الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة : دراسة في ضوء الخطب الملكية وميثاق إصلاح منظومة العدالة
- رشيد برادة : طالب باحث بسلك الدكتوراه كلية الشريعة والقانون، أكادير.
مقدمة :
لا شك أن إصلاح منظومة العدالة يمثل دعامة أساسية لتوطيد الشفافية والمصداقية في المؤسسات وبناء مجتمع ديمقراطي يقوم على أساس دولة الحق والقانون، إذ “العدل أساس الحكم”. لذلك، فالمسار التاريخي للمغرب بمؤسساته وتشريعاته ما فتئ يؤكد على إرادة المشرع في إصلاح القضاء منذ الاستقلال إلى يومنا هذا. ويمكن أن يٌستشف هذا الأمر من خلال الإصلاحات الجوهرية التي طالت عدة قوانين متعلقة خاصة بالحقوق والحريات[1].من ثم، فالمغرب أبان عن إرادة قوية في المضي نحو قضاء أفضل ليواكب المستجدات التي تعرفها الساحة الوطنية والدولية. ويعتبر ميثاق إصلاح منظومة العدالة أبرز المحطات التي ترجم فيها المغرب إرادته الحقيقية في إصلاح القضاء. وإذا تأملنا هذا الميثاق نستنتج أنه مٌقسم من الناحيةالشكلية إلى جزئين، حيث تطرق الجزء الأول منه إلى تشخيص الوضع الراهن للعدالة، أما الجزء الثانيفيتطرق إلى الأهداف الكبرى والأهداف الفرعية لإصلاح منظومة العدالة. إضافة إلى هذا، وردت في الميثاق 6 أهداف استراتيجية كبرى و36 هدفا فرعيا، كما أُرفق به المخطط الإجرائي الذي يتضمن الاجراءات التفصيلية المطلوبة لتطبيق الآليات المقترحة لتنفيذ مختلف أهداف الميثاق، والتي تضم 200 آلية تنفيذ،رصد من أجل تحقيقها 353 إجراءتنفيذيا والسؤال الذي يمكن طرحه هنا هو: ما هي الإرهاصات السابقة لصدور الميثاق؟ وماهي توجهاته وأهدافه في مجال اصلاح منظومة العدالة؟
للإجابة عن هذه الأسئلة أرى أن أقسم هذا الموضوع إلى مطلبين، وفق التصميم التالي:
- المطلب الأول: : نظرة تاريخية عن صدور ميثاق إصلاح منظومة العدالة وعن وواقع القضاء بالمغرب.
- الفقرة الأولى:السياق التاريخي لصدور ميثاق إصلاح منظومة العدالة في ضوء الخطب الملكية.
- الفقرة الثانية: تشخيص واقع القضاء قبل صدور الميثاق.
- المطلب الثاني: مقومات وأهداف إصلاح منظومة العدالة.
- الفقرة الأولى: المقومات والشروط اللازمة لبلوغ الإصلاح.
- الفقرة الثانية: التوجهات والأهداف الكبرى والفرعية للإصلاح.
