المصطفى بنعلي: الولوج إلى العدالة الدستورية: حق الأحزاب في طلب تطبيق النظام القانوني للبرلمانيين بمقتضى الفصل 61 من الدستور.
الدكتور المصطفى بنعلي
مقدمة:
يقتضي إعلاء مبدأ سيادة القانون توسيع وعاء العدالة الدستورية، من حيث المواضيع والإحالة كذلك. فبدون عدالة دستورية يسهل الولوج إليها، تبقى الدساتير حبرا على ورق، كما تبقى تراتبية القوانين بدون معنى. إذ لا يكفي لتبنى دولة الحق والقانون أن يعمل الدستور على التأطير النظري للمبادئ والحقوق والحريات، وإنما لابد أن يوفر ضمانات حمايتها، وصيانة ممارستها من كل انتهاك.
على هذا الأساس، لا يمكن فهم تأسيس محكمة دستورية[1]، بمقتضى الدستور الراهن للبلاد، إلا في إطار الحرص على إحداث النقلة النوعية، التي تستوجبها حماية الطفرة الحقوقية التي حققها هذا الدستور.[2] وذلك ليس فقط عبر توسيع اختصاصات العدالة الدستورية لتشمل مجالات جديدة، مرتبطة بالنظر في مطابقة الاتفاقات الدولية للدستور قبل المصادقة عليها، وبالطعن البعدي في دستورية القوانين. ولكن، وأساسا، عبر فتح الباب، بشكل أوسع، للدفاع على سمو الدستور عن طريق اللجوء للقضاء الدستوري.
ومن المواضيع الإشكالية المرتبطة بالولوج إلى العدالة الدستورية نطرح موضوع الحزب السياسي كجهة مخولة لممارسة حق طلب تطبيق النظام القانوني للبرلمانيين بمقتضى الفصل 61 من الدستور.[3] وننطلق في مناقشة هذا الموضوع من فرضية مفادها أن تعديل القانونين التنظيميين المتعلقين بمجلسي البرلمان،[4] كان هدفه تعزيز توجه اجتهاد العدالة الدستورية نحو اعتبار المصلحة أساسا للحق في طلب تطبيق الفصل 61 من الدستور، عبر تكريس حق الحزب السياسي، بوصفه صاحب مصلحة، إلتماس طلب التجريد من العضوية.
ورغم أن الفصل 61 من الدستور جاء ليضع حدا لظاهرة ساهمت بشكل كبير في توهين الحياة السياسية الوطنية، عبر ترتيب الجزاء على التخلي الإرادي عن الانتماء إلى الهيئات السياسية والنقابية، أو لامتداداتها داخل البرلمان، فإن تخويل المحكمة الدستورية اختصاص النظر في الطلبات الرامية إلى التجريد من العضوية البرلمانية، وفق المسطرة المحددة لذلك، يجعل من اجتهادات العدالة الدستورية بشأن تطبيق النظام القانوني للبرلمانيين، بناء على هذا الفصل، دليلا لتأهيل الشروط الواجب توافرها في صفة صاحب إحالة طلب التجريد، وآجال وشكليات الإحالة إلى المحكمة الدستورية.
وعليه، فإن معالجة موضوع حق الأحزاب السياسية في إحالة طلبات التجريد الموجهة ضد البرلمانيين الذين تخلوا إراديا عن انتماءاتهم سترتكز على تبيان الشروط الشكلية والموضوعية المتعلقة بمسطرة طلب التجريد، وعلى رصد اجتهادات القضاء الدستوري في هذا الموضوع (الفصل الأول)، وذلك قبل الانتقال إلى توضيح أسس حق الأحزاب السياسية في إحالة طلبات التجريد (الفصل الثاني).
الفصل الأول: شروط ومسطرة طلب التجريد من العضوية البرلمانية من خلال اجتهادات العدالة الدستورية.
نص الدستور، وفقا لما أسلفنا، في فصله 61 على أن يجرد من صفة عضو في أحد مجلسي البرلمان، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. ولتدقيق هذا المقتضى عمل النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان على تحديد شروط وشكليات المسطرة، التي من خلالها يتم هذا التجريد، فيما وضعت العدالة الدستورية لمستها على منحى الاستجابة لطلبات تطبيق النظام القانوني للبرلمانيين بمقتضى هذا الفصل.
المبحث الأول: شروط ومسطرة طلب التجريد من العضوية البرلمانية.
يوضح النظام الداخلي لمجلس النواب، في مادته العاشرة، بأن فعل التخلي عن الانتماء، المعاقب عنه بالتجريد من العضوية يجب أن يكون إراديا وشخصيا يثبت من خلال الإفصاح عنه كتابة، أو التصريح به، أو من خلال ثبوت واقعة منصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل. وجعل النظام الداخلي للمجلس مسؤولية إحالة أمر طلب التجريد إلى المحكمة الدستورية، في حالة توفر الشروط الأساسية المطلوبة.
