مجلة مغرب القانونالمنبر القانونيالأمـــن الــمـائي بــالـمغـرب

الأمـــن الــمـائي بــالـمغـرب

أمين بكري باحث في القانون إطار بوزارة الداخلية 

مقدمة:

يعتبر الماء موردا طبيعيا لحياة الإنسان ولجميع الكائنات الحية الأخرى ومادة ضرورية ترتكز عليها مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية للإنسان، ويتسم الماء بعدم الانتظام في الزمان والمكان كما يتأثر بالأنشطة البشرية[1]، بل إنه سبب من أسباب نشوء الحضارات، إذ وجدت مختلف الحضارات على ضفاف الأنهار وبجانب الأودية المائية[2]. ووفقا للقرآن الكريم فالماء مصدر الحياة وهو إرشاد قرآني ينطوي على حكمة بالغة، إذ احتياج الناس للماء يعادل احتياجهم للأوكسجين، ولكن الماء يمنح الحياة. بمعنى أعم من ذلك، فالماء يضمن الحياة الكريمة ويحافظ على استدامة النظم الإيكولوجية، ويعتبر أحد أهم المدخلات التي تساهم في تدعيم سبل العيش الكريم.

وقد كان ولا يزال ضمان الأمن المائي أولوية إستراتيجية لبلادنا وإن كان التقدم الذي أحرزه المغرب في هذا المجال لا جدال فيه، فقد أصبح الماء أكثر حدة في السياق الحالي المتسم بتفاقم آثار الجفاف وتغير المناخ وغيرها من التحديات.

ويمكن القول أن الأمن المائي عبارة عن كمية من الحياة الجيدة والصالحة للاستخدام البشري والمتاحة بشكل يلبي الاحتياجات الأساسية للإنسان مع ضمان استمرارية هذه الكفاية للأجيال الحالية والمستقبلية دون تأثيرات سلبية.

وقد اهتم المغرب بالماء سواء في إطار النظام التقليدي القائم على أحكام الشريعة الإسلامية والأعراف والتقاليد، أو في إطار النظام القانوني الحديث الذي وضعت لبناته الأولى سلطات الحماية الفرنسية، حيث كان ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلق بالملك العام للدولة أول قانون يؤسس لمبدأ الملك المائي العام، فأصبح الماء ملك عام للدولة.

ويندرج الماء في نطاق حقوق الإنسان، دوليا نصت عليها العديد من المواثيق الدولية من ذلك، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذا المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948.

ووطنيا كرس المشرع الدستوري المغربي قانون في الماء بموجب الفصل 31 من دستور 2011 تماشيا مع هذه الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، حيث تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة، كما عمل المشرع على تنظيمه والتخطيط لاستعماله وحمايته من خلال القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء[3].

ويكتسي موضوع الأمن المائي أهمية قصوى، وهي أهمية تبررها تلك الخطب السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، التي يوليها جلالته لقضية الماء، حيث تطرق الخطاب الملكي السامي الموجه إلى البرلمان بتاريخ 14 أكتوبر 2022 إلى إشكالية الماء وما تفرضه من تحديات ملحة وأخرى مستقبلية، وكذا جلسة العمل التي ترأسها جلالته بتاريخ 09 ماي 2023 التي خصصت لتتبع البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2022-2027.

هذا بالإضافة إلى التزامات الحكومة التي تهم الماء المدرجة في برنامجها الحكومي 2021-2026 تماشيا مع التوصيات التي سطرتها التوجهات الإستراتيجية للنموذج التنموي الجديد.

ولطالما شكل الأمن المائي الهاجس الأساسي لسكان المغرب، نظرا لتقلب المناخ بالمغرب، والمتميز بتعاقب السنوات الممطرة والجافة، وقد شهدت الظروف الاقتصادية والاجتماعية للماء منذ بداية القرن 20 تطورا ملحوظا بسبب التطور الصناعي وتزايد النمو الديمغرافي وإدخال السقي على نطاقات متعددة.