المطلب الأول : نظرة تاريخية عن صدور ميثاق إصلاح منظومة العدالة وعن وواقع القضاء
الفقرة الأولى:السياق التاريخي لصدور ميثاق إصلاح منظومة العدالة في ضوء الخطب الملكية
لقد أكد خطاب صاحب الجلالة في افتتاح دورة المجلس الأعلى للقضاء بالرباط بفاتح مارس 2002 عن إرادته في إصلاح القضاء بقوله ” التعبئة الكاملة و القوية للقضاة و لكل الفاعلين في مجال العدالة للمضي قدما بإصلاح القضاء نحو و جهته الصحيحة و انتهاء زمن العرقلة و التخاذل و التردد و الانتظارية”.ولن تقف إرادة إصلاح القضاء عبر هذا الخطاب، وإنما تعززت عبر الكثير من الخطب الملكية فيما بعد،حيث جعله ” في صدارة الأوراش الإصلاحية الكبرى“. ولتحقيق هذ الأمر حث جلالته على إصلاح القضاء وتخليقه وعصرنته، وترسيخ استقلاله احقاقا للحق ورفعا للمظالم وأيضا تحفيزا للتنمية والاستثمار، كما أكد على منهجية إصلاح منظومة العدالة، وذلك بالدعوةلحوار واسع لأجل بلورة مخطط مضبوط للإصلاح الشامل والعميق للقضاء[2]. وحدد المحاور الأساسية لهذا الإصلاح في خطاب 20 غشت 2009، كما أسس لمفهوم جديد لإصلاح العدالة قائم على ” القضاء في خدمة المواطن[3]“.وتوج هذا المسار الإصلاحي بمقتضيات الدستور الجديد[4] ل 2011 التي تنص على ضرورة احترام مقومات المحاكمة العادلة وضمان استقلال القضاء على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإحداث مجلس أعلى للسلطة القضائية. ولتحقيق هذه الأهداف حث جلالته على انتهاج مقاربة تشاركية وإدماجيه من خلال دعوة جميع الفاعلين إلى “التعبئة و الانخراط في الحوار الوطني” لبلورة ميثاق وطني لإصلاح المنظومة القضائية بتوفير كل الظروف الملائمة والآليات الفعالة وتعبئة النصوص التنظيمية، لأجل ذلك ارتأى جلالة الملك إحداث هيئة عليا للحوار الوطني[5]حول إصلاح منظومة القضاء ( 8 ماي 2012) للقيام بمهمة الإشراف، فقامت بدورها بتنظيم ندوات جهوية للحوار انصبت جل مواضيعها على إصلاح منظومة العدالة، فتوج هذا الأمر بصدور ميثاق لإصلاح منظومة العدالة،حيث صاغت فيهالهيئة العليا توصياتها النهائيةلجلسات الحوار التي عقدتها على مدار عام كامل.فإرادة إصلاح القضاء إذا حضي بأولوية عبر مختلف المحطات الكبرى، وتتويجا لهذه الإرادة قد جاء الميثاق بأهداف كبرى لإصلاح هذا القطاع في المغرب عبرت توجهات المشرع في إصلاح القضاء وهو ما سأتحدث عنه في الفقرات التالية.
الفقرة الثانية: تشخيص واقع القضاء قبل صدور الميثاق
لقد تضمن الميثاق جزءا خاصا بتشخيص وضعية العدالة من حيث إشكالياتها، والصعوبات التي تعترض سيرها، والذي على أساسه تمت بلورة الرؤية العامة لإصلاح منظومة العدالة، راسمة التوجهات الكبرى التي يجب أن تحكم هذا الإصلاح. ومن خلال هذا التشخيص تم التوصل إلى أن منظومة العدالة في المغرب اتسمت بمواطن قوة لا يمكن إنكارها، تمثلت في تحقيق إنجازات وإصلاحات هامة في الخمسين سنة الماضية قبل صدور الميثاق، وعلى وجه الخصوص في:
- صدور تشريعات متقدمة في شتى المناحي؛
- وجود قضاة ذوي كفاءة عالية؛
- تراكم اجتهادات قضائية ثرية في كل فروع القانون؛
- توفر خبرات متميزة في إدارة مرفق القضاء؛
- وجود مهن قضائية متمرسة.
