مجلة مغرب القانونتحت الواجهةإشكالية الأجر في النزاعات الشغلية بالمغرب

إشكالية الأجر في النزاعات الشغلية بالمغرب

مقدمة:

يعد الأجر أحد عناصر عقد الشغل، ويحضى في نظر الأجير بأهمية قصوى، لما له من دور معيشي واقتصادي لا تستقيم حياة الأجير بدونه، لذا فقد كان لابد من إقرار حماية تشريعية صارمة تستجيب لحاجة هذا الأخير الملحة للحصول على أجر قار يكفل له ولأسرته العيش الكريم، كما أن الأجر من الموضوعات الأساسية في الحياة المهنية والاجتماعية للأجير، ومن ثم يشكل مجالا خصبا للنزاعات والمطالب النقابية، كما يمثل الأجر إحدى المعايير المهمة التي تعتمد لقياس مستوى تطور تشريع الشغل، وطابعه الاجتماعي[1].

ونظرا لحجم التجاوزات والأخطار التي قد يكون الأجر هدفا لها، فإن الأمر يستدعي توفير نظام قانوني متكامل يسمح بصد هذه الأخطار، وحماية حق الأجير المشروع في استيفاء أجره كاملا غير منقوص، بدءا من توفير قواعد وقائية يكون دورها حماية الأجير من العوارض التي تحول دون توصله بالأجر الكافي لضمان عيش كريم[2].

وتتجلى أهمية الأجر كذلك من خلال اعتماده من طرف القضاء كعنصر مساعد يمكن من تيسير عملية تكييف عقود الشغل، على أساس أن الأجر هو مقابل للعمل، فلا أجر بدون عمل، وهذا ما يجعل العمل المجاني أو التطوعي لا يخضع لأحكام قانون الشغل[3].

هذا كله جعل المشرع المغربي يهتم بالأجر وبحمايته ويخصص له جزء مهم من النصوص القانونية في مدونة الشغل[4]، بحيث نظم حماية الأجر من كل ما يمكن أن يؤثر عليه سواء من ناحية المشغل أو الأغيار في المواد من 345 إلى 395 من مدونة الشغل.

فالمقتضيات الحمائية الكفيلة بتمكين الأجير من الحصول على أجره الكافي لتوفير الاستقرار المعيشي الذي يطمح إليه تشمل تلك التي تستهدف توصله بأجره الكامل وعدم الإنقاص منه إلا في حدود ضيقة يضبطها القانون، كما تشمل الضمانات القانونية التي تهدف إلى حمايته من إنهاء عقد شغله، أو تقليص قيمة الأجر الذي يتوصل به تحت ذريعة الإكراهات ذات الطابع الاقتصادي.

فموضوع دراسة النزاعات المتعلقة بالأجر موضوع جد شائك ومتشعب، ومن الصعب الإلمام به من كل الجوانب، إذ لا يمكن حصر جميع النزاعات وتوقيعها، ومعرفة موقف الاجتهاد القضائي وتوجهاته وكيفية تعامله مع كل نزاع على حدة، فمن خلال دراستنا لهذا الموضوع سنحاول قدر الإمكان تسليط الضوء على أبرز النزاعات وأكثرها طرحا على مستوى الواقع وذلك بطرح الإشكالات التالية:

– إلى أي حد استطاع المشرع من خلال تنظيمه للأجر ضمان حقوق الأجير والحفاظ عليها؟

– ما النزاعات المثارة بخصوص الأجر؟ وكيف تعامل معها القضاء؟

وللإجابة على هذه الإشكاليات ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين وذلك على الشكل التالي:

المبحث الأول: الأحكام العامة للأجر في مدونة الشغل

المبحث الثاني: النزاعات المترتبة عن الأجر

المبحث الأول:الأحكام العامة للأجر في مدونة الشغل

يعتبر الأجر أحد عناصر عقد الشغل، إذ لا يتصور وجود عقد شغل دون أن يكون الأجر أحد الالتزامات المضمنة به، ذلك أن هذا العقد يصنف ضمن عقود المعاوضة.

وقد اهتمت قوانين الشغل المعاصرة بموضوع الأجر ووسائل حمايته، وتتجاذب هذا الاهتمام مقاربتين رئيسيتين: المقاربة الاجتماعية والمقاربة الاقتصادية، ونظرا لهذه الأهمية التي يتميز بها الأجر، فقد خصته مدونة الشغل بحماية متميزة، سواء من خلال القسم الخامس منها، أو من خلال بعض المقتضيات الموزعة بين مجموعة من المواضيع التي عالجتها، آخذة بعين الاعتبار التوفيق بين المقاربة الاقتصادية والاجتماعية.

وعلى هذا الأساس سيتم معالجة هذا المبحث من خلال تقسيمه إلى مطلبين على الشكل الآتي:

المطلب الأول : مفهوم الأجر وعناصره

المطلب الثاني : الآليات القانونية الكفيلة بحماية الأجر

المطلب الأول: مفهوم الأجر وعناصره

كان ينظر في البداية إلى مفهوم الأجر باعتباره مقابلا للعمل الذي يقوم به العامل لفائدة المشغل عقد بمقتضى عقد الشغل، إلا أن هذا المفهوم ما لبث أن تطور نحو نظرة اجتماعية وعيشية للأجر، تأخذ بعين الاعتبار دوره في حياة العامل، بعيدا عن النظرة العقدية الصرفة.

وكان من مظاهر هذا التطور استغراق مفهومه، بالإضافة إلى الأجر الأساس، المنافع الإضافية المتنوعة، مما يدعم المفهوم الاجتماعي للأجر (الفقرة الأولى)، اتساع نطاقه بحيث أصبح يشمل بالإضافة إلى الأجر الأساسي مجموعة من الملحقات (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم الأجر

إن النظرة البسيطة إلى ظاهرة النصوص القانونية التي شكلت بدايات ظهور قانون الشغل بالمغرب تعكس المفهوم الضيق للأجر والذي تزامن مع سيادة مبادئ المذهب الليبرالي، والتي تجعل من العمل سلعة يؤدى الأجر كمقابل لها وفقا لقانون العرض والطلب[5].

ويتجلى هذا المفهوم المادي من خلال منطوق الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود[6]، الذي ينص على أن: “… إجارة الخدمة أو العمل، عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين، في نظير أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له…”.

فالأجر على هذا النحو يؤدى في مقابل القيام بالعمل المتفق عليه، وهو ما يعكس النظرة التعاقدية الضيقة التي تعتبر الأجر عنصرا من عناصر عقد العمل يتم تحديده تبعا لمتطلبات طرفي العقد، أي أن الأجر والعمل عنصران متلازمان في عقد الشغل بحيث يدور الأول وجودا وعدما مع الثاني[7].

وهذا ما كرسه المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) من خلال بعض قراراته حيث جاء فيه: “…قضت المحكمة… بأجرة ثمانية أيام عن شهر شتنبر 1993 على اعتبار أن الأجير توقف عن العمل في 08/09/1993 إذ أن الأجرة لا تؤدى إلا عن العمل الفعلي، فكان ما قضت به المحكمة مرتكزا على أساس…”[8].

وجاء في قرار آخر ما يلي: “حيث أن المدعي… لم يثبت أن سبق له أن عمل ساعات إضافية ولم يثبت ما ادعاه كان ما قضت به المحكمة من رفض… مرتكز على أساس”[9].

غير أن هذه النظرة العقدية الصرفة للأجر تطورت تحت الحملات الداعية لإعطاء هذا الأخير طابعا إنسانيا ووظيفة معيشية، وهذا التغير في النظرة إلى الأجر أملته اعتبارات إنسانية تنظم إليه بقدر ما يسده من حاجات الكامل وحاجات أسرته اليومية[10].

وهذا ما يفسر استفادة الأجير من أجره رغم عدم أدائه لأي عمل في حالة معينة نص عليها القانون، وذلك مثل الوقت الذي يقضيه مندوب الأجراء أو الممثل النقابي في أداء مهامهم داخل المقاولة وخارجها[11]، وكذلك الأمر بالنسبة للعطلة السنوية المؤدى عنها[12]، والوقت الذي يقضيه الأجراء في تنفيذ التدابير التي تفرضها قواعد حفظ الصحة، باعتباره وقتا من أوقات العمل[13]، والأمر نفسه ينسحب على فترة الاستراحة المخصصة للأجيرة الأم من أجل إرضاع مولودها وفقا للشروط المقررة في المادة 161 من مدونة الشغل.

لكن رغم أن هذه المقتضيات التي توحي بتشبث المشرع المغربي في مدونة الشغل بالنظرة الاجتماعية للأجر إلا أن المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) لازال متمسكا بالنظرة التقليدية للأجر وهذا ما نستشفه من خلال قرار صادر عنه جاء فيه ما يلي: “لا حق للأجير في الحصول على الأجر عن المدة الفاصلة بين حكم المحكمة بإرجاعه إلى عمله وبين تنفيذ المشغل لهذا الإرجاع، في المادة 41 من مدونة الشغل التي خيرت المحكمة بين الحكم بالإرجاع وبين الحكم للأجير بالتعويض لم تقرن حكم الإرجاع باستحقاق الأجير للأجر، علما أن الأجر لا يكون إلا مقابل العمل الفعلي”[14].

والملاحظة التي يمكن أن نبديها على هذا القرار هي أن ما اعتمدته محكمة النقض في تأسيس قرارها لا ينسجم والتصور الجديد المتمثل في المفهوم الواسع للأجرة، كون أن هذا الأجير يستحق التعويض عن المدة الفاصلة بين إصدار القرار وتنفيذه بالرغم من أنه لم يكن يشتغل، وذلك باعتماده على المادة 41 من مدونة الشغل، وذلك خلافا لما كان عليه الأمر بخصوص النظام النموذجي المنظم لعلاقات الشغل الصادر في 23 أكتوبر 1984 الذي يعطي الحق للأجير في الحصول على الأجر في حالة الحكم على مشغله بإرجاعه إلى عمله عن المدة الفاصلة بين تاريخ الطرد وتاريخ تنفيذ الحكم بالإرجاع.

