مؤسسة قاضي حماية الحريات في التشريع المغربي في أفق إصلاح منظومة السياسة الجنائية
- الأستاذ : الزكراوي محمد باحث في الشؤون القانونية و الإدارية.
مقدمة :
إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه،في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة،مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة،وإرساء دعائم مجتمع متضامن،يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة،وتكافؤ الفرص،والعدالة الاجتماعية،ومقومات تعزيز مراقبة حقوق المعتقلين والسجناء،بالنص على اعتبار البراءة هي الأصل إلى أن تثبت إدانة الشخص بحكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية،هذا المبدأ يكرس ما تضمنه الدستور من أن المملكة المغربية تتعهد « بالتزام ما تقتضيه المواثيق (الدولية) من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبتها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دولياً في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة،وتلازما مع ذلك يعمل المشرع المغربي حاليا على إعداد مشروع قانون لتكييف القانون الجنائي المغربي مع الالتزامات التي تنص عليها الاتفاقية من أجل مواءمة التشريعات الوطنية مع أحكام الاتفاقية،و تكريس سبيل الإنصاف القضائي لحماية الحرية لشخصية أو السلامة البدنية من عمليات الاحتجاز و الاعتقال لتعسفية،من خلال إعداد مسودة مشروع وإحداث مؤسسة قاضي حماية الحريات،الذي من المنتظر أن تنسد إليه مهمة البت على سبيل الاستعجال،في كل طعن يحال عليه من كل شخص اتخذ في حقه الوكيل العام لدى محكمة النقض أو الوكيل العام للملك أو وكيل الملك إجراء من الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 40 و 49 من قانون المسطرة الجنائية الحالي بالإضافة إلى ضرورة إحالة كل قرارات الاعتقال على قاضي حماية الحريات،حيث سيتم إنشاء غرفة الحريات وذلك بجميع محاكم المملكة تتكون من قضاة يستقبلون شكايات المواطنين الذين صدرت في حقهم أوامر وكيل الملك بالاعتقال.
ومن أجل المزيد من التعريف بمؤسسة قاضي حماية الحريات سوف نتطرق من خلال مقالنا هذا إلى تحديد ماهية مؤسسة قاض الحريات وطبيعتها القانونية في محاولة منا لرصد أهم الأدوار المنوطة به ومدى إسهام هذا الوافد الجديد في تكريس مبادئ العدالة و الإنصاف و احترام حقوق الإنسان.
- ماهية مؤسسة قاضي الحريات العامة في ظل التشريع المقارن ( نموذج فرنسا) :
مما لا شك فيه أن السلطة القضائية هي الوصي على الحريات الفردية والتطبيق العادل للقانون حيث تشير المادة 6 من الدستور،بان القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة ويخضع له الجميع على قدر المساواة سواء تعلق الأمر،بأشخاص ذاتيين أو اعتباريين،بما فيهم السلطات العمومية،فهم متساوون أمامه،وملزمون بالامتثال له وتعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين،وتكرسا لذلك جعل المشرع المغربي أمانة الحفاظ و حماية الحريات عامة كانت او أساسية من اختصاص الولاية الشامل للقضاء حيث نصت المادة من الدستور 110 على انه لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون،ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون .
إن مشروع أحداث مؤسسة قاضي حماية الحريات بالمغرب هو من قبيل استكمال صرح مؤسسات العدالة و تكريسا على أرضية الواقع لمفهوم الأمن القانوني و القضائي في مجال حماية الحريات والحقوق وفقا لما تقتضيه المواثيق (الدولية) من مبادئ وحقوق وواجبات كما هي متعارف عليها دولياً،كما أن مشروع إحداث مؤسسة قاضي التحقيق يندرج بصفة عامة وفقا للاسنراتيجية الوطنية لإصلاح منظومة العدالة بصفة عامة و مسيرة للإصلاح السياسة الجنائية بصفة خاصة،وعليه فقاضي حماية الحريات مستوحاة من تجربة القضاء الفرنسي حيث يطلق عليه اسم قاضي الحريات والاحتجاز فهو بذلك هو أحد القضاة الذين يتدخلون عندما تكون حقوق الأفراد معرضة للخطر،ويخضع للاحتجاز السابق للمحاكمة،ولكن له صلاحيات أخرى كثيرة تتعلق بحرية المواطنين،وقد عرفت فرنسا مؤسسة قاضي الحريات و الاحتجاز،بموجب إقرار القانون عدد 2000-516 المؤرخ 15 يونيو 2000، حيث في 1 أيلول / سبتمبر 2017،أسندت له وظيفته المتخصصة،مثل باقي الوظائف القضائية الأخرى كقاضي الأطفال أو قاضي التعليم إلى غير ذلك، أما من حيث وظيفته العملية في مجال احترام و حماية حريات الأشخاص فيعتبر الجهة المخولة لها صلاحية اتخاذ القرار في كل الوقائع المتعلقة باحتجاز شخص متورط في العدالة في الحبس الاحتياطي،كما يقرر أيضا في مسالة طلبات الإفراج عن الشخص أو،على العكس من ذلك، تمديد الاحتجاز رهن الحبس الاحتياطي وذلك في مرحلة التحقيق في القضية،قبل أن يعاد إلى المحكمة التي يحكم عليها،وللمزيد من توسيع نطاق عمل قاضي الحريات عمل المشرع الفرنسي على إثراء مؤسسة قاضي الحريات والاحتجاز بولاية جديدة تخلت عنها المحكمة الإدارية،فيما بعد وذلك بموجب أحكام القانون رقم 2016-274 المؤرخ 7 آذار / مارس 2016 بشأن قانون الأجانب في فرنسا،هذا الإصلاح كان بمثابة استمرار للقانون رقم 2011-672 المتعلق بالهجرة والتكامل والجنسية المؤرخ 16 حزيران / يونيه 2011. فمؤسسة قاضي الحريات والاعتقال تشارك في مجالات القانون الجنائي،عندما تكون الحرية الفردية على المحك،حيث تفصل في النزاعات المتعلقة بالاحتجاز والرعاية النفسية بناء على طلب، كما يمكن لقاضي الحرية والاحتجاز قبول الحبس الاحتياطي لفترة محددة،ورفض الاحتجاز رهن الحبس الاحتياطي،والوضع تحت الإشراف الفضائي و اتخاذ الإجراءات المتعلقة بترتيب وضع السوار ألإلكترونيي،أما من حيث طبيعة أعماله من الناحية القانونية ،فقاضي الحريات،هو قاض في المقعد،وهو يحكم وحده ويساعده كاتب،و يحكم بأمر مسبب ويخطر الشخص المتهم،ولا يمكن الطعن في القرار أو طلب الإفراج الصادر عنه، فيما يتعلق بمدة الاحتجاز و الوضع رهن الحبس الاحتياطي ،وله أن يحتفظ بالشخص رهن الاحتجاز،إلى أن يعقد المدعي العام جلسة استماع جديدة،على أساس أن تعقد هذه الجلسة الجديدة بعد 10 إلى 20 يوما من قرار المجلس،حيث إذا لم يتم احترام هذا الموعد النهائي، يتم الإفراج عن الشخص،ويجوز وضع المتهم في السجن رهن الاحتجاز قبل المحاكمة،ولا يجوز أن يتجاوز الاحتجاز السابق للمحاكمة الحد الذي يحدده القانون،وقد يكون ذلك ممكنا في سياق التحقيق القضائي أو المثول إمام القضاء، فالتحقيق القضائي هو تحقيق يقوده قاضي تحقيق في الحالات المعنية، ولا يجوز طلب الحبس الاحتياطي إلا إذا وجهت إليه اتهام بارتكاب جريمة يعاقب عليها بالسجن لأكثر من ثلاث سنوات،،ولا يجوز طلب الحجز او الحبس الاحتياطي إلا إذا كانت المراجعة القضائية أو ارتداء سوار إلكتروني غير كاف من أجل الاحتفاظ بأدلة أو أدلة مادية،او لتفادي الضغط على الشهود أو الضحايا أو أسرهم،ومنع التشاور الاحتيالي بين الشخص المتهم ومرتكبيه أو المتواطئين معه من ابتكار حجة على سبيل المثال،وضمان الإبقاء على الشخص المشتبه به تحت تصرف المحاكم، وإنهاء الجريمة أو منع تجديدها، ووضع حد للاضطراب الاستثنائي والمستمر للنظام العام الذي تولده القضية، هذا ويمكن اصدر الأمر بالحبس الاحتياطي أيضا في حالة عدم امتثال الشخص المكلف به للمراجعة القضائية أو الواجبات الجبرية مع المراقبة الإلكترونية حيث آنذاك يتخذ قرار إجراء الإحالة من طرف النيابة العامة إلى قاضي الحرية والاحتجاز يطلب الحجز الاحتياطي.