وبالرغم من هذا كله، فإن منظومة العدالة كانت تشوبها اختلالات ومواطن ضعف بينة، تمثلت خاصة في وجود بعض الممارسات المنحرفة طالت مختلف مكونات العدالة، وأفقدت المتقاضين أحيانا الثقة في عدالتهم، وغطت على الجوانب المميزة فيها، وعلى السلوكات النزيهة لرجال القضاء ونساءه. وقد حدد الميثاق من خلال التشخيص الشامل والعميق لمنظومة العدالة أهم الاختلالات والنقائص التي تجلت في المستويات التالية:
- على مستوى استقلال السلطة القضائية. ( تبعية النيابة العامة والتفتيش القضائي لوزارة العدل)
- على مستوى تخليق منظومة العدالة ( نقص الشفافية وضعف آليات المراقبة وتراجع في أخلاقيات الممارسة المهنية وعاداتها)
- على مستوى حماية القضاء للحقوق والحريات ( تشوب السياسة الجنائية عدة نقائص كنقص الاهتمام بمقاربة النوع الاجتماعي والضحايا)
- على مستوى فعالية ونجاعة القضاء ( افتقاد التنظيم القضائي للانسجام إضافة للمساطر المعقدة والتقليدية)
- على مستوى القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة.( محدودية المؤهلات المهنية ونقص الكفاءات التخصصية)
- على مستوى أساليب تدبير مرفق القضاء ( تتسم الميزانية المخصصة لقطاع العدل بالضعف)
المطلب الثاني: مقومات وأهداف إصلاح منظومة العدالة
الفقرة الأولى:المقومات والشروطاللازمة لإصلاح منظومة العدالة:
إن الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة لابد أن يتوفر على عدة مقومات وشروط لنجاحه وترتيب آثاره، لذلك ارتأيت أن أتحدث عن هذه المقومات والشروط قبل التفصيل في أهداف الميثاق، ومن هذه المقومات[6]:
- الجدولة وتحديد المدد الزمنية لتنفيذ أهداف الميثاق: حيث عمل المشرع على وضع مخطط إجرائي يحدد فيه الإجراءات والمدد الزمنية لتنفيذ أهداف الميثاق وحث على ضرورة الالتزام بها، وراعى في ذلك الأهداف التي تتطلب مدة أطول كمشروع المحكمة الرقمية.
- المرونة في التطبيق والمواءمة:فقد نص الميثاق على ضرورة التزام المرونة في التطبيق ومواءمة آليات تنفيذ مشروع التوصيات مع المستجدات الطارئة، دون الخروج عن الأهداف الرئيسية والفرعية.
- توفير الاعتمادات المالية لتنفيذ أهداف الميثاق:وذلك بتحسين الوضعية المالية للقضاة، وتوفير الإمكانيات الكفيلة بتحديث الإدارة القضائية والبنايات الملائمة والتجهيزات الضرورية.
- توفير بنايات لائقة تستجيب لمتطلبات تقديم خدمة العدالة للمواطن.
- موارد بشرية كافية ومؤهلة : ولا يتحقق هذا إلا بضمان شفافية ونزاهة مباريات التوظيف، وتحسين انتقاء المسؤولين لكافة المصالح الإدارية، إضافة إلى تعميم التكوين المستمر والتخصصي على كافة قضاة وموظفي وزارة العدل وأيضا على المحامين[7].
- قضاء مستقل ونزيه وفعال : وتحقيق النزاهة يتم عن طريق عدة مستويات. فعلى مستوى مقاربة التحفيز تمت الزيادة في أجور القضاة وموظفي كتابة الضبط وأصحاب المهن الحرة من محامين وموثقين ومفوضين قضائيين. وعلى مستوى التأطير القانوني نمثل لذلك بإلزامية التصريح بالممتلكات، وصلاحية تتبع ثروة القاضي إضافة لمحاسبة القضاة على الخطأ الجسيم. وعلى مستوى المراقبة والتأديب، حيث تحال الشكايات التي تتوصل بها الوزارة على المفتشية العامة للقيام بالأبحاث اللازمة. وتهم هذه الشكايات ادعاء الفساد في شخص القضاة وموظفي كتابة الضبط[8].
- إرساء آلية المتابعة والتقييم: حيث تتولى قياس وتقييم إنجاز الأهداف الفرعية المضمنة في الأهداف الرئيسية للمشروع.
- الحث على التزام الجميع بالانخراط في ورش إصلاح منظومة العدالة: فرهان الإصلاح ينبغي أن يشمل الجميع من سلطات عمومية، وهيئات سياسية ونقابية وجمعوية، ومهنيين عاملين في مجال العدالة، وإعلاميين، وعموم المواطنات والمواطنين.
