مجلة مغرب القانونفي الواجهةالتعويض بدل النسب لجبر ضرر أطفال ولدوا خارج إطار العلاقة الشرعية: أية إمكانية للتطبيق؟

التعويض بدل النسب لجبر ضرر أطفال ولدوا خارج إطار العلاقة الشرعية: أية إمكانية للتطبيق؟

د. جمال الخمار أستاذ باحث بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس – المغرب

يحاول القضاء تطبيق مبدأ المصلحة الفضلى للطفل من أجل توفير حماية خاصة للمولودين خارج الزواج، وذلك بإقرار تعويض مناسب من خلال تطبيق أحكام المسؤولية التقصيرية الواردة في ظهير الالتزامات والعقود المغربي، غير إن إعمال هذا الاجتهاد القضائي من شأنه أن يتعارض مع المنظومة القانونية والفقهية الأسرية المغربية، حيث إن البنوة غير الشرعية لا تنتج أي أثر مادي أو معنوي بالنسبة للأب البيولوجي بنص صريح وارد في مدونة الأسرة المغربية، وبناء عليه لا يتحمل هذا الأخير أي مسؤولية تجاه المولود المزداد خارج الزواج، بالرغم أن هناك تطورات حديثة في علم الجينات والبصمة الوراثية ADN، من شأنها تأكيد تنسل المولود من أبيه الحقيقي الطبيعي بنسبة 99.99 في المائة.

  أما بالنسبة لعلاقة الولد غير الشرعي بأمه تثبت بقوة القانون طبقا للمادة 146 من مدونة الأسرة[1]، ولا تتوقف على اعتراف الأم ولا على أي إجراء أخر، ولو أن القانون المغربي لم ينظم مع ذلك ممارسته السلطة الأبوية على هذا الولد.

في حين أن الأب لا يعترف القانون بعلاقته بولده الطبيعي أبدا طبقا للمادة 144 من مدونة الأسرة[2]، والاستلحاق أو بحكم القاضي يكون لمجهول النسب وليس للولد غير الشرعي طبقا للمادة 145 من مدونة الأسرة[3].

وبناء عليه من المستبعد تطبيق القواعد المتعلقة بالمسؤولية التقصيرية الواردة في ظهير الالتزامات والعقود المغربي على المنازعات الأسرية من طرف القاضي الأسري، لأن نصوص هذا الأخير لها تبعية لنصوص القانون المدني الفرنسي تفسيرا وتطبيقا، ولعلها أيضا كافية لتفسير ظاهرة الجمود التي لحقت هذا الظهير، فقد مر على تمديد تطبيقه على جميع المواطنين منذ 1913، وبالتالي حان الوقت لبلورة تشريع شامل ومتكامل بهذا الشأن[4].

وبالرجوع إلى المادة 400 من مدونة الأسرة، والتي يطبقها القاضي الأسري في حالة عدم وجود نص تشريعي أسري، قد جاء تذييلها لسائر كتب مدونة الأسرة بقاعدة الإحالة على ما ليس فيه نص في المدونة، على خلاف ما كان عليه الأمر في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة المغربية، التي لم تكن تذيل إلا الكتابين الأول والثالث بهذه القاعدة الأمر الذي أثار اضطرابات على مستوى القضاء.

 وهكذا يتضح أن القضاء المغربي لم يعترف للطفل المزداد من علاقة سفاح أو زنا بانتسابه إلى أبيه البيولوجي، وإنه لم يخرج على قاعدة ” الولد للفراش” الذي ظل حريصا على وجوب توفر شروطها حتى يمكن له أن يقرر ثبوت النسب وخاصة أدنى وأقصى مدة الحمل.

غير إنه جاء في قرار حديث لمحكمة النقض المغربية[5] والذي كان سببا لكتابة هذا البحث بأن :” طلب نفقة هي لتحديد شكل التعويض المطالب به قياسا على ما جرى به العمل من فرض نفقة شهرية للولد الناتج عن علاقة شرعية، دون أن ينصرف ملتمسها إلى إثبات نسب الولد المذكور للواطئ أو ترتيب أثار البنوة الشرعية”.

