مجلة مغرب القانونالقانون الخاصأحمد بلمختار مَنيرة: التنمية الاقتصادية للجهات بالمغرب: الموارد المالية في ضوء القانون التنظيمي ( رقم 111.14)

أحمد بلمختار مَنيرة: التنمية الاقتصادية للجهات بالمغرب: الموارد المالية في ضوء القانون التنظيمي ( رقم 111.14)

أحمد بلمختار مَنيرة / باحث وإعلامي، إطار إداري سابقا

إذا كانت المقتضيات القانونية وآليات تنزيلها المنصوص عليها في القانون التنظيمي(رقم 111.14) تشكّل في مجملها الركيزة الأساسية للنهوض بالتنمية الاقتصادية للجهات بالمغرب(1)، فإنه لا يمكن تحقيق هذه الغاية والقصد تحقيق التنمية الاقتصادية للجهات ببلدنا من دون توفّر هذه الوحدات الترابية على الموارد المالية الكافية والقارة،  ومن دون بحث كل جهة على حدة على موارد مالية أخرى/ إضافية. وفي هذا السياق، تتمثل خصوصية هذا العمل  في المساهمة  في توضيح ما هو منصوص عليه في القانون التنظيمي ( رقم 111.14) علاقة بالموارد المالية للجهات، للنهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائراتها الترابية.

ولملامسة الإجابة على السؤال العام التوجيهي الذي ننطلق منه وهو: ما هي الموارد المالية المنصوص عليها في القانون التنظيمي ( رقم 111.14) للنهوض بالتنمية الاقتصادية للجهات بالمغرب؟، نستفيد من القراءة المتمعّنة في هذا القانون التنظيمي من رصد نوعين من الموارد المالية: النوع الأول، منصوص عليه بشكل واضح ومفصّل كما سنرى ذلك فيما يأتي ويتعلق الأمر بالموارد المالية الأساسية ( المبحث الأول).  والنوع الثاني، ما يمكن تسميته بالموارد المالية الإضافية، ويحدّد القانون التنظيمي(رقم 111.14) المتعلق بالجهات الآليات التي تمكّن هذه الوحدات الترابية من الحصول عليها والاستفادة منها ولذلك سيتم التركيز على هذه الآليات ( المبحث الثاني).

وفي تقديري،  إذا كان المشرّع المغربي لم يحدّد الموارد المالية الإضافية بشكل واضح في القانون التنظيمي (رقم 111.14) واكتفى بتحديد الآليات التي تمكّن الجهات من الحصول عليها والاستفادة منها، فليس ذلك صدفة أو من باب السهو وإنما لترك باب الاجتهاد والمنافسة مفتوحا بين الجهات شريطة احترام القوانين والتشريعات المنصوص عليها بالمغرب وفي طليعتها دستور المملكة وقانون الجماعات الترابية(2). وقد تم استخلاص بعض الاستنتاجات في ضوء ما تم تقديمه في متن هذا العمل قبل الختم بمجموعة من التساؤلات.

المبحث الأول: في الموارد المالية الأساسية للجهات للنهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائراتها الترابية

في بداية هذا المبحث، دعنا ننطلق من طرح السؤال التالي: ما هي الموارد المالية الأساسية المنصوص عليها في القانون التنظيمي ( رقم 111.14) للنهوض بالتنمية الاقتصادية للجهات بالمغرب؟

لكن قبل ملامسة الإجابة على هذا السؤال، يبدو أنّه لا بد من تحديد المدلولين اللغوي والاقتصادي لكلمة مورد والجمع موارد.

في المعنى اللغوي لكلمة مورد: نستفيد من تفحّص معجم ” المعاني الجامع ” أنّ المقصود بالمورد هو مصدر الرزق. ومصدر الرزق هو كل ما من شأنه أن يسدّ الاحتياجات الإنسانية  سواء كان شيئا ماديا أو خدمة تؤدّى. ويقصد بموارد الدولة: دخولها (مفرد: دخل). وعكسها: نفقاتها.

وفي الاقتصاد: تعني كلمة مورد: دخل.، ناتج فوائد مالية  أو ريع عقارات.، إيراد شهري/عقاري.، دخل لحكومة ما من جميع المصادر مخصّص لدفع النفقات العامة (3).

ونستنتج مما تقدم علاقة بموضوع بحثنا أنّ المقصود بموارد الجهة، دخولها من جميع المصادر المنصوص عليها قانونيا لدفع نفقاتها العامة والقيام بالاختصاصات الموكولة إليها من خلال القانون التنظيمي (رقم 111.14)، أو لنقل مصادر دخولها المعترف بها قانونيا. وهو ما سيرشدنا إلى ملامسة الإجابة على السؤال التوجيهي لهذا المبحث وهو بصيغة أخرى تفصيلية: ما هي الموارد المالية الأساسية أو لنقل ما هي المصادر الأساسية التي تعتمدها الجهة لتمويل المشاريع والبرامج والأعمال والأنشطة للنهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائرتها الترابية؟ وماهي كيفيات التمويل المنصوص عليها في القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات؟

 يتضمّن الفصل الثاني من القسم الخامس من القانون التنظيمي المشار إلى مرجعه أعلاه ست مواد تمكّن القراءة في مجملها من رصد ثلاثة أنواع من الموارد المالية الأساسية التي تمكّن الجهة من تمويل المشاريع والبرامج والأعمال والأنشطة التنموية التي تدخل في نطاق اختصاصاتها ( المادة 186). والقصد، اختصاصاتها الذاتية والاختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة والاختصاصات المنقولة إليها من الدولة عندما تتوفر الشروط المنصوص عليها في المادة 95 من هذا القانون التنظيمي (4).

تتمثل هذه الأنواع الثلاثة من الموارد المالية الأساسية حسب المادة 186 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المنظّم لشؤون الجهات في:

أ- الموارد المالية الذاتية.

ب- الموارد المالية التي ترصدها الدولة للجهة.

ج- حصيلة الاقتراضات.

ووعيا من المشرّع المغربي بضرورة وأهمية الموارد المالية القارة لضمان إنجاز وتنفيذ المشاريع والبرامج والأعمال التنموية التي يقرّرها مجلس كل جهة للنهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائرتها الترابية، فإنّ القانون التنظيمي (رقم 111.14) ينص في المادة 187 منه على أنّه تطبيقا لأحكام الفصل 141 من دستور المملكة لسنة 2011، يتعيّن على الدولة أن تقوم بموجب قوانين المالية بأمرين:

أولهما: رصد موارد مالية قارة وكافية للجهات من أجل تمكينها من ممارسة الاختصاصات الذاتية والحصرية الموكولة  إليها بموجب أحكام هذا القانون التنظيمي. وثانيهما: ضرورة تحويل الموارد المالية المطابقة لممارسة الاختصاصات المنقولة إليها.

ولنا أن نتساءل: لماذا يولي المشرّع المغربي أهمية قصوى للمشاريع والبرامج والأعمال والأنشطة التنموية التي تدخل في نطاق الاختصاصات الذاتية للجهة؟

تكمن الإجابة النسبية على هذا السؤال في أنّ التنصيص القانوني في المادة 187 السالفة الذكر على ضرورة رصد الدولة للموارد المالية القارة والكافية لتمكين الجهة من ممارسة الاختصاصات الذاتية المخوّلة لها بموجب هذا القانون التنظيمي، يرجع إلى سببين:

السبب الأول: أنّ الجهة مسؤولة بشكل مباشر وقانوني على إنجاز وتنفيذ كل ما يتعلق باختصاصاتها الذاتية. وحسب المادة 80 من القانون التنظيمي (رقم 111.14) تشتمل الاختصاصات الذاتية على الاختصاصات الموكولة للجهة في مجال معين بما يمكنها من القيام، في حدود مواردها، وداخل دائرتها الترابية، بالأعمال الخاصة بهذا المجال، ولاسيما التخطيط والبرمجة والإنجاز والتدبير والصيانة . وهو ما يعني عمليا، ضرورة تركيز كل جهة من جهات المملكة على المشاريع ذات الأولوية بالنسبة لساكنة ترابها. وهو ما يعني كذلك، ضرورة إنصات المجلس الجهوي لنبض المجتمع المحلي/ الجهوي لرصد احتياجاته الحقيقية من ماء وكهرباء وطرق وصحة وتربية وتعليم، إلخ. وعملية الإنصات لاتقف عند حدود ” السمع وتسجيل الملاحظات ” وإنما تعني الإشراك الفعلي والفعّال  للساكنة الترابية للجهة في مراحل كل مشروع تنموي  سيتم إنجازه فوق ترابها حينما يستوفى الشروط القانونية، من البداية  كفكرة  إلى  أن يصبح المشروع ملموسا من لدن كل أفرادها.

ولا شك أنّ الجفاف الذي عانت منه بلادنا في السنوات السابقة، وأزمة ” كورونا “، وما نحن مقبلون عليه اقتصاديا واجتماعيا بسبب التحولات العميقة التي بدأت  تشهدها العلاقات الاقتصادية الدولية وغيرها من المعطيات الميدانية الداخلية والخارجية، كلّها أمور تعني من بين ما تعنيه ضرورة اهتمام  بلادنا أكثر بتدبير الشأن العام الجهوي والمحلي. ومن بين التحديات الحقيقية للنهوض بالتنمية الاقتصادية للجهات بالمملكة: التدبير المحكم لمالية الجهات، ومحاربة الفساد المالي والإداري. 

