مجلة مغرب القانونالقانون الخاصأبو ضاوية عبد الله ضو: تدخلات صندوق النقد الدولي خلال جائحة كوفيد-19 في الدول العربية: تحليل وآفاق مستقبلية

أبو ضاوية عبد الله ضو: تدخلات صندوق النقد الدولي خلال جائحة كوفيد-19 في الدول العربية: تحليل وآفاق مستقبلية

أبو ضاوية عبد الله ضو  طالب باحث بسلك الدكتوراه- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- سلا جامعة محمد الخامس- الرباط، التخصص: القانون العام والعلوم السياسية، دولة الإقامة: ليبيا.


ملخص

يتناول هذا المقال بالدراسة والتحليل تدخلات صندوق النقد الدولي خلال جائحة كوفيد-19 في الدول العربية، باعتبارها تجربة مفصلية اظهرت قدرة المؤسسة المالية الدولية على توفير دعم عاجل وواسع النطاق، وفي الوقت ذاته كشفت عن التحديات البنيوية التي تواجه الاقتصادات العربية. فقد اعتمد الصندوق آليات استثنائية من خلال ادوات التمويل السريع والتسهيلات الائتمانية، كما ساهم في التخفيف من اعباء الديون وتوفير السيولة عبر حقوق السحب الخاصة. وقد مكنت هذه التدخلات من الحفاظ على حد أدنى من الاستقرار المالي والنقدي، ودعمت الموازنات العامة والانفاق الاجتماعي والصحي، غير انها ادت ايضا الى زيادة المديونية وابراز هشاشة البنى الاقتصادية والمالية في المنطقة. يستخلص البحث ان العلاقة المستقبلية بين الصندوق والدول العربية مرهونة بقدرتها على تحقيق توازن بين الاستفادة من الدعم الدولي وبين بناء مناعة اقتصادية داخلية، كما يفرض على الصندوق نفسه تطوير ادوات أكثر مرونة وانصافا تراعي العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.

الكلمات المفتاحية: صندوق النقد الدولي، جائحة كوفيد-19، الدول العربية، التمويل الطارئ، المديونية، الاستقرار المالي، العدالة الاجتماعية، التنمية المستدامة.


Abstract

This paper examines the interventions of the International Monetary Fund (IMF) during the COVID-19 pandemic in Arab states, assessing their legal and economic dimensions. The analysis demonstrates that the IMF deployed exceptional mechanisms, including the Rapid Financing Instrument (RFI) and the Rapid Credit Facility (RCF), while also providing debt relief and liquidity through the allocation of Special Drawing Rights (SDRs). These measures effectively contributed to preserving a minimum level of financial and monetary stability, supporting public budgets, and maintaining social and health expenditures. However, they simultaneously resulted in higher levels of indebtedness and exposed structural vulnerabilities within Arab economies. The study concludes that the future relationship between the IMF and Arab states will depend on their ability to balance the benefits of international financial support with the imperative of strengthening domestic economic resilience. Moreover, the IMF is expected to further develop flexible and equitable instruments that integrate social justice and sustainable development considerations within its lending framework.

Keywords: International Monetary Fund (IMF), COVID-19 pandemic, Arab states, emergency financing, indebtedness, financial stability, social justice, sustainable development.


المقدمة:

شكل المؤسسات المالية الدولية محورًا رئيسيًا في ديناميات الاقتصاد العالمي، خاصة في سياق الأزمات المالية الكبرى التي شهدها العالم منذ عام 2008 وحتى 2024، وفي مقدمة هذه المؤسسات يبرز صندوق النقد الدولي كفاعل أساسي في إعادة هيكلة الاقتصادات الوطنية، من خلال ما يقدمه من قروض وبرامج إصلاح اقتصادي موجهة للدول التي تواجه تحديات مالية حادة. وقد تجلت هذه الأدوار بشكل واضح في المنطقة العربية التي عاشت تقلبات اقتصادية وسياسية واجتماعية عميقة خلال الفترة الممتدة بين الأزمة المالية العالمية عام 2008 وأزمة جائحة كوفيد-19 وتداعياتها المستمرة حتى عام 2024[1].

وقبل الخوض في ماهية تدخلات الصندوق الدولي، حري بنا تعريف الازمة التي تعتبر على أنها “اضطراب مفاجئ يطرا على التوازن في واحد من الأنشطة الاقتصادية أو في مجمل النشاط الاقتصادي في بلد ما أو عدة بلدان وتطلق بصورة عامة على الخلل الناشئ من اختلال التوازن بين العرض والطلب” بحسب الاقتصادي يوجين فارجا.

وقد يحل محل مصطلح “الأزمة “[2]في بعض الأحيان لدى الغربيين مصطلح “دوامة” وهو مصطلح أكثر تفاؤلا لتحرك خارج الازمة[3]، فالأزمة باختصار كل حدث مفاجئ غير متوقع الحدوث ألم في بنطاق بمعين أو كله وسبب اضطرابات عنيفة أيا كان مجال مصدرها وطالت مجالات أخرى. فأزمة كوفيد 19 أزمة صحية خلفت تداعيات اقتصادية ومالية واجتماعية، بل حتى نفسية جمة[4]، وحركت جل الفاعلين الدوليين الحكوميين وغيرهم من أجل التخفيف من حدة الازمة.

إن إدارة الأزمات تعد من أهم التحديات التي تواجه الحكومات والمؤسسات الدولية على حد سواء، إذ تفرض الأزمات الكبرى مثل الكوارث الطبيعية والأوبئة والحروب ضرورة اتخاذ قرارات عاجلة وتنسيق الجهود على المستوى العالمي للحد من آثارها الاقتصادية والاجتماعية. وتبرز هذه الأهمية بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بأزمات صحية عالمية مثل جائحة كوفيد-19 التي اجتاحت العالم سنة 2020 وتسببت في اضطرابات اقتصادية غير مسبوقة.

لقد أثرت هذه الجائحة بشكل حاد على اقتصادات الدول، مما أدى إلى توقف الأنشطة الاقتصادية في العديد من القطاعات وزيادة البطالة وتراجع مستويات الإنتاج. وإزاء هذه الظروف، كان لا بد من تدخل عاجل على المستوى الدولي لتقديم الدعم المالي والفني للدول المتضررة، ولعب صندوق النقد الدولي دوراً محورياً في هذا السياق[5].

لقد مثّلت جائحة كوفيد-19 اختبارًا حقيقيًا لقدرة المؤسسات الدولية على التعامل مع الأزمات العالمية الكبرى، وقد برز دور صندوق النقد الدولي بصفته أحد أهم الفاعلين الماليين على الساحة الدولية[6].