من خلال هذا القرار القضائي يتضح أن هناك دمج بين النفقة والتعويض، وأن النفقة جزء لا يتجزأ من التعويض الناجم عن المسؤولية التقصيرية، رغم ان هناك فارق شاسع بينهما فالنفقة تترتب عن البنوة الشرعية بسبب وجود فراش الزوجية[6]، أما التعويض فهو ناجم عن المسؤولية المدنية الذي يجد أساسه في المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية في القضايا المدنية، والنظام الأسري ليس نظام مختلط أسري / مدني.

فالتشريع الأسري في المغرب نظام ديني وليس نظام مدني كما هو معمول به في الدول الغربية[7]، وخير دليل ما يجري الأن في المغرب من تعديل لمدونة الأسرة، حيث إنه في أواخر مارس 2024، استقبل رئيس الحكومة المغربية أعضاء الهيئة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة وتسلم منها مقترحاتها بشأن مراجعة المدونة، قصد رفعها للعاهل المغربي. 

وبتاريخ 28 يونيو 2024 أصدر الملك محمد السادس توجيهات للمجلس العلمي الأعلى (مؤسسة دينية رسمية تعنى بالإفتاء) “قصد دراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة ورفع فتوى بشأنها”.

وأضاف المصدر أن هذه الإحالة تأتي بعد انتهاء الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة من مهامها داخل الأجل المحدد لها، ورفع مقترحاتها  للعاهل المغربي “الذي اقتضى، بالنظر لتعلق بعض المقترحات بنصوص دينية، إحالة الأمر إلى المجلس العلمي الأعلى، الذي جعل منه الفصل 41 من الدستور، الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي تُعتمد رسميا”. 

ودعا العاهل المغربي المجلس العلمي “وهو يُفتي فيما هو معروض عليه من مقترحات” إلى استحضار مضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة “الداعية إلى اعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح البناء، في ظل الضابط الذي طالما عبر عنه جلالته، من عدم السماح بتحليل حرام ولا بتحريم حلال”. 

وبهذا لا يمكن الاعتماد على المسؤولية العقدية كأساس للتعويض على البنوة غير الشرعية لأن عقد الزواج لم ينعقد أصلا، والزواج غير موجود.

مقال قد يهمك :   تـــعدد الأنـــظمة الــعقارية بــالمغرب

أما بالنسبة للتعويض الناجم عن المسؤولية التقصيرية، فقد تطرق المشرع المغربي لهذه الأخيرة من خلال الفصل77 الى غاية الفصل 106 من ظهير الالتزامات والعقود. ولثبوت مسؤولية الخاطئ في التعويض عن ضرر ما، لابد من توافر الشروط المنصوص عليها  في الفصول السابقة، والتي أقر المشرع المغربي فيها  قاعدة مفادها أنه إذا ما لحق ضرر بأحد الطرفين نتيجة فعل الطرف الأخر، يمكن للطرف المتضرر أن يطلب التعويض، لكن دون تطبيق هذه القاعدة على القضايا الأسرية[8]

  وهذه الشروط تتمثل أساسا، في أنه لابد من صدور فعل من أحد الطرفين، حيث إن المشرع لم يتحدث عن طرف بعينه، بل فتح المجال للمطالبة بالتعويض من الطرفين معا، كما إذا كان الطرف الأخر قد ألحق ضررا بالطرف الأخر نتيجة التشهير به، بالإضافة إلى شرط حصول ضرر سواء كان ماديا أو معنويا.

 وبالرجوع للفصلين 77 و78 من ظهير الالتزامات والعقود[9] نستخلص أن المسؤولية التقصيرية تقوم على ثلاثة أركان: الخطأ، والضرر، والعلاقة السببية بينهما، ويجب كذلك أن يسبب ضررا للآخر مع وجود رابطة سببية بين الفعل أو الخطأ والتعويض، وإذا كان المشرع قد استساغ قواعد المسؤولية التقصيرية من ظهير الالتزامات والعقود، فإنه يجب تكييف هذه القواعد وفق ما تستلزمه الطبيعة الخاصة للقضايا الأسرية، وذلك باعتبار نصوص المدونة نصوصا خاصة يجب أن تقدم في تطبيقها على النصوص العامة الواردة في ظهير الالتزامات والعقود، طبقا للقواعد الفقهية والقضائية التالية:  ” النص الخاص يطبق على النص العام” و ” اللاحق ينسخ السابق” و ” النص الخاص يطبق على النص العام”  و ” تعارض نصان يطبق اللاحق على السابق”[10].

