مجلة مغرب القانونالقانون الخاصبريان المولود: مظاهر نجاعة التسيير في النظام الحديث للشركات التجارية -ضمانة هامة لحكامة جيدة-

بريان المولود: مظاهر نجاعة التسيير في النظام الحديث للشركات التجارية -ضمانة هامة لحكامة جيدة-

 بريان  المولود  طالب باحث في سلك الدكتوراه قانون خاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول ، وجدة .

مقدمة:

تولى المشرع  من خلال القانون 95 .17 المنظم لشركه المساهمة على إصلاح نظام التسيير وإدارة شركة المساهمة بوسائل متعددة أهمها التنصيص على منصب رئيس مجلس الإدارة وإحداث نظام الإدارة الجماعية ومجلس الرقابة وهذا النظام الاختياري لمن يريده أن يتبناه عوض نظام مجلس الإدارة واقتبسه المشرع المغربي من القانون  الألماني الذي لا يعترف سوى بهذا النظام الجماعي في الإدارة لتسيير شركه المساهمة  ، ويأتي اقتباس هذا النمط الحديث في إطار البحث عن مواكبه الركب العالمي في مجال حكامة الشركات و التي من أجلها جاء المشرع بالمدونة المغربية لحكامة الشركات  ، فضلا عن تعديل قانون 95 . 17 بموجب قانون 05-20 هذا التعديل خفف من حدة الانتقادات التي وجهت للقانون 95 17 الذي وصف بكونه جاء  بعيدا عن الوضعية الاقتصادية المغربية [1] ، كما عبر بعض الفاعلين  الاقتصاديين عن رفضهم لكثير من مواد التي لا تراعي طبيعة شركات المساهمة المغربية” العائلية ” في اغلب الحالات [2] ومغالاته في السلبيات  وتمييزه بطابع زجري متشدد والذي نجم عنه تحول العديد من شركات المساهمة الى شركات ذات مسؤولية محدودة ،وهو ما استدركه قانون20.05 الذي أدخل مبادئ الحكامة في تسيير هذا النوع من الشركات وذلك من خلال تجاوز بعض التعقيدات السابقة وإرساء تدابير جديده تساعد على تكريس الشفافية في التدبير وعقلنه الإدارة عبر اطفاء فعالية أكبر على طريقة تسيير شركة المساهمة ذات مجلس الإدارة حيث ارتأى الفصل بين مهام رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وحماية الادخار.  كمظهر من مظاهر الحكامة الجيدة في التسيير و التدبير  والتخليق وفق الآليات وأساليب المستحدثة في التدبير و التسيير  .

ويحتل موضوع التسيير في الشركات التجارية 5.96 أهمية نظرية تتمثل في حجم التنظيم القانوني المخصص لأحكام التسيير ، والذي لا يدع فراغ تشريعي في هذا المجال ، وكذا ثمرة الكتابات الفقهية التي تناولت هذا الموضوع بالدراسة .اما الأهمية العملية للموضوع فتتثمل في دور الأحكام المنظمة للتسيير في تحقيق نجاعة المشاريع الاقتصادية وضمان استمراريتها مهما كان الشكل الذي اتخذته الشركة التجارية وكذا تعزيز آليات الحكامة الجيدة لخلق المشاريع الاقتصادية ذات مناعة وقدرة على مواجهة المنافسة الوطنية والدولية . في أفق تحقيق رهانات اقتصادية وطنية انطلاقا من هذه الأهمية يصبح مشروعا طرح الإشكالية التالية :

 هل استطاع المشرع بالفعل من خلال المقتضيات القانونية المنظمة للتسيير وفق قانون 95.1 الرقي بجودة الأداء ونجاعة المشروع الاقتصادي وكذا خلق مشاريع ذات مناعة وقابلية لاستمراره  تحقيقا للاستراتيجية الوطنية ذات أبعاد اقتصادية ، و ذلك عبر التنزيل السليم والناجع لأسس الجديدة في التسيير والتخليق كضمانة هامة لحكامة جيدة  ؟

1- الأسس الجديدة في التسيير ضمانة هامة لحكامة جيدة

 نجد المشرع المغربي في قانون 95 17 نص على الازدواجية في نظام تسيير وإدارة شركة المساهمة مقتبسا ذلك من القانون الفرنسي لسنه 24 يوليوز 1966 المقتبس بدوره عن نظيره الالماني[3] .  ويهدف النظام الحديث إلى تبسيط طريقة إدارة شركات المساهمة لإضفاء فعالية عليها عن طريق وضع حد لتداخل السلط الملاحظ في نظام التقليدي ، حيث يصبح الرئيس هو الممارس الفعلي للإدارة والتسيير  ، ويتحول باقي أعضاء مجلس إدارة إلى مراقبين فتتداخل من ثم مهام الإدارة والتسيير مع مهام المراقبة الممارسة من قبل الهيئة.