وهكذا فإن مدونة الشغل رغم تنظيمها لموضوع الأجر فإنها لم تقم بتعريفه، مما جعل الفقه يتصدى لهذه المهمة حيث عرفه الأستاذ عبد اللطيف خالفي بأنه: “كل ما يدخل الذمة المالية للأجير نظير قيامه بالعمل وبمناسبته، سواء أداه المشغل شحصيا أو أداه غيره من المتعاملين مع المحل الذي يشتغل فيه، وذلك أيا كان نوعه، وأيا كانت التسمية التي تطلق عليها، وأيا كانت الطريقة التي يتحدد بها، وكيفما كان شكل وطبيعة عقد الشغل”[15].

وعلى خلاف المشرع المغربي فقد عرف المشرع المصري الأجر في المادة الأولى من قانون العمل المصري رقم 12 سنة 2003 على أن: “1- يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالمصطلحات الآتية:

2- الأجر: كل ما يحصل عليه العامل لقاء عمله ثابتا كان أو متغيرا، نقدا أو عينا…”.

كما عرفته المادة الأولى من الاتفاقية العربية رقم 15 سنة 1983 المتعلقة بتحديد وحماية الأجور بأنه “كل ما يتقاضاه العامل مقابل عمله، يما فيه العلاوات والمكافآت والمنح والمزايا وغير ذلك من متممات الأجر”[16].

الفقرة الثانية: عناصر الأجر

يتكون الأجر في الغالب من أجر أساسي يتلقاه الأجير نظير ما يؤديه من عمل، تضاف إليه عناصر أخرى تسمى مكملات الأجر أو ملحقاته وهي عبارة عن منافع إضافية عينية أو نقدية تسلم له إما من طرف المؤاجر نفسه وإما من طرف الغير كالحلوان والإكراميات…

فما هي إذن عناصر الأجر؟ وما هي الصور التي يمكن أن تتخذها ملحقات الأجر؟

إن الأجر الأساسي هو الأجر الإجمالي مخصوم منه المزايا الإضافية، ويجب ألا يقل عن الحد الأدنى القانوني للأجر[17]، وقد عرفه الأستاذ علي الصقلي بأنه: “ذلك الأجر الذي يؤدي للأجير بصورة دورية كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر، ويكون مرتبطا بالشغل المنجز من قبل الأجر ومتناسبا معه يزيد بزيادته وينقص بنقصانه، ولا يترتب بمجرد إرادة الشغل ولا يقدر باستقلال عن كيفية الإنتاج”[18].

ويشمل الأجر المؤدى إلى الأجير بالإضافة إلى الأجر الأساسي ملحقات ومزايا إضافية يستحقها الأجير بموجب نص قانوني أو بمقتضى اتفاقي تم تضمينه في العقد أو اتفاقية جماعية، ويستحقها الأجير لأسباب متنوعة[19]، والتي قد تكون نقدية أو عينية أو هما معا والتي تتحدد أساسا في ما يلي:

– المكافآت: ويقصد بها كل ما يدفعه من مبالغ مالية للأجير الذي حظي برضاه فهو يكافئه عن تفانيه في الشغل[20]، وعادة ما يصرفها المشغل للأجير بمناسبة معينة (زواج، ازدياد مولود، عيد …). وفي هذا الصدد يرى الأستاذ المرحوم موسى عبود أن: “الأصل هو اعتبار المكافأة مجرد منحة لأنها غالبا اختيارية ولا تعتبر جزء من الأجر إلا إذا وقع النص عليها في عقد الشغل الفردي، أو إذا كانت ناتجة عن عرف ثابت، وكان الطرفان يعتبران أن لها صفة إجبارية ويقع عبء الإثبات على عاتق الأجير[21].

وبخصوص المكافأة الممنوحة للأجير عن المهام والأعباء التي يتحملها هذا الأخير فإنها لا تستحق إلا بإثبات القيام بهذه الأعباء، وهذا ما ورد في قرار للمجلس الأعلى جاء فيه:”حيث أنه بالنسبة لطلب المكافأة عند إبرام صفقات الأشغال، فإنه بالرجوع إلى وثائق الملف ومستنداته، وخاصة عقد العمل المؤرخ… يتبين أن العقد المذكور ينص على أنه: تتم دراسة مكافأة تكميلية لكل ما اضطلعت به المؤسسة والذي بادر به وتابعه السيد (–)… الأجير المستأنف لم يثبت أن الصفقات التي حصلت عليها المشغلة كانت بمبادرة منه، وهما شرطين أساسيين في العقد للاستفادة من المكافأة المطلوبة، بل على العكس من ذلك فقد أدلت المشغلة بأجوبة عن رسائلها الموجهة إلى المقاولات التي تعاقدت معها…”[22].

– العلاوات أو المنح: وهي المبالغ المالية التي تدفع للأجير حسب نوعية الشغل المؤدى وأهميته ومردوديته، مثل منحة المواظبة المقابلة لمثابرة الأجير على الحضور دون تغيبات كثيرة، وكذا علاوة الإنتاج أو علاوة المكافأة…

وهي مثل سابقتها لا تصبح جزءا من الأجر الملزم به المشغل إلا إذا اتسمت بطابع الثبات والدورية المنتظمة أو قضى بها القانون مثل علاوة الأقدمية[23]، حيث نصت المادة 350 من مدونة الشغل: “يجب أن يستفيد كل أجير، ما لم يحتسب له الأجر على أساس الأقدمية، بموجب بند من بنود عقد الشغل، أو نظام داخلي، أو اتفاقية شغل جماعية من علاوات الأقدمية…”.

– العمولات: تمنح عادة للوسطاء والممثلين التجاريين، وتمثل نسبة معينة من قيمة الأعمال وحجم الصفقات التي يقومون بها بصرف النظر عن ربح الصفقة أو خسارتها[24]. وقد يحصل أن تكون العمولة هي الأجر الوحيد، وقد تضاف إلى أجر ثابت، وفي كلا الحالتين تعتبر شكلا من أشكال الأجر[25]، والمشرع المغربي أضفى صراحة وصف العمولة على الأجرة التي يتقاضاها الوكلاء المتجولون والممثلون والوسطاء في التجارة والصناعة، وذلك بموجب الفقرة الثانية من المادة 363 من مدونة الشغل[26].

– الإكراميات: وهو ما تعبر عنه مدونة الشغل بالحلوان من خلال المادة 376، وهي كل ما يحصل عليه الأجير مناولة من الزبائن لقاء خدمة يقدمها في بعض مقرات المقاولات كالفنادق والمقاهي والمطاعم ودور السينما، ومختلف المؤسسات التجارية التي تتعامل مع الجمهور مباشرة.

وقد منع المشرع المشغل من الاستفادة من تلك المبالغ إذ يقوم بتجميعها وتوزيعها بأكملها على جميع الأجراء الذين يشتغلون باتصال مع الزبناء (م 376).

وإذا كان من الممكن عمليا أن تمثل الإكراميات الأجر الكامل للأجير، باتفاق هذا الأخير مع المشغل، فيجب ألا تقل هذه الإكراميات عن الحد الأدنى القانوني للأجر، وإلا وجب على المشغل دفع القسط المكمل للحد الأدنى للآجر (المادة 378 م.ش).

– الامتيازات العينية: فهي تلك الأداءات التي يسلمها المشغل للأجير، والمتمثلة أساسا في السكن، أو التغذية أو الماء، أو سيارة أو بذلة، أو مواد منتجة من طرف المقاولة التي يعمل بها ذلك الأجير.

وهذه الامتيازات إن كانت تدخل ضمن احتساب الحد الأدنى القانوني للأجر في النشاطات غير الفلاحية، فإنها لا تحتسب في النشاطات الفلاحية (المادة 357 من مدونة الشغل).

المطلب الثاني: الآليات القانونية الكفيلة لحماية الأجر

إن اعتراف القانون بالحقوق المالية الواجبة لفائدة الأجير في شكل أجور بالخصوص لا يعد كافيا لأجل حمايته من تطاول المشغل عليه وحرمانه منها، فمن أجل اكتمال هذه الحماية وتمكين الأجر من أداء وظيفته المعيشية وضع المشرع المغربي الحد الأدنى للأجور في مختلف القطاعات المهنية وجعله من النظام العام (الفقرة الأولى) كما خول للأجير إمكانية رفع دعوى قضائية للمطالبة بالأجر (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مبدأ الحد الأدنى للأجور

ظهرت فكرة الحد الأدنى في بداية القرن العشرين، وتكرست في التشريعات الدولية، بعد مخاض عسير، وكفاح طويل للحركة العمالية التي تجاوزت من خلالها ما كان يفرضه مبدأ سلطان الإرادة المطلق من تعسف أصحاب العمل في مواجهة العمال بتحديد أجور ضئيلة لهم بعد اتفاق تتحكم فيه قواعد العرض والطلب مما نتج عن ذلك عدة مظالم في جانب الأجراء[27].

ومن المعروف أن عقد الشغل كغيره من العقود الرضائية ينشأ عن توافق إرادتي المشغل والأجير على شروط العقد وعناصره الجوهرية، والتي يعد عنصر الأجر أهمها على الإطلاق بالنسبة للأجير، إلا أن ترك تحديد عنصر الأجرة لإرادة طرفيه فيه مس باستقرار المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأجير، خصوصا وأن طرفي العلاقة الشغلية يختلف مركز كل واحد منهما عن الآخر أثناء التفاوض حول بنود عقد الشغل[28].

لكن ماذا يقصد بالحد الأدنى للأجر؟ وإلى أي حد تجسد هذه الوسيلة حماية فعالة للأجير؟

من المعتاد لدى المشرع انه لا يهتم بالتعريفات، فهي حق من اختصاص الفقه، لكن المشرع في مدونة الشغل، خرج عن هذه العادة عندما عرفه في المادة 358 بأنه “يقصد بالحد الأدنى القانوني للأجر القيمة الدنيا المستحقة للأجير، والذي يضمن للأجراء ذوي الدخل الضعيف قدرة شرائية مناسبة لمسايرة تطور مستوى الأسعار والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير المقاولة”.

وقد نص المشرع المغربي على مبدأ الحد الأدنى للأجر في المادة 356 من مدونة الشغل لقوله “لا يمكن أن يقل الحد الأدنى القانوني للأجر، في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية، عن المبالغ التي تحدد بنص تنظيمي بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا”.

وباستقراء هذه المادة يلاحظ أن المشرع المغربي أحال بخصوص تحديد الحد الأدنى للأجر على نص تنظيمي يصدر بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا.

