اجتهاد قضائي: تصرف المدين في أمواله بما يضر به الدائن يعطي لهذا الأخير حق التعرض
القرار عدد: 368
المؤرخ في: 5/4/06
ملف مدني عدد:1515/3/1/2004
القاعدة:
“يمنع المدين أن يتصرف في أمواله، بما يضر بالدائن ولا يتطلب القول بذلك أن يكون قد صدرت ضده أحكام قضائية، ويبقى للدائن الحق في التعرض على التصرفات التي يرى فيها إضرارا بالذمة المالية للمدين.”
باسم جلالة الملك
بناء على مقالي النقض المودعين بتاريخ 02/ 12/04 من طرف الطالبين المذكورين أعلاه بواسطة دفاعهما الأستاذين ………والرامي إلى نقض القرار رقم 708 و709 الصادر بتاريخ 04/03/04 في الملفين المضمونين عدد 2425/02/9 و 2496/02/14 عن محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء.
وبناء على مذكرة الجواب المودعة بتاريخ 20/04/05 من طرف الطالبة بواسطة محامياتها الرامية لرفض الطلب.
وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974.
وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر 22/ 02 / 06.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 5/ 4/ 06.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تلاوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد عبد الرحمان المصباحي.
والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد العربي مريد.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
في شأن ملتمس الضم:
حيث تقدمت شركة …… بملتمس لضم ملف النقض عدد 1516/04 للملف عدد 1515/04.
وحيث إنه نظرا لكون الطعنين بالنقض انصبا على نفس القرار الاستئنافي المطعون فيه ونظرا لوحدة الأطراف والموضوع فإنه يتعين الاستجابة للطلب وشمول الطعن بالنقض بقرار واحد.
في الموضوع:
حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء تحت عدد 708 و 709/04 بتاريخ 04/03/04 في الملفين المضمومين عدد 2425/02/9 و 2496/02/14 أن المدعية شركة …… تقدمت بمقال لتجارية البيضاء عرضت فيه أنها دائنة لشركة …..بمبلغ أصلي يرتفع إلى 33 380 573 4 درهما مع فوائده والتوابع والمصاريف حسبما يؤكده الحكم الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ 29/11/1999 في الملف عدد 2951/98، وأن السيد……. منح المدعى ثلاث كفالات تضامنية في حدود مبلغ 72 431 926 4 درهما، وكان يملك حقوقا مشاعة بنسبة 9 % في العقار المدعو أرض شيت بزناتة الكبرى موضوع الرسم العقاري عدد 5951/26، ولاستبعاده من أية متابعة قضائية بغية تنظيم إعساره أبرم بتاريخ 22/ 05/ 98 مع زوجته…… عقدا لهبة العقار لها، وهذه الهبة هي مجرد تصرف صوري، وعملا بمقتضيات الفصل 1241 من ق ل ع التي تجعل أموال المدين ضمان عام لدائنيه، فإن المدعيه تلتمس الحكم بإبطال عقد الهبة المبرم بين السيد ….. وزوجته، وأن يعمل السيد المحافظ على الأملاك العقاري بسيدي البرنوصي زناتة على التشطيب على عقد الهبة المذكور، وأن يقيد السيد…… من جديد بوصفه مالكا على الشياع في الملك المذكور، فصدر الحكم بإبطال عقد الهبة، واعتبار السيد….. مالكا من جديد لحقوقه المشاعة في العقار، استأنفه كل واحد من المدعى عليهما، فقضت محكمة الاستئناف التجارية بضم الاستئنافيين وتأييد الحكم المستأنف، وهو القرار المطعون فيه.
في شأن الوسيلتين الأولى والثانية للملفين المضمومين،
حيث ينعى الطاعنان على القرار خرق القانون وانعدام التعليل، وعدم الارتكاز على أساس قانوني، بدعوى أن المحكمة اعتمدت الحكم الصادر عن تجارية البيضاء بتاريخ 01/07/02، القاضي على الكفيل السيد ……. بأداء مبلغ 33 380 573 4 درهما، في حين هذا الحكم وإن قضى على الطالب وكفيل آخر هو …… بأدائهما بالتضامن المبلغ المذكور، فإنه لا يلزم محكمة الاستئناف التجارية في شيء، لأنه حكم ابتدائي ولأنه صدر بتاريخ لاحق أي في 27/07/02، بعد صدور الحكم المؤيد بالقرار المطعون فيه الذي كان بتاريخ 10/12/01.
إضافة لما ذكر فإن المحكمة اعتمدت كذلك حكما ابتدائيا قضى على شركة …… دون غيرها، مما لا يمكن معه المطالبة بالحكم على الكفيل من خلال حكم لا يعنيه، ولا زال لم يكتسب قوة الشيء المقضى به، بدليل عرضه حاليا على محكمة الاستئناف التجارية، غير أن القرار رد هذا الدفع بعلة ” أنه مخالف للواقع، يكون الحكم القاضي على المدينة الأصلية دون الكفلاء، صدر بعده حكم بتاريخ 01/07/02، قضى على الكفيل…. بأداء المبالغ المذكورة”، بيد أن هذا التعليل مخالف لمحتويات الملف، إذ محكمة الاستئناف التجارية لا زالت لم تحسم بعد في مديونية الكفيل المذكور، والملف رائج أمامها تحت عدد 3502/02 بجلسة 01/02/05، أما بخصوص الحكم على الشركة المكفولة، فهو لم يشمل الكفيلين، لأنه قضى بعدم قبول الدعوى في مواجهتها، وهو حكم قطعي خلاف ما ذهب إليه القرار المطعون فيه، وهو ما يوضح أن السيد ……غير ملزم بأي تضامن اتجاه شركة ……. كذلك صرحت المحكمة ” بأن الحكم القاضي بعدم قبول الطلب ليس بحكم قطعي وأنه بمجرد قيام الكفيل بإعطاء كفالته تصبح أمواله وذمته ضمانا عاما لدائنيه ” في حين هذا التعليل فيه تحريف للوثائق، لأن الحكم السالف الذكر لما قضى بعدم قبول دعوى شركة …… في مواجهة الطالب فإنه رأى بالفعل أنه غير مدين للشركة المذكورة بأي مبلغ، ومن تم فلا مانع بحجبه عن التصرف في أمواله بالهبة أو بغيرها، مما يتبين معه أن القرار المطعون فيه غير مرتكز على أساس وناقص التعليل يتعين نقضه.