- دور مؤسسة قاضي الحريات في ترسيخ مبادئ احترام الحقوق و الحريات :
إن الحديث عن الديمقراطية،يدفعنا للحديث عن مجموعة من الحقوق الأساسية التي تبرز لنا مدى فعالية السلطة داخل الدولة و جهودها في تكريس دولة القانون،و ذلك من خلال ضمان احترام حقوق و حريات المواطنين العامة،حيث تنعكس صورة الدولة القانونية او شرعية الدولة بمدى التزامها بالدستور والقوانين الأساسية النافذة ،والتي لابد من أن تكون متضمنة لمجموعة من الحقوق والحريات الأساسية للأفراد مع ضمان احترام هذه الحقوق والحريات، فلا جدوى من النص على هذه الحقوق والحريات دون أن يكون هناك احترام وتطبيق فعلي لها ،وترتيبا مع ذلك نص الفصل 23 من الدستور المغربي على انه لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته،إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون على أساس أن الاعتقال التعسفي أو السري والاختفاء ألقسري،يعد من أخطر الجرائم، وتعرض مقترفيها لأقسى العقوبات،فحماية الحريات في التضور التشريعي المغربي أصبح ضرورة ملحة استوجبتها المتغيرات التي عرفتها ساحة السياسات الحنائية بحيث يتولى القضاء حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي،وتطبيق القانون،فلكل شخص الحق في محاكمة عادلة،وفي حكم يصدر داخل أجل معقول،فحقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم.
وعلى هذا المنوال،عملت الكثير من النظم و الاتجاهات السياسة الجنائية الحديثة إلى تخصيص قاض يضطلع بملف الحبس الاحتياطي سواء من حيث الأمر به أو بتمديد مدته،أو بالإفراج عن الأشخاص المحبوسين احتياطيًا،ويتمتع بسلطات مستقلة عن باقي القضاة،وهو ما يمثل ضمانة للمتهم ولفعالية نظام الحبس الاحتياطي نفسه في ذات الوقت،فإذا كان المشرع المغربي رغبة منه في تحقيق قواعد الإنصاف و العدالة و حماية حريات الأشخاص عمل على إحداث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات ومنحه الاختصاص في تتبع مدى تطبيق القانون المتعلق بتنظيم المؤسسات السجينة وتسييـرها,والمعبر عنه في الفقرة السابعة من ديباجة قانون المسطرة الجنائية بالقول, بأنه” ولعل في إحداث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة تدعيم ضمانات الدفاع,وصيانة كرامة المعتقل, بالإضافة إلى استمرار الحماية القضائية للمحكوم عليه لما بعد صدور الحكم, وهو شيء إيجابي لأن صلة القضاء بالمحكوم عليهم كانت تنتهي بمجرد صدور الحكم ليصبح تنفيذه بيد جهاز إداري،واتبعه بإحداث بمؤسسة قاضي المكلف بإجراءات التنفيذ حيث خصه بمجموعة من الاختصاصات عن طريق الإشراف العام على عمليات التنفيذ و تسوية النزاعات التي تقوم بين السادة المكلفين بالتنفيذ والخصوم من جهة وبين طالب التنفيذ والمنفذ عليه من جهة أخرى،ونتيجة لما منح المشرع من اختصاص واسع لقاضي التحقيق في القضايا الجنائية أو الجنحية بأن يصدر أمرا بالحضور أو أمرا بالإحضار أو أمرا بالإيداع في السجن أو أمرا بإلقاء القبض،ونظرا لما يمكنه أن يتخذه من أوامر وقرارات من شانها المس بحريات الأفراد والزج بهم في السجن،وهي تعتبر كذلك شاقة لما تتطلبه من إجراءات دقيقة للوصول إلى الحقيقة،وأمام هذين الأمرين بات واجبا على المشرع المغربي البحث و التروي وأخذ الحيطة عند اتخاذه للأوامر القضائية حتى لا يمس بالحريات وحقوق الدفاع ويستعمل الأوامر في غير محلها تطبيقا لمبدأ 🙁كل متهم يظل بريئا إلى أن تثبت إدانته) هذا المبدأ الذي تحول إلى قاعدة قانونية في ظل قانون المسطرة الجنائية وذلك بتكريس إحداث مؤسسة جديدة تمنح لها صلاحيات واسعة و مستقلة في شمول رعايتها و حمايتها للحريات المعترف بها لكل الأشخاص،من خلال إقرار مؤسسة قاضي الحريات وعرف للحريات بجل المحاكم الابتدائية.
