مجلة مغرب القانونالقانون الخاصدور الأجهزة القضائية في إدارة مسطرة صعوبات المقاولة

دور الأجهزة القضائية في إدارة مسطرة صعوبات المقاولة

  • من إعداد : محمد قدار طالب باحث حاصل على دبلوم ماستر في القانون المدني و الاعمال.

تقديم:

نظرا للطبيعة الخاصة لقضايا صعوبات المقاولة والتي ترتبط بمصالح فردية وجماعية مختلفة، وتميزها بخصائص متنوعة عن القضايا العادية، تتمثل أساسا في إنقاذ المقاولة كوحدة اقتصادية ومن ثمة الحفاظ على جميع المصالح المرتبطة بها، فإنه من المنطقي أن تهيمن الصبغة القضائية على هذه المساطر من بدايتها إلى غاية نهايتها.

حيث تتدخل الأجهزة القضائية المشرفة على مساطر صعوبات المقاولة عبر أليات فرضتها طبيعة وأهداف هذه المساطر كما فرضها أيضا الانسجام الذي يجب ان يحصل بين الوظيفة الاقتصادية للقضاء التجاري مع هذا النوع من القضايا، وهو الامر الذي دفع بالمشرع المغربي إلى خلق هياكل قضائية متخصصة أسند إليها وحدها على سبيل الاستئثار اختصاص البث في مساطر المعالجة.

المبحث الأول: دور الأجهزة القضائية في إدارة مساطر صعوبات المقاولة

لقد تجاوز القضاء مهمته التقليدية المتمثلة في البث في النزاعات بين الافراد، بل أصبح يمتد إلى تقويم المقاولة اقتصاديا وماليا واجتماعيا في أفق إنقاذها وإيجاد السبلوالحلول القمينة بتسوية وضعيتها.

و في سياق تاريخي دخل خلاله المغرب إلى عهد متوج بسلسلة من الإصلاحات القضائية منذ مطلع التسعينات، استهدفت تطوير الهياكل القضائية و أبرزها المحاكم المتخصصة، و التي تندرج ضمنها المحاكم التجارية[1] كأداة للضبط و تحقيق التوازن في قطاع المعاملات التجارية لجعلها قادرة على الاستجابة للأهداف المتوخاة من التدخل القضائي في ميدان المال و الاعمال، و في ميدان صعوبات المقاولة، فالقانون عمل على توزيع الاختصاصات و الصلاحيات بين الأجهزة الداخلية المكونة للمحكمة التجارية (المطلب الأول) و بين محكمة الاستئناف التجارية كجهاز مكمل و مساعد يظل اقل تدخلا في هذه المساطر (المطلب الثاني).

المطلب الأول: المحكمة التجارية كجهاز فاعل والأجهزة المساعدة لها

تعتبر المحكمة التجارية جهازا محوريا وأساسيا في إطار قانون صعوبات المقاولة المغربي، فهي محور المسطرة وهي المسؤولة عن اتخاد كافة القرارات الحاسمة في مساطر المعالجة في إطار تشاركي يجمع بين عدة أجهزة داخلية فرعية داخل المحكمة التجارية المختصة، وذلك إلى جانب رئيس المحكمة كجهاز مشرف على مسطرة الوقاية من الصعوبات وكمساهم في تصحيح أوضاع المقاولات المتعثرة و كذا مؤسسة القاضي المنتدب المكلف بالسهر على السير السريع للمسطرة و حماية المصالح المتواجدة و البث بمقتضى أوامر في الطلبات و المنازعات و المطالب الداخلة في اختصاصه لا سيما الطلبات الاستعجالية و الوقتية و الإجراءات التحفظية المرتبطة بالمسطرة و كذا الشكاوى المقدمة ضد أعمال السنديك[2].

الفقرة الأولى: المحكمة التجارية كجهاز فاعل ومحوري

تعتبر المحكمة التجارية هي المختصة محليا بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة بموجب حكم قضائي، حيث تتمتع في هذا الصدد بصلاحية الفتح التلقائي للمسطرة[3]، و هو ما يجعلها تساهم في تطهير الاقتصاد و تغليب جانب المصلحة العامة في انقاذ المقاولات التي تعاني من الصعوبات، لذلك على المحاكم ان تستوعب هذا الدور المهم الذي تقوم به و المتمثل في الامكانية المخولة لها بالفتح التلقائي لمسطرة المعالجة خاصة في حال تقاعس الدائنين عن استعمال حقهم في تحريك مسطرة المعالجة أو في حالة عدم قيام أصحاب المقاولات و مسيريها بتقديم طلب فتح المسطرة في الاجل القانوني المحدد لذلك[4].

و في هذا الاطار تتمتع المحكمة التجارية التي تبث في طلب فتح المسطرة ضد المدين او المقاولة المدينة بحرية اختيار المسطرة التي تراها مناسبة لوضعية هذه المقاولة، إذ لا تتقيد باتباع الترتيب المتمثل في سلوك مسطرة الوقاية ثم مسطرة المعالجة أو مسطرة التصفية القضائية[5]، كما لا تتقيد بما يطلبه الأطراف، حيث ان المشرع قد خولها بموجب المادة 651 من القانون 17.73 أن تقضي بفتح مسطرة التصفية القضائية إذا تبين لها أن وضعية المقاولة ميؤوس منها و مختلة بشكل لا رجعة فيه، و هو ما يتطلب من هذه المحكمة كجهاز فاعل و متحكم في المسطرة أن تكون مؤهلة بجميع الإمكانيات المادية و البشرية التي تجعلها عند مستوى السلطة التقديرية الواسعة التي منحها إياها المشرع من خلال تحديد نوع المسطرة، حيث تملك الحق في تجاوز طلبات الأطراف و التحكم في الإجراءات التي تعتمدها.

كما تتدخل المحكمة التجارية في إطار الصلاحيات المخولة لها، بالبث في كل النزاعات الناشئة عن فتح مسطرة المعالجة أو المتصلة بها أو التي يقتضي حلها تطبيق مقتضيات قانون صعوبات المقاولة[6]و هي المنازعات الناشئة و المرتبطة بالمسطرة أو التي لا تنشأ إلا بمناسبة إثارتها أو تتعلق بإدارتها أو تخضع إجراءاتها لأحكام المسطرة الجماعية كبطلان التصرفات في فترة الريبة و التصرفات التي يجريها رئيس المقاولة تجاوزا لمبدأ غل اليد و غيرها من الأفعال و التصرفات المرتبطة بمساطر المعالجة.كما تعمل المحكمة التجارية في إطار تدخلها في مساطر صعوبات المقاولة على تعيين الأجهزة التي ستتولى تحت اشرافها مهمة تسيير مسطرة المعالجة المفتوحة، وذلك تحت طائلة بطلان الحكم لخرقه إجراءات جوهرية. حيث تعمل على تعيين كل من القاضي المنتدب[7]والسنديك[8].

فبخصوص مؤسسة القاضي المنتدب، فإن المحكمة تعين في الحكم القاضي بفتح إحدى مسطرتي المعالجة، قاضيا من بين أعضاء هيئتها وتكلفه بالسهر على السير السريع للمسطرة وعلى حماية المصالح المتواجدة وذلك تطبيقا للمادة 672 من قانون صعوبات المقاولة، فيما تعين في نفس الحكم الجهاز المكلف بتسيير عمليات التسوية والتصفية القضائيةوتختاره من بين كتاب ضبط المحكمة أو من الغير عند الاقتضاء[9].

فالمحكمة التجارية المفتوح امامها المسطرة واستنادا إلى تقرير السنديك وبعد الاستماع إلى كافة الأطراف بما فيهم رئيس المقاولة والمراقبين ومندوبي الأجراءوكل شخص يتبين أن أقوالهمفيدة، تقرر حلا نهائيا لحصر مخطط الاستمرارية يرمي إلى استمرارية نشاط المقاولة وإما الى تفويتها، وذلك بموجب حكم قضائي يلزم جميع الأطراف المعنية، بهدف توفير الإمكانات المادية والمعنوية والقانونية والهيكلية لبقاء المقاولة واستمراريتها مع تسوية وضعيتها وسداد خصومها.

و في هذا الصدد يقرر المخطط وقف أو ضم أو تفويت بعض قطاعات النشاط الذي تمارسه المقاولةلأهداف تتعلق باستمراريتها، كما يمكن للمخطط أن يقرر عدم تفويت الأموال دون ترخيص من المحكمة و ذلك لمدة تحددها، كما يمكن للمحكمة في مخطط الاستمرارية إجراء تغييرات على نمط تسيير المقاولة كتعليقاعتماد مخطط الاستمرارية على استبدال مسير أو عدة مسيرين، أو الزيادة في رأس مال المقاولة  او تغيير شكلها القانوني و غرضها و شكل الأسهم و حصص الأرباح و غيرها من مقتضيات النظام الأساسي، كما يحق للمحكمة عندما يتعلق الامر بمخطط التفويت أن تبث في العروض المقدمة للسنديك.

فصلاحيات المحكمة التجارية في إطار صعوبات المقاولة هي صلاحيات قانونية واقتصادية بالإضافة إلى أنها ذات طبيعة تقريرية وليس انشائية، إذ هي غير ملزمة بان تبث وفق ما يطلبه أطراف مساطر المعالجة ولا حتى بالتقرير الذي يعده السنديك أثناء مرحلة إعداد الحل، الامر الذي يمكن القول معه أن القرارات المتخذة من قبلها هي قرارات اقتصادية وتسييرية أكثر منها قانونية.

و من المستجدات التي جاء بها المشرع في إطار القانون 17.73 الذي نسخ الكتاب الخامس من مدونة التجارة، فقد أضيفت مهمة جديدة للمحكمة التجارية تتمثل في مسطرة الإنقاذ، حيث تتولى المحكمة التجارية صاحبة الاختصاص المحلي بالبث في هذه المسطرة بعد تقديم رئيس المقاولة بطلب في الامر و بعد أن تتأكد من الشروط الممهدة لذلك وتحصر مخطط الإنقاذ عند الاقتضاء[10].

