سلطة القاضي المدني في تقدير أدلة الإثبات وفق التشريع المغربي
مقدمة(*) :
إن حدوث نزاع معين بين أطرافه وتقرير حق أحدهم عن الآخر، يحتاج إلى إقامة الدليل عليه، وإذا استطاع الشخص الذي يطالب حماية حقه إثباته ،فإنه يربح دعواه وبالتالي،يتقرر له الحق بطريقة مشروعة لأنه أقام الدليل عليه،أما إذا عجز عن إثبات حقه فإنه يخسر دعواه وبالتالي خسارة الحق المطالب به.
ولا تخفى أهمية الإثبات في مجال الحقوق وأمام القضاء، إذ يعد الفيصل في النزاع، ويرتبط (الإثبات) ارتباطا وثيقا بالقاعدة التي تقول بأنه لا يجوز للفرد أن يقتضي حقه بنفسه كما كان عليه الحال في المجتمعات البدائية أو ما يسمى بالعدالة الخاصة حيث كانت القوة وسيلة الحصول على الحق[1]، وإنما أصبح لزاما على الأفراد الالتجاء إلى القضاء للحصول على حقوقهم وبسط الحماية عليها وبالتالي إقناع القاضي بالحق المتنازع فيه عن طريق إقامة الدليل على الحق وعلى المنازعة فيه من قبل الغير[2].
ولعل أن الالتجاء إلى القضاء، يظهر فيما يوفره هذا الأخير من حماية للأطراف المتنازعة، وهذه الحماية تقرر بإثبات الحقوق وإقامة الدليل عليها، فإذا استطاع الشخص على القيام بذلك ربح دعواه أما إذا عجز فإنه يخسر حقه أمام القضاء.
ويعتبر الإثبات من أهم المواضيع التي تناولها القانون المدني،وقد ورد النص على بعض وسائل الإثبات في قانون الالتزامات والعقود[3]، وقرر البعض في قانون المسطرة المدنية[4]،فقد نص الفصل 404 من ق.ل.ع على أن وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي:1-إقرار الخصم 2-الحجة الكتابية 3- شهادة الشهود 4-القرينة 5- اليمين والنكول عنها،وأضاف إليها قانون المسطرة المدنية وسائل أخرى هي :6-الخبرة 7- معاينة الأماكن 8-تحقيق الخطوط والزور الفرعي،وهذه الوسائل،يطبقها القاضي على الدعوى المعروضة عليه، لأن القاضي لا يقضي بالحق المدعى به إلا عند إقامة الدليل عليه.
وقد تعرض المشرع المغربي لوسائل الإثبات في الفصول المذكورة، وحدد قيمة كل واحدة منها ودورها في الإثبات، ليبقى على القاضي تطبيق هذه القواعد وفقا لسلطته التقديرية، ويبقى على الخصوم تقديم أدلتهم المؤكدة لادعاءاتهم ومناقشتها أمام القضاء وفقا للقواعد والمبادئ التي سنها المشرع لإعمال قواعد الإثبات.
وتظهر أهمية هذا الموضوع، فيما يلعبه الإثبات من دور على مستوى تقرير الحقوق لأن عدم إثبات الحق يعتبر -هذا الأخير- في حكم العدم ، وكذلك الدور الذي يلعبه في القاضي في الإثبات عندما يعرض عليه النزاع.
انطلاقا مما سبق يمكن صياغة الإشكالية المحورية للموضوع على الشكل التالي: ما هو دور القاضــي في تقدير أدلة الإثبات ؟
الإجابة على هذا السؤال المركزي يستدعي منا طرح تساؤلات فرعية من قبيل:
ــ هل منح المشرع المغربي مجالا للقاضي لإعمال سلتطه التقديرية في الإثبات؟
ــ ما هو مصير الدليل المقدم أثناء عرض النزاع على القاضي؟
إن الإجابة على الإشكالات المطروحة تقتضي منا تقسيم الموضوع إلى مبحثين:
- المبحث الأول : تعامل القاضي مع وسائل الإثبات المدنية.
- المبحث الثاني : إجراءات الرقابة القضائية في مجال الإثبات المدني وآثارها.
المبحث الأول : تعامل القاضي مع وسائل الإثبات المدنية
إن الإثبات ليس ركنا من أركان الحق ومع ذلك فهو عنصر هام لدعم الحق وتأكيده فمن الناحية العملية يفقد الحق قيمته إذا لم يستطع صاحبه أن يقيم الدليل على مصدره وبالتالي فالحق يتجرد من قيمته ما لم يقم الدليل على الحادث المبدئ له قانونا والواقع أن الدليل هو قوام حياة الحق معقد النفع فيه ولهذا يقال إن الدليل وحده هو الذي يحيي الحق ويجعله مفيدا و أن ما لا دليل عليه هو والعدم سواء.
وتتعدد طرق الإثبات التي توظف كدليل لإثبات الحق فنجد وسائل الإثبات الأصلية (المطلب الأول) وأخرى احتياطية (المطلب الثاني).
المطلب الأول : تعامل القاضي مع وسائل الإثبات الأصلية
تعد طرق الإثبات هي الوسائل المقبولة قانونا والتي يلجأ إليها أطراف النزاع لإقناع القاضي بصحة الوقائع القانونية التي يدعونها ولعل أهم تلك الطرق نجد الكتابة (الفقرة الأولى) والقرائن وشهادة الشهود (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الكتابة
أصبحت الكتابة تحتل المرتبة الأولى بين أدلة الإثبات في العصر الحديث بعد أن كانت شهادة الشهود في المقام الأول فيما مضى[5]، وأضحت تحضى بأهمية كبيرة وقوة مطلقة في الإثبات، وذلك لأن أغلب العقود والتصرفات القانونية والمعاملات المدنية والتجارية تتم كتابة، لذلك فإن النص الكتابي للعقد أو التصرف إنما هو دليل على واقعة الاتفاق عليه وإبرامه وشروطه لأنه يعبر عن إرادة أطرافه بصراحة ودقة، كما أن وقائع الأحوال المدنية والتوثيقات وغيرها تتم كتابة أيضا[6].
ومن مزايا الكتابة أنه يمكن إعدادها مقدما للإثبات وقت نشوء الحق أي وقت انعقاد التصرف القانوني كالبيع أو وقت حدوث الواقعة المادية كالميلاد والوفاة، ولهذا فهي تسمى بالدليل المهيأ أو المعد وهي دليل مباشر من أدلة الإثبات، لأن دلالتها تنصب مباشرة على الواقعة القانونية المراد إثباتها تصرفا قانونيا كانت أم عملا ماديا وهي أيضا من الطرق الملزمة للقاضي إذا كان معترفا بها من الخصم[7].
والأوراق والمحررات المكتوبة التي تستخدم كأداة للإثبات تنقسم إلى قسمين محررات رسمية وهي التي يقوم بتحريرها موظف عام مختص وفقا للأوضاع المقررة[8]، إضافة إلى من يسمحوا لهم القانون بذلك (الموثقين والعدول…) ومحررات عرفية وهي التي يقوم الأفراد بتحريها فيما بينهم، وتختلف المحررات الرسمية عن العرفية من ناحية الشكل والحجية.
فمن حيث الشكل، يلزم بالنسبة للمحرر الرسمي أن يقوم بتحريره موظف عام مختص وفقا للأوضاع المقررة أو من ينص عليهم القانون، أما المحررات العرفية فالشرط الوحيد لصحتها هو توقيع الملتزم إذا كانت معدة للإثبات،أما إذا لم تكن معدة للإثبات فلا ضرورة للتوقيع[9].
ومن حيث الحجية يعتبر كل محرر حجة على الكافة من حيث صدوره من موقعه ولا تسقط حجية المحررات الرسمية إلا عن طريق الطعن بالتزوير، أما المحرر العرفي فيكفي إنكار الخط أو التوقيع[10].
ومنشأ الدليل الكتابي هو ما أوضحه الفصل 417 من ق.ل.ع، إذ تنص الفقرة الأولى من هذا الفصل على أن: “الدليل الكتابي ينتج من ورقة رسمية أو عرفية”.
والكتابة بشقيها الرسمي والعرفي تجذب إليها اطمئنان القاضي عند عدم وجود أي لبس أو غموض، وتجعله ميالا إلى الاعتداد بمضمونها، لكن يبقى مطالبا بفحص هذا الدليل الكتابي ومراقبته وفقا للمتطلب قانونا، وفي حالة عدم وجود الدليل الكتابي أو أي دليل آخر فإنه ينصرف عن النظر في وجود الحق موضوع الدعوى[11]، وهكذا فقد جاء في قرار لاستئنافية الرباط[12]، ما يلي: “حيث أن الوسائل المثارة من طرف الطاعن تظل عبارة عن كلام مرسل لم يقم على إثباته أي دليل أو حجة ذلك أن مجرد إثبات الحيازة المادية للمحل موضوع النزاع لا يشكل قرينة على قيام عقد الإيجار والذي لم يفلح في إثباته خلال جلسة البحث المنعقدة استئنافيا مما يبقى معه مفتقدا إلى السند القانوني الذي يبرر استمرار تواجده والذي ينبغي أن يكون صادرا عن المالك الحقيقي أو كل من له حق التصرف فيه أو الانتفاع به”.