تنطلق هذه الورقة البحثية من إشكالية مركزية مفادها:

إلى أي حد أسهمت تدخلات صندوق النقد الدولي خلال جائحة كوفيد-19 في تمكين الدول العربية من مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وما الدروس والآفاق التي ترسمها هذه التجربة لمستقبل العلاقة بين الطرفين؟

وفي هذا السياق، سنتناول بالتحليل السؤال المنطلق، من بوابة محوريين رئيسيين، نفكك من خلالهما طبيعة تدخلات الصندوق خلال الجائحة، وتقييم آثارها الاقتصادية والاجتماعية (المحور الأول)، من ثم استشراف الآفاق المستقبلية لعلاقة الدول المغاربية والعربية مع هذه المؤسسة في ضوء الدروس المستخلصة (المحور الثاني).

المحور الأول: تدخلات صندوق النقد الدولي خلال جائحة كوفيد-19: الأبعاد المالية والاجتماعية

شهد العالم في عام 2020 أزمة غير مسبوقة تمثلت في جائحة كوفيد-19 التي تسببت في ركود اقتصادي عميق، مما استدعى تحركًا سريعًا وشاملاً من قبل صندوق النقد الدولي لدعم البلدان الأعضاء في مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية الناتجة عن الأزمة. وقد استخدم الصندوق طاقته الإقراضية الهائلة التي بلغت تريليون دولار أمريكي لمساعدة البلدان الأعضاء على تجاوز هذه المرحلة الحرجة[7].

قدم صندوق النقد الدولي مساعدات مالية بلغت أكثر من 100 مليار دولار منذ بداية الجائحة. وشملت هذه المساعدات القروض الطارئة الموجهة إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل من خلال أدوات مثل التسهيل الائتماني السريع (RCF) وأداة التمويل السريع (RFI). وقد تضمنت المساعدات أيضًا عمليات تخفيف أعباء الديون للبلدان منخفضة الدخل من خلال الصندوق الاستئماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون، وهي آلية تم تمديد العمل بها حتى أبريل 2021 لتلبية احتياجات البلدان الأكثر تضرراً من الأزمة[8].

في إطار الاستجابة للأزمة، ضاعف الصندوق القروض المقدمة بشروط ميسرة بمقدار عشرة أضعاف عن المستوى المعتاد في الظروف العادية. كما وافق المجلس التنفيذي للصندوق على مضاعفة حدود الاستفادة من الموارد الطارئة بشكل مؤقت لتسهيل حصول البلدان الأعضاء على التمويل الطارئ بشكل أسرع وأكثر كفاءة[9].

إلى جانب توفير التمويل المباشر، قام صندوق النقد الدولي بتعزيز الموارد المتاحة من برامج الإقراض القائمة مثل خط الائتمان المرن (FCL) وخط الوقاية والسيولة (PLL)، كما أنشأ خط السيولة قصيرة الأجل (SLL) لدعم البلدان التي تتمتع بأساسيات اقتصادية قوية، لكنها تحتاج إلى تمويل لتلبية احتياجات ميزان المدفوعات الناتجة عن الصدمات الخارجية[10].

أمام التداعيات غير المسبوقة لجائحة كوفيد-19، سارع صندوق النقد الدولي إلى تفعيل آليات إقراض طارئة ومراجعة شروط دعمه للدول الأعضاء بما يتناسب مع حجم الصدمة العالمية. وقد تنوعت تدخلات الصندوق بين دعم مالي مباشر، وتخفيف أعباء الديون، وتعزيز السيولة لضمان استقرار ميزان المدفوعات في الدول المتضررة. بناء على ذلك، سيتم في هذه الفقرة تناول تدخلات الصندوق خلال الأزمة (أولا)، ثم تحليل آثار هذه التدخلات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية (ثانيا).

أولا: تدخلات صندوق النقد الدولي خلال كوفيد-19

شهد صندوق النقد الدولي عددا من التغييرات والإصلاحات الهامة في مجال السياسة العامة في أعقاب الأزمة المالية العالمية لسنة 2008 وأبرزها أن الولايات المتحدة وافقت في ديسمبر 2015 على تشريعات طال انتظارها لزيادة تمثيل البلدان النامية في هيكل إدارة الصندوق، وقد أتاح التقدم الحيوي المحرز بشأن حصص الحصص في نهاية المطاف استئناف مناقشة أوسع نطاقا وأكثر انتقادا للدور الاستراتيجي لصندوق النقد الدولي في عالم ما بعد الأزمة[11].

ونهدف إلى استئناف المناقشة من خلال تقييم الإصلاحات والتغييرات الأخيرة، وتحديد المجالات التي لا تزال الحاجة تدعو إلى إحراز تقدم فيها، واقتراح حلول فيها خصوصا بعد جائحة كوفيد 19.

ولا تزال اقتصادات الأسواق الناشئة ممثلة تمثيلا ناقصا في الصندوق ولا تزال تنظر إلى صندوق النقد الدولي على أنه متحيز ضدها، مما يقوض تأثير مشورته، على الرغم من الزيادة في حصتها من الحصص والتغيرات التي طرأت لتحسين نوعية وكفاءة ونزاهة مراقبة صندوق النقد الدولي وإقراضه. وفي الاقتصادات المتقدمة، التي كان فيها الصندوق تقليدياً قليلاً من التأثير على السياسات الوطنية، تواجه المؤسسة تحدياً يتمثل في إدارة استقلاليتها والإبلاغ عنها في برامج يشارك فيها مساهمون كبار. ولهذا يجب القيام بإصلاحات ترمي إلى تحسين تمثيل البلدان، ومنح صندوق النقد الدولي استقلالا فعليا وتعزيز دوره المحفز[12].

شهدت فترة جائحة كوفيد-19 قيام صندوق النقد الدولي بتدخلات غير مسبوقة لدعم الدول الأعضاء، بما في ذلك الدول المغاربية والعربية. قام الصندوق بتوفير تمويل طارئ سريع لمساعدة تلك الدول على مواجهة الصدمة الاقتصادية الحادة الناجمة عن الجائحة، مع تخفيف الشروط المعتادة وتسريع صرف الأموال، وتركزت هذه التدخلات أساسًا في تقديم قروض عاجلة من خلال أدوات التمويل السريع والتسهيلات الائتمانية الطارئة، إلى جانب إجراءات أخرى كتخفيف أعباء خدمة الديون لبعض الدول منخفضة الدخل. الجدول التالي يلخص أبرز تدخلات الصندوق في دول المغرب العربي وبعض الدول العربية الأخرى خلال عام 2020 في ذروة الجائحة.