وينص النظام الداخلي لمجلس النواب على ضرورة ثبوت واقعة التخلي، ويتعين على مكتب المجلس التأكد منها عبر دعوة المعني بالأمر لتأكيد موقفه كتابة داخل أجل 15 يوما من تاريخ توصله بمراسلة المكتب، وتكون الدعوة بإحدى وسائل التبليغ القانونية وفي حالة عدم توصل المكتب بالجواب داخل الأجل المحدد يعتبر ذلك تأكيدا لواقعة التخلي، ويصدر، تبعا لذلك، المكتب مقررا يثبت فيه واقعة التخلي، ويرفقه بطلب التجريد، الذي يحيله رئيس المجلس على المحكمة الدستورية في أجل أقصاه 15 يوما بعد ثبوت واقعة التخلي.
وفي نفس الاتجاه، ذهب النظام الداخلي لمجلس المستشارين، حيث نص في مادته 98 على مسطرة تقضي بتوصل رئيس المجلس بإشعار من أحد أعضاء المجلس، أو من رئيس فريق، أو مجموعة برلمانية، أو من أي جهة من الجهات المعنية بالتخلي عن الانتماء، يحاط فيه علما بواقعة التخلي خلال مدة الانتداب عن الانتماء السياسي، أو النقابي، أو عن الفريق، أو المجموعة البرلمانية، ويتم عرض الأمر على مكتب المجلس للتأكد من ذلك.
ويقتضي التأكد من واقعة التخلي حسب المسطرة التي يحددها النظام الداخلي لمجلس المستشارين توجيه رئيس المجلس بعد مداولات المكتب استفسارا مكتوبا ليؤكد أو ينفي العضو المعني مضمون الإشعار بواقعة التخلي، وذلك في أجل عشرة أيام من توصله بالإشعار، كما يمكن استدعاء العضو المعني داخل أجل 5 أيام من تاريخ التوصل برده على الاستفسار، لتنبيهه للآثار المترتبة عن تخليه عن الانتماء، ووفقا للمادة 99 فإن عدم جواب المعني بالأمر يعتبر تأكيدا لهذه الواقعة ويصدر المكتب مقررا يثبت فيه ذلك ويرفقه بطلب التجريد من العضوية ويحيله رئيس مجلس المستشارين إلى المحكمة الدستورية في أجل أقصاء 15 يوما.
والخلاصة العامة التي يمكن استنتاجها من الاستعراض العام لشروط ومسطرة طلب التجريد من العضوية البرلمانية، أن التجريد كجزاء دستوري تختص بتوقيعه العدالة الدستورية، يرتب على من تخلى إراديا وشخصياً عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق، أو المجموعة البرلمانية، التي ينتمي إليها. كما أن عملية التأكد من التخلي التي يباشرها مكتبا مجلسي البرلمان تحتل مكانة مهمة داخل مسطرة التجريد من الصفة البرلمانية، وحتى ولو لم تكن منتهى لها.
ورغم أهمية استنباط شروط ومسطرة تطبيق الفصل 61 من الدستور في ارتباطه مع طلب تطبيق الجزاء الدستوري عن فعل التخلي الإرادي عن الانتماء السياسي، يبقى لقرارات المحكمة الدستورية دور مهم في اكتمال الإضاءة بشأن تأويل العدالة الدستورية لشروط ومسطرة تطبيق النظام القانوني للبرلمانيين بناء على مسطرة التجريد من العضوية البرلمانية. وهذا ما سنحاول تبيانه من خلال اجتهادات العدالة الدستورية في تقدير الشروط الشكلية والجوهرية المطلوبة لتطبيق الفصل 61 من الدستور.
المبحث الثاني: تأويل العدالة الدستورية لشروط ومسطرة طلب التجريد من العضوية البرلمانية.
يدرك المشرع الدستوري بأن للعدالة الدستورية المغربية، عبر مراحل تطورها، مساهمة قيمة وتراكمات إيجابية، في تأصيل مجموعة من المبادئ الدستورية، التي تم تضمينها في الوثيقة الدستورية الراهنة ذاتها. ولا شك أن تطبيق الفصل 61 من الدستور، خضع لتأويلها، عبر مجموعة من القرارات الصادرة منذ 2011، حيث يمكن إجمال توجهاتها، فيما نحن بصدده، فيما يلي:
أولا: شرط الصفة في إحالة طلب التجريد من العضوية البرلمانية.
اقتفت العدالة الدستورية أثر ما ذهب إليه النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان من أن رئيسي المجلسين هما المسؤولان عن إحالة طلب التجريد إلى المحكمة الدستورية، بحسب الحالة، فيما إذا تخلى عضو من أعضائهما عن انتمائه السياسي. وأكدت العدالة الدستورية عدم قبولها طلب التجريد ما لم يكن واردا عليها من أحد الرئيسين.
