مجلة مغرب القانونالمنبر القانوني بيع الصفقة كنموذج مغربي أصيل لتجاوز سلبيات الملكية الشائعة

 بيع الصفقة كنموذج مغربي أصيل لتجاوز سلبيات الملكية الشائعة

محمد بورحيلة ، خريج ماستر الدراسات العقارية بطنجة .

تعد الملكية الشائعة واقعا تعيشه شريحة واسعة من المجتمع وباعتبار أن هذه الوضعية هي وضعية مؤقتة تنتهي بتحولها إلى ملك مفرز ، فإن الفقه الإسلامي  قد نظم قواعد تسيرها وقسمتها ، وفي هذا قال الفقيه بن أحمد ميارة أن [1]:” الملك المشترك لا يخلوا من أحد ثلاث أوجه ، إما أن يقبل القسمة على الشركاء بلا ضرر ، بحيث يصير لكل واحد منهم ما ينتفع به ، وإما أن لا يقبلها على الوجه المذكور ” أي بدون ضرر ” ، وإما أن يقبلها على الشركاء الأول لقلتهم ، ولا يقبلها بعد كثرتهم بالمناسخات ونحوها “.

فإن كان مما يقبل القسمة بلا ضرر ، بحيث يصير لكل شريك نصيبه ، فإن من أراد القسمة له أن يجبر باقي الشركاء عليها ، أما إذا  لم تقبل القسمة بلا ضرر فالقول قول من دعا إلى البيع ويجبر عليه من أباه .

في هذا الإطار برز ما يسمى ببيع الصفقة ، إذ أنه إذ أراد أحد الشركاء بيع حصته مفرزة ونقص ثمنها مما رتب عليه ضرر ، فإنه يجوز له بيع كل الملك صفقة على باقي الشركاء المتحدين معه في المدخل .

ولدراسة هذا الموضوع ، فإننا سنقسمه إلى مبحثين :

– المبحث الأول : ماهية بيع الصفقة .

– المبحث الثاني : أثار بيع الصفقة .

المبحث الأول :  ماهية بيع الصفقة .

تعتبر مؤسسة بيع الصفقة من البيوع الخاصة ، التي جرى العمل بها[2]عند فقهاء المالكية بالمغرب وخاصة بالعمل الفاسي [3]، وهي بذلك اجتهاد مغربي أصيل ، ومن الناحية التشريعة لم يخص المشرع المغربي بيع الصفقة بتنظيم  خاص، وان كان قد ذكر هذا النوع من البيوع  في الفصل 16 من ظهير 7 فبراير 1953 المتعلق بالملك العائلي[4] و الملغى بمقتضى ظهير 1-95-131 المؤرخ ب 18 يوليوز 1995.

المطلب الأول : تعريف بيع الصفقة .

بيع الصفقة هو نوع خاص من البيوع إهتم به فقهاء المالكية والمغاربة بالخصوص ، ورد في منظومة العمل الفاسي أن: بيع الصفقةحق للشريك الذي يريد البيع، يقضي له به إذا  طلبه لينتفي عنه الضرر اللاحق بنقص ثمن حصته إذا  بيعت مفردة، فإن لم يطلب هذا الحق سقط فلا صفقة.

ويشمل هذا البيع كل الملك المشترك أو بعضه لقول صاحب العمل :

فإنما الصفقة بيع المشترك                        من كل أو بعض جميع ما ملك .

لكن هل بيع الصفقة خاص بالعقار أم يجري على المنقول كذلك ؟  وهل يشترط رفع الأمر للقاضي قبل بيع الملك المشترك ، أم أن للشريك المصفق بيع كل الملك دون الحاجة للجوء إلى القضاء ؟

بالنسبة للشيئ المشترك ،فالمنصوص عليه في الفقه أن بيع الصفقة يجري فيما يقبل القسمة وما لايقبلها و يشمل العقار والمنقول ، فيشمل الأصول وغيرها من سائر العروض والحيوانات ، غير أنه جرت العادة عند العدول بحصر بيع الصفقة على الأصول دون المنقول[5] .