هذا التطور نتج عنه ارتفاع ملحوظ في الطلب على الماء وظهور مشكل التلوث وبروز الفوارق الاجتماعية مما أدى بالفاعلين العموميين إلى تبني إستراتيجيات ملائمة للتحكم في الموارد المائية تمكن من ضمان الأمن المائي والغذائي.

من خلال ما سبق، حري بنا تحليل إكراهات التدابير المتخذة لضمان الأمن المائي بالمغرب، خاصة وأنه يشهد تراجعا ملحوظا في الآونة الأخيرة بفعل التقلبات المناخية والاحتباس الحراري…، ثم الحديث في مقام موالي عن أهم الجهود المبذولة لرفع تحديات التي تعرفها إشكالية الماء.

ومن هنا تثار إشكالية حول مدى ضمان السياسات العمومية التي ينهجها المغرب للأمن المائي للأجيال الحالية والمستقبلية؟

إجابة عن هذه الإشكالية ولمقاربة الموضوع سنقسمه وفق التصميم التالي:

  • المطلب الأول: اختلالات وإكراهات التدابير المتخذة لضمان الأمن المائي.
  • المطلب الثاني: الجهود المبذولة لمواجهة إشكالية الماء.

المطلب الأول: اختلالات وإكراهات التدابير المتخذة لضمان الأمن المائي

رغم الجهود المبذولة في القطاع المائي بالمغرب لا زالت العديد من المناطق تشهد شحا في الموارد المائية ومناطق أخرى تشهد احتجاجات متكررة بسبب ندرة المياه، إضافة إلى استمرار تراجع معدل تزويد الفرد بالمياه في السنة، واستمرارية الانعكاسات السلبية للإكراهات الطبيعية والبشرية على الأمن المائي، وفيما يلي أهم تجليات قصور التدابير المتخذة لضمان الأمن المائي.

الفقرة الأولى: إكراهات التدابير المتخذة بشأن الحصول على الماء

في هذا الإطار يمكن الحديث عن احتجاجات متكررة بسبب ندرة المياه في بعض المناطق، إضافة إلى كثرة الطلب على الماء في مقابل محدودية العرض المائي.

أولا: تنامي الاحتجاجات بشأن الحصول على المياه:

إن الانقطاعات المتكررة للماء تمس بالاستقرار الاجتماعي للمناطق التي تعاني من ندرة المياه بشكل خاص، وبالأمن المائي بالمغرب، حيث شهدت عدة مناطق بالمغرب احتجاجات على خلفية صعوبة الحصول على الماء الصالح للشرب والتمتع بالحق في الماء، واشتكوا من سوء توزيع الموارد المائية، كذلك فإن نقص الموارد المائية أو تردي نوعيتها يمس بالسلم الاجتماعي وبالعدالة الاجتماعية (شفشاون، زاكورة، صفرو، أزيلال ووزان)[4]. وبالتالي نقص الموارد المائية أو تردي نوعيتها يمس بالسلم الاجتماعي وبالعدالة الاجتماعية.

أما على المستوى العالمي، يشكو 2.1 مليار شخص من عدم القدرة على الوصول إلى مياه مأمونة ومتاحة بسهولة في ديارهم فيما يفتقر 4.5 مليارات شخص[5] إلى خدمات الصرف الصحي التي تتم إدارتها بشكل مأمون. وبالرغم من التقدم المحرز، إلا أنه لا تزال هناك تحديات لبلوغ الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة وللتصدي لحالات عدم المساواة بين البلدان وضمن البلد الواحد في الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي الأساسية.

مقال قد يهمك :   اللوائح الأولية للمترشحين لمباراة المنتدبين القضائيين (pdf)

ويستلزم تحقيق خطة العام 2030 ووعدها القائم على شمل الجميع من دون أي استثناء محوراً موجهاً لخدمة الأشخاص يكون راسخاً في حقوق الإنسان الدولية ونهجاً متكاملاً بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للتنمية المستدامة وشراكة بين جميع أصحاب المصلحة. ويتطلب التصدي للتحديات التي يواجهها الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة تحولاً نموذجياً، فلا يُنظر إلى المياه كمورد طبيعي ينبغي إدارته واستخدامه فحسب، بل كحق أساسي من حقوق الإنسان يحق لجميع الناس التمتع به من دون أي تمييز[6].