جدول تدخلات صندوق النقد الدولي المالية خلال جائحة كوفيد-19 في بعض الدول المغاربية والعربية

الدولة أداة التمويل من صندوق النقد الدولي تاريخ الموافقة قيمة التمويل (مليون دولار)
المغرب[13] خط الوقاية والسيولة (سحب كلي طارئ) 07 أبريل 2020 300
تونس[14] أداة التمويل السريع (قرض طارئ) 10 إبريل 2020 745
موريتانيا[15] التسهيل الائتماني السريع (قرض طارئ) 23 إبريل 2020 130
الجزائر – لم تطلب تمويلًا طارئًا –
ليبيا – لم تطلب تمويلًا طارئًا –
مصر[16] أداة التمويل السريع + اتفاق استعداد ائتماني مايو ويونيو 2020 280 + 520
الأردن[17] اتفاق تسهيل ممتد (برنامج 4 سنوات) 25 مارس 2020 926.37
مقال قد يهمك :   آليات إصلاح الإدارة المغربية

يتضح من خلال الجدول أعلاه أن المغرب سحب كامل خط الوقاية والسيولة المتاح له (والمقدر بحوالي 3 مليارات دولار) لمواجهة تداعيات الجائحة، في حين أن تونس حصلت على قرض طارئ 745 مليون دولار ضمن أداة التمويل، أما موريتانيا حصلت على 130 مليون دولار عبر التسهيل الائتماني السريع، في حين لم تطلب الجزائر ولا ليبيا تمويلًا طارئًا من الصندوق خلال الجائحة نظرًا لاعتمادهما على احتياطياتهما ومواردهما الذاتية. مصر حصلت على تمويل مزدوج لمواجهة الأزمة (حوالي 2.8 مليار دولار عبر أداة التمويل السريع في مايو 2020 ثم 5.2 مليار دولار ضمن اتفاق استعداد ائتماني في يونيو 2020، أما الأردن فأبرم برنامج تسهيل ممتد لأربع سنوات بحجم يناهز 1.3 مليار دولار تم إقراره تزامنًا مع بداية الجائحة.

إلى جانب تلك القروض المباشرة، وفر صندوق النقد الدولي أيضًا تخفيفًا لخدمة الديون عبر صندوق احتواء الكوارث والإغاثة (CCRT) الذي منح إعفاءً مؤقتًا من مدفوعات ديون مستحقة على 25 دولة منخفضة الدخل في أبريل 2020[18]، ومن بينها اليمن وجيبوتي من الدول العربية). كما ضخّ الصندوق سيولة إضافية غير مشروطة عبر أكبر تخصيص عام لحقوق السحب الخاصة (SDRs) في تاريخه في أغسطس 2021 بما يعادل 650 مليار دولار على المستوى العالمي، حصلت منه الدول العربية على حصص مهمة لتعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي (مثلاً بلغت حصة المغرب نحو 1.2 مليار دولار وحصة تونس حوالي 522 مليون دولار[19].

تجدر الإشارة إلى أن تدخلات الصندوق خلال الجائحة تميزت بسرعة التنفيذ وتخفيف مشروطية الإصلاح مقارنةً بالبرامج الاعتيادية، حيث ركزت بشكل أساسي على تلبية الاحتياجات العاجلة لتمويل العجز في الموازنات وميزان المدفوعات[20]، ودعم الانفاق على الرعاية الصحية وشبكات الأمان الاجتماعي مع توفير سيولة لتثبيت الاستقرار المالي الكلي، كما شجّع الصندوق الدول المقترضة على اعتماد أعلى درجات الشفافية في استخدام الأموال الطارئة الموجهة لمكافحة كوفيد-19 [21].

وقد التزمت الحكومات المستفيدة باتخاذ إجراءات حوكمة لضمان توجيه الموارد بشكل سليم، وتعهد بعضها (مثل تونس والمغرب) بإجراء عمليات تدقيق لاحقة في إنفاق أموال الطوارئ ونشر نتائجها لتعزيز المساءلة [22].

ثانيا: آثار التدخلات وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية

أثر فيروس كوفيد 19 بشكل كبير على الاقتصاد الدولي والاقتصاديات المحلية بوضعها امام وضع خطير وغير مسبوق على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والصحية، مما تطلب اللجوء الفوري والعاجل لوضع مجموعة من الخطط والبرامج والسياسات لحماية الاقتصاد العالمي والاقتصاديات الوطنية وكذا الافراد بغية تجاوز تداعيات كورونا كوفيد 19.

فقد أدت هذه الازمة العالمية الى الاضرار بالعديد من المجالات الحيوية سواء على مستوى التجارة الدولية وانخفاض أسعار الأصول المالية في الأسواق المالية وكذا تضرر القطاع السياح بالإضافة الى الانهيار الجسيم في أسعار النفط.

بيد أن مساعدات صندوق النقد الدولي أتاحت للدول المغاربية والعربية هامشًا ماليًا مهمًا للتخفيف من آثار الجائحة، لكنها في المقابل سلطت الضوء على تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة. فعلى الصعيد الاقتصادي، ساهمت قروض الصندوق وبرامجه في تمويل خطط التحفيز الوطنية وتغطية النفقات الصحية العاجلة، مما خفف نسبيًا من حدة الانكماش الاقتصادي المتوقع. ومع ذلك، لم تمنع هذه التدخلات حدوث ركود عميق في معظم الدول المستفيدة عام 2020. فقد انكمش الاقتصاد التونسي بنسبة غير مسبوقة بلغت حوالي 8.2% في 2020 – وهو أشد ركود تشهده تونس منذ الاستقلال[23].

بينما انكمش اقتصاد المغرب بحوالي 6.3% وفق بيانات المندوبية السامية للتخطيط[24]، والجزائر بحوالي 5.5% بحسب تقديرات صندوق النقد[25]، كما شهدت اقتصادات أخرى تقلصات حادة (مثلاً قدر الانكماش بحوالي 20-30% في حالة الاقتصاد اللبناني الذي عانى أزمة حادة دون برنامج مع الصندوق خلال تلك الفترة). أما مصر فكانت استثناءً نسبيًا، حيث تمكنت بفضل الدعم الدولي وتدابير التحفيز السريعة من تجنب الركود محققة نموًا طفيفًا يقارب 3.6% في السنة المالية 2019/2020، الأمر الذي عكس جزئيًا أثر التمويل المقدم من الصندوق للحفاظ على استقرار الاقتصاد المصري.

من جهة أخرى، كان لهذه الجائحة وتدخلات الصندوق المصاحبة أثر واضح على أوضاع المالية العامة ومديونية الدول المعنية. إذ ارتفعت مستويات الدين العام إلى نسب مقلقة في كثير من البلدان نتيجة انخفاض الإيرادات وازدياد الحاجة إلى الاقتراض لتمويل خطط الإغاثة. على سبيل المثال، قفز الدين العمومي لتونس من نحو 72% من الناتج المحلي الإجمالي قبل الجائحة إلى حوالي 87% في 2020، مع توسع كبير في عجز الموازنة (بلغ 11.5% من الناتج حسب تقديرات صندوق النقد.

وفي المغرب ارتفعت نسبة الدين من حوالي 66% من الناتج في 2019 إلى قرابة 77% في 2020 ()، مما دفع وكالات التصنيف الائتماني إلى التحذير من مخاطر على الاستدامة المالية للمملكة، حتى الدول النفطية كالجزائر – رغم عدم لجوئها للاقتراض من الصندوق – شهدت تدهورًا في مؤشراتها المالية، حيث زاد الدين الحكومي من حوالي 46% إلى 57% من الناتج خلال عام الجائحة نتيجة انخفاض عائدات النفط وتكاليف مواجهة الجائحة. ويوضح الرسم البياني التالي الارتفاع الحاد في نسب الدين العام في بعض بلدان المغرب العربي بين عامي 2019 و2020:

ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في بعض دول المغرب العربي

 

المصدر: مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، “تراكم الأزمة: التوترات الحالية والسيناريوهات المستقبلية لتونس”،

https://carnegieendowment.org/research/2024/01/the-buildup-to-a-crisis-current-tensions-and-future-scenarios-for-tunisia?lang=ar&center=middle-east

يظهر الرسم ارتفاعًا كبيرًا في مديونية كل من المغرب وتونس والجزائر جراء تداعيات أزمة كوفيد-19، حيث أدى الانكماش الاقتصادي وزيادة الإنفاق العام الطارئ إلى تفاقم نسب الدين الحكومي كنسبة من الناتج.