وصرح المجلس الدستوري الذي استمر في ممارسة اختصاصاته إلى حين تنصيب المحكمة الدستورية، في واقعة ترتبط بصفة صاحب إحالة طلب التجريد بعدم قبول الطلب.[5] وأكد المجلس الدستوري، في هذا القرار، على أن ” الطلب المذكور قدم من جهة ليس لها الصفة لإحالته “، ذلك أن العريضة المسجلة بأمانته، كان قد قدمها المرحوم ميلود الشعبي بصفته رئيسا للمجموعة النيابية المستقبل، ملتمسا فيها التصريح بشغور المقعد الذي يشغله السيد الغازي اجطيو بمجلس النواب، لانتقاله من المجموعة المذكورة إلى فريق التقدم الديمقراطي.
وعبر المجلس الدستوري في متن قراره على أنه وإن كان “الفصل 61 من الدستور في فقرته الأولى ينص على أنه يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتماءه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق، أو المجموعة التي ينتمي إليها، فإن الفقرة الثانية من نفس الفصل تسند، لنفس الغاية، إلى رئيس المجلس وحده صلاحية إحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية قصد التصريح بشغور مقعد البرلماني المعني”.
والحقيقة أن اجتهاد العدالة الدستورية في هذا الصدد، ورغم أنه انتصر لتحصين اعتبار صفة التقاضي من النظام العام، فإنه أثار ويثير نقاشا صاخبا لترجيح كفة المسطرة الشكلية على توافر الشروط الجوهرية، بما يضع إلزامية الفصل 61 من الدستور موضع تساؤل وشك. خصوصا وأن اجتهادات العدالة الدستورية ذاتها، عملت منذ مرحلة الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى، حين يتعلق الأمر بالقواعد القانونية الآمرة، على إعطاء الأولوية لتطبيق مضامينها قبل أي شيء آخر.
وحين تقر مقتضيات الفصل 61 من الدستور، باعتبارها مقتضيات آمرة ترتب جزاء دستوريا، بإلزامية إحالة رئيسي المجلسين لطلبات التجريد، فإن عدم ترتيب الجزاء على امتناع الرئيسين عن القيام بهذه الإحالة، يطرح إشكاليات عويصة في تطبيق مقتضيات هذا الفصل، وهي الإشكاليات التي تقدم دليلا قاطعا على ضرورة توسيع مجال الإحالة لضمان ممارسة الدفاع عن الحقوق السياسية التي يضمنها الدستور للأحزاب والأشخاص على حد سواء.
ثانيا: شرط التأكد من واقعة التخلي قبل إحالة طلب التجريد من العضوية البرلمانية.
ينص الفصل 61 من الدستور في فقرته الثانية على أن “تصرح المحكمة الدستورية بشغور المقعد، بناء على إحالة من رئيس المجلس الذي يعنيه الأمر، وذلك وفق أحكام النظام الداخلي للمجلس المعني، الذي يحدد أيضا آجال ومسطرة الإحالة على المحكمة الدستورية”.
ونص النظام الداخلي لمجلس النواب تبعا لذلك على ضرورة ثبوت واقعة التخلي من خلال الإفصاح عنها كتابة أو التصريح بها من خلال ثبوت واقعة منصوص عليها في القانون، ويتعين على المكتب التأكد من واقعة التخلي عبر دعوة المعني بالأمر لتأكيد موقفه كتابة داخل أجل 15 يوما من تاريخ توصله بمراسلة المكتب، وتكون الدعوة بإحدى وسائل التبليغ القانونية وفي حالة عدم التوصل بالجواب داخل الأجل المحدد يعتبر ذلك تأكيدا لواقعة التخلي.
ويصدر مكتب مجلس النواب مقررا يثبت فيه واقعة التخلي ويرفقه بطلب التجريد الذي يحيله رئيس المجلس على المحكمة الدستورية في أجل أقصاه 15 يوما بعد ثبوت واقعة التخلي. ويذهب النظام الداخلي لمجلس المستشارين في مادته 98 في نفس اتجاه التنصيص على مسطرة تقضي بتوصل رئيس المجلس بإشعار من أحد أعضاء المجلس، أو من رئيس فريق، أو مجموعة برلمانية، أو من أي جهة من الجهات المعنية بالتخلي عن الانتماء، يحاط فيه علما بواقعة التخلي خلال مدة الانتداب عن الانتماء السياسي أو النقابي أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية.