 ويعمل هذا النظام بتوفير حمايه وضمانات افضل للمستثمرين  من حيث أنه يسمح للمساهمين الرئيسيين في الشركة بعدم الاشتغال بأمور التسيير اليومي وترك ذلك الى معاونين مؤهلين وأكفاء  ، مع الاحتفاظ بحق التدخل في رسم السياسية العامة للشركة وتحديد توجيهاتها الأساسية ، وما يميزه أيضا الحد من تراجع دور الجمعية العامة في المراقبة ، وهكذا نجد مجلس الإدارة الجماعية يجمع بين صلاحيات الرئيس  ومجلس الإدارة أما مجلس الرقابة فيعد هيئه دائمه للمراقبة لها فعالية أكبر بكثير من الجمعيات العامة[4].

إضافة إلى الأسلوب التقليدي فإن المشرع الالماني أوجد نظام الإدارة الجماعية باعتباره أسلوب حديث في إدارة وتسيير شركة المساهمة ، ويسعى هذا الأسلوب إلى الفصل ما بين وظيفة التدبير ووظيفة المراقبة حيث حل محل مجلس الإدارة التقليدي جهازين أحدهما اسندت له مهمة قيادة الشركة والثاني مكلف بمراقبة الأول باسم حاملي رؤوس الأموال ويتشكل من المنتدبين من قبل الجمعية العامة.

 وما يميزه أيضا الحد من تراجع دور الجمعية العامة في المراقبة ، من خلال التقوية المفرطة لصلاحية جهاز مجلس الرقابة حتى اضحي التدبير المزدوج الذي تعرفه شركة المساهمة ذات مجلس الإدارة الجماعية وذات مجلس الرقابة ، بالنظر الى المهام الجسام التي أصبح يطلع بها هذا الاخير فيما يخص الرقابة الدائمة والمستمرة لأعمال مجلس الإدارة الجماعية ، أدت إلى جعل دور الجمعية العامة لا يعد أن يكون إلا شرفيا [5] . وهكذا نجد أن مجلس الإدارة الجماعية يجمع بين صلاحيات الرئيس ومجلس الإدارة  دائمة للمراقبة لها فعالية أكبر بكثير من الجمعية  العامة[6] .

ومن خلال هذا النظام الحديث سنعمل على البحث في ماذا فعاليته في تجاوز السلط في نظام التقليدي وتجاوز العوائق التي اقرها نظام مجلس الإدارة من خلال السيطرة الفعلية على التسيير وتحقيق مصالح أقلية المساهمين في تسيير شركه المساهمة. وعليه لن نخوض في تعيين مجلس الإدارة الجماعية لأنه يخضع تقريبا لنفس   ضوابط التعيين المنصوص عليها في النموذج الكلاسيكي “المادة 78 “[7]اللهم اذا استثنينا أن القانون يشترط في أعضاء مجلس الإدارة الجماعية أن يكون اشخاص طبيعيين تحت طائلة بطلان التعيين “الفقرة الثالثة من المادة 79 ” ، وهذا  عكس  أعضاء المجلس الإداري كما أن أعضاء مجلس الإدارة الجماعية يمكن أن يتم اختيارهم من خارج المساهمين ويمكن أن يكون من أجراء الشركة ، وفي ذلك اختلاف ايضا مع مجلس الإدارة التقليدية الذي يلزمه القانون بأن يكون كل أعضاء مجلس الإدارة من المساهمين في الشركة “فصل 2 من ماده 79”.

ويهدف المشرع من اتاحه الفرصة لمجلس الرقابة لتعيين طاقم الإدارة الجماعية حتى من خارج المساهمين إلى ضمان المهارة و الكفاءة الفنية والرفع من مردوديه الشركة التي قد لا تتوفر في المساهمين ، وبهذا فإن النظام الحديث يقوم على مجلسين مجلس الإدارة الجماعية الذي يطلع بمهمه إدارة وتسيير الشركة ومجلس الرقابة الذي يسند إليهم مهمه تسليط الرقابة على أعمال المجلس الإدارة الجماعية.

 يقوم مجلس الإدارة الجماعية بتمثيل الشركات في علاقتها مع الاغيار ممثلا في ذلك من طرف رئيسه أو المدير العام وليس معني ذلك أن المجلس هنا لا يباشر مهمه بصفه جماعيه إنما واقعه التمثيل تقتضي أن تتم هذه الممارسة من طرف الرئيس أو المدير العام الوحيد وذلك في حاله الشركة التي يقل رأس مالها عن مليون ونصف درهم[8].