الفقرة الثانية : الأهداف الرئيسية لميثاق إصلاح منظومة العدالة
وقد وردت في الجزء الثاني من الميثاق،الذي يتضمن الأهداف الاستراتيجية الكبرى لإصلاح منظومة العدالة. فقد أوصت الهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة ووضعت في نظرها ستة أهداف استراتيجية تتمثل بصفة عامة في: في توطيد استقلال السلطة القضائية، وتخليق منظومة العدالة، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، وإنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، وتحديث الادارة القضائية، وتعزيز حاكمتها. وأتطرق لهذه الأهداف بشيء من التفصيل في الفقرات التالية:
1-توطيد استقلال السلطة القضائية
يعتبر هذا المحور من أهم ركائز الإصلاح، حيث يهدف إلى ضمان استقلالية القضاء، فهو ترجمة لحق المواطنين في الاحتماء بقضاء نزيه منصف وفعال. ويتضمن هذا الهدف الرئيسي سبعة أهداف فرعية هي كالتالي:
- ضمان استقلالية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، عبر وضع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية[9]، وتكريس استقلاله المالي والإداري[10].
- ضمان تمثيلية شاملة وفعالة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
- التدبير الأمثل للمسار المهنية للقضاة.
- تعزيز التفتيش القضائي.
- اعتماد آليات تعاون بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والسلطات الأخرى.
- تواصل المجلس الأعلى للسلطة القضائية مع محيطه.
- استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، بإسناد رئاسة النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض[11].
2-تخليق منظومة العدالة
يعد تخليق منظومة العدالة من الأهداف الاستراتيجية الهامة للإصلاح، إذ وصفه الميثاق بكونه مدخلا من «المداخل الأساسية لتحصين هذه المنظومة من مظاهر الفساد والانحراف»، ويسعى هذا الهدف إلى بلوغ أربعة أهداف فرعية هي:
- تعزيز آليات الجزاء لضمان نزاهة وشفافية منظومة العدالة، من خلال تتبع ومراقبة الثروات والتصريح بالممتلكات وتشديد الجزاءات المقررة بشأنها.
- تعزيز مبادئ الشفافية والمراقبة والمسؤولية في المهن القضائية[12]
- ترسيخ القيم والمبادئ الأخلاقية لمنظومة العدالة[13].
- تعزيز دور القضاء في تخليق الحياة العامة[14].
3-تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات
بصفة عامةيرتبط هذا الهدف بمراجعة السياسة الجنائية وبإصلاح سياسة التجريم والعقاب، بدءا من ملائمة القوانين الزجرية الوطنية مع الدستور ومبادئ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الجريمة وبحقوق الانسان، وانتهاء بتدابير تشريعية لضمان المحاكمة العادلة والارتقاء بأداء العدالة الجنائية. لذلك سعى الميثاق إلى نهج سياسة جنائية تراعي النوع الاجتماعي، وتحمي ضحايا الجريمة كالأحداث وذوي الاحتياجات الخاصة، وضحايا العنف من النساء. ولبلوغ هذا الهدف هناك أربعة أهداف فرعية ينبغي تحقيقهاهي:
- نهج سياسة جنائية جديدة.
- تطوير سياسة التجريم.
- إرساء سياسة عقابية ناجعة.
- تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة.
- ضمان نجاعة آليات العدالة الاجتماعية.
- تحديث آليات العدالة الجنائية.
4-الارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء[15]
وذلك بالعمل على بلوغ 7 أهداف فرعية هي:
- إرساء التنظيم القضائي على مبدأ الوحدة والتخصص.
- دعم فعالية الأداء القضائي.
- تقريب القضاء من المتقاضين وعقلنة الخريطة القضائية.
- البت في القضايا وتنفيذ الأحكام خلال آجال معقولة.
- الرفع من جودة الأحكام وضمان الأمن القضائي.
- تسهيل الولوج إلى القانون والعدالة[16].