وما يجب الإشارة إليه في هذا الصدد أن طرح الدليل الكتابي أمام القاضي لا يأخذ بما ورد فيه بشكل مطلق، إذ يلزمه التأكد من هذا الدليل ومدى مطابقته للواقع، وه ما يدل عليه قرار صادر عن المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا) والذي جاء فيه: “إن رسم التصرف الذي لا يشير إلى باقي شروط الملك لا يمكن الاعتماد عليه لإثبات حق الملكية”[13].
فمن خلال هذا القرار استبعد المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) رسم التصرف كدليل لإثبات حق الملكية ولم يعتد به لعدم اكتمال الشروط التي يتعين أن يتوفر عليها، ومن هنا تظهر لنا الرقابة القضائية على المحررات المدلى بها في إطار ما هو متعارف عليه من ضوابط فقهية وقانونية، بحيث أن كل دليل يفتقر لما هو لازم قانونا يطرحه جانبا ولا يعتد به، ما عدا ذلك فإنه لا يملك أي سلطة اتجاه تقرير صحة الدليل الكتابي عند عدم الطعن فيه بدعوى التزوير وإذا تعلق الأمر بمحرر رسمي، أو بدعوى الإنكار إذا تعلق الأمر بمحرر عرفي.
إضافة إلى ما سبق فإن رقابة القاضي على الدليل الكتابي تتضح أكثر عند أمره بإجراء خبرة فنية بصدد تحقيق الخطوط بحيث نجد الفقرة الثانية من الفصل 89 من ق.م.م تنص: “… إذا كان الأمر بخلاف ذلك فإنه يؤثر بتوقيعه على المستند ويأمر بتحقيق الخطوط بالسندات أو بشهادة أو بواسطة خبير عند الاقتضاء”.
الفقرة الثانية: القرائن وشهادة الشهود
سنعالج في هذه الفقرة وسيلة الإثبات بالقرائن وشهادة الشهود وكذا سلطة القاضي المدني في شأنهما.
أولا: القرائن
القرائن هي ما يستنبطه المشرع أو القاضي من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول وهذا ما نص عليه الفصل 449 من ق.ل.ع على أن: “القرائن دلائل يستخلص منها القانون أو القاضي وجود وقائع مجهولة” وقد قسم الفقهاء القرائن إلى قاطعة وظنية ويقصدون بالقرينة القاطعة ما أفادت العلم اليقيني ولم يخالجها فيما أفادته شك ومثل لها ابن الغرس بقوله: “لو ظهر إنسان من دار ومعه سكين في يده ملوث بالدماء، سريع الحركة، عليه أثر الخوف ظاهر فدخلوا الدار في ذلك الوقت على الفور فوجدوا بها إنسانا مذبوحا لذلك الحين وهو مضرج بدمائه ولم يكن معه في الدار غي ذلك الرجل الذي وجد بتلك الصفة وهو خارج من الدار أنه يؤخذ به وهو ظاهر إذ لا يشك أحد في أنه قاتل”[14].
أما القرائن غير القطعية فهي التي يجوز نقضها بالدليل العكسي وهي تعفي من تقررت القرينة لمصلحته من الإثبات إعفاء تاما ولا تقتصر على نقل عبء الإثبات إلى خصمه شأنه في ذلك شأن القرينة القاطعة[15]، وإذا ما كانت القرائن القانونية تنقسم إلى قطعية وغير قطعية فإننا نجد في الجهة المقابلة القرائن القضائية وهي حسب الفصل 454 من ق.ل.ع “القرائن التي لم يقررها القانون موكولة لحكمة القاضي وليس للقاضي أن يقبل إلا بالقرائن القوية الخالية من اللبس أو القرائن المتعددة التي حصل التوافق بينها وإثبات العكس سائغ ويمكن حصوله بكافة الطرق”.
ويتمتع القاضي بالنسبة إلى القرائن القضائية بسلطة واسعة لا تتوفر له فيها يتعلق بالأدلة الأخرى التي تتخذ في الإثبات المباشر ففي وسعه أن يستمد القرينة ليس فقط من وقائع وظروف النزاع المطروح أمامه بل كذلك من خارج دائرة هذا النزاع ما دامت الأوراق المتعلقة بها قد ضمت إلى الدعوى المعروضة، كما أنه لا يتقيد في سلطته هذه بالقاعدة التي تفرض عليه ألا يبنى اقتناعه على وقائع لم يثبت بالطريقة القانونية أو على وثائق لم تكن محل مناقشة الخصوم، فله أن يستخلص القرينة من أقوال أبداها الخصم أمام الخبير، ومن أقوال شهود سمعهم الخبير بإذن المحكمة، وله أن يستنبط القرينة أيضا من إقرار غير قضائي صدر في دعوى أخرى بل وله أن يتخذ القرينة التي يعتمد عليها من أي تحقيق قضائي أو إداري[16] ومن أمثلة استخلاص القرائن القضائية[17]:
+ اعتبار إخفاق المدعى عليه في إثبات ملكيته بالتقادم قرين على تملك المدعى بالتقادم.
+ اعتبار بخس الثمن وعدم وضع يد المشتري وتمسكه بوصل يفيد بقاء الملكية للبائع قرينة على أن البائع يستر رهننا.
غير أن ما يجب الانتباه إليه أنه لا يجوز استعمال القرائن القضائية إلا حيث يجوز الإثبات بالشهادة والسبب في ذلك أن الإثبات لا يخلو من الخطر لأن القاضي قد يخطئ في استنباطها[18]، كما أنه لا يخضع في تقديره هذا لرقابة محكمة النقض[19].
ثانيا: شهادة الشهود
رأينا أن الدليل الكتابي ذا قوة مطلقة في الإثبات فهو ملزم للقاضي ما لم ينكره الخصم أو يطعن فيه بالتزوير وعلى خلاف ذلك فإن الشهادة أو البينة فهي تخضع لتقدير القاضي بمعنى أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا سلطان لأحد عليها في ذلك إلا أن تخرج تلك الأقوال إلى غير ما يؤدي إليها مدلولها وهي غير مقيدة بالرأي الذي يبديه الشاهد تعليقا على ما رآه أو سمعه فلها أن تأخذ ببعض أقواله مما ترتاح إليه وتثق به دون البعض الآخر بل لها أن تأخذ بمعنى الشهادة دون معنى آخر تحتمله أيضا متى كان المعنى الذي أخذت به لا يتعارض مع عبارتها[20].
وبالتالي فالشهادة تخضع لتقدير قاضي الموضوع الذي يستطيع أن يأخذ بها أو
أن يطرحها جانبا إذا لم يطمئن إليها وللمحكمة تقدير الشهادة من الناحيتين الموضوعية والشخصية ولها أن ترجح شهادة على أخرى وفقا لما تستخلصه من ظروف الدعوى على أن تبين أسباب ذلك في محضر الجلسة وتقدير الشهادة من الناحية الشخصية يعطى الحق للقاضي بأن يستبعد الشهادة إذا لم يقتنع بها كالنظر مثلا في أخلاق الشاهد ومدى قوة تذكره واستيعابه وارتكابه ومدى احترافه للشهادة إذ يتواجد عدد من الأشخاص جاهزين للشهادة بثمن عند الطلب وهو ما يجب أن ينتبه له القاضي[21].
وبالتالي فإن تقدير أقوال الشهود من اختصاص القاضي والمرجع في مدى اطمئنانه إلى أقوالهم هو وجدانه وهو مستقل بذلك ما دام لم يخرج بذلك عما تحتمله أقوالهم ومن أجل هذا لا يلتزم القاضي ببيان سب ترجيحه شهادة شاهد على آخر ومن حقه أن يطرح ما لا يطمئن إليه من هذه الأقوال[22]، وإذا كانت الشهادة تفيد ضنا راجحا ولا تفيد علما وما دامت كذلك فقد تتعارض معها أخرى إما أن تكون معارضتها فوقها قوة أو دونها أو أنهما متساويتان فهي بدون شك مرجوحة بما فوقها، راجحة بما دونها متساوية بما ماثلها.
فأما ما كان فوقها قوة فلا تصمد أمامه، أما ما كان دونها ظنا وإثباتا فمقدمة عليه[23].
المطلب الثاني: تعامل القاضي مع وسائل الإثبات الاحتياطية
يعد الإقرار واليمين من وسائل الإثبات الاحتياطية التي يتعامل القاضي معها في الإثبات، وبالتالي سنتناول في (الفقرة الأولى) الإقرار ونخصص في (الفقرة الثانية) اليمين.
الفقرة الأولى: الإقرار
الإقرار هو اعتراف شخص بحق عليه لآخر قصد ترتيب حق في ذمته وإعفاء الآخر من إثباته.
الإقرار ينطوي على تصرف قانوني من جانب واحد ولا يحتاج إلى قبوله المقر له، فهو في حد ذاته ليس وسيلة إثبات وإنما هو بمثابة تنازل المدعى عليه عن حقه في مطالبة المدعي بإثبات الواقعة المدعى بها[24].
الإقرار نوعان، إقرار قضائي وهو الذي يحصل أثناء نظر دعوى أمام القضاء متعلقا بإحدى وقائعها (أولا)[25]، وإقرار غير قضائي وهو الذي يصدر في غير مجلس القضاء (ثانيا)[26].