الفقرة الثانية: القاضي المنتدب

بمجرد أن تتخذ المحكمة  قراراها بفتح مسطرة المعالجة بعد توفر الشروط الموجبة لذلك، يجب عليها ان تنص في حكمها الفاتح إلى انتداب أحد قضاتها لتولي مهمة الاشراف على المسطرة و مراقبة سيرها و ذلك بالنظر إلى الصعوبات التي يمكن ان تواجهها المحكمة في حالة الإبقاء على مهمة الاشراف بيدها، لان تسيير المسطرة و مراقبتها تتطلب من الجهاز المشرف اتخاذ قرارات آنية بالإضافة إلى تفرغ الجهاز المكلف بهذا الامر لحل مختلف المشاكل التي يمكن ان تقع و تتطلب حلولا سريعة، لذلك تم التفكير في فصل سلطة الحكم عن سلطة المراقبة بوضعها بيد قاض منفرد يمارس مهامه مبدئيا تحت رقابة المحكمة في حدود الصلاحيات المخولة له قانونا، و إن كانت بعض التشريعات المقارنة تجيز الجمع بين مهام قاضي الحكم والقاضي المنتدب[11].وبالرجوع الى مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارية المتعلق بصعوبات المقاولة كما تم نسخه بالقانون 17.73، يتبين أن القاضي المنتدب هو فاعل رئيسي لا يمكن الاستغناء عن خدماته في مساطر المعالجة وتعيينه هو بند إلزامي يتوجب أن يتضمنه حكم المحكمة القاضي بفتح المسطرة وأن إغفال تعيينه في الحكم يجعل من هذا الأخير باطلا[12]وسببا لنقضه، وذلك لان التعيين جبري ومن النظام العام وبدونه تتعطل المسطرة.

وبالنسبة لمسألة تعيين القاضي المنتدب يلاحظ ان هناك غموض على مستوى المشرع، حيث لم ينص عما إذا كان من الضروري تعيينه من بين قضاة المحكمة التجارية الذين ينتمون إلى الهيئة التي أصدرت الحكم القاضي بفتح المسطرة؟ أو جواز تعيينه من بين القضاة الذين ينتمون إلى هيئة الحكم؟فهناك رأي من الفقه[13]يرجح تعيين القاضي المنتدب من بين القضاة الذين يشكلون الهيئة التي حكمت بفتح المسطرة لما في عكس ذلك من بعثرة للجهود وأخطار على الإجراءات وعلى التعاون بين أعضاء المحكمة للسير بالمسطرة إلى نهايتها، أما البعض الآخر من الفقه[14]فيرى أنه من الضروري تعيين القاضي المنتدب من بين قضاة المحكمة التجارية الذين لا ينتمون إلى الهيئة التي أصدرت الحكم القاضي بفتح المسطرة، الامر الذي يجعله محايدا بالنسبة للقرار المتخذ بشأن المقاولة إبان الحكم الذي أخضعها للتسوية القضائية أو التصفية القضائية.

وبالرجوع إلى الاحكام القضائية المغربية في هذا الباب لاحظنا تباينا فيها، فبعض المحاكم تقوم بتعيين القاضي المنتدب من بين الهيئة التي تبث في الدعوى الرامية إلى فتح المسطرة[15]، ومحاكم أخرى تعين هذا الأخير من بين القضاة الذين لا ينتمون إلى الهيئة التي أصدرت الحكم القاضي بفتح المسطرة[16].

 وبما ان المشرع المغربي من خلالي القانونين 15.95 و 17.73 لم يمنع من تعين القاضي المنتدب من خارج هيئة  الحكم كما لم يشترط ضرورة تعيينه من بينها كما كان عليه الامر في ظل قانون التجارة القديم في الجزء المتعلق بالإفلاس[17]، فالمجال إذن يبقى مفتوحا أمام الحالتين معا امام المحكمة، كما لا يشكل الاختيار ضمن الهيئة الحاكمة مساسا بمبدأ الحياد الذي يجب أن يتوفر في القاضي المنتدب لمجرد أنه مشارك في إصدار الحكم القاضي بفتح المسطرة طالما ان مبادئ القضاء الجماعي تجعل الحكم منسوبا إلى المحكمة المتمثلة في الهيئة الجماعية المنفصلة عن أشخاص القضاة المكونين لها. هذا بالإضافة إلى عدم وجود ترابط بين حكم فتح المسطرة وبين مهام القاضي المنتدب إذ لا يملك هذا الأخير أي سلطة لتعديل أو مراجعة الحكم إلى جانب كونه مجرد مفوض من قبل المحكمة لمتابعة الإجراءات ومراقبة سيرها.

وفي هذاالإطار فإن ثمة تساؤل يثار حول سلطة محكمة الاستئناف التجارية في تعيين القاضي المنتدب لا سيما عندما تقرر التصدي للحكم الابتدائي القاضي بفتح المسطرة وإبطاله، فهل تعمل مباشرة على تعيين القاضي المنتدب أم لا بد أن تحيل على محكمة الدرجة الأولى مباشرة لتسمية القاضي المنتدب؟فالنسبة للمشرع المغربي فإنه واضح في هذا الشأن حيث أعطى لمحكمة الدرجة الأولى هذه الصلاحية وذلك على غرار المشرع الفرنسي، اما من حيث العمل القضائي فيلاحظ لا سيما من جانب محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء وحسب التوجه المتواتر في عملها، أنها تقوم بتعيين القاضي المنتدب بعد إبطال الحكم القاضي بفتح المسطرة والتصدي لهوإصدار حكم جديد[18]، وغالبا ما يكون القاضي المنتدب المعين من لدنها هو نفسه القاضي الذي عينته محكمة الدرجة الأولى.

وتجدر الإشارة إلى أنه من بين المستجدات التي جاء بها القانون 17.73 القاضي بنسخ الكتاب الخامس من مدونة التجارة المغربية في هذا الإطار، أنه أعطى للمحكمة أن تعين نائبا للقاضي المنتدب تسند إليه نفس مهام القاضي المنتدب إذا عاق مانع هذا الأخير كما يمنع اسناد هذه المهمة لأصهار رئيس المقاولة ومسيريها إلى جانب الأقارب كما كان منصوص عليه في القانون 15.95 بمثابة مدونة التجارة[19].

وتتمثل وظيفة القاضي المنتدب في الإدارة العامة للمسطرة وهي أحد الأدوار الكلاسيكية التي يلعبها وتتمحور بالأساس حول جانبين أحدهما تحقيقي وإخباري والآخر تنشيطيورقابي[20] ،حيث أن نظام صعوبات المقاولة أضفى صبغة غير مسبوقة على دور القضاء إذ صار هذا الأخير منغمسا في حياة المقاولات وهو ما نتج عنه توسع في سلطات القاضي، فلم يعد قراره يصدر بناء على معطيات قانونية فقط بل أصبح دوره إيجابيا يتعدى حدود الصياغة القانونية البحثة إلى بعد اقتصادي واجتماعي.

ولمزاولة صلاحياته المتعددة، لابد على القاضي المنتدب أن يستند في جل مبادراته على نظام استعلامي فعال يمكنه من الوصول بيسر الى مصادر الاعلام دون التمسك بمبدأ حفظ السر المهني في مواجهته، وفي إدارته لتداول الاعلام في المسطرة تختلف الأوضاع والمراكز التي يتواجد فيها هذا القاضي إزاء الاخبار، فتارة يعلم وتارة أخرىيستعلم،وهو يفرض عليه لضمان الفعالية اللازمة لأدواره المتباينة هذه، ان يربط علاقات مع الجهات التي تشكل مصادرا لإعلامه سواء المرتبطة منها بالمسطرة أو الأجنبية عنها.

الفقرة الثالثة : رئيس المحكمة التجارية

لم تعد وظيفة رئيس المحكمة التجارية تقتصر على البث في النوازل الداخلة في اختصاصه وإصدار الأوامر المتعلقة به كوظيفة تقليدية[21]، فقد أوكله المشرع مهمة أخرى مرتبطة بالحياة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، حيث أصبح مساهما في تصحيح أوضاع المقاولات المتعثرة كجهاز للرصد ومركز للمعلومات المتعلقة بالمقاولات التي تعترضها صعوبات والاشراف على مسطرة الوقاية منها.

وتعتبر مساطر الوقاية الخارجية[22] من صعوبات المقاولة هي المجال الرئيسي لتدخل رئيس المحكمة التجارية، حيث يتم فتح هذه المساطر تحت اشرافه وعن طريقه، فله صلاحية تحريكها بعد إخباره من طرف رئيس المقاولة أو مراقب الحسابات أو أي شريك[23]، كما يمكن له فتح هذه المسطرة تلقائيا كلما تبين له من عقد أو وثيقة أو اجراء أن مقاولة دون أن تكون متوقفة عن الدفع، تعاني من صعوبات قانونية أو اقتصادية أو مالية أو اجتماعية أو لها حاجيات لا يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب إمكانات المقاولة[24].

كما يلعب رئيس المحكمة التجارية دورا مهما في اختيار الوقت المناسب لتدخل المحكمة لفتح مسطرة المعالجة، حيث يقوم في الإطار بتزويد المحكمة والقاضي المنتدب بالمعلومات الضرورية المتوفرة لديه لتسهيل عملية فتح وتسيير مسطرة المعالجة، فإذا اتضح له أن المقاولة هي متوقفة عن الدفع تعين عليه إحالة الملف مباشرة إلى المحكمة لفتح مسطرة المعالجة أو إحالته الى النيابة العامة لتطلب هي بفتح المسطرة، فهو بذلك يقوم بدور غير مباشر في تحريك مسطرة المعالجة.

كما أصبح رئيس المحكمة بموجب القانون 17.73 الذي نسخ الكتاب الخامس من مدونة التجارة، هو الذي يحدد اتعاب الوكيل الخاص أو المصالح في إطار مسطرة الوقاية الخارجية وهو الذي يعاين بمقتضى أمر غير قابل لأي طعن فسخ اتفاق المصالحة وسقوط كل الآجال الممنوحة، كما أنه هو الذي يحدد مبلغ تغطية مصاريف إشهار وتسيير مسطرة الانقاذ[25].