- تسهيل اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل المنازعات
5-إنماء القدرة المؤسسية لمنظومة العدالة
يهدف هذا المرتكز إلى الرفع من القدرات المهنية لكل مكونات منظومة العدالة من قضاة وموظفي كتابة الضبط وكل مهن العدالة، وذلك بالعمل على بلوغ 7 أهداف فرعية هي:
- التأهيل المؤسسي لاحتضان الجودة وضمان التميز.
- الارتقاء بمعايير وشروط ولوج وممارسة مهن منظومة العدالة.
- الارتقاء بمستوى وفعالية التكوين الأساسي والتخصصي.
- دعم التكوين المستمر لضمان الاحترافية.
- رفع قدرات الموارد البشرية لهيئة كتابة الضبط.
- تقوية القدرات المؤسساتية للمهن القضائية والقانونية.
- دعم الثقة في المهن القضائية والقانونية.
6-تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها[17]
وذلك بالعمل على بلوغ 5 أهداف فرعية هي:
- إقامة إدارة قضائية احترافية ومؤهلة.
- تأسيس إدارة قضائية قائمة على اللاتمركز الإداري والمالي[18].
- إرساء مقومات المحكمة الرقمية[19].
- تحديث خدمات الإدارة القضائية وانفتاحها على المواطن[20].
- الرفع من مستوى البنية التحتية للمحاكم.
خاتمة :
وختاما أقول إن إصلاح القضاء بالمغرب مر بعدة محطات توجت بإصدار ميثاق إصلاح منظومة العدالة، الذي جاء بمجموعة من الأهداف الاستراتيجية الكبرى، تحقق بعضها في الوقت الحاضر كاستقلال النيابة العامة عن السلطة القضائية.
ومازال العمل قائما لإنجاز أهداف أخرى بعيدة المدى كعصرنة الإدارة القضائية، وتوفير الأنظمة المعلوماتية ومشروع المحكمة الرقمية. وحقا فإن إصلاح منظومة العدالة ينبغي أن تساهم فيه كافة الجهات والمؤسسات الوطنية في أفق الدفع بالقضاء إلى مكانة أفضل، وهو الأمر الذي لا شك سيساهم في بناء مجتمع ديمقراطي أساسه العدل والمساواة والشفافية واحترام الحقوق والحريات، وهي مبادئ منصوص عليها في الدستور والاتفاقيات الدولية.
لائحة المراجع المعتمدة[21]:
- ميثاق إصلاح منظومة العدالة، 2013.
- مشروع النجاعة القضائية لسنة 2017.
- ندوة الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، 2016.
الهوامش :
[1]كقانون المسطرة الجنائية وقانون الصحافة والحريات العامة، مرورا بخلق المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ووزارة حقوق الإنسان، وصولا إلى التجربة الفريدة من نوعها دوليا في كشف الحقيقة عن انتهاكات الماضي وجبر الضرر عنها وضمان عدم تكرارها من خلال مؤسسة هيئة الإنصاف والمصالحة.
[2]بمناسبة عيد العرش لسنة 2008 أكد جلالة الملك على منهجية إصلاح القضاء بقوله، ” ولهذه الغاية ندعو حكومتنا للانكباب على بلورة مخطط مضبوط للإصلاح العميق بقضاء ينبثق من حوار بناء وانفتاح واسع على جميع الفعاليات المؤهلة المعنية مؤكدين بصفتنا ضامنا لاستقلال القضاء حرصنا على التفعيل الأمثل لهذا المخطط من أجل بلوغ ما نتوخاه للقضاء من تحديث ونجاعة في إطار من النزاهة والتجردوالمسؤولية”.
[3]تم تأكيده أيضا عند افتتاح الدورة الأولى للبرلمان بتاريخ 8 أكتوبر 2010.