وهذا النوع من البيوع يشمل العقار غير المحفظ ، كما يمكن أن يشمل العقار المحفظ وهو ما أكده قرار لمحكمة النقض إذ جاء فيه : ” من المقرر نصا كما لأبي الضياء خليل في باب الشفعة ” وإن اتحدث الصفقة وتعددت الحصص والبائع لم تبعض” والمحكمة لما ثبت لها أن البيع تم صفقة واحدة شملت عقارا محفظا وآخر غير محفظ ، اعتبرت أن حق الشفيع في شفعة العقار غير المحفظ قد سقط لفوات الأجل وقضت تبعا لذلك برفض الطلب برمته بما في ذلك الرامي إلى شفعة العقار المحفظ لاتحاد الصفقة والبائع وتعدد الحصص ، وتكون قد التزمت القاعدة أعلاه وعللت قرارها تعليلا كافيا “[6] .

أما بالنسبة لشرط رفع  الأمر للقضائي ، ففي ظل النصوص الواردة في مدونة الإمام مالك وغيرها ، ذهب الفقهاء المتقدمون في بيع الصفقة الذي يسمى عندهم – بإجمال البيع –إلى ضرورة اللجوء إلى القضاء من أجل استئذانه والحصول على أمر قضائي بالبيع وذلك عند توفر مجموعة من الشروط[7] .

أما حسب ما جرى به العمل ،  فلا يشترط رفع الأمر للقاضي وفي هذا قال الشيخ ميارة ، وصورة بيع الصفقة عندنا أنا من أراد البيع من الشركاء باع جميع ذلك الشيئ المشترك لأجنبي صفقة واحدة من غير رفع الحاكم ولا إثبات شيئ مما ذكر[8].

وهو ما عبر عنه صاحب الزقاقية بقوله :

” نعم كالذي يجري من البيع صفقة          بلا حاكم بيع الفضولي أشملا ” .

وقال صاحب العمل :

فلا يكلف بإثبات السبب              قاض ولا رفع ولاجبر وجب

ولا نداء ولا مشاورة                ولارجوع لاغبن في ذا التصورة .

  فمن أراد البيع من الشركاء جاز له بيع جميع الشيئ المشترك صفقة واحدة وذلك بتوفر أربعة شروط .

المطلب الثاني :  شروط بيع الصفقة .

تتحدد شروط بيع الصفقة في تسعة شروط ، غير أن ما جرى به العمل واستقر عليه الاجتهاد القضائي كقاعدة هو الأخد بأربعة شروط وهي :

أولا – اتحاد المدخل : اتحاد المدخل هو شرط أساسي في بيع الصفقة فيما يقبل القسمة أو لا يقبلها ، بحيث يجب أن يكون تملك الشركاء للشيئ المشترك دفعة واحدة أي في زمن واحد وبعقد واحد ومن شخص واحد .

ثانيا – أن ينقص ثمن حصة مريد البيع إذا  بيعت منفردة : يتمثل هذا الشرط في الضرر المالي  الحاصل للشريك عند بيع حصته منفردة عن باقي الملك المشترك ، فإذا  ما بيعت الحصة مفردة دون نقص في ثمنها ، لم يكن للشريك الحق في بيع الملك المشترك صفقة على الشركاء  .

ثالثا – أن لايلتزم الشريك بأداء ذلك النقص : ويتمثل هذا الشرط في رفض الشريك الذي لايريد البيع الإلتزام بأداء النقص الذي يصيب الشريكه الذي يريد بيع حصته منفردة  وفي هذا الشرط قال الزرقاني : ” إلا أن يلتزم مريده أداء نقص حصته بعد بيعها مفردة فلا يجبر “

مقال قد يهمك :   التحكيم : بين السيادة الوطنية و مبدأ رفع الحواجز الاقتصادية

رابعا – عدم التبعيض : يشترط في بيع الصفقة أن يبيع الشريك كل الحصص المشتركة التي اتحد فيها مدخل الشركاء ،إذ يتعين أن يقوم المصفق ببيع كل الأنصبة التي يكون مدخل أصحابها جميعا متحدا .

وللتبعيض المسقط لحق الصفقة أربعة أوجه :

الوجه الأول : بيع الشريك حصته كلها مفردة عن حصص شركائه المتحدين معه في المدخل تبعيض مانع له من الصفقة إذا  رجعت له حصته هذه فور البيع لفساده.

