المكان المخصص للاحتفاظ بالحدث بين النص القانوني والواقع العملي
منعم سجورة باحث في العلوم القانونية
إن الاهتمام بالطفولة أصبح يمثل أبرز الدلالات على رقي الأمم والشعوب، ذلك أن نماء المستقبل رهين أساسا بما يحقق من رعاية خاصة للأطفال الحاليين والمقبلين، وما يوفر لهم من شروط النمو السليم والتنشئة الهادفة، بحيث إن من عوامل التقدم والارتقاء في عصر باتت فيه درجة النمو لا تقاس بالأرقام الاقتصادية فحسب، وإنما بمدى تحقيق المواطن لكافه حقوقه، ومحاربة كل الأخطار المحيطة به بدرجة أولى ، خصوصا عندما يتعلق الأمر بظاهرة جنوح الأحداث التي أضحت في تصاعد مستمر ،الشيء الذي قد ينذر بكارثة حقيقية إذا لم يتم معالجتها بالطرق المتطلبة و القادرة على الحد منها.
ويمكن القول أن الاهتمام بموضوع عدالة الأحداث الجانحين في المغرب، بدأ منذ صدور قانون المسطرة الجنائية الصادر في 10/2/1959 الذي نص على قواعد خاصة بالأحداث الجانحين، التي تعد مؤشرا لبروز سياسة جنائية هادفة إلى حماية الحدث الجانح وإعادة تربيته وتهذيبه رعيا لمصلحته ووضعيته الإستثنائية.
إلا أن إصلاح سنة 1974 ( نظام الإجراءات الانتقالية ) ،وما ترتب عنه من إلغاء لقضاء الأحداث ،وما استتبعه من تراجع عن عدد من الضمانات التي كان يتمتع بها الحدث الجانح، كانت له انعكاسات سلبية وذلك من خلال تفاقم الآثار الوخيمة للجنوح كما وكيفا، بفعل العامل الديمغرافي، وتشابك المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي ورثها المغرب من الاستعمار.
لذلك فقد تميزت الفترة الموالية لتاريخ صدور الظهير المذكور، بتزايد الاهتمام بوضعية الطفل بصفة عامة والجانح على وجه الخصوص، وتزايدت الدعوات إلى إعادة الاعتبار للأحداث وللمؤسسات المعهود إليها برعاية الأحداث الجانحين، وإلى التراجع عن إلغاء الضمانات التي كان يتوفر عليها الحدث في ظل قانون المسطرة الجنائية القديم حيث برز ذلك من خلال العديد من الإعلانات والمواثيق الدولية، ولعل من أبرزها اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 التي تعد بمثابة الدستور العالمي الخاص بحقوق الطفل ،و قواعد بكين لإدارة شؤون الأحداث لسنة 1985 وقواعد الأمم المتحدة الخاصة بحماية الأحداث المجردين من حريتهم والمعروفة باسم(قواعد هافانا) لسنة 1990، ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لمنع جنوح الأحداث والمعروفة باسم( مبادئ الرياض) لسنة 1990، هذا بالإضافة إلى العديد من القواعد والاتفاقيات الدولية التي وفرت في بعض نصوص موادها حماية لبعض حقوق الأحداث ،فهذه القواعد والمبادئ والاتفاقيات تعد مزيجا لتجارب الأمم والشعوب والدول المختلفة، الشيء الذي جعلها منطلقا أساسيا لعدالة الأحداث في مختلف الدول، حيث وفرت الخطوط العريضة و القواعد العامة التي ينبغي أن تبنى عليها السياسة التقويمية للحدث.
كل هذا دفع المشرع المغربي إلى محاولة إعادة الاعتبار لقضاء الأحداث، وإعادة النظر في الجهات الموكول إليهما القيام بالبحث والتحقيق في قضايا الجانحين ،لذلك فإن المشرع أخذ توجها موافقا للصفة الخاصة لقضاء الأحداث من خلال قانون المسطرة الجنائية الجديد رقم 01-22، حيث أصبح هذا القضاء مستقلا تماما عن قضاء الرشداء، لما يتميز به إجرام الأحداث من معطيات تختلف أحيانا وبصفة جذرية عن وضعية الرشداء، حيث عمل على إيجاد قواعد وضمانات خاصة بالحدث من خلال المواد من 458 إلى 517 من قانون المسطرة الجنائية، حيث تبنى المشرع مبادئ أساسية في معاملة الأحداث ترمي إلى تقويم سلوك الحدث وإعادة إدماجه في المجتمع، ثم وقايته وحمايته من الانحراف.