أولا: الإقرار القضائي
الإقرار القضائي هو كما عرفه الفصل 405 من ق.ل.ع هو: “الاعتراف الذي يقوم به أمام المحكمة الخصم أو نائبه المأذون له في ذلك أذنا خاصا”.
ومن هنا يتضح أن وصف الإقرار بأنه قضائي يستلزم أن يتم أمام القضاء، وأن يكون أثناء نظر دعوى تتعلق بالواقعة محل الإقرار.
فلابد إذن أن يصدر الإقرار من الخصم أمام القضاء، ولا يعني هذا أن القاضي يجب أن يسمع الإقرار بنفسه مباشرة، إنما المقصود أن الإقرار يجب أن يقع بطريقة يصبح جزءا من الدعوى المنظورة، وذلك بأن يكون ذلك داخلا في إجراءات الدعوى، ويتحقق ذلك غالبا إذا صدر الإقرار للقاضي إما شفويا في الجلسة أو أثناء تحقيق أو استجواب، أو كتابة في مذكرات مقدمة إليه أو طلبات معلنة للخصم، كما يتحقق أيضا صدور الإقرار أمام الخبير المنتدب في الدعوى المنظورة، وكما يقع الإقرار من الخصم نفسه يجوز أن يقع من نائبه المأذون له في ذلك أذنا خاصا، كما أن الإقرار يعتبر قضائيا حتى ولو حصل أمام قاض غير مختص[27].
– حجية الإقرار القضائي:
ترجع حجية الإقرار بوجه عام إلى أن صدور من شخص ضد مصلحة نفسه يجعل احتمال صدقه يرجح على احتمال كذبه ويزداد رجحان هذا الاحتمال إذا كان الإقرار صادر في مجلس القضاء لأن الحضور أمام القضاء من شأنه أن ينبه المقر إلى وزن كل كلمة قبل أن يفوه بها لذلك كان من الطبيعي أن يكون الإقرار الصادر في مجلس القضاء حجة على المقر يتعين على القاضي أن يأخذ بها ويشبه الإقرار القضائي الدليل الكتابي من حيث قوة الإثبات فكلاهما له حجية ملزمة لمن صدر منه وحجية ملزمة للقاضي[28].
– عدم جواز العدول عن الإقرار:
متى صدر الإقرار في مجلس القضاء، لا يحق للمقر أن يسحب إقراره بعد صدره، وما يترتب على عدم جواز رجوع المقر في إقراره أن لا يستطيع أن يضيف إليه، بعد صدوره، واقعة جديدة يقصد أن تعتبر جزءا منه ومكملة له، إذا كان من شأن هذه الواقعة أن تعدل من مضمونه وأن تعطل دلالته.
غير أنه لما كان الإقرار عملا قانونيا يشترط فيه ما يشترط في العمل القانوني من شروط الانعقاد والصحة، بما يتبع هذه الشروط من جزاء البطلان أو القابلية للإبطال، وجب أن يكون للمقر بعد صدور الإقرار منه في مجلس القضاء أن يتمسك ببطلانه إذا وجد ما يبرر ذلك[29].
– عدم تجزئة الإقرار على صاحبه:
إذا نصب الإقرار على وقائع متميزة ومنفصل بعضها عن البعض تجزئة الإقرار ضد صاحبه إذا كان هذا الإقرار هو الحجة الوحيدة عليه، وتمكن تجزئته:
– إذا كانت إحدى الوقائع ثابتة بحجة أخرى غير الإقرار.
-إذا انصب الإقرار على وقائع متميزة ومنفصل بعضها عن البعض.
– إذا ثبت كذب جزء من الإقرار”[30].
والإقرار يقسم في مجال بيان نطاق إعمال مبدأ عدم التجزئة إلى ثلاثة أنوع: إقرار بسيط، وإقرار موصوف، وإقرار مركب.
ثانيا: الإقرار غير القضائي
عرف الفصل 407 من قانون الالتزامات والعقود للإقرار غير القضائي بأنه الإقرار الذي لا يقوم به الخصم أمام القاضي، ويمكن أن يستنتج من كل فصل يحصل منه وهو مناف لما يدعيه.
ويشترك الإقرار غير القضائي مع الإقرار القضائي في طبيعته من حيث انه عمل قانون إخباري من جانب واحد وأنه يعتبر بمثابة عمل من أعمال التصرف وأنه حجة قاصرة، ويختلف عنه في أنه لا يصدر في مجلس القضاء في القضية المتعلقة بالمقر به ذاتها، غير أنه لما كان الفرق بين نوعي الإقرار لا يمس طبيعتها في شيء وإنما يتعلق بظروف صدور الإقرار في مجلس القضاء أو في غيره، ولما كان ظرف صدور الإقرار في مجلس القضاء ليس من شأنه سوى توفير الثقة في جدية الإقرار، كان من الصعب التسليم باختلاف آثار الإقرار غير القضائي – متى ثبتت جديته – عن آثار الإقرار القضائي، وتعينت المساواة بينهما في أحكامهما[31].
إن القاضي إذا عرض عليه قول مدعى بأنه قرار غير قضائي كان له تقدير هذا القول وتحري قصد صاحبه منه، فإن وجد فيه عناصر العمل القانوني الصحيح متوافرة اعتبره إقرارا وإلا فلا يعتبر كذلك، وهو في هذا التقدير غير خاضع لرقابة محكمة النقض، والقاضي يملك مثل هذ السلطة فيما يتعلق بالإقرار القضائي، ولو أن صدور هذا الإقرار في مدلس القضاء يسهل من الناحية العملية مهمة القاضي بما يوفره من ثقة في جدية الإقرار ومن ظهور قصد صاحبه في أن يرتبط به ومن أضعاف لاحتمال وجود الأسباب المبطلة للإقرار ولكن متى ثبت للقاضي أن القول المدعى بأنه إقرار غير قضائي هو فعلا إقرار صحيح تعين الأخذ به كما يتعين الآخذ الإقرار القضائي لاتحاد العلة في الحالتين، وهي توافر قصد المقر أن يرتبط بإقراره، ووجب عليه ألا يسمح بالعدول عنه لغير سبب يبطله لأن الإقرار يستمد صفة اللزوم من كونه عملا قانونيا يتم بإرادة واحدة لا من صدوره في مجلس القضاء، ولزمه أن يراعى عدم تجزئة الإقرار لأن عدم تجزئة نتيجة لاتجاه إرادة المقر لا لصدور الإقرار في مجلس القضاء[32].
الفقرة الثانية: اليمين
تعتبر اليمين طريق من طرق الإثبات وهي الحلف بالله العظيم[33] التي يؤديها خصم أمام القضاء بناء على طلب الخصم الآخر أو طلب المحكمة، على وجود أو عدم وجود واقعة متنازع عليها، وذلك عند انعدام الدليل في الدعوى أو عدم كفايته[34].
وهذا التعريف هو تعريف لما يطلق عليه اليمين القضائية والتي يمكن أن تكون حاسمة للدعوى (أولا) وإما أن تكون مكملة أو متممة (ثانيا).
أولا: اليمين الحاسمة
يقصد باليمين الحاسمة هي التي يؤديها أحد الطرفين في النزاع بناءا على طلب الطرف الآخر، لإثبات حق أو إنكاره وهي تؤدى بعبارة “أقسم بالله العظيم”[35].
والمحكمة لا تملك حق رفض اليمين الحاسمة فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى “…إن حق توجيه اليمين الحاسمة هو وسيلة من وسائل الإثبات أعطاها المشرع للخصم الذي يعوزه الدليل لإثبات دعواه ولا يقر له خصمه بصحة ما يدعيه، وما على القاضي إلا الاستجابة له متى تأكد أن هذا الطلب قدم وفق الشروط الشكلية المطلوبة…”[36].
فالقاضي إذا رفض الحكم بتوجيه اليمين تعين عليه أن يسبب رفضه وأن يبين وجه الإساءة في استعمال حق توجيه اليمين.
وقد أخذت التشريعات الحديثة باليمين الحاسمة كحجة قاطعة فلا تسمع البينة بعدها متى جاءت مكتملة الشروط وقد نص المشرع المغربي على ذلك في الفصل 85 من ق.م.م[37].
أما بخصوص التشريعات المقارنة فنجدها تختلف نوعا ما مع التشريع المغربي بخصوص سلطة القاضي في اليمين الحاسمة، بحيث إذا كان لكل من الخصمين أن يوجه اليمين إلى الخصم الآخر فإن القاضي يقوم بالرقابة عليه في توجيه هذه اليمين وقد أعطى القانون للقاضي الحق في منع توجيه اليمين إذا كان هناك تعسف في توجيهها أو إذا كانت كيدية، ورقابة القاضي في هذه الحالة تخوله القيام بدور إيجابي في الإثبات وهو ما يحرص المشرع المصري إبرازه والتوسع فيه خاصة في ظل القانون المصري الجديد[38].
وأثر حلف اليمين الحاسمة أو النكول عنها قاطع بالنسبة للخصوم وللقاضي، فمن حلفها يحكم لمصلحته ومن نكل عنها يحكم ضده والقاضي يلتزم بهذا الأثر فلا يملك الفصل في الدعوى بغير ذلك[39].