المطلب الثاني : محكمة الاستئناف التجارية

تشكل محكمة الاستئناف التجارية أحد الأجهزة المتدخلة في قانون صعوبات المقاولة رغما أنها لا تمارس قضاء اقتصاديا بالحجم الذي تمارسه المحكمة التجارية، حيث أن تدخل محكمة الدرجة الثانية في مساطر المعالجة هو تدخل لا يقف عند إغناء العمل القضائي التجاري باجتهادات قضائية، وإنما تتولى بعض المهام الخاصة بسير المسطرة والمقاولة.حيث تتدخل محكمة الاستئناف التجارية من خلال النظر في الطعن بالاستئناف، ويعتبر الاستئناف من الطرق العادية للطعن بمقتضاه يخول لمحكمة الاستئناف التجارية النظر في الوقائع والقانون، ويحق ممارسته مبدئيا في ظل اجتهادات قارة وثابتة إلا لمن كان طرفا في الدعوى من رئيس المقاولة المدين ودائن ونيابة عامةوسنديك والغير الخارج عن الخصومة.

مقال قد يهمك :   ناجم تــوفيق: الــمرأة -مــقاربة الــنوع والــتنمية-

وتجدر الإشارة إلى ان المشرع من خلال المستجدات التي جاء بها القانون 17.73 فإنه عمل على تحديد المقررات الصادرة عن محكمة الدرجة الأولى والتي يمكن الطعن فيها بالاستئناف[26] بعدما كان يلف هذا الموضوع غموضا واختلافا على صعيد الممارسة القضائية حيث غالبا ما يلجأ إلى قواعد المسطرة المدنية ما عدا تعرض الخارج عن الخصومة. كما ألزم محكمة الاستئناف التجارية بالبث في الموضوع داخل أجل 15 يوما من تاريخ تقديم الطلب[27]وذلك على خلاف ما كان معمولا به في ظل القانون 15.95 في شقه المتعلق بصعوبات المقاولة قبل ما تم نسخه بالقانون 17.73.

كما يتجسد تدخل محكمة الاستئناف التجارية من خلال النظر في مقررات القاضي المنتدب الخاصة بتحقيق الديون إذا كان الموضوع من اختصاص المحكمة التي فتحت المسطرة، حيث يمكن لمحكمة الاستئناف التجارية إلغاء الامر الصادر عنه، و قبول الاستئناف و الحكم فيه من جديد أو برده  و تأييد الأمر الصادر عنه أو إلغائه جزئيا[28]، و هو اختصاص يمنحها التدخل و التدقيق في الحدود الفاصلة بين اختصاصات الأجهزة المكونة لمحكمة المسطرة خاصة و أن المعايير الفاصلة بين المحكمة التجارية بالمعنى الضيق و القاضي المنتدب غير واضحة في مجال صعوبات المقاولة مما يمكن أن يتسبب في العديد من النزاعات بين هاتين المؤسستين.

و في إطار الحديث عن اختصاص محكمة الاستئناف التجارية بالنسبة للطعن في مقررات القاضي المنتدب الصادرة في مسطرة تحقيق الديون، فقد خصها المشرع بنظام خاص للطعن يقضي بضرورة الطعن داخل أجل 15 يوما من تاريخ الاشعار بالنسبة للدائن و المدين و من تاريخ المقرر بالنسبة للسنديك، و يفتح إمكانية الطعن أمام كل من الدائن و المدين و السنديك باستثناء الدائن الذي وقع نزاع في دينه كله أو بعضه و الذي لم يرد على السنديك داخل الاجل القانوني.

كما يعود لمحكمة الاستئناف النظر في تنازع الاختصاص بين محاكم الدرجة الأولى وكذا في وسيلة الدفع بعدم الاختصاص الذي يتقدم به أطراف الدعوى. فبالرجوع إلى المادة 11 من القانون المحدث للمحاكم التجارية يتبين ان الاختصاص المحلي يعود فيما يخص صعوبات المقاولة للمحكمة التابع لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة، لكن يمكن لمحكمتين تجاريتين أن يقرا باختصاصهما في النظر في دعوى معينة (تنازع إيجابي) أو أنهما معا غير مختصتين للنظر في الدعوى (تنازع سلبي)[29]. و كتطبيق للحالة الثانية يمكن للمحكمة التجارية أن تقرر فتح مسطرة المعالجة بناء على طلب أحد الدائنين و لكون محل المقر الاجتماعي يوجد ضمن دائرة اختصاصها، بينما تقرر المحكمة التجارية لمحل وجود أحد الفروع الكبرى لنفس المقاولة المدينة فتح مسطرة المعالجة بناء على ملتمس للنيابة العامة اعتقادا منها أنها هي المختصة بفتح المسطرة و هو ما يطرح تداخلا في عمل الأجهزة القضائية و يؤثر سلبا على حسن سير مساطر المعالجة

و أمام الفراغ التشريعي سواء في قانون إحداث المحاكم التجارية أو في مدونة التجارة أو في حتى في القانون الجديد 17.73 المتعلق بصعوبات المقاولة، فإنه لابد من الرجوع للمقتضيات العامة المنصوص عليها في الفصول من 388 إلى 390 من قانون المسطرة المدنية، و التي تبين أن نطاق تدخل محكمة الاستئناف التجارية لحل مشكل تنازع الاختصاص ينحصر في حالة محدودة و هي حالة تنازع الاختصاص المكاني بين محاكم تجارية تقع داخل الدائرة الاستئنافية لمحكمة الاستئناف التجارية، أما في حالة وجود تنازع بين محاكم تجارية لا تقع ضمن نفس الدائرة الاستئنافية فإن النظر فيه يعود لمحكمة النقض.

كما يثبت صلاحية البث في طلبات إيقاف التنفيذ المعجل للقرارات و الاحكام الصادرة عن محكمة الدرجة الأولى و المشمولة بالنفاذ المعجل حسب مقتضيات الفصل 761 من القانون 17.73 باستثناء الاحكام المتعلقة بسقوط الاهلية التجارية و التفالس و باقي الجرائم الأخرى، و هو ما يعني أن طرق الطعن العادية و الآجال المتعلقة بها لا يمكن لها إيقاف تنفيذها، إضافة إلى أن المحكمة غير ملزمة بالنص عليه في منطوق حكمها و المتقاضون غير مجبرين كذلك على التماسه في طلبهم، كما لا يجوز تعليقه على كفالة مثل ما هو الحال عليه في النفاذ المعجل بأمر القضاء[30].

ولعل ما يفسر ذلك هو أن القرارات والاحكام الصادرة في مجال صعوبات المقاولة تهدف بالأساس إلى إنقاذ المقاولة وتحقيق الغاية المرجوة من مساطر المعالجة، وهو ما لا يمكن أن يتحقق في ظل الأثر الواقف الذي ينتج عن طرق الطعن العادية، حيث أن الحكم الصادر بفتح لمسطرة المعالجة ينتج آثاره ابتداء من تاريخ صدوره دون أن يتوقف ذلك على إتمام إجراءات النشر والتبليغ المنصوص عليها في القانون ودون أن يحوز الحكم قوة الشيء المقضي به وهو على خلاف ما تنص عليه القواعد العامة التي تحكم التنفيذ العادي للأحكام.

المبحث الثاني : دور النيابة العامة لدى المحاكم التجارية

مما لا شك فيه أن موضوع دور النيابة العامة لدى المحاكم التجارية قد أخد حيزا كبيرا من النقاش و الدراسة من لدن الباحثين و المهتمين بالحقل القانوني الممارسين منهم و غير الممارسين،   و لعل السبب يعزى في ذلك إلى القانون المحدث للمحاكم التجارية و التنظيم القضائي للمملكة،فكلاهما لم يخصصا لدور النيابة العامة لدى المحاكم التجارية الكم الضروري و الكافي من الفصول القانونية فيما يتعلق بمهامها و اختصاصاتها على غرار ما خصصاه للقضاء الواقف لدى نفس المحاكم أو على غرار ما فعلاه مع نفس الجهاز لدى المحاكم العادية. فكان من نتيجة هذا الفراغ تباين وغموض في الرأي والرؤيا واختلاف العمل بين هذه النيابة وتلك نظرا الى عدم التدقيق والتفصيل في الاختصاصات بما يميزها عن جهاز النيابة العامة لدى القضاء الزجري[31].فقصور المواد المنظمة لهذه المؤسسة وتحديد اختصاصاتها في التشريع المغربي، جعل الموضوع يطرح أكثر من تساؤل يتمحور حول حقيقة تواجد جهاز النيابة العامة بالمحاكم التجارية وحدود اختصاصاتها من جهة، وعدم احالة قانون المحاكم التجارية على قانون المسطرة الجنائية وإحداث غرفة جنحية لديها من جهة ثانية[32].وبالنظر الى طبيعة عملها داخل هذه المحاكم فإنه ثمة سؤال يثار مؤداه هل يقتصر دورها على مجرد تقديم مستنتجاتها الكتابية أو المشاركة والحضور في الجلسات؟ وهل هي طرف رئيسي او طرف منظم[33] ؟

ومهما يكن من تساؤلات وإشكالات مثارة[34] ، فإن تواجد جهاز النيابة العامة لدى المحاكم التجارية له أساسه القانوني وذلك بموجب المادة الثانية من القانون 53.95 القاضي بأحداث المحاكم التجارية[35]وذلك على خلاف المشرع الفرنسي الذي لم يجعل هذا الجهاز ضمن تركيبة المحاكم التجارية الفرنسية.

وأول ما يلاحظ على القانون 53.95 المحدث للمحاكم التجارية انه لم يمنح لجهاز النيابة العامة الاختصاص للبث في القضايا الجنائية المنصوص عليها بمقتضى مدونة التجارة وغيرها بنص صريح، مما يستفاد منه استبعاد تطبيق مقتضيات المسطرة الجنائية[36]والاقتصار على ما له طابع مدني صرف من الناحية المسطرية وذلك إعمالا لمقتضيات وإجراءات المسطرةالمدنية.وبالرجوع إلى النصوص القانونية فليس هناك أي مقتضى قانوني صريح ينص على ان النيابة العامة لدى المحاكم التجارية تعتبر طرفا رئيسيا في قضية معينة او في أخرى، كما ليس هناك أي نص يحدد بدقة الحالة والشروط التي من شأن توفرها ان تكون النيابة طرفا أصليا.