أما بخصوص النفقة نجد مقتضياتها مقررة في مدونة الأسرة وهي مرتبطة بالبنوة الشرعية والزواج الصحيح، فالمدونة أعطت الحق في النفقة للزوجة وللمطلقة رجعيا، حتى ولو غادرت بيت عدتها دون موافقة الزوج أو دون عذر مقبول، وبالنسبة للمطلقة طلاقا بائنا، فإن المدونة الحالية نصت في الفقرة الثانية من المادة 196 من مدونة الأسرة، على أنها تستحق النفقة إذا كانت حاملا، وإذا لم تكن كذلك فلها الحق في السكنى خلال فترة العدة دون النفقة.

بخصوص الفقه الاسلامي فإنه لم يتعرض للتعويض كشكل من أشكال النفقة المترتب عن البنوة الشرعية، رغم ذلك ذهبت محكمة النقض المغربية في قرارها عدد  225/1 المؤرخ في 15/04/2025 المشار إلى مراجعه سابقا على أن :” طلب نفقة هي لتحديد شكل التعويض المطالب به قياسا على ما جرى به العمل من فرض نفقة شهرية للولد الناتج عن علاقة شرعية، دون أن ينصرف ملتمسها إلى إثبات نسب الولد المذكور للواطئ أو ترتيب أثار البنوة الشرعية، حيث روى الإمام مالك من أنه ” إن زنى رجل عاقل بمجنونة عليه الحد والصداق لأنه نال منها ما ينال من العاقلة، ولا حد عليها لرفع القلم عنها، وعدم العدة لها، وتم قياس إقرار مبدأ جبر ضرر المكرهة على الوطء فيما فاتها من صداق أمثالها، هو نفسه مبدأ جبر ضرر المولود إذ ما ثبت أنه كان فعلا نتاج ماء واطئ لم يصب به محلا مشروعا، ولم يلق رضى من الموطوءة الخالية من الزوج، وهو ضرر محقق في الحال والاستقبال أصابه في رزقه وكسوته بالمعروف وباقي متطلبات الحياة، وهو الصغير الذي ليس له في امر ما وقع يد اثمة يتحمل وزره والده كل حسب مسؤولياته فيه”.

من خلال هذا القرار يتضح أنه تم القياس بين استحقاق زنا رجل عاقل بمجنونة عليه الحد والصداق واستحقاق زنا رجل عاقل بمجنونة عليه النفقة، هو قياس غير ذي محل لأن الصداق ليس هو النفقة، لأن الصداق ليس ضروريا من أجل صحة الزواج، لأنه حق من أجل تعزيز الوشائج الأسرية بين الطرفين فقط، كما جاء في المادة 26 من مدونة الأسرة :” الصداق هو ما يقدمه الزوج لزوجته إشعارا بالرغبة في عقد الزواج وإنشاء أسرة مستقرة، وتثبيت أسس المودة والعشرة بين الزوجين، وأساسه الشرعي هو قيمته المعنوية والرمزية، وليس قيمته المادية”.

بينما النفقة من واجبات الزوج طبقا للمادة 187 من مدونة الأسرة :” أسباب وجوب النفقة على الغير: الزوجية والقرابة والالتزام”.

أما فيما يخص النسب الناجم عن البنوة غير الشرعية بسبب الزنا، فقد أجمع فقهاء الأمة الاسلامية على تحريم الزنا وتجريم فاعليه، وأنه من الكبائر[11]، وأنه لم يحل في ملة من الملل، وإذا كان حده أشد الحدود في حق المحصن (ذكرا كان أم أنثى)، لما فيه من الجناية على الأعراض والأنساب، ولاشك أن العقول السليمة ترفضه.