ثانيا: تزايد الطلب على الماء في مقابل محدودية العرض المائي:

هذا المعطى يعتبر من بين الإكراهات البشرية التي تكمن في التزايد الديمغرافي للسكان وعدم الوعي بأهمية الماء والمحافظة عليه، فتزايد السكان يعني تزايد الطلب على الماء في مقابل موارد مائية غير متجددة[7].

وهذا الأمر يعمق من أزمة الماء، وتزايد خطورة التلوث والندرة كلما ازداد النمو الديمغرافي، ويزيد من تأزيم الوضعية غياب ثقافة المسؤولية تجاه الموارد المائية، ولذلك فإن البرنامج الوطني للماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027 يضمن مقتضيات بشأن تنمية العرض المائي ليصبح قادرا على تلبية الطلبات المتزايدة على الماء[8].

الفقرة الثانية: عوامل إضافية تجعل اختلال الأمن المائي أكثر حدة بالمغرب:

وهنا حديث بالأساس عن استمرار الانعكاسات السلبية للإكراهات المرتبطة بالعوامل الطبيعية، بالإضافة إلى تفاقم ظاهرة تلوث المياه.

أولا: استمرارية الانعكاسات السلبية المرتبطة بالعوامل الطبيعية:

يتسم النظام المناخي والهيدرولوجي بالمغرب بعدم الانتظام في المجال والزمان، وتعاقب فترات ممطرة وأخرى جافة في بعض الأحيان تدوم سنوات.

وتعد الفترة ما بين 2018-2022 أشد الفترات جفافا على الإطلاق، فالأمن المائي للمغرب يتأثر بالخصائص المناخية والبيئية خاصة أن المغرب تتسم هيدروغرافيته بسمات شح الموارد المائية، كما ساهم المنحى التنازلي للواردات المائية بالإضافة إلى التزايد الديمغرافي في خفض حصة الفرد الواحد من المياه بالمغرب إلى ما يقارب 600 متر مكعب والتي وضعتها هيئة الأمم المتحدة لتحديد حالة الخصائص المائي[9].

ثانيا: تفاقم ظاهرة تلوث المياه:

أصبحت الموارد المائية عرضة للتلوث الناتج عن الأنشطة الفلاحية والصناعية، وعن المياه المنزلية المستعملة والصناعية وغيرها والتي تقذف في البحر ونسبة متبقية منها في الأنهار، والأودية المائية أو في أراضي فلاحية، وهي مياه ذات خطر على الموارد المائية.

هذا، ويشكل التلوث الفلاحي خطر لاستعمال الأسمدة والمبيدات الحشرية مما يضر بالفرشات المائية خاصة بالأوساط القروية، إضافة إلى التلوث الطارئ الذي ينتج عن تسرب المياه العادمة إلى قنوات الماء الشروب أو تدفق المحروقات النفطية والمواد الكيماوية إلى مياه الأنهار والأودية[10].

وبالتالي فإن كل هذه الاختلالات والإكراهات نتج عنها خفض حصة الفرد الواحد من المياه بالمغرب على ما يقارب 600 متر مكعب سنويا أي أقل من عتبة 1000 متر مكعب التي وضعتها هيئة الأمم المتحدة لتحديد حالة الخصاص المائي[11]، بالإضافة إلى انخفاض الحصص المائية الموجهة للسقي، وهو الذي جعل السلطات العمومية بذل مجهودات تمثلت في اتخاذ تدابير استعجالية وأخرى استراتيجية لمعالجة هذه الوضعية. أما في المغرب، فإن الوضع قد أصبح مقلقا على اعتبار أن موارده المائية تقدر حاليا بـ أقل من 650 متر مكعبا للفرد سنويا، مقابل 2500 متر مكعب سنة 1960 .ومن المتوقع أن تقل هذه الكمية عن 500 متر مكعب بحلول 2030. وتشير بعض الدراسات الدولية إلى أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى فقدان 80% من الموارد المائية المتوفرة في بلادنا خلال السنوات 25 المقبلة[12]. فماهي الجهود المبذولة لموجهة إشكالية الماء؟

المطلب الثاني: الجهود المبذولة لمواجهة إشكالية الماء.