و لعل ما فرض هذا التحول في طبيعة دور النيابة العامة مرده بالخصوص الى اتساع مفهوم و نطاق فكرة النظام العام ليشمل جوانب اجتماعية و اخرى اقتصادية فبرز بذلك إلى الوجود مصطلح النظام العام الاقتصادي و الاجتماعي للتسيير[37]القائم على تشجيع الاستثمار و دعم النشاط الاقتصادي و الوقاية من صعوبات المقاولة، حيث يعتبر اصدار المشرع المغربي لقانون معالجة صعوبات المقاولة ترجمة فعلية و حية للتحول الذي عرفه دور النيابة العامة من مجرد حارس للمشروعية القانونية كدور تقليدي  الى دور جديد أكثر فعالية و قوة بصفتها كمتدخل اساسي في مساطر صعوبات المقاولة و كجهاز مشارك للمحكمة في إدارة و تسيير هذه المساطر.

و في هذا الصدد فإن ارتباط المصلحة العامة بالنظام العام الاقتصادي قد أدى إلى عمل النيابة العامة امام المحاكم التجارية وفق تصور ومفهوم جديد يتعدى مجرد تبليغها بالمساطر الجماعية للقيام بدورها في الردع  الزجري الخاص بالتفالس و الجرائم الاخرى المرتبطة به، ليصبح دورا تدخليا و مشاركا في المساطر الجماعية من زاوية مفهوم المصلحة العامة، و هو نفس الاتجاه الذي تبناه المشرع الفرنسي حيث عمل على توسيع صلاحيات النيابة العامة في مساطر المعالجة من صعوبات المقاولة و منحها صلاحيات رقابية و تدبيرية سواء بصفة قطعية أو كمشاركة مع أجهزة أخرى.[38]

المطلب الأول: دور النيابة العامة لدى المحاكم التجارية قبل افتتاح مسطرة المعالجة

تحتل النيابة العامة مركزا متميزا داخل جهاز المحكمة باعتبارها ذات صلة وثيقة بجميع أجهزة المحكمة الاخرى، مما يجعلها على دراية بجميع المعطيات التي تهم وضعية المقاولة و كذلك باعتبارها ملمة بجميع مصادر المعلومات المتمثلة في المعنيين بمصير المقاولة، إضافة إلى توفرها على كافة المعلومات حول دورة الحياة الاقتصادية في دائرة نفوذها، مما يؤهلها لان تلعب دورا اساسيا كمصدر للمعلومات يعكس الصورة الحقيقية للوضعية الاقتصادية بصفة عامة، و الوضعية المالية و الاجتماعية للمقاولة بصفة خاصة باعتبارها الجهاز المكلف و الساهر على حماية المصلحة العامة.

وتجسيدا لذلكولارتباط مساطر المعالجة من صعوبات المقاولة بالنظام العام، اعطى المشرع المغربي للنيابة العامة صلاحية تحريك مسطرة التسوية القضائية التي تهدف الى تصحيح مسار المقاولة التي تعتبر وضعيتها غير مختلة بشكل لا رجعة فيه وإلى تصفية تلك التي أصبحت مختلة بشكل لا رجعة فيه. وعليه، فإنه يثور التساؤل التالي: ما هو الدور الذي تلعبه النيابة العامة كجهاز مساعد لباقي الاجهزة المسؤولة عن معالجة صعوبات المقاولة؟وما هي الصلاحيات التي خولها اياها المشرع؟

الفقرة الأولى: النيابة العامة وحماية النظام العام الاقتصادي

يعتبر جهاز النيابة العامة جزءا لا يتجزأ من المحاكم التجارية ومن اهم أجهزتها، وهو ما يجعلها الاكثر إلماما بجميع المعطيات الخاصة بوضعية المقاولات الموجودة بدائرة نفوذها.و في هذا الاطار يعطي القانون[39] للنيابة العامة الحق في طلب مختلف المعلومات عن طريق الاطلاع على الملفات المعروضة على المحكمة، كما فرض المشرع إطلاع النيابة العامة على القضايا الرائجة إما وجوبا او جوازا، و ذلك من أجل الادلاء فيها بمستنتجاتها عند الاقتضاء، و هو المقتضى الذي يخول للنيابة العامة إمكانية جمع معطيات كافية بخصوص الحياة الاقتصادية في دائرة اختصاصها عامة و ما يتعلق بصعوبات المقاولة بصفة خاصة، من خلال الاطلاع على محاضر الاحتجاج بعدم الدفع المقدمة في مواجهتها أو من خلال طلبات الامر بالأداء الموجهة ضدها.

كما أنه يمكن للنيابة العامة عن طريق السجلات التجارية الوقوف على الوضعية المالية الحقيقية لمعظم المقاولات عن طريق تبادل المعلومات و فتح قناة الاتصال بين النيابة العامة و بين رئيس المحكمة التجارية تطبيقا لمقتضيات للمادة 11 من المرسوم المؤرخ في 18/01/1997 بشأن تطبيق الباب الثاني (المتعلق بالسجل التجاري) من الكتاب الاول من مدونة التجارة الذي جاء فيه :” إذا افترض رئيس المحكمة أو القاضي المكلف بمراقبة السجل التجاري أن تصريحا يقع تحت طائلة المادة 65 من القانون 15.95 وجب عليه ان يبلغ ذلك إلى النيابة العامة”.

و في هذا الصدد، و من خلال التنسيق بين جهاز النيابة العامة و رئيس المحكمة التجارية يخلق تعاون بين الجهازين، عن طريق تبادل المعلومات اثناء مسطرة الوقاية الخارجية التي يشرف عليها رئيس المحكمة التجارية، بالرغم من أن مساطر الوقاية لا تتضمن اي مقتضى يتعلق بدور النيابة العامة اثناء هذه المرحلة حيث لا يمكن لها ان تطلب من رئيس المحكمة تعيين المصالح او التدخل في إطار اتفاق المصالحة و ذلك خلافا للمشرع الفرنسي[40]الذي ألزم وجوب إعلام النيابة العامة بذلك و على ضرورة تلقيها اخبارا بقرار الخبرة في حالة ما إذا تم إنجازه[41].

و بالرغم من عدم وجود نص قانوني ينص على دور النيابة العامة في مرحلة الوقاية الخارجية من الصعوبات، فإن ذلك لا يمنع من تدخل هذا الجهاز في إطار التعاون بهدف خدمة مصالح المقاولة خاصة ان هذه المساطر يطبع عليها الطابع الحواري أكثر منه القضائي، حيث  يمكن للنيابة العامة ان تزود رئيس المحكمة بمعلومات دقيقة حول وضعية المقاولة من الناحية المالية و كذا حول وضعية مسيريها مما يكون لديه الصورة الحقيقية و قد يعفيه في بعض الاحيان من إضاعة الوقت في مساطر الوقاية الخارجية و الانتقال مباشرة الى مسطرة التسوية القضائية.

و في نفس الاطار تستطيع النيابة العامة لعب دور اساسي في إنقاذ المقاولة و الذي يتمثل في نقل المعلومات التي يتم تبليغها من طرف الاطراف الذين تربطهم علاقة بالمقاولة و مصيرها، و ذلك في حالة تقاعس رئيسها مثلا عن القيام بواجبه في الاشعار بجميع الوقائع التي من شأنها الاخلال باستمرارية  نشاط المقاولة ، حيث يمكن لممثلي الاجراء إخبار النيابة العامة بكل واقعة من شأنها أن تثبت التوقف عن الدفع، ليؤسس كشرط لفتح مسطرة السوية القضائية، و هو نفس موقف المشرع الفرنسي[42] الذي نص صراحة على صلاحية لجنة المقاولة أو مندوب العمال القيام بإخبار رئيس المحكمة أو وكيل الجمهورية بكل الوقائع التي تفيد التوقف عن الدفع، و هذه الامكانية هي مفتوحة أيضا لكل الأغيار الذين ليست لهم الصفة لطلب فتح مسطرة المعالجة ، ولكل العموم أيضا الذين يهمهم شأن الصالح العام[43] .

وفي هذا الباب فالانفصال الوظيفي والشكلي بين النيابة العامة في المحاكم التجارية والنيابة العامة في المحاكم العادية يعتبر من المعيقات التي تحول دون وصول العديد من المعلومات للنيابة العامة بالمحاكم التجارية ، حيث لا يجوز لأية واحدة منهما أن تحل محل الأخرى آو تتعدى على اختصاصها[44] وهو ما يعني غياب الارتباط العضوي بينهما وبالتالي غياب اطلاع النيابة العامة بالمحاكم التجارية على المساطر القضائية الجنائية ، مما يؤدي الى عدم تبادل المعلومات بخصوص المخالفات والجرائم وهو ما يمنع النيابة العامة في المحاكم التجارية من القيام بدورها الأساسي في خدمة مسطرة صعوبات المقاولة،  ومن تم حماية مصلحة المقاولة. فالنيابة العامة تعتمد في الحصول على المعلومات على ما تتضمنه محاضر الضابطة القضائية ومحاضر التحقيق والأحكام القضائية الجنائية كذلك ، ومن خلال التدخل الانضمامي لهذه الأخيرة في القضايا الرائجة أمام المحكمة حسب القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية ، إما عن طريق الملفات التي تحال عليها من المحكمة أو عن طريق الاطلاع عليها بناء على طلب منها بهدف تقديم مستنتجاتها ، مما يخول لها الاطلاع على مختلف القضايا .

لذلك على النيابة العامة من جهة سواء بالمحاكم التجارية أو بالمحاكم الابتدائية أو بمحاكم الاستئناف خلق روابط التعاون المهني بينها لخدمة حسن سير العدالة، وبينها وبين المحكمة من جهة أخرى، وذلك لتسهيل التواصل وتداول المعلومات على شكل شبكة منظمة من العلاقات تجمع بينهم.