السبب الثاني: إنّ التأكيد القانوني على ضرورة رصد الدولة للموارد المالية القارة والكافية لتمكين الجهة من إنجاز وتنفيذ البرامج والمشاريع والأعمال والأنشطة التي تدخل في نطاق اختصاصاتها الذاتية ( المادة 187)، يعني أولا: التزام الدولة بتنفيذ أحكام الفصل 141 من دستور 2011. ويعني ثانيا:  حسب المادة81  دعم الدولة للجهة لممارسة اختصاصاتها الذاتية وفي مطلعها التنمية الجهوية (5). ويعني ثالثا: التطبيق الفعلي لمبدأ ” ربط المسؤولية بالمحاسبة ” الذي يشكّل أحد المبادئ الأساسية للحكامة الجيدة المنصوص عليها دستوريا.

ويتّضح الدو ر الكبير الذي يجب أن تضطلع به الجهة في ميدان التنمية الاقتصادية على المستوى الترابي من خلال القراءة المتمعّنة في المادة 188 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) التي تنص على أنه تطبيقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 141 من دستور 2011، ترصد الدولة للجهات بموجب قوانين المالية، بصفة تدريجية، نسبا محدّدة في 5 بالمئة ( 5%) من حصيلة الضريبة على الشركات، و 5 بالمئة ( 5%) من حصيلة الضريبة على الدخل. و 20 بالمئة ( 20%) من حصيلة الرسم على عقود التأمين، تضاف إليها اعتمادات مالية من الميزانية العامة للدولة في أفق بلوغ سقف 10 ملايير درهم سنة 2021.

وانطلاقا من الطبيعة الثلاثية لموارد الجهة ( موارد مالية ذاتية.، وموارد مالية مرصودة لها من الدولة.، وحصيلة الاقتراضات)  فإنّ البنية العامة لهذه الموارد  حدّدها القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المنظم لشؤون الجهات في المادة 189 منه كالتالي:

– حصيلة الضرائب أو حصص ضرائب الدولة المخصصة للجهة بمقتضى قوانين المالية.

– المخصصات المالية من الميزانية العامة للدولة.

– حصيلة الضرائب والرسوم المأذون للجهة في تحصيلها طبقا للتشريع الجاري به العمل.

– حصيلة الأتاوى المحدثة طبقا للتشريع الجاري به العمل.

– حصيلة الأجور عن الخدمات المقدمة.

– حصيلة الغرامات طبقا للتشريع الجاري به العمل.

– حصيلة الاستغلالات والأتاوى وحصص الأرباح، وكذلك الموارد وحصيلة المساهمات المالية المتأتية من المؤسسات والمقاولات التابعة للجهة او المساهمة فيها.

– الإمدادات الممنوحة من قبل الدولة أو الأشخاص الاعتبارية الخاضعة للقانون العام.

– حصيلة الاقتراضات المرخص بها.

– دخول الأملاك والمساهمات.

– حصيلة بيع المنقولات والعقارات.

– أموال المساعدات والهبات والوصايا.

– مداخيل مختلفة والموارد الأخرى المقررة في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

وفيما يتعلق بعمليات الاقتراضات التي تقوم بها الجهة، فحسب المادة 190 من القانون التنظيمي للجهات فهي تخضع للقواعد المنصوص عليها في المرسوم (رقم 2.17.294)  الصادر سنة 2017 (6). ويجب على إدارة الجهة ومجلسها استحضار ما ينص عليه القانون التنظيمي ( رقم 111.14) صراحة في المادة 115 منه،  ومضمونه  أنّ من بين المقررات التي لا تصبح قابلة للتنفيذ إلاّ بعد التأشير عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية  داخل الأجل  القانوني المحدّد: المقررات المتعلقة بالاقتراضات.

كما يمكن للجهة حسب المادة 191 من القانون التنظيمي ذاته ( رقم 111.14)، أن تستفيد من تسبيقات تقدمها الدولة في شكل تسهيلات مالية في انتظار استخلاص المداخيل الواجب تحصيلها برسم الموارد الضريبية وبرسم حصتها من ضرائب الدولة. وفي هذا الصدد، يمكن الرجوع إلى المرسوم (رقم 2.17.279)  الصادر هو كذلك في 2017 والذي يحدّد كيفيات تقديم منح التسبيقات المالية من طرف الدولة للجهات وطرق تسديدها (7).  

  وعلاقة بموارد  الجهات وباقي الجماعات الترابية، يذهب الباحث القانوني سعيد جفري في كتابه ” مالية الجماعات الترابية ” إلى أنّ الطابع العام لموارد الجماعات الترابية هو طابع التنوع والتعدد بين مصادر عمومية متأتية من ضرائب الدولة، وضرائب ورسوم ذات طابع محلي، أو الحاصلات المتأتية من الأتاوى والأجور والغرامات، وجانب من المخصصات المرصودة لهذه الأخيرة بشكل قانوني. كما أن تفصيل بنية هذه الإيرادات(8) يتضمن أيضا الجانب الخاص بالإمدادات الممنوحة من الدولة أو الأشخاص الاعتبارية الخاضعة للقانون العام، وكذا الموارد المتأتية من الاقتراض إضافة إلى مخصصات أخرى نص عليها القانون لفائدة الوحدات الترابية. وفي تقدير هذا الباحث، فإنه بالرغم من الأهمية المبدئية للضرورة التي يفرضها التمويل بواسطة الموارد المالية الذاتية المحلية، والذي يكرّس مبدأ على جانب كبير من الأهمية وهو مبدأ  ” الاستقلال المالي المحلي ”  فإن الواقع الموضوعي بالنسبة للتجربة المحلية المغربية يفرز اختلالا واضحا بين هذين الصنفين من التمويل، بوجود أولوية في التمويل بواسطة الموارد الخارجية خاصة عن طريق الإمدادات أو الإعانات العمومية التي تتأتى بالخصوص من حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة (9).

وعلاوة على ما تقدم، يفيد المزيد من القراءة المتأملة في القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات في رصد مجموعة من الآليات الإجرائية  التي تمكّن الجهة من الحصول على موارد مالية إضافية، أو لنقل الحصول على مصادر تمويلية إضافية/ جديدة  تمكّن الجهة من الزيادة في فرص النهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائرتها الترابية.

ذلك ما سأعمل على توضيحه فيما يأتي من سطور.

المبحث الثاني: في الآليات التي تمكّن الجهات من الاستفادة من موارد مالية إضافية للنهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائراتها الترابية؟

ننطلق في هذا المبحث من طرح السؤالين التاليين:

– ما هي الآليات المنصوص عليها في القانون التنظيمي ( رقم 111.14) التي تمكّن الجهات من الاستفادة من موارد مالية إضافية إلى الموارد المالية الأساسية المشار إليها سابقا للزيادة في فرص النهوض بالتنمية الاقتصادية على المستوى الترابي؟

– ما الذي ينص عليه هذا القانون التنظيمي بشأن كل آلية من هذه الآليات؟ وهو سؤال يعني من بين ما يعنيه بصيغة أخرى، علاقة بما نهتم به في هذا المبحث، كيف يمكن للجهات أن تستفيد من كل آلية من هذه الآليات للحصول على موارد مالية إضافية تمكّنها من النهوض بالتنمية الاقتصادية على المستوى الترابي؟

ذلك ما سنحاول ملامسته في السطور الآتية. 

إذا كانت المادة 186 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات تنص على أنّ الجهة تتوفر لممارسة اختصاصاتها على الأنواع الثلاثة من الموارد المالية الأساسية التي تم التطرق إليها في المبحث السابق وهي للتذكير فقط: الموارد المالية الذاتية، الموارد المالية المرصودة للجهة من لدن الدولة وحصيلة الاقتراضات، فإنّ هنالك مجموعة من الآليات التي ينص عليها هذا القانون التنظيمي تمكّن كل جهة من جهات المملكة من الاستفادة من موارد مالية إضافية/ جديدة/  للنهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائرتها الترابية. وقد تم التركيز في هذا المبحث على: آلية الاتفاقيات، وآليتي” صندوق التأهيل الاجتماعي” و “صندوق التضامن بين الجهات”.

أولا –  آلية الاتفاقيات:

بداية، دعنا نتفحّص أحد التعريفات القانونية المبسّطة  لمعنى الاتفاقية مع الأخذ بعين الاعتبار ما نحن بصدد مقاربته في هذا العمل: (10)

– الاتفاقية تجسّد اتفاق الأطراف المتعاقدة ( un accord de volontés). وهي تكون مكتوبة وموثّقة.

– الاتفاقية بين الدولة والجهة، أو بين الجهات، أو بين الجهة (أو الجهات) وباقي الجماعات الترابية، إلخ، تتمّ بين شخصيات اعتبارية.

– الاتفاقية يكون لها آثار قانونية.

ويبدو انطلاقا مما تقدّم أنّ المشرّع المغربي من خلال القانون التنظيمي (رقم 111.14) المتعلق بالجهات يفتح باب الاجتهاد وإبداع الحلول واسعا لمجالس الجهات لإبرام الاتفاقيات وفق ما ينص عليه هذا القانون التنظيمي والتشريعات الجاري بها العمل في البلد،  للاستفادة من موارد مالية إضافية تمكّن كل جهة من جهات المملكة من الزيادة في فرص النهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائرتها الترابية. والمطلوب من مجلس كل جهة اتخاذ المقررات التي تفضي، عند تجسيدها بعقلانية، إلى خلق الثروات وجلب الاستثمار وتوفير فرص الشغل، إلخ. ويبقى الشرط الأساسي هو احترام المقتضيات التي ينص عليها هذا القانون التنظيمي وخاصة حينما يتعلق الأمر بأطراف أجنبية حيث يجب الرجوع إلى أحكام  المواد التي تنظم العلاقات مع هذه الأطراف الأجنبية وكل ما يدخل في هذا السياق من قوانين وتشريعات.