وفقا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، فإن تدبير الموارد المائية يعد ورشا في صلب أولويات الحكومة التي يجب عليها إيلاء أهمية قصوى لمعالجة إشكالية تدبير الموارد المائية وذلك وفق مقاربة متعددة الأبعاد تعتمد أساسا على ترشيد استعمال الماء والتدبير الأمثل للطلب.

وبالموازاة مع ما يتم إنجازه في مجال تعبئة الموارد المائية، وفيما يلي نشير إلى بعض التدابير التي تم اتخاذها بهذا الخصوص.

الفقرة الأولى: التدابير الاستعجالية لتأمين التزويد بالماء الشروب:

في خطابه الموجه إلى البرلمان بتاريخ 14 أكتوبر 2022 أشار جلالة الملك إلى إشكالية الماء وما تفرضه من تحديات ملحة وأخرى مستقبلية، حيث إنها إشكالية تطرح نفسها وبإلحاح، خاصة أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة منذ ثلاثة عقود.

وعلى إثر الوضعية المائية الحرجة التي تعرفها المملكة، تم وضع برنامج استعجالي لتأمين التزويد بالماء الشروب بالمناطق المتأثر بالعجز المائي بمبلغ إجمالي قدره 8,72 مليار درهم[13]، حيث تم في هذا السياق التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات الشراكة تشمل على وجه الخصوص:

1- اتفاقيات الشراكة لتمويل وتنفيذ إجراءات استعجالية ومهيكلة في بعض الأحواض المائية.

2- اتفاقية شراكة لتنفيذ إجراءات استعجالية ومهيكلة في قطاع الماء، بجهة درعة- تافيلالت.

3- الاتفاقية الإطار للشراكة المتعلقة بتمويل برنامج السدود الصغيرة 2022-2024.

4- اتفاقية اقتناء شاحنات صهريجية وصهاريج بلاستيكية.

مقال قد يهمك :   عسيلة ياسين: مقاربة حقوقية لأحكام ظهير 2 أكتوبر 1984 على ضوء دستور 2011

5- اتفاقية اقتناء واستغلال محطات معالجة مياه الشرب بمبلغ يقدر ب 600 مليون درهم كما شمل البرنامج عمليات اكتراء شاحنات صهريجية بمبلغ إجمالي قدره 500 مليون درهم.

الفقرة الثانية: التدابير ذات الطابع الإستراتيجي لتأمين التزويد بالماء:

تتمثل هذه التدابير بشكل أساسي في تنزيل البرنامج الوطني للماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027 الذي تم توقيع الاتفاقية الإطار لتنفيذه أمام جلالة الملك بتاريخ 13 يناير 2020 باستثمار إجمالي قدره 115,4 مليار درهم، وهي نسبة تم الرفع منها إلى 143 مليار درهم[14].

وعليه يواصل مختلف المتدخلين العمل في تعاون وثيق لمواجهة العجز المائي، لاسيما في المناطق المهددة من حيث إمدادات مياه الشرب، كما أنه خلال سنة 2022 تم عقد العديد من اجتماعات العمل بين جميع الشركاء المعنيين لوضع اللمسات الأخيرة على التعديلات التي سيعرفها البرنامج الوطني للماء 2020-2027 لعرضها على لجنة قيادة هذا البرنامج.