من الناحية الاجتماعية، تسببت صدمة كوفيد-19 وما صاحبها من إجراءات إغلاق في آثار سلبية مباشرة على سوق العمل ومستويات المعيشة، وقد سعت تدخلات صندوق النقد إلى تخفيف تلك الآثار عبر تمويل شبكات الأمان ودعم الإنفاق الاجتماعي الطارئ. فعلى سبيل المثال، اشتراطات الصندوق للقروض الطارئة شجّعت الحكومات على توسيع التحويلات النقدية للأسر الفقيرة ودعم العمال المتضررين من الإغلاقات [26].

كما سمح الصندوق ضمن برامج التمويل المرنة (مثل برنامج الأردن) بإعادة تخصيص البنود المالية لتعزيز الإنفاق الصحي والاجتماعي خلال الأزمة[27].

وبالرغم من ذلك، ارتفعت معدلات البطالة في معظم الدول العربية خلال 2020 إلى مستويات عالية. ففي تونس ارتفع معدل البطالة إلى 16.2% بنهاية 2020 (مقارنة بنحو 14% قبيل الجائحة[28]، مع وقوع شريحة إضافية من السكان تحت خط الفقر (ارتفعت نسبة الفقر من 14% إلى أكثر من 20% [29]بسبب فقدان الكثيرين لمصادر دخلهم ولا سيما في القطاعات الخدمية. وفي المغرب ارتفع معدل البطالة من نحو 9% قبل الأزمة إلى حوالي 12.5% في 2020، بالرغم من الإجراءات الواسعة التي اتخذتها الحكومة بدعم مالي جزئي من قروض الصندوق لتخفيف أثر الركود على الشركات والأسر. وقد نجم عن ذلك ضغوط اجتماعية متزايدة على الحكومات، حيث برزت مطالبات بتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية وتوسيع الخدمات العامة الأساسية مثل الصحة والتعليم للتعامل مع تبعات الجائحة.

وعلى صعيد الاستقرار المالي والنقدي، ساعدت تدخلات الصندوق الطارئة في تفادي أزمات أشد خطورة في ميزان المدفوعات واحتياطيات النقد الأجنبي. فالدول التي حصلت على دعم الصندوق تمكنت عمومًا من الحفاظ على حد أدنى من الاحتياطيات لتعويض التراجع في عائدات التصدير والسياحة خلال فترة الإغلاق[30].

على سبيل المثال، ساعدت موارد خط الوقاية والسيولة التي سحبها المغرب على إبقاء الاحتياطيات الأجنبية في مستوى مريح (أكثر من 7 أشهر من الواردات) مما جنب البلاد ضغوطًا حادة على سعر الصرف [31].

كذلك الأمر في تونس وموريتانيا حيث وفر التمويل الطارئ هوامش أمان لتغطية الواردات الأساسية خلال ذروة لكن في المقابل، أدت زيادة الاعتماد على الاقتراض إلى ارتفاع أعباء خدمة الدين مستقبلاً، وظهرت بوادر اضطراب في بعض الدول مع تخفيض التصنيفات الائتمانية (كما حدث في تونس التي خُفِّض تصنيفها السيادي مع تفاقم عجز الموازنة في 2021[32].

بوجه عام، ورغم مساهمة تدخلات الصندوق في تعزيز الاستقرار المؤقت، فإنها كشفت عن الهشاشة المالية الكامنة في العديد من الاقتصادات العربية، والتي تفاقمت تحت وطأة الجائحة.

المحور الثاني: مستقبل صندوق النقد الدولي بين أزمة 2008 وجائحة كوفيد-19

يتطلع صندوق النقد الدولي وبعد أن حصل على مساندة دول مجموعة العشرين للقيام بدور أكثر فعالية داخل النظام المالي الدولي، حيث طالبته هذه المجموعة بتفعيل دوره في مراقبة القطاعات المالية الدولية، كما سعت عبر تزويده بموارد مالية إضافية إلى توفير كل الشروط التي تسمح للصندوق بأداء جيد لدور المقرض الأخير على الساحة الدولية، كما يمكن القول بأن مستقبل الصندوق سيتأثر لا محالة بمدى تنفيذ التوصيات التي تبنتها مجموعة العشرين بعد الأزمة وكذلك بمدى تطور ظاهرة العولمة المالية[33].

ولقد شهد صندوق النقد الدولي تحولات جذرية في دوره ووظائفه منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008 وحتى الاستجابة لجائحة كوفيد-19. هذه التحولات جاءت في سياق مراجعات واسعة لنظام الحوكمة المالية العالمي وإصلاحات داخلية في هيكل وعمل الصندوق[34].

إذ سننكب على استشراف آفاق التعاون المستقبلي مع الدول المغاربية والعربية في ضوء تجربة الجائحة (أولا).

ويختتم التحليل بتقييم عام لفعالية الصندوق في ظل الأزمات المتلاحقة، وصدقية طموحه في لعب دور المنسق الدولي الأساسي لتحقيق الاستقرار المالي (ثانيا).

أولا: الآفاق المستقبلية للتعامل مع الصندوق بعد تجربة كوفيد-19

تفرض تجربة جائحة كوفيد-19 ودروسها واقعًا جديدًا على علاقة الدول العربية بصندوق النقد الدولي في المستقبل المنظور. فعلى المدى القريب، من المرجح أن تستمر العديد من الدول في الاستعانة بدعم الصندوق أو على الأقل البقاء تحت مظلته الاحترازية لتأمين استقرار الاقتصاد الكلي في وجه صدمات محتملة جديدة. وقد بدأ بالفعل بعض الدول اتخاذ خطوات استباقية في هذا الصدد؛ فالمغرب مثلًا، بعد نجاحه في الاستفادة من خط الوقاية والسيولة أثناء الجائحة، حصل في عام 2023 على خط ائتمان مرن جديد من الصندوق بحجم 5 مليارات دولار لتعزيز مناعته المالية ضد الأزمات[35].

مقال قد يهمك :   ASSADI Fatima: L’administration marocaine à l’ère du numérique : Enjeux et perspectives

كما توصلت الأردن ومصر إلى اتفاقيات برامج جديدة مع الصندوق بعد الجائحة بهدف دعم التعافي الاقتصادي وضبط أوضاع المالية العامة التي تأزمت بفعل الأزمة الصحية وما تلاها.