ويعرض رئيس مجلس المستشارين الأمر على مكتب المجلس للتأكد من ذلك، عن طريق توجيه رئيس المجلس بعد مداولات المكتب استفسارا مكتوبا ليؤكد، أو ينفي العضو المعني مضمون الإشعار، وذلك في أجل عشرة أيام من توصله بالإشعار، كما يمكن استدعاء العضو المعني داخل أجل 5 أيام من تاريخ التوصل برده على الاستفسار، لتنبيهه للآثار المترتبة عن تخليه عن الانتماء، ووفقا للمادة 99 فإن عدم جواب المعني بالأمر يعتبر تأكيدا لهذه الواقعة ويصدر المكتب مقررا يثبت فيه ذلك ويرفقه بطلب التجريد من العضوية ويحيله رئيس مجلس المستشارين إلى المحكمة الدستورية في أجل أقصاء 15 يوما.
وإذا كانت هذه المقتضيات توضح بجلاء ضرورة إثبات واقعة التخلي، باعتبار ذلك من الشروط الجوهرية المتعلقة بطلب التجريد، فإن توجهات العدالة الدستورية أكدت إمكانية أن تنبني مسطرة طلب التجريد على حالة الشك، بل وعلى إمكانية أن تتجاوز المحكمة الدستورية لأمر إثبات مكتب المجلس البرلماني المعني لواقعة التخلي الإرادي بقرار،[6] انطلاقا من كون الدستور وضع مسألة التصريح بشغور مقعد البرلماني المعني بالتجريد في يد هيئة قضائية دستورية.
وعلى عكس شرط الصفة في من يتولى تحريك طلب التجريد بناء على الفصل 61 من الدستور، فإن الممارسة القضائية انتصرت لجعل التجريد قاعدة آمرة لا يملك مجلسا البرلمان، في مرحلة تدارس الملف، سوى صلاحية التحقق من حدوث واقعة التخلي. بحيث إنه إذا تعذر على مكتب أحد مجلسي البرلمان، بعد اتباع الإجراءات المشار إليها أعلاه، اتخاذ مقرر يثبت واقعة التخلي، لسبب من الأسباب، فإن ذلك لا يجوز أن يكون مبرراً لتعطيل تطبيق الأحكام الآمرة للفصل 61 من الدستور، مما يتعين معه على رئيس المجلس إحالة الملف في جميع الأحوال إلى المحكمة الدستورية المخول لها أمر البت فيه.
ثالثا: شرط التخلي الإرادي الموجب للتجريد من العضوية البرلمانية.
تؤكد العدالة الدستورية في تعاطيها مع الفصل 61 من الدستور على ضرورة أن يكون التخلي عن الانتماء السياسي الموجب للتجريد من العضوية البرلمانية إراديا. وتعتبر أنه إلى جانب ضرورة توفر الشروط الشكلية والجوهرية المتعلقة بمسطرة الإحالة لطلب التجريد أن يكون العضو المعني قد تخلى بشكل إرادي، إما بصريح جوابه على استفسارات المكتب، وإما عن طريق قيامه بما يثبت تخليه عن انتماءه السياسي، وذلك لقبول الطلب وتصرح بشغور المقعد البرلماني الذي يشغله.
وقد أعطت العدالة الدستورية نماذج مختلفة لتطبيقات مسألة التخلي الإرادي للعضو البرلماني في العديد من الحالات، بحيث جعلت من قرار الطرد الذي قد يتخذ في حق البرلماني سببا مانعا لطلب التجريد، وسبق للمجلس الدستوري أن أصدر في مناسبتين قرارين متتالين ومتطابقين بعدم قبول طلب تجريد نائبين برلمانيين من عضويتهما، لكون قرار الطرد الصادر في حقهما سابق على ترشحهما للانتخابات الجماعية بغير انتماءهما السياسي، الذي نجحا به في الانتخابات التشريعية.
ولتأكيد أن التجريد يكون بالنسبة للعضو الذي ثبت تخليه بشكل إرادي عن انتمائه السياسي، فإن المجلس الدستوري اعتبر أن قرار عزل النائب البرلماني مبطل لتجريده من عضويته التي قد يحوزها حتى إذا ترشح بلون سياسي آخر، في حين ذهب إلى اعتبار التخلي الإرادي عن الانتماء السياسي موجبا للتجريد، حتى إذا ترشح المعني بالأمر بدون لون سياسي في الانتخابات التي تغطيها مدة انتدابه باسم الحزب الذي تخلى إراديا عن الانتماء إليه،[7] أو إذا عدل عن تغيير الانتماء السياسي بعد ثبوت حالة تخلييه الإرادي عن انتماءه السياسي.[8]
وعلى عكس الحالة التي يوجد فيها النائب البرلماني الذي صدر قرار بعزله من الحزب الذي ترشح باسمه في الانتخابات التي نال فيها عضوية البرلمان، بحيث يحق له الترشح باسم أي حزب آخر يشاء، فإن عضو البرلمان الذي تم تجميد عضويته في الحزب يمنع عليه الترشح للانتخابات بلون سياسي آخر، تحت طائلة تطبيق أحكام الفصل 61 من الدستور.[9] على اعتبار أن قرار تجميد عضوية في الحزب لفترة محددة إجراء عقابي مؤقت، يحرم العضو المعني من ممارسة حقوقه خلال هذه المدة، ولا يترتب عنه قطع العلاقة القانونية التي تجمعه بالحزب.
