حوزمالي محمد: الضمانات المخولة للموعود له في عقد الوعد بالبيع العقاري أثناء مسطرة التحفيظ (على ضوء العمل القضائي)
حوزمالي محمد محامي متمرن بهيئة المحامين بالناظور
مقدمـــــــــــة:
يعتبر الأمن التعاقدي هاجس كبير يقلق مضجع المتعاملين في الميدان التعاقدي خاصة وأمن الدولة واستقرار المجتمع بصفة عامة، لأجل ذلك أصدر جلالة الملك رسالة[1] خاصة تدعو كل الفاعلين لليقظة والتعبئة الشاملة للتصدي لكل ما من شأنه أن يؤثر على ثقة المتعاملين في الميدان التعاقدي عموما وما يتعلق بالميدان العقاري خصوصا. والحق يقال بهذا الخصوص أن العمل التشريعي في الغالب الأعم يكون متأخرا إلى غاية استفحال ظاهرة ما، لأجل ذلك كان ولا يزال المعول عليه هو البحث عن اجتهادات قضائية تصب في اتجاه حماية أطراف التعاقد من كل يد عابثة في الحقوق.
كما يعد عقد الوعد بالبيع العقاري من العقود التي قد لا ترتب أثرها على الفور على مستوى انتقال الحقوق، سيما وأنه لا يرتب حق عيني وإنما فقط حق شخصي، تجعل المتعامل به وبمقتضاه عندما يقدم الواعد بالبيع مطلب تحفيظ للعقار موضوع الوعد بالبيع يصبح المستفيد من عقد الوعد بالبيع عرضة للشك ولخطر ضياع حقوقه، وهو ما لا يخدم الأمن القانوني.
وهو ما يشكل –هذا الموضوع- العديد من الملفات والمنازعات المعروضة أمام أنظار القضاء سيما وأن العديد من النقط لا يزال الاجتهاد والعمل القضائي لم يستقر فيها على توجه واحد.
لأجل ذلك اعتمدنا على مقاربة عملية لدراسة هذا الموضوع، وذلك ابتداء التعريج حول التوجه القضائي والعملي على مستوى المحافظة العقارية عن مدى إمكانية الموعود له في عقد البيع العقاري من تقديم تعرضه أمام السيد المحاقظ على الأملاك العقارية (مطلب1)، ثم ننتقل لدراسة صلاحية المحافظ المحكمة المكلفة بالنظر في نزاعات التحفيظ العقاري في البت في طلب إتمام إجراءات البيع (مطلب 2)، ثم نتطرق للحالة التي تقدم فيها دعوى إتمام إجراءات البيع وملف مطلب التحفيظ العقاري إما لازال في مرحلته الإدارية لدى المحافظ على الأملاك العقارية، أو الحالة التي يكون في ملف تحفيظ رائج أمام أنظار المحكمة للبت في التعرضات المقدمة ضد مطلب التحفيظ (مطلب 3).
المطلب الأول: إمكانية التعرض على مطلب التحفيظ
تعد مكنة التعرض آلية حقيقية وناجعة للمطالبة بحق وارد على العقار موضوع مسطرة التحفيظ، ومعلوم أن المشرع حدد لمن يريد ممارسة التعرض مسطرة خاصة من خلال ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14.
وحيث نص الفصل 24 منه على ما يلي: ” يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:
في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار؛
في حالة الإدعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه؛
في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون.”
وفي إطار مقتضيات الفصل 24، فإن ما يمكن قوله بخصوصه على مستوى الممارسة العملية بالمحافظة العقارية، فإنه كان هناك تفسير يضيق من الأشخاص الذي لهم حق التعرض حيث حصرهم في كل شخص يدعي حق عيني دون أصحاب الحقوق الشخصية، على أساس أن الوعد بالبيع لا يرتب سوى حق شخصي، غير أنه ما لبث هذا التوجه أن تم التراجع عليه بعد صدور عدة قرارات قضائية تسير في اتجاه إلغائه، ومنها قرار محكمة النقض عدد 3912 الصادر بغرفتين بتاريخ 13 نونبر 2001 في الملف المدني رقم: 451/1/1/97 ، والذي جاء فيه: ”حيث صح ما عابه الطاعن على الحكم المطعون فيه ذلك أنه لتأييد قرار المحافظ بإلغاء التعرض ناقش الحجج المدلى بها من المتعرضين وقارن بينهما وبين حجج طالب التحفيظ مع أنه بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري، فإنه لا يمكن للمحافظ إلغاء التعرض إلا في حالة عدم تقديم المتعرضين الرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضهم، وعليه فهو لما ناقش الحجج المدلى بها وقارن بينها لإلغاء التعرض فقد جاء خارقا للمقتضيات المذكورة وتعرض بذلك للنقض والإبطال.”