[4]و ذلك في الخطاب التاريخي في 9 مارس 2011، الذي أعلن فيه عن إجراء إصلاح دستوري شامل من خلال سبعة مداخل رئيسية من ضمنها الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة و تعزيز صلاحيات المجلس الدستوري و توطيد لسمو الدستور و سيادة القانون و المساواة أمامه، والقارئ لدستور 9 مارس 2011 سيجد بابا خاصا يتكون من 22 فصل حول السلطة القضائية و التي غدت و لأول مرة في المغرب سلطة مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن أهم النقط الجوهرية التي أتى بها الدستور هي نقطة تعويض المجلس الأعلى للقضاء بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية و الذي يرأسه جلالة الملك.
[5]ضمت هذه الهيئة هيئة استشارية تضم 40 عضواً برئاسة وزير العدل مصطفى الرميد،وقد عملت هذه الهيئة على تنظيم 41 اجتماعا للهيئة العليا، و11 ندوة جهوية غطت الخريطة القضائية للمملكة، والاستشارات الكتابية ل111 هيئة و منظمة و 104 ندوة مواكبة على صعيد المحاكم.
[6]مستفادة منالميثاق، ص: 99-100، وكذلك من ندوة نظمت بالمعهد العالي للقضاء تحت عنوان:” الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، مطلب شعبي، وإرادة ملك، وإنجاز حكومة”، الثلاثاء 23 فبراير 2016.
[7]ينظر لمزيد من التفصيل والإحصائيات ندوة:” الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة”، مرجع سابق، ص 14-18.
[8]نفس المرجع السابق، ص :19-26.
[9]وهو ما تم من خلال صدور القانون التنظيمي رقم 13-100 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وذلك بموجب ظهير شريف رقم 40-16-1 صادر في 14 من جمادى الآخرة 1437 (24 مارس 2016)، نشر بالجريدة الرسمية في 14 ابريل 2016، عدد 6456.
[10]إضافة إلى: تخصيص ميزانية سنوية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومقر خاص له، وإحداث أمانة عامة يسيرها أمين عام يعين من طرف جلالة الملك باقتراح من الرئيس المنتدب للمجلس بعد استشارة هذا الأخير، مع وضع نظام داخلي للمجلس سيتم عرضه على المحكمة الدستورية. وإحداث مفتشية عامة للتفتيش القضائي يسيرها مفتش عام يعين من طرف جلالة الملك باقتراح من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية. وكذلك وضع آلية في النظر في شكاوى القضاة، حال تهددت استقلاليتهم.
[11]وهو ما تم في 6 أكتوبر 2017، حيث احتضن مقر رئاسة النيابة العامة بالرباط حفل تسلم الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض السيد محمد عبد النباوي سلطة رئاسة النيابة العامة من وزير العدل السيد محمد أوجار، لتٌنقل من ثمة سلطة رئاسة النيابة العامة من وزارة العدل المنتمية للسلطة التنفيذية إلى محكمة النقض المغربية المنتمية للسلطة القضائية، تكريسا لمبدأ فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية.
وتجدر الإشارة إلى أنه بتاريخ 18 شتنبر 2017 صدر بالجريدة الرسميةالقانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وسن قواعد لتنظيم هذه المؤسسة، وهذا بموجب ظهير شريف رقم 1.17. 45 صادر في 8 ذي الحجة 1438 (30 أغسطس 2017)، نشر بالجريدة الرسمية في 18 سبتمبر 2017، عدد 6605.
[12]وذلك من خلال إحداث هيئة قضائية مختلطة على مستوى محاكم الاستئناف تتكون من ثلاثة قضاة من بينهم الرئيس ومحاميين اثنين من الهيأة للبت في الطعون المقدمة ضد القرارات التأديبية وغيرها، الصادرة عن هذا المجلس.
[13]من خلال نشر الأحكام والقرارات المتعلقة بالعقوبات التأديبية المتخذة ضد المنتسبين إلى مهن منظومة العدالة، وإقرار آلية لتتبع ومعالجة شكايات المواطنين والمواطنات بشأن التبليغ عن الفساد في منظومة العدالة.