الفقرة الثانية: النيابة العامة وطلب فتح مسطرة المعالجة

منح المشرع[45] النيابة العامة صلاحية فتح مسطرة المعالجة القضائية لفائدتها، وذلك بناء على طلب من وكيل الملك لدى المحكمة التجارية إن توافرت شروطها وهو نفس موقف المشرع الفرنسي[46]حيث خول فتح مسطرة المعالجة القضائية لوكيل الجمهورية بفرنسا كما منحه أيضا حق التماس نقل المسطرة إلى محكمة أخرى إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك[47]، وهو ما يشير الى نية المشرع المتجلية في كون مصير المقاولة أصبح يعد من المصلحة العامة وبالتالي يهم المجتمع ككل، فلم تعد مسألة بقاء المقاولة واستمراريتها تهم فقط الدائن والمدين.

وفي هذا الإطار يمكن للنيابة العامة طلب افتتاح المسطرة في جميع الحالات التي تعاني  فيها المقاولة من صعوبات وتتوقف عن الأداء، مع العلم أن المشرع لم يحدد بشكل واضح الحالات التي يحق فيها للنيابة العامة طلب فتح مسطرة المعالجة، وبالتالي يمكن تحديد هذه الحالات من خلال الإمكانية المخولة لوكيل الملك بطلب فتح المسطرة حتى في الحالة التي يكون فيها ذلك من حق الدائن[48]، وذلك باعتباره يملك جميع وسائل البحث والتحري التي تؤهله للحصول على مختلف المعطيات الخاصة بوضعية المقاولة، عن طريق الإشعار والتبليغ بأن مقاولة ما تعاني من صعوبات وليس بمقدورها سداد  الديون المستحقة عند الحلول .

مقال قد يهمك :   مقال التدخل أمام محكمة النقض : شروطه و نطاقه

وفي نفس هذا السياق وبالرجوع إلى مدونة التجارة ، فالحالات التي يمكن فيها للنيابة العامة طلب فتح  مسطرة المعالجة تتمثل في الحالة التي يحق فيها للدائن أن يطلب فتح المسطرة بناء على توقف المقاولة عن الدفع كيفما كانت طبيعة الدين مدنيا أو تجاريا، وفي حالة عدم تنفيذ الالتزامات المالية المبرمة في إطار اتفاق المصالحة، كما أن النيابة العامة من حقها طلب فتح مسطرة التصفية القضائية إذا اتضح لها أن وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه، هذا بالإضافة إلى أن هناك من الفقه من يضيف الحالة التي يحق فيها للدائن طلب فتح مسطرة التصفية القضائية لعدم تنفيذ المقاولة لالتزاماتها المحددة في مخطط الاستمرارية[49] حيث تقضي المحكمة في هذه الحالة بفسخ المخطط وإعلان التصفية القضائية.

وفي إطار الحالات المشار إليها أعلاه، فالنيابة العامة تتقدم بطلب فتح المسطرة باعتبارها طرفا رئيسيا في الخصومة وهي تملك كافة الحقوق وتتحمل جميع الالتزامات المنصوص عليها في القواعد المسطرية العامة التي تنظم العلاقة بين أطراف الدعوى ، حيث يجب عليها الحضور حتميا بقوة القانون وعليها أيضا أن تؤسس طلباتها تأسيسا قانونيا معززا بسائر الحجج والبراهين[50]، إضافة الى أن النيابة العامة لا تملك حق الاستفادة من الامتياز المخول لها والذي يعطيها الحق في التدخل في الجلسة كآخر طرف يتكلم دون إمكانية التعقيب عليه من قبل باقي الأطراف حيث يطبق عليها نفس القواعد المطبقة على الخصوم[51].

كما أنها لا تتوفر على الحق في القيام بطلب تمديد المسطرة الى مسيري المقاولة ، حيث إن المشرع لم ينص على هذه الإمكانية مما يعني أن النيابة العامة لا تتوفر على الأساس القانوني للقيام بذلك[52] ، كما أن هذه الأخيرة لا يمكنها طلب وقف المقاولة عن مزاولة نشاطها جزئيا أو كليا أثناء الفترة الانتقالية وطلب إخضاعها للتصفية القضائية[53] ، لأن هذه الإمكانية مخولة فقط للمحكمة تلقائيا – بناء على تقرير القاضي المنتدبوللسنديك وللمراقب ولرئيس المقاولة وفي مقابل ذلك فالنيابة العامة تملك حق الطعن في الحكم بعد أن تبلغ تبليغا قانونيا[54]، كما خولها القانون[55]  كذلك حق طلب سقوط الأهلية التجارية .وتطبيقا لذلك فالنيابة العامة عندما تحرك المسطرة كما هو الشأن عند وضع اليد التلقائي على المسطرة من طرف المحكمة، لا يجوز لها البث في طلب فتح المسطرة إلا بعد الاستماع لرئيس المقاولة أو باستدعائه قانونيا للمثول أمام غرفة المشورة، وأما في الحالة التي تعتبر فيها النيابة العامة مدعية في طلب فتح المسطرة فتأخذ هذه الأخيرة الكلمة أولا فيقوم المدعى عليه بالتعقيب ثانيا، وذلك بعد استدعائه من طرف المحكمة مع إرفاق الاستدعاء بنسخة من عريضة وكيل الملك وإعلام النيابة العامة بتاريخ الجلسة[56] .

وأهم ما يميز المسطرة التي تعتمدها النيابة العامة عن المسطرة التي سلكها المدين ،هو أن حق النيابة في طلب فتح المسطرة لا يتقيد بأي أجل حيث أنه يظل مستمرا ما دامت حالة التوقف عن الدفع مستمرة ما لم تتقادم الديون، في حين أن رئيس المقاولة لا يمكن له طلب فتح مسطرة المعالجة إذا تجاوز الأجل المحدد لذلك وهو 30 يوما تلي يوم توقفه عن الدفع[57] ، غير أن وكيل الملك يتقيد هو الآخر بأجل السنة من تاريخ الاعتزال أو الستة أشهر من تاريخ الوفاة إذا تعلق الأمر بطلب فتح المسطرة ضد  التاجر المعتزل أو المتوفى إذا كان التوقف عن الدفع سابقا للوفاة أو الاعتزال و كذلك أجل السنة بالنسبة للشريك المتضامن المعتزل عندما يكون توقف الشركة عن الدفع سابقا لهذا الاعتزال[58].

كما أن المسطرة التي يسلكها وكيل الملك تختلف عن تلك التي يخضع لها الدائن حيث أن هذا الأخير يمارس حقه في تحريك مسطرة المعالجة بناء على مقال افتتاحي للدعوى تطبق عليه المسطرة التجارية واحتياطيا يخضع للمسطرة المدنية[59]، أما فيما يتعلق بوكيل الملك فيمارس حقه في تحريك المسطرة بناء على طلب لفتحها يتضمن الوقائع المبررة للملتمسات الواردة فيه[60]، ولعل ما يفسر ذلك هو كون النيابة العامة في إطار ممارستها لهذه الصلاحية تحقق المصلحة العامة أما الدائن فيلجا إلى هذه المسطرة تحقيقا لمصلحته الخاصة.

وتجدر الإشارة إلى إن قانون معالجة صعوبات المقاولة يعطي الكلمة الفصل للسلطة القضائية ،حيث بالرغم من تقديم النيابة العامة للطلب فإن المحكمة ليست ملزمة في جميع  الأحوال بإتباع ما ورد بمذكرة النيابة العامة[61]، فهذه الأخيرة من واجبها الإدلاء بالحجج والبراهين وتبقى للمحكمة سلطة التقدير، فللمحكمة الإمكانية التلقائية لفتحها في الوقت الذي خول فيه القانون للنيابة العامة إمكانية طلب فتح المسطرة ، حيث تملك هذه الأخيرة فقط حق التقدم بالطلب ويبقى للمحكمة حق الاستجابة أو حق الرفض أو الحق في وضع يدها مباشرة على المسطرة .

وبالنسبة للنيابة العامة التي يعود لها حق تحريك المسطرة فهي النيابة العامة لدى المحكمة التجارية الواقع في دائرتها مقر المؤسسة الرئيسية للتاجر المتوقف عن الدفع أو المقر الاجتماعي للشركة أو للمجموعة ذات النفع الاقتصادي المتوقفة عن الدفع ، إلا أنه يمكن للنيابة العامة بباقي المحاكم التجارية وبالمحاكم الابتدائية والاستئنافية أن تساهم بشكل غير مباشر في تحريك مسطرة المعالجة من خلال إخبار النيابة العامة بالمحكمة التجارية المختصة بأن المدين في الأوراق التجارية المعد بشأنها الاحتجاج  بعدم الوفاء يوجد في حالة توقف عن دفع ديونه[62]،مما يحرك النيابة المختصة ويجعلها تطلب فتح المسطرة المعالجة . وتعتبر هذه الإمكانية المخولة للنيابة العامة في طلب فتح مسطرة المعالجة وسيلة تدخلية لحماية النظام العام الاقتصادي ومراقبة سير الحركة الاقتصادية والمالية، ومصدر إخباري مهم يمكن المحكمة من التدخل لإنقاذ المقاولات التي تعاني من الصعوبات في الوقت المناسب[63] .

 على خلاف ما تقوم به النيابة العامة في فرنسا حيث تستعمل حقها في تحريك المسطرة بطريق غير مباشر، فرغم اتصال الدائنين بها لإخبارها بعدم توصلهم بديونهم أو إخبارها من طرف مراقب الحسابات أو ممثل الأجراء باختلالات معينة في وضعية المقاولة تقوم غالبا النيابة العامة بنقل هذه المعلومات إلى رئيس المحكمة لتفتتح المسطرة من طرف المحكمة تلقائيا[64].