فالواقع أن تجربة نظام قاضي الحريات والحبس،تبدو جديرة بالنظر والاهتداء بها، لما تتضمنها من مزايا فهي تمثل من ناحية أولى ضمانة لحقوق المتهم باعتبار أن هذا القاضي ليس جهة اتهام ولا سلطة تحقيق مما يمنحه قدرًا كبيرًا من الاستقلال والحياد،كما أن هذا النظام سيبعد عن فرضية كون قاضي التجديد هو ذاته الذي ينظر القضية إذا ما انتقلت للمحكمة،فضلا عن أن هذا النظام يسهم في فعالية التحقيق الجنائي إذ يكون بوسع هذا القاضي المتفرغ أن يعكف بدرجة اكبر على النظر في كافة المسائل المتعلقة بالحبس الاحتياطي سواء من حيث تقدير سلطة الأمر به أو بتمديد مدته أو الإفراج عن المتهم المحبوس احتياطيًا،كما يجوز له أن يأمر بالاحتجاز السابق للمحاكمة أو أن يمدده بأمر مسبب يصدر بعد مناقشة عامة،وهو أيضا مختص في حالة انتهاك التزامات الرقابة القضائية، فضلا عن طلبات الإفراج التي لم يسمح بها قاضي التحقيق.
- الاختصاص المنوط بمؤسسة قاضي الحريات في أفق إصلاح السياسة الجنائية :
إن مؤسسة قاضي الحريات في ظل رؤية مشروع القانون المرتقب أصبح الصوت القضائي الوحيد الذي يسمع في مسألة الاحتجاز الإداري او ما يطلق عليه الحبس الاحتياطي، سواء تم النظر في تحدي التدبير الأولي للإيداع أو طلب تمديد هذا الإجراء إلى ما بعده 48 ساعة أو طلب لاحق للإفراج،فمن المعلوم انه وفي ظل قانون المسطرة الجنائية الحالي يمكن إصدار أمر بالاعتقال الاحتياطي في أي مرحلة من مراحل التحقيق،ولو ضد متهم خاضع للوضع تحت المراقبة القضائية،حيث يتم تبليغ هذا الأمر فورا وشفهيا للمتهم وللنيابة العامة،وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 160،ويصدر القاضي عندئذ أمرا بالإيداع في السجن يكون سندا للاعتقال،أو أمراً بإلقاء القبض إن كان المتهم في حالة فرار،فإذا ظهرت عند انصرام الأجل القانوني ضرورة استمرار الاعتقال الاحتياطي،جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصاً، يصدره بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب،ولايمكن تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي إلا لمرتين ولنفس المدة،بحيث إذا لم يتخذ قاضي التحقيق خلال هذه المدة أمراً طبقاً لمقتضيات المادة 217،يطلق سراح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق،كما يمكن للنيابة العامة أيضا أن تلتمس في كل وقت وحين الإفراج المؤقت،وعلى قاضي التحقيق أن يبت في ذلك خلال أجل خمسة أيام من تاريخ تقديم هذه الملتمسات.