ثم أن القول؛ بأن الموعود له في هذا الباب لا يحق له التعرض أمر مردود لثلاث اعتبارات وهي كالآتي:
- الوعد بالبيع وإن كان لا يرتب للموعود له سوى حق شخصي، غير أنه إذا توفرت شروط معينة يتحول هذا الحق الشخصي إلى حق عيني؛ أي أنه عيني بالمآل، وهو ما نصت عليه المادة 1589 من التقنين الفرنسي صراحة بأن: ”الوعد بالبيع يعدل البيع إذا تراضى الطرفان على المبيع والثمن.”
- إن دور المحافظ العقاري عند تلقيه للتعرضات على مطلب التحفيظ فهو يتلقى دعاوى قضائية من مدعون، وعلى هذا الاعتبار فإن المحافظ العقاري يقوم بدور شبيه بدور كتابة الضبط، وليس من صلاحيته أن يتحول إلى محكمة يبت في صحة التعرضات من عدم صحتها، لأن البت في التعرضات هو من اختصاص المحكمة بمقتضى الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري.
- إن الفصل 24 ينص على أن كل من يدعي حقا على العقار موضوع طلب التحفيظ، يجب عليه أن يتدخل عن طريق التعرض وذلك دون تحديد أو تخصيص سواء كان حقا عينيا أو شخصيا.
اللهم إلا إذا تعلق الأمر بتعرض خارج الأجل ومن غير أن يكون الملف على المحكمة ومن دون أن يكون قد تم تأسيس الرسم العقاري[2]، فله في هذه الحالة حسب سلطته التقديرية المنصوص عليها في الفصل 29[3] أن يقبل أو يرفض التعرض دون أن يكون قراره غير قابل للطعن في حالة الرفض.
وفي اعتقادنا كذلك يجب على السيد المحافظ رفض التعرض؛ في الحالة التي يكون فيها الوعد غير منجز في عقد رسمي منجز من طرف العدول أو موثق أو في محرر ثابت التاريخ، على أساس أن الوعد بالبيع إن كان لا يرتب سوى حق شخصي إلا أن موضوعه عقار، وهو ما جاء في قرار لمحكمة النقض[4] والذي جاء فيه: ”البيع أو الوعد بالبيع المنصب على عقار محفظ يلزم إثباته بحجة كتابية، إذ أنه طبقا للفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود إذا كان محل البيع عقارا أو حقوق عقارية، فإن البيع لا يكون تاما إلا بإجرائه كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون للبيع أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون.”
المطلب الثاني: صلاحية محكمة التحفيظ في البت طلب إتمام إجراءات البيع
من المعلوم أن مسطرة التحفيظ هي مسطرة إدارية تبتدئ بتقديم مطلب التحفيظ وتنتهي بتأسيس الرسم العقاري، غير أنها قد تتخللها مسطرة قضائية وقد أبان الواقع العملي على أن أغلب مطالب التحفيظ العقاري تمر عبر المسطرة القضائية لوجود تعرضات على مطلب التحفيظ، واختصاص المحكمة يتجلى في البت هذه التعرضات والقول بصحة التعرض من عدم صحته.
وفي موضوع الحال عند قبول السيد المحافظ العقاري لتعرض الموعود له بالبيع يعمل بمجرد انتهاء أجل التعرضات على إحالة الملف برمته على المحكمة للبت في هذه التعرضات. غير أن السؤال المطروح حول مدى صلاحية المحكمة في البت في دعوى إتمام إجراءات البيع أي هل لمحكمة التحفيظ صلاحية البت في والوعد بالبيع؟
بالرجوع إلى الفقرة الثانية من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري نجده ينص على ما يلي: ” تبت المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه، وتحيل الأطراف للعمل بقرارها، بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به، على المحافظ على الأملاك العقارية الذي وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كلا أو بعضا مع الاحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 37 مكرر.
تبين المحكمة في حكمها حدود ومساحة الأجزاء المحكوم بها لفائدة المتعرضين، وفي حالة الشياع نصيب كل واحد منهم.”