وقد اختلف الفقهاء بشأن الحمل هل يثبت به الزنا أم لا؟ وبالأحرى نسب الولد الناتج عن سفاح أو زنا، وعليه فلا يصلح أن يكون دليلا يثبت به الزنا، لاحتمال أن يكون من ممارسة أخرى مع شخص أخر[12]، ويرى المالكية وابن القيم من الحنابلة[13]، أنه يثبت بالحمل جريمة الزنا على امرأة لا زواج لها سواء كانت متزوجة سابقة وطلقت، أو توفي عنها زوجها وهي غير حامل، والبكر التي لم تتزوج بعد[14].

مقال قد يهمك :   3 أسئلة راهنة مع الدكتور محمد براو حول المادة 9 من مشروع قانون المالية لسنة 2020

وقد جاء في قرار محكمة النقض عدد 226/1 المؤرخ في 15/04/2025 المشار إلى مراجعه سابقا :” طلب نفقة هي لتحديد شكل التعويض المطالب به قياسا على ما جرى به العمل من فرض نفقة شهرية للولد الناتج عن علاقة شرعية، دون أن ينصرف ملتمسها إلى إثبات نسب الولد المذكور للواطئ أو ترتيب أثار البنوة الشرعية، وأن استيفاء الزاجر بإيقاع العقوبة على الجاني لا يسقط حق الضحية في التعويض جبرا للضرر الحال أو المستقبلي في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية الناشئة عن جريمة”.

المحكمة في هذا القرار القضائي الحديث قد أقرت النفقة كجزء من التعويض الناجم عن المسؤولية التقصيرية، وهذا غير ممكن في ظل النصوص القانونية الأسرية الحالية، لأن النفقة تترتب عن البنوة الشرعية قطعا سواء كانت من تعويض أو غير تعويض، فعندما يبت القاضي في النزاعات التي تثار أمامه بشأن النسب تحكمه في ذلك قاعدة ” الولد للفراش”، وقد جاء في قرار لمحكمة النقض المغربية على أن “الولد للفراش متى ولد لستة أشهر من عقد الزواج وهي أدنى مدة الحمل وإن أمكن الاتصال وإلا فلا يلحق نسبه”[15]، ولذلك فالولد المزداد خارج إطار الزواج ابن الزنا ، ولم يعترف له بالنسب حتى ولو تقارر الأبوين على هذه البنوة وحتى إذا ما أراد الأب استلحاق ابنه الطبيعي.

 كما نفت محكمة النقض في إحدى قراراتها أنه لا يمكن لحوق نسب الطفل الناتج خارج الزواج الشرعي، وإن تزوج الزاني بالمزني بها، حيث جاء في قرار له ما يلي” وحيث تبين مما ذكر أن العقد كان على المدعية وهي في حالة استبراء، فقد سئل الإمام الوزيري عمن زنى بامرأة ثم تزوجها فنكاحها مفسوخ أبدا لا طلاقا فيه ولا ميراث والولد لاحق له إن حملت به بعد حيض وأتت به لستة أشهر، وإلا فولد زنا لا يلحق”[16].

نعتقد أن إقرار التعويض كشكل من أشكال النفقة هو اعتراف بالبنوة الطبيعية لصالح الأب، رغم أن المشرع قصد بالبنوة غير الشرعية تلك الناتجة عن تنسل الولد من الأم، أما البنوة بالنسبة للأب لا تكون إلا شرعية.

فالتوجه الفقهي في مسألة البنوة الناتجة عن السفاح أو الزنا، رأينا أن الجمهور يذهب إلى عدم لحوق ولد الزنا بأبيه، أما الرأي الثاني فيرى أن الابن الناشئ عن علاقة زنا أو سفاح يثبت نسبه إلى الزاني إذا لم يكن مولودا على فراش يدعيه صاحبه.