في المقابل، تواجه دول أخرى تحديات داخلية تعقّد تعاونها المستقبلي مع الصندوق. تُعدّ تونس المثال الأبرز، فبرغم حاجتها الماسّة لبرنامج إصلاحي جديد مدعوم من صندوق النقد لضمان تمويل عجز الموازنة والديون المستحقة، إلا أنها تواجه عقبات سياسية واجتماعية أمام تنفيذ شروط الإصلاح الهيكلي التي يطالب بها الصندوق[36].

فقد أدى تراكم الدين وارتفاع فاتورة الأجور ودعم السلع الأساسية إلى وضع مالي حرج، ولكن أي خفض كبير للإنفاق العام أو إصلاحات تؤثر على شرائح واسعة (مثل تحرير أسعار المواد المدعومة أو إعادة هيكلة الشركات الحكومية) يواجه معارضة شديدة ويُنذر باضطرابات اجتماعية. ويجد صانعو القرار أنفسهم أمام معضلة صعبة: إما المضي في إصلاحات اقتصادية عميقة بالتعاون مع الصندوق وما قد يرافقها من تبعات اجتماعية مؤلمة على المدى القصير، أو التراجع عنها بما قد يُدخل البلاد في دوامة عدم الاستقرار المالي وربما العجز عن سداد الديون [37].

هذه المعضلة تعكس درسًا مهمًا من تجربة الجائحة مفاده أن الاستقرار الاقتصادي قصير الأجل الذي تؤمنه قروض الصندوق يجب أن يُستتبع بإصلاحات بنيوية تضمن الاستدامة على المدى البعيد – وهو ما أكدت عليه تصريحات الصندوق نفسه حيث شدد على ضرورة استئناف الضبط المالي حالما تنحسر الأزمة الصحية.

من جانب آخر، قد تدفع تجربة كوفيد-19 الدول العربية إلى البحث عن بدائل مكملة لدعم الصمود الاقتصادي مستقبلًا، مثل تعزيز التكامل المالي الإقليمي وتفعيل آليات الدعم العربي البيني. فقد لوحظ خلال الجائحة قيام دول مجلس التعاون الخليجي مثلًا بتقديم مساعدات ثنائية لدول عربية متضررة (سواء بشكل مباشر أو عبر صناديق عربية)، مما يشير إلى إمكانية بناء شبكات أمان مالي إقليمية تخفف من الأزمات المقبلة. ورغم ذلك، يظل الصندوق الجهة الدولية الأبرز لدعم الدول خلال الأزمات الكبرى، خاصة مع امتلاكه موارد ضخمة وخبرة تقنية لا بديل عنها في الوقت الراهن.

على صعيد سياسات الصندوق ذاته، أظهرت الجائحة اتجاهًا لدى صندوق النقد نحو قدر أكبر من المرونة والتركيز على الجوانب الاجتماعية في برامجه. فقد صرحت الإدارة العليا للصندوق بأن الاستجابة لأزمة كورونا اتسمت بـ«سرعة وحجم غير مسبوقين» في تقديم المساعدات[38]، وتم إدماج بنود لحماية الإنفاق الاجتماعي والصحي ضمن البرامج الموقعة مع الدول المتضررة[39]، ويتوقع أن يستمر هذا النهج في المستقبل، بحيث يراعي الصندوق تداعيات الإصلاحات الاقتصادية على الفئات الهشة ويوازن بين أهداف الاستقرار المالي ومتطلبات التنمية الشاملة. فالتجربة أثبتت أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي لا ينفصل عن الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. وبالتالي من المرجح أن تركز برامج الصندوق المقبلة في الدول العربية على إصلاح الماليّات العامة بطريقة تدريجية تراعي حماية شبكات الأمان الاجتماعي وتعزيز الإيرادات بشكل عادل (مثلاً عبر مكافحة التهرب الضريبي وتوسيع القواعد الضريبية بدلاً من الاقتطاع المفاجئ من الإنفاق الاجتماعي).

وفي الختام، يمكن القول إن تدخلات صندوق النقد الدولي خلال جائحة كوفيد-19 تركت تأثيرات مزدوجة على الدول المغاربية والعربية. فمن جهة، وفرت تلك التدخلات شريان حياة ماليًا مكّن العديد من الدول من الصمود أمام أسوأ أزمة اقتصادية عالمية في العصر الحديث، وساهمت في تخفيف حدة الانكماش الاقتصادي والحفاظ على قدر من الاستقرار النقدي والمالي[40].

ومن جهة أخرى، أدت إلى زيادة المديونية وكشفت مواطن ضعف هيكلية في اقتصادات هذه الدول تتطلب معالجتها إصلاحات عميقة قد تكون مؤلمة لكنها ضرورية. لذا فإن الآفاق المستقبلية للعلاقة بين الدول العربية والصندوق ستعتمد إلى حد كبير على كيفية توازن هذه الدول بين الاستفادة من دعم الصندوق وضمان عدم الدخول في دوامة مديونية لا يمكن تحملها[41].

ويتعين على الدول المعنية استخلاص دروس الجائحة لتعزيز مناعتها الاقتصادية، سواء عبر بناء هوامش أمان أكبر في أوقات الرخاء أو تنويع اقتصاداتها وزيادة التعاون الإقليمي، بحيث تصبح أقل اعتمادًا على التمويل الخارجي في الأزمات. وفي الوقت نفسه، يُنتظر من صندوق النقد الدولي الاستمرار في تطوير أدواته لتكون أكثر مرونة وإنصافًا، آخذاً في الاعتبار خصوصيات المنطقة وضرورة تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تراعي العدالة الاجتماعية ضمن إطار الاستقرار المالي. فالشراكة المستندة إلى هذه الرؤية المتوازنة هي ما سيجعل تدخلات الصندوق مستقبلًا أكثر فعالية وقبولًا من جانب المجتمعات العربية وحكوماتها على حد سواء.

ثانيا: دور صندوق النقد الدولي في مواجهة جائحة كوفيد-19

مثّلت جائحة كوفيد-19 في عام 2020 صدمة عالمية غير مسبوقة من حيث اتساعها وتزامنها بين الدول، مما تطلب استجابة استثنائية من صندوق النقد الدولي لمساندة الدول الأعضاء، لاسيما الأكثر هشاشة. أظهر الصندوق خلال هذه الأزمة مرونة غير معهودة وسرعة في توفير الدعم المالي والتقني، متجاوزًا إلى حد كبير نهجه التقليدي في المشروطية التقشفية. أعلن الصندوق منذ الأسابيع الأولى للجائحة أنه “مستعد لاستخدام تريليون دولار من قدرته الإقراضية” لدعم البلدان المحتاجة، واعتمد إجراءات عاجلة لتبسيط وتسريع منح القروض الطارئة. وبالفعل، تمت الموافقة على تمويلات طارئة لقرابة 80 دولة في وقت قياسي خلال عام 2020، وهو حجم وانتشار في الإقراض لم يشهد له تاريخ الصندوق مثيلًا[42].