المطلب الثاني: دور النيابة العامة بعد افتتاح مسطرة المعالجة

يعتبر الدور الذي تلعبه النيابة العامة في طلب فتح مسطرة المعالجة من أهم الأدوار التي تقوم بها في إطار قانون معالجة صعوبات المقاولة ، باعتبار الحق الذي خوله لها المشرع في مسطرة المعالجة وسيلة لحماية النظام الاقتصادي ومراقبة سير الحركة الاقتصادية والمالية ، كما يشكل تدخل النيابة العامة في هذا الإطار مصدر إخباري يمكن المحكمة من التدخل وإنقاذ المقاولات التي تعاني من الصعوبات في نفس الوقت المناسب، باعتبار بقاء المقاولة واستمراريتها من النظام العام ويخدم المصلحة العامة الاقتصادية والاجتماعية ، وهو ما يزيد تدخل النيابة العامة في تحريك مسطرة المعالجة أهمية من جهة ، ويشكل مؤشرا قويا على تطور الأدوار المنوطة بالنيابة العامة كجهاز مساهم في الدور القضائي الجديد من جهة أخرى . وبالنظر إلى أهمية دور النيابة في مرحلة تحريك مسطرة معالجة صعوبة المقاولة يتضح محدودية الدور الذي تلعبه في تسيير المسطرة، حيث لا تتمتع النيابة العامة بصلاحيات حقيقية تجعلها طرفا فاعلا وأساسيا في المشاركة في تسيير المسطرة.

الفقرة الأولى: طبيعة دور النيابة العامة بعد انطلاق مسطرة المعالجة

تلعب النيابة العامة أثناء سير مسطرة المعالجة دورا إخباريا اتجاه باقي أجهزة المسطرة حيث جاء في القانون 17.73 ما يلي: ” يطلع وكيل الملك القاضي المنتدب بناء على طلب هذا الأخير أو تلقائيا على الرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة على جميع المعلومات المتوفرة لديه والتي يمكن أن تكون مفيدة في المسطرة”، حيث أكد المشرع على كون النيابة العامة مركز لتجميع المعلومات والمعطيات الكفيلة بمساعدة باقي الأجهزة المتدخلة في المسطرة[65]. وفي هذا الإطار فالدور الاخباري الذي تقوم به النيابة العامة كجامعة للمعلومات ومنظمة لتداولها من جهاز لآخر هو دور يشهد له بالأهمية والتأثير في مصير المقاولة، حيث تشكل المعلومات التي توفرها النيابة العامة نقطا دقيقة تساعد على إعداد وحصر مخطط إنقاذ المقاولة، إلا أن هذا الدور ورغم أهميته يظل لا يرقى إلى مستوى التدخل الذي كان يجب أن يسمح به القانون للنيابة العامة في مسطرة معالجة صعوبات المقاولة.

فالمشرع المغربي رغم التعديل الذي لحق قانون صعوبات المقاولة سنة 2018 لم يمنح لهذه الأخيرة أي دور رقابي أثناء انطلاق مسطرة المعالجة، حيث لا تملك النيابة العامة الحق في طلب وقف نشاط المقاولة اثناء الفترة الانتقالية و إخضاعها للتصفية القضائية إذا توفرت لديها معلومات تدل على كون وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه، و هي صلاحية أعطاها المشرع إضافة للمحكمة إلى كل من السنديك والمراقب ورئيس المقاولة[66]، وذلك على خلاف نظيره الفرنسي[67]الذي منح النيابة العامة صلاحيات رقابية جد مهمة خاصة بمراقبة مساعدي القضاء ومسيري المقاولة، حيث تملك في هذا الاطار الحق في طلب استبدالهم وتغيير مهامهم[68]. كما أعطى القانون الفرنسي للنيابة العامة الحق في طلب فسخ مخطط الاستمرارية في حالة عدم تنفيذ الالتزامات الواردة فيه في إطار مرحلة تنفيذ المخطط، فيما لم تمنح النيابة العامة بالمحاكم التجارية المغربية هذه الصلاحية رغم التعديل الأخير.

وعلى خلاف ذلك ، فالنيابة العامة في ظل القانون المغربي  لا تملك حق طلب استمرار نشاط المقاولة باستثناء حالة واحدة نصت عليها مدونة التجارة وهي حالة المقاولة الخاضعة للتصفية القضائية اذا اقتضت المصلحة العامة او مصلحة الدائنين ذلك، حيث جاء في المادة 652 من القانون 17.73 ما يلي: ” إذا اقتضت المصلحة العامة او مصلحة الدائنين استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية القضائية، جاز للمحكمة ان تأذن بذلك لمدة تحددها إما تلقائيا او بطلب من السنديك أو وكيل الملك “، كما أن النيابة العامة أًصبح بإمكانها بمقتضى القانون 17.73 طلب إخضاع المسيرين للعقوبات المدنية والاقتصادية بالإضافة إلى طلب سقوط الأهلية التجارية لأحدهم وذلك اقتداء بالمشرع الفرنسي الذي أعطى للنيابة العامة الحق في طلب إجراء تدابير الإفلاس الشخصي في حق احد المسيرين او أن يتحمل جزءا من خصوم للمقاولة[69].

وهناك من يرى ان الأمر يرجع فيما ينص تقليص المشرع المغربي لدور النيابة العامة أثناء تسيير مساطر صعوبات المقاولة إلى “روح المفاهيم السائدة أواخر التسعينات وبداية الألفية الثالثة والمتميزة بتقليص نفوذ الدولة في قانون الاعمال عموما والتخفيف من دور الدولة في الميدان الاقتصادي”[70]. حيث أن تقليص دور النيابة العامة في مجال مساطر المعالجة في القانون المغربي لا يتلاءم وتضخيم الوجود القانوني والجسدي للنيابة العامة بالمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية، فالتواجد الدائم للنيابة العامة بهذه المحاكم يعطي انطباعا مخالفا وعكسيا لما ترغب فيه الدولة من تقليص مجال تدخلها في ميدان الأعمال بواسطة أداتها النيابة العامة، ومن تشجيع للتجار والمستثمرين الخواص على ولوج قضاء أرحب دون توجس او خوف. فرغبة الدولة في هذا المجال يمكن ملامستها من خلال الروح التي تطبع مدونة التجارة والتي تميل إلى تقليص دور النيابة العامة في مساطر صعوبات المقاولة إلى حدودها الدنيا.

ورغم أن الدور التدخلي للنيابة العامة بعد انطلاق مسطرة معالجة صعوبات المقاولة يظل محدودا إلا أنها تتدخل كطرف منضم في جميع القضايا التي يفرض القانون تبليغها إليها، وأهمها: القضايا المتعلقة بالنظام العام ونقصد به النظام العام الاقتصادي والاجتماعي، فالغاية من تدخل النيابة العامة في هذا السياق هي حماية الاقتصاد الوطني او الجهوي أو المحلي والعمل على استمرارية المقاولات والحفاظ على مناصب الشغل، وبما أن قضايا صعوبات المقاولة من النظام العام فإن المحكمة من واجبها إبلاغ النيابة العامة عندما لا تكون طرفا أصليا ، وذلك في الأحوال التي ينص عليها القانون.

فإذا لم تستعمل النيابة العامة مثلا حقها في طلب فتح المسطرة وتم تقديم الطلب من طرف أحد الدائنين، وجب إبلاغ الملف للنيابة العامة لتقديم مستنتجاتها، وهي الحالة التي تسمى في فقه المسطرة المدنية بالتدخل الانضمامي الإجباري للنيابة العامة عند النظر في قضية كان بالإمكان أن تكون النيابة العامة طرفا أصليا فيها، أو لم يسمح لها القانون أن تكون طرفا أصليا فيها، كما يجب إبلاغ النيابة العامة بمقتضى القانون بالقضايا التي تمس جانبا من جوانب مساطر معالجة صعوبات المقاولة، وهي القضايا المتعلقة بعدم الاختصاص النوعي والقضايا المتعلقة بتنازع الاختصاص، حيث يعتبر دعوة النيابة العامة بمثابة رأي استشاري يشار إليه في حكم المحكمة تحت طائلة البطلان، ويتم تبليغ النيابة العامة في هذه الحالات بالحضور قبل الجلسة بثلاثة ايام على الأقل بواسطة كتابة الضبط، إلا أنه يمكن أن يتم هذا التبليغ أمام المحكمة في الجلسة المدرجة فيها القضية، ويمكن للنيابة العامة في هذه الحالة الأخيرة أن تطلب تأخير القضية إلى أقرب جلسة لتقديم مستنتجاتها، ويجب على المحكمة الاستجابة لهذا الملتمس[71].

وبالإضافة إلى حالة الانضمام الإجباري للنيابة العامة المشار إليها سابقا نجد إمكانية تدخل النيابة العامة اختياريا وهو ما يطلق عليه الانضمام الاختياري[72]، وهي تقنية يتم تدخل النيابة العامة من خلالها في الحالات التي لا يوجب القانون اطلاعها عليها، وفي هذه الحالة تأتي المبادرة هنا إما من المحكمة حيث تأمر تلقائيا باطلاع النيابة العامة على الملف أو في الحالة التي تطلب النيابة العامة الاطلاع على أي ملف ترى أن تدخلها فيه ضروري، وفي الحالتين يجب أن يشار في الحكم إلى ايداع مستنتجات النيابة العامة أو تلاوتها في الجلسة وإلا كان الحكم باطلا.

وتعتبر طرق التدخل هذه الخاصة بالنيابة العامة تقنيات تدخلية هامة توفرها القواعد العامة أثناء سير مسطرة المعالجة، تهدف إلى مساعدة المحكمة في اداء مهامها المتجسدة في حسن تطبيق القانون وهي طرق عادية تبدي النيابة العامة رأيها من خلالها سواء في الخصومة المدنية او التجارية على خلاف الطرق الاستثنائية والمتمثلة في الادعاء أو الطعن، ويبقى تدخل النيابة العامة من خلال التدخل الاختياري يحمل طابعا استشاريا ليس له اي تأثير على سير المسطرة أو على قرار المحكمة.

الفقرة الثانية: النيابة العامة وممارسة حق الطعن.

قبل صدور القانون 17.73، لم تكن تنص مدونة التجارة على حق النيابة العامة في الطعن ضد المقررات الصادرة بشأن التسوية والتصفية القضائية وسقوط الاهلية التجارية، وكذا الحالات التي يجوز فيها للنيابة العامة الطعن والحالات التي لا يجوز لها القيام بذلك.