إنّ لآلية الاتفاقيات أهمية قصوى في تدبير الشأن العام الجهوي ولذلك فالجهات الرصينة/ الرشيدة علاوة على توفّرها على أقسام قانونية وإدارية ومالية ذات الكفاءة العالية،  تقوم بتعيين محام ذو خبرة قانونية وتجربة ميدانية تمكنّانه من الترافع بنجاح عن كل قضايا الجهة المعنية وخاصة منها ما يدخل في نطاق النزاعات القانونية مع الطرف المتعاقد / أو الأطراف المتعاقدة مع هذه الوحدة الترابية (11).

مقال قد يهمك :   عزيزة تابتي: اللجنة الاستشارية للنظر في الطعون المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله القانون وهاجس تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الجبائية

بعد هذه التوضيحات على قلتها،  سنلامس الإجابة على السؤال الثاني الذي انطلقنا منه في بداية هذا المبحث وهو للتذكير: ما الذي ينص عليه القانون التنظيمي ( رقم 111.14) فيما يخص آلية الاتفاقيات باعتبارها آلية كل جهة من جهات المملكة من الاستفادة من موارد مالية إضافية إلى الموارد المالية الأساسية المنصوص عليها في المادة 186 منه، وذلك للزيادة في فرص النهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائرتها الترابية؟

وفي هذا الصدد، سنلامس ما يتعلق بالاتفاقيات المتعلقة بالتعاون والشراكة، والمتعلقة  بمجموعة الجهات، والمتعلقة بمجموعات الجماعات الترابية.

1- الاتفاقيات المتعلقة بالتعاون والشراكة:

تفيد القراءة المتمعنة في المادة 99 من القانون التنظيمي (رقم 111.14)  في تسجيل أنّ من بين القضايا التي يتداول مجلس الجهة في  شأنها علاقة بالتعاون والشراكة:

– اتفاقيات التعاون والشراكة مع القطاعين العام والخاص.

– مشاريع اتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي مع جماعات ترابية وطنية أو أجنبية.

– كل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية وذلك في إطار الاحترام التام للالتزامات الدولية للمملكة المغربية.

ولنا أن نستشف من جهة أولى، أنّ غاية المشرع من إبرام اتفاقيات  التعاون والشراكة مع القطاعين العام والخاص، وخاصة – في نظري – مع هذا الأخير ( الخاص) هي: الاستفادة منه في مجال التدبير الإداري والمالي، والتمكّن من الحصول على موارد مالية إضافية مهمة من خلال توثيقها  في الاتفاقيات، والاستفادة من تجاربه وخبراته الميدانية، إلخ.

لكن فيما يتعلق بالعلاقة  بين الجهات ( وباقي الجماعات الترابية) وبين القطاع الخاص، لا بد من إبداء الملاحظة التالية ومضمونها أن الحاجة ماسة اليوم ببلدنا  أكثر من أي وقت مضى إلى توضيح القوانين والتشريعات التي يتعين أن تنظّم العلاقات بين الطرفين، مع استحضار أنّ القطاع الخاص بكل مكوناته (مقاولات، أبناك…) مطالب بالقيام بدور فعّال في مجال التنمية الجهوية في الميادين الستة  المرتبطة بالمستوى الترابي والمنصوص عليها في المادة 82 من هذا القانون التنظيمي وهي للتذكير: ميدان التنمية الاقتصادية، ميدان التكوين المهني والتكوين المستمر والشغل، ميدان التنمية القروية، ميدان النقل، ميدان الثقافة وميدان البيئة.

ومن جهة ثانية، علينا أن نلاحظ أنّ المادة 99 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) تنص على أنّ مجلس الجهة يتداول في: مشاريع اتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي مع جماعات ترابية وطنية أو أجنبية. والقصد، أن هذا القانون يقول ” مشاريع اتفاقيات التوأمة …” ( projets…) ولا يقول: اتفاقيات التوأمة…  وليس ذلك صدفة، فما نستشفه من هذا التنصيص القانوني هو أنّ الأمر  يتطلّب الدراسة الدقيقة والمراجعة من مستوى قانوني أعلى، وليس ذلك من باب الوصاية ولكن من باب الوقاية القانونية لتفادي الخوض في نزاعات قانونية دولية قد تفضي إلى هدر فرص التنمية الاقتصادية للجهة المعنية في حالة النزاع مع أطراف أجنبية.

لكن دعنا نشير مرة أخرى إلى  أنّ جل الجهات مازالت تعرف ندرة/ خصاصا كبيرا/  في الموارد البشرية المختصة. وهو ما يعني ضرورة توفّر كل جهة باعتبارها تتبوّأ دستوريا مكانة الصدارة على المستوى الترابي على طاقات وكفاءات  ذات المستوى العلمي العالي في الإدارة والقانون والاقتصاد والمال والرقمنة والتكنولوجيا، وما أكثرها في وطننا، للخروج من دوامة التبعية للمركز وتحقيق الاستقلالية الإدارية والمالية على المستوى الترابي. وبالنتيجة، ضمان توفّر ركيزة من ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الجهوي وهي: الموارد البشرية.

أما من جهة ثالثة، فالتنصيص القانوني واضح فيما يتعلق بكل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية وهو: احترام الالتزامات الدولية للمملكة. وهنا لا شك أنّ من شروط إنجاح أية اتفاقية، بناؤها على أسس قانونية دقيقة. وممّا يصنع دقتها وقوتها، تعميق الاستشارة القانونية بين إدارة الجهة وخاصة منها القسم القانوني وبين محامي الجهة المتمكّن من القانون الدولي والمطّلع على التجارب الدولية التي تدخل في هذا النطاق، والاستشارة مع كل من يفيد في هذا الشأن. وهنا أؤكد على أهمية التواصل الداخلي والخارجي للجهة، وهو الجانب الذي مازال لا يحظى بالعناية اللازمة في غالب الجماعات الترابية وسأوضح المقصود بذلك ذلك في حينه. 

وفيما يخص العلاقة مع الجماعات الترابية الأجنبية وباقي الفاعلين من خارج المملكة، تفيد القراءة المتمعنة في القانون التنظيمي ( رقم 111.14) في تسجيل الملاحظات التالية:

– كما سبق الذكر، تنص المادة 99 من القانون التنظيمي (رقم 111.14) على أن مجلس الجهة يتداول في: كل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية. ولكن،  في إطار احترام الالتزامات الدولية للمملكة المغربية.

– علاقة بالتعاون الدولي وهو واحد من الميادين السبعة التي تشكّل في مجموعها مجال التنمية الجهوية،  تنص المادة 82 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) على أنه يمكن للجهة إبرام اتفاقيات مع فاعلين من خارج المملكة في إطار التعاون الدولي وكذا الحصول على تمويلات في الإطار نفسه، بعد موافقة السلطات العمومية طبقا للقوانين الجاري بها العمل.

نفهم من ذلك أنّ هذه الاتفاقيات مقيّدة/ مشروطة بموافقة السلطات العمومية. وأنّ هذه الموافقة تتم طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل في البلد وليس تبعا للسلطة التقديرية لهذه السلطات.

– الفقرة الأخيرة من المادة 82 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) واضحة المنع، حيث تنص على أنّه ” لا يمكن إبرام أي اتفاقية بين جهة أو مجموعة جهات أو مجموعة الجماعات الترابية ودولة أجنبية “.

 وعلاوة على ما تقدم فإن الجهة يمكنها أن تؤسس فيما بينها بموجب اتفاقيات يصادق عليها من قبل مجالس الجهات المعنية: ” مجموعة الجهات ” وكذا ” مجموعات الجماعات الترابية “. والسؤال هو: ما الذي ينص عليه هذا القانون التنظيمي (رقم 111.14)  في شأن كل منهما؟ ذلك ما سنلامسه في السطور التالية.

 2- الاتفاقيات المتعلقة بمجموعة الجهات:  

تنص المادة 148 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) في الفقرتين الأولى والثانية على أنه يمكن للجهات أن تؤسس فيما بينها، بموجب اتفاقيات يصادق عليها من قبل مجالس الجهات المعنية، مجموعات تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، وذلك من أجل إنجاز عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة للمجموعة. وتحدّد هذه الاتفاقيات غرض المجموعة وتسميتها ومقرها وطبيعة أو مبلغ المساهمة والمدة الزمنية للمجموعة، عند الاقتضاء.

وبناء عليه، فإن هذه المادة ( م 148) تتيح إمكانية الاستفادة من موارد مالية إضافية للجهة التي تحتاج إليها وذلك في مقابل مساهمتها إمّا بتوفير العقار أو الموارد البشرية أو اللوجستية لإنجاز عمل مشترك أو مرفق ذي فائدة عامة لمجموعة الجهات المعنية. والدليل على أنّ هذه المادة  تركت الاختيار للمجالس الجهوية المعنية  في تحديد ما ينبغي أن تساهم به كل جهة من الجهات التي تؤسس مجموعتها، تنصيصها على تحديد “(…) طبيعة أو (ou) مبلغ المساهمة(…)”. ولم تقل: طبيعة المساهمة ومبلغها(12).