 تضمنت هذه المساعدات استخدام “أداة التمويل السريع” (RFI) و”التسهيل الائتماني السريع” (RCF) التي توفر تمويلًا عاجلًا بدون شروط تقليدية، وقد قام الصندوق بمضاعفة حدود السحب من هذه الأدوات لمواجهة حجم الطلب الاستثنائي[43].

كما قدم الصندوق دعمًا فنيًا ونصائح سياساتية للدول حول كيفية إدارة الصدمة الاقتصادية الناجمة عن إجراءات الإغلاق وتداعي الإيرادات.

اتسمت استجابة الصندوق لكوفيد-19 بتركيز واضح على البعد الإنساني والاجتماعي للأزمة، على خلاف ما عُهد عنه في أزمات سابقة. فعوضًا عن الدعوة المبكرة لضبط الأوضاع المالية، شجّع الصندوق الحكومات على “الإنفاق بما يلزم لمكافحة الجائحة”، مع الحفاظ على فواتير ونظم موثوقة. كما أولى أولوية لحماية الإنفاق الصحي وشبكات الأمان الاجتماعي ضمن برامجه ونصائحه، وأصبح يشترط في بعض الاتفاقيات الحفاظ على حد أدنى من الإنفاق الاجتماعي والصحي حمايةً للفئات الضعيفة. أظهرت دراسات مستقلة أن الصندوق خفف كثيرًا من لهجته التقشفية المعتادة خلال الجائحة، وموّل برامج لا تقترن بتخفيضات حادة في الموازنة، بل على العكس سمح بزيادة العجز مؤقتًا لتمويل احتياجات مكافحة الفيروس ودعم الفقراء[44].

ونتيجة لهذا التغيير، اعتُبر تعامل الصندوق مع أزمة كوفيد-19 الأفضل نسبيًا من حيث مراعاة الجوانب الاجتماعية، مقارنةً بتجارب الصندوق في عقود ماضية حيث ارتبطت برامجه بآثار اجتماعية سلبية كخفض الإنفاق الصحي وارتفاع عدم المساواة[45]، ومع ذلك، حذّر مراقبون من بوادر عودة نزعة التقشف مع بدء التعافي، إذ بدأت بعض خطابات الصندوق أواخر 2020 تُلمّح إلى ضرورة معالجة ارتفاع الديون وعجز الموازنات فور انحسار الأزمة الصحية، مما أثار مخاوف من انتكاس التوجه “المرن” الذي تبناه الصندوق في بداية الجائحة [46].

إلى جانب القروض الطارئة، اتخذ الصندوق خطوات تكاملية للتخفيف عن الدول الأكثر فقرًا وهشاشة. فقد فعّل “صندوق احتواء الكوارث والإغاثة” (CCRT) الذي قدم مِنَحًا لتخفيف عبء خدمة الدين المستحق للصندوق على 29 من الدول الأشد فقرًا، مما أتاح لها مجالًا ماليًا لتوجيه مواردها المحدودة نحو الإنفاق الصحي والطارئ [47]، كذلك أيد الصندوق ودعم مبادرة تجميد مدفوعات خدمة الديون الرسمية (مبادرة مجموعة العشرين) التي علّقت مؤقتًا مدفوعات الدين الثنائي عن الدول منخفضة الدخل خلال 2020. وعلى صعيد توفير السيولة العالمية، نجح الصندوق في أغسطس 2021 في إقرار أكبر توزيع لمخصصات حقوق السحب الخاصة في تاريخه بقيمة تعادل 650 مليار دولار، بغرض تعزيز احتياطيات الدول الأعضاء لا سيما النامية منها، ومنحها “دفعة قوية” لمواجهة تداعيات الجائحة[48].

هذا التخصيص الضخم عزز السيولة لدى البلدان التي تعاني شح العملات الأجنبية دون أن يثقل كاهلها بمزيد من الديون، وشكل اختبارًا مهمًا لقدرة الصندوق على تعبئة أدوات نقدية عالمية خارج إطار الإقراض التقليدي.

رغم سرعة وحجم تحرك الصندوق خلال جائحة كوفيد-19، واجهت استجابته عددًا من العوائق البنيوية والسياسية. أولها كان محدودية الموارد المتاحة فورًا: فعلى الرغم من الإعلان عن تريليون دولار، كانت القدرة الفعلية للصندوق تعتمد على مساهمات أعضائه؛ وفي بداية الأزمة تلكأت بعض القوى الكبرى في دعم مبادرات زيادة الموارد. فعلى سبيل المثال، طرح الصندوق في 2020 فكرة تخصيص جديد كبير لحقوق السحب الخاصة لدعم السيولة العالمية، لكن الخلافات السياسية (خصوصًا موقف الولايات المتحدة آنذاك) أخّرت إقرار هذا التحرك حتى عام 2021.

قام الصندوق بدعم للدول المتضررة تفاوت بحسب قدرتها على الاستفادة من أدواته: فالدول ذات التصنيف الائتماني الجيد استطاعت الاستفادة من خطوط الائتمان المرنة أو التمويل الطارئ السخي، بينما وجدت الدول الهشة جدًا أو تلك التي تعاني من أعباء ديون مستحقة للقطاع الخاص نفسها أمام حاجة إلى إجراءات أشمل (كإعادة هيكلة ديونها) تتجاوز صلاحيات الصندوق المباشرة. وقد دعا الصندوق مرارًا الدائنين الدوليين إلى تخفيف أعباء الديون عن البلدان الفقيرة والمتوسطة المتضررة من الجائحة، إلا أن التقدم في هذا الملف كان بطيئًا خارج إطار مبادرات رسمية محدودة. أما داخليًا، فقد واجه الصندوق التحدي المتمثل في الحفاظ على التوازن بين تلبية احتياجات الإنقاذ العاجلة وبين صون انضباط السياسات على المدى الأطول.

ومع بدء التعافي النسبي، وجد الصندوق نفسه مضطرًا للعودة إلى نصح بعض الدول بخفض العجز واحتواء المديونية لضمان الاستقرار المالي، ما وضعه أمام معضلة الموازنة بين دوره “الإنقاذي” قصير الأجل ودوره التقليدي في ضمان استدامة أوضاع المالية العامة.

على صعيد إدماج البعد التنموي والاجتماعي، مثلت أزمة كوفيد-19 حافزًا للصندوق لتعزيز اهتمامه بهذه الجوانب في برامجه. فإضافة إلى ما سبق من اشتراط حماية الإنفاق الاجتماعي، أطلق الصندوق في 2021 “صندوق الصلابة والاستدامة” (RST) الذي يهدف إلى توفير تمويل ميسر طويل الأجل لدعم الدول منخفضة ومتوسطة الدخل في مواجهة تحديات هيكلية تمتد آثارها للتنمية والاستقرار (مثل تغير المناخ وتعزيز نظم الصحة العامة). هذا التوجه الجديد يعكس إدراك الصندوق بأن الاستقرار المالي الكلي يرتبط بالتحصين ضد أخطار تنموية واجتماعية. ومع ذلك، يبقى تأثير هذه الخطوات مرهونًا بمدى ما سيتوفر لهذا الصندوق الجديد من موارد عبر إعادة توزيع حقوق السحب الخاصة من الدول الغنية، وبارتقاء قدرات الصندوق التقنية في مجالات كانت تقليديًا خارج اختصاصه الأساسي كقضايا المناخ والتنمية طويلة الأمد.