لكن ما يسجل على طريقة التحديد هذه أنها لم تحدد إجراءات هذه الاستشارة لا من حيث تبيان وقتها ولا قواعدها، ولا نطاقها، وهو ما يؤدي إلى التشكيك في مدى فعالية هذه الاستشارة[29] وذلك على خلاف بعض التشريعات المقارنة كالتشريع المصري مثلا الذي ينص في المادة 156 من قانون العمل المصري الموحد على تشكيل لجان مشتركة لاقتراح تحديد الأجور في كل مديرية ومحافظة يشترك فيها مندوب عن العمال يختاره اتحاد نقابات العمال[30].

وقد أكد المشرع المغربي في المادة 360 من مدونة الشغل على بطلان أي اتفاق يرمي إلى تخفيض الأجر إلى ما دون الحد الأدنى القانوني للأجر سواء كان اتفاقا فرديا أو جماعيا، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار له حيث جاء فيه ما يلي: “… والمحكمة بتعليلها أن الأجيرة عير محقة في الحصول على التعويض في تكملة الأجر لأنها رضيت بالأجر وقت التعاقد والحال أن الأجرة من النظام العام، ولا يمكن للأجرة أن تقل عن الحد الأدنى وهي القيمة الدنيا المستحقة للأجير، وتعتبر من الحقوق التي يقرها القانون كحد أدنى لا يمكن التنازل عنه…”[31].

مقال قد يهمك :   جهاز كتابة الضبط و علاقته بالمهن المساعدة للقضاء (pdf)

واستثناءا من المبدأ العام المتجسد في الحد الأدنى للأجر وسعيا من المشرع نحو إيجاد توافق بين المطالب المتناقضة لطرفي علاقة الشغل، ولإضفاء طابع المرونة على الكثير من مقتضيات مدونة الشغل، جعل بيد المشغل بعض الرخص التي قد تجيز له النزول عن الحد الأدنى للأجر، ويتعلق الأمر أساسا بالمادة 359 من مدونة الشغل[32].

ومن خلال هذه المادة يتضح أن الأمر يتعلق برخصة لفائدة المشغل تفيد إمكانية النزول عن الحد الأدنى للأجر، ولكنها غير متروكة لتقديره الخاص بل إن الأمر مرهون بتوفر عدة شروط وهي كالآتي:

1- أن يؤدي العمل بالقطعة أو وفقا لمعيار المردودية.

2- أن يحدث نقص في العمل.

3- أن ينسب هذا النقص إلى الأجير مباشرة دون غيره.

4- أن يثبت ذلك بإجراء معاينة من طرف خبير مقبول.

وحسنا فعلت المدونة إذ حصرت الاستثناء في هذه الحالة الخاصة ووفرت شروطا بمثابة ضمانة تحول دون التوسع في إعمال هذا الاستثناء، حيث أنه ثبت من خلال تعامل القضاء مع نزاعات عدة في هذا الشأن أن النقص الحاصل في العمل المؤدى يرجع في بعض الأحيان إلى رفض المشغل تزويد الأجير بالمادة اللازمة لإنجاز عمله حتى يتخذ ذلك ذريعة لطرده أو إنقاص أجره، وفي أحيان أخرى يرجع إلى قطع التدفئة عن العامل الذي يؤدي عمله في جو بارد جدا كوسيلة ضغط معنوي تضطر الأجير لمغادرة العمل من تلقاء نفسه، أو عدم تزويد المكان المؤدى فيه العمل بالتهوية المناسبة (ظروف العمل) وغيرها من الأعمال التي يمكن أن تصنيفها ضمن ما يسمى بالإرهاق المعنوي للعمال، والتي تتعارض مع مقتضى تنفيذ عقد الشغل بحسن نية من قبل أطرافه[33].

وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن مدونة الشغل تجاوزت ما كان يكرسه قرار 16 ماي 1945 الملغى من عدم المساواة بين الأجراء على أساس الجنس أو السن – حتى عند تساوي قيمة الشغل المؤدى – وذلك في الحصول على الأجر[34].

الفقرة الثانية: دعوى المطالبة بالأجر

كثيرا ما يثار النزاع بين طرفي عقد الشغل حول حقوق الأجير وخصوصا على إثر إنهاء علاقة الشغل، ومن بين هذه الحقوق أجوره المتخلفة له في ذمة المشغل، وبالتالي تظهر الحاجة إلى إثبات استحقاق هذه الأجور المطالب بها، ولفض هذه النزاعات أوجد المشرع المغربي وسائل خاصة بعلاقات الشغل تسهل عملية الإثبات على الطرفين وتتمثل في ورقة الأداء ودفتر الأداء، فضلا عن ما يعرف بتوصيل تصفية كل حساب الذي يسعى المشغل للحصول عليه من جانب الأجير عند انتهاء علاقة الشغل[35].

– ورقة الأداء: ألزم المشرع كل مشغل أن يسلم أجرائه وقت أداء الأجر وثيقة تثبت هذه العملية ويطبق عليه اسم “ورقة الأداء”، يضمنها وجوبا البيانات التي تحددها السلطة الحكومية المكلفة بالشغل.

لم تعرف مدونة الشغل ورقة الأداء، إلا أن الفقه هو الذي قام بهذه المهمة حيث عرفها الأستاذ الحاج الكوري بكونها “وثيقة مكتوبة يسلمها المشغل للعامل أثناء أداء الأجر، وهي وثيقة أو وسيلة إثبات كما تنص على ذلك صراح المادة 370 من المدونة وتتضمن هذه الورقة وجوبا البيانات والمعلومات التي تحددها السلطة الحكومية المكلفة بالشغل”[36].

وورقة الأداء لا تقوم دليلا على كون المبالغ المدرجة فيها قد سلمت فعلا للأجير، وهو ما يعني بالتبعية إمكانية الطعن فيها لأن قوتها الثبوتية نسبية وليست مطلقة، إذ أن القبول الصادر من قبل الأجير لورقة الأداء المتضمنة للوفاء بالأجر دون احتجاج أو تحفظ لا يعني تنازله عن حقه في الأجر وتوابعه، وإن ذيلت الورقة بعبارة “قرئ وصودق عليه” متبوعة بإمضائه لذا فإن توقيع الأجير لا يفيد إطلاقا أن العامل موافق على صحة حساب الأجر حتى ولو لم يعترض على ذلك صراحة[37].

وفي هذا الصدد قضى المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) في أحد قراراته: “… إلا أن محكمة الاستئناف باعتمادها على أجرة محددة في مبلغ 348000 درهم دون مناقشتها لمبلغ 5.830.10 درهم المتمسك به من طرف الأجير الوارد بورقتي أداء الأجرة المدرجتين بالملف، يكون قرارها المطعون فيه ناقص المنزل منزلة انعدامه مما يعرضه للنقض…”[38].

– دفتر الأداء: هو عبارة عن سجل يلتزم به المشغل في كل مؤسسة أو جزء منها أو في كل ورشة وذلك طبق نموذج تحدده السلطة الحكومية المكلفة بالشغل[39].

ونرى أن يضمن هذا الدفتر جميع البيانات الواردة في ورقة الأداء ليتمكن القضاء حالة وجود منازعة بين طرفي العلاقة الشغلية بإجراء المقارنة بين الوسيلتين إذا كانت – أي المقارنة – مجدية في فض النزاع.

وقد أجازت مدونة الشغل بمقتضى المادة 372 تعويض دفتر الأداء باعتماد أساليب المحاسبة الميكانوغرافية أو المعلوماتية أو بأي وسيلة أخرى يراها العون المكلف بتفتيش الشغل كفيلة بأن تقوم مقام ذلك الدفتر.

ويرى أحد الفقه[40] أن مدونة الشغل لم تشر إلى مسألة هامة في الواقع العملي وهي التي تعزز موقف صاحب العمل إذا ادعى أنه أدى أجر العامل مدعيا في ذلك بالبيانات الواردة في دفتر الأداء وهذه المسألة الهامة التي أغفلتها هي إجراء بسيط يتعلق بتوقيع الأجير أمام اسمه المسجل في دفتر الأجراء وذلك حتى يكون توقيعه حجة قاطعة عليه من حيث المبدأ، وذلك خلافا لبعض التشريعات العربية المقارنة كالتشريع التونسي الذي تدارك الموقف فنص على ضرورة توقيع العامل أمام اسمه بدفتر الأجراء.

– وصل تصفية كل حساب: عندما ينتهي عقد العمل كيفما كان سبب انتهائه، غالبا ما يعمد المشغل إلى الحصول على وسيلة إثبات تحميه من شر المطالبات المحتملة التي قد يرفعها الأجير في شكل دعوى أمام القضاء، وذلك بحصوله على توصيل موقع من طرف هذا الأخير متضمنا إقراره بتوصله بكافة حقوقه ومن ضمنها أجوره[41].

وقد عرفت مدونة الشغل وصل تصفية كل حساب وذلك في الفقرة الأولى من المادة 73 بقولها “التوصيل عن تصفية كل حساب هو التوصيل الذي يسلمه الأجير للمشغل، عند إنهاء العقد لأي سبب كان، وذلك قصد تصفية كل الأداءات اتجاهه”.

ويحق للأجير التراجع عن التوصيل الخاص بإبراء ذمة المشغل خلال 60 يوما التالية لتوقيعه، وذلك بإبلاغ المشغل بذلك التراجع، برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو برفع دعوى لدى المحكمة، ولا يعتد بالوسيلة المثبتة للتراجع إلا إذا حدد فيها الأجير مختلف الحقوق التي لا زال متمسكا بها[42]. وقد أحسن المشرع صنعا بتنصيصه على بدء حساب مدة التراجع عن توصيل كل حساب المحددة في 60 يوما من تاريخ التوقيع على التوصيل لا من تاريخ انتهاء العلاقة الشغلية، لتفادي ضياع حق الأجير في الطعن أو التضييق لأجل ذلك.

لكن السؤال المطروح في حالة عدم ممارسة حق الطعن في التوصيل داخل الأجل القانوني، فهل يعني ذلك خلو ذمة المشغل من كل المطالب المستحقة للأجير، أم من المطالب المتضمنة بالتوصيل فقط؟

في هذه الحالة يذهب المجلس الأعلى في أحد قراراته للقول أنه لا يمكن إسقاط جميع الأداءات المستحقة للأجير التي تثقل ذمة المشغل، بل تسقط المبالغ الموقع عليها في توصيل تصفية كل حساب فقط[43].