لكن، حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تعتمد التعليلين المنتقدين فحسب، وإنما اعتمدت لجانبهما تعليلا آخر، أوردت فيه ” أنه يمنع المدين أن يتصرف في أمواله، بما يضر بالدائن، ولا يتطلب القول بذلك أن يكون قد صدرت ضده أحكام قضائية، ويبقى للدائن الحق في التعرض على التصرفات التي يرى فيها إضرارا بالذمة المالية للمدين ” وهو تعليل غير منتقد، ويقيم لوحده القرار المطعون فيه، على اعتبار أن قبول المعني بالأمر منح كفالته لدائنه يجعل أمواله ضمانا عاما لالتزامه عملا بما يقضي به الفصل 1241 من ق ل ع، ولا يجوز له التصرف في هذه الأموال إضرارا به، وما دامت كفالته قائمة فلا يحتاج الأمر لإصدار أحكام بالأداء في مواجهته، قبل المطالبة بإبطال تصرفاته الضارة بدائنه، وبذلك لم يخرق قرارها أي مقتضى وأتى معللا بما يكفي ومرتكزا على أساس والوسيلتان على غير أساس.
في شأن الوسيلة الثالثة في كل من الملفين المضمومين،
حيث ينعى الطاعنان على القرار انعدام التعليل، وعدم الارتكاز على أساس قانوني سليم، بدعوى أن المحكمة عللت قرارها بكون الطالب أصبح مدينا بمقتضى حكم قضائي، في حين موقفها هذا فيه تحريف للوثائق كما سلف الذكر، إضافة إلى أن الطاعن بلغ لعلمه أن شركة سوجليز منحت الكفيل الثاني برادة ….. رفع اليد عن الكفالات التي قدمها لضمان الدين الذي كان على كاهل شركة ……، وهذا الرفع لليد يعفى الطالب من كفالته تجاه المدينة، لأنه بمثابة أداء.
كما أن المحكمة صرحت ” بأن الحكم الصادر عن ابتدائية أنفا بتاريخ 16/12/99 القاضي برفض طلب بنك….. بخصوص إبطال نفس عقد الهبة للصورية، فهو (الحكم) لا يهم شركة…..، وأن حيثياته مبنية على مقتضيات اتفاقية تمت بين الطرفين، ولا علاقة لكل ذلك بهذه الدعوى “، في حين بنك…… تملك كافة أسهم شركة …..، فعمدت هذه الأخيرة لإقامة دعوى الصورية ليستفيد البنك من الحكم الصادر بشأنها، علما بأن هذا البنك لما رفضت دعواه أعادها أمام تجارية البيضاء، فقضت بدورها بتاريخ 23/01/02 برفض الطلب أيد استئنافيا، ورغم ما ذكر تناقضت المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما قضت بإبطال الهبة، مما ينبغي نقض قرارها.
لكن، حيث إن ما تمسك به الطالبات منح الكفيل الثاني رفع اليد عن الكفالات، ومن كون بنك …..تملك كافة أسهم ……، فهو أثير لأول مرة أمام المجلس الأعلى، وبخصوص باقي ما أوردته الوسيلة، فإن الطرفين لما تمسكا أمام محكمة الموضوع بصدور حكم قضى برفض دعوى أقامتها بنك…… لإبطال نفس عقد الهبة موضوع الدعوى الحالية، ردت ذلك ” بأنه برجوعها لهذا الحكم يتبين أنه لا يهم شركة …….، وحيثياته مبنية على مقتضيات اتفاقية تمت بين الطرفين، ولا علاقة لكل ذلك بهذه الدعوى” وهو تعليل غير منتقد في جانبه المتعلق بالاتفاق المبرم بين البنك والطالب ………الذي لا يماثله اتفاق آخر أبرم بين هذا الأخير والمطلوبة شركة……، فضلا عن أن موقف المحكمة يجد مسنده في مبدأ نسبية آثار الأحكام، وبذلك جاء قرارها معللا بما يكفي ومرتكزا على أساس والوسيلة على غير أساس فيما عدا ما أثير لأول مرة فهو غير مقبول.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى بضم الملف عدد 1516/3/1/04 إلى الملف عدد 1515/3/1/04، وبرفض الطلبين وإبقاء صائر كل مقال على رافعه.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيدة الباتول الناصري رئيسا وعبد الرحمان المصباحي مقررا زبيدة تكلانتي والطاهرة سليم وعبد السلام الوهابي وبمحضر المحامي العام السيد العربي مريد وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فتيحة موجب.
الرئيس: المستشار المقرر: الكاتبة :
تعليقات 0