وقد أوكل المشرع صلاحية المصادقة على هذا النوع من الاتفاقيات لمجالس الجهات المعنية لأنها هي التي بإمكانها تحديد الأعمال التي يجب أن تكون مشتركة بينها وتحديد المرافق ذات الفائدة العامة التي تتطلب تدبيرا مشتركا تطبيقا لثلاثة مبادئ ينص عليها القانون التنظيمي (رقم 111.14): مبدأ التدبير الحر الذي تنص عليه المادة الرابعة منه والذي يخوّل بمقتضاه لكل جهة، في حدود اختصاصاتها المنصوص عليها في المادة 80 منه، سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها طبقا لأحكام هذا القانون التنظيمي والنصوص التشريعية والتنظيمية المتخذة لتطبيقه ، ومبدأي التعاون والتضامن حيث تنص المادة الرابعة ذاتها على ما يلي: ” يرتكز التنظيم الجهوي على مبدأي التعاون والتضامن بين الجهات، وبينها وبين الجماعات الترابية الأخرى، من أجل بلوغ أهدافها وخاصة إنجاز مشاريع مشتركة وفق الآليات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيم”.

وتفيد القراءة المتمعنة في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 148 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) في تسجيل المقتضيات التالية التي تؤكد من جهة أولى الاعتراف الرسمي بهذا النوع من الاتفاقيات التي تزيد في فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهات، ومن جهة ثانية الإمكانية القانونية لتوسيع نطاق كل واحدة منها. وأوضّح ذلك كالتالي:

– طبقا لأحكام الفقرة الرابعة المشار إليها أعلاه، يتم الاعتراف الرسمي بتكوين مجموعة الجهات أو الانضمام إليها، من خلال إصدار السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية لقرارها بهذا الصدد وذلك بعد الاطلاع على المداولات المتطابقة (13)  لمجالس الجهات المعنية بإبرام الاتفاقية المتعلقة بتكوين مجموعة الجهات المعنية.

– وتبعا لما هو منصوص عليه في الفقرة الرابعة ذاتها المشار إليها أعلاه، يمكن انضمام جهة أو جهات إلى مجموعة للجهات بناء على مداولات متطابقة للمجالس المكونة للمجموعة ومجلس المجموعة ووفقا لاتفاقية ملحقة. وهو ما يعني أنه بإمكان مجالس الجهات التي أبرمت الاتفاقية الأصلية فيما بينها من أجل إنجاز عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة للمجموعة ( الفقرة الأولى من المادة 148)، ( بإمكانها) توسيع مجموعتها للجهات والشرط القانوني هو ضرورة إعداد اتفاقية ملحقة ( الفقرة الرابعة من المادة 148).

وهنا لابد من التوضيح التالي: تخضع الاتفاقية الملحقة للمسطرة القانونية نفسها التي خضعت لها الاتفاقية الأصلية (14).

3- الاتفاقيات المتعلقة بمجموعات الجماعات الترابية:

تنص المادة 154 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) على أنه يمكن لجهة أو أكثر أن يؤسسوا مع جماعة أو أكثر أو عمالة أو إقليم أو أكثر مجموعة تحمل اسم ” مجموعة الجماعات الترابية ” تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، وذلك بهدف إنجاز مشروع مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة للمجموعة.  

وكما هو منصوص عليه في حالة مجموعة الجهات تحدث مجموعات الجماعات الترابية بناء على اتفاقية تصادق عليها مجالس الجماعات الترابية المعنية وتحدّد موضوع المجموعة وتسميتها ومقرها وطبيعة المساهمة أو مبلغها والمدة الزمنية للمجموعة. ويعلن عن تكوين مجموعة الجماعات الترابية أو انضمام جهة أو جماعات ترابية إليها بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بعد الاطلاع على المداولات المتطابقة لمجالس الجماعات الترابية المعنية.

نستشف مما تقدم أننا بصدد فرصة أخرى يوفّرها القانون التنظيمي (رقم 111.14) لتحقيق التعاون والتضامن بين الجهات وباقي الجماعات الترابية من جهة. ومن جهة ثانية، لتمكين الجهات الأقل موارد مالية من الاستفادة من موارد مالية إضافية/ جديدة تمكّنها من تمويل المشاريع التي تجعلها تحقق التنمية الاقتصادية داخل دائراتها الترابية. والشرط: أن تكون لها القدرة على الترافع لتحقيق هذه الاستفادة المالية، وتوثيقها بالاتفاقية أو الاتفاقيات المبرمة مع الأطراف المعنية. ولا شك أنّ كل هذه الأطراف ستستفيد. إنّ هدف المشرع من إحداث هذه الآليات هو تحقيق التكامل بين الجماعات الترابية اقتصاديا وماليا. وتبقى غاية الدولة والجهات وباقي الجماعات الترابية هي تحقيق التنمية الترابية.

وينص القانون التنظيمي ( رقم 111.14)  في المواد من 156 إلى 160 باستثناء المادة 159 على كيفيات تسيير وتدبير مجموعات الجماعات الترابية، وكيفيات انتخاب المنتدبين ورؤساء وأعضاء مجالس هذه المجموعات وكتّابها ونوابهم، وكيفيات انضمام جهة أو جماعات ترابية إلى جماعات ترابية، إلخ.

وفيما يتعلق بالمادة 159 المشار إليها أعلاه، فتنصيصها القانوني صريح جدا، وهو بمثابة تحدير قانوني في تقديري، حيث تنص على أنه ” لا يمكن إبرام أي اتفاقية بين مجموعة الجماعات الترابية ودولة أجنبية “. وقد سبقت الإشارة إلى أن القانون التنظيمي ( رقم 111.14) ينص في المادة 82 منه فيما يتعلق بالتعاون الدولي باعتباره أحد الميادين السبعة التي تشكّل في مجموعها مجال التنمية الاقتصادية للجهات على أنه:

– ” يمكن للجهة إبرام اتفاقيات مع فاعلين من خارج المملكة في إطار التعاون الدولي وكذا الحصول على تمويلات في نفس الإطار بعد موافقة السلطات العمومية طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.”  ونحن هنا بصدد الاستفادة من تمويلات/ موارد مالية  إضافية ( إلى الموارد المالية الأساسية المنصوص عليها في المادة 186) ولكن الشرط هو: موافقة السلطات العمومية طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

– وسبق  التنبيه بل التحدير القانوني المتضمن في المادة 159 تحدير مماثل في المادة 82 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) أذكّر به، حيث تنص على أنه ” لا يمكن إبرام أي اتفاقية بين جهة أو مجموعة جهات أو مجموعة الجماعات الترابية ودولة أجنبية ” (الفقرة الأخيرة من هذه المادة). ونفهم من ذلك،  أن الهدف من هذا المنع القانوني هو تفادي الخوض في نزاعات تحكمها قوانين دولية قد تفضي بالنتيجة إلى هدر زمن التنمية الاقتصادية الترابية أو السقوط في ” فخ سياسي ” لا يمكن التنبؤ بنتيجته.

والسؤال اللحظة، ما الذي ينص عليه القانون التنظيمي (رقم 111.14) علاقة بآليتي: صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات باعتبارهما آليتان تمكّننان الجهات من الاستفادة من موارد مالية إضافية تزيد في فرص النهوض بالتنمية الاقتصادية للجهات؟   

ثانيا – آليتا ” صندوق التأهيل الاجتماعي ” و”صندوق التضامن بين الجهات”:

من أهم ما حرص المشرع المغربي عليه لتمكين كل جهة من جهات المملكة من النهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائرتها الترابية باعتبارها جسرا أساسيا لتحقيق التنمية الجهوية هو التنصيص القانوني على آلية  للتأهيل الجهوي وآلية لتحقيق التضامن بين الجهات. والقصد: صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات.

1- صندوق التأهيل الاجتماعي:

 يهدف المشرع المغربي من إحداث آلية ” صندوق التأهيل الاجتماعي ” بموجب الفصل 142 من دستور المملكة لسنة 2011 إلى تحقيق الأهداف التالية: سد العجز في مجالات التنمية البشرية، والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات، ولا سيما في المجالات الخمسة التالية التي يجب أن تحظى بالأولوية بالنسبة للساكنة الترابية لكل جهة من جهات المملكة وذلك بناء على أحكام المادة 229 من القانون التنظيمي (رقم 111.14): أ- الماء الصالح للشرب والكهرباء.، ب- السكن غير اللائق.، ج- الصحة.، د- التربية.، ه- شبكة الطرق والمواصلات. وتنص هذه المادة ( م 229) على أن تحدّد بموجب قانون المالية موارد هذا الصندوق ونفقاته وكيفيات تسييره ومدة العمل به.

وبناء عليه، هنالك مجموعة من الأسئلة تفرض طرحها حين التمعّن في هذه المقتضيات منها: كيف يمكن للجهة التي سجّلت عجزا خاصة في هذه المجالات الخمسة الحيوية بالنسبة للساكنة الترابية ( أو في بعضها) الاستفادة من/ الحصول على/ الموارد المالية التي يوفّرها لها الصندوق التأهيلي الاجتماعي؟. وبصيغة أخرى أكثر وضوحا: ما هي المعايير المنصوص عليها في القانون التنظيمي ( رقم 111.14) لاستفادة الجهة من موارد هذا الصندوق؟. وما هي البرامج التي تحظى بالأولوية؟. وما هي كيفيات تتبع وتقييم هذه البرامج ؟. ومن يمتلك الصلاحية القانونية لتشخيص العجز في المجالات الخمسة ذات الأولوية المنصوص عليها في المادة 229 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) السالف تسجيلها؟ ومن يعدّ برامج التأهيل الاجتماعي؟

هي وغيرها من الأسئلة سنلامس الإجابة عنها في السطور الآتية، في ضوء القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات والمرسوم الذي يشرح ويوضح مقتضياته.