ويتفرع عن هذا التساؤل تساؤل آخر يتعلق بخلو وصل تصفية كل حساب من توقيع الأجير أو من توقيع مفتش الشغل بالعطف في حالة كون الأجير أميا؟

إن وسائل الطعن في التوصيل بتصفية كل حساب تتحدد تبعا لتعدد حالات تخلف أي من شكلياته، ويدخل في هذا الإطار الطعن في التوصيل بسبب عدم توقيع الأجير عليه وهو ما جاء في حيثيات قرار المجلس الأعلى قرر فيه أنه: “… وقد نفى المطلوب في النقض أن يكون قد وقع على توصيل تصفية كل حساب، كما أكد بأنه لم يتسلم من مشغلته أي مبلغ في هذا الشأن.

فوصل صافي الحساب المدلى بصورة شمسية منه بالملف، لا يتضمن توقيع الأجير، وبعدم مناقشته من طرف محكمة الاستئناف تكون قد ردته ضمنيا ولم تخرق الفصل 745 من قانون الالتزامات والعقود المستدل به، وتبقى الوسيلة غير جديرة بالاعتبار”[44].

ونشير إلى أن المشرع المغربي قد استبدل أجل التقادم السنوي المنصوص عليه في الفصل 388 من ق.ل.ع بالنسبة لأجور العمال وملحقاته بأجل جديد جاءت به المادة 395 من مدونة الشغل[45]، وهو أجل تقادم موحد بالنسبة لمستحقات الأجير كيفما كان مصدرها[46]، كما أن المشرع وخلافا للقواعد العامة اعتبر تقادم الأجر قرينة بسيطة على الوفاء به يمكن دحضها عن طريق توجيه اليمين إلى صاحب العمل أو ورثته من بعده ليصرحوا بما إذا كانوا لا يعلمون بأن الدين مستحق[47].

وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن المشرع المغربي سمح للأجير بإمكانية رفع دعوى مباشرة في مواجهة صاحب البناء وذلك من خلال مقتضيات المادة 384 من مدونة الشغل بقولها: “يحق للأجراء الذين يشغلهم مقاول في البناء أن يقيموا دعوى مباشرة على صاحب البناء في حدود ما عليه للمقاول من ديون، وفق الشروط المبنية في الفصل 780 من الظهير الشريف المكون لقانون الالتزامات والعقود”.

ومن خلال هذه المادة يتضح أن من حق الأجراء المشتغلين لحساب مقاول في البناء رفع دعوى مباشرة في مواجهة من يجري البناء لمصلحته من أجل استيفاء ما لهم من ديون في حدود ما هو مدين به لهذا الأخير، بحيث يوزعونه فيما بينهم حسب نسبة كل واحد منهم من مجموع الديون.

المبحث الثاني:النزاعات المترتبة عن الأجر

تعتبر النزاعات المترتبة عن الأجر من أهم النزاعات المثارة على مستوى الواقع نظرا للأهمية الاقتصادية التي يحتلها الأجر بالنسبة للأجير وتأثيرها على القدرة الشرائية، الشيء الذي جعل هذا العنصر المهم في عقد الشغل يكون محط خلافات ونزاعات شائكة تطرح نفسها بحدة أمام المحاكم، خاصة عندما تتأثر المقاولة بمحيطها الاقتصادي فقد يرى المشغل أن من مصلحة العمل وحسن إدارة المشروع إجراء تعديلات على مدة العمل، واللجوء إلى الاقتطاع والمقاصة كوسيلتين لضمان الدين الذي قد يترتب في ذمة الأجير (المطلب الأول) كما قد تثار نزاعات حول الأجر أثناء سريان مساطر معالجة صعوبات المقاولة وكذا سلوك مسطرة الحجز (المطلب الثاني).

المطلب الأول: النزاعات المترتبة عن التعديلات الماسة بالأجر

يعتبر الأجر عنصرا أساسيا في عقد الشغل، الأمر الذي يجعل تحديده خاضعا لاتفاق طرفي العقد ولا يمكن تعديله إلا بنفس الاتفاق المشترط لتحديده بداية، وإذا كان قيام المشغل بزيادة أجر الأجير لا يطرح أي مشاكل ما دام أن هذا الأخير لن يتردد في قبوله لأنه يتفق وغرضه من الشغل[48]، غير أن الإشكال قد يثور بصدد بعض التعديلات التي قد يقوم المشغل في إطار سلطته التنظيمية بإدخالها على طبيعة العمل داخل المؤسسة والتي تؤثر بشكل غير مباشر عن أجر الأجير وتؤدي إلى التخفيض منه، كإنقاص ساعات العمل (الفقرة الأولى) وقد يضطر الأجير للاقتراض من مشغله لمواجهة ظروف مادية طارئة أو لقضاء حاجات ضرورية معينة غير أن الأجير في هذه الحالات وغيرها قد يجد نفسه عاجزا عن السداد، مما قد يجعل المشغل يلجأ إلى الأجر كوسيلة ضمان بيده، ويقتطع منه قيمة دينه، مما يبرز الحاجة إلى المقاصة والاقتطاع اللذين قد يجريان في حالات كهذه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: النزاعات المتعلقة بالإنقاص من ساعات العمل وتأثيرها على الأجر

تعتبر مدة الشغل الوقت الفعلي الذي يوجد فيه الأجير رهن إشارة المشغل، أي تلك الفترة الزمنية اليومية والأسبوعية التي يلتزم فيها الأجير بوضع خدماته تحت إمرة المشغل، لكن المشرع لم يكلف نفسه عناء توضيح المقصود بمدة الشغل الفعلية، بل حدد فقط سقف مدة العمل وذلك في المادة 184 من مدونة الشغل[49].

غير أنه قد يلجأ المشغل إلى فرض توقيت جديد للعمل داخل مقاولته بشكل يقلص من مدة الشغل المؤداة من طرف الأجراء، بسبب وجود أزمة اقتصادية عابرة تعرقل السير العادي لنشاط المقاولة، أو لوجود ظروف طارئة خارجة عن إرادة المشغل[50]. حيث نصت المدونة على أنه لا يجب أن يقل الأجر المستحق للأجير عن 50% من الأجر العادي، لكن مدة التقليص محددة في ستين يوما في السنة، وإذا ما أراد المشغل الزيادة في مدة الإنقاص وجب عليه الإتفاق مع مندوبي الأجراء عن الفترة التي ستستغرقها فترة التقليص، وفي حالة عدم التوصل إلى أي اتفاق فإنه لا يسمح بتجاوز مدة 60 يوما إلا بعد إذن يسلمه عامل العمالة أو الإقليم[51].

وفي هذا الإطار قضى المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) في قرار له أن “ساعات العمل المتفق عليه في عقد الشغل لا يجوز خفضها من طرف المشغل بإرادته المنفردة، وإلا حق للأجير المطالبة بالتعويض المناسب عن الضرر الحاصل من جراء هذا التخفيض”[52].

فمدونة الشغل من خلال المادة 185 من م.ش جعلت الأجير لا يستحق الأجر إلا عن مدة الشغل الفعلية التي يكون قد قضاها في خدمة مشغله حتى ولو نزل الأجر عن الحد الأدنى المقرر قانونا وحتى لو تم مخالفة المادة 356 من م.ش، التي تنص على ضرورة منح الأجراء أجرا لا يقل عن الحد الأدنى للأجر كما هو محدد بالنصوص التنظيمية، لأن ذلك له ما يبرره وهو حماية المقاولة التي تعرف أزمة اقتصادية عابرة أو ظروف طارئة خارجة عن إرادتها والحفاظ عليها، لأن في إنقاذ هذه المقاولة إنقاذ لعلاقات الشغل من الانهيار ومحاربة البطالة.

إذن هل إمكانية الحديث عن تخفيض الأجر إلى ما دون الحد الأدنى القانوني بعلة التقليص من مدة الشغل العادية نتيجة الأزمات الاقتصادية العابرة أو لظروف طارئة خارجة عن إرادة المشرع خلافا لمقتضيات المادة 356 من مدونة الشغل؟ وإن صح الجواب بالإيجاب ألا يمكن الحديث عن تعارض بين هذه المقتضيات والمادة 360 من مدونة الشغل التي تنص على أن كل اتفاق فردي أو جماعي من شأنه تخفيض الأجر إلى دون الحد الأدنى القانوني للأجر يكون باطلا بقوة القانون[53].

يذهب أحد الباحثين[54] إلى أنه يجب أن يتم الانتقاص في حدود نصف الأجر تبعا للوقت المخفض مع احترام مبدأ الحد الأدنى للأجر، الذي تؤكده المادتين 356 و360 من مدونة الشغل، والذي يدخل ضمن المقتضيات الأكثر فائدة للأجير لأن من شأن إعمال أحكام الفقرة الثالثة من المادة 185 دون مراعاة الحد الأدنى للأجر أن يرجع بمفهوم الأجر إلى صيغته التقليدية المرتكزة على فكرة السبب، لذا يجب التأكيد على عدم جواز النزول على الحد الأدنى للأجر واحترام الطابع التقدمي لقانون الشغل.

وبالمقابل يذهب أحد الفقه[55] إلى أنه يمكن مخالفة مقتضيات المادة 356 والنزول وفق منطوق المادة 185 من م.ش عن الحد الأدنى القانوني للأجر، إذن نحن أمام استثناء تشريعي على القاعدة، وليس من شأنه المساس بالحد الأدنى القانوني للأجر ولاعتباره من النظام العام، وعليه لا يمكن أن نحتج بخصوصه بالمبدأ المنصوص عليه في المادة 356 من م.ش، وإلا سنفرغ الاستثناء الذي سيسمح بالإنقاص من ساعات الشغل العادية من محتواه.