ثانيا: اليمين المتممة
إن اليمين المتممة أو المكملة كما يدل على ذلك ظاهر اسمها تكمل أدلة الإثبات وليست بديلا لها وهي التي توجهها المحكمة من تلقاء نفسها لأي من الخصمين عندما ترى أن هذا الخصم قدم دليلا غير كاف على دعواه، فهي دليل إثبات تكميلي ذو قوة محدودة[40].
وهذا ما أكده الفصل 87 من ق.م.م الذي جاء فيه:
“إذا اعتبرت المحكمة أن احد الأطراف لم يعزز إدعاءاته بالحجة الكافية أمكن لها تلقائيا أن توجه اليمين إلى هذا الطرف بحكم يبين الوقائع التي ستتلقى اليمين بشأنها.
تؤدى هذه اليمين وفق الشكليات والشروط المنصوص عليها في الفصل السابق” ومن هذا النص يتضح أن اليمين المتممة هي التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أحد الخصمين ليكمل بها دليلا في الدعوى غير كاف، أي ليتمم بها اقتناعه إذا كانت الأدلة المقدمة في الدعوى لا تكفي للوصول إلى حد الإقناع.
والقاضي لا يتقيد بتوجيه هذه اليمين، ولا بأدائها وقد لا يؤدى الالتجاء إليها إلى تنوير القاضي بل أن القاضي قد يتجه في النهاية إلى ما يخالف دلالتها[41].
فاليمين المتممة فهي نظام من أنظمة العدالة يمد القاضي بالمعونة حين يشعر بالحاجة إليها وقد أحاطها المشرع بضمانات يجب أن تتوفر حتى يمكن توجيهها، وجعل للقاضي سلطة تقديرية ما إذا كانت هناك ضرورة لهذا التوجيه وبذلك أضحت وسيلة لعلاج مساؤئ تقييد الإثبات وللتخفيف من حدة مبدأ حياد القاضي لاستكمال عناصر الإقناع[42].
واليمين المتممة هي اليمين التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أي من الخصمين ليستكمل بها اقتناعه عندما يرى أن ما قدمه الخصم من أدلة لم يكن كافيا، وفي هذا المجال يبدو كذلك دور القاضي الإيجابي في الإثبات على أنه إذا كان للقاضي أن يوجه اليمين المتممة فإنه لا يوجهها إلا إذا كان هناك دليل ناقص ويريد تكملته ولكن إذا لم يكن هناك دليلا أصلا فلا يوجهها[43].
المبحث الثاني:إجراءات الرقابة القضائية في مجال الإثبات المدني وآثارها
قد يتم تقديم أدلة أمام القضاء تحتاج الى إجراءات تسمح بالتأكد من صحتها أو لإتمامها،ويمكن للطرف الآخر أن يطلب القيام بإجراءات مضادة أو إبداء دفاعه ودفوعه قصد تفنيدها،والدفع بالقاضي لعدم الأخذ بها.
وعليه،سنتطرق في (المطلب الأول) إلى حق القاضي المدني في الأخذ بإجراءات التحقيق ،على أن نعرج الحديث في (المطلب الثاني) أثار الرقابة القضائية على أدلة الإثبات.
المطلب الأول: سلطة القاضي المدني في الأمر بإجراءات الإثبات
إن القاضي المدني له دور مهم في مجال الإثبات، و اثناء النظر في النزاعات المعروضة امامه يمكن له القيام بإجراءات التحقيق و هذه الاخرة يمكن له الاخذ هبها كما يمكن له ان لا يأخذ بها أو يعدل عنها، ولدراسة هذه السلطة يمكن تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين في الأولى سنتناول فيه حق القاضي في الأخذ بإجراءات التحقيق على أساس أن نعالج في الفقرة الثانية حق القاضي في عدم الأخذ والعدول كما أمر به من إجراءات الإثبات.
الفقرة الأولى: حق القاضي في الأخذ بإجراءات التحقق
يمكن للقاضي حسب الفقرة الأولى من الفصل 55 من قانون المسطرة المدنية بناء على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن يأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف على عين المكان أو بحث أو تحقيق خطوط أو أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق.
وسيتم الاقتصار في هذه الفقرة على إجراءين أساسيين وهما الخبرة (أولا) والمعاينة (ثانيا).
أولا: الخبرة
تعرض على القاضي فيما يعرض عليه من القضايا مسائل متنوعة يحتاج بعضها إلى معلومات فنية دقيقة من طبية وهندسية وخطية وحسابية وصناعية وزراعية، وتجارية وغيرها، لا يتصور أن يلم بها جميعا كل قاض إلماما يمكنه من تفهم جميع المسائل الفنية التي تعرض عليه ومن الفصل فيها عن بينة تامة فصلا يريح ضميره ويحقق العدالة[44].
ولهذا أجاز المشرع للقاضي أن يستعين بأهل الخبرة في الحالات التي يتوقف فيها الفصل في النزاع على الوقوف على بعض النواحي الفنية التي لا يستطيع القاضي التوصل إليها من تلقاء نفسه[45] ولا يجوز للخبير أن ينظر في مسألة لها علاقة بالقانون[46].
وإذا أمر القاضي بإجراء خبرة في النزاع عين الخبير من تلقاء نفسه أو باقتراح من الأطراف والأصل أن يتم تعيين الخبير من بين الخبراء المعينين في جدول خاص و بصفة استثنائية يمكن أن يختار من غيرهم، وفي هذه الحالة يجب على الخبير أن يؤدي اليمين أمام السلطة القضائية التي عينها القاضي لذلك على أن يقوم بأمانة وإخلاص بالمهمة المسندة إليه وأن يعطي رأيه بكل تجرد واستقلال ما لم يعف من ذلك اليمين باتفاق الأطراف[47].
ويعمل الخبير تحت إمرة المحكمة، فهو ملزم بتقديم جواب محدد وواضح عن كل سؤال فني ويمنع عليه الجواب على أي سؤال يخرج عن اختصاصه الفني وله علاقة بالقانون[48].
وتنص الفقرة الأخيرة من الفصل 63 من ق.م.م على أنه: “يقوم الخبير بمهمته تحت مراقبة القاضي الذي يمكن له حضور عمليات الخبرة إذا اعتبر ذلك مفيدا”.
ويعد تقرير الخبير دليلا من أدلة الإثبات في الدعوى حسب البعض[49] ومن ثم جاز لمن هو في مصلحته الاحتجاج به فيما يدعيه ويصح للخصم الآخر أن يقدم من الدفاع والأدلة ما يفند به هذا التقرير، مبينا ما اشتمل عليه من عيوب ومواضع الخطأ في البيانات أو الخطأ في الرأي وذلك ليحمل المحكمة على عدم الاعتماد عليه.
وقد ثار خلاف فقهي حول القوة الثبوتية لتقرير الخبير، فهناك من يرى أن تقرير الخبير يعد محررا رسميا ومن ثم كانت له قوة الأوراق الرسمية في الإثبات، فلا يجوز إثبات عكس ما اشتمل عليه التقرير من الوقائع التي أثبتها الخبير باعتبار أنه رآها أو سمعها أو علمها في حدود اختصاصه إلا بطريق الطعن بالزور، أما ما أبداه الخصوم من أقوال وكذا استنتاجات الخبير فلا تكون لها الحجية ويجوز دحضها بكل طرق الإثبات[50].
في حين هناك من يرى أن ما توصل إليه الخبير من نتائج علمية لا يمكن التسليم بكونها حقائق مطلقة ولذلك يمكن للأطراف الاستدلال على خطأ الخبير وذلك بكافة وسائل الإثبات، بل وطلب خبرة مضادة للكشف عن خلاف ما قرره الخبير ولذلك فلا يمكن الحديث عن الطابع الرسمي لحقيقة علمية وإن كان من الممكن الكلام عن ذلك من زاوية أن الخبير نفسه ما توصل إلى ذلك لا أحد سواه[51].
وعلى أي يكون للمحكمة أن تأخذ برأي الخبير أو تركه إلا أنها إذا تركته يجب أن تبين أسباب الترك، خاصة بعد أن تفند تقريره، وإذا كانت المحكمة لا تتقيد برأي الخبير في جملته فتأخذه كله أو تتركه كله فإن هذا لا يمنع في الحالة الأخيرة من أن تأخذ ببعض ما جاء وتترك البعض الآخر[52].
وبخصوص طبيعة الخبرة هل هي دليل إثبات أم إجراء من إجراءات التحقيق، فنجد أن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) اعتبرها في أحد قراراته[53] وسيلة إثبات لواقع الحال لا يمكن لوسيلة إثبات أخرى أن ترصده بالشكل المطلوب، فكونت قناعة القاضي فيما استخلصه وبنى عليه حكمه، وعكس ذلك فقد ذهبت المحكمة الابتدائية بالحسيمة[54] في حكم لها إلى أن “طلب إجراء خبرة لا سند له وذلك أن الخبرة من إجراءات التحقيق وليس من شأنها أن تكون وسيلة لصنع دليل للمدعين على قيام اتفاق بدعوته…”
ونرى أن التوجه الأخير حري بالتأييد على اعتبار أن الخبرة تم إيرادها ضمن الباب الثالث من القسم الثاني من المسطرة المدنية الخاص بإجراءات التحقيق.