الفصل الثاني: حق الأحزاب في تحريك مسطرة طلب التجريد من العضوية البرلمانية طبقا للفصل 61 من الدستور.
إن الهدف الأساس من طرح إشكالية الولوج إلى العدالة الدستورية بغاية تطبيق الفصل 61 من الدستور هو بحث سبل توطيد الوصول المباشر، أو غير المباشر لحماية الحقوق والحريات والمبادئ الدستورية. إذ كلما سهل الولوج إلى العدالة الدستورية وتوسع، كلما تعددت نماذج وتطبيقات الحماية الدستورية، وتنوع تفعيل دواعي وآليات الرقابة على الاحتكام إلى مقتضيات الدستور المشمول بالسمو.
وانطلاقا من هذا الهدف، نحاول أن نعالج ما تطرحه تطبيقات الفصل 61 من الدستور من تحديات على تسهيل الولوج إلى العدالة الدستورية. وهو ما يرتبط بتوسيع الحق في تحريك مسطرة طلب التجريد من العضوية البرلمانية، بما يشكله هذا التجريد من جزاء دستوري ملزم لفعل التخلي الإرادي عن الانتماء السياسي في عمومتيه.
إن تعديل القانونين التنظيميين المتعلقين بمجلسي النواب والمستشارين، بما يشكلانه من امتداد عضوي للدستور، من أجل تخويل الحزب السياسي ملتمس تحريك مسطرة طلب التجريد من العضوية البرلمانية، في حق كل عضو منتم له تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه، أو عن الفريق، أو المجموعة التي ينتمي إليها، هو في الواقع تعبير عن السعي المضطرد لإحاطة الممارسة الفعلية للحقوق والحريات الدستورية بضمانات تعطيها مدلولا على أرض الواقع.
ولا شك في أن الممارسة البرلمانية، لولايتين تشريعيتين كاملتين، في ظل الدستور الراهن للبلاد، أنارت العديد من الجوانب، التي يمكن تمديد الغاية الدستورية لتشملها. خصوصا فيما يرتبط بحماية الوظيفة البرلمانية، التي تستمد أسسها من ثبات الاختيار الديمقراطي المنصوص عليه في الفصل الأول من الدستور، ومن عدد من المبادئ الدستورية الأخرى، ومنها مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومما أقره الدستور للأحزاب السياسية من أدوار هامة بمقتضى الفقرة الأولى من فصله السابع.
المبحث الأول: دلالات إقرار حق التماس الأحزاب السياسية إحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية.
أقرت التعديلات التي تم إدخالها، بمناسبة التحضير لانتخابات 2021، على القانونين التنظيميين المتعلقين بمجلسي البرلمان حق الأحزاب والمنظمات المعنية بتخلي عضو من أعضائها عن انتمائه إليها التماس إحالة طلب تطبيق جزاء التجريد على المحكمة الدستورية. ونصت المادة 12 المكررة من القانون التنظيمي لمجلس النواب على أنه: “يجوز للحزب السياسي الذي ترشح العضو المعني باسمه أن يلتمس من رئيس مجلس النواب إحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية”. وهو نفس ما نصت عليه المادة 13 المكررة من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين بالنسبة للأحزاب والمنظمات النقابية، أو المهنية للمشغلين المعنية.
ومما يضفي على إقرار حق التماس الأحزاب السياسية إحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية أهمية خاصة، كونه جاء مرتبطا بتوسيع مفهوم التخلي الإرادي على الانتماء السياسي الموجب للتجريد من العضوية البرلمانية ليشمل تغيب عضو البرلمان سنة تشريعية كاملة عن حضور أشغال المجلس الذي ينتمي إليه دون عذر مقبول. إذ تصرح المحكمة الدستورية نتيجة لتفعيل رئيس المجلس المعني لمسطرة التجريد المقررة بشغور المقعد الذي يشغله المعني بالأمر وفق أحكام الفصل 61 من الدستور.
إن جعل غياب العضو البرلماني غير المبرر، لمدة سنة تشريعية كاملة، ودون عذر مقبول، والجزاء الذي يترتب عليه، بمقتضى نفس القانون التنظيمي، الذي أقر حق الأحزاب والنقابات والهيئات في إلتماس تطبيق هذا الجزاء، الذي يصل إلى درجة التجريد، يعطي أهمية خاصة لخطوة هذه الأحزاب والهيئات في تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بحق من حقوق النائب البرلماني.