 فواقعة  التمثيل التي يمارسها الرئيس انما تقتصر على نقل وجهة  نظر الشركة ، بعد أن يكون المجلس كهيئة جماعية عبر على ذلك من خلال مداولاته ، وذلك وفق  الشروط التي يضعها النظام الاساسي[9]  ، وفي حاله تضمن هذا الاخير نص يخول لمجلس  الرقابة الترخيص لواحد أو أكثر من أعضاء المجلس تمثيل الشركة   وعند الاقتضاء   ،  ولهم جميعا   أن يصبح المجلس له صلاحيات تمثيل الشركة أمام الأغيار مجتمعا أو بكل عضو منفردا منه على حده  ، وعليه فإن مجلس إدارة الجماعية يلعب دور صلة  وصل بين الشركة والغير وتتمحور سلطاته في إدارة الشركة والتصرف باسمها[10]  ، وهكذا فإن الشركة في علاقتها مع الأغيار تمثل من قبل الرئيس مجلس الإدارة أو المدير العام الوحيد وكذلك من قبل أعضاء المجلس المؤهلين  لهذه الغاية  ، إلا أن تمثيل الشركة  لدى الأغيار لا يمكن أن يتطلع به باقي أعضاء المجلس حيث يعتبرون في هذه الحالة إداريين فقط  ، وذلك وفقا لمبدأ توزيع الاختصاص داخل مجلس الإدارة الجماعية حسب الخبرة و الكفاءة الأمر الذي يعرف حمايه أكثر للشركة والأغيار تحقيقا للحكامة الجيدة في تدبيرها.

مقال قد يهمك :   قراءة في مشروع القانون التنظيمي 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع  الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها  في مجال التعليم  وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية

 ونجد المشرع الفرنسي منح تمثيل الشركة ايضا إما لرئيس مجلس الإدارة الجماعية أو للمدير العام في حاله كونه خارج أعضاء المجلس ، ويظل الرئيس في النظام الحديث للإدارة مجرد منفد لقرارات مجلس الذي يبقى منعقدا بكافة الصلاحيات.

إن مجلس الإدارة الجماعية تتمحور سلطاته في إدارة الشركة والتصرف باسمها، ولهذه الغاية   يجب أن يتوفر على سلطات واسعه   وهو يلعب ايضا دور زعيم الشركة يسهر على نشاطها التقني والتجاري والمالي ،  إذ يمكنه أن يمنح قروضا والحصول على سلطات ، وهو الذي يخبر ويعطي الحسابات لمجلس المراقبة والجموع العامة وينفذ القرارات ويصادق على النسخ وعلى نظائر محاضر جلسات الجموع العامة ، كما أنه آليه تعود الاختصاصات الاجتماعية والإدارية القضائية الممنوحة عادة لرئيس مجلس الإدارة في الاسلوب التقليدي.

 ومن أهم اختصاصات مجلس الإدارة الجماعية استدعاء الجمهور العام خاصه عند اختتام السنه المالية أو عند حدوث سوء تفاهم بينه  وبين مجلس الرقابة ، عندما يرفض هذا الاخير ترخيص معينا ، وكذلك عندما يصبح عدد أعضاء مجلس الرقابة دون العدد القانوني   ،أو عندما تصبح أصول الشركة أقل من ربع رأسمالها ، كما أنه هو الذي يحضر جدول أعمال الجمع العام عندما يكون هو صاحب الدعوة  للانعقاد ويدرج في هذا الجدول مشاريع القرارات التي يتلقاها من قبل المساهمين[11].

إلى جانب هذا فإن مجلس الإدارة الجماعية يلتزم بتقديم عدة قرارات الى الجهاز المكلف بمراقبه أعمال الإدارة ، أي مجلس الرقابة وفي قرارات تتعلق بالتسيير أو بالعمليات المالية ، وأهم هذه القرارات هو قرار نهاية السنة المالية الذي يجب أن يتضمن بدقه موضوع نشاط الشركة ونشاط فروعها خلال السنة المنصرمة ، وذلك اقرارا للشفافية والحكامة في تسييرها كما يجب أن يتضمن التقرير الذي انجزته الشركة الصعوبات التي واجهتها واخيرا توقعات المستقبل ، كما أنه يتوجب عليه أن يقدم جردا عن أصول وخصوم الشركة ويقدم نتائج ذلك للمساهمين.