مقال قد يهمك :   خالد لعوان : التوجهات الكبرى للقانون رقم 49.16 المتعلق بالكراء التجاري أو الصناعي أو الحرفي

في ضوء ما سبق، يتبين أن صندوق النقد الدولي تمكن إلى حد كبير من إعادة ابتكار دوره بعد أزمة 2008 ومن تعزيز مكانته كركن أساسي في بنية الاستقرار المالي العالمي. فقد انتقل الصندوق من مرحلة ما قبل 2008 التي اتسمت بتراجع دوره وتقييد موارده، إلى مرحلة جديدة بات فيها أكثر استعدادًا واستباقية في مواجهة الأزمات المالية. وعند اختبار فاعليته في أزمات متلاحقة – الأزمة العالمية 2008-2009، أزمة ديون منطقة اليورو، وأخيرًا جائحة كوفيد-19 – نجد أنه نجح في اجتياز العديد من الاختبارات عبر توفير التمويل العاجل والنصح السياساتي والتنسيق العالمي. كانت استجابته القوية والسريعة لجائحة كوفيد-19 خاصة محل إشادة نسبية، إذ أظهر مرونة غير معتادة وميلًا لتركيز السياسات على الجوانب الإنسانية والاجتماعية خلال أسوأ مراحل الأزمة.

في الختام لقد سلط هذا الفصل الضوء على تدخلات الصندوق خلال كوفيد-19 في الدول العربية، من حيث طبيعتها، وأهدافها، وأثرها، مع استشراف مستقبل العلاقة بين هذه الدول والمؤسسة المالية الدولية في عالم يتجه نحو مزيد من التعقيد واللايقين.

الخاتمة:

قال هيغل: “البومة لا تطير إلا عند الغسق”، أي أن الوعي لا يتجلى إلا عند نهاية التجربة.

هذا المعنى العميق يصلح لتأطير ما كشفته جائحة كوفيد-19 عن صندوق النقد الدولي؛ فقد أبرزت الأزمة في لحظاتها القاسية حقيقة الدور الذي يؤديه الصندوق، وفي الوقت ذاته عرت حدود فعاليته وتناقضات نهجه.

لقد اثبتت تدخلات الصندوق في العالم العربي اثناء الجائحة انها كانت ضرورة لا غنى عنها، فقد حالت دون انهيارات مالية مدمرة، ومكنت الحكومات من الحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار النقدي والمالي. ساعدت موارده العاجلة على تمويل النفقات الصحية الطارئة ودعم ميزانيات هشة، ما وفر اكسيجين اقتصادي حال دون اتساع دوامة الفوضى.

غير ان هذه المساعدات لم تخل من ثمن باهظ. اذ ترافق الدعم المالي مع زيادة ملموسة في المديونية وارتفاع مستويات الاعتماد على التمويل الخارجي، وهو ما يهدد مستقبل استقلال القرار الاقتصادي للدول، ويضعها امام استحقاقات صعبة تتعلق باستدامة الدين وقدرتها على حماية سيادتها المالية.

كما ان الشروط المخففة التي اعتمدها الصندوق خلال الازمة تبقى ظرفية. فبمجرد استقرار الاسواق، ستعود الدعوات الى تبني اصلاحات تقشفية واجراءات مالية قاسية، وهو ما يعيد النقاش القديم حول التوازن بين الاستقرار المالي قصير الامد والتنمية الاجتماعية العادلة طويلة الامد.

من هنا، يمكن القول ان الجائحة مثلت جرس انذار مزدوجا: بالنسبة للصندوق، فقد ابرزت الحاجة الى مراجعة فلسفة المشروطية التقليدية وربط الاستقرار بالبعد الاجتماعي والانساني. وبالنسبة للدول العربية، فقد اظهرت التجربة ان الاستعانة بالدعم الخارجي لا يمكن ان تكون بديلا عن بناء مناعة اقتصادية داخلية، قائمة على الحوكمة الرشيدة واصلاح المالية العامة وتعزيز العدالة الضريبية.

ان الشراكة المستقبلية بين الصندوق والدول العربية لن تكون مثمرة ما لم تبن على توازن واضح: توازن بين الدعم الدولي العاجل وبين المسؤولية الوطنية في الاصلاح، وتوازن بين هدف ضبط الحسابات العمومية وبين متطلبات التنمية المستدامة التي تلامس حياة المواطنين.

اذا استحضرت دروس الازمة وترجمت الى سياسات عملية، فقد يشكل ذلك بداية لعلاقة أكثر نضجا بين الجانبين، علاقة قوامها الاستفادة من ادوات الصندوق دون الارتهان لها، وتحويل تدخله من مسكنات ظرفية الى رافعة استراتيجية لبناء اقتصادات عربية أكثر مناعة وقدرة على الصمود امام صدمات المستقبل.


الهوامش:

[1] -عبد المجيد، مصطفى. الأزمات المالية العالمية وتأثيرها على الاقتصادات العربية. مجلة الدراسات الاقتصادية العربية، المجلد 15، العدد 2، 2023، الصفحات 12.

[2]– فالح نغميش مطر الزبيدي ونسرين مصطو شرفاني، الازمة المالية الراهنة ولجوء العراق إلى صندوق النقد الدولي: الآثار والبدائل مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية 2008، ص 3.

[3]– المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[4]– باسل علد الهادي صوفان، تأثير كوفيد 19 على الصحة النفسية في سوريا مقارنة بعينة من البلاد العربية دراية متغيرات القلق قبل اندلاع جائحة كوفيد 19 وفي ظل وجودها. بوابة كيوساينس، 30 أبريل، 2021، ص42.

[5]– دربال، رقية، “صندوق النقد الدولي ودوره في علاج الأزمات الاقتصادية: أزمة فيروس كورونا سنة 2020 م. نموذجا”، مجلة جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، المجلد 36، العدد 3، 2022، ص308.

[6]– بن سعيد، ليلى. “صندوق النقد الدولي والإصلاحات الاقتصادية: دراسة مقارنة بين تونس ومصر.” أطروحة دكتوراه، جامعة تونس، 2019 -2020، ص401.

[7]– معيوف، هدى، “دور صندوق النقد الدولي في مساعدة دول الربيع العربي”، مجلة دراسات اقتصادية، المجلد 16، العدد 1، 2022، ص255.

[8]– المرجع نفسه، ص256.

[9]– دربال، رقية، “صندوق النقد الدولي ودوره في علاج الأزمات الاقتصادية: أزمة فيروس كورونا سنة 2020 م. نموذجا”، مرجع سابق، ص 310.

[10]– زهرو، رضوان. “المغرب صندوق النقد الدولي ورهانات الإصلاح الاقتصادي.” مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 63-64، 2024، ص7.