إن أهم دلالة لهذه التعديل، هو النزوع نحو توفير إمكانية توسيع تطبيق جزاء التجريد على حالات وصور أخرى للتخلي الإرادي، وخاصة التغيب عن ممارسة المهام الموكلة لعضو البرلمان لمدة سنة تشريعية كاملة، وذلك بموجب ما تم تحديده في الدستور. والأهم في ذلك جعل جزاء التجريد يعد تطبيقاً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو مبدأ أساسي في الدستور المغربي. ويتناسب جزاء التجريد كعقوبة مع جسامة الفعل، كما أنه محاط بضمانات تكفلها أحكام الفصل 61 من الدستور.
إن إقرار حق التماس الأحزاب السياسية إحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية هو خطوة نحو إضفاء المزيد من الفعالية على تطبيقات الفصل 61 من الدستور، بما تضمنه من أحكام التجريد من العضوية لكل من تخلى عن انتمائه السياسي المترشح باسمه، أو الفريق، أو المجموعة المنتمي إليها، وفي ظل الباب الذي ترك في الدستور مفتوحا لتوسيع تطبيق جزاء التجريد على حالات وصور أخرى للتخلي الإرادي.
ومن المؤشرات الواضحة الدالة عن نزوع المشرع المغربي نحو توسيع مدلول وتطبيقات التخلي الإرادي عن الانتماء السياسي في معناه العام هو أن تخويل الحزب السياسي إمكانية تحريك مسطرة التجريد، في حق كل عضو منتم له، تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه، أو عن الفريق أو المجموعة التي ينتمي إليها، المتخذة وفق صيغة الالتماس، لا يقيد الصلاحية التي خولها الفصل 61 من الدستور، لرئيس المجلس المعني في البرلمان، لإحالة حالة العضو، الذي تخلى عن انتمائه السياسي إلى المحكمة الدستورية، وفق الآجال والمسطرة المحددة في النظام الداخلي للمجلس المعني.
المبحث الثاني: الآفاق الدستورية لتوسيع الولوج إلى العدالة الدستورية بمقتضى الفصل 61 من الدستور.
يرتبط أفق تطبيق الفصل 61 من الدستور بتوسيع وتنويع إمكانيات الولوج إلى العدالة الدستورية بمقتضاه. فكل تعديل لإجراءات مسطرة طلب التجريد من العضوية، بهدف تبسيطها وتنويع أصحاب الصفة المخولين لتحريكها سيكون من شأنه تحسين وتطوير العملية الديمقراطية، وتعزيز شفافية العملية الانتخابية، والحفاظ على المسار الديمقراطي في البلاد، وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة.
ولكي تكون الغايات الدستورية موجها أساسا لإحقاق سمو الدستور، يتعين توسيع الولوج إلى العدالة الدستورية تناغما مع نصوص الدستور ذاته، وفي احترام تام لها تطبيقا لمبدأ وحدته. فالإقرار بمقتضيات الفصل 61 من الدستور، باعتبارها مقتضيات آمرة ترتب جزاء دستوريا، قد يصطدم بإلزامية الشكليات المطلوبة في صفة من يحرك مسطرة التجريد. كما أن امتناع إحالة رئيسي المجلسين لطلبات التجريد، في ظل عدم ترتيب الجزاء عن القيام بهذه الإحالة، قد يفرغ النص الدستوري من جوهره الملزم.
لذلك، ليس هناك شك في أن يكون من باب تعزيز أفق تطبيق الفصل 61 من الدستور تنظيم كل حالة من حالات التخلي الإرادي المفضية إلى التجريد، وتخويل الحزب السياسي المترشح باسمه أن يلتمس، من رئيس المجلس المعني في البرلمان إحالة طلب التجريد إلى المحكمة الدستورية، وإسناد التصريح بشغور المقعد المعني، وفق أحكام الفصل 61 من الدستور لهذه المحكمة لها وحدها.
ويمكن القول إن توسيع الولوج إلى العدالة الدستورية على نحو صحيح وفعال، يساعد على تحسين فعالية مسطرة ترتيب الجزاء في تطبيق الفصل 61 من الدستور، عن طريق زيادة الشفافية في العملية الانتخابية وتعزيز الحكامة الدمقراطية. غير أن الفعالية الحقيقية للتعديلات التي يمكن اعتمادها لهذا التوسيع تبقى رهينة بكيفية تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع، وعلى الإرادة السياسية لجميع الأطراف المعنية بضمان الالتزام بمبادئ العدالة والشفافية والمساواة في قضايا التمثيلية الديمقراطية.
وإذا كان لابد من اعتماد خطوات في اتجاه تعزيز التشريع القادر على تنويع مداخل العدالة الدستورية في تطبيقات الفصل 61 من الدستور، فإن هناك خطوات أخرى ضرورية يمكن اتخاذها من أجل وضع معايير واضحة وشفافة لتحديد حالات التجريد، وضمان أن تلك المعايير تحظى بتوافق واسع بين الأحزاب السياسية وجميع المعنيين بالحياة الديمقراطية، وذلك من أجل توسيع قاعدة المشاركة السياسية، وزيادة الوعي بشأن أهمية تخليق ممارستها.