وعليه ايضا أن يعمل إلى جانب مراقبي الحسابات باستدعائهم لمجالس ولحساب الجموع العامة ، كما يتوجب عليه أن يجيب على كل اسئلتهم ويقدم إليهم الوثائق اللازمة التي قد تساعدهم في مهامهم.

إن السلطات الممنوحة لمجلس الادارة الجماعية  ليست بالسلطات مطلقة ، بل هي  في حقيقتها سلطات مقيدة  وهي تجد أساسها في نظريه التفويض ، التي ترى أنها تحكم واقع شركة المساهمة من بداية التفكير في انشائها حتى انطلاق ذمتها المالية و ممارسه نشاطها[12] .

غير أن هناك سلطات رغم هذا التفويض وعدم المنازعة فيه يجب الرجوع الى صاحب التفويض ذاته ، ذلك لأنها تصرفات أو سلطات على جانب من الخطورة تمس الكيان الاقتصادي للشركة فكان لابد عند ممارستها من طرف مجلس الإدارة الجماعية من الحصول على ترخيص مسبق من طرف مجلس الرقابة وامام من طرف الجمعية العامة.

غير أن عمليات الحصول على ترخيص مجلس الرقابة لا تتم بسهولة في جميع الأحوال ، فقد يرفض مجلس الرقابة منح ترخيص لأجراء عمليات معينة ، هل معنى ذلك أن تتوقف أمور الشركة وتتعطل مسيرتها؟ المشرع  حسم الأمر وأوجد الحل حيث  نص في ” المادة 104″ [13]في فقرتها  الثانية على عرض مجلس الإدارة الجماعية على الجمعية العامة.والخلاف القائم بينه وبين مجلس الرقابة قصد البث في الخلاف ، باعتبارها مصدر السلطات جميعا في الشركة ، وعليه فإن مجلس الرقابة لن يستطيع حرمان المجلس الإدارة الجماعية من أي ترخيص فيه نفع واضح للشركة تحت طائلة اثارة مسؤوليته ومحاسبته، لأن الخلاف يعرض على انظار الجمعية العامة عند حصول نزاع بين المجلسين ، ومن أهم السلطات المقيدة التي يحتاج في ممارستها مجلس الإدارة  الجماعية إلا بإذن مسبق من مجلس الرقابة ، تتجلى في كل اتفاقات المبرمة بين الشركة وأحد أعضاء مجلس إدارتها الجماعية أو مجلس الرقابة[14] فيها أو أحد المساهمين فيها الذي يملك بصفة مباشرة أو غير مباشرة أكثر من خمسه في المئة من رأس مال أو من حقوق التصويت ، كما تخضع الاتفاقات التي يكون معينا بها بصورة غير مباشره أحد الاشخاص المشار إليهم أعلاه ،  أو التي تعاقد بموجبها مع الشركة عن طريق شخص وسيط ،فضلا عن الاتفاقات المبرمة بين شركة وإحدى المقاولات لنفس الترخيص إذا كان أحد أعضاء مجلس الإدارة الجماعية و مجلس الرقابة في الشركة مالك لتلك المقاولة أو شريك فيها مسؤولا فيها بصفه غير محدودة ، أو مسير لها أو متصرفا فيها أو مديرا عاما أو عضوا بجهاز إدارتها الجماعية أو في مجلس الرقابة فيها  .

كما تخضع لإذن سالف عن مجلس الرقابة تفويت الشركة لعقارات بطبيعتها ، وكذا التفويت الكلي أو الجزئي للمساهمات الموجهة في أصولها الثابتة -تكوين تأمينات والكفالات والضمانات الاحتياطية والضمانات- باستثناء الشركات الممارسة للنشاط المصرفي أو المالي   كالمصاريف ومؤسسات الائتمان والقرض-.

إن تدخل مجلس الرقابة يعد أمرا ضروريا تقتضيه طبيعة الشركة ومهامها الرقابية الدائمة ، وأن كان يعاب على وجود هاته تراخيص إغراق عمل الشركة وتوجه نحو تعسف مجلس الرقابة في حالة وجود تصادم في المصالح بينه وبين مجلس الإدارة الجماعية ، كما أنها قد تجعل من مجلس مسيرا فعليا[15].