ثانيا: المعاينة
المعاينة هي انتقال المحكمة لمشاهدة محل النزاع، أيا كان طبيعته، سواء كان عقارا أو منقولا، وبصفة عامة كل ما يقع عليه النزاع، مما يظن أن يكون معاينته مجدية[55].
وللمعاينة أهمية كبيرة في استجلاء المحكمة حقيقة النزاع من أقرب طريق، إذ ليس أوقع في تكوين القاضي لقناعته عن موضوع النزاع من مشاهدة محله بنفسه، حيث تعطيه فكرة مادية محسوسة عن الواقع لا يمكن أن تعطيها إياه أوراق الدعوى ولا أقوال الشهود ولا تقارير الخبراء[56].
وهي من الإجراءات التي سمح بها المشرع للقضاء في إجرائها قبل البت في جوهر الدعوى حسب الفصل 55 من قانون المسطرة المدنية.
وتبدأ بأمر من القاضي للوقوف على عين المكان ويحدد في حكمه اليوم والساعة التي تتم فيها بحضور الأطراف الذين يقع استدعائهم بصفة قانونية فإذا كان الأطراف حاضرين وقت النطق بالحكم أمكن للقاضي أن يقرر حالا الانتقال إلى عين المكان[57].
وإذا كانت المعاينة تتطلب معلومات فنية لا يتوفر عليها القاضي كمعرفة تغيير الأنصاب أو مسح الأرض أمكن للمحكمة أو القاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر أن يعين خبيرا لمصاحبته أثناء المعاينة وإبداء رأيه في الموضوع، كما يمكن أن يعين ترجمانا محلفا إذا كان لا يحسن لغة المخاطب معهم في مكان المعاينة[58].
وإذا أمر القاضي بالمعاينة فإنه يجب أن يقف بنفسه وفي ذلك ورد في قرار للمجلس الأعلى أنه[59] “إذا أمر القاضي بالمعاينة وجب أن يقف بنفسه على عين المكان وله وحده حق الاستماع إلى الأشخاص الذين يعينهم ويقوم بمحضرهم بالعمليات التي يراها مفيدة، وأن المحكمة لما اعتمدت في قضائها على محضر المعاينة التي قام بها كاتب الضبط وحده ورفضت دفوع الخصوم في هذا الشأن تكون قد خرقت المقتضيات المتعلقة بالمعاينة وعرضت قرارها للنقض”.
وقد ترى المحكمة أو القاضي أثناء إجراء المعاينة مصلحة في سماع شهود في محل المعاينة ليرشدوا عن كيفية حدوث بعض الوقائع أو الأوصاف أو المتغيرات التي طرأت على محل النزاع، لذلك أجاز المشرع للمحكمة أو القاضي السماع من يرى سماعه من الشهود[60].وليس لتقديم أدلة إثبات في القضية ولهذه الملاحظة أهمية كبيرة إذ نتيجة لها لا تخضع شهادتهم للقيود أو الشكل الذي تخضع له الشهادة كدليل للإثبات فيمكن سماعهم ولو لم يكونوا أهلا للشهادة لا يحلفون يمينا ولا يخضعون للإجراءات المقررة للشهادة وتكون التقديرات التي يتوصل إليها القاضي أثناء المعاينة خاضعة لمطلق تقدير المحكمة[61].
الفقرة الثانية: حق القاضي في عدم الأخذ والعدول عما أمر به من إجراءات الإثبات
سنتناول هذه الفقرة على الشكل التالي، أولا: حق القاضي في عدم الأخذ بما أمر به من إجراءات الإثبات وثانيا حق القاضي في العدول عما أمر به من إجراءات الإثبات.
أولا: حق القاضي في عدم الأخذ بما أمر به من إجراءات الإثبات
أمام تعدد وسائل الإثبات فإن للمحكمة الخيار في الأخذ يجميع ما ورد في إجراءات التحقيق أو بعضه ولها أن تستبعدها بالمرة من ملف الدعوى واللجوء إلى إجراء تحقيق آخر كالخبرة المضادة مثلا التي يأمر بها القاضي ضد الخبرة التي قام بها الخبير، والتحقيق من مدى صحة ما داء في تقريره وللمحكمة بجانب سلطتها الموضوعية في تقدير رأي الخبير أن تعيد المأمورية إلى الخبير ليتدارك ما تبين له من وجود الخطأ أو النقص في عمله أو بحثه، ولها أن تعهد بذلك إلى خبير آخر أو إلى ثلاثة خبراء آخرين، ولهؤلاء أن يستعينوا بمعلومات الخبير السابق[62].
وهو نفس المقتضى الواردة في الفصل 55 من ق.م.م حيث نصت الفقرة الأولى: “… أو أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق”، وليس على المحكمة في أي موقف تتخذه سوى تعليله وعليه فقد قضت محكمة النقض المصربية ما يلي: “قاضي الموضوع هو وحده صاحب الحق في تقدير ما يقدم إليه في الدعوى من بينات وفي فهم ما يقوم فيها من قرائن…، بل إن لها الحرية التامة في تقدير أهمية الوقائع التي أمرت بتحقيقها وفي الحكم في الدعوى على حسب ما يرتاح إليه ضميرها وتمليه عليه قناعته”[63]. وفي حكم آخر صادر عن محكمة النقض المصربية كذلك جاء فيه “تقدير محكمة الموضوع بعمل الخبير هو مما يدخل في سلطتها الموضوعية، ولها باعتبارها الخبير الأعلى أن تقدر رأي الخبير”[64].
وهو نفس توجه القضاء المغربي في هذا الصدد حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالحسيمة ما يلي: “إن المدعى عليه لا يوجد في وضع المعتدي أو الغاصب لعقار حسب زعمه بل إن المدعى هو الذي نقل ملكية المدعى فيه إلى المدعى عليه بناء عل ما هو ثابت في رسمي الشراء المشار إليه أعلاه واللذين لم يكونا محل المنازعة من طرفه وحيث بالنضر إلى ما ذكر فإن أقوال الشاهدين المستمع إليهما تبقى غير مجدية ولم تؤكد أي جديد”[65].
إن ما يلاحظ من خلال القرارين أعلاه سواء المصري أو المغربي أن القاضي يأمر بإجراء من إجراءات الإثبات أو التحقيق ولكنه لا يستند عليه في تقرير الحكم إما لعدم كفايته أو لكون استجدت معطيات تفرض ترجيحها عل ما تم من إجراءات.
والغالب أن لا تجيب المحكمة طلب الإحالة إلى التحقيق إلا إذا وجدت من القرائن والدلائل ما يرجح احتمال ثبوت الواقعة المدعاة حتى لا تجنب الخصم تعريضه لتحمل نتائج كذب الشهود أو ضعف ذاكرتهم فهي مثلا لا تجيب الخصم إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات أن الدين الذي يطاله به خصمه بداخله ربا فاحش إلا إذا وجدت في الدعوى قرائن تسمح بقيام احتمال التعامل بالربا[66].
ويجب على المحكمة أن تعلل قرارها عند الرفض الأخذ بإجراءات الإثبات حيث نجد قاضي النقض يرافق مدى تعليل المحكمة لقرارها المتخذ بعدم إتباع إجراء من إجراءات الإثبات وعندما يجد الحكم قائما على أسس قانونية فإنه لا يجيب الأطراف في وسيلة الطعن المثار أمامه وهذا ما ورد في قرار للمجلس الأعلى بقوله: “… لم يسبق له في سائر أطوار المسطرة أن طالب بإجراء الخبرة التي ينبغي على القرار عدم القيام بها في حين أن المحكمة غير ملزمة بإجرائها ما دامت الوثائق والمستندات كونت لديها إقناعا بما لها من سلطة تقدير الوقائع…”[67].
إن أمر القاضي بإجراء من إجراءات الإثبات أو التحقق لا يعني قيام إثبات الحق محل الدعوى على ذلك، بل يمكن مع توالي مناقشة القضية وتبادل المذكرات أن يستعيض القاضي عن هذا الإجراء في ظل قيام قرائن أو أدلة أخرى أكثر إقناعا[68].
هذا ويحق للقاضي العدول عما أمر به من إجراءات الإثبات علما بأنه وهو يمارس دوره التنقيبي في الدعوى يكون متقيدا ببعض الضوابط أهمها ألا يكون الهدف من اتخاذ هذا الإجراء إقامة حجة للطرف الآخر فالمحكمة عندما تتدخل في مجال الإثبات بالأمر بإجراء من التحقيق، إنما يقوم القاضي فيها بتوجيه الخصوم إلى ضرورة تكملة الدليل الموجود ولكنه ناقص، أما إذا لم يقم الخصم بالإدلاء بأي دليل فإن المحكمة لا تحل محله في الإثبات وإنما تنذره بإثبات دعواه تحت طائلة عدم القبول[69].
ثانيا: حق القاضي في العدول عما أمر به من إجراءات الإثبات
إذا كانت القاعدة العامة تقضي بعدم جوزا القضاء بعلم القاضي إلا أن هذه القاعدة لا تنطبق إلا على علم القاضي المسبق بوقائع النزاع أما علمه الذي استقاه من وقعات التداعي وما حصله من فهم فيها، فهو أمر جائز القضاء به[70].