وأهم ما يميز المسطرة الإجرائية المتبعة في حق الحدث الجانح ،هي الخصوصية التي يتمتع بها والتي يترتب عليها ضرورة احترام مصلحته الفضلى طيلة مراحل الدعوى العمومية، وخاصة في مرحلة ما قبل المحاكمة، والتي تزداد خطورتها كلما تعلق الأمر بمرحلة البحث التمهيدي، فهذه الأخيرة يقصد بها مجموع التحريات المنجزة من قبل الشرطة القضائية و الرامية بالأساس إلى التأكد من وقوع الجريمة و جمع الأدلة المتعلقة بها و البحث عن مرتكبها استنادا لمقتضيات الفصل 18 من قانون المسطرة الجنائية ، فالثابت إذن أن سلوك البحث التمهيدي يتعين أن يتم وفقا للأسس القانونية، وذلك في احترام تام للضمانات الممنوحة قانونا سواء تعلق الأمر بالرشداء عموما أو الأحداث خصوصا، فهذه المرحلة خصوصا بالنسبة للجانحين تعد فيصلا حقيقيا في مسار تقويمهم ، إذ أن لها تأثير مباشر على نفسيتهم، الشيء الذي جعل المشرع المغربي يربطها بضرورة تقيد الشرطة القضائية بعدة ضوابط و قيود خلال مرحلة الإحتفاظ و ذلك بشكل يضمن الإحترام التام للالتزامات الدولية، اعتبارا لكون أن هذه المرحلة تشكل منعرجا خطيرا في حياة الحدث ،وذلك لارتباطها بجانبه السيكولوجي.
من هنا فإن الإشكال الذي سنحاول بسطه في هذا الإطار ،هو كيف يمكننا القول أن الإحتفاظ يتميز عن الحراسة النظرية خصوصا أن المشرع لم يبرز الخصائص و المعايير التي ينبغي أن تميز مكان الإحتفاظ؟ و ماهو تصورونا لمكان الإحتفاظ استنادا لخصوصية الحدث ؟
أولا: مكان الإحتفاظ بالحدث:
بالرجوع للفصل 460 من قانون المسطرة الجنائية ،نجد أن المشرع المغربي قد أعطى للشرطة القضائية المكلفة بالأحداث إمكانية الإحتفاظ بالحدث المنسوب إليه جرم في مكان مخصص للأحداث لمدة لا يمكن أن تتجاوز مدة الحراسة النظرية ،فالواضح إذن من خلال تتبع فصول قانون المسطرة الجنائية، أن مفهوم الإحتفاظ يختلف عن مفهوم الحراسة النظرية ،وذلك لعلة واحدة مفادها أن الفصل 66 من قانون المسطرة الجنائية ربط هذه الأخيرة بضرورة البحث ،في حين أن تدبير الإحتفاظ لا يلجأ إليه ضابط الشرطة إلا إذا تعذر تسليم الحدث لمن يتولى رعايته أو كانت ضرورة البحث أو سلامة الحدث تقتضي ذلك، فالثابت إذن أن رؤية المشرع بخصوص الإحتفاظ انصرفت إلى استجلاء مصلحته عند محاولة اللجوء لهذا الإجراء.و عليه فإنه من الطبيعي أن تكون لمكان الإحتفاظ عدة مميزات و خصائص تميزه عن مكان الحراسة النظرية غير أن المشرع المغربي لم يعمل على توضيحها بشكل يساعد النيابة العامة في مراقبة مدى استفاء أماكن الإحتفاظ لشروط السلامة، و عليه فإنه في ظل هذا القصور فإنه لا يسعنا سوى تصفح ما جاءت به الإتفاقيات الدولية التي تعد من أهم مصادر التشريع على المستوى الحقوقي بهذا الخصوص ،و عليه فإن كانت هناك مجموعة من الإتفاقيات الدولية المتعلقة بالأحداث فإننا سنقتصر فقط على تلك التي تطرقت لمكان الإحتفاظ .