الوجه الثاني : بيع الشريك نصف حصته ثم البيع صفقة على باقي الشركاء في النصف الآخر.

الوجه الثالث : بيع الشريك حصته وحصة واحد أو اثنين من شركائه فيها دون باقي الشركاء ، وفي هذا الإطار ذهب بعض الفقه إلى القول بجواز تصفيق الشريك على أحد شركائه دون غيره،ليرتفع الضرر ، والمتمثل في نقص قيمة حصته إذا  بيعت منفردة والضرر الحاصل لباقي الشركاء إذا  بيع الملك صفقة عليهم وذلك تطبيقا لقول رسول الله صلى : “لاضرر ولا ضرار ” وتطبيقا لقاعدة إذا  اجتمع ضرران ارتكب اخفهما[9] .

الوجه الرابع  : أن يكون المشتري أجنبيا غير شريك وهو ما أخدت به محكمة النقض إذ جاء في إحدى قرارتها[10]  : لما كان العقار المبيع على ملك أشخاص لايعرف سبب تملكهم ثم ماتوا وألت حقوقهم لورثتهم وباع أحد الورثة نصيبه صفقة على جميع الشركاء فالببيع لا يمكن اعتباره صفقة وإنما هو تبعيض لأن الوارث ” البائع” لم يتحد مدخله مع مدخل بقية الشركاء ، كما أن وجود مشتر شريك يجعل البيع الصادر له بيع تبعيض لا بيع صفقة ، كما قال صاحب العمل الفاسي :

وحيث كان البيع للشريك                فهو تبعيض بلا تشكيك .

 وهناك وجه خامس في التبعيض لا يسقط حق الصفقة و يستند في إقراره على قاعدة “يجبر الدخيل للأصيل ولا يجبر الأصيل للدخيل”[11] .

المبحث الثاني : أثار بيع الصفقة   .

ينتهي عقد بيع الصفقة إما بالإمضاء أو الضم وهو الإتجاه الذي كرسه القضاء المغربي في أحكامه وقراراته حيث قضت محكمة النقضفي قرار لها بتاريخ 22 نونبر 1995 بأن “بيع الصفقة يقوم به أحد الشركاء على أن يكون للمصفق عليه الخيار بين إمضاء البيع أو ضم حصة المبيع”.[12]

ويقصد بإمضاء الصفقة قبول الشركاء المصفق عليهم بإمضاء البيع للمشتري ، مقابل أخد كل واحد منهم منابه من الثمن الذي وقع به البيع ، ونشير في هذا الصدد إلى أن إمضاء الصفقة أوضمها يقع على البائع وذلك بجمع وإطلاع الشركاء على البيع الواقع صفقة عليهم [13].

أما إذا  لم يقبل الشركاء المصفق عليهم بإمضاء الصفقة جاز لهم ضم المبيع لأنفسهم  كل حسب نصيبه مقابل أداء الثمن للبائع ورد ما دفعه المشتري .

وفي هذا الإطار قضت محكمة النقض في قرار لها بعدم جواز تطبيق أحكام الشفعة على حق الضم إذ جاء فيه : ” إن إسباغ الوصف القانون على الوقائع المعروضة على محكمة الموضوع يخضع لرقابة محكمة النقض ، ولما ثبت إتحاد مدخل تملك البائع والطاعن كشريكين في العقار المبيع ، وأن البائع قد باع كل العقار للمطلوب ، والطاعن يرغب في أخذ كل المبيع من يد مشتريه فإن المحكمة لما أعملت قواعد الشفعة وقضت للطاعن بشفعة المبيع في حدود منابه الإرثي فقط ، رغم أن النازلة تحكمها قواعد بيع الصفقة ، تكون قد أساءت تطبيق القانون “[14] .

وحسب ما جرى به العمل يجوز في إمضاء أو ضم الصفقة ما يلي :

– جواز أخد البائع أجرة من المشتري كمقابل لمجهوده في العمل على جمع الشركاء وإمضاء الصفقة[15] .