 خول المشرع للجمعية العمومية سلطات واسعه بشأن العملية التسييرية للشركة ، لكونها تعد صاحبة الاختصاصات خاصه ما يصدر من مؤسسة الشركة ، ومن بينها مجلس الإدارة  فهو يمدد بناء على تفويض من الجمعيات العامة في النظام الحديث أيضا من خلال التدخل المباشر في عمل يتصل بإدارة  الشركة    ويتعلق الأمر بتعديل النظام الاساسي[16] أو تعيين مراقبي الحسابات ،  ويلاحظ أن نظام الحديث الإدارة يعمل على تقوية دور جمعيه العامة التي تتصف بالبرلمان الغائب كما عبر على ذلك أغلب الفقه .

مقال قد يهمك :   عبد الكبير الصوصي: أي ضمانة للمتضرر من قاعدة التطهير في العقار المحفظ؟

  وبالتالي فالنظام الحديث خول للجمعية دورا حاسما في اتخاد القرارات المهمة في حياة الشركة مادامت هي صاحبه الاختصاص لحل الخلافات التي يمكن أن تقوم بين مجلس الادارة الجماعية ومجلس الرقابة.

2- مظاهر التخليق والحكامة  في تسيير شركة  المساهمة وفق  الآليات والأساليب المستحدثة في التدبير و التسيير

  تعتبر شركه المساهمة  ذات مجلس الإدارة وذات مدير عام واحد من المستجدات التي جاء بها قانون 05-20 ، والتي أتت  لتحسين أساليب الحكامة  في تسيير شركة  المساهمة[17]  و إضفاء  فعالية أكبر على طريقه تسيير شركه المساهمة ذات مجلس الإدارة ،  وخلق بديل لنمط الإدارة التقليدية المتمثل في جمع الرئيس المدير العام لمنصب رئيس  مجلس الادارة [18]ومنصب المدير العام في نفس الوقت ، كما أتى هذ ا النمط  التدبيري كبديل لنظام المجلس الجماعي ومجلس الرقابة نظرا للتعقيد الذي يكتنفه وتواجد جهازين للتدبير  يكتنفانه[19]، ولهذا فقد اثبتت التجربة العملية أن العديد من شركات المساهمة ذات مجلس الإدارة وذات  المدير العام الوحيد[20] عن فعالية و نجاعة في تنزيل مبادئ و قواعد  الحكامة الجيدة ،   ولا يعتبر هذا النمط التدبيري شكلا ثالثا بل يعتبر نمطا مشتقا من نظام مجلس الإدارة جاء ليفصل بين مهام الرئيس المدير العام كرئيس المجلس الادارة والمدير العام الوحيد كمسير الفعلي والحقيقي للشركة في علاقتها مع الأغيار.

 وإذا كان القانون السابق يسمح بالجمع بين مهام الرئيس والمدير العام ، حيث أن رئيس المجلس الذي من المفترض فيه أن يراقب التسيير الذي كان يباشره بنفسه ، وهو ما يجعل المهام متداخلة وكثيره خاصه في الشركات المتعددة الفروع ، فإن المشرع قد تدخل للاستجابة لتطلعات رجال الأعمال والمستثمرين فوضح دور المدير العام كجهاز تنفيذي مكلف بتسيير اليومي والدائم للشركة ساعده مدير او مدراء عامون منتدبون ، الذين اصبحت تناط بهم تجاه الشركة السلطات التي يحدد مجلس الادارة نطاقها باقتراح من المدير العام.

بالرجوع الى المقتضيات التي خص بها المشرع المدير العام من خلال القانون 95 .17 يتبين بأنه لم يحظى بالعناية التي كان من المفروض أن يحظى بها داخل المنظومة التشريعية السابقة الخاصة بشركات المساهمة ، فالنصوص التي تناولت بالتنظيم هذا الجهاز معدودة   وغير كافية مقارنة مع مؤسسة بهذا الحجم آخذا بعين الاعتبار ما هو معمول به في دول ذات نظم قانونية عصرية كفرنسا مثلا.

 وتتجلى مظاهر القصور في القانون السابق في كون تعيين المدير  يتم  من طرف مجلس  الإدارة  باقتراح من الرئيس ، وفي كون عزله كذلك يتم من طرف نفس المجلس وباقتراح من الرئيس ، وبالتالي هذه الوضعية  جعلت هذا الجهاز مساعدا للرئيس وخاضعا له وهو انتقاص  من أهميته وتقييدا لحريته في القيام بالمهام المنوطة به  ، حيث أن الفقرة   الثانية من  المادة  67 من قانون  95 .17 نصت على قاعدة العزل التلقائي بالنسبة للمدير العام  كلما اقترح الرئيس ذلك على المجلس الإداري ، مما يجعل المدير العام خاضعا لسلطة  الرئيسي  فمصيره مرتبط بهذا الأخير  بل قد يصل الأمر إلى حد تلفيق بعض التهم ذات  الطبيعة  الجنائية  ، كما هو الشأن بالنسبة  للقضية  التي بثت فيها محكمة  النقض  الفرنسية سنه 2006 ، إلا أنه تم رفض الطعن بالنقض   لكون الدفع بتفويض السلط للمدير العام من طرف المجلس الإداري لم يكن كافيا لاتهامه، بحيث اشترطت الفرقة الجنائية أن يكون التفويض قد تم شخصيا من طرف الرئيس ، ولعل هذا الوضع الذي كان يتخبط فيه مدير العام هو الذي حدا بالمشرع الفرنسي اإى التدخل لتصحيحه بموجب القانون الصادر سنه 2001 المذكور.