أ-قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث(قواعد بكين)
لقد أوصت هذه القواعد بضرورة أن يولى اهتمام خاص وكاف لاتخاذ تدابير إيجابية تناسب رهانات التقويم بالنسبة للحدث الموجود في نزاع مع القانون، من هنا نجد أن المادة 2-1 من هذه القواعد قد نصت على ضرورة تهيئة الدول الأعضاء لكافة الظروف الضامنة لحياة هادفة للحدث داخل المجتمع، و لعلنا نقول في هذا الإطار أن اللجوء لإعمال إجراء الإحتفاظ في حق الحدث قد يكون له وقع كبير على مسار حياته ،لذا نجد أن المادة 13 من قواعد بكين قد دعت إلى الإستعاضة عن الإحتجاز عموما الذي يشمل بطبيعة الحال إجراء الإحتفاظ، كما جاءت المادة4-13 بالتنصيص على ضرورة فصل الأحداث عن الرشداء وذلك حماية للجانح من كل خطر قد يهدد سلامته الجسدية و النفسية ،ذلك أنه ينبغي ألا يودع الأحداث في منشأة يكونون فيها عرضه للتأثيرات السلبية من جانب المحتجزين البالغين, وبأنه ينبغي دائماً مراعاة الحاجات الخاصة بمرحلة نموهم،و سيرا في طريق رصد الخصائص التي يجب أن يمتاز بها مكان الإحتفاظ نجد أن قواعد بكين أكدت على حظر حمل السلاح من قبل الموظفين المشرفين على أي مكان للإحتجاز كما يلتزم هؤلاء بحماية كاملة للصحة البدنية و العقلية للأحداث بما في ذلك الحماية من الاعتداء و الاستغلال البدني و العاطفي و يتخذون التدابير الفورية لتأمين الرعاية الطبية لهم كلما لزم الأمر ذلك.
ب-قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم (هافانا1990)
لقد سعت هذه القواعد إلى تكوين معايير مرجعية سهلة التناول وتقديم التشجيع والإرشاد للمهنيين العاملين في مجال تدبير شؤون الأحداث بما يكفل حمايتهم و تقويم سلوكهم الإنحرافي خلال كافة المراحل، و هكذا نجد أن نطاق تطبيق هذه القواعد يبقى جد واسع استنادا للمفهوم الذي أعطي “للتجريد من الحرية” بموجب قواعد هافانا ،و الذي يشمل أي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، أو وضع الشخص في إطار احتجازي عام أو خاص لا يسمح له بمغادرته وفق إرادته، وذلك بناء على أمر تصدره أي سلطة قضائية أو إدارية أو سلطة عامة أخرى ،و عليه فإنه بخصوص موضوعنا فإننا نجد أن هذه القواعد قد نصت من خلال البند 12 على أن التجريد من الحرية ينبغي أن يتم في ظروف و أوضاع تكفل ما للأحداث من حقوق الإنسان.و هكذا نجد البنود من 31إلى 37 تنص على مجموعة من الحقوق التي يتعين أن يتمتع بها الأحداث المجردين من الحرية خلال مرحلة الإحتفاظ و التي نبسطها كالأتي:
-ضرورة أن تتكون أماكن النوم من مهاجع جماعية صغيرة أو غرف نوم فردية تراعى فيها المعايير المحلية، ويتعين خلال ساعات النوم فرض رقابة منتظمة دون تطفل على كل أماكن النوم، بما في ذلك الغرف الفردية والمهاجع الجماعية، ضمانا لحماية كل حدث. ويزود كل حدث وفقا للمعايير المحلية أو الوطنية، بأغطية وأسرة منفصلة وكافية، وتسلم إليه نظيفة وتحفظ في حالة جيدة، ويعاد تغييرها بما يكفى لضمان نظافتها.
-تحدد مواقع دورات المياه وتستوفى فيها المعايير، بما يكفى لتمكين كل حدث من قضاء حاجته الطبيعية، كلما احتاج إلى ذلك، في خلوة ونظافة واحتشام.