إن آفاق تحريك مسطرة ترتيب الجزاء الدستوري المنصوص عليه في الفصل 61 من الدستور وقد تتيح للأحزاب السياسية التي لديها أعضاء في البرلمان استخدام هذه المسطرة للحفاظ على سمعة ومصداقيتها بطريقة شفافة، ولإظهار التزامها بسمو المبادئ الدستورية وبقيم الديمقراطية وحقوق الناخبين. كما يمكن استخدام هذه المسطرة لإدارة الحياة الداخلية للأحزاب السياسية، خدمة للوظائف التي خولها لها الفصل السابع من الدستور.
في هذا الأفق، يبرز الشرط الشكلي، حيث تراقب المحكمة الدستورية أيضًا مدى احترام الإجراءات الجوهرية بشكل حازم، وتتأكد من توافر الشروط القانونية لتجريد العضو من صفته النيابية، وتضع حدًا لأي انتهاك للحقوق والضمانات الدستورية. حيث تتخذ قرارات تجريد الأعضاء من عضويتهم البرلمانية، إثر تحليل كل حالة على حدة، ويتم النظر في الأدلة والمعطيات المتعلقة بالحالة محل النزاع القضائي، ويتم اتخاذ القرار النهائي وفقًا للقانون والدستور واجتهادات الأحكام السابقة للعدالة الدستورية.
إن توسيع الولوج إلى العدالة الدستورية في تطبيقات الفصل 61 من الدستور لا يعني خلق حالات جديدة لتطبيق جزاء تجريد العضو المخالف بقدر ما يعني توسيع تطبيقات المفهوم العام للتخلي، حماية للوظيفة البرلمانية، وتحقيقا للغاية من سعي المشرع الدستوري للحفاظ على سمو المبادئ الدستورية، وعلى نزاهة وشفافية العملية الانتخابية واحترام إرادة الناخبين. فالدستور والقانون هما المرجع الأساسي لتنظيم العملية الديمقراطية وحماية حقوق الناخبين والمرشحين على حد سواء، ويجب على الجميع احترامها والالتزام بها.
خاتمة:
لا يمكن الادعاء في ختام هذا البحث المقتضب حول تخويل الأحزاب السياسية إمكانية تحريك مسطر ترتيب الجزاء المنصوص عليه في الفصل 61 من الدستور كخطوة على طريق تعزيز الولوج إلى العدالة الدستورية بأننا أوفينا الإشكالات التي يطرحها هذا الموضوع الهام حقها من المعالجة والتدقيق. ولكن يمكن القول بأن التعديلات التي طالت القانونين التنظيميين المتعلقين بمجلسي البرلمان قد فتحت الباب أمام إمكانيات حيوية لمحاصرة ظاهرة التخلي عن الانتماء السياسي، خصوصا فيما يرتبط بصورها المثبتة بحكم الواقع.
وإذا كان المشرع فتح الباب أمام تعزيز الولوج إلى العدالة الدستورية بغاية تدارك عدم ترتيب الجزاء عن إحجام ذوي الصفة عن إحالة طلب التجريد من العضوية، فإن اجتهادات العدالة الدستورية بشأن تطبيقات الفصل 61 على حالات التخلي بحكم الواقع عن الانتماء السياسي الموجبة لترتيب جزاء التجريد، بما يجعل المبادئ الدستورية المشمولة للسمو حصنا للوظيفة البرلمانية وللغايات الدستورية المثلى، في تقويمها للسلوك السياسي للبرلمانيين، الذي ظل إلى حدود سنوات قليلة سابقة منفلتة من رقابة العدالة الدستورية.
إن إشكالات هذا الموضوع، وبالنظر إلى أهميتها تستدعي معالجة التوفيق، في احترام للتراتبية المطلوبة، بين تطبيق الفصل 61 من الدستور بترتيب الجزاء على البرلمانيين المخالفين، باعتبار ذلك تطبيقا لقاعدة أساسية سامية آمرة وملزمة، وبين الالتزام بالشروط الشكلية المطلوبة في استجابة العدالة الدستورية لطلبات تطبيق مقتضيات الفصل 61 السالف الذكر باعتبارها ضمانات لحماية إضافية للوظيفة البرلمانية.
ليبقى في حكم الثابت من خلاصات هذا الموضوع أن تعزيز الولوج إلى العدالة الدستورية هو تعزيز لحماية الوظيفة البرلمانية ولتحقيق مبدأ الشفافية والمساءلة في الحياة السياسية. كما يساهم في ضمان عمل فعال لمؤسسات الدولة، وضمان الوظيفية التمثيلية والتعبير عن توجهات الرأي العام بشكل صحيح وفعال في البرلمان.