وتتجلى أهم المنجزات المسجلة في إطار تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027 حسب نص المذكرة التقديمية لمشروع قانون المالية لسنة 2023، فيما يلي:

أولا: تدابير تهم السدود:

على مستوى التدابير المرتبطة بالبنيات التحتية المائية، فقد كان المغفور له الحسن الثاني قد قرر منذ 1986 بناء سد في كل سنة إلى غاية سنة 2000 من أجل تعزيز تعبئة الموارد المائية[15]، حيث تم خلال هذه الفترة تحقيق أشغال هيكلية كبرى بما في ذلك سد الوحدة الذي يعتبر اكبر سد بالمغرب، وثاني سد بإفريقيا.

وبالنظر إلى أهمية السدود في ضمان الأمن المائي فقد قرر له المشرع حماية خاصة بموجب القانون 36.15 المتعلق بسلامة السدود.

ونشير في هذا السياق، إلى أن المغرب يتوفر حاليا على عدد مهم من السدود، حيث يتوفر على 150 سدا كبيرا و140 سدا صغيرا، كما ستتم مواصلة بناء 20 سدا كبيرا خلال سنة 2022 و17 سدا كبيرا خلال سنة 2023[16].

ثانيا: تحلية مياه البحر:

أصبح من الضروري اللجوء إلى تحلية مياه البحر بديلا في العديد من المناطق في المغرب لكونه يتوفر على شريط ساحلي يمتد على طول 3500 كلم.

وقد كان المكتب الوطني الكهرباء والماء الصالح للشرب سباقا في انتاج المياه المحلاة لتلبية حاجيات الأقاليم الجنوبية من الماء الصالح للشرب، حيث تم إنشاء عدة محطات للتحلية بكل من طنطان والعيون وخنيفرة وبوجدور، بقدرة إنتاج تصل إلى 17 مليون متر مكعب، إضافة إلى مشاريع أخرى في طور الإنجاز بكل من الحسيمة والعيون وسيدي إفني وطرفاية بسعة إجمالية تصل إلى 19.4 مليون متر مكعب في السنة. وإضافة إلى هذه المشاريع هناك مشروع آخر بدائرة اشتوكة مشترك بين وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والغابات والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، بقدرة إجمالية تصل 100 مليون متر مكعب في السنة كمرحلة أولى و 146 مليون متر مكعب في المرحلة الثانية[17].

وجدير بالذكر أنه، وحسب بعض الإحصائيات، فقد بلغ إجمالي قدرة التحلية إلى حدود سنة 2016 نسبة 109,5 مليون متر مكعب في السنة ويهدف المغرب إلى أن تصل هذه النسبة إلى 400 متر مكعب في السنة في أفق 2030 [18].

ثالثا: معالجة المياه العادمة:

اعتمد المغرب البرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة، من أجل مواجهة الإكراهات المهددة للأمن المائي وتلبية الطلب المتزايد على الماء، حيث يتم تقديم الدعم للوكالات المستقلة والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في إطار برامجهم الرامية الى تعزيز البنيات التحتية المرتبطة بتقنية معالجة المياه العادمة. وقد دُمج البرنامجين الوطنيين لتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة في الوسطين الحضري والقروي في إطار البرنامج الوطني لتطهير السائل المندمج[19].

وإلى حدود سنة 2018 سنة 2005 إلى 140 محطة سنة 2018، وبلغت نسبة 21 ارتفع عدد محطات معالجة المياه العادمة من من محطة معالجة المياه العادمة 45% مع العلم أن الهدف مسطر في 60% بحلول 2020[20].

رابعا: تدبير الطلب على الماء واقتصاده وتثمينه:

وذلك عبر اقتصاد مياه الشرب، بالإضافة إلى التحول إلى الري الموضعي و التهيئة الهيدروفلاحية[21].