 وبموجب هذا التعديل أصبح المدير العام يعين من طرف مجلس الادارة مباشرة وبدون اقتراح من الرئيس ، كما أصبح يتولى القيام بمهمة الإدارة العامة للشركة في حالة اختيار مجلس الادارة ذلك، حيث أن المشرع الفرنسي   خول للمساهمين الحق في الاختيار بين شكلين لممارسة الإدارة العامة إما بواسطة الرئيس أو المدير العام ، وهو ما سار عليه المشرع المغربي حينما عدل قانون 95 .17  بموجب قانون 05 20. وهكذا وإعمالا لهذا التصور فإن الإدارة العامة للشركة -والمقصود بها هنا بالتسيير اليومي والدائم بما في ذلك إلزام الشركة اتجاه الاغيار -يتولاها إما رئيس مجلس الإدارة بصفته في نفس الوقت مديرا عاما وحينئذ إذا كان متصرفا فإن مدة مهامه لا يمكن أن تتجاوز مدة انتدابه الفقرة 3 من المادة 67 من قانون 20.05.

 وعلى مجلس الإدارة أن يختار وفق الشروط المحددة في نظام الأساسي إحدى الطريقتين لمزاولة مهام الإدارة العامة ، و اخبار المساهمين بذلك في الجمعية العامة المقبلة مع القيام بإيداع وتقييد ونشر قرار المجلس بشأن ذلك وفق الشروط المنصوص عليها في القانون ، الفقرة 2 من المادة 67 من القانون 05 .20  المعدل والمتمم للقانون 95 .17 . كما جاء ايضا في المادة  67 من قانون 95 .17 المعدل بمقتضى قانون 05-20 حيث خول القانون لمجلس الإدارة  وباقتراح المدير العام أن يفوض شخص أو عدة  أشخاص طبيعيين لمساعدة المدير العام بصفته مدير عام منتدب وبعزل المدير العام في أي وقت من طرف مجلس   الإدارة  ، ونفس الشيء بالنسبة للمديرين العامين   المنتدبين بناء على اقتراح من المدير العام ،  وفي حالة  عدم اسناد العزل على سبب مشروع فإنه يمكن أن يكون محل تعويض عن الضرر ،  إلا إذا كان المدير العام هو رئيس مجلس الإدارة  ولا ينتج عن العزل فسخ عقد عمل المدير المعزول  ،إذا كان أجيرا في نفس الوقت للشركة  ،المادة  6 الفقرة  الثالثة  من القانون 05 .20.

 إن دور المدير العام يكون غالبا أقل شأن من دور رئيس مجلس الإدارة في إدارة شركة المساهمة وتمثيلها ، لذلك يلزم القانون المجلس أن ينتخب رئيسا له ولكن لا يلزم أن يتخذ مديرا عاما وترك ذلك لعهدة  وتقدير رئيس مجلس الادارة.

 إلا أنه قد يرفض الرئيس أن يجمع بين الرئاسة والإدارة العامة، فأجاز له القانون أن يقترح على مجلس الإدارة تعيين مديرا عاما يتولى القيام بمهام الإدارة لحساب الرئيس وتحت إشرافه وعلى مسؤوليته، وبهذا كان المدير العام كمتصرف ثان يساعد الرئيس ومجلس الإدارة في مهام التسيير فالمدير العام في نظر القانون هو وكيل عن الشركة يمثلها في علاقتها مع الأغيار.