وإذا كان هذا الحكم يسري على حالة تقليص ساعات عمل الأجير الذي يتقاضى أجرا على أساس الساعة، فهل الأمر كذلك حينما يكون الأجر يحسب على أساس القطعة؟

بالرجوع إلى المادة 185 من م.ش، نجدها لم تتعرض لهذا الإشكال فلهذا نتساءل عما إذا كان بوسعنا الاستناد إلى مضمون المادة 359 من م.ش لإقرار تلك الإمكانية؟

صحيح أن المادة 359 من م.ش[56] نصت صراحة على أن الأجير الذي يتقاضى أجره على أساس القطعة لا يستحق سوى الأجر المناسب للشغل الذي أنجزه، وذلك في الحالة التي يحدث فيها نقص في حجم الشغل المنجز لا يمكن أن ينسب سبب خارج الشغل وإنما لسبب يعود للأجير مباشرة، أي أن الأمر يتعلق هنا بإنقاص الأجر لسبب يعود إلى الأجير عكس ما هو عليه الأمر في إنقاص الأجر حالة التقليص من ساعات العمل.

وعليه نبادر إلى القول أنه لا يمكن الاعتماد على مقتضيات المادة 359 من م.ش لإنقاص من أجر الأجير الذي يتقاضى أجره على أساس القطعة لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعلق بالمقاولة والظروف الخارجة عن إرادة المشغل.

الفقرة الثانية: النزاعات المتعلقة بالاقتطاع والمقاصة

قد يضطر الأجير للاقتراض من مشغله لمواجهة ظروف مادية طارئة أو لقضاء حاجات ضرورية معينة، وقد تسلم للأجير كذلك لوازم مرتبطة بشغله أو مبالغ مالية لاقتنائها، كما أن المشغل تلقائيا أو بطلب من الأجير قد يقوم بأداء بعض أقساط الأجر له قبل حلول آوان أدائه[57].

وإذا كان المبدأ العام الذي قررته المدونة هو عدم جواز المقاصة، فإنها في المقابل قررت عدة استثناءات تخفض من هذا المبدأ (أولا)، بل وأجازت الاقتطاع من الأجر لفائدة المشغل في حدود معينة (ثانيا).

أولا: النزاعات المترتبة عن المقاصة

من المعلوم أن المقاصة تشكل إحدى الوسائل التي تؤدي إلى انقضاء الالتزامات بين الدائن والمدين[58] إذا توفرت شروطها، لكن بالرجوع إلى مدونة الشغل نجد أنها منعت في المادة 385 منها إجراء المقاصة بقصد الاقتطاع من أجر الأجير مقابل ما يكون بذمته لفائدة المشغل من ديون ناتجة عن مده بمختلف اللوازم أيا كان نوعها باستثناء:

مقال قد يهمك :   النسب في القانون الدولي الخاص

1- الأدوات والمعدات اللازمة للشغل.

2- المواد واللوازم التي تسلمها للأجير، والتي توجد في عهدته.

3- المبالغ المدفوعة إليه مسبقا، لشراء تلك الأدوات والمعدات والمواد واللوازم.

وهذه الاستثناءات هي التي تبرر إجراء المقاصة من طرف المشغل على أجور العمال.

على أنه يجب التنبيه إلى أن إجراء المقاصة وفقا لهذا الاستثناء لا ينبغي أن يبقى حرا من كل قيد، بل يجب ألا يتعدى نطاقا معينا حدده أحد الفقه[59] في حدود الحصة القابلة للحجز على الأجر.

وهو رأي سليم يتماشى وما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 365 من قانون الالتزامات والعقود التي ورد فيها أنه: “لا تقع المقاصة: 1- إذا كان سبب أحد الدينين نفقة أو غيرها من الحقوق التي لا يجوز الحجز عليها…”، كما أن إجراء المقاصة في هذه الحالات هو مجرد استثناء لا يجب التوسع فيه بشكل قد يتعارض مع المبدأ نفسه.

غير أنه يخشى في ظل انعدام تقييد للمقاصة على مستوى المبالغ المنطبقة عليها من الأجر أن يتم التوسع في الحصة القابلة للمقاصة بحيث تشمل كل الأجر[60]، وهو ما جعل بعض الفقه الفرنسي[61] يعتبر من حيث المبدأ أن الحصة القابلة للحجز وحدها تقبل المقاصة، وفي تحديد النسبة القابلة للمقاصة من هذه الحصة فقد ترك ذلك لتقدير القضاء الذي عليه أن يحدد القيمة التي من شأنها أن تلبي حاجيات الأجير اليومية والتي ينبغي استبعادها من المقاصة وهو ما يستدعي اعتبار التحديد القانوني للأجر كمحدد للقيمة التي ينبغي استبعادها من المقاصة.

إذن يتبين أن مدونة الشغل منعت كأصل إجراء المقاصة بين الديون الناتجة عن مد الأجراء بمختلف اللوازم وبين ما يستحقه هؤلاء من أجور، إلا أنها استثنت من هذا المبدأ ما تم ذكره أعلاه، وحتى هذا الاستثناء يتعين تقييده بمقتضيات الفصل 365 من ق.ل.ع في فقرته الأولى الآنفة الذكر للقول بأن المقاصة المباحة في الاستثناءات الثلاث الذي يتعين القيام بها على الجزء القابل للحجز فقط دون غيره.

ثانيا: النزاعات المترتبة عن الاقتطاع

عالجت المادة 386 من مدونة الشغل مسألة الاقتطاع من الأجر، ووضعت سقفا أعلى للاقتطاعات التي يمكن للمشغل أن يقوم بها من أجر الأجير، محددا في عشر (10/1) هذا الأخير المستحق الأداء وهو مستقل عن الجزء القابل للحجز، وعن الجزء القابل للحوالة في المادة 387 من مدونة الشغل[62].

وهكذا فحسب المادة 386[63] فإن المشغل الذي قدم سلفات مالية لأجيره لا يحق له أن يسترد إلا حصة عشر 10/1 الأجر الذي حل أداؤه هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المشغل يقتطع هذا السلفات في شكل أقساط وليس مرة واحدة وذلك حماية للأجير حتى يبقى له جزءا من الأجر يستطيع به أداء المصاريف الخاصة به[64] لكن التساؤل الذي يطرح هنا هو هل هذه الحصة التي يحق للمشغل اقتطاعها يجب أن تقع ضمن الحصة القابلة للحجز أم أنه يمكن للمشغل اقتطاعها دون التقيد بجدول الحجز على الأجور؟

جوابا عن هذا السؤال يذهب الأستاذ الحاج الكوري[65] إلى أن المادة 286 كانت صريحة في هذا الموضوع حيث أن القسط الذي يحق للمشغل اقتطاعه هو عشر 10/1 الأجر الذي حل أداؤه هو مختلف أو متميز عن الجزء القابل للحجز وكذا عن الجزء القابل للحوالة من الأجر.

لكن المشغل قد يجد صعوبات في سعيه نحو استيفاء قيمة القرض الذي له في ذمة الأجير، وذلك في حالة المغادرة التلقائية للأجير أو طرده وخاصة أثناء الفترة الفاصلة بين الاقتراض وموعد أداء الأجر، فالعمل الذي هو ضمانة أداء هذا القرض لم يبق له محل بعد إنهاء عقد الشغل، مما يعني أن المشغل في هذه الحالة يصبح مجرد دائن عادي، يجب عليه اللجوء إلى القضاء من أجل اقتضاء حقه وهذا ما لم يتم تسوية الديون العالقة بينه وبين الأجير بواسطة توصيل تصفية كل حساب…[66].

وقد يختار المشغل سلوك مسطرة حجز ما للمدين لدى الغير إذا بلغ إلى علمه أن الأجير المدين قد ارتبط بعقد شغل جديد مع مشغل آخر، وقد يكون المبادر هو الأجير الذي يدعي أمام القضاء بأن المشغل هو الذي تسبب في وضع حد لعقد الشغل الرباط بينها، الشيء الذي يبرر استحقاقه للتعويضات الناتجة عن الطرد التعسفي، ومعلوم أن سبب انتهاء عقد الشغل هو المعيار الأساس الذي يمكن من تحديد نوع التعويضات المستحقة[67].

وفي هذا الصدد جاء في حكم المحكمة الابتدائية بالرباط أنه: “… حيث أنه بمقارنة تاريخ الاقتراض وتاريخ الطرد تبين أن بينهما أربعة أيام.

وحيث أن ادعاء المدعي أنه طرد غير ثابت بحكم أن اقتراضه لمبلغ 13700 درهم من طرف الشركة يعتبر قرينة على أنه غادر تلقائيا على اعتبار أنه لا يستساغ أن تطرده الشركة من عمله وبذمته قرضا لفائدته وأن الضمان للتسديد هو عمله أصلا…

وحيث أنه بالنسبة للأقدمية فإنه بالرجوع لورقة الأداء ووثائق الملف تبين أنه ليس هناك ما يفيد استفادته منها، الأمر الذي يتعين معه الحكم للمدعي بالتعويض عن الأقدمية مع اعتبار المدة…”[68].

المطلب الثاني: النزاعات المترتبة عن الأجر في مواجهة الغير

نظرا لأهمية الأجر ودوره في استقرار حياة الأجير، فقد كان من اللازم توفير نظام قانوني متكامل يكفل له الحماية الفعالة ويطمئن هذا الأخير عن حقه في العيش الكريم الذي يعد الأجر أحد مستلزماته الطبيعية. إلا أن هذا النظام ينبغي تكملته وتعزيزه بضمانات أخرى، وذلك بهدف حماية حق الأجير للاستقرار في عمله وتمكينه من قبض أجره بشكل مستمر في مواجهة كل الأخطار والعوارض التي قد تهدد حقه هذا.

ومن بين الحالات التي قد يثار النزاع بشأنها خضوع المقاولة لمساطر معالجة صعوبات ذات الطابع الاقتصادي بالأساس، (الفقرة الأولى) ولا يقتصر الأمر على هذه الحالة فقط وإنما قد يمتد ليشمل النزاعات المرتبطة بمديونية الأجير والتي تقتضي إمكانية سلوك مسطرة الحجز لدى الغير (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مصير الأجر أثناء سريان مساطر صعوبات المقاولة

تعتبر المقتضيات القانونية المتعلقة بصعوبات المقاولة من مستجدات مدونة التجارة الجديدة[69] التي جاء بها المشرع لإضفاء الحماية اللازمة على المقاولة المغربية وتجاوز الصعوبات التي تعيق السير العادي لنشاط المقاولة، والمحافظة على قدراتها الإنتاجية، مما يقتضي بداهة استمرار عقود الشغل بقوة القانون[70]، وهذا ما يمكن تبريره أيضا من منطلق الحاجة إلى استقرار العمل بهدف خلق الطمأنينة في نفسية الأجير ليشعر بإيجاد الدخل القار الناتج عن العمل القار.