تنص المادة 231 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات على أن تحدّد بمرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية: معايير الاستفادة من صندوق التأهيل الاجتماعي.، البرامج السنوية والقطاعية للصندوق في مجال التأهيل الاجتماعي.، برنامج العمل السنوي والبرامج المتعددة السنوات وآليات التشخيص ذات الصلة.، وكيفيات تتبع وتقييم البرامج وافتحاصها وتحيينها مرحليا.

مقال قد يهمك :   عاجل : النتائج النهائية لمباراة العدول 2018

وهو نهج يؤكد مرة أخرى مدى تقيّد المشرع المغربي بالتطبيق الفعلي لكل مراحل أحد أنماط التدبير الحديث الذي أتبث نجاعته في الدول  “الانجلوساكسونية ” كندا كمثال، ويتعلق الأمر بنمط  التدبير المبني على النتائج” أو ” التدبير بالنتائج” كما يحلو للبعض تسميته.

وتنص المادة 232 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) على أنه لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في المادة 229 منه، والقصد: سد العجز في مجالات التنمية البشرية، والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات ولا سيما في المجالات الخمسة التي تم تسجيلها فيما تقدم والتي يجب أن تحظى بالأولوية نظرا لأهميتها القصوى بالنسبة للساكنة الترابية  لكل جهة من جهات المملكة وهي للتذكير لأنّ الأمر يتعلق باحتياجات أساسية وحقوق اجتماعية بالنسبة للساكنة الترابية: الماء الصالح للشرب والكهرباء.، السكن غير اللائق.، الصحة.، التربية.، وشبكة الطرق والمواصلات. (لتحقيق  هذه الأهداف) يتم إحداث لجنة تقنية على صعيد كل جهة،  يرأسها والي الجهة وتتألف من رئيس مجلس الجهة وعمال العمالات والأقاليم ورؤساء مجالس العمالات والأقاليم وممثلي رؤساء مجالس الجماعات بنسبة ممثل لكل خمس جماعات وكذا ممثلي القطاعات الحكومية المعنية ببرامج التأهيل الاجتماعي العاملين بالدائرة الترابية للجهة.

وعلينا أن نلاحظ أنّ اللجنة التقنية المعنية  تتألف من الفاعلين الترابيين الذين يعيشون عن قرب من الساكنة الترابية الجهوية، لأنّهم يدركون المشاكل والاحتياجات الحقيقية لهذه الساكنة الترابية. وقد أناط بها القانون التنظيمي ( رقم 111.14) مهمتان رئيسيتان وهما:

– تشخيص العجز المسجل داخل الجهة في المجالات المنصوص عليها في المادة 229 والتي تم التذكير بها أعلاه.

– وإعداد برامج للتأهيل الاجتماعي تأخذ بعين الاعتبار الأولويات بين القطاعات وداخل كل قطاع.

وحسب المادة 232 أعلاه ذاتها فإنّ هذه اللجنة تجتمع بدعوة من رئيسها ( الذي هو والي الجهة) مرتين على الأقل في السنة وكلما اقتضى الأمر ذلك. وبناء على أحكام المادة 233 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) فإنّ والي الجهة يعدّ تقريرا سنويا يرفع إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية. ويتضمن هذا التقرير: (أ) مراحل تنفيد البرامج. (ب) تقييم حصيلة الإنجازات. (ج) التوصيات التي من شأنها الرفع من مردودية ووثيرة إنجاز المشاريع.

وتشكّل النقطة (ب) والنقطة (ج) المشار إليهما أعلاه المتضمنتان في تقرير والي الجهة باعتباره ممثلا للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية على مستوى تراب الجهة آليتان أساسيتان في منظومة التدبير، والقصد: التقييم والتقويم.  

والسؤال الآن: ما هي التوضيحات والشروحات التي يتضمنها المرسوم ( رقم 2.17.598 ) الصادر في 20 نونبر 2017 ، لتتمكّن الجهات من الاستفادة من صندوق التأهيل الاجتماعي؟ (15).

ينص هذا المرسوم في المادة الأولى منه على أنه تطبيقا لأحكام البند الأول من المادة 231 من القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه، تحدّد معايير استفادة الجهات من صندوق التأهيل الاجتماعي على النحو التالي، ويبلغ عددها خمسة: 

– الناتج الداخلي الخام الفردي.

– عدد الساكنة بالعالم القروي.

– حجم استثمارات الدولة والمؤسسات العمومية المنجزة بالجهة.

– نسبة الهشاشة بالجهة.

– طبيعة المشاريع المراد تمويلها.

ولعلنا نلاحظ أن المعايير الأربعة الأولى ذات طبيعة كمية. ويبقى المعيار الخامس ذو طبيعة كيفية. وهي تبيّن مرة أخرى، اعتماد المشرع المغربي على نمط ” التدبير المبني على النتائج ” الذي ينبني على: – معايير ومقاييس ذات الطبيعة الكمية أي يمكن قياسها وتعدادها من خلال قواعد وضوابط علمية: رياضية نسبة للرياضيات، ديمغرافية، إحصائية، إلخ. – ومعايير ذات طبيعة كيفية ومنها ما هو منصوص عليه في البند الخامس من المادة الأولى من المرسوم المشار إلى مرجعه أعلاه (رقم 2.17.598) والقصد: طبيعة المشاريع المراد تمويلها (16).

ونفهم من ذلك أن الجهة التي تريد أن تحظى بالاستفادة من موارد مالية إضافية من صندوق التأهيل الاجتماعي، لا بدّ وأن تقدّم دراسات علمية تنبني على معطيات واقعية وصادقة تبيّن بوضوح استيفاءها للمعايير الخمسة المحددة في المرسوم أعلاه (رقم 2.17.598).

وعلاقة دائما بكيفيات الاستفادة من الموارد المالية التي يوفرها صندوق التأهيل الاجتماعي، إذا توفرت الشروط القانونية، ينص المرسوم ( رقم 2.17.598) ذاته في المادة الثانية منه على أنه تطبيقا لأحكام البندين الثاني والثالث من المادة 231 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات، والقصد:

البند 2: البرامج السنوية والقطاعية للصندوق في مجال التأهيل الاجتماعي.

البند 3: برنامج العمل السنوي والبرامج المتعددة السنوات وآليات التشخيص ذات الصلة.

( تطبيقا لأحكام هذين البندين) تتولى اللجنة التقنية السالف ذكرها المنصوص عليها في المادة 232 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) والتي يترأسها والي الجهة، بناء على الموارد المخصصة لهذه الوحدة الترابية، تحديد البرامج السنوية والقطاعية للصندوق والبرامج المتعددة السنوات.  ونستشف من ذلك سبب  هذا التكليف القانوني للجنة المعنية ومفاده، أنّ مكوناتها وهم الفاعلون الترابيون وممثلو القطاعات الحكومية على المستوى الترابي هم الأقرب والأجدر بتحديد هذه البرامج.  

وتطبيقا للمادة الثالثة من المرسوم ( رقم 2.17.598) المشار إليه فيما تقدم، تقوم اللجنة التقنية المنصوص عليها في المادة 232 أعلاه، بتحديد آليات التشخيص المنصوص عليها في البند الثالث من المادة 231 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) ( والقصد: برنامج العمل السنوي والبرامج المتعددة السنوات وآليات التشخيص ذات الصلة) على أساس المعلومات المتوفرة لدى المصالح والقطاعات الوزارية المعنية استنادا إلى حاجيات الجماعات الترابية المعبّر عنها والمعطيات المتعلقة بحصيلة الإنجازات والحاجيات القطاعية والأولويات والإكراهات.

وبناء على المادة الرابعة من المرسوم ذاته ( رقم 2.17.598) يتم تتبع وتقييم البرامج من طرف والي الجهة مرتين في السنة، وكلّما دعت الضرورة إلى ذلك من خلال تقارير تفصيلية حول نسبة ( %) إنجاز المشاريع المبرمجة وكذا الإكراهات التي تحول دون تنفيذها مع تحديد الإدارات والأشخاص المتدخّلة المعنية والإجراءات التي تم اتخاذها، مع اقتراح الحلول الموضوعية لتجاوز هذه الإكراهات. وترفع تقارير التقييم إلى وزير الداخلية وإلى الوزراء المعنيين، لاتخاذ جميع الإجراءات الضرورية داخل أجل شهر من تاريخ التوصل بها وذلك لتجاوز الإكراهات المرصودة.

وحسب المادة الرابعة ذاتها، يمكن للجنة التقنية المشار إليها سابقا والمنصوص عليها في المادة 232 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) تحيين البرامج المحددة وذلك بناء على تقييم الوالي. 

وتنص المادة الخامسة من المرسوم أعلاه (رقم 2.17.598) على أن تحدد كيفيات  نسب المعايير المحددة في المادة الأولى منه، وإنجاز التشخيص المشار إليه في المادة الثالثة منه، وإعداد البرامج المشار إليها في المادة الثانية منه وتقييمها وتتبعها بمقتضى قرار لوزير الداخلية.

ولأنّ هدف المشرع هو تحقيق الحكامة المالية والإدارية على المستوى الترابي لكل جهة ولأن الغاية هي النهوض بالتنمية الاقتصادية للجهات باعتبارها الجسر الأساسي لتحقيق التنمية الترابية، فإنّ المادة السادسة من المرسوم (رقم 2.17.598)  المتعلق بالجهات فيما يخص صندوق التأهيل الاجتماعي تنص على أنّ العمليات المنجزة في إطار هذا الصندوق تخضع لتدقيق سنوي مشترك تقوم بإنجازه المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية ومن طرف المفتشية العامة للمالية التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالمالية.