[14]وذلك من خلال تحويلالمجلس الأعلى للحسابات ومختلف هيئات الحكامة، إحالة الأفعال التي تكتسي صبغة جنائية مباشرة، إلى النيابة العامة المختصة، وتوسيع إلزامية التبليغ عن جرائم الفساد المالي، وإقرار جزاءات عن عدم التبليغ عنها، مع تقرير الوسائل الضرورية لحماية الشهود والمبلغين.هذه الإجراءات ستمكن حسب الميثاق من تعزيز ثقة المواطنين والمواطنات في العدالة، وفضح الفساد، عبر نشر الأحكام القضائية المتعلقة بالجرائم المالية.
[15]في هذا الصدد أصدرت وزارت العدل مشروع النجاعة القضائية سنة 2017، حيث يتضمن جملة من التدابير المتعلقة خاصة بالمحاكم، كتدبير الموارد البشرية وتدبير الجلسات وآجال البت في القضايا وغير ذلك من التدابير الرامية إلى الرفع من النجاعة القضائية داخل المحاكم وخارجها.
[16]في هذا الإطار صدر ظهير رقم 1.18.15 ب 22 فبراير 2018، بتنفيذ القانون رقك 31.13، المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، نشر بالجريدة الرسمية في 12 مارس 2018، عدد 6655.
[17]ينبني هذا المتركز على عصرنة الإدارة القضائية، واستخدام التكنولوجيا الرقمية، في أفق حوسبة الإجراءات والمساطر القانونية، عبر وضع مخطط مديري لإرساء المحكمة الرقمية، وتوفير أنظمة معلوماتية آمنة، تعتمد على التوقيع الإلكتروني وأداء الرسوم والغرامات والمصاريف القضائية على الأنترنت. كما سيتم إعادة هيكلة المراكز الجهوية للحفظ والأرشيف.
[18]وفي هذا الصدد صدر المرسوم رقم 2-17-618 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، بتاريخ 18 ربيع الآخر 1440 (26 دجنبر 2018)، نشر بالجريدة الرسمية في 27 دجنبر 2018. وجاء هذا المرسوم تدعيما للجكامة الترابية إذ يدخل في إطار مقاربة ترابية قائمة على اللامركزية والجهوية وتقريب الإدارة من المواطنين، تم إصدار المرسوم رقم 2-17-618 بتاريخ 18 ربيع الآخر 1440 (26 دجنبر 2018) بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري. ويحدد هذا المرسوم المبادئ التوجيهية للاتمركز الإداري وأهدافه وآليات تفعيله، وكذا القواعد العامة للتنظيم الإداري للمصالح اللاممركزة للدولة. من جهة أخرى، يؤطر الميثاق الوطني توزيع الاختصاصات بين الإدارات المركزية والمصالح اللاممركزة للدولة إضافة إلى القواعد المنظمة للعلاقة بينها من جهة، وبين ولاة الجهات، وعمال العمالات والأقاليم، والجماعات الترابية وهيئاتها، والهيئات والمؤسسات الأخرى ذات الاختصاص الترابي.
[19]في هذا الإطار وفي أفق بلوغ المحكمة الرقمية سنة 2021، أطلقت وزارة العدل يوم الإثنين 4 يناير 2016 أربع تطبيقات معلوماتية تهم على التوالي السجل الوطني للاعتقال الاحتياطي، وتتبع التنفيذ على شركات التأمين، ومكتبة العدالة.
[20]ويتضح هذا من خلال إحداث أوراش تستوعب فلسفة الإدارة الرقمية كإحداث موقع خاص بوزارة العدل وآخر خاص بالمعهد العالي للقضاء، وموقع خاص بالخدمات العمومية وغير ذلك.
[21]اعتمدت في إنجاز هذا المقال على ميثاق إصلاح منظومة العدالة، مع تذييله في الهامش بالمستجدات التي بلغها المشرع من أجل بلوغ أهدف الميثاق، وذلك من أجل أن يكون المقال شاملا لكل ما يتعلق بالإصلاح، ويكون عونا للطلبة المقبلين على الامتحانات المهنية.