وهكذا يحق للقاضي أن يأمر بإجراء من إجراءات الإثبات ثم يعدل عنه ولا ينفذه وعلة هذا قد تقدم بعد الأمر بإجراء من أدلة إثبات أخرى تغني عن الدليل الذي أمر القاضي بالإجراء المتعلق به، وتكون أدلة أخرى كافية لتكوين قناعته، أو قد يتبين للقاضي أن في الدعوى من الأدلة الأخرى ما فيه الغني، وليس هناك معقب على محكمة الموضوع في ذلك، هذا وليس للقاضي العدول عما أمر به من إجراء إذا كان حكمه يتضمن فصلا في حق من الحقوق[71].
وقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض المصرية ما يلي: “للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات متى رأت أنه أصبح غير منتج بعد أن وجدت فيما يستجد في الدعوى بعد صدور الحكم القاضي بهذا الإجراء ما يكفي لتكوين عقيدتها”[72].
إذن محكمة الموضوع لها سلطة مطلقة في تقدير طريق الإثبات الذي تأمر به وفي الأخذ بنتيجته من عدمه وعليها إن حكمت لخصم عجز في إثبات دعواه بالبينات مادامت قد أقامت قضاءها على ما يؤدي إليه مما استخلصته من أوراق الدعوى.
إن قاضي الموضوع يتمتع بسلطة تقديرية واسعة لقبول طلب المعاينة أو رفضه كإجراء من إجراءات التحقيق، فقد يباشر عملية المعاينة لاستكمال عناصر التزام وقد يغض عنها الطرف إذا تبين له أنها لن تكون مجدية لإثبات الوقائع لوجود أدلة أخرى في الدعوى كافية لذلك، وفي جميع الأحوال فإن الاستنتاجات التي يتوصل إليها قاضي الموضوع من خلال المعاينة تندرج في الواقع لا القانون[73].
المطلب الثاني: آثار الرقابة القضائية على وسائل الإثبات المدنية
تلعب الرقابة القضائية دورا أساسيا في ميدان الإثبات والترجيح بين وسائله، فالقضاء باعتباره سلطة يخول له القانون صلاحية التحري والبحث عن الدليل الأقوى والأرجح.
ومن هنا سنحاول تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين، سنخصص الأولى للحديث عن استبعاد الدليل المقدم للإثبات، وذلك قبل أن نتطرق في الفقرة الثانية للحديث عن سلطة القاضي ودوره في وجوه الترجيح بين الأدلة.
الفقرة الأولى: استبعاد الدليل المقدم للإثبات
يعتبر الإثبات من أهم النظريات التي نظمها المشرع المغربي في قانون الالتزامات والعقود، حيث خصص لها حيزا كبيرا من الفصول: 399 -460، وعليه سنخصص هذه الفقرة للحديث عن الاستبعاد الكلي لمضمون الدليل (أولا)، وذلك قبل أن نتطرق للحديث عن الاستبعاد الجزئي لمضمون الدليل (ثانيا).
أولا: الاستعباد الكلي لمضمون الدليل
جاء في الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود، بأن وسائل الإثبات محصورة في كل من الإقرار واليمين والحجة الكتابية وشهادة الشهود والقرينة، والقاضي بتصفحه لما تم الإدلاء به أمامه من حجج يسعى في آخر المطاف إلى الأخذ بالدليل عند تمامه وعدم نقصانه، وهو بذلك يحاول البحث عن قناعته بالقيمة الإثباتية للدليل المقدم والإقرار بسلامة وصحة هذا الدليل واعتماده قضاءا في تحقيق الحق.
أما عند عدم تكوين قناعته بصدد هذا الدليل، فإنه يطرحه جانبا بحيث يغدو وغير معد للإثبات وهو ما يؤكده قرار لمحكمة الاستئناف بالناظور[74].
إضافة إلى أن سوء تقدير الإجراءات المسطرية وعدم العلم بها يؤدي بالقاضي بعد سلسلة من الإعلامات إلى استبعاد الدليل بحكم أنه يصبح غير ذي قيمة، وهو ما أكده قرار للمجلس الأعلى جاء فيه: “لكن حيث أن مذكرة جواب المطلوب في النقض المتضمنة لمقال الطعن بالزور اشتملت على ملتمس بإنذار الطاعنة لتأكيد تمسكها أو عدم تمسكها بالعقد العرفي الذي أدلت به والمطعون فيه بالزور، وأن تبلغ هذه المذكرة للطاعنة هو بمثابة إنذار لها حسبما يقرره الفصل 92 من قانون المسطرة المدنية، وأن الطاعنة التي توصلت بهذه المذكرة لم تعقب عليها ولم تصرح بشيء، ولذلك فإن المحكمة حين استخلصت من ذلك تخلي الطاعنة عن المستند الذي أدلت به حسبما ينص عليه الفصل 92 من قانون المسطرة المدنية في فقرته الأخيرة ورتبت عليه تنحية المستند تكون قد طبقت الفصل 92 من قانون المسطرة المدنية تطبيقا سليما مما يجعل قرارها معللا ومرتكزا على أساس قانوني وتكون الوسيلة بذلك بدون أثر”[75].
ثانيا: الاستبعاد الجزئي لمضمون الدليل
إذا قام الدليل على الواقعة المدعى بها استقلالا عن الإقرار وكانت الواقعة الأخرى غير مرتبطة بالواقع الأصلية بحيث أن حصولها لا يحتاج معه وجود الواقعة الأصلية، فليس هناك ما يمنع من تجزئة الاعتراف، كما إذا ادعى شخص على آخر دينا فاعترف به وإنما ادعى المقاصة فيه، فإنه في هذه الحالة يلزم بإثبات الدين الذي له بالطرق المعتادة، إذ كل من الدينين مستقل عن الآخر، وله وجود ذاتي، أما إدعاء المدين له دينا في ذمة الدائن فلا يستلزم العكس[76].
كما يجوز للقاضي تقدير مضمون الشهادة بما يفيد تكوين قناعته في معطى معين دون آخر[77].
إن سلطة القاضي وهو يمارس تقديراته عند تعامله مع وسائل الإثبات تجعله يستبعدها أو يقوم ترجيحها وتكون عنده كحجة ثابتة مبررا في ذلك آيات ترجيحه.
الفقرة الثانية: سلطة القاضي في ترجيح الأدلة
سنحاول أن نتناول في هذه الفقرة دور القاضي وسلطته في محاولة الجمع بين الحجج (أولا)، ثم نتحدث عن دور القاضي وسلطته في وجوده الترجيح بين الحجج (ثانيا).
أولا: دور القاضي وسلطته في محاولة الجمع بين الأدلة
يتمتع القاضي بسلطة واسعة عل مستوى الأدلة وذلك بالنظر إلى الدور الفعال الذي يلعبه الجهاز القضائي في فض المنازعات بشتى أنواعها.
غير أن القضاء لا يمكنه الحسم في نزاع معين بدون الوصول إلى الاقتناع الذاتي الذي يتكون لدى القاضي عند حصوله على الأدلة الكاملة التي تجعله يبدي رأيه وحكمه بدون أدنى شك.
فالقاعدة في مجال الإثبات أن الحجة على من ادعى واليمين على من أنكر، وهذا ما أكده الفصل 399 من ق.ل.ع الذي جاء فيه: “إثبات الالتزام عل مدعيه”، وجاء كذلك في الفصل 400 من نفس القانون ما يلي:
“إذا أثبت المدعى وجود الالتزام كان على من يدعي انقضاءه أو عدم نفاذه تجاهه أن يثبت إدعاءه”.
لكن قد يتصادم القاضي أثناء البت في النازلة المعرضة أمام دليلين في قوة واحدة، بحيث تشهد بينة بعكس ما تشهد به الأخرى وكل واحدة منهما تقتضي حكما يخالف ما تقتضيه الأخرى، ومن ثم وجب البحث في محاولة الجمع بينهما، فإن جمع فهو أولى، وإن لم يتم ذلك وتعذر الجمع فإنه يتم اللجوء إلى الترجيح ومحاولة تغيب بينة على أخرى[78].
فعلى سبيل المثال قد يتم الإدلاء بإراثة سليمة تحصر عدد الورثة في عدد معين ويدلي المدعى عليه هو الآخر بإراثة سليمة تحصر الورثة في عدد معين، وفي هذه الحالة يعمل بالإراثتين معا ويقضي القاضي للورثة المذكورين كافة فيها معا[79].
فالقاضي يتعين عليه فحص كل دليل على حدى ثم إجراء مقارنة بين الدليلين وتقرير المتعين في كل دليل على حدى، حيث يساهم الترجيح في الوصول إلى نتيجة مقنعة للقاضي تجعله يتخذ القرار الصائب والحكيم، ولكن فحص هذه الحجج ليس بالأمر اليسير ذلك أنه في كثير من الحالات تتقارب الحجتين في البرهنة على صحة كل دليل مقدم من المتنازعين[80].
ثانيا: دور القاضي في وجوه الترجيح بين الأدلة
إن وسائل الترجيح بين الحجج يبدأ فيها من حيث الشكل لأن كل رسم أو نية حسب القواعد المعمول بها في مجال التوثيق يجب أن تكون قائمة بذاتها ومتوافرة على جميع الشكليات لإنتاج أثرها القانوني، فما كان منها تاما شكلا يكن أرجح مما اختلت بعض شروطه الشكلية، وهنا ما تجدر الإشارة أن من رجحت حجته وقضى لفائدته بالمدعى فيه وجب أن يحلف ردا لدعوى خصمه لأن كل سبب من أسباب الترجيح يعتبر بمثابة شاهد واحد[81].