وفي ذلك تنفيد لأحكام الفقرة الثانية من المادة 227 من القانون التنظيمي (رقم 111.14) المتعلق بالجهات والتي تنص على أن ” تخضع العمليات المالية والمحاسباتية للجهة لتدقيق سنوي تنجزه بشكل مشترك المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية، ويتم إجراء هذا التدقيق في عين المكان وبناء على الوثائق المالية والمحاسباتية ” (17)*/ التدقيق؟).

بعد هذا العرض، سنلامس فيما يأتي ما يتعلق بآلية ” صندوق التضامن بين الجهات “.

 2- آلية صندوق التضامن بين الجهات:   

ماذا عن إمكانية الاستفادة من هذه الآلية التضامنية التي أحدثها  المشرع؟ ما هي المعايير المحدّدة قانونيا للاستفادة من هذا الصندوق التضامني بين الجهات؟ ما الذي يهدف إليه المشرع من خلال إحداثه لهذه الآلية؟ هي وغيرها أسئلة من بين أخرى تفرض طرحها من لدن كل مجلس جهوي للاستفادة من موارد مالية إضافية/ جديدة تمكّن الجهة من الزيادة في فرص النهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائرتها الترابية.

تمكّن القراءة المركّبة في الباب الثاني من القسم السادس من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات وفي المرسوم   (رقم 2.17.598) الصادر في 20 نونبر 2017  الذي يشرح ويوضح مقتضياته ، (تمكّن) من توفير عناصر الإجابة على الأسئلة المطروحة أعلاه على سبيل المثال  لا الحصر.  وفي ذلك، تنص المادة 234 من القانون التنظيمي (رقم 111.14) على أنّ صندوق التضامن بين الجهات الذي تم إحداثه بموجب الفصل 142 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 يهدف إلى ضمان التوزيع  المتكافئ للموارد قصد التقليص من التفاوتات بين الجهات.

نفهم من ذلك، أن الجهة أو الجهات التي لا تتوفر على موارد مالية كافية للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل دائرتها الترابية، يمكنها الاستفادة من الموارد المالية التي يوفرها هذا الصندوق التضامني وذلك إذا توفرت الشروط المنصوص عليها قانونيا لضمان التوزيع المتكافئ للموارد قصد التقليص أو لنقل التخفيف من حدة التفاوتات بين الجهات التي مازالت قائمة في بلدنا.

والسؤال هو: ما هي المعايير المنصوص عليها في القانون التنظيمي ( رقم 111.14) التي يتم بواسطتها توزيع الموارد المالية التي يوفرها صندوق التضامن بين الجهات؟

في هذا الصدد، ينص المرسوم ( رقم 2.17.667) الصادر في 20 نونبر 2017 بتحديد معايير توزيع مداخيل صندوق التضامن بين الجهات (18)، (ينص) في المادة الأولى منه على أنّه تطبيقا لأحكام المادة 236 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المنظم لشؤون الجهات، يتم توزيع الموارد المالية لصندوق التضامن بين الجهات وفق ستة معايير وهي كالتالي:

م 1- مؤشر التنمية البشرية.

م 2- الناتج الداخلي الخام الفردي.

م 3-عدد العاطلين.

م 4- عدد الساكنة القروية.  

م 5- عدد الساكنة في الهوامش الحضرية.

م 6- طبيعة المشاريع الممولة حسب أولويات السياسات العمومية.

وتنص المادة الثانية من المرسوم (رقم 2.17.667) المشار إليه أعلاه على أن النسب المئوية (%) لمعايير توزيع الموارد المالية لصندوق التضامن بين الجهات المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا المرسوم يتم تحديدها بمقتضى قرار يصدره وزير الداخلية بعد استشارة رؤساء مجالس الجهات.

وتجدر الإشارة بهذا الصدد إلى أنه بناء على أحكام المادة 235 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات، يعدّ وزير الداخلية آمرا بقبض مداخيل وصرف نفقات صندوق التضامن بين الجهات.

والآن، بناء على ما تقدم: ما هي الاستنتاجات التي نخلص إليها؟

في الاستنتاجات:

1- يتمثل الطابع العام لموارد الجهة ( مثل باقي الجماعات الترابية الأخرى) في التنوّع والتعدّد بين مصادر عمومية متأتية من ضرائب الدولة، وضرائب ورسوم ذات طابع ترابي/ جهوي، والحاصلات  المتأتية من الأتاوى والأجور والغرامات، وجانب من المخصصات المرصودة من الدولة للجهات بشكل قانوني تطبيقا لأحكام دستور 2011. كما أنّ تفصيل الإيرادات يتضمن أيضا الجانب الخاص بالإمدادات الممنوحة للجهات من الدولة أو الأشخاص الاعتبارية للقانون العام، وكذا الموارد المتأتية للجهات من الاقتراضات طبقا لما ينص عليه المرسوم الصادر في هذا الشأن. ويمكن للجهات أن تستفيد من تسبيقات تقدمها لها الدولة في شكل تسهيلات مالية وفقا للضوابط المنصوص عليها في المرسوم الصادر في هذا الشأن.

لكن ممّا سجله بعض الباحثين ومنهم الباحث القانوني سعيد جفري (19) وذلك علاقة بالجماعات الترابية (ومن مكوناتها الأساسية: الجهات)، فإنّه بالرغم من الأهمية المبدئية للضرورة التي يفرضها التمويل بواسطة الموارد المالية الذاتية المحلية والذي يكرّس مبدأ ذو أهمية كبيرة وهو مبدأ ” الاستقلال المالي المحلي ”  فإنّ الواقع الموضوعي بالنسبة للتجربة المحلية المغربية يفرز اختلالا واضحا فيما يتعلق بتمويل المشاريع والبرامج التنموية على المستوى الترابي للجهات ولباقي الجماعات الترابية. والقصد، وجود أولوية في التمويل بواسطة الموارد المالية الخارجية خاصة عن طريق الإمدادات أو الإعانات العمومية التي تتأتى بالخصوص من حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة. 

وفي تقديري، شكلت مرحلة أزمة ” كورونا ” فرصة تاريخية بالنسبة للدولة المغربية وللجهات ولباقي الجماعات الترابية الأخرى، لاستخلاص مجموعة من الدروس من أهمّها علاقة بموضوعنا: محدودية الموارد المالية لدى الجهات والجماعات الترابية كوحدة لا يمكن تجزيئها، مما أثّر على قدراتها التدبيرية المالية والإدارية. واتضح للعام والخاص مدى تبعية مالية الجماعات الترابية لمالية الدولة. وهو استنتاج من بين استنتاجات أخرى أثارها الباحثون في العدد الصادر عن منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية بعنوان ” الدولة والجماعات الترابية وجائحة كورونا “(20). كما أثارها إعلاميون وباحثون آخرون في حينه في الصحف والمجلات والكتب التي اهتمت بهذا الموضوع في حينه. 

ونستنتج علاقة بعمليات الاقتراضات التي تقوم بها الجهات بناء على  أحكام المادة 190 من القانون التنظيمي (رقم 111.14)، أهمية المرسوم الصادر في هذا الشأن ( رقم 2.17.294) حيث يحدّد القواعد والضوابط التي يجب مراعاتها للاستفادة من هذه الاقتراضات. وبهذا الصدد، يمكن أن يثير البعض ثقل الاقتراضات وتبعاتها على ميزانية الجهة التي تقوم بها وكذا تبعاتها بالنسبة لمستقبلها إذ يمكن أن يصبح الاقتراض أحد المعيقات البنيوية لتنميتها الاقتصادية.  لكن هذا لا يمنع من إبداء الملاحظة التالية ومضمونها: يمكن للجهة أن ترفع من فرص النهوض بالتنمية الاقتصادية داخل دائرتها الترابية من خلال الاستفادة من الاقتراضات إذا تم توظيف هذه الأخيرة في الاستثمارات المنتجة التي تخلق الثروات وفرص الشغل وتمكّن الجهة من تمويل المشاريع والبرامج الأساسية بالنسبة للساكنة الترابية، غير أنه لا بدّ من توفّر مجموعة من الشروط الموضوعية ومنها: التخطيط.، التنظيم.، الانضباط .، الشفافية (…). وهو ما يعني ضرورة قيام الجهة التي تريد أن تقبل على عملية الاقتراض بالدراسات القبلية اللازمة بناء على أسس علمية.

كما أن التسبيقات التي تقدمها الدولة في شكل تسهيلات للجهات التي تطلبها في انتظار استخلاص المداخيل الواجب تحصيلها برسم الموارد الضريبية برسم حصتها من ضرائب الدولة (المادة 191) ، تشكل في تقديري إمكانية أخرى لربح زمن التنمية الاقتصادية للجهات. ومن بين الشروط الموضوعية: التخطيط والانضباط.

2- فيما يتعلق بالموارد المالية الإضافية التي لامسنا الآليات التي تمكّن الجهات من الاستفادة منها:

يبدو أنّ من أهم ما نستنتجه من خلال المراجعة المتأنية في المبحث الثاني، هو رغبة المشرع المغربي في أن تخرج الجهات من حلقة، بل، من عقلية التدبير التقليدي لماليتها، وتكتسب عقلية التدبير المالي المعاصر من خلال إبرام اتفاقيات مع القطاعين الخاص والعام  والمؤسسات والإدارات  والجماعات الترابية  الأجنبية التي تتميز بنوع من السبق في هذا الاتجاه، والشرط الأساسي مراعاة القوانين المنظمة لذلك واحترام الالتزامات الدولية للمملكة المغربية. 