  • اقتصاد مياه الشرب: فيما يتعلق بمحور تعزيز استقلالية احتياطيات مياه الشرب تم تحديد 263 مشروعا باستثمارات إجمالية تقدر بـ 2,88 مليار درهم. ومن حيث استقلالية التخزين لمراكز المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، فإن أكثر من 12% من المراكز المعنية ستصل استقلاليتها إلى 24 ساعة أو أكثر.في حين يبلغ متوسط زيادة مدة التخزين لهذه المراكز 8 ساعات.
  • التحويل إلى الري الموضعي: يتعلق هذا المحور بالمكونين التاليين:

1/ التحويل الجماعي: في هذا الصدد، تم إنجاز مساحة قدرها 21.900 هكتار بتكلفة 890 مليون درهم ومساحة قدرها 10.050 هكتار في طور الإنجاز

2/ التحويل الفردي: في هذا الصدد، تم إنجاز 113.000 هكتار بتكلفة 3,74 مليار درهم، ومساحة 35.000 هكتار قيد الإنجاز.

  • التهيئة الهيدروفلاحية: تضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 مشروعين أساسيين وهما:

1/ المحافظة على ري سهل سايس على مساحة 30 ألف هكتار. في هذا الإطار، شهدت سنة 2022، على وجه الخصوص، استمرار أشغال الشطر الثالث وبداية أشغال إنجاز شبكة التوزيع على مساحة 10.440 هكتارا؛

2/ التهيئة الهيدروفلاحية للمنطقة الجنوبية الشرقية من سهل الغرب على مساحة 30 ألف هكتار. فيما يتعلق بمدى التقدم المحرز في هذا المشروع، تم الانتهاء من الدراسات الفنية كما أن المهمة الثانية المتعلقة بالتقييم الأولي لتنفيذ المشروع في طور الإنجاز.

مقال قد يهمك :   علي أحنين: المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات -قراءة في المادة 405 من قانون شركات المساهمة 17.95-

خامسا: تعزيز الساكنة القروية بالماء الصالح للشرب:

في هذا الصدد يتوخى البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027 تعزيز الساكنة القروية بمياه الشرب بغلاف مالي قدره 35,59 مليار درهم[22].

وارتباطا بهذا الموضوع فقد ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، جلسة عمل خصصت لتتبع البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2022-2027 بتاريخ 09 ماي 2023.

ومن مخرجات جلسة العمل هاته نذكر:

– تسريع وثيرة تنزيل البرنامج الوطني للماء وتحيين محتوياته حيث تم في هذا الإطار تخصيص اعتمادات إضافية هامة ما يمكن من رفع ميزانية الإجمالية إلى 143 مليار درهم.

– تسريع مشروع الربط بين الأحواض المائية لسبو وأبي رقراق وأم الربيع.

– برمجة سدود جديدة، حوالي 20 سدا كبيرا.

– تسريع مشاريع تعبئة المياه غير التقليدية، من خلال برمجة محطات لتحلية مياه البحر والرفع من حجم إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة.

– تعزيز التزويد بالماء الصالح للشرب في العالم القروي.

ومن جهة أخرى وبالنظر إلى الوضع المناخي والمائي الذي أثر بشكل سلبي على سير الموسم الفلاحي وتوفر المراعي، أعطى جلالة الملك نصره الله، تعليماته السامية للحكومة لتفعيل، وعلى غرار السنة السابقة، الإجراءات الاستعجالية لبرنامج مكافحة آثار الجفاف.

خاتمة:

بناء على تحليل ومناقشة تحليل موضوع الماء يمكن القول بأن الأمن المائي تحدي يتفاقم يوما بعد يوم، فالماء في شح مستمر فرغم الطابع الاستباقي للمادة المائية، تطرح إكراهات طبيعية وبشرية وتبرز تجليات لمحدودية التدابير المتخذة لضمانه.

وتنحصر مهمة المشرع في وضع الإطار القانوني المناسب للموارد المائية والمحافظة عليها بما يضمن الأمن المائي والغذائي للمغرب، وهو ما تجسد من خلال القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء، لكن المقاربة القانونية لوحدها غير كافية.