وفي التشريع المغربي كانت المادة 75 من قانون 95 .17 المتعلق بشركات المساهمة تنص على أنه تناط بالمديرين العاميين تجاه الشركة السلطات التي يحددها مجلس الإدارة  باقتراح من الرئيس نطاقها وسلطاتها  ، ونجد القانون 20.05 في إطار سعيه  لإضفاء فعالية  أكبر على طريقة  تسيير شركة المساهمة  ذات مجلس الإدارة  ، وكذلك لضمان توازن  أفضل في تحديد السلطات بين أجهزة  الشركة  ، عمل على تكريس مبدأ فصل المهام   المخولة  لرئيس مجلس الإدارة  مقارنة مع متصرف المجلس ، وقد منح للمدير العام سلطات واسعة  للتصرف باسم الشركة  وباستقلال عن رئيس مجلس الادارة[21]، وهناك من الفقه[22] من يرى أن المدير العام قد يتحول إلى غول داخل الشركة  يملك وحده أوسع السلطات التي كان يتعين بقائها للمجلس واعطاء المدير العام السهر على تنفيذ قرار المجلس والجمعيات العامة  وتمثيل الشركة  تجاه الاغيار .

مقال قد يهمك :   نظام الفاتورة الإلكترونية

  فحسب المادة 67 و 74 من قانون  05.20 يتضح أنه جعلت المدير العام يمارس مهامه باعتباره جهازا تنفيذيا مكلفا بالتسيير اليومي والدائم للشركة  ، وبهذا فإن الرئيس لم يعد يتمتع بأوسع السلط  باسم الشركة  وأصبح يمارس مهامه باعتباره جهازا جماعيا[23]  ، كما أن المدير العام اخذ مهام الرئيس في ما يتعلق بمنح كفالات أو ضمانات احتياطية  أو ضمانات باسم الشركة  بناء على ترخيص من مجلس الإدارة  ، كماله الحق بمنح كفالات أو ضمانات احتياطية  او ضمانات للإدارات  الجبائية  والجمركية  وذلك باسم الشركة  ودون تحديد المبلغ[24].

خاتمة:

و عليه وفي اطار بلورة الأدوار و الوظائف التشاركية و التفاعلية لمؤسسة المدير العام عماد و ظهير البنية الهرمية الافقية و العمودية للمشروع الاقتصادي ،والتي تهدف الدينامية التشريعية التي يعرفها المغرب في مجال تأهيل والرقي بمناخ الاعمال تكريسها  ، و علاوة على الصيرورة المتواترة والمسترسلة التي تعرفها المنظومة القانونية المؤطرة للتجارة والمال والاعمال في ظل ظرفية اقتصادية الاستثنائية التي يعرفها العالم للمواجهة التحديات والرهانات التي راهن المشرع المغربي من خلال تجديد وتحديث ترسانته القانونية والتي شكل القانون رقم 20.19 أحد وجه وركائز الحكامة الجيدة التي يحاول المشرع تنزيله على أرضية الواقع والتي يهدف الى تحقيق استراتيجيات الأساسية في تجلياتها الكبرى والمتمثلة  سواء في تعزيز مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة في التدبير والتسيير من خلال تحديث وتكريس وتنزيل الآليات والأساليب والتقنيات المستحدثة في التسيير ، وتعزيزا لمبادئ الشافية والمصداقية والنجاعة والفعالية والإنجاز والتمكين والتيسير والتحفيز والاستقطاب ، كمحددات لبناء صرح المشروع الاقتصادي دو الأبعاد والمرامي والأهداف المترامية الأطراف ولم لحمة المصالح البينية المتعارضة والمتداخلة لعلائق البنيوية والوظيفية لجل المتدخلين في تدبير شؤونها من قريب او بعيد. أو من خلال تحسين مناخ الاعمال، عبر ملاءمة آليات والأساليب المستحدثة مع الممارسات الدولية الفضلى.

 من خلال تكريس الأسس الجديدة في التسيير و التخليق ، مع تعزيز آليات الرقابة لإدارة الرشيدة للشركات كهدف أسمى لتكريس وتفعيل مبدأ المراقبة الداخلية والخارجية للشركة بغية تمكين وتمتيع المساهمين بممارسة حقوقهم، وذلك بالاعتماد على الحكامة الجيدة، كآلية للتسيير والرقابة الفعالة والناجعة والتي من شأنها الدفع بشركة المساهمة إلى الأمام لتحقيق أهدافها ومراميها الكبرى، لكون آليات الرقابية ملاذ الباحثين عن الحماية القانونية والنظامية في تمظهراتها وتجلياتها الكبرى لاستمرارية المشروع الاقتصادي في أداء ووظائفه ذات الابعاد الاقتصادية الاجتماعية. والتي ستعزز من النجاعة المستحدثة في التسيير الحديث للمشروع الاقتصادي.


الهوامش:

(=) تم تحكيم هذا المقال من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية.

[1]M Driss Machichi « droit commercial fondamental au Maroc « imp. Fedela Mohammedia distribution dar kalam rabat 2006 p40.