وفي نازلة عرضت على محكمة النقض مشابهة للسؤال موضوع المناقشة، جاء في قرارها[5] ما يلي: ”حيث صح ما عابه الطاعن على القرار، ذلك أنه علل قضاءه تجاهه بأن: ”الوعد بالبيع المعتمد عليه من طرفه لا ينشئ حقوقا عينية وإنما مجرد حقوق شخصية بين طرفيه، وعلى أحدهما مطالبة الآخر بإتمام البيع”، في حين أنه بمقتضى الفصل 488 من قانون الالتزامات والعقود، يكون البيع تاما بمجرد تراضي عاقديه، أحدهما بالبيع والآخر بالشراء، وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى، مما كان معه على القرار أن يناقش حجة الطاعن على ضوء الشروط المذكورة، لا الحكم من خلال ما تحمله فقط العنوان، كما ذهب إليه في تعليله أعلاه، الأمر الذي يكون معه ناقص التعليل، المنزل منزلة انعدامه ومعرضا بالتالي للنقض والإبطال.”).
بمعنى أنه كان على المحكمة أن تتأكد من مطل الموعود له كمبرر أساسي لفسخ عقد الوعد بالبيع، أما الحكم بعدم صحة التعرض المبني على الوعد البيع فقط لأنه يرتب حق شخصي تكون المحكمة بذلك قد أخطأت في تطبيق القانون.
وفي قرار آخر صادر عن محكمة النقض[6] جاء فيه ما يلي: ”حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك أنه علل قضاءه بأنه: ”لا يوجد بالملف ما يفيد أن المتعرضة أبرمت أي عقد نهائي بالبيع مع صاحب الوعد بعد تنفيذ التزاماتهما المتقابلة والمعلق عليها الوعد المذكور، وأن مجرد التمسك بكون التحفيظ سيطهر العقار من أية تحملات عقارية مما سيؤدي إلى ضياع حقها، لا يعد سببا كافيا للقضاء بصحة تعرضها طالما أنها لم تثبت أن لها حقا عينيا على العقار المطلوب تحفيظه، وأن الوعد المتمسك به من قبلها لا يمنحها إلا حقوقا شخصية في مواجهة المتعاقد معها..” في حين أن البيع يكون تاما بمجرد تراضي عاقديه أحدهما بالبيع والآخر بالشراء وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى، وأنه يتجلى من عقد الوعد بالبيع الذي اعتمدته الطاعنة في تعرضها، أن المطلوب في النقض (إ.بن.ع) اتفق من خلاله معها على أن يبيعها قطعة أرضية بمساحة 82 م.م بحدودها وموقعها المذكورين في العقد، بمبلغ إجمالي قدره 61500 درهم تسلم منها 45000 درهم كتسبيق على أن يتم تسليم باقي الثمن على أقساط، وأنه طبقا لمقتضيات الفصل 489 من ق.ل.ع يكون البيع المذكور بيعا تاما ويكون من آثاره انتقال ملكية المبيع للمشترية بقوة القانون عملا بالفصل 491 من نفس القانون، وذلك بعد تحقيق شروط الوعد بالبيع. وأنه لما كان كذلك، وكان تعرض المتعرضة قد انصب على حظوظ شائعة تقتطع من نصيب البائع لها في الملك موضوع مطلب التحفيظ فهو بذلك يروم استحقاق حق عيني، وان المحكمة لما عللت قرارها بما ذكر أعلاه، تكون قد عللته تعليلا فاسدا ينزل منزلة انعدامه مما عرضه بالتالي للنقض والإبطال.”
وفي اتجاه ثاني سطره قرار لمحكمة النقض عدد 59 الصادر بتاريخ 02/02/2016 في الملف مدني عدد 1456/1/1/2015 والذي جاء فيه[7]: ” كما أن المحكمة لما تصدت لمناقشة موضوع النزاع المعروض في إطار دعوى إتمام البيع، التي صدر بشأنها حكم ابتدائي، مطعون فيه بالاستئناف، دون أن تكون لها صلاحية ذلك، فكان ما قضت به على غير أساس قانوني، والقراران المطعون فيهما عرضة للنقض والإبطال.”
المطلب الثالث: دعوى إتمام إجراءات البيع أصلية لعقد الوعد بالبيع
يثار النقاش حول مدى إمكانية التقدم بدعوى إتمام إجراءات البيع أمام المحكمة غير المحكمة التي تبت في التعرضات المقدم ضد مطلب التحفيظ ؟ وبعبارة أخرى هل يمكن أن تواجه المحكمة صاحب الدعوى بالحكم بعدم الاختصاص بعلة أن العقار قد في شأنه مطلب تحفيظ ؟
المعلوم أن البت في نزاعات التحفيظ العقارية خصوصية عن باقي النزاعات فهو تستقل بالنظر فيه هيئة قضائية مؤطرة بنصوص ومسطرة خاصة.