– جواز أخد الشريك من المشتري أكثر من حظه مقابل إمضاء الصفقة[16] باعتبار أن ضم الصفقة حق فلا بأس للشريك أن يتخلى عنه مقابل مال .

– إشتراط المشتري عدم أداء الثمن للبائع ، إلا بعد كمال الصفقة بإمضاء بقية الشركاء ويعد هذا الشرط من الشروط التي يقتضيها العقد وهو ما ذكر سابقا  .

المطلب الأول : أثار بيع الصفقة النسبة للأطراف .

يترتب عن بيع الصفقة مجموعة من لأثار هامة  وهي كالتالي[17]  :

أولا – بالنسبة للبائع :  تتمثل في أن البيع يكون تاما ومنعقدا في حصة البائع فلا يجوز الرجوع فيه ، كما يلتزم البائع بالعمل على جمع الشركاء وإمضاء الصفقة وذلك مقابل أجر يتقاضاه من طرف المشتري كمقابل لمجهوداته ، كما للمشتري أن يعفيه من هذه المهمة وهو مما يجوز في بيع الصفقة .

ثانيا – بالنسبة للمشتري : يلتزم المشتري بأداء كل الثمن للبائع وللشركاء وذلك عند إمضاء وكمال الصفقة، وأما إذا  ما ضمت الصفقة فإن العقد ينحل بين البائع والمشتري ويستحق بذلك رد ما أداه من أتعاب وما أنفقه من مصاريف ، وذلك باعتبار أن بيع الصفقة لا ينقل الملكية إلى المشتري إلا بعد إمضاء الصفقة .

ثالثا – بالنسبة للشركاء : يبقى الخيار للشركاء إما في قبول البيع وذلك بإمضائه فيصبح المشتري ملزما بأداء جميع الثمن للبائع والشركاء، وإما بضم الصفقة فينحل العقد بين البائع والمشتري ويلزم الشركاء بأداء ثمن حصة البائع وما أنفقه المشتري من مصاريف بمناسبة توصله للمبيع .

المطلب الثاني : أثار بيع الصفقة من حيث الثمار والضمان ولأجل .

  فيما يخص إمضاء وبيع الصفقة فنخص بالذكر هنا كل من أحكام الغلة و الضمان و الأجال.

أولا – حكم الغلة في بيع الصفقة : إذا أنتج الملك المبيع صفقة غلة قبل أن يقرر الشركاء الضم أو التسليم ، فإن تلك الغلة تكون لمن يصبح مالكا لجميع الحصص[18] ، فإذا  أمضى الشركاء البيع صفقة للمشتري ، تملك هذا الأخير غلة المبيع ، وإذا  ضم الشريك المبيع تملك غلته ولا يكون للمشتري شيء منها ، فلا يملك المشتري المبيع ولا غلته إذا  لم يمض كل الشركاء على البيع ولو بقي واحد.

مقال قد يهمك :   رهن الحسابات البنكية على ضوء القانون 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة و القانون 15.95 المتعلق بمدونة التجارة

وفي هذا نجد في نوازل سيدي عبد القادر الفاسي ما جاء عن القاضي العلامة سيدي محمد بن سودة  :

والغلة في بيع الصفقة انما هي لضامها واحدا كان أو متعددا ، قارن الضم البيع بأن كان يومه أو تآخر عنها يسيرا أو كثيرا من الزمان ، وأما المشتري فليس له من الغلة شيء إلا إذا  أكملت له الصفقة ، ومهما لم تكمل فلا شيء له من غلة المشتري ولا نصيب البائع ولا من نصيب المبيع عليه ، وهو ما وافقه عليه سيدي عبد القادر الفاسي[19] .

لكن ما مصير الغلة في المبيع أو هلاكه إذا  ما وقع البيع صفقة ، فتغوفل الشركاء ولم  يطالبوا بالضم ولا بالإمضاء أو طولبوا ولم يفعلوا شيئا ؟

الظاهر في هذه الحالة أن نصيب البائع من الغلة للمشتري ، لخروجه من ملك البائع .