[2]   رأي الاتحاد العام للمقاولات المغرب أن قانون 95 17 قبل تعديله لا يراعي خصوصيات الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية بالمغرب ويتميز بغلبة الطابع الجنائي.

[3]Riport G. ROBLOT R : « le droit commercial « onzième édition 1983 librairie générale droit et de jurisprudence P :78.

[4]ابراهيم مسعود الصغير: ” الرقابة على مسيري شركات المساهمة في التشريعيين الليبي والمغربي دراسة تحليليه مقارنه ” في الحقوق قانون خاص بجامعه محمد الخامس اكدال كليه العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 2002 2003 ص 128.

[5]عبد الرحيم شميعة: “آليه تدخل المساهم غير المسير في تدبير شركة المساهمة نحو حكامة جيدة » أطروحة لنيل دكتوراه  في القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية فاس 2010-2011. ص: 128 .

[6]ابراهيم مسعود الصغير: ” الرقابة على مسير شركات ” م .س. ص: 128 .

[7]تنص المادة 78 من قانون 95. 17 ” يدير شركه المساهمة مجلس الإدارة الجماعية يتكون من عدد من الاعضاء محدد في النظام الاساسي على أن لا يتجاوز 5 أعضاء غير أنه يجوز أن يرفع نظام الأساسي هذا العدد الى تسعه حينما يكون أسهم الشركة مقيده في بورصة القيم يمكن لشخص واحد أن يزاول المهام الموكولة الى مجلس الإدارة الجماعية في شركات المساهمة أن لا يقل رأس مالها عن مليون و500 ألف درهم يزاول مجلس الإدارة الجماعية مهامه تحت مراقبه مجلس الرقابة.”

[8]  فؤاد معلال : ” شرح القانون التجاري الجديد ” مطبعه النجاح الجديد الدار البيضاء الطبعة الاولى سنه 1999 ص 356 .

[9]المادة 102 الفقرة 3 من قانون 95 .17 المتعلق بشركات المساهمة.

[10]عبد الواحد حمراوي:” تعسف الأغلبية في شركات المساهمة دراسة مقارنة” أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص كليه العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعه سيدي محمد بن عبد الله فاس ، السنة الجامعية : 2010.2011 . ص : 234.

[11]عبد الواحد الحمراوي: م .س. ص: 235 .

[12]ابراهيم مسعود الصغير: م س .ص: 192 .

[13] المادة 104 في صيغتها الجديدة من قانون المغير لقانون 95 .17 المتعلق بالشركات المساهمة.

[14]المادة 95 في صيغتها الجديدة من قانون 05 .20 المغير لقانون 95 .17المتعلق بشركه المساهمة.

[15]  طارق مصدق: ” محاوله في تحديد الجوانب القانونية العامة لأجهزة الرقابة داخل شركات المساهمة على ضوء مستجدات قانون 95 17 الخاص بالشركات المساهمة ” مجلة تصدرها هيئه المحامين بأكادير عدد مزدوج 9/8 دجنبر سنه 1998 ص 60 .

[16]المادة 101 من قانون 95 17 .

[17]عز الدين بنستي: “الشركات في القانون المغربي” مطبعه النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة 2014 ص 106.

[18]   فؤاد معلال: م س ص 21

[19]  عز الدين بنستي: م س ص 107.

[20]نذكر على سبيل المثال ان الشرك المسير لبورصة القيم بالدار البيضاء والتي كانت  تتبنى نظام الإدارة الجماعية ومجلس الرقابة  فقدت راجعت عنه لفائدة شركة المساهمة ذات مجلس الادارة   وذات المدير العام الوحيد.

[21]المادة 74 فقرة واحد ة في صيغتها الجديدة من قانون05.20 المغير لقانون 95. 17 المتعلق بشركات المساهمة تنص” يتمتع المدير العام في حضور غرض الشركة في اوسع الصورة للتصرف بأسهمها في جميع الظروف مع مراعات السلطات التي يخولها القانون صراحة للجمعيات المساهمين والمجلس الاداري كما يمثل الشركة في علاقتها مع الاغيار وتلتزم الشركة حتى بتصرفات المدير العام……   “

[22]احمد شكري السباعي:  ” الوسيط في الشركات و المجموعات ذات النفع الاقتصادي ” الجزء الرابع ، دار النشر المعرفة الرباط 2013. ص 85 .

[23]فؤاد معلال: شرح القانون التجاري م س ص 209 .

 [24] المادة 70 صيغتها الجديدة من قانون 05 .20 المغير لقانون 95 .17 المتعلق بشركات المساهمة.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]