باستقرائنا للاجتهادات القضائية الصادرة في هذا الموضوع وفي ظل غياب نص قانوني يحسم الموضوع نجد أنها لم تستقر على موقف موحد، وفي هذا الإطار يمكن التمييز بين اتجاهين أساسيين:
الاتجاه الأول: يرى بأن جميع الدعاوى المنصبة على عقار في طور التحفيظ يجب أن تصاغ في شكل تعرض إلا أنه اختلف في تحديد الأثر القانوني المترتب عن ذلك. نمثل لهذا الاتجاه بالقرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالجديدة[8] بتاريخ: 04/01/2008 ، والذي ذهب إلى ان محكمة التحفيظ هي وحدها المختصة للنظر في النزاعات المتعلقة بالعقار الجارية بشأنه مسطرة التحفيظ، حيث جاء في القرار المذكور ما يلي: ”… ذلك أنه بمجرد تقديم مطلب التحفيظ يصبح للعقار المطلوب تحفيظه وضع قانوني متميز، إذ يغدو تابعا لنظام خاص يطلق عليه بعض الفقه اسم نظام ما قبل التحفيظ، أو نظام شبه التحفيظ. ومن آثار وضع مطلب التحفيظ؛ فتح باب التعرض بالنسبة لكل شخص يدعي حقا عينيا أو شخصيا على العقار الجارية بشأنه مسطرة التحفيظ. أو ينازع طالب التحفيظ في أحقيته للملكية على هذا العقار، فمحكمة التحفيظ هي وحدها المختصة خلال هذه المرحلة للبت في الدعاوى العينية المتعلقة بحق الملكية، كدعاوى الاستحقاق والارتفاق والزور العارض وحق الشفعة وبطلان البيع والانتفاع ودعاوى الرهن الرسمي والحيازة، وكذلك الدعاوى الشخصية العقارية، وبالجملة فإن محكمة التحفيظ هي المؤهلة قانونا للنظر في جميع الطلبات التي يكون محورها الوضعية القانونية للعقار المراد تحفيظه.”
الاتجاه الثاني: يربط اختصاص محكمة التحفيظ بإحالة ملف النزاع من طرف المحافظ العقاري، وبأنه ليس هناك ما يمنع من إقامة دعوى مستقلة خارج مسطرة التحفيظ طالما أن العقار لا زال في مرحلته الإدارية، وصدر السنة الماضية قرار لمحكمة النقض[9] يسير في هذا الاتجاه جاء فيه: ”حيث صح ما عابه الطاعن في الوسيلة؛ ذلك أن جريان مسطرة تحفيظ عقار لا يمنع من إقامة دعوى بشأنه ممن هو متعرض عليه، وأن اختصاص النظر فيه يبقى للمحكمة ذات الولاية العامة، ما لم يحل ملف التعرض عليها فيترتب وقف النظر لا عدم قبول الدعوى. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما تبين لها أن العقار المدعى فيه تجري بشأنه مسطرة تحفيظ وأن الطاعن متعرض، وقضت بتأييد الحكم القاضي بعدم قبول طلبه بعلة أن الاختصاص ينعقد لمحكمة التحفيظ رغم أنه لا وجود أولا لمحكمة بهذا المسمى، ولا وجود لما يفيد إحالة الملف من المحافظة العقارية على المحكمة، تكون قد خالفت القاعدة أعلاه مما يوجب نقض القرار.”
وفي قرار آخر صادر عن محكمة النقض[10] تحت عدد 59 الصادر بتاريخ 02/02/2016 في الملف مدني عدد 1456/1/1/2015 والذي جاء فيه: ”ما دام أن المتعرض تعرض على مطلب التحفيظ المقدم من طرف طالبه، وادعى سبق بيعه له من طرفه، مستدلا بوصل مكتوب صادر عن وكيله طالب التحفيظ، يفيد توصلها بشيك كتسبيق عن بيع الأرض موضوع المطلب عدد 807/33، كما يفيد قبول المتعرض الشراء للبقعة موضوع المطلب عدد 7550، كما أدلى بما يفيد إقامته دعوى ضد البائع له لإتمام البيع، وبإبرام العقد النهائي، ورغم أنه من شأن استجماع الوصل المذكور لشروط الفصلين 488 و489 من ق.ل.ع من تراضي الطرفين بالبيع والشراء، بشأن مبيع معين، وبثمن معين، وباقي الشروط أن يحقق أركان البيع، ورغم أن مآل دعوى إتمام البيع، بإبرام عقد بيع نهائي، من شأنه أن يؤول إلى انتقال ملكية المبيع للمتعرض بقوة القانون، عملا بالفصل 491 من ق.ل.ع ويروم بالتالي استحقاق حق عيني، فإن المحكمة ردت طلب إيقاف البت في دعوى التعرض على المطلب المذكور وتأخيرها إلى حين انتهاء دعوى إتمام البيع بعلل واهية… فكان ما قضت به من صحة عدم صحة التعرض على غير أساس قانوني.”