وما يهمنا في مرحلة فتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة هو أن الأمر الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالإيقاف المؤقت للإجراءات يترتب عليه إيقاف ومنع سداد الدين كلا أو بعضا تحت طائلة البطلان باستثناء الديون الناجمة عن عقد العمل، ومنها الأجور المستحقة الأداء والتي لم يتم الوفاء بها بعد من طرف المقاولة موضوع مسطرة الأداء والتي لم يتم الوفاء بها بعد من طرف المقاولة موضوع مسطرة التسوية الودية، وذلك بصريح المادة 555 من مدونة التجارة[71]. إذ يلتزم رئيس المقاولة بأداء أجور العمال في أجل استحقاقها وفقا للقواعد العامة المنصوص عليها في مدونة الشغل، ما لم يوافق العامل صراحة على تأجيل الوفاء، وفي حالة التماطل أو الامتناع عن الأداء يمكن للأجراء إقامة دعاوى قضائية للحكم على المدين بأداء المبالغ المستحقة لهم[72].

وفي حالة عدم احترام رئيس المقاولة للمقتضيات المنظمة لأداء الأجور، فإنه يعاقب بغرامات مالية يتراوح مبلغها ما بين 200 درهم و500 درهم، ورغم ذلك فالإخلال الذي تعاني منه المقاولة خلال هذه المرحلة قد تدفع رئيس المقاولة إلى عدم احترام المقتضيات المنظمة لأداء الأجور، وذلك بالنظر إلى هزالة الغرامات المفروضة عليه بمناسبة خرقه لهذه المقتضيات.

وفي هذه الحالة وإن كان يحق للأجير المطالبة بمستحقاته أمام القضاء، فإن صدور حكم بسداد المبالغ المستحقة قد لا يتم تنفيذه، أو يتأخر في تنفيذه خلال سريان مساطر الوقاية، وحتى عندما يلتجئ العامل للتنفيذ على أموال المدين، فإن طول الإجراءات وتعقدها قد لا تضمن حصوله على أجره في وقت مناسب.

إلى جانب الحكم بالتسوية القضائية قد يصدر رئيس المحكمة حكما يقضي بالتصفية القضائية للمقاولة حيث ينتج عن هذه الأخيرة غل يد المدين عن التصرف في شؤون المقاولة وسقوط أو حلول آجال الديون المؤجلة[73]مما ينتح المجال أمام إجراء المتابعات الفردية من طرف الدائنين ذوي امتيازات خاصة، والأجراء بصفتهم دائنين ذوي امتياز خاص بمقتضى المادة 382 من مدونة الشغل[74]، يكون من حقهم استيفاء ديونهم كاملة بالأولوية على كل دين آخر.

والملاحظ من خلال هذه المادة أن مشرع مدونة الشغل منح الرتبة الأولى لأجور العمال في مواجهة دائني المشغل وذلك بعدما كان المشرع المغربي منح الرتبة الرابعة في استيفاء أجور الأجراء، وهي مرتبة كان يرى أحد الفقه[75] أن فيها غبن، على اعتبار أن الأجر وانطلاقا من طابعه المعيشي ينبغي أن يحضى بمرتبة أحسن من تلك.

ويبدو أن مدونة تحصيل الديون العمومية[76] بدورها اعترفت بالرتبة الأولى لامتياز ديون الأجراء وأعطته الأسبقية على امتياز دين الخزينة العامة بمقتضى المادة 107 منها.

إلا أن الإشكال يطرح بخصوص تحديد طبيعة الأجر المضمون بالامتياز، فهل يقتصر الامتياز على الأجر بمفهومه الضيق، أم يمتد ليشمل ملحقاته وتوابعه وكذا جميع المستحقات المترتبة عن عقد الشغل بصفة عامة؟

وقد تثار صعوبة أخرى تتعلق بنطاق الامتياز من حيث الزمن، ومن حيث ارتباطه بشخص المدين سواء كان طبيعيا أم معنويا.

باستقراء المادة 382 من مدونة الشغل نجدها لم تقصر حق الامتياز على الأجر لوحده بل صرفته إلى ما يستحقه الأجير من تعويضات في ذمة المشغل، كما يشمل هذا الامتياز أيضا التعويضات المستحقة للأجير وكذا مشمولات الأجر وتوابعه من علاوات ومكافآت وديون ناشئة بسبب الشغل أيا كانت طريقة حسابها.

وبالرغم من ذلك فإن الحماية التي أضفاها المشرع على الأجر فيما يتعلق بالامتياز تبقى حماية قاصرة لم تصل بعد إلى الحماية القانونية الفعلية والفعالة، وذلك على خلاف التشريع الفرنسي الذي يجعل ديون الأجراء مستثناة صراحة من مبدأ الأولوية وفقا لنص الفصل 40 من قانون 25 يناير 1985 بحيث جعلها تحضى بالامتياز الممتاز[77]. والأكثر من ذلك أن المشرع الفرنسي جعل الامتياز يشمل العقارات والمنقولات معا، بينما يكتفي المشرع المغربي بمنح الأجور امتياز الرتبة الأولى على المنقولات فقط.

أما فيما يخص النطاق الزمني لحق الامتياز فقد كان الفصل 1248 من ق.ل.ع يصنف الأجور المستحقة للأجراء كيفما كان نوع النشاط الممارس، وكيفما كانت طبيعة العلاقة التي تربطهم برب العمل ضمن الديون الممتازة التي لها حق الأولوية في الاستيفاء في حدود ستة أشهر السابقة لوفاة الأجير أو لإعساره أو توزيع أمواله بين دائنيه، أما باقي الأجور فقد اعتبرها ديون عادية ولو حكم القاضي باستحقاقها للأجير[78].

لكن بالرجوع إلى المادة 382 من مدونة الشغل نجد أنها عدلت عن تحديد أي مدة للمستحقات المشمولة بالامتياز وهو ما فسره أحد من الفقه[79] بكون هذه الأولوية في الاستيفاء تشمل جميع المستحقات ومهما كان عدد الشهور المتأخرة في ذمة المشغل.

لذلك يمكن القول إن مدونة الشغل قد كانت أكثر وضوحا وإنصافا من مقتضيات الفصل 1248 من ق.ل.ع حينما قررت الامتياز من الرتبة الأولى لمستحقات الأجير دون تحديد نطاق المطالبة بها داخل زمن معين.

الفقرة الثانية: المنازعات المرتبطة بالأجر أثناء سلوك مسطرة الحجز

إن ثبوت مطل الأجير المدين، قد يجعل الدائنين يسعون إلى استصدار حكم قضائي بإيقاع حجز على أجره لدى مشغله، ذلك أنه وأمام انعدام ضمانة خاصة بيد الدائن، يجد نفسه مدفوعا إلى سلوك هذه المسطرة للتنفيذ على أجور الأجير والتي تشكل عنصرا جوهريا من الضمان العام المقرر لفائدة الدائنين في هذه الحالة بموجب الفصل 1241 من ق.ل.ع.

ويعرف الحجز لدى الغير بأنه “إجراء يمكن الدائن من التعرض بين يدي مدين المدين (المحجوز لديه) على المبالغ والقيم المنقولة التي يحوزها هذا الأخير لفائدة المدين، لاستخلاص دينه منها، وذلك بواسطة كتابة الضبط في حالة وجود سند تنفيذي، أو بناء على أمر يصدره رئيس المحكمة عند عدم وجود سند تنفيذي”[80].

ولقد أحاط المشرع المغربي وعلى غرار غيره من التشريعات المقارنة[81] الأجر بحماية خاصة تكفل وصوله إلى الأجير كاملا أو شبه كامل، لذا لم يجز الانتقاص منه إلا ضمن حدود ضيقة، وذلك مراعاة لدوره الحيوي، ولتوقف استقرار الأجير اقتصاديا عليه.

وهكذا فقد وضعت المادة 387 من مدونة الشغل تحديد دقيقا للمبالغ القصوى القابلة للحجز من أصل الأجر السنوي، حيث افترضت تقسيمه إلى ستة شرائح، بحيث أنه كلما اتجهنا تصاعديا من شريحة إلى أخرى، إلا وازدادت النسبة القابلة للحجز عن النسبة الخاضعة للحجز في سابقتها وتبقى الشريحة السادسة التي لم تحدد لها قيمة قصوى خاضعة كلها للحجز[82].

ولهذا فقد أخذت المادة 387 من مدونة الشغل بمعيار الحد الأدنى القانوني للأجر الذي تتم مراجعته بشكل أيسر نسبي على عكس المادة الثانية من ظهير 1941 التي بقيت تتضمن نفس المبالغ لمدة تفوق الستين سنة تقريبا مع أن الثابت أن الحد الأدنى القانوني للأجر قد تم تغييره عدة مرات ليساير التطورات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فمن شأن أخذه كمعيار بتحديد الحصص القابلة للحجز أن يقلص من الانتقادات التي وجهت للظهير السالف، ويحدث توازنا بين حق الغير (دائن الأجير) في الحصول على دينه بأسرع وقت ممكن، وبين الطابع الحمائي المضفى على الأجر[83].

وإذا ما حدث أن تم الحجز خلافا للتحديد الوارد في المادة 387 من مدونة الشغل فآنذاك يمكن رفعه جزئيا وفي حدود النسبة المحجوزة ضذا على نص المادة السالفة الذكر، وذلك وفقا لما يسمى بدعوى قصر الحجز لدى الغير[84].

وتطبيقا لذلك جاء في أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بأكادير ما يلي “حيث إن الطلب يرمي إلى الحكم برفع اليد عن الحجز الواقع على أجرة المدعى بين يدي مشغله معللا دعواه بكون الحجز باطل لكونه انصب على أجر العارض بكامله.

وحيث أنه وبعد الإطلاع على وثائق الملف يتضح أن المحجوز بين يديها حجزت الأجرة بكاملها متجاوزة بذلك ما يسمح القانون بحجزه الشيء الذي يتعين معه إبقاء الحجز في حدود مبلغ (ـــ) ورفعه عن الباقي”[85].