-تشكل حيازة المتعلقات الشخصية عنصرا أساسيا من عناصر الحق في الخصوصية، وعاملا جوهريا لضمان صحة الحدث النفسية. وينبغي أن يحظى كل حدث بالحق في حيازة متعلقات شخصية والتمتع بمرافق ملائمة لحفظها.
-تؤمن كل مؤسسة احتجازية لكل حدث غذاء، يعد ويقدم على النحو الملائم في أوقات الوجبات العادية بكمية ونوعية تستوفيان معايير التغذية السليمة والنظافة والاعتبارات الصحية، وينبغي أن يتاح لكل حدث، في أي وقت، مياه شرب نظيفة.
-يحظر استخدام أدوات التقييد أو اللجوء إلى القوة إلا في الحالات الاستثنائية، بعد أن تكون كل طرق السيطرة الأخرى قد استنفذت وفشلت، وعلى النحو الذي تسمح به وتحدده القوانين والأنظمة صراحة فقط. ولا يجوز أن تسبب هذه الأدوات إذلالا أو مهانة، وينبغي أن يكون استخدامها في أضيق الحدود، ولأقصر فترة ممكنة.
-يحظر على الموظفين حمل الأسلحة بأماكن الإحتجاز كما لا يجوز لأي من موظفي مؤسسات الاحتجاز أو الإصلاحيات القيام بأي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة المؤلمة أو القاسية أو اللاإنسانية
-يكفل جميع الموظفين حماية كاملة للصحة البدنية والعقلية للأحداث، بما في ذلك الحماية من الاعتداء والاستغلال البدني والجنسي والعاطفي، ويتخذون التدابير الفورية لتأمين الرعاية الطبية لهم كلما لزمت،
و إذا كنا في إطار موضوعنا قد حاولنا إجراء مسح شامل لمختلف القواعد الواردة بالإتفاقيات الدولية، و التي لها علاقة بالخصائص التي ينبغي أن يتم بها إعمال إجراء الإحتفاظ، فإننا سنجد أنها تشترك في نقطة و احدة، و هي تلك المتعلقة بالفصل عن الرشداء ، كما أننا نكاد نجزم أن المعايير المتعلقة بمكان الإحتفاظ دوليا تشهد أيضا قصورا، اللهم وجود إشارات قد تكون نقطة الإنطلاق حول بناء تصور جامع و مانع بخصوص مكان الإحتفاظ ،من هنا سنحاول خلق تصور حول مكان الإحتفاظ إنطلاقا من مبادئ صون الكرامة الإنسانية.
ثانيا: تصورات حول مكان الإحتفاظ بالأحداث
من الضروري في ظل الفراغ التشريعي بخصوص معايير مكان الإحتفاظ ، إيجاد تصور يراعي خصوصية الحدث، و عليه فإننا سنبني هذا التصور انطلاقا من عدة اعتبارات:
أولا: على مستوى البناية
من الطبيعي أن يكون المكان المخصص للأحداث مختلف عن الزنزانة الخاصة بالرشداء الشيء الذي يتطلب بالضرورة استيفاء هذا المكان لعدة شروط والتي نرصدها كالأتي:
- أن يكون مكان الإحتفاظ مفتوحا خال من القضبان الحديدية، و يحبذ أن يكون متوسط المساحة و ذلك حتى يشعر الحدث بأمان أكبر، شريطة أن لا يزيد عدد الأحداث في المكان عن عشرة، لتفادي التكدس الشيء الذي يتطلب بالضرورة توافر عدة قاعات للإحتفاظ.
- مراعاة الإضاءة والتهوية ودرجة الحرارة في مكان الإحتفاظ ،إذ ينبغي توفير إنارة طبيعية كافية وتنظيم غرفة الإحتفاظ بشكل يسمح بتعرض الأحداث لحرارة الشمس في الشتاء وحجبها عنهم في الصيف ، كما يمكن التحكم بتهوية الغرفة عن طريق التصميم الجيد للنوافذ.
- أن تتضمن الجدران رسوما تشكيلية بألوان زاهية تبعث الأمل في نفس الحدث، فاتساخ الجدران يشكل لا محالة أزمة نفسية للجانح و يجعل هاجس الخوف يراوده.