وبالرجوع إلى قواعد المسطرة المدنية نجدها تنص على أنه: يحق للنيابة العامة استعمال كافة طرق الطعن عدا التعرض، عندما تتدخل تلقائيا مدعية أو مدعى عليها في الأحوال المحددة بمقتضى القانون”، وطبقا لذلك فالنيابة العامة لا يمكنها ممارسة حق الطعن إلا إذا كانت طرفا رئيسيا في الدعوى بصفتها مدعية أو مدعى عليها، وهو ما يعني أن النيابة العامة في إطار مادة معالجة صعوبات المقاولة يمكنها استعمال طرق الطعن المسموح بها في الأحوال التي تكون فيها هي صاحبة الطلب المقدم الى المحكمة، وهي حالات محددة في قانون معالجة صعوبات المقاولة المغربي وهي حالة طلب فتح مسطرة التسوية القضائية أو مسطرة التصفيةالقضائية ، وحالة طلب استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية القضائية لمدة معينة وطلب سقوط الأهلية التجارية في الأحوال المنصوص عليها قانونا. حيث إن الأحكام الابتدائية الصادرة بشأن هذه الطلبات تقبل الطعن بالاستئناف من طرف وكيل الملك بالمحكمة التجارية أمام محكمة الاستئناف التجارية في أجل 10 أيام ابتداء من تاريخ تبليغ المقرر القضائي ما عدا في الحالات التي يوجد فيها مقتضيات مخالفة لذلك.

مقال قد يهمك :   محكمة النقض: رغبة الزوج في إنجاب الذكور تخوله حق طلب التعدد

وفي القانون الفرنسي يحق للنيابة العامة ممارسة جميع أنواع الطعون المنصوص عليها في الكتاب الرابع من قانون 25/1/1985 بدون استثناء، حيث يمكن لها الطعن بالاستئناف في كل القرارات المتعلقة بفتح مسطرة التسوية والتصفية، والمتعلقة بحصر أو فرض مخطط التسوية أو تغييره، وفي قرارات تعيين اجهزة المسطرة والقرارات المتعلقة بفترة الملاحظة، وبالقرارات المتعلقة بمخطط التفويت أو تغييره، والطعن في القرارات الصادرة دون تبليغ القضية إلى النيابة إلى النيابة العامة وهي حالة الطعن بالنقض الخاص بهذه الأخيرة في حالة عدم اطلاعها، كما أن القانون الفرنسي منح في احوال محددة إمكانية الطعن للنيابة العامة وحدها على سبيل الاستئثار دون الأطراف الأخرى، خاصة منها الحكم المحدد لمدة فترة الملاحظة والحكم البات في متابعة أو وقف النشاط، والحكم البات في الاذن بالتسيير الحر، والحكم المحدد أو الرافض او المغير لمخطط التفويت ، إضافة الى حق التعرض على أوامر القاضي المنتدب بالمساواة مع باقي الطراف، وحق الطعن بالإلغاء إذا كانت طرفا رئيسيا في الحالات التي يسمح فيها بهذا الطعن. وفي هذا الصدد فقد أكدت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها بتاريخ 28/02/1995 على أن النيابة العامة، الحريصة على احترام المساواة والنظام العام الاقتصادي، يسمح لها بمقتضى المادة 171 من قانون 05/01/1985 بممارسة حق الطعن، ولو لم تكن طرفا رئيسيا، ولها الصلاحية في إثارة كل إخلال بالقانون.[73]

ومما سبق يتضح أن المقتضيات التي جاء بها القانون الفرنسي تمكن النيابة العامة من مراقبة فعلية لسير مسطرة المعالجة ولعملية إعادة هيكلة المقاولة وذلك ومن خلال توسيع حقها في ممارسة طرق الطعن المختلفة وهو ما يؤسس لحق آخر وهو حق التدخل في جميع أطوار المسطرة من طرف النيابة العامة دون ان تتوفر هذه الأخيرة على صفة المتقاضي،  وهو ما يعني التدخل المباشر في المسطرة من منطلق مفهوم المصلحة العامة دون الاعتراف بضرورة النيابة العامة طرفا اساسيا أو طرفا منضما في مساطر المعالجة، وهو دور جديد تتمتع به هذه الأخيرة يلغي المفاهيم السابقة التي كان يتطلبها الدور التقليدي للنيابة العامة والذي كان يقتضى تبليغها بالمساطر الرائجة أمام المحكمة ، مع ذلك فالتجربة الفرنسية في ظل قانون 1985 عرفت ممارسة محدودة لطرق الطعن من طرف النيابة العامة[74]. بل إن قرارات محكمة النقض قد دفعت بالمشرع الفرنسي إلى تعديل قانون المسطرة المدنية وجعل النيابة العامة طرفا منضما في جميع مقتضيات مساطر صعوبات المقاولة.[75]

و من خلال استقراء المستجدات التي جاء بها القانون 17.73 الذي نسخ الكتاب الخامس من مدونة التجارة المغربية، يتضح أن المشرع  قد عمل على توضيح اللبس الذي كان يعتري حق النيابة العامة لدى المحاكم التجارية في طرق الطعن، حيث بالرجوع إلى المادة 762 من نفس القانون يلاحظ أنه أصبح من حق هذا الجهاز القضائي الطعن بالاستئناف في المقررات الصادرة عن المحكمة التجارية و خاصة : المقررات الصادرة بشأن فتح مسطرة الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية، المقررات الصادرة بشأن تمديد مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية طبقا للمادة 585، المقررات الصادرة بشأن تحويل مسطرة الإنقاذ إلى مسطرة تسوية أو تصفية قضائية، المقررات الصادرة بشأن تحويل مسطرة التسوية القضائية إلى مسطرة تصفية قضائية، المقررات الصادرة بشأن حصر مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية أو تغيير أهدافهما و وسائلهما أو فسخ هذين المخططين، المقررات الصادرة بشأن تعيين أو استبدال السنديك أو تغيير سلطاته أو تجديد أجل إعداد الموازنة الممنوح له، المقررات الصادرة بشأن تطبيق العقوبات المدنية.و تجب الإشارة إلى أن الأجل الممنوح من أجل الاستئناف هو 10 أيام و يسري في مواجهة النيابة العامة ابتداء من تاريخ النطق بالحكم.

خاتمة :

لا شك ان المشرع المغربي إبان تأسيسه للمحاكم التجارية حمل شعار إصلاح القضاء و تحديث هياكله عبر إقرار مبدأ التخصص و تزويد هذه المحاكم بالبنيات التحتية الضرورية لتكون أداة لتخليق حقل الاستثمار و ضبط المعاملات التجارية. و قد لمسنا بالفعل مدى العناية الفائقة التي حظيت بها هذه المحاكم من أجل تجاوز سلبيات القضاء العادي الذي يعاني البطء في الاجراءات و في البث في القضايا، و أن أهم القضايا التجارية المعروضة على هذه المحاكم تظل بلا نزاع هي قضايا صعوبات المقاولة، و هذا يقتضي بالضرورة أن يكون القاضي مزودا بالمعرفة القانونية أولا و الاطلاع على ميادين المال و الأعمال ثانيا ليتأتى له القدرة على قراءة الوضعية المالية للمقاولة و التأكد من جدية الوثائق المحاسبية المقدمة.

إن تكوين القاضي في ميدان صعوبات المقاولة لهو مهم جدا و ذلك لتقليص مساحة الهوة بينه و بين الخبير، حيث أن هذا الأخير لا يجب أن يتعدى مجال اختصاصه في الجوانب الفنية، بينما يتجاوز القاضي المقاربة التقنية و المحاسبية الضيقة للأخذ بمقاربة أكثر شمولية تراعى فيها الجوانب القانونية و المالية و الاقتصادية و الاجتماعية.

و إذا كان تدخل الهياكل القضائية يشكل مركز الثقل في إطار صعوبات المقاولة فإن وجود النيابة العامة يبقى دون المستوى المنشود رغم الصلاحيات المضافة إليها بموجب القانون 17.73، حيث تظل كجهاز معاق يفتقد إلى الأعضاء الضرورية للفعل و الحركة لا سيما في الشق المتعلق بتحريك الدعوى العمومية، علما أن حماية النظام العام الاقتصادي يعد من أبرز وظائف هذا الجهاز.

و في نفس إطار الحديث عن الأجهزة القضائية، نشيد بدور القاضي المنتدب، الذي لم يعد يرتبط في ممارسته لاختصاصاته لتفويض من المحكمة كما كان عليه الأمر في نظام الإفلاس الملغى، بل أًصبح جهازا مستقلا من أجهزة مسطرة معالجة صعوبات المقاولة، يسهر على السير السريع للمسطرة و على حماية المصالح المتواجدة، و قد أضاف له المشرع من خلال مستجدات القانون 17.73 إمكان اتخاذ كافة التدابير التحفظية و الوقتية و الإجرائية المستعجلة بما يخدم المسطرة، و إن كان يلاحظ في بعض الأحيان تقاعسه عن  القيام المنوطة به نظار لانشغالاته بقضايا أخرى و يعهد بصلاحيته للسنديك و لا يقوم هو إلا بالمصادقة عليها دون توجيه منه أو مراقبة. و عليه و حفاظا على مبدأ استقلال مؤسسة القاضي المنتدب يكن من الأفيد أن يتم تعيينه هو و نائبه جراء أشغال الجمعية العمومية التي تعقدها المحاكم سنويا.


الهوامش :

[1] – علما أن القانون 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية لم يشر صراحة الى الاختصاص النوعي لهذه المحاكم في مادة صعوبات المقاولة ما عدا الاختصاص المحلي الذي أشارت إليه المادة 11 من ذات القانون بالإضافة الى المادة 736 من مدونة التجارة (798 حاليا) التي أسندت الاختصاص في النزاعات الناشئة بمناسبة تطبيق المدونة للمحاكم المختصة.

[2]– المادة 671 من القانون 17.73 مع الإشارة الى أن هذه المادة (639 من مدونة التجارة سابقا) قد طرأ تعديل يتجسد في إضافة المشرع عبارة “لا سيما الطلبات الاستعجالية والوقتية والإجراءات التحفظية المرتبطة بالمسطرة

[3] – المادة 578 من القانون 17.73.