وإذا نحن سايرنا الرأي الثاني وخاصة أمام التطور التكنولوجي في المجال الجيني، حيث بالإمكان التعرف على الأب الطبيعي بنسبة 99.99 في المائة باستخدام شفرة ADN، فهل يمكن الاستفادة من هذا التطور في عالم الجينات واعتباره وسيلة لإثبات البنوة وبالتالي النسب؟

وهذا السؤال أشرنا إليه لأن القرار عدد 225/1 المؤرخ في 15/04/2025 المشار إلى مراجعه سابقا جاء في الأخير ليس بإقرار التعويض وإنما جاء في المنطوق :” على المحكمة التحقق منها بسلوك إجراءات التحقيق المناسبة للحسم في ما إذا كان أمر تخلق المولود من نطفة أمشاج من ماء الطالبة وماء المطلوب، أم من ماء الغير”.

ونعتقد أن هذا المنطوق هو إشارة للخبرة الجينية لإقرار أحكام التعويض الناجم عن البنوة غير شرعية، علما أن المشرع المغربي لم يتبن الخبرة الجينية كوسيلة لإثبات النسب وإنما نص على الخبرة القضائية والتي جاءت غامضة ولا مجال لتطبيقها في حالة تعارضها مع الفراش، فالبصمة الوراثية حسب مدونة الأسرة لإثبات النسب بالفراش أقل قوة من الإقرار، لذلك يبقى للأب المفترض حق نفي النسب بطريق اللعان أو الحكم القضائي، وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض ” إلا أن الخبرة الطبية لا تعمل إلا بعد استيفاء أقل مدة الحمل وهو ستة أشهر”[17].

وتجدر الإشارة إلى أنه تم رفض مقترح استخدام الخبرة الجينية للحوق النسب، أي إثبات نسب الأطفال الذين يولدون خارج مؤسسة الزواج من طرف المجلس العلمي الأعلى، عندما تم رفع هذا المقترح للنظر في ملائمته للشريعة الإسلامية فيما يخص النظر في المقترحات لمراجعة مدونة الأسرة الحالية في المغرب[18].

وفي الأخير نقول من أجل عدالة تشريعية أسرية ونجاعة قضائية في مجال التعويض الناتج عن البنوة غير الشرعية ، نقترح ونوصي بتعديل النصوص القانونية وطرح رؤيا اجتهادية دينية اسلامية حديثة وفق الشكل التالي:

ـ نقترح تفعيل مراكز إيواء الأطفال المولودين خارج الزواج، وتخصيص مساعدات مالية من طرف الدولة المغربية لصالح الأمهات العازبات لتربية وإعانة أبنائهم، وإقرار نص قانوني أسري شامل يراعي خصوصية الأبناء المولودين خارج الزواج، وذلك بتفعيل مقاربة توافقية اجتهادية تجمع ما بين الديني والقانوني.

مقال قد يهمك :   القيود الموضوعية الواردة على سلطة تعديل الدستور المغربي (ج1)

ـ نوصي بالرجوع لأحكام مدونة الأسرة للمحافظة على الطابع الديني للمدونة بدل ظهير الالتزامات والعقود، حيث إن الشريعة الإسلامية لم تقطع في الحقيقة نسب ابن الزنا، وإنما هو حكم قرره الفقهاء نزولا عند مقتضى الحال، فقد كان قصدهم حماية الأنساب من الاختلاط وضمان وجود النسب للطفل غير الشرعي في نفس الوقت، مادام التعرف على الأب لم يكن ميسرا ولا متاحا، فقد تقرر أن ينسب الولد للطرف الذي ولده فعليا وهو الأم، ولكن في عصرنا الحالي وأمام التطور الهائل في علم الجينات وقراءة البصمة الوراثية ADN، أصبح بالإمكان التعرف على الأب الحقيقي للابن، وخاصة أن الشرع متشوف للحوق النسب.


[1] ـ تنص المادة 146 من مدونة الأسرة على أنه:” تستوي البنوة للأم في الأثار التي تترتب عليها سواء كانت ناتجة عن علاقة شرعية أو غير شرعية”.

[2] ـ تنص  المادة 144 من مدونة الأسرة على أنه :” تكون البنوة شرعية بالنسبة للأب في حالات قيام سبب من أسباب النسب وتنتج عنها جميع الأثار المترتبة على النسب شرعا”.