أما في ظل مؤسسة قاضي الحريات فأصبح هذا الأخير الجهة الراعية والحامية للحقوق و الحريات عن طريق الرقابة الآنية للأوامر الصادرة عن النيابة العامة في شان اتخاذ التدابير و الأوامر المتعلقة بالحبس الاحتياطي وطلبات تمديده عن طريق عملية الطعن في تلك الأوامر الصادرة من الجهات المعنية أمام غرفة الحريات التابعة لنفوذ المحكمة صاحبة الولاية بالنظر في القضية،ففي ظل مشروع قاضي الحريات أصبحت العلاقة الجامعة بين كل من مؤسسة النيابة العامة و قضاء الحريات متناغمة و متناسقة في تحقيق الغايات المنشودة حيث سيتولى وكيل الملك بالمحكمة وقاضي الحريات والاحتجاز مهمة التحقق من احترام الحقوق وحريات الأشخاص طوال مدة الاحتجاز،ويمكنهم في هذا الصدد التنقل بين الأماكن والاطلاع على السجلات التي تحتوي على معلومات عن ظروف الاحتجاز،والإشراف الرقابي على أي تدبير يتعلق بإحالة غير طوعية إلى المستشفى من طرف مؤسسة قاضي الحريات،من خلال عمليات التحقق من ضرورة تدبير الحرمان من حرية ومدى نظاميته،التي يقوم بها على فترات منتظمة ينص عليها القانون،او من خلال دعوى يصطلح تسميتها بالدعوى الاختيارية،فإذا جرى رفضها تحال إلى قاضي الحريات والاحتجاز الذي يقرر في نهاية المطاف احتجاز أو عدم احتجاز المتهم،وتمكن الدعوى الاختيارية من اللجوء في أي وقت إلى قاضي الحريات الذي تقع مؤسسة الأمراض النفسية التي يوجد فيها المريض ضمن نطاق اختصاصه حيث يمكنه أن يأمر بالإنهاء الفوري لتدبير الرعاية النفسية، حيث يمكن أن يتصل به ليس فقط الشخص الخاضع للرعاية، ولكن أيضاً من يمارسون حقوق الوالدين أو الوصي إذا كان الشخص المعني قاصراً،والشخص المكلف بحمايته إذا كان المريض خاضع للوصاية أو القوامة، أو زوجه أو الشخص الذي يربطه به اتفاق تضامن مدني، أو مقدم طلب الرعاية، أو أحد الأقرباء أو شخص يمكن أن يتصرف لما فيه مصلحة الشخص الخاضع للرعاية، ووكيل الملك.
ويمكن لقاضي الحريات والاحتجاز أيضا أن يتدخل تلقائيا وفي أي وقت، إذ يجوز لأي شخص مهتم أن يوجه انتباهه إلى المعلومات التي يراها مجدية بالنسبة لحالة الشخص الخاضع لذلك التدبير،تحقيقا لهذه الغاية،هذا و انه في ظل القانون الفرنسي منحه المشرع ،زيادة على إمكانية الدعوى الاختيارية،إمكانية المراجعة المنهجية المنصوص عليها في المادةL. 3211-12-1من قانون الصحة العامة التي لا يمكن بموجبها مواصلة الرعاية الكاملة للمريض دون أن يتخذ قاضي الحريات والاحتجاز قراراً بشأن هذا التدبير قبل انقضاء خمسة عشر يوما من تاريخ اتخاذه، ثم مرة أخرى في غضون ستة أشهر،كما له إمكانية الاستماع إلى الشهود بنفسه خبث يرفق قرار قاضي الحريات والاحتجاز بمحضر الاستماع للشاهد،الذي لا يكشف عن هويته ولا يتضمن توقيعه.
و في الأخير نود الإشارة من جهة نظرنا أن تفعيل مؤسسة قاضي الحريات بالمغرب رهبن بمدى تعديل شروط الاعتقال والاحتجاز لكي تتطابق مع المعايير الدولية بموجب قانون “العدالة والحرية” الذي يحدد القواعد المتعلقة بالاحتجاز الاحتياطي (المدة؛ والقاضي المختص و حقوق الشخص الموضوع رهن الاحتجاز الاحتياطي).