إنّ آلية الاتفاقيات تمكّن الجهات التي تعتمدها من الاستفادة من موارد مالية إضافية هامة جدا، وبالنتيجة تتمكّن من تمويل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية داخل دائرتها الترابية، وتتحقق تباعا لذلك فرص الشغل والزيادة في الثروات. وتقوم الجهات المستفيدة من بناء الطرق والمسالك والمستوصفات الصحية وتقرّب المدارس من التلاميذ (…). وقد حاولت توضيح أهمية آلية الاتفاقيات بهذا الصدد من خلال التطرق لحالات الاتفاقيات في إطار التعاون والشراكة، وعلاقة بمجموعة الجهات ومجموعات الجماعات الترابية.

مقال قد يهمك :   حضور المتهم و غيابه في مادة الإجراءات الجزائية

وقد مكّنتني التجربة الميدانية المتواضعة من استخلاص استنتاج هام يتعلق بآلية الاتفاقيات ومضمونه كالتالي: إذا توفّر الشرطان التاليان في مجلس أي جماعة ترابية، تزداد فرص الاستفادة من الموارد المالية الإضافية/ الجديدة التي تمكّن الوحدة الترابية المستفيدة من الزيادة  في فرص النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل دائرتها الترابية:

الشرط الأول: التواصل الداخلي. والقصد التواصل ( la communication) بمفهومه العلمي(21) بين الرئيس والإدارة. والتواصل بين الرئيس وأعضاء مكتبه، وبينه وبين أعضاء المجلس بكامله. والتواصل لا يعني عدم الاختلاف في الرأي، ولا يعني عدم التدافع والترافع حول المشاريع التنموية وقت انعقاد دورات المجلس. ولا يعني عدم المعارضة، فلا ديمقراطية في غياب معارضة قوية.

إنّ العمل، كل من جانبه، على تحقيق شرط التواصل الداخلي هو السبيل الوحيد إلى   تفادي الصراعات ” السياسوية ” داخل المجالس. وهو مؤشر على أن الجهة (أو أية جماعة ترابية أخرى) تسلك الطريق الصحيح لتحقيق التنمية الاقتصادية دائرتها الترابية وبالنتيجة تحقيق التنمية الجهوية.

الشرط الثاني: العلاقات الإنسانية الناجحة مع مختلف الفاعلين. والقصد، إذا كانت العلاقات الإنسانية لرئيس المجلس ومكتبه وإدارته والمجلس برمته ناجحة مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين الموجودين بتراب الجماعة الترابية وخارجه، تتمكن هذه الأخيرة من إبرام اتفاقيات مربحة ماديا ومعنويا. ولا شك أن أساس النجاح في أية عملية  كانت هو الثقة المتبادلة بين الفاعلين المعنيين بها. وبالنتيجة، تزداد الفرص بالنسبة للجماعة الترابية المعنية للاستفادة من موارد مالية إضافية/ جديدة للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل دائرتها الترابية.

وبالرجوع إلى إمكانية إبرام اتفاقيات مع القطاع الخاص استنادا إلى القانون التنظيمي ( رقم 111.14) (وكذا إلى القانونين التنظيميين: ( رقم 112.14) المتعلق بالعمالات والأقاليم و( 113.14) المتعلق بالجماعات)  فإنّ من أهم                     ما يمكن استنتاجه ما يلي:

إن الحاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى توضيح القوانين التي تنظم العلاقات بين الجماعات الترابية وخاصة منها الجهات وبين القطاع الخاص. وذلك لخلق تعاون فعّال بين الطرفين يفضي إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الترابي. وسيمكّن هذا التوضيح من سد الفراغ القانوني الموجود لحد الآن وفض النزاعات في حالة وقوعها أثناء إنجاز المشاريع التنموية الجهوية والمحلية.

3– علاوة على ما تقدم من استنتاجات نخلص كذلك إلى الاستنتاج التالي وعنوانه: استمرار وجود التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية بين الجهات.

هذا الاستنتاج ليس وليد اللحظة، فقد أكّدته العديد من الدراسات والبحوث الأكاديمية السابقة. واليوم، تزكّيه الدراسة الأخيرة التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب إذ من بين ما خلصت إليه وجود ” تراجع عام في الفقر متعدد الأبعاد على المستوى الجهوي، مع استمرار فوارق قوية بين الجهات” (22).

ويبدو لي أنه لا بد من توضيح معنى مؤشر ” الفقر متعدد الأبعاد “، قبل تقديم المعطيات الرقمية التي تقدمها هذه الدراسة العلمية علاقة بالجهات:  

نخلص من خلال القراءة المتمعنة  في مجموعة من التعريفات الواضحة إلى أنّ مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد أو الأوجه  لا يشمل فقط الجانب المالي/ النقدي، وإنّما يعني الحرمان المتعدد على مستوى الأسرة في التعليم والصحة والسكن ومستوى المعيشة والعمل (…). 

وفيما يتعلق بالجهات فقد كشفت هذه الدراسة أن جميع جهات المملكة سجلت انخفاضا في معدل الفقر متعدد الأبعاد خلال العقد الأخير، مع تراجعات بارزة بشكل خاص في المناطق التي كانت الأشد تضررا في البداية. وقد همت أبرز الانخفاضات جهة  ” مراكش- آسفي ”  (-7,9 نقطة مئوية).، وجهة ” بني ملال – خنيفرة ” ( -7,5  مئوية).، وجهة ” طنجة – تطوان – الحسيمة ” ( -6,8 نقطة مئوية).، وجهة ” درعة – تافيلالت ” ( -6,7  نقطة مئوية)، وهي الجهات التي سجلت مستويات مرتفعة من الفقر سنة 2014.

أما في جهات الجنوب والجهات الحضرية الكبرى، والتي كانت معدلات فقرها منخفضة، فقد عرفت تراجعات محدودة: ( -0,9 نقطة) بالنسبة لجهة  ” العيون – الساقية الحمراء “.، و ( -2,0  نقطة) بالنسبة لجهة  ” الداخلة – وادي الذهب “.، و (-2,4 نقطة) بالنسبة لجهة  ” الدارالبيضاء –  سطات “.، و ( – 3,4 نقطة) بالنسبة لجهة  ” الرباط – سلا “.

وفي سنة 2024، سجلت ست جهات معدلات الفقر المتعدد الأبعاد فاقت المتوسط الوطني ( 6,8%) حيث بلغت أعلى هذه المعدلات ( 9,8%) في جهة ” بني ملال – خنيفرة ” و (9,0%) في جهة ” فاس – مكناس “. وفي المقابل، سجلت جهة ” العيون – الساقية الحمراء ” (2,4%) وجهة  ” الداخلة – وادي الذهب ” ( 2,5%) أدنى المعدلات على الصعيد الوطني.

 كما يوجد في خمس جهات ما يقارب 70 % من مجموع الفقراء، جهة ” فاس -مكناس ” ( 16,2 % من الفقراء).، وجهة ” مراكش – آسفي ” ( 15,7 %).، وجهة ” الدارالبيضاء – سطات ” (13,5%).، وجهة ” الرباط – سلا – القنيطرة ” ( 11,9 %).، وجهة ” طنجة – تطوان – الحسيمة ” ( 11,5%).

أما بالنسبة للهشاشة إزاء الفقر، فما تزال تتسم بفوارق جهوية واضحة، حيث سجلت جهتان معدلات من رقمين: جهة ” درعة – تافيلالت ” بمعدل هشاشة بلغ ( 11,8 %).، وجهة ” مراكش – آسفي ” بمعدل( 11,5%). كما سجلت ثلاث جهات أخرى معدلات تفوق المعدل الوطني البالغ( 8,1%)، ويتعلق الأمر بكل من جهة ” فاس – مكناس ” بمعدل( 9,1% ).، وجهة ” بني ملال – خنيفرة ” بمعدل( 9,0%).، وجهة ” طنجة – تطوان – الحسيمة ” بمعدل( 8,8%). وتتركز في هذه الجهات الخمس ما يقارب(60%)من السكان في وضعية هشاشة، أي ما يناهز 1,7  مليون شخص.

نخلص إلى أنّ كلّ ما تقدم من استنتاجات علاقة بموضوع هذه المساهمة، وغيره كثير مما خلص إليه سابقا وحاليا باحثون آخرون ومكاتب الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، وكذا المعطيات الرقمية التي كشفت عنها الدراسة العلمية التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط  في العشرية الأخيرة ( من شهر مايو لسنة 2025)، كلّها تفيد دوي القرار السياسي والاقتصادي وكل الجهات في اتخاذ القرارات اللازمة للحد أو لنقل للتخفيف الملحوظ  من التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية بين جهات المملكة.

على سبيل الختم: علاقة بموضوعنا حول الموارد المالية للنهوض بالتنمية الاقتصادية للجهات في ضوء القانون التنظيمي المنظم لشؤونها ( رقم 111.14)، دعنا نطرح التساؤلات التالية:

– لماذا مازالت الفوارق الاقتصادية والاجتماعية قائمة بل قوية كما جاء في دراسة المندوبية السامية للتخطيط حول الفقر المتعدد الأبعاد بين جهات المملكة؟ وذلك بالرغم من تنصيص القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات على الموارد المالية  المتنوعة والمتعددة التي حاولت توضيحها في هذه المساهمة.