[3] ـ تنص المادة 145 من مدونة الأسرة :” متى ثبتت بنوة ولد مجهول النسب بالاستلحاق أو بحكم القاضي، أصبح الولد شرعيا، يتبع أباه في نسبه ودينه، ويتوارثان وينتج عنه موانع الزواج، ويترتب عليه حقوق وواجبات الأبوة والبنوة”.

[4] ـ للمزيد في التفاصيل، الرجوع للكتاب، جمال الخمار، الاختلالات الواردة في مدونة الأسرة وسبل تجاوزها، الطبعة الأولى، مطبعة دار السلام الرباط 20024.

ـ جمال الخمار، التعديلات المقترحة لمراجعة مدونة الأسرة ـ دراسة تحليلية تفصيلية استشرافية، الطبعة الأولى، مطبعة دار السلام الرباط 2025.

[5] ـ قرار صادر عن الغرفة المدنية لمحكمة النقض رقم 225/1، المؤرخ في 15/04/2025، ملف رقم 227/1/1/2025.

[6] ـ تنص المادة 144 من مدونة الأسرة على أنه :” تكون البنوة شرعية بالنسبة لألب في حالات قيام سبب من أسباب النسب وتنتج عنها جميع الأثار المترتبة على النسب شرعا”.

[7] ـ جمال الخمار، إمكانية تطبيق مدونة الأسرة في أوروبا، الطبعة الأولى، مطبعة نون بريس ألمانيا 2016، ض 25.

[8] ـ جمال الخمار وابتسام علمي، قانون الأسرة، الطبعة الأولى، مطبعة أنفو بريس فاس 2025، ص 165.

[9] ـ ينص الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود على أنه ” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن غير أن يسمح له به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير،ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر.

وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر”.

ـ ينص الفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود على أنه ” كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه، لا بفعله فقط ولكن بخطإه أيضا، وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر.

وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر.

والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله، أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه، وذلك من غير قصد لإحداث الضرر”.

[10] ـ جمال الخمار، الإرث الرقمي – مقاربة قانونية قضائية فقهية ـ ، الطبعة الأولى، مطبعة أكادير 2023، ص 132.

[11] – محمد بن ابراهيم بن المفزر، الإجماع، الطبعة الأولى، مطبعة دار الجنات بيروت لبنان، 1406 ه، ص 31.

– ابن الهمام : فتح القدير، الجزء الخامس، دون ذكر الطبعة والمطبعة، ص 212.

– ابن عرفة: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الجزء الرابع، دون ذكر الطبعة والمطبعة، ص 212.

– ابن فرحون، تبصرة الحكام، الجزء الثاني، دون ذكر الطبعة والمطبعة، ص 256.

– أبو زكريا يحي بن شرف النووي: روضة الطالبين، الجزء الأول، مطبعة المكتب الاسلامي دمشق، ص 86.

[12] – الخطيب الشربيني، مغني المحتاج، الجزء الرابع، دون ذكر الطبعة والمطبعة، ص 184.

[13] – ابن قيم الجوزية، اعلام الموقعين عن رب العالمين، الجزء الثالث، الطبعة الأولى، مطبعة مكتبة ابن تيمية، القاهرة، 1400 ه، ص 21.

[14] – طنطاوي جوهري، الجواهر في تفسير القران الكريم، الجزء الخامس، دون ذكر الطبعة والمطبعة، ص 207.

[15] – قرار عدد 1303 صادر بتاريخ 2 أكتوبر 1991، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 46، ص 134.

[16] – قرار عدد 1303 صادر بتاريخ 22 أكتوبر 1991، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 46، ص 165.

[17] – قرار 213 الصادر بتاريخ 13/04/2005، أورده عبد السلام الرفعي، الولد للفراش في فقه النوازل والاجتهاد القضائي المغربي، الطبعة الأولى، مطبعة افريقيا الشرق، 2006، ص 45.

[18] ـ جمال الخمار، التعديلات المقترحة لمراجعة مدونة الأسرة، المرجع السابق، ص 16.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]