- أن يتواجد مكان الإحتفاظ بعيدا بشكل كلي عن الزنزانة الخاصة بالرشداء لتفادي سماع نقاشات المحروسين نظريا.
- تجهيز هذه الأماكن بأفرشة و أغطية نظيفة تراعي شروط السلامة الصحية.
- أن تكون دورات المياه نظيفة و قريبة من مكان الإحتفاظ، و أن تتوفر على أحواض لغسل اليدين بصنابير منخفضة مناسبة لقامة الأحداث.
- احتواء مكان الإحتفاظ على صيدلية تتضمن أهم أدوات الإسعاف الأولية.
- تزويد مكان الإحتفاظ بما يضمن عروض مرئية سمعية بصرية (افلام- شرائح- cd – dvd- تليفزيون- راديو….الخ).
- تجهيز أماكن الإحتفاظ بكاميرات مراقبة و أجهزة للإنذار في حالة الطوارئ.
- تجهيز مكان الإحتفاظ بألعاب للتسلية و ذلك بالنسبة للأحداث الذين يقل سنهم عن خمسة عشر سنة وذلك لتخفيف الضغط عنهم.
- أن يتضمن مكان الإحتفاظ حجرة للفحص الطبي.
- أن يتضمن غرفة للمشرفة الإجتماعية أو النفسية.
- مراعاة في مكان الإحتفاظ متطلبات ذوي الإحتياجات الخاصة.
–ثانيا: على مستوى أجهزة الإشراف و الرقابة
إذا كان مكان الإحتفاظ مفترقا حقيقيا في المسار التقويمي للحدث، فإنه سيضم بطبيعة الحال موارد بشرية قادرة على خلق تواصل إيجابي مع الحدث و ذلك في سبيل بناء اللبنة الأولى لإصلاحة، و عليه فهذه الأجهزة لا يمكن أن تخرج عن ما سنبرزه كالآتي:
-جهاز الشرطة القضائية : إن التزام الشرطة القضائية بعدم تعرض الحدث لأي عنف سواء نفسي أو جسدي لا ينحصر فقط في مرحلة الإستماع له، بل يتعداه إلى مرحلة الإحتفاظ ،ذلك أن الحدث الموقوف و الموجود في وضعية احتجاز قانوني لا يمكن أن يضمن أمنه و سلامته الخاصة، إذ على ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث، أن يتخذوا كافة التدابير والإحتياطات اللازمة لوقايتهم من أي عنف محقق داخل مكان الإحتفاظ، كما أنه يقع على عاتقهم ضرورة التواصل الإيجابي داخل أماكن الإحتفاظ و ذلك بتغييب لهجة التهديد و التفوه بالكلام النابي، و استحضار خصوصية الحدث و ظروفه الإجتماعية التي قد تكون عنصرا حاسما في انحراف سلوكياته.
-اختصاصي في طب الأطفال: ما دام الحدث لم يتم ثمانية عشرة سنة فإنه يبقى بحسب المنظور الصحي طفلا و بالتالي من الضروري أن يتوفر مكان الإحتفاظ على طبيب يعنى بالسلامة البدنية و النفسية للأحداث خصوصا أن إعمال إجراء الإحتفاظ من شأنه أن يأثر بشكل مباشر على السلامة الجسدية للحدث ، ونشير إلى أنه يوجد فرق بين طب الأطفال و طب الرشداء لعدة أسباب لعل أبرزها ،إصابة الأطفال أمراضا لا تُصيب سواهم واختلاف الأجسام والحالات البدنية والنفسية من الصغار للكبار،
ختاما أود أن أختم و أقول أن “رحلة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى”، فنقطة البداية هي حتما التي ستأتي بالنهاية المتميزة، وعليه فإن تجسيد فلسفة الإصلاح و التأهيل تبتدئ بمرحلة الإحتفاظ، التي من الطبيعي أن تترك بصماتها بمخيلة الحدث ،خصوصا أنها تكون المرة الأولى التي يضطر فيها لمفارقة بيئته المجتمعية و خوض غمار تجربة قد تكون عاصفة بمستقبله ككل، كل هذا يجعلنا ندعو لضرورة توفر أماكن الإحتفاظ على مقومات الفضاء السليم.
تعليقات 0