أما بالنسبة للشريك فإن لم يكن له علم بالبيع تملك نصيبه من الغلة ، أما إذا  علم  بالبيع وسكت بلا عذر فإنه يتملك الغلة ، فالسكوت ليس برضى وهو قول ابن رشد ، في حين عد البعض الآخر الغلة من نصيب المشتري[20] .

ثانيا – ضمان المبيع : تجري أحكام الضمان في بيع الصفقة قياسا على أحكام الغلة السابق ذكرها ، وذلك إستنادا على قاعدة – الخراج بالضمان – فمن تكون له الغلة يكون عليه الضمان وهو معنى قولهم ” من له النماء فعليه التوى ” .

غير أن الأخد بهذه القاعدة يجعل الضمان على من يتملك المبيع أخير وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى أن يسلم الشركاء المبيع تالفا للمشتري فيتحمل ضمان هذا التلف ، أو أن يؤدي إلى تعمد المشتري إتلاف المبيع من أجل الزام الشركاء بالإمضاء .

هذا ما جعل الأستاذ محمد ابن معجوز يقترح  تطبيق أحكام الشفعة فيما يخص الضمان وهي على الشكل التالي:

الأول : أن يحدث التلف أو النقص بغير عمل المشتري أو بعمله ولكن لمصلحة ارتئاها ، كما إذا  هدم جدارا يريد أن ينقض ولم يبن غيره وفي هذه الحالة يكون الذي يملك في الأخير العقار المبيع صفقة هو الذي يتحمل مغبة ذلك التلف أو النقص.

الثاني : أن يتسبب المشتري في ذلك النقص لغير مصلحة ، كما إذا  هدم جدارا لا مصلحة في هدمه أو أتلف بعض الأشجار ، فإن المشتري يضمن ذلك النقص الذي أحدثه في ذلك العقار[21].

ثالثا : أجال بيع الصفقة  .

لما كان للشركاء المصفقة عليهم الحق في إمضاء البيع وأخد ثمن حصصهم  أو فسخ البيع وضم المبيع ، فإن هذا الإختيار يجب أن يقرر داخل أجل معين ابتداء من تاريخ علمهم بالبيع وإلا سقط الحق في الضم وفي هذا تختلف الحالات :

– إذا  كان الشريك حاضرا في مجلس العقد ، فإنه يلزم بالتعبير عن موقفه من البيع ولا عد السكوت إمضاء على البيع ويسقط حقه في الضم  .

– إذا  لم يكن الشريك حاضرا في مجلس العقد ،وأوقفه البائع أو المشتري إما على الضم أو الإمضاء فإنه يجبر قضائيا على ذلك دون إهمال ولا تأخير[22] كالشفعة ، غيره أنه إذا  لم يلزم الشركاء بالتعبير عن موقفهم فإن مرور أجل سنة من العلم بالبيع لا يسقط حقهم في الضم على عكس الشفعة .

– أما بالنسبة للمدة التي يكون السكوت خلالها مسقطا لحق الشريك في ضم المبيع فقد اختلف الفقه حولها[23] ، غير أن ما جرى به العمل هو أن حق الشريك في الضم بسقط بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ العلم بالبيع .

فإن لم يعلم الشركاء بالبيع أو كان لهم عذر من الأعذار المذكورة في الشفعة كان هو السبب في ترك القيام بالضم داخل الأجل فهم على حقهم في إختيار الإمضاء أو الضم ولو طالت المدة[24].

خاتمة :

وعليه فمن خلال دراسة بيع الصفقة ، تبرز مميزات ومحاسن هذا النوع من البيوع ، من حيث توسيع مساحات العقارات و الحد من المنازاعات التي تثور عادة في إستغلال الملك المشترك ، كإستبداد أحد الملاك بكل الملك أو إهمال  الملك المشترك وعدم تنميته وإستثماره نتيجة عدم الوفاق بين الملاك ، مما يهدد بضياعه وتلفه ومن جهة أخرى تبسيط مساطر قسمة الشيئ المشترك الذي لا يقبل القسمة والذي يتطلب فيه رفع الأمر إلى القاضي ، وهو ما يفضي غالبا إلى إطالة أمد النازع وإنهاك المتقاضين ماديا ومعنويا .