وفي قرار آخر صادر عن محكمة النقض[11] والذي جاء فيه: ”ان التعرض على مطلب التحفيظ أمام المحافظ على الأملاك العقارية يبقى مجرد إجراء إداري ولا يتحول إلى دعوى قضائية إلا بعد وضع المحكمة الابتدائي يدها على النزاع.”
وفي قرار آخر صادر عن محكمة النقض عدد 67 بتاريخ: 24/01/2012 جاء فيه ما يلي: ”بأنه قد صدر عن محكمة النقض عدة قرارات حول النقطة القانونية التي اعتمدتها المحكمة في إصدار حكمها والتي اجتمعت على أنه طالما أن ملف التحفيظ العقاري مازال في مرحلته الإدارية فإن المحكمة لا يقيدها كون الملف معروضا على المحافظة العقارية ويتعين عليها أن تبت في دعوى استحقاق أو غيرها من الدعاوى المعروضة عليها… والمحكمة لما قضت بعدم قبول الدعوى بعلة وجود مسطرة التحفيظ جارية في المدعى فيه ووجود تعرضات ضدها بين نفس الأطراف وأن دعوى الاستحقاق لا تكون مقبولة ما دام ملف التحفيظ موجودا ويجب انتظار إحالته على المحكمة تكون قد عللت قرارها تعليلا ناقصا وهو بمثابة انعدامه.”
الهوامش:
[1] – الرسالة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده المؤرخة في: 30/12/2016 حول ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير.
ان هذه الرسالة وان كانت جاءت في سياق التنبيه بالتعجيل لسد الثغرات القانونية للحد من ظاهرة الاستيلاء على العقارات؛ إلا أنها تعد تنبيه للمشرع من أجل وضع أسس للحد من التلاعبات بحقوق الأغيار التي يحميها القانون.
[2] – راجع في ذلك كتاب فضيلة الدكتور محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خلال القانون الجديد رقم: 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، ط 2014 ص245 وما بعدها.
[3] -الصيغة الكاملة للفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه الذي ينص على ما يلي: ”بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.
يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية، بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل ، بالعقود والوثائف المدعمة لتعرضه. كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أن يثبت حصوله على المساعدة القضائية.
يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية رفض التعرض غير قابل للطعن القضائي.”
[4] – قرار محكمة النقض عدد: 1921 الصادر بجميع الغرف بتاريخ: 23 دجنبر 2010 في الملف التجاري عدد: 1073/3/1/2005 ، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 73 وما بعدها.
[5] – قرار محكمة النقض عدد: 4821 الصادر بتاريخ: 15 نونبر 2011 في الملف مدني عدد: 1818/1/1/2010 ، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 2 ، ص 52 وما بعدها.
[6] – قرار محكمة النقض عدد: 37 الصادر بتاريخ: 26 يناير 2016 ، في الملف المدني عدد: 1011/1/1/2015 غير منشور.
[7] – قرار محكمة النقض عدد: 59 الصادر بتاريخ: 02 فبراير 2016 ، في الملف المدني عدد: 1456/1/1/2015.
[8] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالجديدة بتاريخ: 04/01/2008، قرار عدد: 02 ، في الملف عدد: 124/2007 ، منشور بمجلة الأملاك عدد:13 ، ص244 وما بعدها.
[9] – قرار محكمة النقض عدد: 284 ، الصادر بتاريخ: 04/05/2021 ، في الملف المدني عدد: 7013/1/4/2019 ، غير منشور.
[10] – سبق الإشارة إلى مراجعه.
[11] – قرار محكمة النقض عدد: 2926 ، الصادر بتاريخ: 19 شتنبر 2007 ، في الملف عدد: 410/1/3/2006 ، منشور بمجلة نشرة قرارات المجلس الأعلى ، ص148 وما بعدها.
تعليقات 0