ومن القرارات التي تستبعد الترجيح قرار عن محكمة الاستئناف بفاس جاء فيه:
“اللفيف الذي يشهد شهوده للمشهود له بحيازة العقار حيازة معتبرة شرعا يكون مجملا إجمالا يسقطه على درجة الاعتبار، والحيازة المعتبرة شرعا ليست واحدة، بل تختلف من عشرة أشهر إلى 10 سنوات إلى 40 سنة، حسب أحوال الترجيح بين الحجج ويكون في الحجج المتساوية في القوة الثبوتية أما إذا كانت هذه الحجج ناقصة على درجة الاعتبار فلا يلجأ إلى الترجيح[82].
خاتمة:
من خلال ما تقدم في العرض، نجد بأن هناك سلطة تقديرية يتمتع بها القاضي على مستوى ترجيح الأدلة في حالة وقوع نزاع وقيام الأطراف المتنازعة بالإدلاء كل بدلائله وحججه، فالقاضي في هذه الحالة يستعمل سلطته التقديرية قصد بلوغ نتيجة مفادها فض النزاع والخروج بحكم يرضي قناعته وكذلك يرضي الأطراف المتخاصمة.
لكن القاضي رغم تمتعه بهذه السلطة التقديرية التي نرى بأنها تشكل مصدر قوة بالنسبة له على أساس ما لها من فعالية في فض المنازعات، إلا أن ذلك لا يمنع من القول بأن هذه السلطة التقديرية لا تزال بحاجة إلى عدة تراكمات على الصعيد القانوني، وكذا نظيره العملي.
والأخذ بإطلاقية هذه الصلاحية الممنوحة للقاضي في استعمال سلطته التقديرية يعني أن هذا الأخير هو الذي يحسم في النزاع من أوله إلى آخر مرحلة فيه، والحال أن القاضي تحكمه النصوص القانونية المؤطرة لصلاحيته كما تحكمه أعراف ومبادئ مهنته ألا وهي تحقيق العدل.
من هذا نجد بأن تمتيع القاضي بسلطة تقديرية أوسع من تلك الممنوحة له سيدفع إلى الوقوع في نوع من التزيد والسيط في إطارها، والقول بالإنقاص أو التقليص منها سيدفع إلى نوع من عدم الحنكة في فض المخاصمات، وبالتالي فالقاضي يجد نفسه أمام مسألتين كل منها أشد خطورة من نظيرتها.
من هذا نقترح ما يلي:
- محاولة صياغة نصوص قانونية أكثر تأطيرا لسلطة القاضي في تقدير أدلة الإثبات
- إعطاء أهمية كبيرة لنظرية الإثبات لما لها من دور فعال في حسم النزاعات
- تدخل المشرع من أجل الحد من النزاعات عن طريق صياغة نصوص صارمة لمسألة الإثبات في شتى ميادينها سواء التجارية، المدنية، الجنائية وغيرها.
لائحة المراجع:
* الكتب:
– عبد العزيز حضري ،المسطرة المدنية،مطبعة طه حسين،طبعة 2012 .
– توفيق حسن فرج، قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية، دون ذكر المطبعة والطبعة.
– أنوار السلطان، قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية – دراسة في القانون المصري واللبناني – الدار الجامعية للنشر، دون ذكر الطبعة، 1984.
– إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، بدون ذكر المطبعة، الطبعة الأولى، 1977.
– محمد يحي مطر، وسائل الإثبات في القضايا المدنية والتجارية، الدار الجامعية،1991.
– يونس حسن فرج، قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، 1980.
– المعطي الجبوجي، القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين الحجج، مطبعة النجاح الجديد، الدار البيضاء، 2002.
– محمد هاشم، القضاء ونظام الإثبات في الفقه الإسلامي والأنظمة الوضعية، مطابع جامعة الملك سعود 1977.
– سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني – أصول الإثبات وإجراءاته – المجلد الثاني، الأدلة المقيدة، دون ذكر المطبعة، الطبعة الرابعة، القاهرة 1999.
– عباس العبودي، شرح أحكام قانون الإثبات المدني دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005.
* الأطاريح والرسائل:
– سليم علي مسلم الوجوب، التعارض والترجيح في طرق الإثبات، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في القضاء الشرعي كلية الدراسات العليا ،الجامعة الأردنية 2006-2007.
– محمد أوزيان، الرقابة القضائية على أدلة الإثبات في المادة المدنية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2004-2005.
– أيور سعيد، دور وسائل الإثبات في حماية الحق، بحث نهاية التمرين للملحقين القضائيين، الفوج 22، 1992-1994، المعهد الوطني للدراسات القضائية، الرباط.
* المقالات:
– سعيد الناوي، مدى رسمية تقرير الخبير في القانون المغربي – تعليق عل حكم ابتدائية فاس بتاريخ 24 فبراير 1999 في الملف عدد 2053/96 – مجلة المناهج – عدد مزدوج 3/4، 2003.
– نور الدين الناصري، مدى ملاءمة واعد الإثبات في ق.ل.ع لوسائل الاتصال الحديثة دوليا ووطنيا، مجلة المحاماة، عدد خاص بالمؤتمر 25 مطبعة فضالة، المحمدية، 2005.
– محمد العربي المريني، الرقابة القضائية على ملاءمة تقدير الأدلة الجنائية، مجلة رسالة الدفاع، عدد 2، يناير 1999.
– الحسين القمري، القيمة القانونية للوثائق الصادرة عن الحاسوب، رسالة الدفاع عدد 4، غشت 2003.
– أحمد الخمليشي، كيف نقرأ ظهير الالتزامات والعقود، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، عدد 7، 1984.
– محمد أوزيان، الرقابة القضائية على أدلة الإثبات في المادة المدنية ،مجلة القضاء المدني، دون ذكر العدد والسنة.
الهوامش :
(*) تم إنجاز هذا العرض من طرف طلبة و طالبات ماستر قانون العقود و العقار بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بوجدة.
[1]– أستاذنا عبد العزيز حضري ،المسطرة المدنية،مطبعة طه حسين،طبعة 2012 ،ص،7.
[2]– محمد أوزيان، الرقابة القضائية على أدلة الإثبات في المادة المدنية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2004-2005، ص: 1.
[3]– ظهير 4 رمضان 1331 الموافق ل 12 غشت 1913، الجريدة الرسمية عدد 46، الملحق 9 صادر بتاريخ 12 غشت 1913، ص: 206
[4]– ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447.بتاريخ 11 رمضان 1394(28 شتنبر 1974)،منشور بالجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر بتاريخ 13 رمضان 1394(30 شتنبر 1974)ص،2742.
[5] – توفيق حسن فرج، قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية، دون ذكر المطبعة والطبعة، ص: 67.
[6] – محمد أوزيان، الرقابة القضائية على أدلة الإثبات في المواد المدنية، مرجع سابق، ص: 28
[7] – أنوار السلطان، قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية – دراسة في القانون المصري واللبناني – الدار الجامعية للنشر، دون ذكر الطبعة، 1984، ص: 39.
[8] – ينص الفصل 418 من ق.ل.ع على أن: “الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.
وتكون رسمية أيضا:
1- الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.
2-. الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها.
[9] – توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص: 68.
[10] – نفس المرجع، نفس الصفحة.
[11] – محمد اوزيان، مرجع سابق، ص: 30.
[12] – قرار استئنافي صادر في الملف المدني عدد 1954/2/03 بتاريخ 13-12-2004 أشار إليه محمد أوزيان، مرجع سابق، ص: 30.
[13] – قرار المجلس الأعلى رقم 7658 صادر بتاريخ 3-12-1997 في الملف المدني عدد 788/1/6/97 منشور بمجلة الإشعاع عدد 24 دجنبر 2001، ص: 136.
[14] – سليم علي مسلم الوجوب، التعارض والترجيح في طرق الإثبات، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في القضاء الشرعي كلية الدراسات العليا ،الجامعة الأردنية 2006-2007، ص: 155.
[15] – إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، بدون ذكر المطبعة، الطبعة الأولى، 1977، ص: 137.
[16] – إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص: 138.
[17] – يراجع في هذا الموضوع محمد يحي مطر، وسائل الإثبات في القضايا المدنية والتجارية، الدار الجامعية ،1991، ص: 280 وما يليها.
[18] – عباس العبودي، شرح أحكام قانون الإثبات المدني دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005، ص: 284.
[19] – محمد يحي مطر، مرجع.سابق، ص: 282.
[20] -نفس المرجع، ص: 212.
[21] – عباس العبودي، مرجع سابق، ص: 281.
[22] – توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص: 124.
[23] – سليم علي مسلم الوجوب، مرجع.سابق، ص: 111.
[24] – المعطي الجبوجي، القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين الحجج، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2002، ص: 24.
[25] – الفصل 405 من ق.ل.ع.
[26] – الفصل 407 من ق.ل.ع.
[27] – إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، مرجع سابق، ص: 167-168.
[28] – المعطي الجبوجي، مرجع سابق، ص: 841.