وفي هذا الإطار جاء عن الأستاذ عبد الكريم كنون أن البروفيسور ميسو قال :”  أنكم في المغرب بمسائل العمل برهنتم على تفتحكم وحللتم مسائل عويصة كما في مسألة بيع الصفقة ، التي نعاني منها في أوربا مانعاني ، فكم من قصور  شامخة أصبحت عرضت للتلف أو يستبد بها أحد الشركاء ، ولا يمكن للباقي من ملاكها أن يفعلوا شيئا ، ولابد أننا سنأخذ بمسألة بيع الصفقة في يوم ما ، وقال الأستاذ كنون عقب هذا الكلام : فهذه نظرة رجل من رجال القانون الأجانب  الى مسألة العمل تدل على قيمتها التشريعية العظيمة …..”[25]


الهامش:

[1]– محمد ميارة الفاسي ، تحفة الاصحاب والرفقة ببعض مسائل بيع الصفقة ، تقديم وتحقيق عبد السلام حادوش ، مطبعة الصومعة ، دجنبر 1995 ، ص: 90 .

الدراسة والتحقيق  منشورة أيضا بمجلة المدونة ، مجلة فقهية شرعية فصلية محكمة تصدر عن مجمع الفقه الإسلامي بالهند ، السنة الرابعة ، العدد المزدوج (12-13) رجب –شوال 1438 ه / أبريل (نيسان) – يوليوز ( تموز) لسنة 2017 ، مؤسسة ايفا للطبع والنشر ،نيودلهي ، الهند ، ص : 576 الى 613 .

[2]– ويقصد بما جرى به العمل في الفقه المالكي  هو” العدول عن القول الراجح أو المشهور الى القول الضعيف في بعض المسائل رعيا لمصلحة مجتلبة أو مفسدة مدفوعة أو عرف جار، مع إستقرار القضاء عليه وعمل القضاة به .

مقال قد يهمك :   أبرز مستجدات القانون 73.17 المغير و المتمم للكتاب الخامس من مدونة التجارة.

إذ اعتمد مالك عمل اهل المدينة في استنباط بعض الأحكام وترجيح القول بالعمل فيما اختلفت فيه الاراء وتعارضت المصادر لأنه يرى ان أهل المدينة كانوا أقرب من مواقع الوحي واجدر ان يحافظوا على ما سمعوه وتعلموه ، وما يجري به عملهم لا شك أن يكون قد رؤى وسكت عنه على الاقل من الرسول ومن الصحابة بعده وهم حديثوا عهد بالنبوة وبالتشريع واجتهاد الصحابة الأول ين .

          – أنظر  :  – المهدي الوزاني ، تحفة أكياس الناس بشرح عمليات فاس  ، ط وزارة الأوقاف ، 2001 ، الجزء الأول ، ص :43 .

                      – علال  الفاسي ، مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها ، دار الغرب الإسلامي ، الطبعة الخامسة 1993 ، ص: 151-152.

[3]– ونميز هنا ما بين العمل المطلق الذي يسري على عموم بلاد المسلمين ، والعمل المقييد الذي يسري فقط في نطاق جغرافي ضيق .

[4]“- Le dahir du 7 février 1953 sur le bien de famille precise ،dans son article 16,que les prescription édictées ne font pas obstacle a l’exercice par chacun des indivisaires, du droit de safqa،quecedroit ne peuttoutefoisetresur la portion du fondsconstituéou qui doitetreconstitué en bien de famille,qu’il en sera tenu,comptedans la distribution du prix de la vente entre les copropriétaires”.

-PAUL DECROUX , DROIT FONCIER MAROCAIN , droit privé marocain , 2 edition ,complétée et mise a jour , editions la porte 281  avenue Mohammed 5 , RABAT ,1977, p:37-39.

[5]– يقول الشيخ ميارة في تحفة الأصحاب : ان عدول بلدنا ” فاس ” لا يعتقدون أن بيع الصفقة يجري في غير الاصول بل المعتقد عندهم أنه خاص به دون سواه .

–  سليمان الحمزاوي ، أحكام الصفقة في العمل المغربي تبعا لفاس ، سلسلة دروس المعهد 1983 : ص : 207 .