لذلك ينبغي دعم جهاز الشرطة القضائية بالآليات اللازمة لممارسة مهامها، وضبط المخالفات وتحرير المحاضر بشأنها والتعاطي مع قضية الماء بمقاربات متعددة سياسية، اقتصادية، اجتماعية، بيئية، حقوقية.

ويظل الجانب المتعلق بالتحسيس والتوعية ذات أهمية بالغة لتدعيم وتعزيز إنجاح التدابير والإستراتيجيات الحكومية في القطاع المائي، خاصة وأن هناك كميات كبيرة من الماء تبذر بشكل غير عقلاني وغير مسؤول.

فكما الماء حق للجميع فالحفاظ عليه وصونه من الهدر مسؤولية نتقاسمها جميعا كل من موقعه، آخذين بعين الاعتبار الوضعية الحالية المقلقة والتكلفة الحقيقية لإنتاجه بالنسبة لبلادنا.


الهوامش:

[1] – محمد مومن، حماية مياه السقيفي القانون المغربي، مجلة الأملاك العامة، العدد الثاني، سنة 200، ص: 51.

[2] – محمد المودن، ضمان الأمن المائي بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،العدد158، ماي-يونيو، السنة:2021. ص:129.

[3] – القانون رقم 36.15 يتعلق بالماء، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.113 صادر في 6 ذي القعدة 1437 الموافق ل 10 غشت 2016، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6494 بتاريخ 21 ذو القعدة 1437 الموافق ل 25 غشت 2016، ص:6305.

[4] – Le rapport annuel du conseil économique social et environnemental. 2017.p.97-98.

[5]https://www.ohchr.org/ar/water-and-sanitation الموقع الالكتروني للمفوضية السامية لحقوق الإنسان والحق في المياه وخدمات الصرف الصحي، اطلع عليه بتاريخ 28/01/2024، على الساعة: 18:47.

– [6]  https://www.ohchr.org/ar/water-and-sanitation الموقع الالكتروني للمفوضية السامية لحقوق الإنسان والحق في المياه وخدمات الصرف الصحي، اطلع عليه بتاريخ 28/01/2024، على الساعة: 18:47.

[7] – محمد المودن، ضمان الأمن المائي بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية،العدد158، ماي-يونيو، السنة:2021. ص:135.

[8] – مذكرة تقديمية لمشروع قانون المالية لسنة 2023، ص:93.

[9] – موقع  الالكتروني لرئاسة الحكومة: www.cl.gov.ma

[10] – محمد المودن، ضمان الأمن المائي بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،العدد158، ماي-يونيو، السنة:2021. ص:137.

[11] -Alerte-CESE6va-1.pdf/11 //www.cese.ma/media/2020. ، تاريخ الزيارة 05/06/2023على الساعة :12:23.

[12] – محمد المودن، ضمان الأمن المائي بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،العدد158، ماي-يونيو، السنة:2021. ص:136.

[13] – مذكرة تقديمية لمشروع قانون المالية لسنة 2023. ص: 94.

[14] – مذكرة تقديمية لمشروع قانون المالية لسنة 2023. ص: 94، وهو أيضا ما أشارت إليه المذكرة التقديمية لمشروع قانون المالية لسنة 2024.

[15] – محمد المودن، ضمان الأمن المائي بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،العدد158، ماي-يونيو، السنة:2021. ص:129.

[16] – مذكرة تقديمية لمشروع قانون المالية لسنة 2023. ص:94.

[17] – تقرير اللجنة الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لتقييم السياسات العمومية حول موضوع الاستراتيجية الوطنية للماء 2020-2009، صادر في يناير 2021،ص:33.

[18] – التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2016، ص: 103.

[19] – محمد المودن، ضمان الأمن المائي بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،العدد158، ماي-يونيو، السنة:2021. ص:130.

[20] – التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2019، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6842، بتاريخ 26 ديسمبر 2019،ص: 11742.

[21] – مذكرة تقديمية لمشروع قانون المالية لسنة 2023. ص:95.

[22] – مذكرة تقديمية لمشروع قانون المالية لسنة 2023. ص:96.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]