لكن إذا كانت النسب الواردة في المادة 387 من مدونة الشغل تقبل الحجز لفائدة الأغيار، ألا يمكن أن نجد حالات خاصة يستفيد فيها المشغل من قواعد حجز ما للمدين لدى الغير بحيث تنطبق عليه صفة الغير؟ ذلك أن المشغل قد يدعي أن الدين المترتب له في ذمة الأجير قد تم بمناسبة عقد لا يمت بصلة إلى العمل المؤدى لصالحه من طرف الأجير، كما لو أبرم بينهما عقد قرض في وقت كانت فيه علاقة الشغل لم تتأسس بعد.

إجابة على التساؤل يرى أحد الفقه[86] بجواز ذلك بدعوى أن ما يجعل المحجوز لديه قد يكون هو الحاجز نفسه، هو تعذر إجراء المقاصة لسبب من الأسباب في وقت يكون فيه لكل من الحاجز والمحجوز عليه دين في ذمة الآخر.

خاتمة:

إن نزاعات الشغل المترتبة عن الأجر موضوع معقد وشائك جدا، نظرا لارتباطه بعلاقات إنسانية وبالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتعلقة به.

فرغم وجود عدة نصوص قانونية مهمة، والطابع الآمر الذي تتصف به فأهم مشكل يعترض هذه النصوص هو عدم تطبيقها وتفعيلها على أرض الواقع إذ نجد دائما الهوة بين النص القانوني وبين تمثيلاته في الواقع، وهذا ما يجعل قانون الشغل عموما من أكثر القوانين عرضة للخرقات وزيادة على ذلك وجود مجموعة من الثغرات القانونية وانعدام الجزاءات على بعض الخروقات.

والجدير بالذكر أن النزاعات المترتبة عن الأجر لا تقتصر على ما تناولناه في هذا العرض فقط وإنما تمتد لتشمل موضوعات أخرى كما هو الشأن بالنسبة لموضوع حوادث الشغل والأمراض المهنية.

ومن خلال معالجتنا لهذا الموضوع ارتأينا اقتراح بعض التوصيات وإبداء بعض الملاحظات.

  • تفعيل مقتضيات المادة 532 من مدونة الشغل بشكل يساهم في التخفيف من حدة النزاعات المتعلقة بالأجر.
  • إعادة النظر في الغرامات المفروضة على أرباب العمل في خرق المقتضيات القانونية المنظمة لأداء الأجور أثناء سريان مسطرة صعوبات المقاولة.
  • تعديل المادة 395 من مدونة الشغل بحيث تصبح مدة تقادم حقوق الأجراء خمس سنوات سواء كان مصدرها تنفيذ العقد أم إنهاؤه.
  • إعادة النظر في الاستثناء المنصوص عليه في المادة 359 المتعلق بإمكانية النزول عن الحد الأدنى للأجر وجعله مبدأ عام لا استثناء له.

لائحة المراجع:

المراجع العامة:

– أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثالث، دار النشر المعرفة، الطبعة الأولى، 2000، الرباط.

– الحاج الكوري، مدونة الشغل القانون رقم 99.65، أحكام عقد الشغل، مطبعة الأمنية، الرباط، 2004.

– دنيا مباركة: “حقوق العامل بعد إنهاء عقد الشغل” دار النشر الجسور، وجدة، 2004.- دنيا مباركة: الموجز في القانون الاجتماعي المغربي، مطبعة الجسور، طبعة 2014.

مقال قد يهمك :   عبد الإله المحبوب: الحجية و الإثبات في محررات الموثق على ضوء القانون رقم 32.09

– عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل، ج1، علاقات الشغل الفردية، المطبعة والوراقة الوطنية – مراكش، الطبعة الأولى 2004.

– عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل، علاقة الشغل الفردية، الجزء الأول، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2004.

– عمر تيزاوي، مدونة الشغل بين متطلبات المقاولة وحقوق الأجراء، مطبعة سوماكرام، الدار البيضاء، الطبعة الأولى يونيو 2011.

– محمد الشرقاني: “علاقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل”، مطبعة دار السلام الرباط، 2003.

– محمد سعيد بناني: قانون الشغل بالمغرب في ظل مدونة الشغل، علاقة الشغل الفردية، الجزء الأول، مكتبة درا السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2005.

– محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب، علاقات الشغل الفورية، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1989.

– مصطفى حتيتي: القانون الاجتماعي المغربي، علاقات الشغل الفردية، مطبعة سليكي إخوان، طبعة 2004-2005.

– يونس الزهري: الحجز لدى الغير في القانون المغربي، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2004.

الأطاريح:

– بوشتى زياني، مصير عقود العمل وأجور العمال في قانون صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث، الضمانات التشريعية في القانون المغربي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2008-2009.

– عبد الحق بوكبيش، استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2004-2005، ص: 72.

– محمد اوعيسى، تقليص مدة الشغل العادية – الضمانات والآثار – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2013-2014.

الرسائل:

– الحاج الكوري، حماية الأجور عل ضوء سياسة التشغيل في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الماستر في الدراسات المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، الرباط، الموسم الجامعي 1985-1986.

– سمير الرمضاني، النظام القانوني لدين الأجر، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في العقود والعقار، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2005-2006.

– علي الصقلي: أداء الأجور وضماناته القانونية، رسالة لنيل دبلوم دراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1977.

– محمد أوعيسى، أثر التخفيض الاستثنائي لمدة العمل القانونية على الأجر في مدونة الشغل، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2004-2005.

 المقالات:

– زكرياء العماري: سلطة المشغل في التعديل الانفرادي لعقد الشغل دراسة في ضوء العمل القضائي، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد السابع، السنة 2013.

– عمر الشيكر: حماية الأجر من خلال بعض مقتضيات مدونة الشغل، مقال منشور بمجلس المحامي، العدد 46، سنة 2006.

– محمد الكشبور، إثبات عقد العمل أمام القضاء المغربي، تعليق على قرارين للمجلس الأعلى المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية عدد 22 سن 1990.

– مليكة العراسي: الحماية القانونية للأجراء عند تقليص ساعات العمل، مقال منشور بمجلة الملف، العدد 19، 2010.


الفهرس :

 