ألا ينبغي تمكين الجهات من الاستقلال المالي والإداري التام، مع اعتماد مبدأ ” ربط المسؤولية بالمحاسبة “؟

– ألا يجب إجراء تعديلات جوهرية على كل المقتضيات والأحكام المنصوص عليها في قوانين الجماعات الترابية وليس فقط على الجانب المالي في كل منها، بل جمعها في قانون واحد تحت مسمى” قانون الجماعات الترابية ” يتضمن مقتضيات وآليات قانونية واضحة تمكّن الجهات من تجسيدها لمبدأ التدبير الحر من جهة وتحقيق استقلاليتها المالية والإدارية من جهة ثانية؟

– أليست المشكلة الحقيقية في تطبيق المقتضيات المتعلقة بالجوانب القانونية والمالية على حد السواء؟

– ألا يتعلق الأمر بضعف  ” الالتقائية ” بين مختلف الفاعلين الترابيين  وهو ما يؤخر التنمية الاقتصادية لجل الجهات؟

– أليست إدارات الجهات في حاجة إلى نوع جديد من الموارد البشرية قادر على رفع تحديات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، وتخصيص تكوينات مكثفة في التخصصات الجديدة  للموارد البشرية التي تشرف على أقسام المالية والاقتصاد؟


الهوامش

1- أحمد مَنيرة.، مجلة مغرب القانون.، التنمية الاقتصادية للجهات: المقتضيات القانونية والآليات الإجرائية في ضوء القانون التنظيمي ( رقم 111.14).، تاريخ النشر: 28 مارس 2025، القانون العام.

2- يكاد يتفق العديد من الباحثين، ومنهم زكرياء العماري الذي جمع مختلف النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة  بالجهات والعمالات والأقاليم والجماعات في كتاب واحد عنوانه الرئيسي ” قانون الجماعات الترابية ” وقد تم إصداره في 2017  وسعيد جفري الذي أصدر في  2017 كتابا بعنوان معبّر ” قانون الجماعات الترابية ” وجواد عبيبي الذي أصدر في 2023 كتابا بعنوان  معبّر كذلك ” مدخل لقانون الجماعات الترابية ”  وآخرون، (يتفقون)  على ضرورة جمع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية في قانون واحد بمسمى ” قانون الجماعات الترابية. وهو رأي سديد في تقديري تثبته ال 10 سنوات  الأخيرة من التجربة حيث إن تاريخ إصدار هذه القوانين التنظيمية هو يوليوز 2015، ومازالت هنالك معيقات حقيقية للتنمية الجهوية والمحلية تفرض توفر شروط موضوعية متعددة منها الحكامة الجيدة ومن عناصرها ربط المسؤولية بالمحاسبة والشفافية وتطبيق القانون. وفي طليعة هذه الشروط: جمع القوانين التنظيمية الثلاثة  للجماعات الترابية  في قانون واحد، لأنّ الجماعات الترابية وحدة لا يمكن تجزيئها.

3- معجم المعاني الجامع، معجم عربي عربي.

4- تنص المادة 95 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات على أن يراعى مبدأ التدرج والتمايز بين الجهات عند نقل الاختصاصات من الدولة إلى الجهة. وطبقا للبند الرابع من الفصل 146 من الدستور، يكون تحويل الاختصاصات المنقولة إلى اختصاصات ذاتية للجهة أو الجهات المعنية بموجب تعديل هذا القانون التنظيمي.

5- من التعريفات المبسّطة للتنمية الجهوية والعميقة في مضامينها أنها: ” عملية تستهدف الإعداد الشمولي للجهة والاستعمال العقلاني للمجال وتقليص الفوارق الجهوية “. المرجع: قاموس المعاني، موقع غوغل.

 6- مرسوم ( رقم 2.17.294) صادر في 14 من رمضان 1438 ( 9 يونيو 2017) بتحديد القواعد التي تخضع لها عمليات الاقتراضات التي تقوم بها الجهة.

7- مرسوم ( رقم 2.17.279) صادر في 14 من رمضان 1438 ( 9 يونيو 2017) بتحديد كيفيات منح التسبيقات المالية من طرف الدولة لفائدة الجهة وتسديدها.

8- سعيد جفري، مالية الجماعات الترابية، مكتبة الرشاد سطات، 2017.

9- الإيرادات العامة المحلية هي مجموع الموارد التي تحصل عليها الوحدات المحلية لتنفيذ السياسات العامة المحلية المرسومة من طرفها، أو الإنفاق على المرافق والمشروعات العامة والمبرمجة من قبلها. المرجع: سعيد جفري، مالية الجماعات الترابية، مكتبة الرشاد سطات، 2017، ص 11.

10- سعيد جفري، المرجع السابق، ص 13.

11- تعريف قانوني مبسط للاتفاقية ( باللغة الفرنسية):

« En droit, la convention est un accord de volontés conclu entre des personnes (des individus, des groupes sociaux ou politiques, des Etas) et qui est destiné à produire des conséquences juridiques ». www. Wikipedia.org

12- في حالة اتفاق المجلس على تعيين محام، يتم إدراج هذه النقطة للتدارس والتداول في إحدى دورات المجلس العادية أو الاستثنائية. ثم يتخذ المجلس مقررا بشأنها. وبعد استيفاء الشروط القانونية، يقوم رئيس المجلس بعقد اتفاقية مع المحامي الذي تم تعيينه يوقعها الطرفان: رئيس المجلس والمحامي.

13 – يمكن الرجوع إلى المادة 148 في النسخة الفرنسية للقانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات، الفقرة الثانية، وهي كالتالي:

«  les conventions fixent l’objet du groupement, sa dénomination, son siège, la nature  OU  le montant des apports (…) ».

14- ” المداولات المتطابقة لمجالس الجهات تعني، قانونيا، أن مجالس الجهات المعنية توصلت إلى نفس القرارات أو المواقف بشأن قضية معينة. هذا يعني اتفاقا بين المجالس بشأن قرار أو مسالة ما، وهو ما يثبت وحدة الرأي والتوافق بينها”.  مثال: قد تجري مجالس جهات معينة مداولات حول مشروع معين، مثل مشروع تنمية اقتصادية في منطقة معينة. إذا كانت المداولات متطابقة، فهذا يعني أن جميع المجالس متوافقة على هذا المشروع، مما يسهل عملية التمويل والتنفيذ. ( موقع: غوغل. كوم)

ملاحظة1: ما تقدم ينسحب/ ينطبق هو ذاته/ فيما يتعلق بالجماعات والعمالات والأقاليم، مع الإشارة إلى أنّ مجالس الجماعات الترابية (أي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات) تتخذ مقررات وأنّ رؤساء هذه المجالس يعدّون قرارات تنفيذية لمقررات المجالس.

ملاحظة2: المداولات المتطابقة: آلية قانونية هامة  تمكّن من تحقيق المصلحة العامة، وترشيد نفقات الجماعات الترابية وحل المشاكل المعاشة من طرف ساكناتها (…). وتمكّن من تفادي النزاعات والمشاكل بين هذه الوحدات الترابية.     

15- تخضع الاتفاقية الملحقة للمسطرة ذاتها التي خضعت لها الاتفاقية الأصلية. والقصد، يتم  إدراج النقطة المتعلقة بالاتفاقية الملحقة ضمن جدول أعمال دورة عادية أو استثنائية ليتدارسها المجلس ويتداول حولها ويتخذ مقررا بشأنها. ويتم تطبيق جميع الخطوات التي خضعت لها الاتفاقية الأصلية وكأننا بصدد اتفاقية جديدة.

  16- مرسوم ( رقم 2.17.598) صادر في فاتح ربيع الأول 1439 ( 20 نوفمبر 2017) بتطبيق أحكام المادة 231 من القانون التنظيمي ( رقم 111.14) المتعلق بالجهات فيما يخص صندوق التأهيل الاجتماعي.

17 – يمكن الرجوع إلى مقالي بعنوان ” الجماعات الترابية والحاجة إلى التدبير المبني على النتائج في زمن الجائحة “، منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، العدد الصادر في أكتوبر 2020، الطبعة الأولى.

18- التدقيق: عمل تشخيصي بالأساس يهدف إلى التعرف على مواطن الخلل والقوة للمنظمة أو المؤسسة من أجل العمل على تطوير أدائها والتغيير في طبيعة وظائفها. والمعايير التي يتم اعتمادها في التدقيق تكون خارجة عن المؤسسة أو المنظمة أو الجهة صاحبة المشروع.

وللتوضيح، يختلف التدقيق (audit) عن التقييم (évaluation) حيث إن هذا الأخير يعتمد على معايير داخلية تحدثها المنظمة ( الجهة، المقاولة، المؤسسة…)، وفق مخطط للتقييم بغية اتباع كافة الخطوات لإنجاز المشروع.

19- مرسوم ( رقم 2.17.667) صادر في فاتح ربيع الأول 1439 ( 20 نونبر 2017) بتحديد معايير توزيع مداخيل صندوق التضامن بين الجهات.

20- يمكن الرجوع إلى كتاب سعيد جفري ” مالية الجماعات الترابية ” مرجع سابق، ص 13.

21- منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، سلسلة مؤلفات جماعية،  العدد الخاص بعنوان ” الدولة والجماعات الترابية وجائحة كورونا “، أكتوبر 2020. 

22-  يذهب صالح خليل أبو صبع في كتابه ” الاتصال الجماهيري” إلى أنه  يمكننا القول إنّ التواصل هو الاتصال الناجح الذي يعني المشاركة والتفاعل والاستمرارية. ونفهم من ذلك، حصول ما يسميه المختصون في علم التواصل بالتغذية الراجعة أو رجع الصدى. (Feed-back)

23- ملخص الدراسة التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب بناء على معطيات الإحصائين العامين للسكان والسكنى لسنتي 2014 و 2024. وهو بعنوان: خريطة الفقر متعدد الأبعاد، المشهد الترابي والديناميكية.، ص 2، تاريخ النشر مايو 2025.

                              

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]