الهوامش:
[1] ينص الفصل 129 من الدستور على أنه “تُحدث محكمة دستورية.” ويعتبر هذا التنصيص من ثمار الإصلاحات الدستورية الواسعة والعميقة، التي حملها إقرار الدستور الراهن الصادر في 29 يوليو 2011، والمتمثلة بالخصوص في توسيع الحقوق والحريات العامة وترسيخ المؤسسات والآليات الكفيلة بمواصلة بناء دولة ديمقراطية حديثة. وإحداث محكمة دستورية لا يعني إحداث تجربة تأسيسية جديدة للعدالة الدستورية في المغرب بل يعني أن المحكمة الدستورية التي تحل محل المجلس الدستوري وتمارس كل اختصاصاته، وتتمتع إضافة إليها بصلاحيات أوسع، إنما هي لبنة متطورة في سلسلة بناء القضاء الدستوري، الذي عرف سنة 1992، استقلالا أكبر بموجب التنصيص على إحداث المجلس الدستوري.
[2] يعتبر الدستور الصـادر بتنفيذه الظهير الشـريف رقـم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) دستور للحقوق والحريات الأساسية بامتياز، بحيث خصص المشرع الدستوري للحقوق والحريات بابا كاملا يضم 21 فصلا، فضلا عن مجموعة من الحقوق الأخرى، منصوص عليها في الديباجة وفي مجموعة من الفصول، موزعة على كامل المتن الدستوري، تصل في مجملها إلى 40 فصلا.
[3] ينص الفصل 61 من الدستور على ما يلي:” يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق او المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. وتصرح المحكمة الدستورية بشغور المقعد، بناء على إحالة من رئيس المجلس الذي يعنيه الأمر، وذلك وفق أحكام النظام الداخلي للمجلس المعني، الذي يحدد أيضا آجال ومسطرة الإحالة إلى المحكمة الدستورية”.
[4] وذلك عبر إضافة المادة 12 المكررة بالمادة الثانية من الظهير الشريف رقم 39-21-1 الصادر في 8 رمضان 1442 الموافق ل 21 أبريل 2021 للقانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب، كما تم تغيير وتتميم المادة 13 بمقتضى المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم 21.05 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 40.21.1 بتاريخ 8 رمضان 1442(21 أبريل 2021) بالجريدة الرسمية عدد 6987 بتاريخ 5 شوال 1442(17 ماي 2021).
[5] قرار المجلس الدستوري رقم 839.12 صادر في 29 ربيع الأول 1433(22 فبراير 2012)، الجريدة الرسمية عدد 6028، ص 883.
[6] القرار رقم 979 و981 و982، والمتعلقين بطلب رئيس مجلس النواب البت في ملفات النواب بناء على مقررات مكتب المجلس بشأن بروز حالة الشك في كون أحكام الفصل61 من الدستور المتعلقة بالتجريد تنطبق على وضعية النواب.
[7] يراجع قرار المجلس الدستوري رقم 979.15 الذي صرح بثبوت تجريد السيد طارق القباج من عضويته داخل مجلس النواب، وحيث إن ترشح السيد طارق القباج خلال مدة انتدابه النيابي بصفته لا منتميا في انتخابات لاحقة ـ بغض النظر عن المبررات الحزبية التي أدلى بها في هذا الشأن ـ يعد تخليا بحكم الواقع عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات السابقة، مما يجعله يقع تحت طائلة تطبيق أحكام الفصل61 من الدستور.
[8] يراجع قرار المجلس الدستوري رقم 978.15 الذي صرح بموجبه المجلس الدستوري بتجريد النائب السيد حسن الدرهم من صفة عضو بمجلس النواب، بغض النظر عن عدوله عن تغيير انتمائه الحزبي، على اعتبار بأن ترشحه، خلال مدة انتدابه النيابي في انتخابات لاحقة باسم حزب سياسي غير الحزب الذي ترشح باسمه لانتخابات أعضاء مجلس النواب، يعد تخليا بحكم الواقع عن انتمائه السياسي، مما يجعله يقع تحت طائلة تطبيق أحكام الفصل 61 من الدستور.
[9] يراجع قرار المجلس الدستوري رقم 977.15 القاضي بإثبات تجريد النائب البرلماني زين العابدين حواص من عضويته، بعدما أصدر في حقه الحزب قرارا بتجميد عضويته وامتناعه عن منحه التزكية مما جعله يترشح، خلال مدة انتدابه، في الانتخابات الجماعية المنظمة بتاريخ 4 سبتمبر 2015، باسم حزب سياسي آخر. واعتبر المجلس الدستوري أن ترشح النائب البرلماني باسم حزب غير الحزب الذي ترشح باسمه إلى الانتخابات البرلمانية، دون أن يكون هذا الأخير قد اتخذ قرارا بفصله نهائيا من العضوية فيه، وهو ما لم يثبته المعني بالأمر، يعد بمثابة تخلي إرادي عن انتمائه السياسي.