[29] – إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص: 169.
[30] – الفقرة الأولى من الفصل 414 من ق.ل.ع.
[31] – إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص: 172.
[32] – المعطي الجبوجي، مرجع سابق، ص: 39.
[33] – اليمين في الفقه الإسلامي هي الحلف بالله، وهي كطريق للحكم مشروعة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم “البينة على المدعي واليمين عل من أنكر”.
[34] – محمود محمد هاشم، القضاء ونظام الإثبات في الفقه الإسلامي والأنظمة الوضعية، مطابع جامعة الملك سعود 1977، ص: 364.
[35] – أستاذنا عبد العزيز حضري، المسطرة المدنية، مرجع سابق، ص: 53.
[36] – قرار المجلس الأعلى رقم 126/90 صادر بتاريخ 17 يناير 1990 في الملق المدني 67/86 أورده محمد أوزيان، م.س، ص: 49.
[37] – محمد أوزيان، مرجع سابق، ص: 514.
– ينص الفصل 85 من ق.مالمسطرة المدنية على أنه: “إذا وجه أحد الأطراف اليمين إلى خصمه لإثبات إدعائه أو ردها هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا فإن الخصم يؤدي اليمين في الجلسة بحضور الطرف الآخر أو بعد استدعائه بصفة قانونية.
يؤدي الطرف اليمين بالعبارة الآتية “أقسم بالله العظيم” وتسجل المحكمة تأديته لليمين”
[38] – توفيق حسن فرح، مرجع سابق، ص: 230-231.
وفي نفس الإطار فالمشرع المصري لا يختلف عما جاء في القانون اللبناني إذ جاء في المادة 229/1 من قانون أصول المحاكمات اللبناني: “لا يجوز طلب اليمين الحاسمة إلا بإذن من القاضي”.
[39] – إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص: 177.
[40] – المعطي الجبوجي، مرجع سابق، ص: 131.
[41] – إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص: 179.
[42] – نفس المرجع،نفس الصفحة.
[43] – توفيق حسن فرج، م.رجع سابق، ص: 234.
[44] – سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني – أصول الإثبات وإجراءاته – المجلد الثاني، الأدلة المقيدة، دون ذكر المطبعة، الطبعة الرابعة، القاهرة 1999، ص: 324.
[45] – يونس حسن فرج، قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، 1980، ص: 250.
[46] – الفقرة الثالثة من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية.
[47] – راجع الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية.
[48] – الفقرة الأخيرة من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية.
[49] – محمود محمد هاشم – القضاء ونظام الإثبات في الفقه الإسلامي، والأنظمة الوضعية، عمادة شون المكتبات، جامعة الملك سعود، الرياض، 1988، ص: 336.
[50] – محمود محمد هاشم، مرجع سابق، ص: 336.
[51] – سعيد الناوي، مدى رسمية تقرير الخبير في القانون المغربي – تعليق عل حكم ابتدائية فاس بتاريخ 24 فبراير 1999 في الملف عدد 2053/96 – مجلة المناهج – عدد مزدوج 3/4، 2003، ص: 141.
[52] – يونس حسن فرج، مرجع سابق، ص: 259.
[53] – قرار عدد 981 صادر بتاريخ 2/4/2004 في الملف المدني عدد 1960/1/1/2002 أورده محمد أوزيان، الرقابة القضائية في المادة المدنية- دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص: 59.
[54] – حكم رقم 816 صادر في الملف المدني رقم 201/99 صادر بتاريخ 25-04-2000،اورده محمد أوزيان، نفس المرجع، نفس الصفحة.
[55] – يونس حسن فرج، مرجع سابق، ص: 244.
[56] – سليمان مرقس، مرجع سابق، ص: 310.
[57] – الفقرة الأولى من الفصل 67 من قانون المسطرة المدنية.
[58] – المعطي الجبوجي، مرجع سابق، ص: 149.
[59] – قرار المجلس الأعلى عدد 25 صادر بتاريخ 23 يناير 1980 في الملف المدني رقم 65944 أشار إليه محمد أوزيان، مرجع سابق، ص: 63.
[60] – الفصل 69 من قانون المسطرة المدنية.
[61] – محمد أوزيان، مرجع سابق، ص: 64.
[62] – أنوار سلطان، قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية دراسة في القانونين المصري واللبناني، الدار البيضاء للطباعة والنشر، دون ذكر رقم الطبعة، 1984، ص: 231.
[63] – نقض 24/4/1984 طعن 24 من 16 ق أورده محمد أوزيان، الرقابة القضائية على أدلة الإثبات في المادة المدنية ،مجلة القضاء المدني، دون ذكر العدد والسنة ص: 48.
[64] – نقض 18-11-65 طعن 1105، أورده أنور سلطان، مرجع سابق، ص: 231.
[65] – حكم رقم 96 صادر بتاريخ 29-3-2004 في الملف رقم 18/03 أورده محمد أوزيان، مرجع سابق، ص: 48.
[66] – سليمان مرقس، أصول الإثبات وإجراءاته في المواد المدنية في القانون المصري، مقارنا بتقنيات سائر البلاد العربية، الجزء الثاني، الطبعة الرابعة 1986، دار الجيل للطباع، مصر، ص: 24.
[67] – قرار عدد 135 بتاريخ 26 يناير 1983 في الملف المدني عدد 89985 أورده محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية- الطبعة الأولى 2001، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص: 294
[68] – وهكذا نص الفصل 66 من ق.م.م على أنه: “لا يلزم القاضي بالأخذ برأي الخبير المعين ويبقى له الحق في تعيين أي خبير من أجل استيضاح الجوانب التقنية في النزاع”.
[69] – محمد اوزيان: مرجع سابق، ص: 69، راجع كذلك المعطي الجبوجي، القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بينهما، مرجع سابق، ص: 16.
[70] – محمود محمد هاشم، مرجع سابق، ص: 321-322.
[71] – محمد أوزيان، مرجع سابق، ص: 69.
[72] – نفس المرجع، ص: 70.
[73] – محمد الكشبور، مرجع سابق، ص: 244.
[74] – جاء في قرار محكمة الاستئناف بالناظور: “حيث انه على العكس من ذلك فإن رسم الشراء الذي اودعه طالب التحفيظ بالمحافظة العقارية لتعزيز مطلبه والمضمن بدفتر الأصول 19 عدد 201 بتاريخ 27-7-1989 مجرد من ملكية البائع له، والثابت فقها أن رسوم الأشرية المجردة لا ينتزع بها الملك من يد الحائز، ثم أن رسم الصلح الذي بني عليه رسم الشراء المذكور لا ينص على شروط الملكية، يبقى بالتالي الشراء الذي اعتمد عليه طالب التحفيظ مجردا ويتعين استبعاده خصوصا وانه لا يوجد من بين أوراق الملف ما يفيد أنه حاز ما آل إليه بالشراء المذكور.أورده محمد أوزيان ،الرقابة القضائية على أدلة الإثبات في المادة المدنية،مرجع سابق ص،73.
[75] – قرار 2284 صادر بتاريخ 13/9/1993 في الملف رقم 2810/29 منشور بمجلة قاء المجلس الأعلى عدد 47، ص: 83.
[76] – نص الفصل 414 من قانون الالتزامات والعقود على أنه: “لا يجوز تجزئة الإقرار ضد صاحبه إن كان هذا الإقرار هو الحجة الحدية عليه وتمكن تجزئته:
1- إذا كانت إحدى الوقائع ثابتة بحجة أخرى غير الإقرار.
2- إذا انصب الإقرار على وقائع متميزة ومنفصل بعضها عن البعض.
3- إذا ثبت كذب جزء من الإقرار…”
[77] – جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة ما يلي:”وحيث أن ما تمسك به المستأنف من كن شهوده على الدرجة الأولى قد أكدوا استمرارية عمله غير صحيح على اعتبار أن تصريحاتهم بمحاضر الجلسات لا تفيد ذلك وإنما تؤكد اشتغاله فقط دون تأكيد الاستمرارية في العمل…”.أورده محمد أوزيان مرجع سابق،ص،77.
[78] – محمد اوزيان، مرجع سابق، ص: 79.
[79] – وهذا ما جاء في قرار المجلس الأعلى: “لا مخالفة بين الإراثة التي تشهد كون المطلوب في جملة الهالك، وبين الإراثة التي تدلي بها الطاعنة أرملة الهالك النافية لوجوده ضمن ورثته… فكل سنة شهدت بما في علم شهودها”، قرار 1474 ملف شرعي 2385 صادر بتاريخ 17-12-1985، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 39، أورده الأستاذ المعطي الجبوجي، مرجع سابق، ص: 153.
[80] – أيور سعيد، دور وسائل الإثبات في حماية الحق، بحث نهاية التمرين للملحقين القضائيين، الفوج 22، 1992-1994، المعهد الوطني للدراسات القضائية، الرباط، ص: 55.
[81] – المعطي الجبوجي، مرجع سابق، ص: 153-154.
[82] – قرار عدد 1720 صادر بتاريخ 3 يوليوز 1991 في الملف رقم 2665/86، منشور بمجلة ندوات في حكم فاس، شهادة اللفيف العدلي، العدد الأول، أكتوبر 2003، ص: 171.
تعليقات 0