[6]– القرار عدد 622 الصادر بتاريخ 14 نونبر 2017 في الملف المدني عدد 1392/4/12016 ، منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة 2017 ، ص :24

[7]– وتتحدد هذه الشروط في :

    – الشركة في الشي الذي يريد بيعه صفقة .

    –  أن لا يقبل الشيئ المشترك القسمة .

    – أن يتحد مدخل الشركاء في المشترك .

    – أن يكون الشيئ المشترك مما يتضرر بالاشتراك فيه لكونه متخذا لانتفاع بعينه .

   –  أن لا يكون الشيئ المشترك فيه متخذا للتجارة .

   –  نقصان حصة مريد البيع إذا  بيعت منفردة وعدم التزام الشريك ببيع كل الملك المشترك أو أداء قيمة النقص في حصة الشريك .

   – أن لا يبعض طالب البيع حصته .

   – أن يكون المشتري أجنبيا .

[8]– النوازل الصغرى المسماة ب ” المنح السامية في النوازل الفقهية ، تصنيف اللإمام أبي عيسى سيدي محمد المهدي الوزاني، تحقيق محمد السيد عثمان ، الجزء الثالث ، دار الكتب العلمية ، بيروت لبنان ،  ص: 228 .

[9]– وهو ما ورد عن ابن الحاج في المعيار للونشريسي ، وأيده الأستاذ محمد ابن معجوز .

      راجع : محمد ابن معجوز ، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، طبعة 1999 ،ص : 253-254 .

[10]– قرار عدد 502 الصادر بتاريخ 12 أبريل 1983 في الملف العقاري عدد 78513 ، منشور بقضاء المجلس الاعلى – العدد 33-34 ص: 75 .

[11]– للمزيد من الاطلاع راجع : لأستاذ سليمان الحمزاوي ، مرجع سابق، ص:205-206 .

[12]قرار رقم 6110 صادر عن المجلس الاعلى بتاريخ 22 نوفمبر 1995، في المدني رقم 4764 – 61 – 94.

 – كما قال صاحب العمل :” وضمها على الذي قد باع   يجري على ذلك ما استطاع “[13]

[14]– القرار عدد 341 الصادر بتاريخ 21 يونيو 2016 في الملف المدني عدد 2015/1/4/2015 ، منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض ، 2017 ص: 12 .

 – سليمان الحمزاوي ، مرجع سابق ،ص : 208 .[15]

 – لقول صاحب العمل : ” وجاز ان يدفع بعض الثمن     قبل كمالها لبعض فاعتن ” . [16]

[17]– للمزيد من الاطلاع راجع : محمد ابن معجوز ، مرجع سابق ،ص : 257–260

 –  مرجع سابق ،  ص : 273 [18]

[19] – النوازل الجديدة الكبرى فيما لأهل فاس وغيرهم من البدو والقرى المسماة ب ” المعيار الجديد الجامع المعرب عن فتاوى المتآخرين من علماء المغرب ، تصنيف الإمام أبي عيسى المهدي الوزاني ، تحقيق محمد السيد عثمان ، الجزء الخامس ، دار الكتب العلمية ، بيروت لبنان ، ص : 190 .

[20] – مرجع سابق ، ص :172 .

 –  محمد ابن معجوز ، مرجع سابق ، ص: 227 و 275 .[21]

 -محمد ميارة الفاسي ، تحفة الأصحاب والرفقة ببعض مسائل بيع الصفقة ، مرجع سابق ،  ص 142 [22]

[23]– إذا  قال ابن رشد : عاما واحد . وقال مختار ابن سهل : عامان اثنان ، في حين يرى يرى بعض الفقه ومن بينهم سيدي عبد القادر الفاسي أن السكوت لا يسقط حق الشريك في الضم ولو طالت المدة ، حتى يعرب عن موقفه تلقائيا او جبرا .

[24]–  سليمان الحمزاوي ، أحكام الشفعة والصفقة ،مرجع سابق ،  ص : 216

[25]– مذكور في كتاب تحفة الاصحاب والرفقة ببعض مسائل بيع الصفقة ، تقديم وتحقيق عبد السلام حادوش ، دجنبر 1995 ،ص : 86 .

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]