة السحاسح: مرجع سابق، ص: 70.

[44] – علي الهلالي: البت القضائي في التعرضات على مساطر التحفيظ، دفاتر محكمة النقض عدد 21، عدد خاص بعنوان “نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية”، قراءة في مستجدات القانون رقم 14.07، مطبعة الأمنية الرباط 2015، ص: 131.

[45] – حكم رقم 751، ملف عقاري رقم 239/8/2012، صادر بتاريخ 19/4/2013، غير منشور.

[46] – حكم رقم 122، ملف عقاري رقم 61/8/2015، صادر بتاريخ 28/03/2016، غير منشور.

[47] – قرار رقم 61، رقم الملف 123-11-11، غرفة قضايا الأسرة والعقار، صادر بتاريخ 25/01/2012، غير منشور.

[48] – يونس معاطا: الأمن العقاري في ضوء القانون  رقم 14.07، رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص العلوم الأمنية وتدبير المخاطر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الأول سطات، ص: 65.

[49] – وردة غزال: مرجع سابق، ص: 217.

[50] – حكم رقم 327، ملف رقم 1703/03، صادر بتاريخ 20/04/2015، غير منشور.

[51] – حكم رقم 1034، ملف رقم 10/08/2014، صادر بتاريخ 10/08/2014، غير منشور.

[52] – في هذه الحالة، لا يمكن للمحافظ أن يلغي التعرض لعدم توفر الشرطين المنصوص عليهما في الفقرة الأولى من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري وهما: عدم تقديم الرسوم المؤيدة للتعرض وعدم أداء الوجيبة القضائية.

[53] – حكم رقم 526، ملف عقاري عدد 06/08/06، صادر بتاريخ 23/7/2012، غير منشور.

وفي حكم آخر قضت: “… وحيث لم يعزز المتعرض تعرضه بأي حجة لإثبات تعرضه مما يبقى تعرضه مجردا، وغير مؤسس ويتعين الحكم بعدم صحته”، حكم رقم 108، ملف عدد 255/08، صادر بتاريخ 21/03/2016، غير منشور.

[54] – حكم رقم 2076، ملف رقم 11/98، صادر بتاريخ 27/07/1998، غير منشور.

[55] – عبد القادر بوحامد: سلطة المحافظ في الرقابة على حجج وسندات المتعرض، المنازعات العقارية دراسات وأبحاث في ضوء نظام التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق العينية والمستجدات التشريعية في المادة العقارية، الجزء الثالث، مجلة القضاء المدني، مطبعة المعارف الجديدة، طبعة 2017، ص: 61.

[56] – علي الهلالي، مرجع سابق، ص: 130 و131.

[57] – حكم رقم 650، ملف عقاري رقم 18/08/2013، صادر بتاريخ 05/06/2014، غير منشور.

[58] – قرار رقم 241، ملف عقاري رقم 325/1403/2014، صادر بتاريخ 22/07/2015، غير منشور، حيث جاء فيه: “وحيث إن المحكمة من خلال وثائق الملف لم يثبت لها أن المتعرضون قد سجلوا تعرضهم عن تعسف أو كيد أو بسوء نية مما يبقى معه الحكم المستأنف قد خالف المقتضيات القانونية المذكورة وبالتالي وجب إلغاؤه في هذا الشق والحكم تصديا بعدم فرض هذه الغرامة”.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)