[11]– علي، أكرم نعمة، “انعكاسات صندوق النقد الدولي على الأزمة المالية العالمية.” مجلة مركز دراسات الكوفة، العدد 65، 2022، ص213.

[12]– Kurger, mark; Lavigne, Robert; Mckay, Julie. The role of the international Monetary Fund in the post-crisis world, Bank of Canada staff discussion Paper, No. 2016-6.

[13]– صندوق النقد الدولي، “المغرب يسحب الأموال المتاحة بموجب خط الوقاية والسيولة لمواجهة جائحة كوفيد-19″، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/04/08/pr20138-morocco-draws-funds-available-under-precautionary-liquidity-line-covid19-pandemic

[14]– صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين يوافق على صرف 745 مليون دولار أمريكي لتونس لمواجهة جائحة كوفيد-19″، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/04/10/pr20144-tunisia-imf-executive-board-approves-a-us-745m-disbursement-address-covid19-pandemic

[15]– صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين يوافق على صرف مخصصات لموريتانيا لمواجهة جائحة كوفيد-19″، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/04/23/pr20186-mauritania-imf-executive-board-approves-disbursement-to-address-covid-19

[16]– صندوق النقد الدولي، “مصر تتبنى نهجاً استباقياً للحد من تداعيات الجائحة”، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

https://www.imf.org/en/News/Articles/2020/07/09/na070920-egypt-takes-proactive-approach-to-limit-the-pandemics-fallout

[17]– صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي يستكمل المراجعة الأولى في إطار البرنامج المدعوم مع الأردن”، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

https://www.imf.org/en/News/Articles/2020/12/15/pr20375-jordan-imf-executive-board-concludes-first-review-under-jordans-eff

[18]– مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، “تراكم الأزمة: التوترات الحالية والسيناريوهات المستقبلية لتونس”، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

https://carnegieendowment.org/research/2024/01/the-buildup-to-a-crisis-current-tensions-and-future-scenarios-for-tunisia?lang=ar&center=middle-east

[19]– صندوق النقد الدولي، “تتبع قروض صندوق النقد الدولي المتعلقة بجائحة كوفيد-19″، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

https://www.imf.org/en/Topics/imf-and-covid19/COVID-Lending-Tracker

[20]– الشرق الأوسط، “انكماش اقتصاد المغرب بنسبة 6.3% في عام 2020″، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

https://english.aawsat.com/home/article/3015946/morocco%E2%80%99s-economy-dips-63-2020

[21]– صندوق النقد الدولي، “تتبع قروض صندوق النقد الدولي المتعلقة بجائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[22]– مؤسسة فريدريش إيبرت – مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، “ميزانية الكرامة لتونس”، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

https://mena.fes.de/topics/economic-policies-for-social-justice/the-dignity-budget-for-tunisia-1.html

[23]– صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين يوافق على صرف 745 مليون دولار أمريكي لتونس لمواجهة جائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[24]– صندوق النقد الدولي، “المغرب يسحب الأموال المتاحة بموجب خط الوقاية والسيولة لمواجهة جائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[25]– مؤسسة بروكينغز، “يجب على الجزائر إعطاء الأولوية للتغيير الاقتصادي وسط جائحة كوفيد-19 والأزمة السياسية”، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025:

Algeria must prioritize economic change amidst COVID-19 and political crisis

[26]– صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين يوافق على صرف 745 مليون دولار أمريكي لتونس لمواجهة جائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[27]– صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي يستكمل المراجعة الأولى في إطار البرنامج المدعوم مع الأردن”، مرجع سابق.

[28]– مؤسسة فريدريش إيبرت – مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، “ميزانية الكرامة لتونس”، تاريخ الاطلاع: 02 مارس 2025،

https://mena.fes.de/topics/economic-policies-for-social-justice/the-dignity-budget-for-tunisia-1.html

[29]– المرجع نفسه.

[30]– صندوق النقد الدولي، “المغرب يسحب الأموال المتاحة بموجب خط الوقاية والسيولة لمواجهة جائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[31]– صندوق النقد الدولي، “المغرب يسحب الأموال المتاحة بموجب خط الوقاية والسيولة لمواجهة جائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[32]– للاستزادة حول النسب، راجع:

  • صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين يوافق على صرف 745 مليون دولار أمريكي لتونس لمواجهة جائحة كوفيد-19.
  • صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين يوافق على صرف مخصصات لموريتانيا لمواجهة جائحة كوفيد-19.

[33] -David Held et Kevin Young, Réformer la gouvernance financière globale, Politique Revue de débats, N°60, Juin 2009.

[34] -Jacques Riboud, La monnaie réelle, Edition le Harmattan, Paris, 2008, p.p.331.332

[35]-صندوق النقد الدولي، “استجابة صندوق النقد الدولي لجائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[36]-صندوق النقد الدولي، “استجابة صندوق النقد الدولي لجائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[37]– المرجع نفسه.

[38]– صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي يستكمل المراجعة الأولى في إطار البرنامج المدعوم مع الأردن”، مرجع سابق.

[39]-صندوق النقد الدولي، “المغرب يسحب الأموال المتاحة بموجب خط الوقاية والسيولة لمواجهة جائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[40]– صندوق النقد الدولي، “مجلس المديرين التنفيذيين يوافق على صرف 745 مليون دولار أمريكي لتونس لمواجهة جائحة كوفيد-19″، مرجع سابق.

[41]– أبو ضاوية عبد الله ضو، صندوق النقد الدولي وتمويل الأزمات: أزمة كوفيد 19 نموذجا، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، العدد 56 2024، ص 328.

[42]-أندريا شلال. “مديرة صندوق النقد الدولي: توزيع 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة دفعة قوية للاقتصاد العالمي”، وكالة رويترز، 23 أغسطس 2021، تاريخ الاطلاع: 17 أبريل 2025:

https://www.reuters.com/world/imfs-650-bln-sdr-allocation-shot-arm-global-economy-georgieva-2021-08-23

[43]– أندريا شلال. “مديرة صندوق النقد الدولي: توزيع 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة دفعة قوية للاقتصاد العالمي”، وكالة رويترز، مرجع سابق.

[44]– المرجع نفسه.

[45]– خميس محمد حسن، وإفتخار محمد، مناحي الرفيعي، قروض صندوق النقد الدولي للبلدان النامية معونة اقتصادية أم آلية للتدخل والهيمنة الاقتصادية مجلة كلية المأمون الجامعية، العدد  139، 2013، ص: 20.

[46]– خميس محمد حسن، وإفتخار محمد، مناحي الرفيعي، قروض صندوق النقد الدولي للبلدان النامية معونة اقتصادية أم آلية للتدخل والهيمنة الاقتصادية، مرجع سابق، ص21.

[47]– Kurger, mark; Lavigne, Robert; Mckay, Julie. The role of the international Monetary Fund in the post-crisis world, Bank of Canada staff discussion Paper, No. 2016-6.

[48]-Ibdiem.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]