  1. – عمر تيزاوي، مدونة الشغل بين متطلبات المقاولة وحقوق الأجراء، مطبعة سوماكرام، الدار البيضاء، الطبعة الأولى يونيو 2011، ص: 428.
  2. – سمير الرمضاني، النظام القانوني لدين الأجر، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في العقود والعقار، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2005-2006، ص: 2 وبعدها.
  3. – محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب، علاقات الشغل الفردية، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1989، ص: 18.
  4. – ظهير شريف رقم 1.03.194 الصادر في 14 رجب 1424 (11 سبتمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 8 دجنبر 2003، ص: 3969.
  5. – مصطفى حتيتي: القانون الاجتماعي المغربي، علاقات الشغل الفردية، مطبعة سليكي إخوان، طبعة 2004-2005، ص: 110.
  6. – ظهير 19 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بقانون الالتزامات والعقود.
  7. – عمر الشيكر: حماية الأجر من خلال بعض مقتضيات مدونة الشغل، مقال منشور بمجلة المحامي، العدد 46، سنة 2006، ص: 225.
  8. – قرار المجلس الأعلى عدد 294 بتاريخ 25-03-2003، في الملف الاجتماعي عدد 896-5-1-2002، أورده سمير الرمضاني، مرجع سابق، ص: 09.
  9. – قرار عدد 114 بتاريخ 1-02-2005 في الملف الاجتماعي عدد 1040-5-1-2004 أورده سمير الرمضاني، م.س، ص: 09.
  10. – عمر الشيكر، م.س، ص: 226.
  11. – المادتين 456 و472 من مدونة الشغل.
  12. – المادة 291 من مدونة الشغل.
  13. – المادة 249 من مدونة الشغل.
  14. – قرار المجلس الأعلى عدد 616 الصادر بتاريخ 5 ماي 2011، في الملف الاجتماعي عدد 335-5-1-2010، المنشور في مجلة قضاء محكمة النقض، العدد 74، السنة 2012، ص: 287.
  15. – عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل، علاقة الشغل الفردية، الجزء الأول، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2004، ص: 284.
  16. – اتفاقيات وتوصيات العمل العربية، مارس 1983، منظمة العمل العربية مكتبة العمل العربي، الطبعة الأولى، 1984، ص: 222.
  17. – محمد الشرقاني: “علاقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل”، مطبعة دار السلام الرباط، 2003، ص: 236.
  18. – علي الصقلي: أداء الأجور وضماناته القانونية، رسالة لنيل دبلوم دراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1977، ص: 26.
  19. – سمير الرمضاني، م.س، ص: 12.
  20. – سمير الرمضاني، المرجع نفسه، ص: 17.
  21. – أورده عبد اللطيف الخالفي، م.س، ص: 387.
  22. – قرار المجلس الأعلى عدد 438 بتاريخ 27/4/2005 في الملف الاجتماعي عدد 242/5/1/2004، أورده سمير الرمضاني، ص: 18.
  23. – محمد الشرقاني، م.س، ص: 239.
  24. – عبد اللطيف خالفي، م.س، ص: 137.
  25. – عبد اللطيف خالفي، م.س، ص: 388.
  26. – تنص الفقرة الثانية من المادة 363 من مدونة الشغل: “يجب أداء العمولات المستحقة للوكلاء المتجولين والممثلين والوسطاء في التجارة والصناعة مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل.
  27. – عمر الشيكر، مرجع سابق، ص: 237.
  28. – محمد اوعيسى، تقليص مدة الشغل العادية – الضمانات والآثار – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2013-2014، ص: 337.
  29. – محمد أوعيسى، مرجع سابق، ص: 240.
  30. – عمر تيزاوي، مرجع سابق، ص: 436.
  31. – قرار المجلس الأعلى عدد 45 بتاريخ 12/1/2005 في الملف الاجتماعي عدد 975/5/1/2004 أورده سمير الرمضاني، مرجع سابق، ص: 31.
  32. – تنص المادة 359 من مدونة الشغل على أنه “يحق للأجير الذي يتقاضى أجره على أساس القطعة أو الشغل المؤدى، أو المردودية، أن يتقاضى على الأقل الحد الأدنى القانوني للأجر، ما لم يحدث نقص في حجم الشغل المنجز، لا يمكن أن ينسب إلى سبب خارج عن الشغل، وذلك إذا ثبت بناء على معاينة يقوم بها خبير مقبول، أن سبب النقص يعود مباشرة إلى الأجير وفي هذه الحالة لا يستحق الأجير إلا الأجر الذي يتناسب مع الشغل الذي أنجزه فعلا.
  33. – سمير الرمضاني، م.س، ص: 32.
  34. – دنيا مباركة: الموجز في القانون الاجتماعي المغربي، مطبعة الجسور، طبعة 2014، ص: 50.
  35. – دنيا مباركة، م.س، ص: 52.
  36. – الحاج الكوري، مدونة الشغل القانون رقم 99.65، أحكام عقد الشغل، مطبعة الأمنية، الرباط، 2004، ص: 52.
  37. – محمد أوعيسى، أثر التخفيض الاستثنائي لمدة العمل القانونية على الأجر في مدونة الشغل، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2004-2005، ص: 134.
  38. – قرار المجلس الأعلى عدد 124، بتاريخ 09/02/2005 في الملف الاجتماعي عدد 990/5/1/2004، أشار إليه سمير الرمضاني، م.س، ص: 70.
  39. – المادة 371 من مدونة الشغل.
  40. – الحاج الكوري، م.س، ص: 56.
  41. – محمد سعيد بناني: قانون الشغل بالمغرب في ظل مدونة الشغل، علاقة الشغل الفردية، الجزء الأول، مكتبة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2005، ص: 349.
  42. – المادة 75 من مدونة الشغل.
  43. – قرار المجلس الأعلى عدد 5 ملف اجتماعي 528/5/2000 بتاريخ 13 يناير 2001، منشور بمجلة الملف عدد 12، 2003، ص: 82.
  44. – قرار المجلس الأعلى عدد 467 بتاريخ 4/5/2005 في الملف الاجتماعي 27/1/2005 منشور بمجلة المحامي عدد 18 سنة 2007، ص: 135.
  45. – تنص المادة 395 من مدونة الشغل على ما يلي: “تتقادم بمرور سنتين كل الحقوق الناتجة عن عقود الشغل الفردية، وعن عقود التدريب من أجل الإدماج المهني، وعن الخلافات الفردية التي لها علاقة بهذه العقود، أيا كانت طبيعة هذه الحقوق، سواء كانت نابعة عن تنفيذ هذه العقود أو عن إنهاءها”.
  46. – على عكس التفرقة التي كانت سائدة في التشريع السابق حيث يخضع تقادم الأجور وتوابعه للفصل 388 من ق.ل.ع، في حين تخضع التعويضات الناتجة عن إنهاء عقد الشغل للتقادم الخماسي النصوص عليه في الفصل 106 من ق.ل.ع، وهذا ما أكده قرار صادر عن المجلس الأعلى حيث جاء فيه ما يلي: “أن التعويض عن الأقدمية يعتبر من توابع الأجر ويخضع للتقادم المنصوص عليه في الفصل 388 من ق.ل.ع ولا تتوقف المطالبة به على البت في دعوى الطرد من الشغل، قرار المجلس الأعلى عدد 982 بتاريخ 20/11/2001 في الملف الاجتماعي عدد 564/5/1/2001 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد مزدوج 59/60 سن 2002، ص: 324.
  47. – محمد الكشبور، إثبات عقد العمل أمام القضاء المغربي، تعليق على قرارين للمجلس الأعلى المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية عدد 22 سن 1990، ص: 50.
  48. – زكرياء العماري: سلطة المشغل في التعديل الانفرادي لعقد الشغل دراسة في ضوء العمل القضائي، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد السابع، السنة 2013، ص: 113.
  49. – تنص المادة 184 من مدونة الشغل على أنه: “تحدد في النشاطات غير الفلاحية مدة الشغل العادية المقررة للأجراء في 2288 ساعة في السنة أو 44 ساعة في الأسبوع.يمكن توزيع المدة السنوية الإجمالية للشغل على السنة حسب حاجات المقاولة شريطة ألا تتجاوز مدة العمل العادية عشر ساعات في اليوم مع مراعاة الاستثناءات المشار إليها في المواد 189 و190 و192.تحدد مدة الشغل العادية في النشاطات الفلاحية في 2496 ساعة في السنة، وتجزأ على فترات حسب المتطلبات الضرورية للمزروعات، وفق مدد يومية، تتولى السلطة الحكومية المختصة تحديدها، بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا…”
  50. – مليكة العراسي: الحماية القانونية للأجراء عند تقليص ساعات العمل، مقال منشور بمجلة الملف، العدد 19، 2010، ص: 187.
  51. – أنظر المادة 185 من مدونة الشغل.
  52. – قرار المجلس الأعلى عدد 452 الصادر بتاريخ 21 أبريل 2010 في الملف الاجتماعي عدد 919/5/1/2010.منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 75، ص: 321.
  53. – محمد أوعيسى: تقليص مدة الشغل العادية – الضمانات والآثار – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، 2013-2014، ص: 251.
  54. – سمير الرمضاني: م.س، ص: 118.
  55. – عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل، ج1، علاقات الشغل الفردية، المطبعة والوراقة الوطنية – مراكش، الطبعة الأولى 2004، ص: 590.
  56. – تنص المادة 359 من مدونة الشغل على أنه: “يحق للأجير الذي يتقاضى أجره على أساس القطعة، أو الشغل المؤدى أو المردودية، أن يتقاضى على الأقل الحد الأدنى القانوني للأجر، ما لم يحدث نقص في حجم الشغل المنجز، لا يمكن أن ينسب إلى سبب خارج عن الشغل، وذلك إذا ثبت بناء على معاينة يقوم بها خبير مقبول، أن سبب النقص يعود مباشرة إلى الأجير، وفي هذه الحالة، لا يستحق الأجير إلا الأجر الذي يتناسب مع الشغل الذي أنجزه فعلا”.
  57. – عمر الشيكر: م.س، ص: 246.
  58. – ينص الفصل 319 من ق.ل.ع على أنه: “تنقضي الالتزامات بما يأتي:1- الوفاء، 2- استحالة التنفيذ، 3- الإبراء الاختياري، 4- التجديد، 5- المقاصة…”.
  59. – عمر الشيكر، م.س، ص: 248.
  60. – سمير الرمضاني، م.س، ص: 77.
  61. – Gérard Lyon-Caen, Op, Cit, P : 359. – ترجمة سمير الرمضاني، م.س، ص: 77.
  62. – عمر الشيكر، م.س، ص: 248.
  63. – تنص المادة 386 من مدونة الشغل على أنه: “لا يمكن لأي مشغل، قدم لأجرائه سلفة مالية، أن يسترد سلفته إلا على شكل أقساط، تقتطع من أجورهم تباعا، بحيث لا يتجاوز القسط المقتطع عشر الأجر الذي حل أداؤه.يتميز القسط المقتطع على هذا الأساس، عن الجزء من الأجر القابل للحجز وعن الجزء الذي تجوز فيه الحوالة، كما حددته أحكام الفرع الثالث أدناه.لا تعد الأقساط المسبقة من الأجر، من قبيل السلفة”.
  64. – الحاج الكوري: م.س، ص: 72.
  65. – الحاج الكوري، م.س، ص: 73.
  66. – علي الصقلي، م.س، ص: 182.
  67. – أنظر في تحديد هذه المستحقات دنيا مباركة: “حقوق العامل بعد إنهاء عقد الشغل” دار النشر الجسور، وجدة، 2004، ص: 11 وما بعدها.
  68. – حكم محكمة الابتدائية عدد 968 بتاريخ 1/6/2004 في الملف الاجتماعي رقم 11/753/2002 أورده سمير الرمضاني، م.س، ص: 80.
  69. – ظهير شريف رقم 1.96.83 بتاريخ فاتح غشت 1996 بتنفيذ القانون رقم 15.95 منشور بالجريدة الرسمية عدد 4418 بتاريخ 3 أكتوبر 1996، ص: 2187.
  70. – عبد الحق بوكبيش، استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2004-2005، ص: 72.
  71. – عمر الشيكر، مرجع سابق، ص: 266.
  72. – بوشتى زياني، مصير عقود العمل وأجور العمال في قانون صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث، الضمانات التشريعية في القانون المغربي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2008-2009، ص: 175.
  73. – أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثالث، دار النشر المعرفة، الطبعة الأولى، 2000، الرباط، ص: 13 وما بعدها.
  74. – تنص المادة 382 من مدونة الشغل على أنه: “يستفيد الأجراء خلافا لمقتضيات الفصل 1248 من الظهير الشريف المكون لقانون الالتزامات والعقود، من امتياز الرتبة الأولى المقررة في الفصل المذكور، قصد استيفاء مالهم من أجور، وتعويضات، في ذمة المشغل من جميع منقولاته…”
  75. – الحاج الكوري، حماية الأجور عل ضوء سياسة التشغيل في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الماستر في الدراسات المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، الرباط، الموسم الجامعي 1985-1986، ص: 216 وما بعدها.
  76. -ظهير شريف رقم 1.00.175 الصادر في 28 من محرم 1421 (3 ماي 2000) بتنفيذ القانون رقم 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، الجريدة الرسمية عدد 4800 بتاريخ 28 صفر 1421 (فاتح يوليوز 2000) ص: 1256.
  77. – عبد الحق بوكبيش، مرجع سابق، ص: 217.
  78. – محمد أوعيسى، أثر التخفيض الاستثنائي لمدة العمل القانونية على الأجر في مدونة الشغل، مرجع سابق، ص: 148.
  79. – عبد اللطيف خالفي، مرجع سابق، ص: 340.
  80. – يونس الزهري: الحجز لدى الغير في القانون المغربي، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2004، ص: 36.
  81. – ومثال ذلك ما نص عليه الفصل 354 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية التونسية من تعيين المبالغ القابلة للعقلة (أي الحجز) والتي حددها بحسب الأجر السنوي، وذلك بطريقة تشبه ما كان جاريا به العمل بالمغرب في إطار الفصل 2 من ظهير 7 يونيو 1941.
  82. – سمير الرمضاني، مرجع سابق، ص: 183 وما بعدها.
  83. – عمر الشيكر، مرجع سابق، ص: 256.
  84. – يونس الزهري، مرجع سابق، ص: 260.
  85. – أمر استعجالي عدد 152 صادر بتاريخ 13/7/1999 في الملف عدد 100/99 أورده يونس الزهري، مرجع سابق، ص: 247.
  86. – عمر شيكر، مرجع سابق، ص: 249.
error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]