[4]– أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها، الجزء الأول، مرجع سابق، ص: 189.

[5]– محمد لفروجي،صعوبات المقاولة، مرجع سابق، ص: 204.

[6]– المادة 581 من القانون 17.73

[7]– المادتين 671 و672 من القانون 17.73.

[8]– المادة 673 وما بعدها من القانون 17.73.

[9]– في انتظار النص التنظيمي الذي بموجبه سوف تتحد الصفات والمؤهلات لتولي مهمة السنديك- انظر المادة 673 من القانون 17.73.

[10]– تعتبر مسطرة الإنقاذ من بين المستجدات التي جاء بها القانون 17.73 وهي منظمة في المواد من 560 إلى 574 من نفس القانون.

[11]– المهدي شبو، مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة، دراسة مقارنة، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، الطبعة الأولى 2006، ص:35 و36.

[12]– أحمد شكري السباعي، الوسيط في صعوبات المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثاني، ص:228.

[13]– أحمد شكري السباعي، التصفية القضائية والقواعد المشتركة بين مسطرتي التسوية والتصفية القضائية، الجزء الثالث، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى 2000، ص:158.

[14]– محمد لفروجي، صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها، مرجع سابق، ص: 218.

[15]– مثال: المحكمة التجارية بمراكش، حكم بتاريخ 07 أبريل 1999، ملف عدد 1/98، منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 81 مارس أبريل 2000، ص:195 وما بعدها.

[16]– حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 27/01/1999، ملف 4/98/798 منشور بمجلة الاشعاع عدد 18، يناير 1999، ص:252.

[17]– الفصل 211 من قانون التجارة لسنة 1913 الذي جاء فيه:” تعين المحكمة الابتدائية في حكمها بإشهار الإفلاس أحد أعضائها قاضيا منتدبا”.

[18]– قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 3860/2009 بتاريخ 26/06/2009 في اللف عدد 1648/09/11، رقمه بالمحكمة التجارية بالبيضاء 202/20/2008، غير منشور.

[19]– أنظر المادة 670 من القانون 17.73

[20]– المهدي شابو، مؤسسة القاضي المنتدب، مرجع سابق، ص: 237.

[21]– المواد 148 و149 و156 من قانون المسطرة المدنية والمواد من 20 إلى 23 من القانون المحدث للمحاكم التجارية المغربية.

[22]– الباب الثاني من القسم الأول من القانون 17.73.

[23]– المادة 548 من القانون 17.73، مع الإشارة إلى أنه من المستجدات التي جاء بها هذا القانون هو إضافة الشريك إلى الجهات التي يمكنها إخبار رئيس المحكمة بفشل مسطرة الوقاية الداخلية بعدما كان في ظل القانون 15.95 غير مؤهل لهذا الدور وكان يقتصر دوره على اخبار رئيس المقاولة بوجود الصعوبات التي من شأنها التأثير على استمرارية المقاولة.

[24]– لقد عمل المشرع من خلال القانون 17.73 على تبيان طبيعة الصعوبات التي من شأنها التأثير سلبا على استمرارية المقاولة بعدما كان القانون 15.95 يفتقد لمثل هذا التحديد. انظر المادة 549 من نفس القانون.

[25]– انظر المادة 549 والفقرة الأخيرة من المادة 561 من القانون 17.73.

[26]– أنظر المادة 762 من القانون 17.73.

[27]– الفقرة من المادة 761 من نفس القانون.

[28]– أنظر بهذا الخصوص الاحكام التالية الصادرة عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء: قرار رقم 15/2009 بتاريخ 02/01/2009، رقم الملف 2092/2008/11، غير منشور

قرار رقم 885/2004 بتاريخ 19/03/2004، رقم الملف 4413/2003/11، غير منشور

قرار رقم 74/2004 بتاريخ 09/01/2004، رقم الملف 4014/2003/11، غير منشور

[29]– الفصل 300 من قانون المسطرة المدنية.

[30]– الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية.

[31]– عائشة بلقاضي، مرجع سابق، ص:65.

[32]– محمد عبد المحسن البقالي الحسني، مقال بعنوان:” دور النيابة العامة في صعوبات المقاولة ” منشور بموقع وزارة العدل المغربية، العنوان:

http://adala.justice.gov.ma/production/Etudes_Ouvrages/ar/Etudes/commercial/etude30052012.pdf

[33]–  عبد المجيد غميجة، المفهوم الجديد لدور النيابة العامة أمام المحاكم التجارية، مجلة الحدث القانوني، عدد 12، يناير 1999، ص:3.

[34]– محمد المجدوبي الادريسي، عمل المحاكم التجارية (بدايته-اشكاليته)، الطبعة الاولى، مكتبة دار السلام الرباط، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع 1999، ص: 34 وما يليها.

[35]– ظهير شريف رقم 1.97.65 صادر في 4 شوال (12 فبراير 1997) بتنفيذ القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث محاكم تجارية- منشور بالجريدة الرسمية عدد 4482 في 15/05/1997.

[36]– وإن كان يلاحظ في هذا الشأن أن المادة 759 من القانون 17.73 تنص على أنه تعرض الدعوى العمومية على أنظار القضاء الزجري بمتابعة من النيابة العامة دون تحديد هل المقصود بالنيابة العامة أمام المحكمة التجارية أم النيابة العامة امام المحاكم الزجري.

[37]– CHAMPAUD (M), LA PLACE DES INTERETS PUBLICS DANS LES PROCEDURES COLLECTIVES IN (LA REFORME DU DROIT DE LA FAILLITE), COLLOQUE UNIVERSITE DE LILLE, 1978, P : 109.

[38]– SOINNE, L’INTERVENTION DU MINISTERE PUBLIC DANS LES PROCEDURES COLLECTIVES, DALLOZ 1983, P : 11.

[39]– الفصلين 8 و9 من قانون المسطرة المدنية.

[40]– الفصلين 37 و39 من مرسوم 01/03/1985.

[41]– عبد المجيد غميجة، م س، ص:10.

[42]– BOURGNINAUD (A), DROIT DES ENTREPRISES EN DIFFICULTES, ECONOMICA, PARIS, 2EME EDITION 1995, P :33.

[43]– المادة 4 من قانون 25/01/1985 الفرنسي.

[44]– محمد المجدوبي الادريسي، م س، ص:39.

[45]– المادة 578 من القانون 17.73

[46]– الفصل 4 من قانون 25/01/1985 الفرنسي.

[47]– الفقرة 3 من الفصل 7 من نفس القانون.

[48]– عبد المجيد غميجة، م.س، ص:9.

[49]– عبد المجيد غميجة، م.س، ص:9.

[50]– المادة 10 من ق.م.م.

[51]– نور الدين الشرقاوي الغزواني، تدخل النيابة العامة في الدعاوى المدنية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية الحقوق الرباط، نشر المعهد الوطني للدراسات القانونية، 1995، ص:72 و73.

[52]– محمد لفروجي، صعوبات المقاولة،مرجع سابق، ص:92 و93.

[53]– في إطار المادة 587من القانون 17.73.

[54]– الفصل 7 من ق.م.م

[55]– المادة 749 من القانون 17.73.

[56]– عبد المجيد غميجة، م س، ص:9.

[57]– من بين مستجدات القانون 17.73 أنه مدد الأجل الذي يحق فيه للمدين طلب فتح مسطرة المعالجة من 15 يوما إلى 30 يوما.

[58]– أنظر المادة 579 من القانون 17.73، مع الإشارة إلى أن هذا القانون قد عدل من تاريخ إمكانية فتح المسطرة بالنسبة للتاجر المتوفى من سنة إلى 6 أشهر فقط.

[59]– شكري السباعي، الوسيط في الوقاية من الصعوبات والمساطر الكفيلة بمعالجتها، دار نشر المعرفة، الرباط 1999، ص:198.

[60]– الفقرة الثانية من المادة 578 من17.73.

[61]– DERRIDA.F – GODE, P-SORTAIS. J-P : RESDRESSEMENT ET LIQUIDATION JUDICAIRE DES ENTREPRISES,3EME ED, ED : D1991, P :55.

[62]– محمد لفروجي،صعوبات المقاولة، مرجع سابق، ص:195.

[63]– عائشة بلقاضي، م س، ص:70.

[64]– JEANNEROT.PH, L’INTERVENTION JUDUCIARE DANS LES PROCEDURES DE REDRESSEMENT JUDICAIRE, THESE, PARIS I-1992, P : 266.

[65]– الفقرة الثانية من المادة 674 من القانون 17.73.

[66]– المادة 587 من نفس القانون.

[67]– الفصل 23 و67 من قانون 25/01/1985.

[68]– من المستجدات التي جاء بها القانون الجديد في مادة صعوبات المقاولة هو أنه اقتدى بنظيره الفرنسي وخول للنيابة العامة حق تقديم طلب إلى المحكمة ترمي من خلاله استبدال السنديك، أنظر المادة 677 من القانون 17.73.

[69]– من بين المستجدات التي جاء بها القانون 17.73، أنظر في هذا الصدد المادة 742 حيث أجاز المشرع للنيابة العامة طلب تطبيق العقوبات المالية المنصوص عليها في المواد من 738 إلى 740 من نفس القانون.

[70]– المجدوبي الادريسي، م س، ص:47 و48.

[71]– الفقرة 2 من الفصل 9 من ق.م.م

[72]– الفقرتين 3 و4 من الفصل 9 من ق.م.م

[73]– قرار لمحكمة النقض الفرنسية، الغرفة التجارية، أورده محمد عطاف:” دور النيابة العامة لدى المحاكم التجارية في قضايا صعوبات المقاولة”، مجلة المحاكم المغربية، عدد 112، ص:86 وما بعدها.

[74]– JENNEROT, OP CIT ; P : 263 ET 265.

[75] – تعديل الفصلين 424 و425 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي بتاريخ 28/12/2005، نور الاعرج، مساطر صعوبات المقاولة، طبعة 2016، ص:111.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]